الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

ج ـ النبوة

اشتقت كلمة النبي من «نبأ» و لذلك سمي الرسول نبياً لأنه ينبىٔ عن الغيب. و يسمي القرآن هذا الإدراك الغيبي «الوحي» و المدرك نبياً، أو رسولاً. و الوحي هو نوع من حديث اللـه مع الإنسان و تتوقف عليه النبوة (النساء/4/163). و الهدف من الوحي تحذير الناس و خاصة تحذيرهم من يوم القيامة. فلو لم‌يتم الإنذار حول يوم القيامة لما أثمرت أي دعوة دينية (الشورى/42/7؛ ظ: الطباطبائي، 18/17). و الوحي، أو الشعور الباطني للأنبياء لايتعرض أبداً للتغير و الفساد و لذلك فإن الأنبياء كلهم معصومون. و العصمة على 3 أنواع؛ العصمة من الخطأ في إدراك الوحي، و العصمة من الخطأ في إبلاغ رسالة الوحي، والعصمة من الذنب، أي مايؤدي إلى هتك حرمة العبودية وعصيان الأمر الإلٰهي. و على أي حال، فإن في الإنسان المعصوم شيئاً يصونه عن الوقوع في الأمور التي لاتجوز كالخطأ و المعصية (م.ن، 2/134).

و من خصائص الأنبياء الأخرى الإتيان بالمعجزة. و بعبارة أخرى، فإن القرآن يتحدث عن أحداث غير معهودة في المسيرة المشهودة في عالم الطبيعة. و هي المعجزات التي ينسبها القرآن إلى أنبياء مثل نوح و هود و صالح و إبراهيم و لوط و داود وسليمان و موسى و عيسى و محمد (ص) (م.ن، 1/74). و توجد بين الأنبياء درجات: فـ‍‌ « الرسول» هو الشخص الذي ينزل عليه ملك الوحي، و يرى الملك و يتحدث معه، و أما «النبي» فإنه يرى الملك في النوم، و يتلقى الوحي في النوم (م.ن، 14/391). ويتمتـع الأنبيـاء أولوالعـزم ــ نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ومحمد (ص) ــ بمرتبة خاصة من بين الأنبياء الآخرين. و كل نبي من هؤلاء الخمسة، له شريعة و كتاب (الأحقاف /46/35؛ الأحزاب /33/7؛ الشورى /42/13؛ الأعلى /87/19؛ المائدة /5/15). و أما نبي الإسلام محمد (ص) فإنه يتمتع بخصوصية ملفتة للنظر بين جميع الأنبياء. و تشير الآية 157 من سورة الأعراف (7) إلى 5 خصائص لنبوته. فقد كان الرسول النبي الأمي. و هو يأمرهم بالمعروف وينها‌هم عن المنكر و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم. و قد نفخ الروح و الحياة في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال الدين و الكتاب اللذين جاء بهما إلى الناس، و بلغ بهذا الإطار من مستوى دعوة جافة إلى مرتبة جهاد عالية في الأموال و الأنفس في سبيل اللـه. و الإسلام هو الدين الوحيد الذي بحث جميع الأمور المتعلقة بحياة البشرية، و قسمها إلى قسمين: الطيبات و الخبائث. و سمى القسم الأول الحلال والقسم الثاني الحرام. و الإسلام هو الدين الذي نسخ جميع الأحكام العسيرة التي كانت قد وضعت لأهل الكتاب و خاصة اليهود (الطباطبائي، 8/280- 288).

و من بين خصائص نبي الإسلام (ص) الأخرى هو أنه خاتم الأنبياء، و أن دين الإسلام هو خاتم الأديان (الأحزاب /33/40) وهذا يعني أن هذا الدين لم‌ينسخ أبداً، و أن شريعته ثابتة دوماً، وأن الكمال الفردي و الاجتماعي للإنسان هو بنفس المستوى الذي بينه القرآن، و وضعه على شكل شريعة (الطباطبائي، 2/132-133). و القرآن هو المعجزة الحية و الخالدة للنبي (ص). و هو أهم مصدر للدين الإسلامي و يشتمل على أهم أسس هذا الدين، أي أسس العقائد و العقائد المتفرعة منها بشكل ما؛ كما أنه يبين سنة الأخلاق الحسنة و عموميات القوانين الدينية و الشرعية وهو حسب تعبيره (الإسراء/17/ 9) يدعو إلى دين هو أفضل من أي دين آخر، و يهدي البشرية. و رغم أن الدين الإسلامي تعرض للاختلافات الداخلية و الانشقاقات المذهبية الكثيرة، إلا أنه لايوجد مسلم يشك في قدسية القرآن و قيمته، بحيث يمكن الاستناد إليه كأكثر الوثائق قيمة في إثبات أي ادعاء في الإسلام.

كان نزول القرآن على شكلين: دفعة واحدة، و تدريجي. وكلما دارالحديث في هذا الكتاب عن «الإنزال» فإن المقصود النزول دفعة واحدة، و حينما ذكر «التنزيل» أريد منه النزول التدريجي. ولعل النزول دفعة واحدة يعني أن القرآن الذي نزل على النبي (ص) خلال 23 سنة، يقوم على حقيقة غيبية كانت في الواقع الحقيقة التي نزلت عليه دفعة واحدة (الدخان/44/3؛ البقرة/2/185؛ القدر/97/1؛ الطباطبائي، 2/15-19).

و من المباحث الأخرى المتعلقة بالقرآن مسألة عدم تحريفه. فاستناداً إلى عقيدة المسلمين، لم‌يحدث أي تحريف في القرآن، فالقرآن الذي وصلنا اليوم هو نفسه الذي سمعه و كتبه كتّاب الوحي عن لسان النبي (ص) (ظ: الحجر/15/9؛ فصلت /41/42).

و من خصائص القرآن الأخرى أن له ظاهراً و باطناً. فلأن الإسلام لايحرم أي أحد من التعاليم الدينية (آل عمران/3/195/ الحجرات/49/13)، فقد بين القرآن تعاليمه ببيان سهل يفهمه جميع الناس. و بالطبع فإن استخدام هذا الأسلوب يستتبع أن يوحي ظاهر العبارات بمواضيع من جنس المحسوسات، فيما يبين القيم المعنوية الكامنة وراء الظواهر حسب الأذواق المختلفة. و النتيجة الأخرى لهذا الأسلوب هي أن البيانات القرآنية تكتسب بالنسبة إلى البواطن التي يشتمل عليها طابع المَثَل، أي الأمثال التي ضربت لتقريب المعارف الإلٰهية من الأفهام (الإسراء/17/89؛ العنكبوت / 29/43؛ ظ: الطباطبائي، 1/58-60).

و من أبعاد القرآن الأخرى أن له محكماً و متشابهاً. و المتشابه هو الآية التي لاتستقل بنفسها في إفادة مدلولها، و تتضح من خلال إرجاعها إلى المحكم. و في الحقيقة فإن جميع آيات القرآن محكمات و متشابهات في آن واحد (هود/11/1؛ الزمر/39/23؛ آل عمران/3/7). و يبدو من بعض الأحاديث أن المحكم و المتشابه نسبيان؛ أي غالباًما تكون الآية محكمة بالنسبة إلى شخص، ومتشابهة بالنسبة إلى آخر (الطباطبائي، 3/31-44). و الخصوصية الأخرى للقرآن هي أن له تأويلاً و تنزيلاً. و المراد من التأويل الأمر الذي يؤول إليه القرآن، و المقصود من التنزيل، المعنى الواضح و الحرفي للآية. و تصرح الآية 53 من سورة الأعراف (7) أن لجميع القرآن تأويلاً.

 

د.ـ المعاد

الاعتقاد بالمعاد هو أحد الأسس التي يقوم عليها الدين الإسلامي، و أحد الأركان المهمة له. و إنكار المعاد يستلزم إنكار الأمر و النهي، والوعد و الوعيد، و النبوة و الوحي، و يؤدي إلى إنكار و الاعتقاد ببطلان الدين الإلٰهي جملة و تفصيلاً. و يتعلق أكثر من ربع الآيات القرآنية بالمعاد بأشكال مختلفة؛ و عندما يدور الحديث في بعض الآيات عن أوصاف الكافرين، يُكتفى بالقول بأنهم لايؤمنون بالآخرة، رغم أنهم لم‌يكونوا يعتقدون بالتوحيد و النبوة (الإسراء /17/10). و هذا الأمر يدل على أنه لو أنكر شخص المعاد، فسوف لاتبقى للدين قيمة حتى و إن آمن بوحدانية اللّٰه و بالأصول الأخرى. و لذلك فقد وصفت الآية 26 من سورة ص (38)، نسيان يوم الحساب بأنه أساس الضلال (الطباطبائي، 10/15، 13/ 48-49). كما أن أعمال الإنسان المسلم الصالحة لاتكون لها نتيجة، إلاعندما يؤمن بالآخرة. فلو لم‌يؤمن شخص بهذا الأمر، فسوف تكون جميع أعماله الصالحة من باب العبث (النمل/27/53؛ الأعراف/7/147). و يعتبر الأجل و الموت أول مرحلة للوصول إلى عالم الآخرة و المعاد. و أجل الإنسان هو الوقت الذي تنتهي عنده حياته. و الإنسان لاينعدم عند الموت، بل ينتقل من العالم الدنيوي إلى العالم الآخر. و الموت هو وقت الرجوع إلى اللـه و تكون كيفيته بأن يقبض اللـه، أو الملائكة النفس (الـروح) مـن الجسم بشكل كامـل، و يمسكـوا بها (الزمـر/ 39/42؛ السجدة/32/11؛ الأنعام/6/61).

و يبدأ الإنسان بعد الموت حياة جديدة في عالم البرزخ، و هذا العالم هو المرحلة التي يجتازها الإنسان بعد الموت حتى القيامة (المؤمنون/23/100). و تدل بعض الآيات على أن الإنسان يتعرض في البرزخ للنعيم، أو العذاب البرزخي حسب السعادة، أو الشقاء الذي يتحصل من عمله في الدنيا (هود /11/105- 108؛ غافر /40/46؛ آل عمران/3/169-170). و أما القيامة فتبدأ مع النفخ في الصور. و للصور نوعان من الصيحة: المميتة، و المحيية. و عندما ينفخ في الصور أول مرة، يذهل جميع أهل الأرض و السماء (الملائكة)، سوى عدد خاص (الزمر/ 39/ 68). و على أثر هذه الصيحة تتقوض الدنيا، و تدك السماء و الأرض و يفنى أهلهما (الحاقة/69/13-15). و بذلك، يقترن قيام الساعة بأحداث كبيرة ومهيبة: انخساف الشمس و الكواكب و تشقق الأرض بفعل الزلزال، و تتفتت الجبال. و قد اعتبرت الروايات هذه الحوادث أشراط الساعة (ن.ع)، بل إن نظام العالم يتعرض للتغير يوم القيامة ليقوم نظام جديد في العالم. و يبدو من القرآن و الأحاديث أن جميع شؤون نظام الحياة يختلف في الآخرة عما هو عليه في الدنيا. وعلى أي حال، فعندما ينفخ في الصور النفخة الثانية، ينبعث الناس من القبور (يٰس/36/ 48-52) فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون (يٰس /36/51). فصعق من في السماوات و من في الأرض (الزمر/ 39/ 68). و هنا تبطل جميع الأسباب: فلاينفع مال (الحاقة/69/ 28)، و لاقرابة (عبس/80/34)، و لاموالاة (الدخان/44/41)، و لا أي حجة من هذا القبيل (الشورى/42/47). و تزول الحجب، و يتحد الغيب مع الشهادة (ق/50/22؛ الطارق/86/9؛ غافر /40/16).

و علينا أن نعلم هنا أن الكثير من الآيات و الروايات تصرح خلافاً لما يعتقده البعض من أن روح الإنسان هي التي تحضر في ساحة الحشر، بأن الإنسان سيحضر في ساحة القيامة ببدنه (ظ: الانفطار/82/4؛ الحج /22/7). فالآيتين 8 و9 من سورة الأعراف (7) تبين بصراحة أن أعمال البشر سوف توزن يوم القيامة و تكون الحسنات ثقيلة، و السيئات خفيفة. و لعل السبب في ذلك خلود الحسنات و زوال السيئات (الرعد/13/17). و ميزان العدل الإلٰهي هو الذي يزن هذه الأعمال (الأنبياء/21/47). و من البديهي أن أولئك الذين تكون أعمالهم ثقيلة في ميزان العدل، سيفوزون، ويدخلون الجنة، و الذين تخف أعمالهم، سيبتلون بالنار (المؤمنون /23/102-106).

و استناداً إلى الآيتين 13و14 من سورة الإسراء (17)، فإن جميع أعمال الإنسان مسجلة في كتاب، و معلقة في عنقه. وتتم محاسبة كل شخص على أساس صحيفة أعماله. و بعبارة أخرى فإن مايؤدي إلى سعادة الإنسان، أوشقائه يلازمه و لاينفصل عنه أبداً. و هذا الكتاب هو في الحقيقة أعمال الإنسان، حيث سيفتحه اللـه يوم القيامة و يريه إياه. و هذا الكتاب ليس كالكتب الدنيوية، ويتميز بخصائص منها أنه يشتمل على حقيقة الأعمال التي قام بها في الدنيا، و لايغادر صغيرة و لاكبيرة إلا أحصاها. وهكذا تتجسم الأعمال أمام عين الإنسان في المحكمة الإلٰهية؛ ذلك لأنه لاتوجد أية حجة أقوى من المشاهدة العينية. و هذا مايسد الطريق أمام العذر و الإنكار (الكهف/ 18/ 49؛ آل عمران /3/30؛ ظ: الطباطبائي، 13/54-55).

و «الصراط» هو مرحلة أخرى من مراحل القيامة. و المراد من الصراط الطريق الممتد فوق جهنم، أوداخلها (النساء/4/ 168-169؛ الصافات /37/22-25). و يمتد هذا الطريق على جميع أرجاء جهنم، و سوف يسير عليه جميع البشر، طيبهم و خبيثهم (مريم/19/68-72). و بالطبع فإن اللّٰه ينجي المتقين و يدخل المذنبين جهنم. ويجدر ذكره أن المذنبين لايدخلون كلهم جهنم و جميع أهل جهنم لايبقون فيها إلى الأبد. ففي المرحلة الأخيرة يُشْفَع للمذنبين. وتشمل هذه الشفاعة التي يقوم بها الأنبياء و الملائكة، حال بعض من دخلوا جهنم، و قضوا فيها فترة (الطباطبائي/1/162-183). وعلى أي حال، فإن جميع الناس لايرون في جهنم، أو الجنة سوى جزاء أعمالهم (يٰس/36/54). و قد وصفت الجنة في القرآن بالتمثيل و التشبيه (الرعد/13/35؛ محمد/47/15) و هي تتفق مع ما يحمل قيمة و اعتباراً لدى الإنسان، أي إنها وصفت بالكرامة والشرف و الفضيلة و الجمال و اللذات الحسية و مجالسة الطيبين و الوسيمين، فيما وصفت جهنم بصفات ينفر منها طبع الإنسان كالإحراق في النار، و البقاء بين الموت و الحياة (طه/20/74)، وشرب الماء المغلي، و أكل شجرة الزقوم (الدخان/44/43).

 

المصادر

إبراهيمي ديناني، غلام حسين، أسماء و صفات حق تعالى، طهران، 1375ش؛ إيزوتسو، توشي هيكو، خدا و إنسان در قرآن، تج‍ : أحمد آرام، طهران، 1368ش؛ الراغب الأصفهاني، الحسين، مفردات ألفاظ القرآن، تق‍ : صفوان عدنان الداودي، دمشق، دار القلم؛ الطباطبائي، محمد حسين، الميزان، بيروت، 1393ه‍/1973م؛ عنايت اللّٰه، «تفكر أعراب دردوران جاهليت»، تج‍ : حسين معصومي همداني، تاريخ فلسفه در إسلام، تق‍ : ميان محمد شريف، طهران، 1362ش، ج 1؛ القرآن الكريم.         

ناصر گذشته/خ.

 

العبادات و الآداب الدينية

إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن التوحيـد هو أهم أصل فـي الإسلام و الأديان السماوية الأخـرى ــ رغم أن بعض التحريفات قد نفذت فيه في الأديان السماوية الأخرى وكذلك في بعض الفرق و المذاهب الإسلامية، و كانت النتيجة الغلو و الإفراط من جهة، و الإهمال و التفريط من جهة أخرى ــ فالإسلام استحسن كل ما يهدي الإنسان إلى التوحيد والطاعة المطلقة للأوامر و النواهي، و استقبح كل مايؤدي إلى إنكار التوحيد و لوازمه، أو حدوث الخلل فيه.

و من بين مراحل التوحيد، التوحيد في العبادة، أي يجب اعتبار «العمل بالأركان» المكمل و المتمم للتوحيد بعد الاعتراف القلبي والإقرار بالشهادتين. و يجب أن تتم العبادة التي هي تنفيذ للأوامر الإلٰهية بقصد التقرب إلى اللـه، و التعبد هذا هو أسمى سر في العبادة. و لايمكن الإنكار أن في العبادة أسراراً يجب التوسل بالأخبار و الأحاديث من أجل اكتشافها فضلاً عن القرآن الكريم؛ و لكن طُرحت في المصادر أحياناً تأويلات غير موثقة ناجمة عن الأذواق الشخصية و وجهات النظر الفرقية.

و تشكل العبادات قسماً هاماً من مجموعة الأعمال والسلوكيات التي عرفت في الثقافة الإسلامية باسم «فروع‌الدين». فإلى جانب مجموعة «أصول الدين» الاعتقادية، فإن فروع الدين ترتبط بالجوانب العملية من الدين الإسلامي. و تأخذ الفروع وهي الصلاة و الصوم و الزكاة و الخمس و الحج و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و التولي و التبري مكانها بين التعاليم الشائعة بين الشيعة الإمامية، و لكن بعضاً من هذه الفروع لم‌يتوسع كثيراً لدى مذاهب أهل السنة، و لم‌يتم التأكيد عليها.

و من الصعوبة بمكان الإشارة خلال الدراسة التحليلية للعبادات و الآداب الدينية في الإسلام إلى عمل يتميز بطابع فردي بحت دون أن يكون ذا جوانب اجتماعية، و لكن من خلال نظرة نسبية نرى أن بعضاً من فروع الدين، أي الصلاة و الصوم و الحج يغلب عليها الطابع العبادي، في حين أن طائفة أخرى و منها الزكاة والخمس و الجهاد تتمتع بطابع اقتصادي و اجتماعي قوي، بل إننا نرى بين الصلاة و الصوم و الحج خصائص متميزة من الناحية الزمنية. فالصلاة فريضة يومية، و الصوم عبادة موسمية تؤدى لمدة شهر في السنة، و الحج فريضة تجب على الإنسان مرة واحدة خلال عمره، و باختصار فإن أداء هذه الأعمال هو شرط الإسلام، ومن ضروريات بقاء الأمة الإسلامية و دوام عزتها.

 

الصلاة

يعتبر أداء الصلاة في الدين الإسلامي، أول و أهم واجب عبادي على كل شخص مكلف، فهي تذكّر 5 مرات في اليوم الشخص المسلم بإيمانه و عقيدته، و هي وسيلة لإعداد الطاقات الداخلية و الروحية للاتصال بمصدر الوجود، أي اللـه. ومن خلال الصلاة يجب حمد اللـه، و الاستعانة بها لإزالة المشاكل و الابتلاءات البشرية، و الاحتذاء بالآية الشريفة: «و استعينوا بالصبر و الصلاة» (البقرة/2/45). و الصلاة تنهى المصلي عن الفحشاء و المنكر (العنكبوت /29/45)، فأية حكمة أسمى من أن يتنزه الفرد و المجتمع من الفساد و تتهيئا لهما وسائل استئصال الفساد و الآثار السيئة المترتبة عليه.

و من الضروري الالتفات إلى أن أداء الصلاة لايختص بالمسلمين، بل إن الصلاة حظت بالاهتمام في جميع الشرائع والأديان الإلٰهية ــ بشكل خاص في كل منهـا ــ و بذلك تنعقد العلاقة بين العبد و ربه. و بالطبع فإن الصلاة في الإسلام معمول بها بين المذاهب الإسلامية مع قليل من الاختلافات في الجزئيات. فهي تبدأ بالتكبير و تنتهي بالسلام. و قد عبر القرآن الكريم على لسان إبراهيم (ع) عن رغبته كالتالي: «ربّ اجعلني مقيم الصلوٰة ومن ذريتي ربّنا و تقبل دعاء» (إبراهيم /14/40)، و جاء بشأن إسماعيل (ع) أنه كان يأمر أهله بالصلاة و الزكاة (مريم/ 19/55)، و أمر اللـه مريم (ع) قائلآً: «يامريم اقنتي لربك و اسجدي واركعي مع الراكعين» (آل عمران /3/43) و يقول على لسان عيسى (ع): و «أوصاني بالصلوٰة و الزكوٰة مادمت حيّاً» (مريم/ 19/31) و كانت إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة من بين الواجبات التي عينها اللـه لبني إسرائيل في المثياق الذي أخذه منهم (البقرة/2/83). و قال لنبيه محمد (ص): «وأمر أهلك بالصلوٰة (طه/20/132)، ويقول أيضاً: «و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقامَ الصلوٰة» (الأنبياء/21/73). و إقامـة الصـلاة واجبـة على الجميـع ــ الصحيح والمريض، و في الصلح و الحرب، و وقوفاً و جلوساً، أو في حال الاضطجاع ــ إلا من سقط التكليف عنه.

و من خلال استنتاج عام عن كيفية إقامة الصلاة، يجب القول إن جميع الصلوات الواجبة، أو المندوبة (المستحبة) في الشريعة الإسلامية، عدا صلاة الميت، تتألف من أعمال متناوبة هي في الحقيقة تكرار لوحدة عبادية تدعى الركعة و كل ركعة عبارة عن مجموعة تتمثل في قيام مع القراءة، و الركوع و سجدتين مع مراعاة آداب في الانتقال من عمل لآخر. و لأن ركوعاً واحداً فقط يوجد في أغلب الصلوات في كل سلسلة من الأعمال المتناوبة، فقد اعتبر الركوع وحدة للعد، و قد اشتقت الركعة من هذه الكلمة. و فيما عدا صلاة الوتر المؤلفة من ركعة واحدة (ظ: تتمة المقالة)، فإن الركعة الواحدة لاتعد عبادة كاملة بحد ذاتها، فكل صلاة مؤلفة في الشريعة من 2، أو 3، أو 4 ركعات، و لايمكن التسليم إلا بانتهاء العدد المقرر من الركعات.

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: