الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و فيما يتعلق بانتشار الإسلام في شمال الصين في هذه الفترة، ماتـزال المعلومـات التاريخيـة غيـر وافيـة حتـى الآن و مـن جملة المصادر المحدودة المتبقية، نقوش عربية تحمل تاريخ 589و593ه‍، عثر عليها في مدينة هانسي (آنسي)، في شرق كانسو (ظ: «تقرير»، IX/182,210,X/128). و تعد الإشارة على النقشين الذين عثر عليهما في تركستان و يحملان التاريخين 575و608ه‍، و نُقش عليهمـا عبارة «مفـتي الشرق و الصيـن» (ظ: ن.م، IX/105-106,X/70-71)، شاهداً على أن المسلمين في المناطق المجاورة لتركستان في الصين كانوا يتمتعون بعدد من السكـان كان مفتو تركستان المقيمون في طشقند علـى مايبدو (ظ: ن.ص)،هم الذين يتولون دعمهم و إرشادهم.

و في جنوب الصين، كان الإسلام قد انتشر في عهد سلالة سونغ انتشاراً واسعاً على امتداد الساحل (پينغ، 35-36)، بحيث كان المسلمون يتمتعون بعدد كبير في جميع أرجاء الشريط الساحلي من بحر الصين، و في ولايات غوانغ دونغ و فوجيان وجيجيانغ الحالية وحتى في ولاية جيانغ سي غير الساحلية. و تعد بعض المساجد الصينية القديمة في مدن هذه المنطقة و منها كانتون و تشوان تشو و فوجو و هانغ تشو، بقايا تمثل العمارة الإسلامية في عهد سونغ (ظ: م.ن، 22، 28، 35، 38، 59-60). وفي هذه الفترة، كانت جماعة من المسلمين يمارسون بحرية شعائرهم الدينية حتى في العاصمة، أي في بكين الحالية، حيث كانوا قد أسسوا مسجد نيوجيه في 386ه‍ (ظ: م.ن، 15).

في عصر يوآن المغولي (612-769ه‍(: في عهد حكم القاآنات المغول في الصين، لم‌يكن المسلمون يتمتعون باحترام و نفوذ خاص و حسب، بل إنهم حازوا على قصب السبق في تولي الكثير من المناصب العالية؛ و هي المكانة التي كان المسلمون يتمتعون بها في مدن الصين المختلفة و منها خان‌باليق (بكين حالياً)، و هي الملاحظة التي كانت مشهودة بشكل كامل من قبل السياح المسلمين (مثلآً ظ: ابن بطوطة، 645، 655، مخ‍؛ أيضاً القلقشندي،4/486). و تأكيد ابن بطوطة على أن هناك في كل مدينة من مدن الصين، حياً للمسلمين يسكنونه بشكل مستقل، ولهم مساجد (ظ: ص 645)، يدل على الانتشار الملفت للنظر للدين الإسلامي في جميع أرجاء بلاد الصين الواسعة في عصر يوآن. و من خلال نظرة إلى انتشار الإسلام في عمق السواحل الجنوبية و الشرقية، تجب الإشارة إلى بعض الآثار و المعلومات عن انتشار الإسلام في عصر يوآن، في ولايات جيانغ سي وشان‌دونغ و جيانغ سو الحالية (مثلآً ظ: پينغ، 47، 52، 114؛ أفشار، 504، 508).

و في الجهة الشمالية الغربية، يبدو أن استيلاء المغول، كان عاملاً سرّع من انتشار نفوذ الإسلام؛ و استناداً إلى المعلومات التي قدمها ماركوپولو عن الأوضاع الاجتماعية لأهالي منطقة تانغوت و التـي يمكن مقارنتها مـع كل من ولايات كانسو و تسينغهاي وشنسي الحالية، كان الإسلام الدين الغالب في بعض المدن، ودين أقلية كبيرة العدد في مدن أخرى (ظ: «رحلة...»، 99,109,112,135-136,142). و في فترة من الفترات كان الإسلام متفوقاً في ولاية تانغوت إلى درجة بحيث أن أننده حاكمها المغولي اعتنق الإسلام (ظ: رشيدالدين، 2/866، 951)، و أسلم تبعاً له 150 ألفاً من الجنود المغول (ن.ص). و يذكر رشيد‌الدين في تقرير له عن عصره (أوائل القرن 8 ه‍) أن غالبية أهالي ولاية تانغوت مسلمون، و لم‌يكن هناك من وثني (بوذي) سوى الفلاحين و المزارعين (م.ن، 2/950-951). و على إثر هذا الإقبال على الإسلام ظهر في داخل قنجنفو (شيان الحالية) ـ المدينة الرئيسة في منطقة شنسي ــ قسم يسكنه المسلمون، تولى شؤونه الدينية في الأربعينيات من القرن 8 ه‍، عالم يحمل عنوان شيخ‌الإسلام، و آخر يحمل عنوان قاض (ظ: ابن بطوطة، 649 و‌ما‌بعدها؛ قا: «رحلة»، 231). كما أدت هذه الموجة من اعتناق الإسلام في ولاية تشينغهاي إلى أن تعتنق جماعة كبيرة من المغول الدين الإسلامي في عصر يوآن، و بعد أن اختاروا الحياة المستقرة، أوجدوا قومية مغولية ـ إسلامية في المنطقة عرف أعقابهم اليوم بالاسم القومي باوآن (ظ: نينغ، 99).

و في الجهة الجنوبية الغربية، كلف مسلم من عمال أسرة جنكيزخان، يدعى سيد أجل البخاري، من قبل قوبيلاي قاآن بأن يثبّت حكم المغول لولاية «قراجانغ» (المشتملة على ولاية يون‌نان الحالية بمساحة أكبر) و بعد أن نجح في ذلك، حكم هو و أبناؤه لسنوات تلك المنطقة بالنيابة. و اعتبر البعض مثل هارتمان، استيلاء سيد أجل و إقامة مرافقيه في يون‌نان، بداية انتشار الإسلام في المنطقة (ظ: رشيد‌الدين،2/914-915، مخ‍؛ أيضاً هارتمان، 890)؛ و على أي حال، فإن الكثير من سكان ولاية قراجانغ و مدينتها الكبرى ياتشي (يحتمل أن تكون كونمينغ الحالية، ظ: لسلاي، 526)، كانت على الدين الإسلامي في أوائل القرن 8 ه‍ كما ذكر رشيد‌الدين (ظ: رشيد‌الدين، 2/910؛ أيضاً قا: «رحلة»، 243-244؛ الدمشقي 287).

 

في عصر مينغ (769-1054ه‍)

و فر أباطرة سلالة مينغ من خلال اهتمام خاص بالدين الإسلامي، إمكانية نفوذ الإسلام في أراض من المناطق الوسطى من الصين حتى بلغ اهتمام بعضهم درجة بحيث ذكرت المصادر أحياناً إسلامهم (مثلاً ظ: خطايي، 47- 48، 144-145، أيضاً عن مكانة المسلمين في عصر مينغ، ظ: إيزرائيلي، 121، 316). و في عصر سلالة مينغ بنيت مساجد كثيرة في الصين و يدل وجود عدد من الأبنية الإسلامية المتعلقة بهذا العصر، على شيوع الإسلام في ولايات خوبي و خينان و آنخوي في المناطق الداخلية من شرق الصين (ظ: پينغ، 83، 88، 93). وفي هذه الفترة، ازداد عدد المسلمين في الشمال الغربي أيضاً في ولاية كانسو و خاصة في منطقة لان جو (م.ن، 171) و سمح لطائفة «سالار»القومية باعتبارها قومية تركية ـ إسلامية بأن تهاجر إلى داخل ولاية تشينغهاي، كي يستوطنوا فيها حتى اليوم (ظ: م.ن، 194؛ نينغ، 100؛ آتايف، 277 و ما بعدها).

 

في عصر تشينغ (1054-1277ه‍)

حقق الإسلام في عصر حكم سلسلة تشينغ أيضاً بعض التقدم في المناطق الداخلية من الصين مثل ولاية خونان في غرب جيانغ سي، و ولاية سي جوان في شرق التبت (ظ: پينغ، 73، 82) و كذلك في الشمال الشرقي من البلاد، في ولاية لياونينغ (ظ: م.ن، 155).

 

مكانة الإسلام في التبت و منغوليا

لم‌تعرف هذه المناطق كمناطق نجحت فيها الدعوة الإسلامية، لا في المصادر الإسلامية و لا في المصادر الأخرى؛ و مع كل ذلك، فإن التقارير التاريخية تؤيد نفوذاً محدوداً للإسلام في تاريخ هذه المناطق. و كنموذج قديم يجب التذكير بأن مؤلف حدود العالم الإيراني، ذكر وجود سكان مسلمين و مسجد في لها‌سا حاضرة التبت، في القرن 4ه‍ (ص74). و على أي حال، فإن الحضور المحدود للتجار المسلمين و غير المحليين و خاصة من مسلمي كانسو و تسينغهاي، طيلة التاريخ، و خاصة في المناطق الشمالية الشرقية من التبت، كان محسوساً (ظ: غريبنو، 127-129).

و علينا العودة ببداية نفوذ الإسلام في منغوليا، إلى عصريوآن (بعد جنكيزخان) على الأقل إن لم‌يكن قبل ذلك. و في جنوب منغوليا (منغوليا الداخلية)، كانت منطقة تيندوك التي ضمت بالإضافة إلى السكان المسيحيين و البوذيين، مجموعة من المسلمين أيضاً (ظ: «رحلة»، 141)، كانت المنطقة الأصلية لظهور قومية الأرغون المسلمة استناداً لإحدى النظريات (ظ: ن.د، الأرغون). كما ذكر رشيد‌الدين وجود أقليات مسلمة في شمال منغوليا أيضاً، و منها كهر تشاغان (ظ: 1/671، مخ‍ ).

و في أوائل عصر تشينغ، هاجر عدد من التجار المسلمين إلى منغوليا الداخلية (ظ: پينغ، 152) حيث أكسبت هجرت ‌عدد كبير من المسلمين إلى منغوليا الداخلية منذ 1104ه‍ جراء الحروب الداخلية، هذه المنطقة صبغة إسلامية إلى حدما و خاصة مدينة هوهه هوت (ظ: ن.ص).

 

مكانة الإسلام في كوريا

يرتبط تاريخ تعرف كوريا على الدين الإسلامي بتاريخ تجارة المسلمين في بحر الصين. فالبلاد التي كانت تعرف في المصادر الإسلامية المتقدمة بـ «بلاد سيلا» و أحياناً بـ «شيلا» مع تحريف لهذا الاسم، يمكن مطابقتها مع شبه الجزيرة الكورية (مثلاً ظ: فران، «رحله...»،66؛ سوواژه، 68). و قد ذكر ابن خرداذبه خلال حديثه عن هذه المنطقة بأن بعض المسلمين هاجروا إليها و أقاموا فيها (ظ: ص 68). و تحدث المسعودي خلال إيضاح أكثر دقة حول هؤلاء المهاجرين، عن وجود جماعة من أهل العراق بينهم (1/176). و بعد عهد فتور في تجارة بحر الصين في عصر سلالة يوآن لم‌تكن كوريا باعتبارها إحدى الولايات التابعة للإمبراطورية بمنأى عن نفوذ رجال الحكم المسلمين في البلاد المغولية، فقد كان هناك، على قول رشيد‌الدين فضل الله، أشخاص مثل علاء‌الدين الماليقي و حسن جوتشينغ يحكمون في هذه الولاية التي سماها رشيد‌الدين شينغ جورتشه وسولانغقه (يمكن تطبيقها على منتشوريا و كوريا) (ظ: 2/909).

 

في جنوب شرقي آسيا

تعد منطقة جنوب شرقي آسيا متنوعة للغاية من حيث خصائص الجغرافيا الطبيعية و البشرية، و دراسة نفوذ أي ظاهرة ثقافية في مناطقها المختلفة، و منه نفوذ الدين الإسلامي، بحاجة إلى بحث معقد و تفصيلي. فنفوذ الثقافة في هذه المنطقة لم‌يتم بشكل متجانس في المناطق المختلفة ففي حين أن تاريخ الإسلام في بعض مناطقها يعود إلى القرون الهجرية الأولى، فإن اعتناق هذا الدين في بعض المناطق يعود إلى القرن الحالي. لقد كان نفوذ الإسلام في المنطقة على علاقة مباشرة طيلة التاريخ بتجارة المسلمين مع الشرق الأقصى؛ فقد كان الدخول الأول للإسلام متزامناً مع ازدهار التجارة البحرية للصين في القرنين 2و3ه‍، إلا أن ازدهار موانئ الصين من جديد في القرن 6ه‍ حوّل الإسلام في المنطقة من مستوى دين الأقلية، إلى الدين الغالب للأهالي. و رغم أن منطقة جنوب شرقي آسيا تعد أبعد منطقة مسلمة عن مهد ظهور الدين الإسلامي باتجاه الشرق و رغم أن الإسلام لم‌يدخلها، إلا بعد مرور زمن لايستهان به و في عصر متأخر نسبياً، إلا أنها تضم الآن قسماً مهماً من مسلمي العالم باعتبارها منطقة كثيفة السكان.

كانت الأديان الشائعة في جنوب شرقي آسيا قبل دخول الإسلام، بشكل عام على قسمين بوذي و عابد للطبيعة، و إلى جانبهما كانت هناك أقلية هندوسية أيضاً. كان الدين البوذي، ديناً يتميز بثقافة عميقة، و معطيات أدبية واسعة في المنطقة، و كان الطريق الوحيد لنفوذ الإسلام في قلوب أتباعه، نشر الثقافة الإسلامية عبر دعاة يتمتعون باطلاع على مبادئ الإسلام وتعاليمه، و قد كان مجتمع عبّاد الطبيعة يتميزون بظروف مختلفة تماماً بسبب بدائية تعاليمهم الدينية و فقدانهم للخلفية الأدبية، و لكن بعضاً من عّباد الطبيعة في المنطقة، كانوا أحياناً يبدون تعصباً ومقاومة فيما يتعلق باعتناق الإسلام كما كان حال الباتاكيين.

و من حيث الأديان الشائعة في المنطقة، يجب القول إن مسلمي جنوب شرقي آسيا، كانوا في الغالب على المذهب الشافعي في القرون الإسلامية الوسطى و الأخيرة، و الذي كان المذهب الغالب في مناطق المحيط الهندي مثل مالابار و أجزاء واسعة من الهند، وحضرموت أيضاً (عن الفترة الوسطى، ظ: ابن بطوطة، 630). وقد اعتبر بعض الباحثين هذه الخصوصية الدينية نتيجة الارتباط الثقافي مع الهند و جنوب شبه الجزيرة العربية (ظ:آرنولد، 368؛ إمام‌الدين، 271). و رغم أن مكانة المذهب الحنفي في هذه المنطقة لم‌تحظ، إلا في النادر باهتمام الباحثين، و لكن هناك آثاراً بقيت لعلاقة وثيقة قديمة مع الأوساط الحنفية تمكن الإشارة من بيـن نماذجها إلى انتشـار كتاب العقائد لأبي‌ الليث السمرقنـدي (تـ 373ه‍) في المنطقة، حيث له ترجمات عديدة إلى الجاوية والمالايائية (ظ: پيژو، 371؛GAS,I/449).

و قد أدى التصوف و طرائقة المختلفة باعتباره وسيلة كفوءة دوراً بالغ الأهمية في مواجهة التيارات البوذية المشابهة في المنطقة، و كان للدعاة الصوفيين الذين كانوا من الهند و إيران في الغالب، مكانة مؤثرة و أساسية طيلة مسيرة الدعوة الإسلامية في هذه المنطقة (مثلآً ظ: جونز، 146 و ما بعدها).

و رغم أن التشيع في المنطقة لايمكن تمييزه كمذهب محدد، ولكن هناك بقايا من حضور ممثلي هذا المذهب مازالت ماثلة في الثقافة المحلية. و أشار الدمشقي في تقريره عن المناطق الهندوصينية، إلى هجرة مجموعة من «العلويين» إلى هذه المنطقة كانوا قد هربوا إلى مناطق بعيدة خوفاً من الحجاج و بني‌أمية (ظ: ص 286-287). و أشار آرنولد خلال دراسة مسيرة نشر الإسلام في جاوة و صومطرة إلى بقايا من التشيع، و طرح احتمال تأثره بشيعة الهند و إيران (ن.ص) و تناول إمام الدين بالدراسة شواهد تدل على دور الشيعة في نشر الإسلام في المنطقة (ص 272-274). و رغم أن حاملي الإسلام إلى المنطقة، أُعتبروا في غالبيتهم دعاة من الهند و إيران و الحجاز و لكننا يجب أن لانتجاهل دور مسلمي الصين، و العنصر الصيني في نشر الإسلام في جنوب شرقي آسيا، و قد قام سيونغ في 1962م بدراسة ذلك. و قد أدى العثور على عناصر من الأوجه المختلفة للثقافة الإسلامية والتركية المعقدة للعوامل التاريخية المؤثرة في انتشار الإسلام في هذه المنطقة من الناحية القومية و الدينية، إلى أن تبدى آراء مختلفة حول كيفية انتشار الإسلام في جنوب شرقي آسيا، و هذا الاختلاف يبلغ حداً بحيث أنه دفع البعض مثل حامد في 1982م والعطاس في 1985م إلى أن يتناولوا هذه الآراء بالمقارنة و النقد في مقالات كتبوها (ظ: حامد، 89-100؛ العطاس، 162-175).

 

ألف ـ انتشار الإسلام في أرخبيل مالايا

تعد المصادر محدودة للغاية فيما يتعلق بتاريخ تعرف أهالي المنطقة على الإسلام و المسلمين في القرون الإسلامية الستة الأولى، و لم تتبق سوى معلومات قليلة تختلط فيها الحقائق بالأساطير. و حسب المصادر فإن تاريخ هذا التعرف يعود أحياناً إلى ماقبل 54ه‍/674م، فقد وصلتنا رواية حول قائد عربي كان استناداً إلى استنتاج آرنولد خلال مقارنته بين هذه الوثيقة و الوثائق الأخرى، زعيم طائفة مسلمة كانت تسكن السواحل الغربية من سومطرة (ظ: ص 368). كما ذكر الرامهرمزي (ص95-96) حكاية تتحدث عن الحضور المحسوس للمسلمين في الأرخبيل، بل و حتى عن وضع مقررات خاصة لسماح «ملك زابج» لـ «الغرباء المسلمين» بأن يفدوا عليه، حيث يجب أن لانعود بتاريخ ذلك إلى مابعد منتصف القرن 3ه‍ .

و رغم أن حضور المسلمين في المناطق الواقعة على منتصف الطرق تقلص بشكل بارز مع ركود تجارة الصين البحرية منذ أواخر القرن 3ه‍، و لكن يظهر من الشواهد أن علاقة المسلمين مع أرخبيل مالايا استمرت حتى في هذه الفترة و لكن بشكل محدود للغاية بالنسبة إلى السابق. و من جملة الشواهد، شاهدة قبر إسلامية تم العثور عليها في جاوة الشرقية نقش عليها تاريخ 475ه‍/1082م (ظ: والترز). و يوجد في التقارير القليلة التي وصلتنا حول حضور الدعاة المسلمين في القرن 6ه‍ في المنطقة، خبر يشير إلى أن أول داعية للدين الإسلامي في آتشه (في شمال سومطرة)، كان عالماً عربياً يدعى عبدالله العارف في أوائل القرن 6ه‍/12م، و قد قام من بعده أحد تلامذته و يدعى برهان‌الدين، بتوسيع نطاق هذه الدعوة حتى الساحل الغربي من سومطرة، أي حدود بريامان (آرنولد، 370).

و تعد أواخر القرن 7ه‍/13م مرحلة مهمة في تاريخ تعرف المنطقة على الدين الإسلامي؛ ففي هذه الفترة كانت توجد في سومطرة الشمالية (سمودرة) مملكتان مسلمتان صغيرتان كان أساس اقتصادهما التجارة مع المسلمين. و يبدو أن ازدهار التجارة مع الصين من جديد في عصر سلالة يوآن، كان قد ساعد على توسيع العلاقة بين مسلمي المغرب، و جنوب شرقي آسيا. و على أي حال، فإن المملكتين المذكورتين اللتين كانتا تحملان اسمين محليين هما بيرلاك و باساي، و لم‌تكونا في الأساس غريبتين، بل محليتين و قد اعتبرت القصص التقليدية، إرسال وفد من مكة إلى سومطرة برئاسة الشيخ إسماعيل النامي، مؤثراً في نشر الإسلام في هذه المنطقة، و كذلك في قيام دولة بيرلاك الإسلامية (ظ: م.ن، 371-372؛ إمام‌الدين،261). و قد كان ملك سومطرة (بيرلاك) في زمان رحلة ابن‌بطوطة (746ه‍)، السلطان الملك الظاهر، قد وسّع هذه المملكة المسلمة بشكل ملفت للنظر، و استطاع من خلال جلب علماء من إيران و البلاد العربية أن يهئ ثقافة مناسبة لنشر تعاليم هذا الدين (ظ: ابن بطوطة، 630؛ أيضاً ظ: «رحلة»، 338). وفي أوائل القرن 9ه‍، ذكر سائح صيني عن منطقة لامبري في 816ه‍/1413م، بأنها منطقة تضم ألف أسرة مسلمة (آرنولد، 372).

ظهرت آتشه (ن.ع) التي تعد أبرز نموذج للحكم الإسلامي في الشرق، في القرن 10ه‍/16م، و لكنها رغم ثباتها الطويل الأمد ونفوذها الواسع في المنطقة لم‌تكن قادرة على أن تدخل في الإسلام، الباتاك القاطنين في المناطق المرتفعة في مناطق الجزيرة الداخلية؛ و أما ظروف التعامل مع أتباع الأديان الهندوسية فقد حالفها النجاح أكثر، ذلك لأن نجاح الإسلام في منطقة مينانغ كاباف التي كانت قد ترسخت فيها الثقافة التانترائية (نوع من التصوف الهندي) منذ القرن 8ه‍/14م، يعد ملفتاً للنظر (م.ن، 37؛ أيضاً والترز). استطاعت آتشه من خلال إقامة علاقة مستمرة مع المناطق الإسلامية الوسطى، أن تقدم منطقة مالايا باعتبارها جزء من البلاد الإسلامية، و أن تجعل المنطقة الخاضعة لنفوذها و التي كانت تعرف في الغرب باسم شامل هو «جاوة»، في عرض بلدان مثل الهند و ذلك من خلال جلب علماء من البلدان الأخرى وتربية علماء محليين (مثلاً ظ: الكتاني، 1/311، 487، مخ‍ ).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: