الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

نسب إلى ابن‌عربي (560- 638ه‍) حوالي 400 أثر كبير وصغير، وصلنا نصفها على الأقل و تشكل بمجموعها منشآت أساسية استعملها لإبداع الحكمة الصوفية الإسلامية، و تضم فضلاً عن النثر شعره و دواوينه المنظومة.

يكمن نجاح ابن‌عربي في أن نظرته العالمية العرفانية الجامعة و الشاملة ــ التي تذكرنا من حيث تنظيم المواد و تدوين المسائل برسائل إخوان الصفاء، و إحياء العلوم للغزالي، و مجموعة حكمة الإشراق للسهروردي المقتول ــ ظلت منقطعة النظير في جميع أرجاء تاريخ التصوف الإسلامي. و قد كانت نظرته العالمية كما قررها في كتابيه الرئيسين الفتوحات المكية و فصوص الحكم، عميقة ومتنوعة و أصيلة إلى درجة بحيث إن الفهم الصحيح لحقائق أهل التصوف و أسرارهم كانت لقرون مقتصرة على مطالعة الشروح التي كتبت على هذين الكتابين و خاصة الفصوص. لقد سيطر هذان الكتابان، بالشروح و التلخيصات التي نشرت عنهما أحياناً، على جميع أرجاء الثقافة الإسلامية تقريباً من بلاد الروم والشام و حتى الهند، و من فارس و العراق و حتى ماوراء‌النهر ومازالت تسيطر عليها (لبحث مفصل عنه، ظ: ن.د، ابن عربي).

و تعد الفتوحات المكية التي تشبه في تقرير المسائل الخاصة بالتصوف كتاب الشفاء لابن‌سينا في مسائل الحكمة من حيث السعة، موسوعة للتصوف و العرفان الإسلاميين و بالطبع فإن هناك تأثيرات مختلفة في ظهورها بمجموعها. و فضلاً عن ذلك، فإنها لاتشمل المذاهب الإسلامية المختلفة و حسب، بل القرامطة والإسماعيلية أيضاً، و كذلك المصادر غير الإسلامية و آراء الحكماء و المتكلمين، بل إننا نستطيع أن نتتبع تأثير بعض مبادئ الشيعة أيضاً (كوربن، «تخيل...»، الفهرس؛ قا: الشيبي، 376 ومابعدها).

يعتبر الفتوحات أكبر مؤلفات ابن عربي و يمكن الادعاء أنه أعاد فيه التفكير و أعاد كتابة كل ماذكره في مؤلفاته الأخرى. وقد اعتبر آسين پلاثيوس الباحث الإسباني الذي كتب دراسات واسعة بشأن أحواله و آثاره، هذا الكتاب إنجيل التصوف، و رأى أن من المتعذر تحليله بسبب اشتماله على مواضيع متنوعة (ظ: جنثالث پالنثيا، 378-379).

و أما فصوص الحكم الذي ألف منه ابن‌عربي نفسه خلاصة مستقلة تشتمل على لب الفصوص بعنوان نقش الفصوص، كما كتب تلميذه صدرالدين القونوي الذي تربى عليه (تـ‍ 672ه‍( تلخيصاً تفسيرياً بعنوان فك الفصوص في تقرير أجزاء مباحثه تداولته أوساط العلم الرسمي ككتاب درسي، من بين الكتب الصوفية المعدودة، و كتبت عليه شروح عديدة لبيان المواضع المشكلة فيه. إن كثرة هذه الشروح تجعل من جدة المطالب، و جدة نمط التقرير، و تعقيد لطائفه ــ حيث يبدو غموضها مقصوداً إلى حد ما من جانب المؤلف ــ قابلاً للتصور.

و بين الشروح الرئيسية لهذا الكتاب يتضمن شرح عبدالرزاق الكاشي، و شرح داود القيصري، و شرح السيد حيدر الآملي تحليلات دقيقة تستحق المطالعة. كما يشتمل شرح مؤيد‌الدين الجندي بالعربية، و حل الفصوص للسيد علي الهمداني بالفارسية، و كذلك شرح خصوص الفصوص لبابا ركنا الشيرازي بالفارسية، على بعض الفوائد. و قد كُتب كتاب نقد النصوص للجامي، وكذلك ماذكره السيد نعمة‌الله الكرماني بعنوان الجواهر في شرح مباحث الفصوص على أساس خلاصة ابن عربي نفسها المسماة نقش الفصوص، و التوهم بأن السيد نعمة‌الله كان ينظر فيها إلى شرح فصوص الحكم (زرين‌كوب، دنباله...، 150) هو من سهو المؤلف. و قد تم نشر نقد النصوص للجامي مع تعليقات وفهارس مفيدة في السنوات الأخيرة بطهران.

و مما يستحق الملاحظة، التأثير الكبير لآراء ابن عربي في آثار الأشخاص الذين عمدوا بعده إلى تأليف كتب في التصوف والعرفان. و منهم فخرالدين العراقي صاحب رسالة اللمعات ومحمد شيرين المغربي التبريزي في الأشعار و الرسائل و الشيخ محمود الشبستري في منظومة گلشن راز. كما أن مما يستحق الملاحظة تأثير أفكار ابن‌عربي في سعد‌الدين الحموي وصائن‌الدين تركة الأصفهاني و تاج‌الدين الحسين الخوارزمي والسيد علي الهمداني و عبدالرحمان الجامي و الشيخ محمد اللاهيجي شارح گلشن راز.

إن آراء و عقائد جديدة إلى هذا الحد، و أصيلة و قيمة، لاتثير الاستغراب إن هي أثارت اعتراضات المنتقدين بشدة. و لذلك، فإن الأشخاص الذين انتقدوا الآراء الخاصة بابن عربي، كثيرون و من أقدم هذه الانتقادات النقود الحادة التي وجهها الشيخ علاء‌الدولة السمناني إلى قوله في مسألة إطلاق الوجود و نظرية وحدة الوجود، حيث انتقده بشدة في كتاب العروة لأهل الخلوة و الجلوة صراحة، أو كناية. و تعتبر المكاتبة الشهيرة لعبد‌الرزاق الكاشي للشيخ علاء‌الدولة معروفة في هذا المجال و قد نقل الجامي نصها في النفحات (ص 482-491) دون ذكر المصدر. و رغم أن علاء‌الدولة تجنب فيما بعد في ملفوظات چهل مجلس، تكفير ابن عربي و تخطئته (ص 191)، إلا أن الباحثين اعتبروا مع ذلك اختلاف الآراء و الصراع بينهما في الحقيقة لفظياً و مؤدياً إلى رأي واحد (الجامي، ن.م، 554؛ قا: صدرالدين الشيرازي، الأسفار، 2/336 و مابعدها).

و من بين أقوال ابن عربي و الذي أثار هو أيضاً الآراء المعارضة و المؤيدة و أدى إلى نقد المعارضين لآرائه، رأيه في باب إيمان فرعون في عاقبة أمره و الذي هو من مستلزمات نظرته العالمية أيضاً (ظ: العفيفي، 298-300). و هذا القول الذي كان غريباً و مختلفاً عن الاعتقاد الشائع لدى أهل التفسير، خضع بعد سنوات بسبب ضرورة الأحوال لدراسة أهل الرأي و نقدهم، وألف العلامـة جلال‌الدين محمـد الدوانـي (تـ 918ه‍) في تأييده رسالة باسم إيمان فرعون، و اعتبر اعتقاد ابن عربي خالياً من الإشكال، و لكن أحد العلماء الحنفيين الساكنين في مكة، و يدعى علي بن سلطان محمد القاري الهروي كتب بعد فترة كتاب بعنوان فر العون من مدعي إيمان فرعون، و رد على قول الدواني وابن‌عربي في هذه المسألة (ظ: شفيعي، 201- 208).

و اهتم ابن تيمية الفقيه والمحدث الحنبلي المعروف (تـ 728ه‍) أيضاً بنقد آراء ابن‌عربي و الرد عليها كثيراً. ففي رسالة سماها حقيقة مذهب الاتحاديين، اعتبر قوله تأييداً لوحدة الوجود، ومخالفاً للإسلام، و رأى أن معتقدات أتباعه من أمثال صدر‌الدين القونوي و عفيف‌الدين التلمسانـي (تـ‍ 690ه‍) كفر، بل إنه وجد قولهما يستحق النقد أكثر مما قاله الآخرون (ظ: ن.د، ابن تيمية).

و مع كل ذلك، فقد ظلت آثار ابن عربي خاضعة للنقاش في آثار الصوفية بين مؤيد و معارض حتى عصر الجامي، و لكن الانتقادات و الاعتراضات التي ثارت عليها لم تجد أهمية تستحق الملاحظة في مقابل الإقبال الذي حظيت به. استخدم ابن‌عربي في مجموع آثاره و خاصة في الفتوحات المكية و فصوص الحكم مصطلحات طريفة، و منقطعة النظير، أو قليلة النظير أحياناً، حيث من الضروري مقارنتها و مطابقتها مع آثاره الأخرى لفهمها. و مع كل ذلك، فإن رسالته المختصرة في شرح المصطلحات الواردة في الفتوحات و التي طبعت تحت عنوان «اصطلاحات الصوفية» في ذيل التعريفات للجرجاني (ص 115 و مابعدها) و كذلك «اصطلاحات الصوفية» لعبد‌الرزاق الكاشي و الذي تم طبعه في هامش شرح منازل السائرين، من شأنهما أن يلعبا دوراً مؤثراً في الفهم الصحيح لإشارات ابن عربي.

و تتضمن أشعار ابن‌عربي المشتملة على ترجمان الأشواق والديوان و المقطعات المندرجة في الفتوحات و آثاره الأخرى، لطائف كثيرة، و يمثل البعض منها غزلاً صرفاً مثل ترجمان الأشواق الذي حوّله فيما بعد و بحكم الضرورة إلى معان عرفانية بتعسف و تكلف كثيرين و عن طريق التأويل، و هو ما جعل الشعر الصوفي يواجه نقد المخالفين و اعتراضهم، كما هو الحال بالنسبة إلى معتقداتهم و أعمالهم. لم‌يقتصر تأثير ابن‌عربي على البيئة الشرقية و العرفان الإسلامي، بل ظهر أيضاً في بيئة الغرب المسيحية. فقد تأثر به رامون لول الحكيم و المتكلم الإسباني في بعض الأقوال (ظ: كارادي فو، 4/ 198 و مابعدها)، و كذلك دانته الشاعر الإيطالي في طرح الكوميديا الإٰلهية.

 

دور الخانقاهات في مسيرة التصوف

رغم أن هناك أخباراً منـذ عصـر طبقـات الصوفيـة الأولـى ــ عصر الحسن البصري وإبراهيم الأدهم و رابعة العدوية ــ تشير إلى وجود زوايا (في المناطق الخالية في المدن) و خانقاهات (في أطراف المدن والأماكن البعيدة غالباً) والرباطات (في المناطق المجاورة للثغور الإسلامية بشكل رئيس)، فقد كانت توجد خانقاهات في عهد الشيخ أبي‌سعيد بن أبي الخير في مدن مثل نيسابور و ميهنة لصوفية العصر، و في تلك الفترة كان الصوفية و الزهاد يعتبرون أداء مراسم محاربة الكفار من مستلزمات العبادات الواجبة و كان البعض منهم يمضون ردحاً من عمرهم في الرباطات التي كانت تبنى بهدف الاستعداد للدفاع عن ثغور الإسلام، و كان البعض من الأثرياء من أهل الخير يبنون في جوار المقابر و البقاع المنسوبة إلى الأئمة و الأولياء غالباً معابد باسم الخانقاهات للأشخاص الذين كانوا يمضون أوقاتهم في العبادة و الرياضة، و يوفرون لهم و لأتباعهم السكن و الطعام كي لاتستهلك أوقاتهم في إعداد المعاش و لايساورهم قلق من هذه الناحية (ظ: شمس التبريزي،62). و مع كل ذلك، فإن بناء الخانقاهات الواسعة المشتملة على صومعة خاصة للشيخ، و بيت يجتمع فيه الصوفيون، و غرف مستقلة ليختلي و يعبد فيها طلاب السلوك و مبتدئوهم، ومستلزمات سكن الصادرين و الواردين من آنية و بسط ومصابيح و متوضأ و إصطبل تحت إشراف شيخ مرشد و رقابة ومساعدة خادم، أو خدم بأوقاف معينة و فتوح و نذور مرتبة كانت تجعل من الممكن إدارة الخانقاه و استمراره (بخصوص فوائد الخانقاه من وجهة نظر الصوفية، ظ: السهروردي، عمر، 81 و مابعدها)، اتسعت و شاعت منذ أن اجتاز التصوف فترة نضاله لانتزاع حقه في الحياة في المجتمع الإسلامي. و كانت الطريقة تسير في امتداد الشريعة ساعية إلى المحافظة على الحد الأقصى من الانسجام و التوافق معها و لذلك كانت تتجنب أي نوع من الإفراط و التفريط، فقطعت علاقتها مع أهل السكر من الصوفية الذين كان يغلب عليهم التفرد، و أهل الملامة الذين لم‌يكونوا يتقيدون بشعائر الصوفية.

و منذ عهد الخواجه نظام‌الملك الطوسي الذي كان يولي الاهتمام بالعلماء و الصوفية على حد سواء، و بموازاة اهتمامه ببناء المدارس، فقد ظهر الاهتمام أيضاً ببناء الخانقاهات، و أصبحت الخانقاهات كالمدارس و تبعاً لها على مايبدوا تشتمل على نوع من الانضباط القائم على تسلسل المراتب، حيث كان يقف المرشد على رأس تنظيمها، و كان طلاب السلوك يتمتعون بالمراتب المناسبة حسب طول إقامتهم و علاقتهم بالخانقاه، و كانوا يتولون إرشاد السالكين الجدد و صحبتهم و تربيتهم. و كان البعض منهم يعينون كخلفاء مرشدين، فكان الأشخاص الذين يمثلون الخلفاء المرشدين في الخانقاه الرئيس، أو في مستواهم يتولون رئاسة الخانقاهات الجديدة عندما يتأسس فرع آخر للخانقاه بنفس آدابه وأصوله في مدينة أخرى، أو في منطقة أخرى من المدينة، فيما كانوا هم أنفسهم و أتباعهم، يتبعون خانقاه الشيخ الرئيس. و بفضل الفرص التي أتيحت لبناء و توسيع مثل هذه الخانقاهات، كانت تقام في كل خانقاه و حسب تجربة شيخه و تربيته الخاصة به، والشعائر و الآداب التي كان الشيخ يراها لترتيب العبادات والرياضات، مجموعة من طقوس التوبة و الجلسات الأربعينية الاعتكافية و الاختلاء، و طريقة الخانقاه، و الآداب و العبادات والأوراد، حيث كانت تتضمن خلاصة طريقة الشيخ في التربية والإرشاد، و كانت تتبع في الخانقاهات التابعة أيضاً، و يتم تعليمها باعتبارها طريقة الشيخ، أو تعليماته للطلاب الجدد.

كانت سلاسل أهل الفتوة تمتلك الخانقاهات الخاصة بها جنباً إلى جنب هذه الخانقاهات و كانت تسمى «لنگر» في الغالب. وأصبح الملامتية و من بعدهم القلندرية و الجولقية و الدراويش الجلاليون و الخاكساريون و المتجولون يمتلكون الخانقاهات الخاصة بهم، إلا أن ما كانت تتداوله الأفواه عن أحوال البعض منهم، كان أحياناً يتسبب في سوء سمعة الصوفية و العارفين المقبولين و المشهورين. و قد كان المتشبهون بالصوفية الذين كانوا يسمون منذ القدم بالمتصوفين، أو المستصوفين، العامل الرئيس لهذه الفوضى في أحوال الصوفية و الخانقاهات الحقيقية والجادة. و في الحقيقة، فقد كانت هذه الجماعة تمثل مترسمي القوم، و كانوا يقلدونهم في شعارهم الصوفي و ملابسهم الزرقاء دون أن تكون حياتهم الدينية صوفية، أو عرفانية، و يصورون أنفسهم على أنهم سالكو الطريقة.

وماقيل في گلستان لسعدي (ص 96-97) في باب أهل الطريقة من أنه كان قبل ذلك فريق متفرقون في الظاهر، مجتمعون في المعنى، و أنهم اليوم مجتمعون في الظاهر متفرقون في المعنى، إنما هو تصوير لانحطاط الطريقة في عصر سعدي. وقد ظلت الشكوى من المترسمين و المتشبهين و انتقادهم ماثلة منذ سنين بعد سعدي في مؤلفات الصوفية و الأقوال المنقولة عن مشايخهم. و قد انتقد المولوي أيضاً في المثنوي صوفية العصر (ظ: زرين‌كوب، دنباله، 9-49). و من الطريف أن الحديث دار مراراً عن انحطاط التصوف لدى قدماء القوم مثل الغزالي و القشيري و الهجويري، و كذلك مؤلف كتاب اللمع، بل و حتى في شرح التعرف الذي يعد أقدم أثر في التصوف باللغة الفارسية.

 

طرائق الصوفية

مع اتساع الخانقاهات الجديدة التي كانت تتأسس تحت إشراف مشايخ العصر وعلى نفقة أهل الخير ومساعداتهم (لنموذج، ظ: محمد بن المنور، 1/356، 357) كانت الطرائق الخاصة بالمشايخ في الخانقاهات تختلف عن بعضها إلى حدما. فقد كانت مذاهب أئمة الصوفية العشرة (الهجويري، 164) تُتخذ أساساً للتعليم بشكل منفصل، و على شكل توفيق وتركيب أحياناً، و من أجل أن ينتهي مصدر آداب أهل الخانقاه ورسومهم و عقائدهم مثل طرق العبادات و آداب المتشرعة عن طريق نوع من السنة الموروثة إلى تعاليم النبي (ص)، و لاتنفصل الطريقة عن الشريعة، بنفس الطريقة التي كان يروي بها الفقهاء والمحدثون، ويرفعون الطرق المتعلقة بأرباع الفقه إلى الأئمة المعصومين والتابعين و الصحابة حسب الأسانيد و سلسلة الرواة، فقد كان مشايخ الخانقاهات يرفعون هم أيضاً آدابهم و رسومهم وأورادهم، بل و حتى إجازة لبس الخرقة وإرشاد المبتدئين إلى الصحابة والرسول (ص) عن طريق أسانيدهم إليهم، و بذلك كانت تنقل بينهم سلسلة من الروايات و الأحاديث المتعلقة بآداب الطريقة، كان الشيخ الحاضر قد نقلها عن شيخه، و هذا عن الشيخ قبله، وكانت تسمى السلسلة، و السلاسل. و كانت آداب الخانقاهات التي تتبع كلها شيخاً واحداً، و تنتسب إلى سلسلته، تسمى الطريقة، و كانت الطرائق و السلاسل تزداد مع مرور الزمن بشكل تدريجي.

و كانت تنشعب من الطرائق المتشابهة شُعَب فرعية، حتى ازداد عدد الطرائق التي كان البعض منها عموماً يمثل طرائق أصلية، وأكثرها طرائق فرعية، في جميع العالم الإسلامي من الهند وتركستان و فارس و العراق، و حتى الشام و مصر و شمال أفريقيا، إلى درجة أنها تجاوزت 170 طريقة في الإحصائيات الرسمية. و رغم أن هناك دراسات علمية أجريت بشأن تشعبها، إلا أنه مايزال هناك مجال لدراسات أكثر.

و مما يستحق التأمل، سلسلة إسناد معظمها، خاصة في المواضع التي تنتهي فيها إلى التابعين و الصحابة. و منها 14 سلسلة من الطرائق القديمة تنتهي إلى معروف الكرخي (معصوم عليشاه، 2/137 ومابعدها) الذي تختلف الآراء أصلاً بشأن علاقته بأئمة الشيعة. و قد ذكرت أيضاً طرائق باسم الأويسية المنسوبة إلى أويس القرني، و الأدهمية المنسوبة إلى إبراهيم الأدهم، والطيفورية المنسوبة إلى بايزيد البسطامي، حيث هناك شكوك في تسلسل طريقتها. و على أي حال، فإن هناك بين السلاسل المنسوبة إلى معروف الكرخي حسب روايات الصوفية، البعض مما لايزال على اسمه القديم، فيما انشعب البعض الآخر إلى طرائق متعددة، أو سمي بأسماء المشايخ المتأخرين.

و من بين مجموع هذه الطرائق، هناك الطريقة القادرية المنسوبة إلى عبدالقادر الجيلاني (تـ‍ 561ه‍) الذي كان من زهاد بغداد و وعاظها و من صوفية العصر المعروفين و الذي ماتزال طريقته قائمة في الكثير من الأقطار الإسلامية، و مع ذلك فإن الطريقة الرفاعيـة المنسوبة إلى سيـدي أحمـد الرفاعـي (تـ 578ه‍) منشعبة منها؛ و الطريقة الشاذلية المنسوبة إلى أبي الحسن علي الشاذلي (تـ‍656ه‍( التي حظت في المغرب الإسلامي باستقبال واسع؛ و الطريقة السهروردية المنسوبة إلى ضياء‌الدين أبي‌النجيب السهـروردي (تـ 563ه‍) التي ظهرت في بغداد و تفرعت منها 4 شعب على الأقل (م.ن، 2/138)؛ والسلسلة الكبروية المنسوبة إلى الشيخ نجم‌الدين الخوارزمي المعروف بالكبرى والتي ظهرت منها فيما بعد طريقتان منفصلتان؛ و سلسلة النقشبندية و سلسلة النعمة اللٰهية اللتان ظهرتا كلاهما معاصرتين لعصر التيموريين تقريباً. و أما السلسلة التي عرفت بالمولوية التي ماتزال بقاياها في تركيا والشام، فقد تأسست في الحقيقة على يد أحفاد المولوي، لا على يده هو نفسه (للتفصيلات، ظ: غولپينارلي، كافة أرجاء الكتاب).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: