الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و قد ورد التأكيد في التواريخ الإسلامية على مبادرة عقبة إلى تصميم القيروان و بنائها في 50ه‍/670م (مثلاً البلاذري، ن.ص؛ الطبري، 5/240)؛ ابن خلدون، ن.ص)، و يبدو أن الاهتمام بالقيروان و بناء قاعدة بدءا منذ عهد ابن حُديح، و اكتسبا الرسمية و القطعية منذ عهد عقبة و إقداماته هو و أصحابه في ذلك من خلال بناء المسجد الجامع و البيوت. و يبدو أن معاوية كان قد أدرك أن إدارة مصر و أفريقية، و التبعية المالية للقوات المرسلة إلى أفريقية بعائدات مصر وعدم وجود قاعدة دائمية في أفريقية ــ حيـث اضطرت هذه القوات لهـذا السبب إلى العـودة إلى مصـر ــ كانت من موانع تقدم الفتوح و اتساعها و ثباتها في تلك المنطقة. و لذلك أيضاً فقد عزلت قيادة أفريقية عن إمارة مصر و جعلت في نفس الوقت القوات المرسلة إلى أفريقية تعتمد على مكاسب تلك القوة نفسها من فتوحها. و هكذا عرفت القيروان منذ عهد إمارة عقبة كمركز للقوات الإسلامية في المغرب كما حصل أمراء أفريقية على استقلال عسكري و أخذوا بزمام المبادرة أكثر (فيصل، 120-121، 123). و لكن هذا لم‌يكن يعني استقلال أفريقية، لأن مسلمة‌بن مَخَلد الأنصاري، أصبح والياً على مصر و المغرب برمتهما (الطبري، ن.ص) و عزل عقبة عن ولايات أفريقية و ولى مكانه أبا ‌المهاجر الذي كان من مواليه (ن.ص، البلاذري، 230). وقد حارب كَسيلة بن لمزم من زعماء البربر الذي كان قد أسلم في البدء ثم ارتد، و أعاده إلى الإسلام (ابن خلدون، ن.ص). و في عهد يزيد، ولي عقبة مرة أخرى إمارة المغرب (البلاذري، ن.ص) و في هذه المرة، استأنف عقبة بناء القيروان، و فتح بلاد المغرب أيضاً بعد أن كانت هذه الحركة قد فترت؛ و حارب الروم في باغاية و قتل منهم عدداً كبيراً و حصل على غنائم كثيرة؛ و هاجم بعد ذلك مناطق امتدت حتى الزاب و تاهَرت في المغرب الأوسط و حارب الروم و البربر المتحالفين معهم و انتصر عليهم؛ ثم توجه إلى المغرب الأقصى و طنجة. و أعلن البطريق الرومي فيها ويدعى «يليان» (يوليان، يليانوس) طاعته، و أرشد عقبة نحو البربر الأقوياء و غير المتدينين (ظ: ابن خلدون، 1/ 108، الذي اعتبرهم مجوساً) في بلاد السوس الأدنى. فاشتبك عقبة معهم وهزمهم (ابن الأثير، 4/106).

و في هذه المعارك دعم بربر زناتة المسلمون عقبة ضد البربر المصامدة المرتدين عن الإسلام (ابن خلدون، ن.ص). و يبدو أن عقبة وصل في هذا الزحف حتى مياه المحيط الأطلسي (البحر المحيط) و هذا يعني أن فتح المغرب كله حتى أجزائه الداخلية وغير الساحلية تم على يد عقبة (ابن الأثير، ن.ص). و قيل إن عقبة طرح بعض الأسئلة على يوليان خلال حواره معه بشأن الأندلس، ولكنه أدرك أن فتحها تكتنفه الصعوبات (ن.ص). و قد دفع تشدد عقبة على كسيلة ــ رغم توصيات أبـي المهاجر بحقـه ــ الأخير إلى الحقد على عقبة و التحالف خفاء مع الروم و قبيلته (أوربة). وعندما كان عقبة و مرافقوه القليلون في طريق عودتهم من المغرب الأقصى، هاجمهم البربر، و قتلوه هو و جميع المسلمين المرافقين له (ومنهم أبو المهاجر) بالقرب من تَهوذة و ذلك في 62ه‍ (ابن‌الأثير، 4/107- 108). و اتجه كسيلة إلى القيروان. فاضطر جيش القيروان بقيادة زهير بن قيس البَلَوي إلى الانسحاب إلى برقة. واستولى كسيلة على القيروان و تغلب على أفريقية، و لكنه أعطى المسلمين الأمان (ن.ص). و عمت موجة الارتداد جميع أرجاء المغرب. و نحن لانرى، إلا في النادر نظيراً لهذه الهزيمة ونتائجها الوخيمة في تاريخ فتوح المسلمين (ظ: فيصل، 127- 128). و استمر استيلاء كسيلة على أفريقية 5 سنوات، أو على رواية 7 سنوات وحتى أوائل حكم عبدالملك بن مروان (ابن‌خلدون، 6/109؛ ابن‌الأثير، ن.ص).

و عندما جلس عبدالله على كرسي الخلافة، كلف أخاه عبدالعزيز بأن يتولى مصر فيما ولى زهير بن قيس ولاية أفريقية (البلاذري، 231) و بعثه إليها بجيش كبير. و من الجانب الآخر توجه كسيلة من القيروان إلى ممش (قرب قيروان و في شرقيها، ظ: فيصل، 29) و رابط فيها. و بعد معركة ضروس قتل كسيلة وجماعة من أعوانه. و من الجانب الآخر استغل الروم الحرب بين زهير و كسيلة، فهجموا بأسطول كبير من صقلية إلى برقة وارتكبوا المذابح و الغارات. و توجه زهير مسرعاً إلى الروم، ولكنه قتل في الحرب معهم و عاد الروم إلى القسطنطينية محملين بالغنائم (69ه‍/ 688م). و قد أثارت هذه الحادثة غضب عبدالملك إلى حد كبير فبعث حسان بن نعمان الغساني بقوة كبيرة إلى أفريقية (ابن الأثير، 4/304؛ ابن عذاري، 1/22).

استولى حسان على القيروان، و سار إلى قرطاجنة، و هزم جيوش الروم و البربر، و أغار على تلك المنطقة و دمرها. و بعد القضاء على الروم و البربر في صطفورة و بنزرت عاد إلى القيروان (م.ن، 1/22-23)، و لكنه خرج بعد فترة من إعادة بناء قواته لقتال امرأة كاهنة تدعى دهيا من قبيلة جراوة البربرية، حيث كانت قد اتخذت من جبال أوراس ملاذاً لأنصار كسيلة السابقين، و نصبت نفسها ملكة عليهم (ابن خلدون، ن.ص). و نشبت في نهر نينى معركة ضارية انتهت بهزيمة المسلمين و انسحب حسان من أفريقية (ابن الأثير، 4/ 369-370) و نزل في برقة (البلاذري، ن.ص) و بقي فيها بأمر عبدالملك. استمرت إقامته 5 سنوات. وفي هذه الفترة سيطرت الكاهنة على أفريقية (ابن الأثير، ن.ص). و من الجانب الآخر هجم الروم مستغلين غياب حسان بأسطول كبير بقيادة البطريق يوحنا على قرطاجنة و سيطروا عليها بسهولة وبادروا بقتل المسلمين المتبقين فيها، و بذلك، فقد المسلمون أفريقية مرة أخرى. و استولى الروم على المناطق الساحلية، وسيطرت الكاهنة على الأجزاء الداخلية (فيصل، 131).

و كلف عبدالملك حسان مرة أخرى في 74ه‍ بالحرب في أفريقية و السيطرة عليها من خلال إرسال الرجال و المال (ابن‌الأثير، 4/372). و انضم البربر من السكان الأصليين و الروم المقيمون في أفريقية و الذين كانوا ساخطين على الكاهنة بسبب الدمار الهائل الذي تسببت فيه، إلى حسان (ابن خلدون، ن.ص). وبعد معركة ضارية، هزمت الكاهنة و قتلت. و أمّن حسان البربر على شرط أن يسلموا جيش المسلمين 12 ألف مقاتل، و ولى حسان ابني الكاهنة قيادة هذه القوات البربرية. و قد أدى ذلك إلى انتشار الإسلام بين البربر. و بعد أن استولى حسان على أفريقية من جديد، عاد إلى القيروان في رمضان من نفس السنة /كانون الثاني 694م (ظ: ابن عذاري، 1/29، الذي ذكر تاريخ عودة حسان إلى القيروان 82ه‍ (. و بقى فيها حتى وفاة عبدالملك (86ه‍/705م) (ابن الأثير، ابن خلدون، ن.صص). و انشغل في تنظيم الأمور، وشكل بعض الدواوين و تصالح على الخراج مع البربر الذين كانوا يسيطرون على أراضي بيت‌المال (الفيء)، و فرض الخراج على غير البربر (العجم) في أفريقية و البربر الأصليين و الرحّل المسيحيين (ابن خلدون، 6/110).

عزل حسان بعد مدة طويلة نسبياً في نهاية خلافة عبدالملك، أو في عهد الوليد بن عبدالملك، و تولى موسى بن نُصير إمارة أفريقية (ابن الأثير، قا: فيصل، 133؛ ابن عذاري، 1/30). و قبل أن يدخل موسى، فكر البربر بالاستيلاء عليها، و بدأت الاختلافات. وقام موسى بن نصير و ابناه عبدالله و هارون بتحركات عسكرية واسعة في مناطق المغرب المختلفة. و عاقب موسى البربر الذين كانوا قد أسلموا من طرابلس حتى طنجة 12 مرة و ارتدوا. وطاردهم موسى حتى طنجة ثم حتى السوس الأدنى و أعمل فيهم القتل حتى امتثلوا جميعهم للطاعة و طلبوا الأمان و بذلك استقر الإسلام في المغرب. و ولى موسى أحد مواليه و هو طارق على طنجة و اصطحب معه عدداً كبيراً من البربر و عين أشخاصاً لتعليمهم القرآن و الفرائض و عاد هو نفسه إلى أفريقية (ابن‌الأثير، 4/529؛ ابن خلدون، ن.ص). و هكذا، اكتملت في عهده فتوح أفريقية و المغرب التي كانت قد بدأت منذ أكثر من نصف قرن قبل قدوم موسى. و نسي البربر الارتداد و تحول المغرب إلى إحدى المناطق الإسلامية المستقرة، و من الطبيعي أن الدوافع التي كانت تعصف بمركز رقعة الخلافة و ولاياتها، كانت تظهر آثارها أيضاً في المغرب. و منذ هذا الحين أصبحت الاضطرابات الاجتماعية و العقائدية و العسكرية و السياسية في المغرب، مرتبطة بتاريخ العالم الإسلامي.

 

انتشار الإسلام في الأندلس

كانت هناك عوامل عديدة في أواخر القرن 1ه‍ تدفع إلى توسيع الفتوح باتجاه هذه البلاد. الأول هو الشخصية الطموحة لموسى بن نصير والى أفريقية الجديد الذي كان يرى ــ خلافاً لحسان ــ القيادة مقتصرة على الحروب والفتوح و الغنائم (مؤنس، فجر...، 46)، و من جملة العوامل الأخرى طمع خلفاء بني مروان في نهب أموال أهالي المغرب (ن.م، 47). وتشجيع الخليفة لموسى على الاستمرار في الضغط على البربر وأسر الآلاف منهم و كذلك انضمام قوات البربر المطيعة والمسلمة (المُسالمة) إلى الفاتحين العرب (عنان، 1/22) و أخيراً، مرور أكثر من نصف قرن على أولى تجارب المسلمين البحرية (مثلاً ظ: البلاذري، 157).

و عندما استولى موسى بن نصير على طنجة و ولى طارق‌بن‌زياد عليها بقوة قوامها البربر (ابن الأثير، 4/540)، لم‌تكن قد خرجت من سيطرته، سوى منطقة من بلاد المغرب و هي ميناء سبتة في شرق طنجة و الذي كان يقع في نهاية البحر المتوسط. وفي تلك الفترة، كانت سبتة تحت سيطرة إسبانيا و حاكمها يليان من أمراء القوط، أو الفرنجة في حين كان فاتحو شمال أفريقية المسلمون يتمنون الاستيلاء على سبتة و الوصول إلى الجانب الآخر من المضيق المائي (عنان، 1/23).

إن الارتباط التاريخي بين جانبي المضيق في عصور ماقبل الإسلام، و الارتباط بين يهود إسبانيا و المغرب في أواخر القرن 1ه‍ و العلاقات الصريحة بين المنطقتين في فترة مابعد الفتح الإسلامي كل ذلك يمثل دلائل على وجود معلومات كافية لكل منطقة عن الأخرى و التأثير و التأثر المتبادلين بين أهاليهما، حتى إن البعض من المؤلفين في العصر الإسلامي اعتبروا الأندلس الكبرى جزء من بلاد المغرب (مثلاً الإصطخري، 39؛ القلقشندي، 5/211). و استناداً إلى هذه المقدمات لايمكننا أن نتصور أن فاتحي المغرب العرب لم‌يكونوا يعلمون شيئاً عن ذلك الجانب قبل عبور المضيق. و مما يجدر ذكره أن مناوشات عسكرية كانت قد حدثت في 89ه‍/ 708م انتهت بغزوة الأشراف المعروفة، و ذلك قبل بضع سنوات من الإقدام على فتح الأندلس بين قوات عبدالله ابن موسى بن نصير و جيش القوط الإسباني على جزر باليار (بليار في المصادر الإسلامية) (عنان، 1/23، 31). إن تزامن هذه العوامل أدى إلى سهولة فتح أول بلد أوروبي كبير بسرعة تبعث على الدهشة في نفس الوقت الذي كانت فيه الدافع إلى الفتح الإسلامي لإسبانيا.

و قد رأى المؤرخون المسلمون أن الدافع الرئيس لموسى ابن‌نصير في إرسال القوات إلى الجانب الآخر من المضيق، هو توسل يليان حاكم سبتة (البلاذري، 232؛ حاكم المضيق) إلى موسى بسبب السلوك غير المناسب لرودريغ (رذريق ـ أزريق: في المصادر الإسلامية) حاكم قوط إسبانيا فيما يتعلق ببناته. بعث يليان كتاباً إلى موسى بن نصير و دعاه، بعد أن أظهر الطاعة، إلى أن يفد إلى منطقته، و أبرم المعاهدات اللازمة له و لأعوانه (ابن‌الأثير، 4/561؛ أخبار مجموعة، 4-5؛ ابن خلدون، 4/117؛ المقري، 1/232-233؛ قا: ابن القوطية، 33-34). و استناداً إلى ماقاله مؤلف أخبار مجموعة (ن.ص)، فقد حارب يليان موسى في البدء، و لكنه سعى للقضاء على رودريغ بعد سلوكه القبيح (قا: المقري، 1/230). و على أي حال، فإن من المسلم به أن هناك فئتين في إسبانيا على أعتاب فترة الفتح، هما أعقاب غيطشه الملك السابق ويليان، استعانتا بالجيش الإسلامي في أرض المغرب المجاورة للأندلس مناهَضة لرودريغ و للتغلب عليه (عنان، 1/32-33)، كما كان الحال قبل ذلك، حيث كان المعارضون ينتظرون أن يظهر أسطول المسلمين في جنوب إسبانيا كي يعلنوا ثورتهم ضد الملك (م.ن، 1/30). و يرى البعض، أن أولاد غيطشة لم‌يحرضوا العرب على فتح الأندلس، بل كانوا ينتظرون فتح العرب لها، حينئذ انضموا إليهم (مؤنس، فجر، 56). و لاتتفق الأخبار المتعلقة بعلاقة يليان مع قائد القوات المسلمة موسى، أو طارق و كذلك بكيفيتها (البلاذري، ابن الأثير، ن.صص؛ عنان، 1/36).

و مهمايكن، فقد أطلع موسى الخليفة الأموي الوليد على ماحدث و استأذنه في الإقدام على الفتح. و وافق الوليد على الهجوم بعد إرشادات قدمها. و بعث موسى أحد مواليه و يدعى طريف مع عدد من المقاتلين و السفن و نزلوا في جزيرة في الأندلس عرفت فيما بعد باسم جزيرة طريف (ابن الأثير، 4/563؛ قا: مؤنس، ن.م، 66). و هاجم جيش طريف الجزيرة الخضراء وحصل على غنائم و عدد كبير من الأسرى و عاد في رمضان 91. و استعد موسى من خلال هذه المقدمة لإرسال قوة بحرية أكبر بهدف التحضير لفتح كبير (ن.م، 66-67؛ أخبار مجموعة، 6).

و اختار موسى عامله في طنجة، طارق بن زياد لقيادة قوة مؤلفة من البربر و الموالي و عدد قليل من العرب. و نزل طارق مع قواته على صخرة (رمضان 92، أو رجب 93) سميت باسمه، أي جبل طارق (ظ: ابن الأثير، 4/564؛ عن بعض الروايات الأسطورية، ظ: الإمامة...، 2/73؛ ابن القوطية، 34).

و خرج رودريغ بجيش كثيف لمواجهة طارق. و استعد طارق للحرب بالجيش الذي كان موسى قد بعثه لإسناده. و فضلاً عن ذلك فقد هب يليان و بعض من الإسبانيين و كذلك أبناء غيطشة لمساعدة المسلمين و هزم رودريغ في معركة كبيرة إلى الجوار من نهر بكة، أولكة في شذونة، أو في الجزيرة الخضراء (نهاية رمضان 92) (ابن الأثير، 4/565؛ أخبار مجموعة، 7-9). ثم هزم طارق مرة أخرى القوط للاستيلاء على إستجة (في شمال شرق شذونة) مما أدى إلى تدفق البربر نحو إسبانيا (المقري، 1/ 259). ورغم أن طارق لم‌يكن مأموراً بالتقدم إلا أنه لم‌يتوقف (مؤنس، ن.م، 76) حتى بلغ أمره موسى الذي عاتبه فيه و منعه من اجتياز قرطبة (البلاذري، 232). و قد أدت هاتان الهزيمتان الكبيرتان اللتان مني بهما القوط إلى أن تنسحب الجيوش المتبقية منهم إلى طليطلة. و يبدو أن طارقاً أرسل بتوصية من يليان قواته في جهات مختلفة باتجاه رية و غرناطة و مالقة و تدمير (أريولة)، وسلك هو نفسه طريق جيان و طليطلة (ابن الأثير، 4/576؛ أخبار مجموعة، 9-11).

و تدل النظرة السريعة إلى مسار هذه التحركات على أن طارقاً تقدم باتجاه العاصمة من وسط عرض الأندلس تقريباً باتجاه الجنوب إلى الشمال الشرقي، و كذلك المجموعات الأخرى باتجاه الشرق بالقرب من الساحل و بموازاتة تقريباً، لتأمين المؤخرة وجانب القوات الرئيسة و الوصول إلى ساحل المتوسط. و يرى مؤنس ( فجر، 77) أن المدن الجنوبية الشرقية من الأندلس فتحت فيما بعد في عهد عبدالعزيز بن موسى بن نصير و من المحتمل أن طارقاً كان يرى من إرسال هذه القوة إلى هذا الجزء، الاستطلاع وجمع المعلومات، لا فتح المدن. و قد حققت القوات المأمورة أهدافها المحددة. و كانت توظف في مواضع مثل البيرة و غرناطة العناصر اليهودية في تلك المدن و التي كانت تتعاون مع المسلمين، لحراسة المنطقة المفتوحة، و لكن ذلك لم‌يتيسر في مواضع مثل مالقة ــ التي لم‌يكن فيهـا أحد مـن اليهـود ــ استناداً إلى الروايات الإسلامية، فقد تمت السيطرة على مدينة مرسية، أو أريولة من خلال التصالح مع حاكمها و يدعى تومير، حيث سميت المدينة باسمه (ابن الأثير، 4/536-564؛ أخبار مجموعة، 11-13؛ ابن عذاري، 2/16)، و بعد فتح قرطبة خابت آمال أولاد غيطشة وأتباعه في خروج المسلمين من الأندلس بعد حصولهم على الغنائم فاستعانوا بموسى بن عقبة و الخليفة و لكنهم لم‌يحققوا نتيجة (المقري، 1/265-266؛ مؤنس، ن.م، 83-84).

و بتقدم طارق باتجاه طليطلة، هرب القوط مع أموالهم و آثار قديسيهم من هناك نحو الشمال و لم‌يتبق أحد فيها سوى اليهود وعدد من المسيحيين، و فتحت أيضاً طليطلة عاصمة إسبانيا (عنان، 1/47- 48) و اتجه طارق نحو مدينة مائدة (ابن الأثير، 4/564).

و قد وردت بعض القصص في المصادر حول هذه الفتوح والغنائم الضخمة من الذهب و الفضة و الأحجار النفيسة و الأشياء الأخرى، و النزاع بين موسى و طارق (م.ن، 4/564-565؛ ابن‌عذاري، 2/17؛ المقري، 1/280-281؛ الإمامة، 2/75). و هناك اختلاف حول تحرك طارق العسكري بعد الانتصار على رودريغ. فهناك روايات تفيد بأن طارقاً بقي في موضع المعركة حتى عبر موسى المضيق، أو كان في قرطبة، حيث لحق به (ابن عذاري، ن.ص)، و لكن هناك روايات أخرى تصرح بأن طارقاً استمر في التقدم باتجاه الشمال الغربي حتى منطقتي جليقية و إسترقة حتى بعد الاستيلاء على مدينة مائدة، ثم عاد إلى طليطلة، و فيها التحقت به القوات المأمورة من إستجة إلى المناطق الأخرى (ابن‌الأثير، 4/564؛ ابن القوطية، 35). و بناء على ذلك فقد تقدم طارق حتى محاذاة خليج بسكونية في المحيط الأطلسي و هناك بلغه أمر موسى بأن يعود إلى طليطلة ففعل ذلك. و هكذا، استمرت فتوح طارق سنة كاملة منذ دخول الأندلس و حتى العودة إلى طليطلة (عنان، 1/ 48).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: