الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و بضعف الخلافة العباسية، ظهرت حكومات مستقلة و شبه مستقلة في البلدان الإسلامية، و أوكلت مهمة الجهاد و المحافظة على حدود دار الإسلام إلى هذه الدول التي كانت تهتم أحياناً بتوسيع الحدود و فتح البلاد المجاورة أيضاً، و لكن هذه التحركات العسكرية المحلية، لم‌تكن في الغالب تثير الإحساس العام لدى المسلمين؛ و هناك نموذجان استثنائيان في تاريخ الجهاد الإسلامي أثارا الإحساس العام لدى المسلمين، و أديا إلى جهاد شامل و هما الحروب الصليبية، و زحف المسيحيين في الأندلس إلى حدما.

و من وجهة النظر الفقهية، لايوجد اختلاف أساسي في أحكام الجهاد بين المذاهب الفقهية الإمامية و أهل السنة، و الفرق المهم الوحيد هو إذن الإمام المعصوم، أونائبه الخاص واجب في فقه الإمامية في الجهاد الابتدائي (غير الدفاعي) (ظ: المحقق الحلي، 1/307؛ الشهيد الثاني، 1/217). ففي الحرب الدفاعية التي يتعرض فيها المسلمون للهجوم، يجب الجهاد للدفاع عن البلاد الإسلامية باتفاق جميع المذاهب الإسلامية، و وجوبه كفائي (ظ: القدوري، 4/114 و مابعدها؛ ابن هبيرة، 2/429 و مابعدها؛ الشهيد الثاني، 1/216 و مابعدها).

 

العلاقات المدنية و القانون الخاص

 

ألف ـ الأسرة

كانت الأسرة تتمتع دوماً بأهمية خاصة طيلة تاريخ الحضارة باعتبارها أصغر تجمع بشري، حيث يؤدي الدور الذي تلعبه عوامل مختلفة في ظهور الأسرة و ثباتها إلى تعقيد أي نوع من التعامل معها. و الأسرة هي من جهة مركز المحبة بين زوجين و حياتهما المشتركة، و مكان لتربية و تعليم جيل جديد، ومن جهة أخرى لايمكن إنكار دور عوامل مادية فيها مثل الحاجة الجنسية و المنافع الاقتصادية. و قد أدت هذه الخصوصية إلى أن ينظر الإسلام إلى موضوع الأسرة من منظارين معنوي و مادي، وجانبين أخلاقي و قانوني، و بالطبع فإن لكل منظار مزاياه الخاصة به.

و قد حظت الاختلافات الروحية بين الجنسين، و الحاجة الروحية لكل إنسان إلى العلاقة المعنوية مع الجنس المخالف بالاهتمام في الإسلام: فقد اعتبر القرآن الكريم النساء أساس السكن و الراحة للرجال (الأعراف /7/ 189؛ الروم/30/21)، و من جانب آخر اعتبر الرجال مسؤولين عن النساء و القوامين عليهن (النساء/4/34). و اعتبرت النساء أحياناً خلال النظرة إلى الجنسين و حاجاتهما المشتركة، لباساً للرجال، و الرجال لباساً للنساء (البقرة/2/187).

و لم‌يعتبر الإسلام الحصول على السعادة الأخروية ملازماً لترك الدنيا، فقد نظر نظرة واقعية إلى حاجات الإنسان المادية، واعتبر ترك الزواج بالأسلوب الشائع في بعض الأديان (الرهبانية) بدعة من جانب البشر (الحديد/57/27). و مع كل ذلك، فقد كان يُعتبر عدم التزوج أمراً قيماً في عهد بعيد عن صدر الإسلام لدى بعض الصوفية، و لكن الزواج حسب الرؤية العامة للمسلمين هو سنة نبوية لايمكن التخلف عنها، و العزوبة هي لدى الناس كلهم أمر مكروه و غير مستحسن؛ و قد اشتهر هذا الحديث عن النبي (ص): «النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني» (ظ: ابن‌ماجة، 1/592؛ لأحاديث أخرى، ظ: ابن حجر، 200 و مابعدها؛ الحر العاملي، 14/2 و مابعدها).

و قد اعتبر القرآن الكريم أن العلاقات الجنسية المشروعة محدودة بالعلاقات الزوجية، فحرم أية علاقة غيرها (المؤمنون /23/6؛ المعارج /70/30). و دعت الآيات القرآنية العديدة المسلمين رجالاً و نساء، متزوجين و غير متزوجين إلى العفة، وذكرت الزنا كجريمة كبيرة إلى جانب القتل و السرقة (الإسراء/17/32؛ الفرقان/25/ 68؛ الممتحنة/60/12)، و عينت عقوبة له (النور/24/2). و في تفصيل عقوبة الزنا في المصادر الروائية، يلاحظ تشدد أكبر على زنا الأشخاص المتزوجين (المحصنين اصطلاحاً)، فقد عينت عليهم عقوبات أشد بكثير (ظ: ابن حجر، 256 و مابعدها؛ الحر العاملي، 18/346 ومابعدها). كما أن اتهام المسلم بالعلاقات الجنسية غير المشروعة، أي «القذف» اصطلاحاً يعد أيضاً جريمة كبيرة من باب إضفاء الحرمة على العفة الجنسية أيضاً، فهذا العمل يقترن باللعن في الدنيا و الآخرة بالإضافة إلى عقوبته الشديدة (ظ: النور/24/4-6، 23).

كان تعدد الزوجات ظاهرة شائعة في مجتمع شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وقد حدد الإسلام عدد الزوجات بأربعة. ويلاحظ في سورة النساء التي تحدثت عن تعدد الزوجات، الاهتمام بالجانبين الإحساسي و القانوني في الزواج. ففي جزء من هذا الكلام الذي يغلب عليه الطابع القانوني لم‌يؤذن للرجال بأن يختاروا 4 زوجات، إلا في حالة قدرتهم على رعاية العدالة بينهن، و أما في حالة الخوف من عدم رعايتها (من الناحية القانونية) فإنهم ملزمون بالاكتفاء بزوجة واحدة (النساء /4/3)؛ في حين جاء في قسم آخر مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب العاطفي، أن الرجال سوف لايوفقون إلى ذلك حتى إذا أصروا على رعاية العدالة (العاطفية) بين زوجاتهم (النساء/4/129). و في آيات عديدة من القرآن الكريم، نلاحظ أن الكلام يخلو من الجانب القانوني، فدار الحديث عن تركيب الأسرة الطبيعية باعتبارها مؤلفة من زوجين وحسب (مثلاً المعارج/70/12؛ عبس/80/36)، و من الناحية العملية كانت هذه التركيبة القائمة على زوجة واحدة هي السائدة بين المسلمين في تشكيل الأسرة خلال تاريخ حضارة الشعوب الإسلامية المختلفة.

و مـن منظار الحقوق الداخلية للأسـرة ــ سواء من المنظار القانونـي، أو الناحية الأخلاقيـة ــ وصلتنا أحكام في المصادر الدينية تعين واجبات الرجل و المرأة إزاء بعضهما البعض، وكذلك الواجبات المتبادلة بين الوالدين و الأولاد (مثلاً ظ: «رسالة الحقوق» للإمام السجاد (ع)، نقلاً عن ابن بابويه، 2/ 378). و قد بلغت توصية القرآن الكريم باحترام الوالدين حداً بحيث إن الولد يجب عليه أن يعاملهما بالمعروف و الإحسان حتى و إن سعيا لإدخاله في الشرك على أن يكون ثابتاً في الإسلام (لقمان/31/14-15).

و نظراً إلى أهمية الأسرة و الزواج في الإسلام فقد تم تسهيل شروط تكوين الأسرة إلى الحد الممكن، و لكن الأحكام المتعلقة بالنكاح تكتنفها من الناحية القانونية الدقة إلى حد كبير، حيث خضعت للبحث بشكل مفصل في الكتب الفقهية. ففي حالة عدم توافق الزوجين، دعا القرآن الأقارب إلى تعيين حَكَمين من الطرفين، و السعي من أجل الصلح و المحافظة على الأسرة (النساء/4/35)، ويعتبر الطلاق و قطع العلاقة الزوجية الحل النهائي في حالة الوصول إلى طريق مسدود، حيث اعتبرته الأحاديث أبغض الحلال عنداللـه (ظ: الحرالعاملي، 15/266 ومابعدها).

و بالإضافة إلى أن القرآن الكريم دعا الناس إلى التعفف في العلاقات الجنسية، فإن له أحكاماً أخرى تمنع المؤمنين من نظرة الشهوة، فهو يدعو النساء إلى حجب أجسامهن و زينتهن عن غير الأزواج و المحارم (ظ: النور/24/30-31). و قد أدى ذلك إلى أن تتوسع أحكام النظر و الحجاب في النصوص الفقهية، و أن تتحدد العلاقات بين النساء و الرجال في المجتمعات الإسلامية. فالنساء المسلمات يتميزن بلباس خاص هو من جهة امتثال للأمر الديني وهو الحجاب، و من جهة أخرى فإنه اكتسب شكلاً خاصاً في إطار الزي الوطني في كل بلد (عن الأحكام الفقهية للنكاح والموضوعات المتعلقة به، ظ: القدوري، 3/3 و مابعدها؛ الغزالي، 2/2 و مابعدها؛ ابن هبيرة، 2/324 و مابعدها؛ ابن رشد، 2/2 ومابعدها؛ المحقق الحلي، 2/266 و ما بعدها؛ الشهيد الثاني، 2/64 و مابعدها).

 

ب ـ العلاقات المالية

ظهر الإسلام في مجتمع كانت تحكمه مجموعة من المقررات العرفية المستحسنة، أو غير المستحسنة، ولذلك، كانت رسالته تقتصر على إصلاح خصائص ذلك النظام السلبية. و لهذا السبب، فقد كان القسم المهم من أحكامه القانونية، يتركز على تنفيذ، أو «إمضاء» الأحكام العرفية السائدة، و لم‌يتم تشريع أحكام جديدة، إلا في حالة الحاجة إلى إصلاح بعض الأحكام، أو نسخها.

و استناداً إلى مايبدو من روح تعاليم الإسلام، و تم التأكيد عليه أيضاً في علم الكلام، فإن الأحكام الإسلامية تتبع مصالح الناس، و لذلك فقد فتح في علم الفقه باب جعل المصلحة أساساً لاستنباط بعض الأحكام. و رغم أن «الاستصلاح» اشتهر عن فقهاء المذهب المالكي باعتباره أحد الأدلة الاجتهادية، و لكن أساسه حظي بالاهتمام أيضاً في المذاهب المختلفة و بشتى الأشكال مثل إيلاء الأهمية للعرف و غير ذلك (مثلاً ظ: ابن عبدالسلام، 1/4 ومابعدها؛ الشاطبي، 2/مخ‍؛ أيضاً الحكيم،372، 381 ومابعدها). وبعض العموميات الشرعية مثل إقامة القسط، سوف تجد مصاديق مختلفة في مرحلة التنفيذ نظراً إلى الظروف المكانية و الزمانية وحسب الاختلاف بين الأعراف، حيث إن تحديد المصالح له دور أساسي في تعيين هذه المصاديق.

و «الحق» هو أحد المفاهيم القرآنية الذي اكتسب مكانة خاصة في الفقه الإسلامي و خاصة في تنظيم العلاقات الاجتماعية؛ و في الاصطلاح الفقهي يعتبر الحق أمراً ثابتاً للأفراد يمنح الشخص القدرة على أداء عمل ما كامتياز قانوني و من أمثلته حق فسخ المعاملة للمشتري في حالة وجود عيب في السلعة. و قد أثارت مسألة الحق و اختلافاتها عن الأحكام الشرعية، مبحثاً تحت عنوان التفاوت بين الحق و الحكم في الفقه الإسلامي، و قد ألفت أحياناً آثار مستقلة بهذا العنوان.

و قد دار الحديث في الأفكار الفقهية العامة أحياناً عن حق اللـه أيضاً، و تم تقديم طريق لتصنيف المخالفات من خلال وضع حق اللـه إزاء حق الناس؛ و أساس هذا التصنيف يتمثل في أن الإنسان قد يتجاوز أحياناً على حقوق إنسان آخر. و بذلك، يقع على ذمته حق الناس، و قد يعصي الأمر الإلٰهي دون أن يتجاوز على حق إنسان. و استناداً إلى الاعتقاد بالعدل الإلٰهي في المباحث الكلامية، فإن تنازل الإنسان ذي الحق سيكون شرطاً أيضاً في حق الناس بالإضافة إلى العفو الإلٰهي، ذلك لأن اللـه لايضيع حق أي إنسان، ولكن الحديث يقتصر في حق اللـه على العفو الإلٰهي. ولذلك يسود الشعور بين المسلمين بالقلق الشديد فيما يتعلق بحق الناس، في نفس الوقت الذي يأملون فيه عفو اللـه في حق اللـه، و هو مايترك أثراً كبيراً في تنظيم علاقاتهم الاجتماعية.

و رغم أن موضوع المسؤولية المدنية لم‌يتوسع كثيراً بعد في مصادر الفقه الإسلامي، و لكن أرضياته موجودة في أحكام الشريعة. و يجب البحث عن هذه الأرضيات في المواضيع المتعلقة ب‍ـ «الضمان القهري» و من مصاديقه أن يكون الشخص ضامناً في حالة الغصب، أو التعدي على مال شخص آخر. كما أن من الحالات المهمة للمسؤولية المدنية، ضمانة الشخص في حالة إتلاف مال شخص آخر، أو التسبب لضرر شخص آخر دون أن يكون هناك تعد و تفريط في هذا المجال. و قد تم تبيين المباحث المتعلقة بهذا الموضوع، في قواعد الفقه ضمن الحديث عن قاعدة الإتلاف وقاعدة التسبيب (ظ: ابن ‌عبدالسلام، 2/154 و ما‌ بعدها؛ المحقق الحلي، 4/ 248-260؛ البجنوردي، 2/17 و ما بعدها، مخ‍(.

و مما يجدر ذكره، أن قسمين من أقسام الفقه الإسلامي الأربعة، يشكلان مباحث العقود و الإيقاعات، و إذا ما استثنينا النكاح و الطلاق، و بعض العقود و الإيقاعات القليلة الأهمية، فإن المتبقي منها هو طرق للتمليك و التملك. و لاشك في أن البيع، أو حسب التعبير السائد، البيع و الشراء، يعد الأهم بين العقود المطروحة في الفقه، فقد بين القرآن الكريم بصراحة أن اللـه حلل البيع (ظ: البقرة/2/275). و بشكل عام فإن الأحكام المرتبطة بالعقود و الإيقاعات، هي في الغالب من نوع الأحكام الإمضائية، ولكنها خضعت في بعض الحالات لمحدوديات إصلاحية و من نماذجها البارزة تحريم الربا في الآية المذكورة.

و في المباحث الفقهية، تصدّر البيع أيضاً العقود، و اعتبر الفقهاء البيع «إنشاء تمليك عين بعين، أو عين بعوض»، و لكن هذه التعاريف لاتنسجم في العصر الحاضر مع بعض من أقسام البيع مثل بيع مايسمى بـ «السُّمعة التجارية» [الحق المعنوي الذي يكتسبه محل تجاري على مرّ الزمن]، فعلينا أن نتصور أن موضوع البيع يمكن أن لاينطبق على الأعيان.

و على أي حال، فإن العقود التمليكية لاتنحصر في البيع، ففي هذه العقود، يمكن أن يكون موضوع التمليك عيناً، أو منفعة، أوحق الانتفاع فقط. و في الحالة الأولى يكون البيع ملاك العقود، و أما بالنسبة إلى المجموعة الثانية فعلينا أن نذكر عقد الإجارة كنموذج، حيث تُمَلَّك فيها المنفعة في مقابل عوض لشخص آخر. ففي حالة إجارة الأشخاص (الاستخدام بالمصطلح المعاصر) يتم تمليك اليد العاملة للأجير (المستخدم) كمنفعة إزاء أجرة عوض إلى المستأجر، و أما في حالة تأجير الأعيان الذي هو نوع آخر من الإجارة، فإن منفعة العين مثل البيت تؤجر من قبل المؤجر للمستأجر مقابل أجرة معينة. و أما مثال النوع الثالث من العقود التمليكية فهو عقد «العارية» الذي لم‌يمنح فيه الشخص المستعير، سوى حق الانتفاع و الاستفادة من شيء، و لم‌يتم تمليك منافع ذلك الشيء له كإجارة.

و فضلاً عن العقود السابقة، يجب الإشارة في عداد العقود المذكورة في كتب الفقه الإسلامي إلى الرهن و الحوالة و الوكالة و الصلح و الشركة و المضاربة و المزارعة و المساقاة. و قد قسمت العقود المذكورة من حيث كونها ملزمة للطرفين إلى عقود لازمة و جائزة، و العقود الجائزة هي عقود مثل العارية و هي قابلة للفسخ طبعاً. و مع ذلك، فإن العقود اللازمة تصبح قابلة للفسخ أيضاً في حالة حدوث بعض الأمور، بحيث ينشأ لأحد طرفي المعاملة حق الفسخ، أو الخيار اصطلاحاً؛ و هذا الخيار يصدر في الغالب من الأحكام الشرعية، و لكنه من الممكن أن يصدر أحياناً من اتفاق الطرفين عند المعاملة، حيث يصطلح عليه «خيار الشرط». و نظراً إلى أهمية مباحث الخيارات و تعقيدها، فقد اتسع هذا الباب إلى حد بعيد في المصادر الفقهية. و من جملة أهم الخيارات، خيار العيب، في حالة تسليم البضاعة معيبة إلى المشتري (لتفصيل الخيارات، ظ: الأنصاري، 214 و مابعدها).

و المراد من الإيقاعات في المباحث الفقهية الأعمال الإنشائية التي تتم من جانب واحد و تنشأ عنها آثار قانونية و من نماذجها البارزة في المباحث المالية، الجعالة و هي الإنشاء الذي يلزم فيه الشخص نفسه ابتداء بدفع أجرة معلومة إزاء عمل معين (القدوري، 2/3 و مابعدها؛ الغزالي، 1/132 و مابعدها؛ ابن هبيرة، 1/207 ومابعدهـا؛ ابن رشد، 2/124 ومابعدها؛ المحقق الحلـي، 2/مخ‍، 3/مخ‍؛ الشهيد الثاني، 1/270 و مابعدها).

و يجب الأخذ بنظر الاعتبار أن الطريق الوحيد للتملك في الشريعة الإسلامية، ليس هو وقوع عمل إنشائي من نوع العقد، أو الإيقاع، و قد يحدث انتقال قهري على أساس حكم الشرع. والإرث هو المثال الأبرز لهذا النوع من التملك؛ فاستناداً إلى حكم الشرع، فإن أموال المتوفى تنتقل ملكيتها إلى الورثة بمجرد وفاته، و لايوجد في هذا المجال اختيار و إنشاء؛ و بالطبع فإن تقسيم الإرث و التصرف فيه، لايتمان إلا عندما تحاسب الديون للأشخاص، و كذلك الديون الشرعية، و نفقات التكفين، و نفقات في حد الثلث مما ترك المتوفى في حالة الوصية. و تحصل الوراثة في الفقة الإسلامي بطريقين: القرابة النسبية، و القرابة السببية؛ ولكن هناك سبباً ثالثاً للوراثة ذكر في فقه أهل السنة يدعى «العَصَبة». و يتم حساب حصة الورثة على أساس قربهم من المتوفى و حسب النسبة المعينة لكل منهم، و يسمى فن حسابها «علم الفرائض». و تتميز فرائض أهل السنة بتعقيد مضاعف نظراً إلى وجود عوامل «العول و التعصيب» (لتوضيحها، ظ: ن.د، الإرث).

 

الأحكام العامة و أسس الحكومة

إن الحقيقة المتمثلة في أن النبي (ص) بادر في المدينة إلى تأسيس حكومة اتسعت رقعتها في حياته إلى بعض مناطق شبه الجزيرة، هي مظهر واضح للطابع السياسي و الحكومي للدين الإسلامي. و هذه الحكومة الإسلامية الأولى هي التي هيّأت الأرضية بعد فترة قصيرة لتأسيس الخلافة الإسلامية برقعة أوسع نطاقاً بكثير. و تتفق المذاهب الإسلامية المختلفة على أن فرداً من الأمة يسمى الإمام سوف يتولى بعد وفاة النبي (ص) قيادتها؛ و لكننا نلاحظ اختلافات كبيرة في شروط الإمام و تعيينه. و من الناحية التاريخية تعتبر مسألة الإمامة من أولى الاختلافات بين الأمة الإسلامية بعد وفاة النبي (ص) و قد بدأت بحادثة السقيفة.

و بالنسبة إلى أهل السنة، من الممكن أن يعين الإمام، أو الخليفة بتعيين (نص) الخليفة السابق، أو بانتخاب الشورى، و قد أضيف أحياناً استلام الحكم قهراً إلى الطريقتين السابقتين. ومايلاحظ بين أهل السنة كرؤية مشتركة، هو ضرورة طاعة الخليفة، فيما تكون الإمامة بـ‍ «الاختيار»، بمعنى أن الأئمة ليسوا أشخاصاً معينين سلفاً (ظ: الماوردي، 5 و مابعدها؛ أبويعلى، 19 ومابعدها). و خلفاء أهل السنة في صدر الإسلام هم أبوبكر و عمر و عثمان و علي (ع) و يسمون «الخلفاء الراشدين». و بعد هؤلاء الخلفاء الأربعة، حكم خلفاء بني أمية و خلفاء بني العباس رقعة واسعة من العالم الإسلامي، ثم اعتبرت الخلافة العثمانية نفسها الوارثة للخلافة الإسلامية القديمة.

ويرى الشيعة أن منصب الإمامة هو من حق الإمام علي (ع) بعد النبي (ص)، و لكنهم لايتفقون في موقفهم من خلافة الخلفاء الثلاثة الأوائل. فرؤية الزيدية للإمامة، أقرب إلى أهل السنة، من حيث إنهم يعتقدون بالإمامة اختياراً. و يرى الزيدية أن كل عالم فاطمي يستحق الإمامة في حالة قيامه بالسيف و الدعوة إلى البيعة، بل إنهم لايرون ضيراً في وجود إمامين شرعيين في زمان واحد (ظ: الشهرستاني، 1/137- 138). ولكن الشيعة الإمامية ترى أن الإمامة بالنص و بالتعيين الإلٰهي و يعتقدون أن الإمامة انتقلت بعد النبي (ص) إلى الإمام علي (ع) و من بعده 11 شخصاً من أبنائه على الترتيب. تعد الإمامة من منظار الشيعة الإمامية، أو الاثني عشرية، منصباً مقدساً، و تعيين الأئمة يكون من جانب اللـه (ظ: المفيد، 4 و مابعدها). و من الناحية العملية لم‌يتسلم الحكومة سوى الإمام علي (ع)، الإمام الأول، ثم الإمام الحسن لبضعة أشهر، الإمام الثاني، هذا بالإضافة إلى الزعامة الروحية، و في آخر الزمان سوف يظهر الإمام الثاني عشر، أي الإمام المهدي (ع) الذي يعيش الآن الغيبة الكبرى، و سيحكم بالعدل جميع أرجاء العالم.

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: