الإسلام
cgietitle
1442/9/16 ۱۸:۵۹:۱۹
https://cgie.org.ir/ar/article/236183
1446/4/9 ۰۲:۳۳:۵۰
نشرت
7
و رغم أن المصادر التاريخية لمتتحدث بصراحة عن الزحف العسكري للسامانيين في منطقة فرغانة، و لكن يمكننا أن نتصور استنتاجاً من بعض المصادر، أن كورة فرغانة اتسعت أيضاً لصالح آل سامان على الأرجج تزامناً مع اتساع كورة أسپيجاب، و أن منطقة تقع في قرغيزيا الحالية و تشتمل على مدن حدودية مثل أوش و أوزكند قد ضمت إلى رقعة حكمهم. و هناك نقش عربي يعود إلى أوش منذ سنة 329ه (ظ: تقرير...»، IV/73)، هو من جملة الآثار التاريخية للحياة الإسلامية في هذه المنطقة، و تدل رواية المقدسي في أواخر القرن 4ه، على ازدهار الإسلام في هذه المناطق و ظهور مجتمعات كبيرة (ظ: ص 272). و يمكننا أن نذكر من بين علمائها المعروفين في القرن 4ه، أشخاصاً مثل عمران بن موسى الأوشي و علي بن سليمان الخطيبي الأوزكندي (تـ 405ه ) (ظ: السمعاني، 1/ 228؛ ياقوت، مادة أوزكند).
و قد بدأ النفوذ الحقيقي للإسلام في تركستان الشرقية مع ظهور السلالة القراخانية في كاشغر، و التي تعتبر أول سلالة مسلمة من الأمراء الأتراك و قد تأسست في الربع الثاني من القرن 4ه في كاشغر. و اعتنق الإسلام أول حكامها ساتوق بغراخان (تـ 344ه ) بعد أن ترك ديانة الأجداد. و قد اعتبر في تاريخ تركستان شخصية دينية في نفس الوقت الذي كان يتمتع فيه بالسلطة السياسية، حيث إن قبره في منطقة كاشغر يعد الآن مزاراً لمسلمي تلك المنطقة (ظ: نينغ، 79). و في بداية ظهور هذه السلالة، انتشر الدين الإسلامي بسرعة في المنطقة الخاضعة لنفوذهم، و ربما لمتكن قد تبقت حتى العقد الثامن من القرن 4ه والذي يمثل فترة زحف القراخانيين باتجاه الغرب، قاعدة منيعة للأديان الأخرى في المناطق بين كاشغر و حتى بلاد ماوراءالنهر، من خراسان و حتى الصين. و في 382ه، استولى القراخانيون على بلادساغون، و على بخارى في 383ه، و بذلك حسموا السلطة السياسية في المنطقة لصالحهم (ظ: ابن الأثير، 9/95، 98؛ قا: بارتولد، «دراسة...»)، 40,41) و هيؤوا الأرضية لانتشار الدين الواحد في المنطقة.
و فتحت منطقة ختن بين كاشغر و التبت قبيل 397ه على يد قدرخان من الأسرة القراخانية (ظ: ابن الأثير، 9/191-299) وهكذا، تهيأت الظروف لانتشار الدين الإسلامي حتى حدود الصين. و قد انعكست حروب الأتراك المسلمين مع الأويغوريين غير المسلمين بوضوح في نماذج من أقدم الأشعار التركيـة ـ الإسلامية المرتبطة بالبيئة القراخانية، حيث نقلها الكاشغري في ديوان لغات الترك، وقد اكتسبت هذه الأشعار طابعاً دينياً و جهادياً (ظ: 1/39، 288،326). و في أواخر القرن 5ه، قدمت منطقة ختن علماء مثل أحمد بن محمد الأسترسني (تـ بعد 498ه ) و سليمان بن داود الختني (تـ بعد 523ه( إلى عالم الفقه و الحديث (ظ: السمعاني، 2/324-325؛ ياقوت، مادة أسترسن، أيضاً بازكند).
و فيما يتعلق بانتشار الإسلام في منطقة السهل الشمالي، والتي هي من المناطق القابلة للمقارنة تقريباً مع قرغيزيا الحالية (سوى محافظة قزاقستان الجنوبية)، يجب القول إن القسم الغربي له تاريخ طويل في اعتناق الإسلام. و قد تعرفت هذه المنطقة التي كانت في القرن 4ه موطناً لقبائل الغز «الأوغوز» المختلفة (مثلاً ظ: ابنفضلان، 91، مخ؛ حدود العالم، 86-87)، على الدين الإسلامي منذ ذلك القرن و خاصة على أثر العلاقات التجارية. و استناداً إلى رواية المقدسي حول مدينة سوران (صبران)، و هي المدينة الحدودية للغز و سكان ماوراءالنهر، فقد كانت هذه المدينة تتمتع بطابع إسلامي و كان لها جامع (ظ: ص 274).
و في 432ه، و مع هجرة سلجوق ــ من زعماء الغز و جد السلالة السلجوقية ــ إلى منطقة الجَند في شمال خوارزم، ظهرت قوة سياسية في هذه المنطقة تزامنت مع اتساع ازدهار الإسلام فيها و ذلك بسب إسلام سلجوق (ظ: ابن الأثير، 9/473-475). ومالبثت منطقة الجند أن تحولت إلى منطقة مسلمة، و كانت تشكل باتحادها مع سوران مملكة الغُز المسلمة و شبه المستقلة (ظ: م.ن، 10/49؛ ياقوت، مادة الجند وصبران).
و خلال الحديث عن مناطق قزاقستان الأخرى، تجب الإشارة قبل كل شيء إلى رواية عن ابن الأثير (9/520-521) تدل على أن 10 آلاف خيمة من قبائل السهل الرحٌل اعتنقوا الإسلام في 435ه، على أثر جهود القراخانيين. على أننا يجب أن نتوقف عند تعميم ابنالأثير لروايته حول قبائل المنطقة، رغم أن ابن الأثير يضيف بعبارات مبالغ فيها أن جميع الأتراك أسلموا في هذه السنة، سوى الأتراك التتار و الخطا في مناطق الصين و على أي حال يبدو مما ذكره ياقوت الحموي أن منطقة أسپيجاب و أترار كانت ماتزال منطقة حدودية بين تركستان المسلمة و بين الأتراك الذين لميسلموا (ظ: مادة أسپيجاب، ثغر أسپيجاب، طرار بنـد وكيماك).
و قد أدى الخواجه أحمد اليسوي (تـ 562ه (، الذي كان شخصية دينية ذات نزعة صوفية و الذي كان قد انطلق من مدينة يسّي (في تركستان الحالية) في شمال أسپيجاب دوراً مهماً في نشر الدعوة الإسلامية بين القبائل الرحّل في المنطقة، و قد اعترف بديوان شعره ديوان حكمت باعتباره نصاً دينياً. كانت مقبرة أحمد اليسوي في تركستان، طيلة القرون، مركزاً لنشر و تعليم الدين الإسلامي في المنطقة دائماً، كما كان مزاره بمثابة مزار مقدس بين القبائل الرحل، حيث كان يعتبر كعبة تركستان (مثلاً ظ: فضلالله، 129). و في بداية القرن 7ه، غيرت هجمات جنكيزخان تاريخ آسيا الوسطى و في هذا المجال لميستثن سهل قپچاق الذي كان يقع على مسار هجوم المغول على روسيا، من هذه القاعدة. و قد تحولت الحكومة المغولية ـ التركية للمخيم الذهبي في غرب سهل قپچاق منذ عهد أوزبك خان (حك 712-742ه ) إلى حكومة مدافعة عن الإسلام، و انتشر الدين الإسلامي بحركة بطيئة وسلمية باتجاه الشرق مع تأسيس المخيم الفضي الذهبي المتحد على يد توختامش في 782ه .
ابن الأثير، الكامل؛ ابن بابويه، محمد، من لايحضره الفقيه، تق : حسن الموسوي الخرسان، النجف، 1376ه؛ ابن خرداذبه، عبيدالله، المسالك و الممالك، تق : ديخويـه، ليـدن، 1889م؛ ابن سعد، محمـد، كتاب الطبقات الكبير، تق : زاخـاو و آخرون، ليدن، 1904-1915م؛ ابن سلام الإباضي، بدء الإسلام، تق : و. شوارتس وسالم بن يعقوب، بيروت، 1406ه/1986م؛ ابن فضلان، أحمد، رسالة، تق : سامي الدهان، دمشق، 1379ه/1959م؛ ابن النديم، الفهرست؛ أبوالقاسم الحكيم السمرقندي، إسحاق، السواد الأعظم، ترجمة فارسية قديمة، تق : عبدالحي حبيبي، طهران، 1348ش؛ الأشعري، علي، مقالات الإسلاميين، تق : ريتر، فيسبادن، 1400ه/1980م؛ الإصطخري، إبراهيم، مسالك الممالك، تق : ديخويه، ليدن، 1927م؛ البغدادي، عبدالقاهر، الفرق بين الفرق، تق : إبراهيم رمضان، بيروت، 1415ه/1994م؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تق : رضوان محمد رضوان، القاهرة، 1398ه/1978م؛ حدود العالم، تق : منوچهر ستوده، طهران، 1340ش، الدرجيني، أحمد، طبقات المشائخ بالمغرب، تق : إبراهيم طلاي، القسطنطينية، 1394ه/1974م؛ السمعاني، عبدالكريم، الأنساب، تق : عبدالله عمر البارودي، بيروت، 1408ه/ 1988م؛ الشماخي، أحمد، السير، تق : أحمد بن سعود الريابي، مسقط، 1407ه/1987م؛ الطبري، تاريخ؛ الطوسي محمد، رجال، تق : محمد صادق بحرالعلوم، النجف، 1381ه/1961م؛ فضلالله بن روزبهان، مهمان نامۀ بخارا، تق : منوچهرستوده، طهران، 1355ش؛ الكاشغري، محمود، ديوان لغات الترك، إستانبول، 1333ه؛ الكندي، محمد، بيان الشرع، القاهرة، 1404ه/1984م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسيم، تق : موسى الشبيري الزنجاني، قم، 1407ه؛ النرشخي، محمد، تاريخ بخارا، تق : مدرس رضوي، طهران، 1351ش؛ النسفـي، عمر، القند في ذكر علماء سمرقند، تق : نظر محمد فاريابي، مكتبـة الكوثر، 1412ه/1991م؛ نظام الملك، حسن، سير الملوك، تق : دارك، طهران، 1347ش؛ نينغ، تشو، القوميات المسلمة في الصين، تج : وجيه هوادي تشينغ، بكين، 1988م؛ ياقـوت، البلـدان؛ اليعقوبـي، أحمد، تاريخ، بيـروت، 1379ه/1960م؛ وأيضاً:
Akiner, Sh., Islamic Peoples of the Soviet Union, London, 1986; Barthold, W.W., «ocherk istorii Semirech’ya», Raboty po otdel’nym probleman istorii Sredneï Azii, Moscow, 1964, vol. II(2); id, «Okhristianstve v Turkestane…» ibid, vol. II(1); Répertoire chrono- logique d’ épigraphie arabe , ed. E. Combe et al., Cairo , 1943-1944.
أحمد پاكتچي/خ
إن دراسة انتشار الإسلام في بلاد مابينالنهرين بحاجة، كما هو الحال بالنسبة إلى المناطق الأخرى، إلى دراسة الأوضاع السياسية و الاجتماعية في المنطقة و التحولات التي أحدثتها الفتوح الإسلامية باعتبارها المرحلة الأولى منها؛ خاصة و أن القسم الرئيس من بلاد مابينالنهرين كان دوماً موضع نزاعات و حروب بين إيران والإمبراطورية الرومية، و أن شرق بلاد مابينالنهرين و جنوبه، أي العراق كان يعد لفترة طويلة جزء من رقعة الإمبراطورية الإيرانية فكانت قبائل هذه المناطق و حكامها تخضع لنفوذ إيران وتدفع الخراج لها. و دراسة هذه الأوضاع من شأنها أن تقدم لنا صورة و لو مختصرة عن انتشار الإسلام في المنطقة. و قد كان العراق منذ ماقبل الإسلام كما كان الحال بالنسبة إلى الشام، موطن العرب الذين كانت تربطهم علاقة وثيقة نسبياً مع قبائل شبه الجزيرة العربية و شمال بلاد مابينالنهرين. و مع كل ذلك، فإن إطلاق اسم إيرانشهر على السواد، أو العراق مأخوذ من اسم إيرج بن فريدون، أو تعريب «إيراه» إلى العراق (ياقوت، 3/ 629؛ أيضاً ظ: المسعودي، 37؛ ابن خرداذبه، 5)، و تدل الأسماء الإيرانية لمدن العراق ــ و التي مايزال بعضها متداولاً حتى الآن ــ على أن هذه المنطقة كانت إيرانية منذ قرون طويلة قبل الإسلام؛ فنحن نعلم أن المستوطنات و المعسكرات الإيرانية ظهرت في بلاد مابينالنهرين منذ القرن 3م على الأقل، حيث كانت بعض الأسر الأرستقراطية تديرها في الغالب (مورني، 41-42) و كانت بمثابة سد أمام هجمات الروم و كذلك الأعراب البدو. و في هذه المنطقة كانت دولة الحيرة العربية و الأسرة الحاكمة لها و المعروفة باسم اللخميين، أو المناذرة و التي كانت تدفع الخراج إلى الساسانيين و تتبعهم، و كذلك بعض القبائل العربية مثل بعض أرهاط تغلب و ربيعة و طي و إياد تعتبر أهم خط دفاعي لإيران في غربي البلاد (الطبري، 2/201- 218؛ نولدكه، 503، 506-507، 510). و لكن بعض الأحداث الكبيرة كانت تهدد سيادة الإيرانيين على هذه المنطقة. فقد كان انسحاب كسرى أبرويز أمام الروم وانقراض دولة اللخميين في الحيرة العامل المهم لضعف إيران في هذه المنطقة و قد كان السبب الرئيس لزوال اللخميين غالباً النزاعات الداخلية بين بعض نبلاء عرب الحيرة والأسرة الحاكة فيها (الطبري، 2/196-205). فقد أزال انقراض اللخميين مانعاً كبيراً أمام القبائل العربية و انتهى الأمر بالحرب بين الإيرانيين والشيبانيين في ذي قار، حيث أدى ذلك إلى هزيمة إيران و زوال هيبة هذه الدولة في بلاد مابينالنهرين و قد ألف العرب القصص في هذا المجال، و تشجعوا منذ ذلك الحين لأن يشنوا هجمات مباشرة على الإيرانيين في بلاد مابينالنهرين (م.ن، 2/193-212؛ نولدكه، 491، 504-507، 510).
و قد كانت الاضطرابات الداخلية في إيران و هجمات الشعوب الشرقية و كذلك فيضان دجلة و تحطم السدود و تكبد الخسائر الفادحة من الأحداث الأخرى التي فتحت المجال للعرب للهجوم على جنوب بلاد مابينالنهرين. و عندما مات كسرى أبرويز واندلعت النزاعات الداخلية في إيران، لميكونوا يرون أمامهم أي مانع في هذه المنطقة (الطبري، 3/371-372؛ أيضاً ظ: تقيزاده، 13-14، 18-19) فكانوا يغيرون في العراق على القرى و ينبرون لجمع الغنائم. و في هذه الفترة وقعت أحداث الردة و اعتناق النبلاء الإيرانيين في اليمن للإسلام و الحرب ضد المرتدين، حيث لمتكن هذه الأمور عديمة التأثير في انتشار الإسلام في بلاد مابينالنهرين و قد فتحت المجال للمسلمين لدخول هذه المنطقة (الطبري، 3/ 229-236، 318-324؛ ابن الأثير، 2/336 و ما بعدها؛ قا: البلاذري، 105-107).
سار خالدبنالوليد بعد القضاء على المرتدين إلى العراق بأمر أبيبكر، حيث أمره الخليفة بأن يبدأ هجومه من الأبلة (الطبري، 3/343-344). و نحن لانعلم بالضبط لماذا كلف خالد بالحرب في العراق. و لعل قادة الدولة الإسلامية و المسلمين كانوا يريدون أن يوحدوا القبائل العربية في هذه المنطقة أيضاً تحت راية الإسلام ولنشره، كما حدث في هجوم المسلمين على الشام و القبائل العربية المسيحية فيه فلا شك في أنهم كانوا مدفوعين بمثل هذه الدوافع أيضاً. و في الحقيقة فإن المسلمين و قادة الدولة الإسلامية كانوا يعتبرون الجهاد و نشر الإسلام واجبهم تأسياً بالنبي الأعظم (ص) الذي كان يدعو للإسلام باعتباره ديناً عالمياً. و مما يؤيد ذلك أن النبي (ص) كان يسعى من أجل نشر الإسلام خارج حدود الجزيرة العربية فبعث كتباً إلى ملوك دول ذلك العصر، كما انشغل بالدعوة بين القبائل العربية القاطنة في حدود الشام. و قد كان الخلفاء أيضاً يتبعون هذه السياسة و يبدو أن حروب الردة أخرت من جهة هذه المسيرة، و تحولت من جهة أخرى بعد فترة إلى أحد عوامل نفوذ الإسلام. و إذا ماصح أن أبابكر أمر خالداً بأن يتبع سياسة المداراة في العراق مع الإيرانيين (ن.ص)، فسيكون هذا دليلاً آخر على أن هدفه كان على الأقل نشر الإسلام بين عرب بلاد مابينالنهرين في رقعة حكم إيران. و بناء على ذلك فإن تركيز قوة العرب المسلمين و تحريكها لنشر الإسلام و سيطرة العرب يمكن أن يكون من العوامل الرئيسة لهذا الهجوم. و بالطبع فإن من غير الممكن تجاهل الأهداف الاقتصادية و الحصول على الغنائم. و مع كل ذلك، فإن الحرب المباشرة مع الساسانيين لمتكن هي المقصودة في البدء على الأقل، رغم أن هجوم المسلمين على بلاد مابينالنهرين كان لابد و أن يتصادم مع مصالح الإيرانيين المادية و المعنوية، و يجعل الحرب أمراً لايمكن اجتنابه، و لذلك، فقد استبق الخليفة الأحداث بشكل ما من خلال إرسال خالد. و مع كل ذلك، و على الرغم من بعض الشواهد، فقد اعتبر بعض الكتّاب العوامل الجغرافية و الاقتصادية و الاجتماعية أقوى العوامل بين دوافع المسلمين في الهجوم على بلاد مابينالنهرين، معتبرين هدف نشر الإسلام عاملاً ثانوياً (فلوتن، 14-15؛ ظ: دروزه، 63-64؛ دنيت، 48؛ كمال، 329، 334).
وقبل دخول خالد العراق، أغار المثنى بن حارثة رئيس الشيبانيين و سويد بن قطبة الذهلي من بكربنوائل و الذين كانا قد أرسلا في عهد النبي (ص) ممثلين إلى المدينة، و اعتنقا الأسلام (دروزه، 68)، على الحيرة و الأبلة. و مع انتهاء حروب الردة، استأذن المثنى أبابكر في الهجوم على الإيرانيين في العراق، فوافق، و بعث خالداً، و أمر المثنى بالامتثال لأمره (البلاذري، 241؛ الدينوري، 111-112؛ الطبري، 3/343-345؛ زرينكوب، 291). و بغض النظر عن الفائدة التي يستتبعها نشر الإسلام بهذا الأسلوب، يجب القول إن موافقة أبيبكر على اقتراح المثنى، وإرسال جيش إلى العراق، من المحتمل أن يكون مصدرهما أخذ الخليفة بعين الاعتبار أن إطلاق يد العرب ذوي النزعة العدوانية في الجزيرة العربية و خاصة في الحجاز من شأنه أن يؤدي إلى الفتنة و الاضطرابات الداخلية، و يعرض الدولة الإسلامية الفتية للخطر. و مما يمكن أن يؤيد هذا المعنى النزاعات و الحروب الداخلية التي حدثت بُعيدها منذ عهد عثمان و خاصة عهد الإمام علي (ع).
و على أي حال، فإن هناك روايات مختلفة و متناقضة أحياناً حول أولى المناطق التي هاجمها خالد و المثنى. و قد قيل إن مذعور بن عدي العجلي و سويد بن قطبة الذهلي أمرا أيضاً من قبل أبيبكر بالحرب، و هاجما من جهة أخرى ولاية السواد (البلاذري، 241-242). و استناداً إلى إحدى الروايات، فقد تصالح خالد في البدء مع رؤساء قرى بانقيا و باروسما و أُلّيس، على الجزية؛ و استناداً إلـى روايـة أخـرى، فـقـد تـمـت السيـطـرة عـلى مستـوطنـات و معسكرات درنى و زندورد و هرمزدجرد، وخفان و أليس بالحرب و تراءت الحيرة أمام الفاتحين (م.ن، 241-243؛ الطبري 3/343-346؛ قا: أبويوسف، 157؛ عن مماشاة أمراء الحيرة للمسلمين، ظ: نولدكه، 551، الهامش).
كما ذكر أن خالداً هزم الإيرانيين في ذات السلاسل أولاً (الطبري، 3/ 348-349) ثم استولى على الأبلة بعد ذلك (قا: م.ن، 3/350؛ ابن الأثير، 2/385-386). و التحق خالد، على مايقول قدامة بسويد بن قطبة في منطقة الخريبة عن طريق الحيرة و فتح الأبلة (ص 364). و ذكر البلاذري أن معركة الأبلة كانت أولى معارك المسلمين في هذه المنطقة (ص 241؛ قا: قدامة، 365) ثم اتجه خالد بعدها إلى الحيرة. و بعد السيطرة على الحيرة حدثت عدة معارك أخرى نذكر من بينها معارك المذار و الثني و الولجة بين المسلمين و الإيرانيين و حلفائهم المسيحيين انتصر خالد فيها كلها و ذهب إلى الحيرة مرة أخرى (الطبري، 3/351-354). و قد أبقى خالد في هذه الهجمات بأمر أبيبكر الفلاحين الذين لميحاربوا المسلمين، و لكنه فرض عليهم الجزية، و إنهم اعتنقوا الإسلام تدريجياً فـي عصر الأمويين (م.ن، 3/350، 352، 354؛ دنيت، 66).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode