الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

كان المصدر الرئيس للقانون لدى أهالي داغستان يسمى «العادة» و هو مزيج من التقاليد القومية و الشريعة الإسلامية. وكان النظام الإداري ـ الديني لهم يسمى «الإمامة». و كانت الإمامة تنقسم إلى عدة «نيابات» كان عددها يصل أحياناً إلى 52. و كل نيابة كان لها نظام روحي و عسكري و كلها كان يتبع الإمـام. و قد كان مـن حـق النيابـة أن تـطبـق أنـواع التغييـرات و الحدود الشرعية، سوى الإعدام. و كان النواب يعيّنون المفتين، وكان هناك قضاة يتبعون المفتين. و كان القضاة و المفتون مكلفين بتنفيذ أوامر الإمام. و كان من حق المفتي أن يعزل القاضي كلما خرج عن حدود الشرع في أحكامه. و كان النواب يديرون جميع شؤون الحياة و الأمور الاجتماعية في مناطقهم. و في نطاق الإمامة كان هناك محتسبون يراقبون أعمال الناس. و كان هناك ديوان مؤلف من 32 عضواً. و كانت هناك مجالس من العلماء ورجال الدولة الآخرين تشكل لحل القضايا المهمة («تاريخ داغستان»، I/956,II/99,100,101). و من البديهي أن المقررات المذكورة تعرضت للتغيير مع ضم هذه المناطق إلى روسيا، و قد زالت في نهاية المطاف في عهد الحكومة السوفياتية.

يتبع الشيشانيون المذهب الحنفي. و قد بلغ عدد المساجد في الشيشان 360 مسجداً في 1253ه‍/1837م. و في الثلاثينيات من القرن العشرين، بلغت مساجد المسلمين و أماكن عبادتهم 675,2 ووصل عدد المدارس الدينية إلى 140 و في 1944م أغلق جميع المساجد و المباني الدينية بعد نفي الشيشانيين و الإينغوش بحيث لم‌يتبق في 1978م سوى مسجدين (آكينر، 181). و بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، توفرت بعض الإمكانيات لممارسة الشعائر الدينية.

يعيش الإينغوش إلى جانب الشيشانيين، وهم أيضاً مسلمون سنيون يتبعون المذهب الحنفي. دخل الدين الإسلامي بلاد الإينغوش عن طريق الشيشان، و أصبح الدين الرسمي في النصف الأول من القرن 13ه‍/19م. و استناداً إلى الآثار التي وصلتنا، فقد كان الأهالي الإينغوش يتبعون الديانة المسيحية في القرنين 11و12ه‍/17و18م حيث كانت قد دخلت بلادهم عن طريق جورجيا («أهالي القفقاز»، I/387).

و يعد الأوستيون الذين يسمون أنفسهم بالإيرون، شعباً آرياً، يقطنون إلى الجوار من جمهوريتي الشيشان و الإينغوش. و يرى الباحثون أن هؤلاء القوم إيرانيون و من الآريين السكائيين ـ السرمتيين و الآلانيين و قد امتزجوا مع أهالي القفقاز. تنقسم أوستيا إلى قسمين أوستيا الشمالية و أوستيا الجنوبية، حيث يعتبر القسم الشمالي جزء من جمهورية روسيا الفيدرالية، و القسم الجنوبي جزء من جورجيا (آكينر، 181-184). غالبية أهالي أوستيا مسيحيون، فيما يشكل المسلمون الأقلية. انتشر الإسلام في أوستيا الشمالية عن طريق القبارطة في القرنين 11و12ه‍/17و18م («أهالي القفقاز»، I/332). المسلمون الأوستيون سنيون يتبعون المرجعية الدينية في شمال القفقاز وداغستان و مقرها مَخاج قلعة (آكينر، 190).

تقع منطقة القبارطـة ـ البلغار في غرب أوستيا الشمالية. والأهالي القبارطة مسلمون سنيون. و قد دخل الإسلام و المذهب السني بين أهالي القبارطة عن طريق السلاطين العثمانيين و حكام القرم التتار (القريم) في القرون 9-11ه‍/15-17م («أهالي القفقاز»، I/184). و قبل نفوذ الإسلام، كانت الديانة المسيحية قد دخلت بين أهالي القبارطة عن طريق الروم و الجورجيين. و رغم أن أهالي هذه المنطقة هم مسلمون الآن و لكن هناك آثاراً للمسيحية ماتزال باقية بين هؤلاء القوم (م.ن، I/185). و في 995ه‍/1587م بدأ حاكم القرم هجوماً واسعاً على القبارطة و كبدها أضراراً فادحة (بنيغسن، 35). و بنفوذ الدولة العثمانية و تتار القرم، انتهت المنافسة بين الإسلام و المسيحية بالانتصار الكامل للإسلام (م.ن، 36)، بحيث أصبح جميع أهالي القبارطة مسلمين، سوى عدد قليل (آكينر، أيضاً «أهالي القفقاز»، ن.صص).

القراجائيون و الشركس الذين يقطنون غرب منطقة القبارطة ـ البلغار هم مسلمون سنيون يتبعون المذهب الحنفي و المرجعية الدينة في القفقاز الشمالية و داغستان في مخاج قلعة (آكينر، BSE3XXIX/81;208,235-236). انتشر الإسلام بين هذين الشعبين في القرن 12ه‍/ 18م. و من المعروف أن إسحاق أفندي، من أهالي القبارطة، أدى دوراً مهماً في نقل الدين الإسلامي إلى الأهالي القراجائيين. و يوجد عدد من المساجد في قرى الولاية القراجائية ـ الشركسية المتعلقة بالحكم الذاتي. و قد تم تأمين نفقات بناء المساجد و المدارس الإسلامية عن طريق الزكاة («أهالي القفقاز»، I/263).

كان الشركس الذين أطلق عليهم اسم آديغة أيضاً، يتبعون الديانة المسيحية في القرون الوسطى كما كان حال غالبية القوميات الساكنة في شمال القفقاز و مما يدل على انتشار المسيحية في بلادهم وجود بقايا من الكنائس القديمة. انتشر الإسلام بين الشركس منذ القرن 10ه‍/16م، و لكن بعض سكان الجبال بقوا على دينهم القديم حتى القرن 12ه‍/ 18م. و منذ أواخر القرن 18 و النصف الأول من القرن 19م دخل الإسلام و المذهب السني بين أهالي الشركس عن طريق الأتراك العثمانيين. و قد أدى قبول الإسلام إلى نفوذ عناصر من اللغة العربية بين أهالي هذه المنطقة. و خلال حروب القفقاز، كان الإسلام رمز كفاح أهالي هذه المنطقة ضد الروس (ن.م، I/213). و يتبع الشركس المذهب الحنفي (آكينر، 220).

و يعد الآباز من الأقوام الأصليين في الشمال الغربي من القفقاز و كانوا في البدء يعيشون على ساحل البحر الأسود ثم رحلوا إلى المنطقة الحالية خلال الفترة 8-10ه‍/14-16م (م.ن، 236). ارتبط الآباز بعد هجرتهم إلى شمال القفقاز مع النوغائيين الذين كانوا مسلمين سنيين. نفذ الدين الإسلامي تدريجياً بين الآباز. ولاتوجد معلومات دقيقة حول انتشار الإسلام بين الآباز و تحوله إلى الديانة الرئيسة لهذه القومية. و يحتمل أنه انتشر بينهم في القرنين 11و12ه‍/17و18م («أهالي القفقاز»، I/237).

يعد النوغائيون من الأقوام الساكنين في شمال القفقاز و هم يتبعون الدين الإسلامي، حيث اعتنقوه منذ النصف الثاني من القرن 7ه‍/13م. و منذ أوائل القرن 8ه‍/14م انتشر الإسلام على مستوى واسع في منطقة النوغائيين (ن.م، I/399-400)، و يعتبرون من أخلاف قوم مخيم نوغاي و قد انفصلوا عنهم بعد ضعف المخيم الذهبي في أواخر القرن 8ه‍/14م. و عندما هاجر النوغائيون إلى القفقاز، كانوا بدورهم السبب في أن يعتنق الآباز الإسلام (آكينر، 160-161). و قد كان علماء الدين يُنْتَخبون من بين النوغائيين الذين كانوا يجيدون القراءة و الكتابة باللغة و الخط العربي. و في القرنين 12و13ه‍/ 18و19م كان الخط العربي متداولاً بين النوغائيين. و كانوا يرسلون الأطفال الذكور إلى الكتّاب لتعلم اللغة العربية و خاصة القرآن، و لكن المدارس الروسية تأسست في منطقتهم منذ النصف الثاني من القرن 19م («أهالي القفقاز»، I/400). يتبع النوغائيون المذهب الحنفي (آكينر، 164).

يقطن اللكيون الذين هم السكان الأصليون للقفقاز، السفح الجنوبي من جبال شمال القفقاز. و هم مسلمون سنيون. دخل الإسلام بلاد اللكيين في عصر فتوح المسلمين، و لكنه اكتسب الطابع الرسمي منذ القرنين 7و8ه‍/13و14م («أهالي القفقاز»، I/500)، و هم شافعيون كالآوار.

و يعيش اللزقيون في الجنوب الشرقي من داغستان. و تعتبر طائفة منهم من السنة، و طائفة أخرى من الشيعة (آكينر، 142-143).

و فضلاً عما ذكرنا، تعتبر القوميات التالية من القوميات المسلمـة أيضاً و هي؛ الدارقين و الروتول و التساخور و الآغول و الكرد و الأفخـاز (ن.ع)، و الآجـار (ن.ع)، و التات و الأيـروم و الآخفَـخ و الأندي و الأرجين و البَغولَل و البوتليخ، و البـودوخ و الشَمَـل و الديدفي و الغودبيـرين و الإينغيلوي و الكابوتشيـن و القَرا بابـاخ و القَراتـاي و الخِمشيـن و الخينـالوغ و الخـونـزل و الخفارشين و الكريز و الُقبجَي و اللاز و الأتراك الميسيختيون و إيرانيـو القفقاز و الشاهسون و الطالش و التيندي و التروشمين و الميسكلا نو (ظ: م.ن، مخ‍(.

توجد الآن في روسيا و الجمهوريات المستقلة 4 مراكز حوزوية إسلامية منها مركزان يرتبطان بالمنطقة التي المغنية: المركز الحوزوي الإسلامي في شمال القفقاز و داغستان و مقره في مخاج قلعة و الآخر المركز الحوزوي الإسلامي لمنطقة القفقاز و مقـره في مدينة باكو. و المركز الأول سني، و الثاني شيعـي ـ سني. و كل من المراكز المذكورة مستقل يتمتع بحكم ذاتي من الناحية الإدارية و الدينية (بنيغسن، 125-126).

 

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن حوقل، محمد، صورة الأرض، ليدن، 1939م؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تق‍ : عبدالله أنيس الطباع و عمر أنيس الطباع، بيروت، 1407ه‍/1987م؛ بنيغسن، إلكساندر ومري براكس آپ، مسلمانان شوروى، گذشته حال و آينده، تج‍ : كاوه بيات، طهران، 1370ش؛ بيات، كاوه، مقدمة شيخ شامل... (ظ: هم‍، مك لين)؛ حمدالله المستوفي، نزهة القلوب، تق‍ : جي. لسترنج، ليدن، 1915م؛ الطبري، تاريخ؛ كسروي، أحمد، شهرياران گمنام، طهران، 1335ش؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق‍ : شارل پلا، بيروت، 1965م؛ مك لين، فيتس روي، شيخ شامل داغستاني، ترجمة و تلخيص كاوه بيات، طهران، 1370ش؛ مينورسكي، و.، تاريخ شروان و دربند، تج‍ : محسن خادم، طهران، 1375ش؛ وأيضاً:

 

Akiner, Sh., Islamic Peoples of the Soviet Union, London/New York, 1986; BSE3; lstoriya Armyanskogo naroda, ed. Nersesiyan, Erevan, 1980; lstoriya Azerbaidzhana, ed. I. A. Huseinov and A. S. Sumbatzade, Baku, 1958; Istoriya Dagestana, Moscow, 1967-1968; Kalankatuatsi, M., lstoriya strany Aluank, tr. Sh. V. Smbatyan, Erevan, 1984; Narodi Kavkaza, ed. M. O. Kosven et al., Moscow, 1960.

عنايت الله رضا/خ.

 

الإسلام في منطقة الفولغا و شمال البحر الأسود

مما يجدر ذكره كمقدمة أن العالم تحول إلى قطبين منذ أواخر القرن الأول و أوائل القرن 2ه‍/أوائل القرن 8م، و قسم بين القوتين العظميين الإسلام و المسيحية. و كانت إمبراطورية الخزر بحكم قوة ثالثة كانت إقامة علاقات ودية، أو عدائية معها مهمة بنفس المستوى بالنسبة إلى كل من الطرفين؛ و لكن هذه القوة لم‌يكن بإمكانها المحافظة على استقلالها في حالة قبول الإسلام، أو المسيحية، لأن قبول أي من هذين الدينين كان يستلزم الخضوع لسلطة الخليفة في بغداد، أو الإمبراطور البيزنطي. كما أن الديانة الوثينة و البدائية للخزر كانت تعد وحشية و بالية قياساً إلى الأديان التوحيدية، و كانت تحرم الخزر من النفوذ الروحي. وفي ظل هذه الأوضاع و الظروف كان من المنطقي أن يعتنقوا ديناً ثالثاً غير مرتبط بأي من تينك القوتين الكبريين، ويكون في نفس الوقت محترماً من قبلهما كليهما. و قد كانت الديانة اليهودية تتمتع بهذا الوضع، فاعتنق الخزريون هذه الديانة (أرتامونوف، 264؛ كستلر،7،71).

و بالطبع فإن قبول الدين اليهودي لم‌يكن بالأمر المفاجىء. فالخزريون كانوا يعرفون اليهود و شعائرهم الدينية منذ قرن على الأقل. فقد كانت طائفة من اليهود قد هاجرت إلى بلاد الخزر على إثر الاضطهاد البيزنطي و كذلك عدد قليل منهم، و ذلك بعد فتح آسيا الصغرى على يد العرب (م.ن، 72). و في نفس الوقت كان التجار و أصحاب الحرف و مجموعة كبيرة من الخزر قد اعتنقوا الإسلام. و بذلك فقد كان هناك عدد كبير من المسلمين والمسيحيين و اليهود و الوثنيين أيضاً يعيشون في بلاد الخزر وخاصة مدينة إتل. و قد أدى اعتناق الحكام الخزريين للديانة اليهودية إلى انتشارها بين الخزر (المسعودي، 1/212؛ كستلر، ن.ص). و يرى الباحثون أن اليهود عاشوا في القفقاز و خاصة داغستان قبل فتوح المسلمين بمدة طويلة (أرتامونوف، ها 5). وقد هرب أجداد هذه الطائفة و أسلافهم و الذين كانوا من الطبقات المحرومة في المجتمع، إلى داغستان في النصف الأول من القرن 6م في عهد اضطهاد المزدكيين في العصر الساساني مع مجموعة منهم بتهمة دعم حركة المزدكيين. و من خلال ذلك يمكن إلى حدّما تصور معرفة الخزر بالديانة اليهودية و ميلهم إليها (ن.ص، ها 6).

و يرى المسعودي أن انتشار الديانة اليهودية في بلاد الخزر يعود إلى عهد هارون‌الرشيد (ن.ص)، و لكن أرتامونوف يرى أن انتشار الديانة اليهودية في هذه المنطقة لم‌يكن بعد 621م (ص 266). و قد كتب المسعودي قائلاً: الأغلبية في إتل مسلمون وجيش الملك منهم و من الشروط التي شرطها المسلمون على ملك الخزر، إظهار الشعائر الدينية و وجود المساجد و رفع الأذان (1/213). و كتب كل من الإصطخري (ص 220-221) و ابن رسته (ص 139) أن ملك الخزر و الخواص و الأمراء و الوجهاء في تلك البلاد كلهم على الديانة اليهودية، و استناداً إلى ماذكره الإصطخري فإن غالبية المسلمين و التجار يعيشون في النصف الشرقي من إتل كما يوجد في مدينة سمندر عدد من المسلمين لهم مساجد (ص 222). و ذكر ابن رسته أيضاً وجود مدينتين في منطقة الخزر يمتلك المسلمون فيهما مساجد و أئمة جماعة ومؤذنين (ص 104).

و قد أشار أبوعبيدالبكري أيضاً إلى اعتناق ملك الخزر للديانة اليهودية في عهد هارون‌الرشيد. حيث كتب قائلاً: غالبية الجند الخزر مسلمون و لهم هناك مسجد كبير (1/263). ومن بين القضاة السبعة في عاصمة الخزر، قاضيان مخصصان للمسلمين، واثنان للخزر يحكمان بحكم التوراة، و اثنان للنصارى المقيمين هناك، و أخيراً قاض واحد للصقالبة و الروس و الطوائف الوثنية الأخرى (المسعودي، 1/214). و للمسعودي إشارة حول حكم القضاة تدل على أهمية الشريعة الإسلامية و احترامها من قبل الأشخاص غير المسلمين. فقد كتب قائلاً: عندما تحدث القضايا المهمة و يعجز القضاة من حلها، فإنهم يذهبون إلى القاضي المسلم ويستفتونه، و يطيعون أحكام الشريعة الإسلامية (ن.ص). و قد بلغ الإسلام الذي كان قد دخل بلاد الخزر منذ أواسط القرن 7م، من القوة بحيث أن غالبية الأهالي أقبلوا عليه، إلا أن ذلك لم‌يدم طويلاً. ففي 354ه‍/965م هزمت دولة كيف الروسية إمبراطورية الخزر، و في 421ه‍/1030م زالت هذه الإمبراطورية إلى الأبد (بنيغسن، 102).

إلى الجوار من الخزر، تأسست دولة أخرى تدعى البلغار (البلغر) في أوائل القرن 10م (من المحتمل في أواخر القرن 3 وأوائل القرن 4ه‍(. فقد اتجهت قبائل البلغار الرحّل إلى الاستقرار قبل القرن 10م، و أصبحت تابعة لحكام الخزر، و في 310ه‍/922م عمل حاكم البلغار على توحيد القبائل في منطقته (BSE3,III/500). و قد طلب المساعدة من الخليفة العباسي المقتدر لمحاربة الخزر كي يعلّم شعبه الشريعة الإسلامية و يبني مسجداً في أرضه (ابن فضلان، 67- 68؛ أيضاً ظ: ن.د، 3/643-644). فأرسل المقتدر وفداً برئاسة ابن فضلان إلى بلاد البلغار.

و يبدو أن الاتحاد بين القبائل البلغارية تم بعد اعتناق الإسلام، و قد كان الإسلام عامل وحدتهم في الكثير من الأحيان، ذلك لأن البلغار أصبحوا يتمتعون بدعم الخلافة في بغداد بعد اعتناقهم الإسلام (ظ: ن.م، 4/ 399-406). كتب الدمشقي قائلاً: إن أهالي البلغار مسلمون أسلموا على يد المقتدر (ص 263-264). ويقول ابن رسته: يقطن البلغار في منطقة بين الخزر و بلاد الصقالبة (الاسلاف)، و يشبه زيهم زي المسلمين، و قبورهم شبيهة لقبور المسلمين (ص 141). و بعد هزيمة الخزر في 354ه‍/965م، تحرر البلغار من التبعية للخزر. و انضمت مجموعة من البلغار إلى المخيم الذهبي في 638ه‍/1241م. و قد بقوا في منطقتهم حتى عهد تيمور، و يرجح المؤرخون أنهم هُزموا و زالوا في أواخر القرن 8ه‍/ أواسط العقد الأخير من القرن 14م على يد تيمور. و في العقد الرابع من القرن 9ه‍/15م احتل الروس أراضي البلغار المسلمين (ن.ص، BSE3).

 

الإسلام في شمال البحر الأسود

بلغ الإسلام الساحل الشمالي من البحر الأسود متأخراً. ولم‌يكن أهالي تلك المناطق يعرفون في البدء المسلمين الإيرانيين و العرب. فقد تعرفوا على الإسلام عن طريق الأتراك. و في القرن 5ه‍/11م خضعت السهول الشمالية من البحر الأسود لسيطرة الأتراك الرحّل و خاصة القبجاق، و لكنهم لم‌يكونوا يسيطرون على المناطق الساحلية (بارتولد، VI/660).

بدأ انتشار الإسلام في السواحل الشمالية من البحر الأسود وشبه جزيرة القرم في النصف الأول من القرن 7ه‍/13م بهجوم الأتراك السلاجقة. و قد هجم علاء‌الدين كيقباد السلطان السلجوقي (616-633ه‍/1219-1236م) أولاً على مدينة صوداق. وتقع هذه المدينة في جنوب شبه جزيرة القرم و ساحل البحر‌الأسود (BSE3,XXV/33). و قد ذكر أبوالفداء نقلاً عن ابن سعيد أن أهالي صوداق يتكونون من أمم و أديان مختلفة، وغالبيتهم مسيحيون (ص 214-215؛ أيضاً ظ: القلقشندي، 4/460).

و قد وضع حسام‌الدين أمير جوبان بعد فتح صوداق، القرآن الكريم في طبق ذهبي على رأسه و صعد المؤذن على موضع مرتفع و رفع الأذان للصلاة. و حطم الفاتحون الأتراك ناقوس المسيحيين و شيدوا خلال أسبوعين جامعاً كبيراً و عينوا عليه قاضياً و خطيباً (ابن بي‌بي، 333). يمكن تحديد نفوذ الإسلام في السواحل الشمالية من البحر‌الأسود بجهتين؛ الشرق (الفولغا وآسيا الوسطى) و الجنوب عن طريق البحر المتوسط و ذلك على يد المصريين و السلاجقة. و قد تحقق الانتشار الحاسم للإسلام في السواحل الشمالية من البحر الأسود منذ عهد المغول و من خلال الانتشار بين المخيم الذهبي (بارتولد، VI/662-663).

و خلال القرنين 7و8ه‍/13و14م سادت منافسة شديدة بين المسلمين و المسيحيين في المناطق الشمالية من البحر الأسود. وقد خضعت إمبراطورية المخيم الذهبي منذ البدء (ظ: ن.د، آلتين أردو) لتأثير الثقافة الإسلامية. و في القرن 8ه‍/14م قبل السلطان محمد المعروف بأوزبك خان، الإسلام و أعلنه ديناً رسمياً (بارتولد، ن.ص؛ «معجم...»، 1379). و منذ 686ه‍/1287م بلغت الثقافة الإسلامية السواحل الشمالية من البحر الأسود أيضاً عن طريق مصر. يحتمل أن المسلمين المصريين بلغوا القرم و السواحل الشمالية من البحر الأسود عن طريق البحر.

أرسل المصريون في 686ه‍/1287م معماراً إلى مدينة القرم (صلغات) و التي كانت إحدى مدن شبه‌جزيرة القرم و ذلك لبناء مسجد بعد أن زودوه بألفي دينار مسكوك من الذهب (بارتولد، VI/663،III/468). و ماتزال بقايا المسجد الذي كان المصريون قد بنوه، ماثلة إلى الآن، و يتميز طرازه المعماري عن الطراز المعماري للمسجد الذي كان الأوزبك قد بنوه (ن.ص). و في 713ه‍/1313م بنى‌أوزبك‌خان، من حكام المخيم الذهبي، مسجداً آخر في تلك المدينة، و في عهد حكم منغلي كراي، حاكم القرم (القرن 9ه‍/15م) و الذي كان من أعقاب جوجي، دُمرت المدينة. ومع بدء حكم الأتراك العثمانيين في 880ه‍/1475م أُطلق اسم مدينة القرم القديم على جميع أرجاء شبه الجزيرة. و منذ هذا التاريخ اكتسبت القرم الطابع الإسلامي (م.ن،III/468).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: