الإسلام
cgietitle
1442/9/16 ۱۸:۵۹:۱۹
https://cgie.org.ir/ar/article/236183
1446/4/9 ۰۲:۳۹:۴۶
نشرت
7
و يمكننا أن نجد حالة مشابهة فيما يتعلق بالقبيلتين العيلانيتين المهمتين في مناطق نجد و المدينة الحدودية، أي بني عامر وبنيسليم. و خلال ذلك، تباطأت قبيلة بنو عامر أكثر في قبول الإسلام، حيث انضمت مراراً إلى صف أعداء الإسلام خلال الغزوات (ظ: ابنهشام، 3/193 وما بعدها)، حتى بعثت وفداً إلى النبي (ص) (ابن سعد، 1(2)/51-52)؛ و أما بنوسليم التي كانت إلى جانب المشركين أيضاً في معركة الأحزاب، و دخلت الحرب ضد المسلمين في السرية التي بعثت سنة 7ه (ظ: الواقدي، 2/443؛ ابن الأثير، 2/ 228)، فقد مالت إلى التصالح مع المسلمين على أعتاب فتح مكة، على يد أحد وجهائها المسلمين، و كانت من الناحية العملية في صف الإسلام خلال فتح مكة في 8ه (ظ: ابن سعد، 1(2)/49).
و لميتورع يهود المدينة، من قبائل بني قينقاع، و بني النضير و بني قريظة عن مواجهة اتساع نفوذ الإسلام، و التعاون مع المشركين طيلة السنين الأولى من الهجرة (ظ: غيل، 60-61,65)، و قـد أدى ذلك إلـى حـدوث معـارك بينهم و بيـن المسلميـن، و إخراج البعض منهم من الحجاز في بعض الحالات و ذلك في السنين 2، 4، 5، 6ه، فخلت منطقة المدينة تدريجياً من أتباع الدين اليهودي. و في 7ه فتحت صلحاً، أو عنوة المناطق الواقعة في شمال المدينة مثل خيبر و واديالقرى و تيماء و فدك و التي كانت كلها تقريباً تحت نفوذ اليهود، و تحولت إلى ولايات تابعة للمدينة (ظ: م.ن، 64).
و تمخضت حركة جيوش المسلمين باتجاه المناطق الشمالية في 9ه، لمواجهة أتباع الدولة البيزنطية، عن عقد معاهدات مع القبائل النصرانية الساكنة في تبوك ودومة الجندل (ظ: ابن هشام، 4/159 و ما بعدها) و خضع الحجاز بالفعل لنفوذ الإسلام حتى حدود الشام. و بفتح مكة و نجاح المسلمين في مواجهة الروم، أدركت القبائل في جميع أرجاء الجزيرة قوة الإسلام، فكانت الوفود من القبائل المختلفة تتقاطر طيلة سنة 10ه إلى المدينة، لتعتنق الإسلام.
كان نفوذ قريش الواسع في مكة والمناطق حولها قد أدى إلى أن لاتكون مكة وسطاً مناسباً لنمو الإسلام و ازدهاره و حسب، بل و أن تبقى القبائل الساكنة في أطرافها بعيدة عن قبول الإسلام في السنوات الأولى من الهجرة. وتلاحظ بدايات تغير الأسلوب بين هذه القبائل، خلال النزاع بين بعض عشائر كنانة و خزاعة في 6ه، حيث بلغ الانشقاق بين هاتين القبيلتين المشتركتين في الدين و المتحالفتين درجة بحيث إن بنيبكر من كنانة، تحالفت مع قريش، فيما تحالفت خزاعة مع الرسول (ص) و ذلك خلال واقعة الحديبية (ظ: ابن هشام، 4/32، 34؛ أيضاً دنر، 238).
وفي 8ه ــ وعلى أثر توفر الأرضية السياسية والثقافية اللازمة ــ أدى نقض قريش لمعاهدتها مع المسلمين إلى تحرك جيش المسلمين باتجاه مكة، فرأى أبوسفيان الذي كان يعرف بوضوح نتيجة الحرب، أن من المصلحة أن يسلم، و بذلك وضع فصل الختام لمقاومة مكة إزاء الدين الإسلامي (الواقدي، 2/817 وما بعدها). و هكذا، دخل جيش الإسلام مكة دون حرب، و بايع أهالي مكة النبي(ص) بعد صدور العفو العام و تطهير الكعبة من الأصنام (م.ن، 2/835 و مابعدها؛ الطبري، 3/61-62). و عرّف رسول الله (ص) أهل مكة على مبادئ الدين الإسلامي من خلال تكليف بعض الأشخاص بتعليم القرآن و الشريعة (الواقدي، 3/959).
و بعد فتح مكة بقليل، نظمت قبيلة هوازن التي كانت قد أثارت قلق المسلمين قبل ذلك (ظ: م.ن، 2/722) آخر مقاومة لقبائل المنطقة ضد المسلمين عبر جمع رجال من القبائل المجاورة، و لكن هذه المقاومة تحطمت أيضاً على إثر حرب ضروس في حنين. و في سنة 8ه أيضاً، أذعنت قبيلة ثقيف القاطنة في الطائف بعد مقاومة قصيرة، لجيش الإسلام خلال تقدمه باتجاه الجنوب (ظ: م.ن، 3/885 و ما بعدها؛ ابن هشام، 4/80؛ البلاذري، فتوح...، 82 ومابعدها).
لمتجد الثقافة الإسلامية مجالاً للازدهار في مكة إلا بعد فترة، خلافاً للمدينة التي كانت مركز الدعوة الإسلامية و مقر الصحابة. و إذا ما استثنينا شخصيات مغمورة من الصحابة و بعض التابعين المتقدمين مثل عبيد بن عمير الليثي راوية مكة المعروف، فإن الفضل في ظهور مذهب ديني في مكة كان يعود إلى شخصية ابنعباس العلمية، و النخبة من أتباعه مثل مجاهد بن جبر، وعطاءبن أبي رباح، و طاووس بن كيسان، حيث كانوا السبب في تعرف أهل مكة بشكل عميق على العلوم الدينية و الثقافة الإسلامية، بل إنهم لعبوا دوراً هاماً في نشر المعارف الدينية في المناطق الأخرى مثل اليمن و بلاد الجزيرة و خراسان (ظ: ابنسعد، 5/ 328 و ما بعدها).
استناداً إلى ما انعكس في الأخبار ــ سواء كان حقيقـة، أم أسطـورة ــ فإن خبر ظهور الإسلام، و انتشار تعاليمه نقل إلى اليمن عبر أشخاص مثل حنظلة بن أبي سفيان التاجر (أبوالفرج، 6/350)، و كان من الدعاة إليه أشخاص مثل ابنوقشة، السادن السابق للصنم قراص (ابن حجر، 1/481)، و منذ فترة قبل الهجرة، كان زوار من قبائل اليمن المختلفة قد أسلموا بعد سماعهم لحديث النبي (ص) في موسم الحج (ظ: ابن عبدالبر، 2/217).
و بعد أن بعث النبي (ص) كتاباً إلى خسروأبرويز، كلّف الأخير، باذان، عامله في اليمن، بأن يتابع هذا الموضوع، حيث كان ذلك منعطفاً في تاريخ الإسلام في اليمن. و قد أدت الأحداث التي وقعت لباذان خلال مهمته، إلى اعتناقه هو و مرافقوه من وجهاء اليمن لتعاليم النبي (ص) (ابن سعد، 5/533؛ الطبري، 2/654-657، 3/158؛ السهيلي، 1/315). كما أن إرسال أشخاص من كبار الصحابة مثل الإمام علي (ع)، و معاذبنجبل لإبلاغ رسالة الإسلام إلى وجهاء مناطق اليمن المختلفة و أهاليها، و تعليمهم القرآن الكريم، و التعاليم الدينية و الذي اقترن بنجاح كبير (ابنسعد، 1(2)/19-20، 6/ 18؛ ابن حجر، 3/630) وضع اليمن في طريق تعميق التعاليم الإسلامية.
أحدثت مسيرة انتشار الإسلام المتنامية في اليمن، إقبالاً على اعتناق الإسلام بين قبائل تلك المنطقة، حيث يلاحظ انعكاسه في أخبار الوفود في 10ه. و كرد فعل على هذا الاتجاه بين القبائل أقرّ، أو نصب النبي (ص) أشخاصاً عليهم منهم معاذ بن جبل وأبوموسى الأشعري على منطقة حمير الخارجية (نجد حمير) والمناطق الداخلية من تهامة في اليمن حسب الترتيب (ظ: ابنحبيب، 126؛ أحمدبنحنبل، 4/397؛ الطبري، 3/ 228)؛ و يجب أن نذكر كذلك رئاسة قيس بن سلمة الجعفي على قومه (ابنسعد، 1(2)/61-62) و فروة بن مسيك على مراد و زبيد و عنس (ظ: م.ن، 1(2)/63-64، 5/522، 524؛ الطبري، 3/135-136، 326؛ ابنعبدالبر، 1/400).
و في أواخر حياة النبي (ص)، أثارت اليمن قلق المسلمين، على أثر ادعاء الأسود العنسي للنبوة، حيث كان قد جمع جماعة حوله. و بعد وفاة النبي (ص)، ازدادت الأوضاع سوء، و امتنعت الكثير من قبائل اليمن عن دفع الزكاة إلى الحكومة المركزية، ولكن هذه الموجة هدأت، و خضعت المنطقة برمتها تحت لواء الإسلام مرة أخرى في أوائل خلافة أبيبكر، على أثر حروب الردة (ظ: ن.د، الأسود العنسي، أيضاً الردة).
و مما يستحق الاهتمام من ناحية التاريخ الثقافي، حضور شخصيات محلية في مجال الدعوة إلى الإسلام في اليمن مثل حجر المَدَري الذي كان قد تلقى العلم في المدينة لدى صحابة مثل زيدبن ثابت، و لكن هذا التاريخ دخل مرحلة متكاملة بوجود مشاهير من التابعين مثل طاووس بنكيسان، و وهببنمنبه ومعمر. و في هذه الفترة بلغ تبحر أهل اليمن في العلوم الإسلامية درجة بحيث إن البعض منهم مثل أبي الأشعث الصنعاني، كان معلماً لتلاميذ في بلاد أخرى كالشام (ظ: ابن سعد، 5/391-397). و على أي حال فإن اشتهار اليمن كأحد المراكز الرئيسة للعلوم الإسلامية، كان له تاريخ طويل و هناك شواهد في صفحات التاريخ تؤيد هذه الملاحظة. ومن جملتها أن اليمن كان أحد الأمصار التي أرسل إليها أحد المصاحف بعد جمع المصحف في عهد عثمان (ابنأبيداود، 43) و كانت اليمن تعد أحياناً في مباحث الفقهاء المتقدمين في باب الأمصار و دورها في إقامة صلاة الجمعة، أحد هذه الأمصار أيضاً (ظ: عبدالرزاق، 3/ 168).
ترتبط بداية تعرف أهل عمان على الإسلام بشكل رمزي بمازن بن الغضوبة، سادن أحد الأوثان فيها و الذي ذهب إلى الرسول (ص) بمعرفة للإسلام، و أسلم أخيراً (الخطيب، 11/ 418؛ كشف...، 233 و مابعدها). و لكن استناداً إلى التاريخ، فقد بعث النبي (ص) سنة 8ه خلال دعوة ملوك المنطقة، عمرو بن العاص إلى جيفر و عياذ ابني الجلندى اللذين ورثا عرش أبيهم في عمان. و قد لبيا دعوة النبي (ص)، و قاما بعد قبول الإسلام بدعوة أهالي مناطق مهرة و الشحر و دبا إلى الدين الجديد مستغلين مركزهما في المنطقة، و من خلال إرسال ممثلين (ظ: ابنالأثير، 2/232، 272؛ كشف، 238).
و تزامناً مع وفود ممثلي القبائل المختلفة لمبايعة الرسول الأعظم (ص)، أرسل العمانيون بدورهم وفدين إلى المدينة برئاسة أسد بن يبرح الطاحي الأزدي، ثم سلمة بن عياذ الأزدي، و عرضا إسلام أهالي تلك المنطقة على النبي (ص)، و بعث النبي العلاء بن الحضرمي من الصحابة لتعليم أحكام الدين إلى بلدهم (ابنسعد، 1(2)/80-81).
و رغم إقبال أهالي عمان على الدين الإسلامي، كانت عمان مبتلاة أيضاً بأحداث الردة إلى حدما في عهد خلافة أبيبكر؛ ففي 11ه/632م ادعى شخص يدعى لقيط بن مالك الأزدي النبوة وارتد، و جمع أتباعاً حوله بعد أن استولى على عمان. فطلب جيفر و عياذ المساعدة من أبيبكر خلال رسالة بعثاها إليه، فبعث حذيفة ابن محصن الغلفاني و عكرمة من اليمامة إلى عمان، وواجهت حركة الردة الفشل بفضل تعاون أهالي عمان المتمسكين بالإسلام (ظ: ابنالأثير، 2/372 و ما بعدها).
و فيما يتعلق بإسلام العمانيين يمكن القول إن دينهم اكتسب بسرعة فائقة اتجاهاً قائماً على الانقسام إلى فِرَق، فنمت الأفكار الخارجية و خاصة المذهب الإباضي بفعل التغذية الثقافية من قبل البصرة، و مالبثت أن انتهت بالسيطرة الثقافية و السياسية (للتوضيح، ظ: ن.د، 2/ 19 و ما بعدها).
يعود تاريخ تعرف أهل البحرين على الإسلام إلى ما قبل هجرة النبي (ص). ففي ذلك الوقت قدم إلى مكة اثنان من وجهاء قبيلة عبدالقيس في سفرة تجارية و سألا عن أحوال النبي المكي (ص) و أقواله بعد أن كانا قد سمعا عنه. و انتهى لقاؤهما به (ص) بإسلامهما، و بعد عودتهما إلى البحرين اعتنق رئيس قبيلة عبدالقيس الكبيرة الإسلام أيضاً بعد أن نقلا إليه مشاهداتهما و مسموعاتهما (ابن سعد، 1(2)/54؛ أحمدبنحنبل، 3/432؛ ابن عبد البر، 1/140).
و عندما بادر نبي الإسلام (ص) إلى إرسال الكتب إلى الملوك حوله (6ه/627م)، دعا في رسالة بواسطة العلاء بن الحضرمي، والي البحرين المنذر بن ساوى إلى الدين الإسلامي، فقبله المنذر وعرب المنطقة هذه الدعوة (ابن الأثير، الكامل، 2/215، قا: 230) وبعد سنتين، ذهبت مجموعة من أهالي البحرين إلى المدينة للاطلاع أكثر على تعاليم الدين، فانشغلت بتعلم القرآن و العلوم الدينية لدى أبيبنكعب (ابن سعد، ن.ص؛ ابن حجر، 1/66). و في 9ه، انطلق مرة أخرى وفد من البحرين برئاسة الجارود العبدي الذي كان مسيحياً، باتجاه المدينة، و مالبث أن أسلم. فبعث النبي (ص) إلى تلك المنطقة أبا هريرة لتعليم الدين و تعريفهم أكثر على الإسلام (ظ: ابن عساكر، 19/223).
بعد وفاة النبي الأعظم (ص)، أعرض أهالي البحرين في 11ه عن الإسلام، و ارتدوا، و لكنهم عادوا إلى الإسلام مرة أخرى بفضل مبادرة أبيبكر في قضايا الردة، و مساعي الجارود العبدي (ظ: ن.د، الردة). و إلى جانب التحرك العسكري لجند الإسلام، فقد كان حضور أبيهريرة باعتباره أحد الصحابة مؤثراً في إخماد فتنة الردة في هذه المنطقة (الطبري، 3/307).
و خلال الحديث عن الانتشار الثقافي للإسلام في البحرين، تجب الإشارة أولاً إلى أن هناك رواية عن ابن عباس اعتبرت مكانة مسجد عبدالقيس في جواثا بالبحرين في درجة بعد مسجد النبي (ص) (البخاري، 1/215). و قد ذكر ابنسعد خلال الحديث عن رجال البحرين عدداً من أهالي البحرين باعتبارهم صحابة اشتركوا جميعهم في وفود أهل البحرين إلى المدينة (5/406-412)، و لكنه لاتوجد معرفة كافية حول رجال البحرين في عهد التابعين خلافاً للتوقع. و تلاحظ في المصادر منذ القرن 3ه/9م تقريباً أسماء بعض علماء البحرين و هناك أشخاص يستحقون الاهتمام من بينهم، منهم محمدبنمعمر و العباسبنيزيد وزكريابنعطية (ظ: السمعاني، 1/ 288؛ ياقوت، مادة البحرين).
لم يخضع تاريخ البحرين الثقافي قبل القرن 3ه، للدراسة اللازمة من قبل الباحثين، ففي هذا القرن اقترنت تحولات هذه المنطقة بظهور فرقة القرامطة و تاريخها السياسي. و قد أسس أبوسعيد الجنابي (مق 300، أو 301ه/913، أو 914م) دولة في البحرين امتد نطاق سيطرتها حتى أعماق الجزيرة العربية واستمرت بقاياها حتى القرن 6ه/12م (ظ: ن.د، أبوسعيد الجنابي، أيضاً أبوطاهر الجنابي).
و في الجانب الغربي من البحرين تمتد أرض اليمامة التي كانت خاضعة لحكم الملوك النصارى قبل نفوذ الإسلام و كان آخر ملوكها هوذة بن علي أحد ملوك المنطقة و الذي استلم كتاباً من النبي (ص) في 8ه . و لكن ملك اليمامة لميتعامل بشكل مناسب مع كتاب النبي (ص)، خلافاً لوالي البحرين، و لميبعث إلى المدينة سوى شخصين كممثلين له كي يأتيا له بالأخبار عن ملابسات هذا الحدث. و قد أسلم هذان الشخصان و يدعيان مُجّاعة بن مرارة و الرجّال بن عنفوة، بعد تعرفهم على تعاليم الإسلام في المدينة، حتى إن الرجال أمضى فترة لتعليم القرآن والأحكام في تلك المنطقة (ظ: ابن الأثير، 2/215)، و لكن عودتهما إلى اليمامة لميكن لها تأثير كبير في انتشار الإسلام في تلك المنطقة.
و أما قبيلة بني حنيفة الكبيرة التي كان أفرادها يمثلون السكّان الأصليين لليمامة، و الذين كانوا قد دعوا إلى دين الحق سابقاً في المواسم من قبل النبي (ص)، و لكنهم رفضوا، و أبدوا معارضة شديدة (م.ن، 2/93)، فقد بقيت في الحقيقة على معارضتها حتى سنة 10ه (لدراسة الاختلافات بين أهل اليمامة و المسلمين، ظ: مارغليوث، 8 ومابعدها)، و لميبعثوا وفوداً إلى رسول الله (ص) إلا في هذه السنة مواكبة للكثير من القبائل الأخرى في شبه الجزيرة، و على أثر ذلك اعتنقوا الإسلام. و قد كان مسيلمة ابنثمامة، المعروف بمسيلمة الكذاب مشاركاً في هذا الوفد (ابنالأثير، 2/ 298)، حيث ادعى النبوة فيما بعد في اليمامة، وادعى بالاتفاق مع جماعة، منهم الرجّال بن عنفوة و الاستشهاد ببنيحنيفة ــ الذين كانوا مستائين من تولي القرشيين المكيين لأمورهم، ودفع الخراج لهم ــ أن النبي (ص) أشركه معه في رسالته عند قدوم وفد اليمامة (ن.ص).
خمدت فتنة مسيلمة الكذاب وردة أهل اليمامة التي حدثت في أواخر حياة النبي (ص)، في عهد أبيبكر تزامناً مع قمع فتنة الردة في مناطق شبه الجزيرة الأخرى (ظ: ن.د، الردة) و استقرت اليمامة بشكل موقت باعتبارها جزء من رقعة الخلافة الإسلامية (مثلآً ظ: ابن الأثير، 2/ 449)، و لكن يبدو أن الحكم القائم على التعصب القرشي و الذي كان يمارس في العصر الأموي، دفع أهل اليمامة مرة أخرى إلى الاعتراض على الأوضاع القائمة. و في سنوات الفترة في الخلافة الأموية، مر أهل اليمامة بأوضاع وظروف استطاعوا معها أن يبرزوا اعتراضهم الخفي هذا على الحكومة المركزية من خلال المحافظة على الدين الإسلامي وطرح نظرية الخوارج الدينية في باب الإمامة؛ و في هذه الفترة، وجدوا أن سبيل مواجهة الحكومة المركزية يمكن في الالتفاف حول نجدةبنعامر الذي كان من زعماء بنيحنيفة الخوارج (61ه( وأسسوا بالخروج على الخليفة إمامة النجدات التي استمرت حتى 73ه، و ضمت أبعادها الواسعة في فترة من الفترات حتى المناطق المجاورة مثل البحرين و عمان (ظ: البلاذري، أنساب...، 4(1)/473، 5/346-347؛ ابن قتيبة، 1/171؛ الطبري، 6/193؛ الشهرستاني، 1/110-112).
و رغم ضم اليمامة من جديد إلى رقعة الخلافة المركزية منذ 73ه/692م، إلا أن هناك بعض مظاهر المقاومة مازالت تلوح إزاء السلطة الحاكمة في العقود التالية، و منها ارتباط أهل اليمامة بثورة زيدبنعلي في 121ه/739م و ثورة ضد العامل الأموي في 126ه (ظ: ابن الأثير، 5/235، 298 ومابعدها). إن نظرة إلى صفحات التاريخ تدل على أن معارضة أهل اليمامة انتهت بتولي العباسيين لزمام الحكم، و لكن هذا التحول سببه نفوذ الثقافة الإسلامية في المنطقة و ظهور العلوم الإسلامية في اليمامة، قبل أن يكون سببه سلوك عمال بني العباس.
إن اعتبار اليمامة مركزاً إسلامياً مهماً، أو حسب التعبير الفقهي «مصراً» في باب إقامة صلاة الجمعة (ظ: عبدالرزاق، 3/ 168) يدل على تاريخ طويل تتمتع به اليمامة. فقد خرّجت المحافل الدينية في اليمامة طيلة أجيال التابعين، عدة شخصيات معروفة، ولكن أهميتها بدأت في الحقيقة منذ بداية القرن 2ه، حيث ظهرت في هذه المنطقة حركة ثقافية مرتبطة بالبصرة. و قد برزت في هذه الحركة التي كان لها أثر لايمكن إنكاره في تعميق الثقافة الإسلامية، شخصيات مثل يحيىبنأبيكثير و عكرمةبنعمار، حيث دفع حضورهم في اليمامة طلبة علم مثل الأوزاعي إلى أن يتوجهوا إليها من المناطق الأخرى (ظ: ابن سعد، 5/403-405؛ الذهبي، 7/134).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode