الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و في 1197ه‍/1783م خلال عهد حكم كاترين الكبرى، استولى الجيش الروسي على القرم و ضموها إلى أرض روسيا (بازورث، 240). و بعد ضم القرم إلى روسيا، منح مسلمو القرم حرية أداء الفرائض الدينية. و أصبحت القرم تتمتع بمفتٍ مستقل خاص بها. كان مفتي القرم تابعاً لمفتي التتار في أطراف الفولغا. أطلق على محافظة القرم اسم تافري منذ 1198-1206ه‍/1784-1792م، أصبحت حاضرتها مدينة آق مسجد في 1217ه‍/1802م. و قد كانت هذه المدينة قد أحرقها الروس قبل ذلك في 1149ه‍/1736م، و هـي نفسها التي سميـت فيما بعد سيمفروپل (بارتولـد، ن.ص). و لم‌تفقد قيادة مسلمي منطقة القرم و شمال البحر الأسود اقتدارها حتى بعد ضمها إلى روسيا. و ظل شيخ الإسلام العثماني على رأس المناصب الدينية في هذه المنطقة، بحيث كانت الخطبة تقرأ لفترة طويلة باسم السلاطين العثمانيين في المساجد.

و مع ذلك، فقد تمت مصادرة أفضل أراضي هذه المناطق منذ السنين الأولى لحكم الروس، لصالح الإقطاعيين الروس، و لم‌يتبق للمسلمين المحليين (التتار) سوى أراض جافة و قاحلة. و لذلك بدأت فترة الهجرة. و هجر أكثر من مليون مسلم ديارهم في الفترة بين السنوات 1197-1331ه‍/1783-1913م، و رحلوا إلى آسيا الصغرى (بنيغسن،41). و بعد 100 سنة من حكم الروس تقلص عدد التتار في القرم إلى حد ملفت للنظر و بلغ 200 ألف نسمة (آكينر، 88). وفي 1944م، تم نفي 111,194 شخصاً من التتار منهم نساء و أطفال و شيوخ بتهمة واهية هي الخيانة و التعاون مع الألمان و ذلك على أثر خروج الألمان من الاتحاد السوفياتي. وقد فقد 46٪ من هذا العدد حياتهم خلال النفي إلى سيبريا والأورال وقزاقستان و آسيا الوسطى (م.ن، 89). و في 1967م تم رد الاعتبار رسمياً لهم، و لكن الكثير ممن كانوا قد عادوا إلى وطنهم لم‌تكن لهم أماكن للسكن. و منذ 1946م حل المهاجرون الروس والأوكرانيون محل التتار المسلمين. فهدمت المساجد وتغيرت أسماء الأماكن. و قدر العدد الحالي للتتار في القرم 500 ألف نسمة يعيش أغلبهم في طشقند و سمرقند (ن.ص). تتار القرم مسلمون يتبعون المذهب الحنفي. فالذين عادوا إلى أراضيهم يتبعون مركز أوفا الديني، فيما يتبع الآخرون المركز الديني في آسيا الوسطى و قزاقستان في طشقند (م.ن، 93).

 

الإسلام في شمال بحر آزوف و منطقه فولغا الوسطى

كانت هذه المنطقة جزء من منطقة المخيم الذهبي الواسعة و هي تضم الآن أراضي القزاق في حوالي نهر الدون، و التتار و الباشقير والجوفاش و الأودمورت و القوميات الأخرى. و قد كان أهالي بعض نواحي هذه المنطقة منذ القرن 4ه‍/10م مسلمين كالبلغار (ظ: ن.د، ابن فضلان) و أسلم البعض الآخر فيما بعد. و أدت هجرة القوميات و الحروب المتتالية إلى أن يحل أحياناً قوم محل آخرين. وقد أحدث هذا الوضع تحولات في المعتقدات الدينية والخصائص القومية لسكان المنطقة. و على سبيل المثال يمكن ذكر ميناء أزاق إلى جانب مصب نهر الدون و الذي سمي آزوف باللغة الروسية. كانت مدينة أزاق في البدء مركز نشاط الجنويين ثم البنادقة في القرن 8ه‍/14م (بارتولد، III/313). ثم أصبحت في عهد الأتراك منطقة مسلمة (ابن بطوطة، 2/ 368-371). و في 797ه‍/1395م دمر تيمور المدينة. و منذ 880ه‍/475م سيطرت الدولة العثمانية على أزاق. و في 1047ه‍/1637م كان جميع أهالي المدينة مسلمين. ومن بعد ذلك تعاقب عليها العثمانيون و الروس حتى سيطر عليها الروس أخيراً. و بازدهار مدينة روستف، فقدت أزاق أهميتها كمدينة إسلامية (بارتولد، ن.ص).

كانت المنطقة التي تسمى اليوم تتارستان، موطناً للشعوب المجرية حتى القرن 3ه‍/ 9م. ثم دحر البلغار في منطقة الفلولغا الوسطى، المجريين فيما بعد إلى نهرالدانوب. و في القرون 4-8ه‍/10-14م كان البلغار يسيطرون على هذه المنطقة. و قد بنى البلغار قلعة قازان (غازان) عاصمة جمهورية تتارستان التي تتمتع بالحكم الذاتي في 573ه‍/1177م (BSE3,XXV/288,289). و مع هجوم المغول هاجر عدد كبير من القوميات التركية التي كانت قد سميت بالتتار إلى هذه المنطقة (ن.م، XXV/289؛ بارتولد، V/560). تحد جمهورية تتارستان من الشمال جمهوريتا ماري وأودمورت اللتان تتمتعان بالحكم الذاتي، و من الشرق باشقيرستان و من الغرب جمهورية جوفاش التي تتمتع بالحكم الذاتي. وجميع هذه الجمهوريات هي جزء من جمهورية روسيا الاتحادية (آكينر، 60).

اعتنق التتار الإسلام بشكل نهائي في عهد السلطان محمد أوزبك حاكم المخيم الذهبي (م.ن،57). ذكر ابن‌بطوطة أن المنطقة الخاصة لحكم أوزبك‌خان هي منطقة مسلمة، وكتب أن هذا الملك يتمتع ببلاد كبيرة و قوة هائلة وأنه في حالة جهاد دائم مع أعداء‌الله (2/381-382). حارب الروس لسنوات طويلة مسلمي هذه المنطقة، و استولوا أخيراً على قازان في 959ه‍/1552م وقتلوا الرجال (بارتولد، III/441). وبسقوط أستاراخان (حاجي طرخان) وقازان، خضع التتار الذين كانت تتملكهم النزعة التوسعية لما يقرب من 300 سنة، فجأة لتسلط الروس (آكينر، ن.ص).

و بذل الروس جهوداً كبيرة لدفع الأهالي التتار إلى تغيير دينهم و اعتناق الديانة المسيحية. فهدموا المساجد، و صادروا أموال الأهالي، و نفوا الكثير منهم. و مع ذلك، فإنهم لم‌يحققوا نجاحاً (ن.ص). و على عكس توقعات الروس، فقد نشر التتار الإسلام بين الباشقير في الأورال و القبائل من سكان الغابات في غرب سيبريا (بنيغسن، 100).

أقدم المسلمون على الجهاد من أجل المحافظة على دار‌الإسلام. و قد حدثت أولى ثورات التتار بعد سنة من سقوط قازان في 960ه‍/1553م بقيادة شخص يدعى سيد حسين استمرت 4 سنوات، و انتهت أخيراً باعتقاله و إعدامه. و منذ 979-1019ه‍/1571-1610م ثار التتار المسلمون عدة مرات و لكنهم قمعوا بقسوة (بنيغسن، 111). كما حدثت بعض الثورات في القسم الأسفل من الفولغا منها ماحدث في 1089ه‍/ 1678م و في 1117-1134ه‍/1705-1722م بقيادة كوجوك سلطان، وحركة 1148ه‍/ 1735م بقيادة كيلميت أبيز و سلطان آقاي. وفي 1150ه‍/1737م بدأت عشائر الباشقير و القزاق سلسلة من الثورات. و قمعت ثورة أخرى بقيادة السلطان باي بولات بعد سنتين من الحرب في 1155ه‍/1742م. و بعد فترة أعلن الباشقير تمردهم بقيادة الملاباتير باشا في 1168ه‍/1755م و لكنهم لم‌ينجحوا في ذلك (م.ن، 111، 112).

كان تتار الفولغا مع الباشقير و الجوفاش أول المسلمين الذين خضعوا للحكومة الروسية. ومع ذلك، فقد بقوا ثابتين على معتقداتهم الإسلامية. و تتبع الأغلبية الساحقة من التتار المذهب الحنفي. و خلال القرون 10-12ه‍/16- 18م غيّر عدد قليل منهم دينهم إلى المسيحية. ولكن عدداً كبيراً منهم عادوا إلى الإسلام في أواخر القرن 19 و أوائل القرن 20م (آكينر، 67).

كانت القومية الجوفاشية معروفة في أوئل القرن 4ه‍/10م. ويبدو أن ‌ابن‌فضلان اصطدم مع الجوفاش في منطقة الفولغا، وأطلق عليهم اسم السواس (السواز) (ص 140). و مع الأخذ بنظر الاعتبار أوضاع المنطقة، فإن من المحتمل أن يكون السواز هم نفسهم الجوفاش. و المنطقة التي يسكنها الآن الجوفاش، كانت كالمناطق المجاورة لها، تخضع لسيطرة البلغار في منطقة الفولغا وكاما (BSE3,XXIX/240). و يحتمل أن يكون الجوفاش قد اعتنقوا الإسلام تبعاً للبلغار (ابن‌فضلان 140-141). و في القرن 7ه‍/13م خضعت المناطق المذكورة لسيطرة المغول. و خضع البلغار و سكان المنطقة لتبعية المخيم الذهبي بعد تأسيسه. وفي القرن 9ه‍/ 15م أصبح الجوفاش تابعين لسلطنة قازان بعد حدوث الانشقاق في المخيم الذهبي (BSE3، ن.ص). و في 958ه‍/1551م قبل الجوفاش أن تكون من من سهم تابعية روسيا و في 959ه‍ قدموا الدعم لإيفان المخوف خلال هجومه للاستيلاء على قازان (ن.ص).

و في القرنين 12و 13ه‍/ 18و19م اعتنقت مجموعة من الجوفاش الديانة المسيحية تبعاً للروس، و أصبحوا تابعين للكنيسة الأرثوذوكسية. و لكن مجموعة أخرى منهم ظلت متمسكة بالإسلام. و بعد بيان 17 نيسان 1905، حيث أعلنت الحرية الدينية في روسيا، عادت مجموعة من المسيحيين الجوفاش إلى الإسلام. و يعد المسلمون الجوفاش من أهل السنة، و هم يتبعون المرجعية الدينية في القسم الأوروبي من روسيا وسيبيريا و مقرها في مدينة أوفا (آكينر، 77).

ظهر أهالي جمهورية باشقيرستان التي تتمتع بالحكم الذاتي نتيجة اختلاط القبائل الفنلاندية ـ الأويغورية و قبائل القبجاق، و القزاق، و بلغار منطقة الفولغا، و القراختائيين، و غيرهم (BSE3,III/67؛ آكينر، ن.ص). ذكر الباشقير في رسالة ابن فضلان باسم الباشغرد، و قد كانوا يعبدون آلهة كثيرين (ص 107-109). و سماهم الإصطخري البسجرت (ص 225). و يحتمل أن يكون الباشقير قد اعتنقوا الإسلام قبل تأسيس المخيم الذهبي بفترة طويلة (آكينر، 78). و في أوائل القرن 7ه‍/13م انضم الباشقير إلى المخيم الذهبي، و لكنهـم رضخوا لفترة بعد سقوطه لتبعية حكام قازان و نوغـاي و سيبيريا (BSE3، ن.ص).

و في أواسط القرن 10ه‍/16م هزم الروس الباشقير. و في 982ه‍/1574م أسس الروس معسكراً في أوفا العاصمة الحالية لباشقيرستان و بعد مدة أصبحت أوفا مدينة و مركزاً إدارياً (آكينر، 77-78). ثار الباشقير في 1188ه‍/1774م ضد الروس بقيادة صلوات يولايوف و لكنهم قمعوا بقساوة (ن.ص). غالبية الأهالي الباشقير مسلمون يتبعون المذهب الحنفي. و قد اعتنق عدد منهم المسيحية في القرن 16- 18م، و لكن مجموعات كبيرة منهم عادت إلى الإسلام في القرن 19م. يقع الآن المركز الديني للقسم الأوروبي من روسيا و سيبيريا في مدينة أوفا (م.ن، 85-84).

 

المصادر

ابن بطوطة، محمد، رحلات، تق‍ : شارل دفرمري وب. ر. سانغينتي، فرانكفورت، 1414ه‍/1994م؛ ابن بي‌بي، الحسين، الأوامر العلائية في الأمور العلائية، تق‍ : عدنان صادق أرزي، ليدن، 1956م؛ ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفيسة، ليدن، 1891م؛ ابن فضلان، أحمد، رسالة، تق‍ : سامى الدهان، دمشق، 1379ه‍؛ أبوعبيد البكري، عبدالله، المسالك و الممالك، تق‍ : فإن ليوفن و فيري، تونس، 1992م؛ أبوالفداء، تقويم البلدان، تق‍ : دي‌‌سلان، باريس، 1840م؛ الإصطخري، إبراهيم، المسالك و الممالك، ليدن، 1927م؛ بازورث، ك. ا.، سلسله‌هاي إسلامي، تج‍ : فريدون بدره‌إي، طهران، 1371ش؛ بنيغسن، إلكساندر و مري براكس آپ، مسلمانان شوروي، گذشته حال و آينده، تج‍ : كاوه بيات، طهران، 1370ش؛ الدمشقي، محمد، نخبة الدهر، تق‍ : مرن، لايبزك، 1923م؛ القلقشنـدي، أحمـد، صبح الأعشـى، القاهـرة، 1383ه‍؛ كستلـر، آرتـور، خـزران، تج‍ : محمـد علـي مـوحـد، طهـران، 1361ش؛ المسعودي، علـي، مروج الذهـب، تق‍ : شارل پلا، بيروت، 1965م؛ و أيضاً:

 

Akiner, Sh., Islamic Peoples of the Soviet Union, London/New York, 1986; Artamonov, M.I., Istoriya Khazar, Leningrad, 1962; Barthold, W.W., Sochineniya, Moscow, vol. III, 1965, vol. V, 1968, vol. VI, 1966; BSE3; Sovetskiĭ entsiklopedicheskĭ slovar, ed. A.M. Prokhorov, Moscow, 1987.

عنايت الله رضا/خ.

 

الإسلام في الصين و جنوب شرقي آسيا

 

في الصين

رغم أن بلاد الصين الأصلية من أقصى تركستان حتى سواحل بحر الصين، لاتعتبر جزء البلاد الإسلامية، و لكنها ضمت دائماً طيلة 13 قرناً، عدداً كبيراً نسبياً من المسلمين، وعكست في تاريخها بوضوح دور العنصر الإسلامي في تحولات البلاد، و استناداً إلى المصادر الصينية التقليدية، و حسب الشواهد التاريخية، فقد دخل الدين الإسلامي طيلة القرون الهجرية الأولى بلاد الصين بأسلوب سلمي، و عن طريق التجار في الغالب، وذلك من جهتي الجنوب و الشمال؛ رغم أننا يجب أن نعتبر طريق الجنوب البحري أكثر تقدماً من الناحية الزمنية من طريق البر.

 

في عصر تانغ

بدأ اتصال الصينيين بالدين الإسلامي متزامناً مع حكم سلالة تانغ الوسطى (حك‍َ 5- 138ه‍(، حيث كانت قد جاورت الخلافة الإسلامية منذ 96ه‍، بعد فتوح قتيبة المظفرة في بلاد ماوراء‌النهر، في الحدود الشمالية الغربية من البلاد. و رغم أن قتيبة كان يفكر في البدء في توسيع الفتوح حتى عاصمة إمبراطور الصين، و لكنه سرعان ماترك هذه الفكرة، و أقر حالة دائمة من الهدوء على حدود الصين مع المسلمين عبر إرسال وفد برئاسة هبيرة بن مشمرج الكلابي في 96ه‍ )ظ: الطبري، حوادث عام 96؛ ابن الأثير، 5/5 وما‌بعدها).

و استمرت تجارة العرب و الإيرانيين مع موانئ الصين الجنوبية دون توقف في القرن الأول الإسلامي كما كان حالها في السابق، مما هيأ الأرضية لظهور المستوطنات المسلمةعلى الشريط الساحلي الجنوبي، و لم‌تبالغ الأساطير الصينية حول كيفيه دخول الإسلام هذه البلاد، على الأقل فيما يتعلق بأن هذا الدين دخل أولاً ميناء كانتون في القرن الأول الهجري؛ و لكن مما لايمكن قبوله تاريخياً ذكر أسماء أشخاص مثل سعد بن أبي وقاص ــ حيث مايزال هنـاك قبر باسمه معروف في كانتون ــ أو شخص أسطوري يدعى وهباً أبا كبشة من أقارب النبي (ص)، باعتبارهما أول الدعاة إلى الإسلام في هذه البلاد (ظ: هارتمان، 889؛ أفشار، 510-511).

و استناداً إلى كتاب «تاريخ سلالة مينغ»، فقد كان التجار المسلمون يقدمون إلى الصين عن طريق البحر منذ سنة 10ه‍/631م، و كان البعض منهم قد استوطنوا في ميناء غوانغتشو (كانتون) و تشيوانتشو (الزيتون) و هانغتشو (الخنساء) (نينغ، 8). ويعتبر عمود في مسجد «سينغان فو» الرئيس أول وثيقة حية في هـذا المجال، حيث أقيم هذا العمود في السنة الأولى من حكـم تين ــ پاو استناداً إلى الكتابة الموجودة عليه؛ و هو التاريخ الذي تجب معادلته بسنة 742م/124ه‍ حسب رأي برومهال.

كانت سنوات اقتدار سلالة تانغ المتأخرة (حك‍ 128-294ه‍)، سنوات ازدهار التجارة البحرية، و ذروة انتشار الإسلام في جنوب الصين. و قد اعتبرت المصادر الصينية علاقات الإمبراطور مع خليفة المسلمين ودية إلى درجة بحيث أنها ذكرت في رواية لم‌يتم تأييدها في مصادر الغرب، إرسال الخليفة المنصور (حك‍ 136- 158ه‍ ( لمجموعة عسكرية قوامها 4 آلاف جندي لمساعدة الإمبراطور في مواجهة المتمردين، حيث كافأه الإمبراطور بأن سمح لهؤلاء الجنود بالسكن في مدن البلاد الرئيسة (ظ: هارتمان، ن.ص). و يدل حضور علماء و محدثين ذوي أصول صينية، أو ساكنين في الصين، مثل أبي عمر الصيني في النصف الأول من القرن 2ه‍ (ظ: ابن حجر، 12/176-177، رواياته في سنن النسائي) و المحدث الشيعي، إبراهيم بن إسحاق الصيني (ظ: السمعاني، 3/577- 578، لرواياته، ظ: فرات، 148؛ أبونعيم، 1/63؛ الذهبي، 1/ 18) في النصف الثاني من نفس القرن، و في القرن التالي حميد بن محمد الصيني (ظ: السمعاني، ن.ص)، على حقيقة أن نفوذ الإسلام في تلك المنطقة كان مقترناً مع النشاطات الثقافية أيضاً.

و قد بلغت مكانة المسلمين المهاجرين في الثلاثينيات من القرن 3ه‍ في كانتون (خانفو)، من القوة و الثبات بحيث أن الإمبراطور ولى رجلاً مسلماً من المهاجرين لإدارة أمورهم، حتى إنه قرأ الخطبة باسم خليفة المسلمين (ظ: سليمان التاجر، 35). بل إن لويتسكي يرى أن مجموعة من الإباضيين كانوا من بين هؤلاء المهاجرين (ص 173-186)؛ و على أي حال، فقد بلغنا خبر سفر اثنين من الإباضيين من أهل العلم و هما أبوعبيدة عبدالله بن القاسم و نظر بن ميمون في القرن 2ه‍ إلى الصين (ظ: الشماخي، 1/87؛ لويتسكي، ن.ص، عن نظرية تواجد جماعة من المسلمين في جزر فان، ظ: إمام الدين، 273-274،260؛ قا: الدمشقي، 287)

كانت الستينيات من القرن 3ه‍، عهد ثورات داخلية في الصين و ضعف سلالة تانغ. و في هذه الفترة، استولى شخص يدعى هوانغ تشاو (يانشو في المصادر الإسلامية) الذي كان قد بدأ ثورة واسعة من هونان، على كانتون (خانفو) في 264ه‍؛ و قد قتل عدداً من الأهالي و منهم المسلمون، و عرض التجارة البحرية لمخاطر كبيرة، و قد كان ذلك بداية انقطاع التجارة البحرية للمسلمين مع الصين، حيث استمر هذا الانقطاع طويلاً (لانعكاس الموضوع في المصادر الإسلامية، ظ: أبوزيد، 59-61؛ المسعودي، 1/156-157؛ قا: القرماني، 615).

و رغم عدم وجود معلومات مهمة عن نفوذ الإسلام في مناطق الصين الشمالية في عهد تانغ، لكننا نعلم أن التجار المسلمين كانوا يترددون من الشمال إلى الجنوب (مثلاً ظ: أبوزيد، 79؛ أيضاً لدراسة كلية، ظ: دريك، «الإسلام في عصر سلالة تانغ»).

 

في عصر سونغ

خلال الحديث عن انتشار الإسلام في الصين في عهد مابعد تانغ، يجب اعتبار العلاقات العلمية و الثقافية الواسعة بين الصينيين و البلدان الإسلامية من كلا الجانبين، عاملاً أساسياً إلى جانب عامل التجارة. وقد استمرت هذه العلاقات في العصر المعروف بـ «الممالك الخمس و الممالك العشر» (294-349ه‍( و كذلك في عهد سونغ (349- 678ه‍(. ويمكننا أن نذكر من بين علماء الغرب المقيمين في الصين، أبا العباس الحجازي الذي سافر قبل 512ه‍ إلى الصين و الهند و أمضى 40 سنة فيهما (ظ: أبو حامد، 106). كما يجب أن نذكر العالم الأندلسي سعد الخير الأندلسي (تـ 541ه‍) الذي كانت ابنته من المحدثين الكثيـري الأسفار و المعروفين، قد ولدت في الصين فـي522ه‍ (ظ: السمعاني، 3/ 578؛ ابن نقطة، 2/323-324). و لم‌يكن نطاق هذه العلاقات مقتصراً على علم خاص، بل وحتى مذهب خاص، فقد كان قد جذب عدداً من البوذيين و المانويين في الصين إلى مراكز العالم العلمية (مثلآً ظ: ابن النديم، 18-19).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: