الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و في 40ه‍/660م تحالف جوانشير مع قسطنطين الثاني الإمبراطور البيزنطي ضد العرب. و في هذه الفترة اجتاز الخزريون دربند، وبلغوا مناطق غرب بحر الخزر (ن.م، I/100). و في 42ه‍/662م، هجم الخزريون مرة أخرى على أران و لذلك توجه جوانشير إلى الشام مرتين و عقد معاهدة صلح مع معاوية. و في المقابل اعترف به معاوية رسمياً كحاكم لأران (ن.م، I/106-107).

و في 50ه‍/670م قتل جوانشير على إثر عملية اغتيال، و تولى من بعده وراز تيرداد (50-80ه‍/670-699م) حكم أران في الظاهر، و لكن عمال الخلفاء هم الذين كانوا يحكمون القفقاز في الحقيقة (ن.م، I/107)، و لذلك، فقد كانت تحدث في كل فترة ثورات في هذه المنطقة. و في 81ه‍، بعث عبدالملك بن مروان (حك‍ 65-86ه‍/685-705م) ابنه عبيدالله إلى قاليقلا للحرب ففتح هذه المدينة (الطبري، 6/331). و منذ أواخر القرن 7 و أوائل القرن 8م ترسخت سيطرة المسلمين على أرمينية، و استمرت حوالي قرن ونصف («تاريخ أرمينية»، 110-113).

و انتشر الدين الإسلامي بسرعة في مناطق غرب بحر الخزر والتي كان أهلها يتبعون الديانة الزرادشتية، و خاصة بين الحرفيين و التجار، و لكن الأهالي الساكنين في جبال القفقاز ظلوا على ديانتهم المسيحية القديمة و الزرادشتية («تاريخ آذربايجان»، I/108). و قد لفت الموقع الستراتيجي لمنطقة داغستان الجبلية أنظار القادة العرب. فالمحافظة على تحصينات دربند و التي كانت متداولة منذ العصر الساساني كانت تعد مهمة لجهاز الخلافة. كما أن شرق القفقاز كان يحظى بالأهمية أيضاً من الناحية الاقتصادية، لأنه كان قد تحول إلى موضع للتصادم بين القوتين المتنازعتين وهما الخلافة، و خاقانات (حكام) الخزر. و كانت دولة الإمبراطورية الرومية الشرقية تدعم الخزريين في مواجهة الخلافة («تاريخ داغستان»، I/150). و انضم أهالي دربند خلال سنتي 31-32ه‍/652-653م في أول هجوم على المسلمين، إلى الخزر، وأخرجوا المدينة من سيطرتهم، و لكن دربند خضعت مرة أخرى لسيطرة المسلمين خلال سنتي 65-66ه‍/685-686م (ن.م، I/151). و مع كل ذلك، فقد كانت دربند تخرج أحياناً من سيطرة المسلمين.

و في 91ه‍/710م وصل مسلمة بن عبدالملك دربند، و فتحت على يده بعض المدن و القلاع (الطبري، 6/454). و في 105ه‍/723م هجم الجراح بن عبدالله الحكمي على أران و فتح بعض المدن و القلاع و بلغ بلنجر (م.ن، 7/21). و بعد سنة خرج الحجاج بن عبدالملك لمحاربة الأرانيين، و تصالح معهم بشرط دفع الجزية (م.ن، 7/29). و في 110ه‍/ 728م على عهد هشام بن ‌عبدالملك (105-125ه‍/723-743م) خرج مسلمة بن عبد الملك لمحاربة الخزريين الذين ذكر الطبري أنهم أتراك (م.ن، 7/54). وفي السنة التالية ولى الجراح بن عبدالله الحكمي على أرمينية (م.ن، 7/54). و يمكن من خلال المعلومات المذكورة أن نستنتج أن أوائل القرن 2ه‍/ 8م كان يمثل ذروة هجوم المسلمين على منطقة غرب بحر الخزر (قزوين). و قد استغرقت السيطرة على المناطق المذكورة 100 سنة («تاريخ داغستان»، I/151). و بعد فترة استطاع الخزريون أن يستعيدوا دربند من المسلمين و حدثت بين القوتين معركة على بعد 4 فراسخ من حدود أرمينية استمرت 3 أيام و جرح الجراح خلالها (البلاذري، 289-290).

و عين هشام بعد الجراح، مسلمة بن عبدالملك والياً على أرمينية و أران في 112أو113ه‍/730 أو 731م (الطبري، 7/71-72). و قد كان ذلك من أهم هجرات العرب إلى بلاد القفقاز. و ذكر المسعودي أن هناك مجموعة من المسلمين العرب بين منطقة جيدان و باب الأبواب لايعرفون سوى العربية، و ينتشرون في الأدغال و الغابات و يخشاهم أهالي الباب (1/227). و هاجم مروان بن محمد بعد مسلمة بن عبدالملك مناطق داغستان المختلفة 6 مرات. و قد بعث في 117ه‍/735م جيشين إلى اللان، حيث فتحوا 3 قلاع فيها، و أرسل جيشاً آخر إلى منطقة تومانشاه و أجبر أهاليها على الصلح. و توجه مروان في 121ه‍/ 739م إلى ولاية سرير داغستان التي سماها الطبري «سرير الذهب». و قد دمر الكثير من حصون هذه المنطقة. فوقف الخزر موقف الصلح، وأعاد مروان الحكم إلى الخاقان (الطبري، 7/ 99، 160؛ «تاريخ داغستان»، I/153).

و في 132ه‍/750م عندما تولى العباسيون زمام الأمور، هب القرويون و أصحاب الحرف في البدء لحمايتهم، و لكن هذه الحماية لم‌تدم طويلاً، فشهدت القفقاز ثورات عديدة ضد العباسيين. و هزم الخزر الجيش العباسي في منطقة دربند. و قد أدى هذا الوضع إلى أن ترحّل 7 آلاف أسرة مسلمة من الشام وما‌بين النهرين و خاصة إلى أطراف دربند (ن.م، I/157). و من المحتمل أن يكون ماذكره المسعودي (1/227) متعلقاً بهذه المجموعة من المهاجرين العرب.

كانت حدود الدولة الإسلامية تقع في شمال القفقاز على امتداد وديان نهر تيرك. و قد انتشر الإسلام بسرعة في جنوب هذه الحدود، و أصبح خلال فترة قصيرة الديانة الرئيسة، ثم الديانة الوحيدة لسكان المنطقة، و اعتبرت مناطق شمال القفقاز و شرقها أحد أهم مراكز دار الإسلام (بنيغسن، 99). و منذ أواخر القرن 2ه‍/ 8م انقسمت ألبانيا التابعة للقفقاز ــ عدا أرمينية و جورجيا اللتين لـم‌تستمـر فيهمـا المسيحيـة ــ إلى 3 ولايات هي أران و مغان وشروان، و قد كان الخليفة هو الذي يعين أمراءها. و قد كان عمال الخليفة يتولون جمع الضرائب، فيما يتولى القضاة الأمور الشرعيـة. و في البـدء كانت المعسكرات العربية في مدن دربنـد و برذعه و بيلقان و نخجوان، حيث كان جهاز الخلافة يوظفها. وقد حل الأمراء المحليون فيما بعد محل عمال بغداد. و كانوا مكلفين بجمع الضرائب و إرسالها إلى مقر الخلافة، و كانوا يضعون الجنود تحت تصرف الخلفاء عند الضرورة («تاريخ آذربايجان»، I/109,110).

و في أوائل القرن 4ه‍/10م كانت أران بيد يوسف بن أبي‌الساج، حيث حكمها في النهاية القائد مرزبان بن محمد. وحكمها بعد وفاته الشدّاديون حوالي 100 سنة بسبب الحروب الداخلية، و جاء من بعد ذلك دور السلاجقة (كسروي، 268؛ أيضاً ظ: ابن‌حوقل، 2/331). كان غالبية أهالي أران في عهد المغول والتيموريين و الشروا‌نشاهيين و القراقويونلويين على المذهب السني. و منذ عهد الشاه إسماعيل الصفوي أخذ المذهب الشيعي ينتشر في تلك المنطقة (آكينر، 106). و أصبح منذ أوائل القرن 10ه‍/16م المذهب الرسمي تأسياً بإيران (بنيغسن، 17).

و بعد سيطرة الإمبراطورية الروسية على المناطق المسلمة في آسيا الوسطى، و ساحل الفولغا و القفقاز و شمال البحر الأسود، اعتبرت قضية وحدة المسلمين في تلك المناطق ضرورة اجتماعية لمواجهة التسلط الروسي. و في 1905م تم الاعتراف رسمياً في المؤتمر الثالث لمسلمي روسيا، بالمذهب الشيعي الاثني عشري إلى جانب المذاهب السنية الأربعة الحنفية و المالكية والشافعية و الحنبلية، و ذلك لتوحيد العالم الإسلامي (م.ن، 119). و قد كان أتباع المذهب الشيعي يبلغون 4 ملايين نسمة في الاتحاد السوفياتي السابق، كان 7٪ منهم يسكنون في جمهورية آذربايجان، و الباقي بشكل متفرق في آسيا الوسطى. و يتبع شيعة هذه المناطق المراكز الدينية في النجف و قم و مشهد و كربلاء (م.ن، 184).

و مع ضعف الخلافة العباسية ظهرت دول مستقلة في مصر وإيران و تونس و مراكش و الجزيرة، و مناطق آسيا الوسطى والقفقاز. و قد تأسست في شرق القفقاز و خاصة شروان و دربند دول كانت أحياناً عربية المصدر. و لذلك، فقد ترك نفوذ العرب في حياة أهالي داغستان الذين كانوا وثنيين قبل ذلك، أثراً كبيراً («تاريخ داغستان»، I/155). و قد أدى انتشار الإسلام إلى زوال معتقدات الأهالي الساذجة. و أصبح شعار المساواة بين جميع المسلمين أمام الله، يعبر عن آمال الناس في طريق تحقيق المساواة الاجتماعية. و كان أهالي دربند و سمندر أول من آمن بالإسلام. و أصبحت دربند فيما‌ بعد من المراكز الإسلامية في القفقاز. و في عهد هارون‌الرشيد (170-193ه‍/786-809م) أصبح يزيد بن مزيد والياً على أرمينية و ذلك في 183ه‍/ 799م بعد 10 سنوات و قد ضمت إلى حكم آذربايجان و شروان و باب الأبواب أيضاً (مينورسكي، 449)، و هزم يزيد بن مزيد جيش الخزر الذين كانوا قد هاجموا القفقاز، و استولى بعد جهد كبير على قلعة دربند («تاريخ داغستان»، I/154)، و ظل والياً عليها حتى وفاته (185ه‍/801م) (مينورسكي، 45). و عين خالد بن يزيد في 205ه‍/820م والياً على آذربايجان و أرمينية من قبل المأمون، وظل في هذا المنصب حتى حوالي سنة 220ه‍/835م.

و في 237ه‍/851م وهب المتوكل باب الأبواب و توابعها كإقطاعية إلى محمد بن خالد (م.ن، 45-47). و بنى محمد بن خالد في 245ه‍/859م مدينة گنجة في ولاية أران. و كان أخوه الهيثم حاكم شروان. و قد تصرف كحاكم مستقل في 247ه‍/861م بعد موت المتوكل العباسي، و ظهور الفوضى في شروان، و شن الغزوات على كفار أرض السرير و لقب شروانشاه (م.ن، 48-49). و بعد موته شن محمد بن الهيثم الكثير من المعارك الجهادية (ن.ص). و في هذه الفترة تداخل مصير شروان مع دربند، و أُنفقت واردات النفط و الملح في باكو على تحصينات دربند («تاريخ داغستان»، I/161). و في 255ه‍/869م أصبح هاشم بن سراقة أمير الباب و أسس دولة مستقلة. و قد حكم هو و أخلافه شروان والباب 215 سنة حتى حوالي 470ه‍/1077م، و قد عرفوا في التاريخ باسم بني هاشم (مينورسكي، 71، 72). و بعد 300ه‍/913م قدم شخص يدعى أبا مسلم من الشام إلى داغستان و بنى بعض المساجد. كما انتشر الإسلام في مناطق جنوب داغستان الأخرى وأقيمت المساجد في مدن هذه المنطقة و قصباتها.

و في أواسط القرن 4ه‍/10م كان الحكام المحليون في منطقة جيدان و طباسران (طبرسران) مسلمين؛ حتى اعتنق اللزغيون والطباسراييون الإسلام أيضاً. و قد انعكس إسلام سكان الجبال في داغستان في آثار كثيرة وصلتنا من القرون 1-4ه‍/7-10م («تاريخ داغستان»، I/159). و منذ القرن 4ه‍/10م أخذ الإسلام ينتشر في داغستان بسر‌عة و أصبحت دربند أحد المراكز الناشطة لنشر الإسلام في المناطق المجاورة. و قد استشهد الكثير من أهالي داغستان في طريق نشر الإسلام. و قد أطلق آتراك «قريخلار» اسم (المقتولين) على مقبرة دربند المرتبطة باسم الشهداء. و كان الإسلام في حالة انتشار دائم في هذه المنطقة. ففي القرن 7ه‍/13م كانت المدينة تتمتع ببوابة حديدية و أبراج متعددة تقع إلى جانبها المساجد، و كان الطلاب منشغلين بدراسة العلوم الدينية في هذه المساجد (ن.م، I/196). و قد ذكر حمدالله المستوفي عند الحديث عن أهالي هذه المناطق أنهم على مذهب الإمام الشافعي و أن «لغتهم بهلوية مرتبطة بالجيلانية» (ص 93). و كان للعناصر التركية و منهم القبجاق و الغز السلجوقيون دور أيضاً في انتشار الإسلام في مناطق داغستان و الأراضي المجاورة، ذلك لأن حكام دربند كانوا تابعين للسلاطين السلاجقة حتى أواسط القرن 6ه‍/12م. و حتى هذا القرن لم‌يكن أهالي زره‌گران في داغستان قد أسلموا بعد؛ و لكن حكام دربند سرعان ما هجموا على زره‌گران مع الأتراك، و دعوا أهالي هذه المنطقة إلى قبول الإسلام.

و في القرن 7-9ه‍/13-15م، ترسخت مكانة الإسلام بشكل ملحوظ في جنوب داغستان. و تشير النقوش و الآثار الموجودة إلى سعة انتشار الإسلام في جنوب داغستان («تاريخ داغستان»، ن.ص)، و لكن يظهر مما ذكره ابن‌الأثير حول هجوم التتار على دربند في القفقاز و قتل أهالي لكز في 617ه‍/1220م أن بعض الأشخاص من الأهالي كانوا مايزالون غير مسلمين (12/385). ومنذ النصف الثاني من القرن 7ه‍/13م، غيَّر المغول الذين لم‌يكونوا في البدء يميلون إلى الإسلام، أسلوبهم، و أخذوا يسيرون في طريق الإسلام. و قد استغلوا الدين الإسلامي لكسب المسلمين في محاربة الدولة الإيلخانية التي كانت تعادي المغول و تولى ممثلو بعض القوميات التابعة للمغول و منهم الأوزبك، دور المؤيدين للإسلام و المدافعين عنه. و في هذه الظروف، أصبح رجال الدين المسلمون في داغستان يتمتعون بدعم دولة المخيم الذهبي، وأصبح الإسلام الدين الرئيس في داغستان في القرن 8ه‍/14م («تاريخ داغستان»، I/197,198). و تتميز داغستان بأنها تشتمل على أكثر التركيبات القومية في العالم تنوعاً. و مع ذلك فإن أهالي تلك المنطقة هم مسلمون على المذهب الشافعي، سوى مجموعة صغيرة من اليهود تعرف بيهود الجبال (داغ جهود لري: بالتركية)، و كذلك مجموعات من الأوكرانيين و الروس والقوميات المسيحية الأخرى غير المحلية.كما توجد مجموعات شيعية متفرقة و خاصة بين اللزجيين (ظ: آكينر، 125-131).

و يعد الآوار من جملة القوميات القديمة التي تقطن حالياً في جمهورية داغستان. و في القرون 5-7ه‍/11-13م حدث تصادم في داغستان و بلاد الآوار بين الإسلام و المسيحية. فقد كان الإسلام قد انتشر داخل هذه المنطقة من الجنوب (منطقة أران و شروان)، و المسيحية من الغرب (جورجيا). و كان التصادم بين هذين الدينين أشد بين الآوار. و يعود أحد الآثار الإسلامية المكتوبة في بلاد الآوار إلى القرن 8ه‍/14م، تزامناً مع هجوم تيمور على أوسكوجان. و يقال إن بداية انتشار الإسلام بين الآوار تعود إلى القرن 7ه‍/13م و جعل شخص يدعى عبدالمسلم الأهالي مسلمين اعتباراً من القراقيتاق و حتى جيريورت ثم حارب سوراكات حاكم الآوار و قتله. و أصبح عبدالمسلم إمام داغستان منذ 663ه‍/1265م. و في 880ه‍/1475م و التي صادفت هجوم تيمور، أسلم أهالي منطقة غيداتيل («تاريخ داغستان»، I/198-199).

و إلى جوار داغستان و منطقة الآوار، تقطن القوميات الشيشانية، و الإينغوش، و الأوست (آس، أيرون)، و القبارطة ـ البلغار (كاباردين ـ بالكار)، و الشركس، و القراجائية و الأديغة في شمال القفقاز. و قد كان الشيشانيون يتبعون معتقداتهم الدينية القديمة حتى النصف الثاني من القرن 10ه‍/16م و قد شوهدت نماذج من المسيحية في بلاد الشيشان. و يبدو أن المسيحية دخلت تلك المنطقة في القرن 2ه‍/ 8م عن طريق جورجيا، و ذلك لأن بقايا من الكنائس الحجرية التي تحمل علامة الصليب ماتزال موجودة في المناطق الجبلية و خاصة في وادي أرغون، حيث اكتشفت في 1303ه‍/1886م. و في القرن 10ه‍/16م دخل الإسلام بلاد الشيشان من داغستان. و كان رجال الدين الآوار و الكوميك يذهبون إلى قرى الشيشان لنشر الإسلام. ثم ظهر فيما بعد رجال دين من بين أهالي الشيشان. و كان الطلاب المسلمون يدرسون العلوم الدينية في قرى كوموخ و آكوشي و اندريه آيول. و قد كان انتشار الإسلام في السهول أسرع من المناطق الجبلية («أهالي القفقاز»،I/370).

و منذ أوائل القرن 13ه‍/أواخر القرن 18م بدأت محاربة الكفر بهدف التصدي لاعتداءات روسيا القيصرية باعتبار هذه المحاربة جهاداً و ذلك مع ظهور الطرائق الصوفية (بنيغسن، 113-114). وكان يتولى قيادة هذا الجهاد بالدرجة الأولى شيوخ النقشبندية وإلى حدما القادرية و قد كان الإمام منصور أوشورما من أئمة الطريقة النقشبندية في الشيشان، أول شيخ صوفي أعلن الجهاد ضد الروس. انتشرت هذه النهضة حتى مناطق شمال داغستان ومنطقة كوبان، و لكنها فشلت في القبارطة (كاباردين). و اعتقل الروس الإمام منصور في 1205ه‍/1791م، و توفي في السجن في 1207ه‍/1793م (ن.ص؛ مك لين، 34-35).

و في الفترة 1235-1246ه‍/1820-1830م، حدثت بعض الحركات، خاصة مع قدوم صوفيين من آسيا الصغرى إلى منطقة شروان. كان الشيخ محمد أفندي يراقلي المرشد الثاني للنقشبندية، حيث أعلن الجهاد ضد الروس في جنوب داغستان. و قد كان المرشد غازي محمد أول أئمة النقشبندية و الشيخ شامل ثالثهم وقد عرفت حركتهم في تاريخ روسيا بحركة المريدية (بيات، 12؛ بنيغسن، 115). استمرت هذه الحركة في منطقتي داغستان والشيشان 35سنة خلال 1239-1275ه‍/1824-1859م و انتهت أخيراً بهزيمة الشيخ شامل و أسره و موته المحزن (ن.ص؛ مك‌لين، 117-120).

و حدثت في ظل النزعات التوسعية للإمبراطورية الروسية تغييرات عميقة في المناطق المسلمة و خاصة القفقاز. و كانت المناطق الإسلامية تسمى دار الإسلام و كانت القوانين الإسلاميه تطبق فيها، و كان الأهالي غير المسلمين يخضعون لإشراف المسلمين، و أما القسم المسلم الذي سيطر عليه الروس، و اضطر أهاليه إلى قبول النظام القانوني غير الإسلامي، فقد كان يسمى دار الحرب، و في مثل هذه الظروف كان يتوجب على المسلمين مغادرة تلك المناطق (بنيغسن، 152).

و بعد هزيمة حركة الشيخ شامل، أسس الصوفيون النقشبنديون منظمة سرية في الشيشان و داغستان كما نضجت الطريقة القادرية في شمال القفقاز. كانت النظرة العالمية للقادرية يغلب عليها الطابع الصوفي، و لكن هذا الطابع الصوفي المائل إلى العزلة نُبذ جانباً بعد فترة قصيرة، و أقبل القادريون على الجهاد المسلح و أدوا دوراً فاعلاً إلى جانب النقشبندية في الثورات المناهضة للروس في داغستان و الشيشان في 1295-1296ه‍/1877-1878م (م.ن، 115، 116). و بعد الثورة الروسية و اتساع الحروب الداخيلة في القفقاز، يجب ذكر الثورة الداغستانية ـ الشيشانية سنوات 1920-1923م (م.ن، 111). فقد حارب المريدون النقشبنديون بقيادة مرشدين يدعيان الإمام نجم‌الدين گتزو و الشيخ أوزون حاجي، جيش الحرس الأبيض ثم الجيش الأحمر لمدة 5 سنوات. و عمت الثورة جميع أرجاء داغستان و الشيشان. و أخيراً، تم اعتقال الإمام نجم‌الدين و إعدامه في 1344ه‍/1925م بدخول الفرقة الحادية عشرة من الجيش الأحمر و المعارك الدموية التي حدثت. و في 1347ه‍/ 1928م حدثت مرة أخرى في جميع المناطق المسلمة في شمال القفقاز حركات قمعتها حكومة الاتحاد السوفياتي. و في السنوات 1934و1941-1942م تأججت نار الثورة. و رغم أن هذه الثورات كانت تحمل الطابع الوطني، و لكن مجموعات كثيرة من ثوار الطريقة القادرية كانوا قد شاركوا فيها (ن.ص).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: