الإسلام
cgietitle
1442/9/16 ۱۸:۵۹:۱۹
https://cgie.org.ir/ar/article/236183
1446/6/8 ۰۲:۵۹:۲۱
نشرت
7
و عندما نفكر الآن بأولئك العلماء و عصرهم المشرق، فإننا لابد أن نذكر بيت الحكمة و دار الحكمة و مدارس بغداد ومكتباتها و القاهرة و جنديسابور و بلخ و بخارى و قرطبة وغرناطة و مراصد الشماسية و قاسيون و نيسابور و مراغة وسمرقند، و لابد أن نذكر أيضاً الأحداث المأساوية و المفرحة الكثيرة، مثل موت حنين بن إسحاق صبراً، و صلب إسحاق بن عمران، و موت أبيسهل المسيحي عند الهروب من محمود الغزنوي، وتشرد ابنسينا و سجنه، و الأحزان المؤلمة لنصيرالدين (ابنجلجل، 68-70، 84؛ نظامي، 76- 78؛ نصيرالدين، 4/164)، والآمال المقبورة للبيروني و شكواه المحزنة، بذلك الذهن المتوقد الذي تنبأ بذكاء حلول عصر ركود العلم: «العلوم كثيرة وبتناوب الخواطر إيّاها متزايدة متى كان زمانها في إقبال وعلامته رغبة الناس فيها و تعظيمهم لها و لأهلها، و ليس زماننا بالصفة المذكورة، بل بنقيضها، و إنما الموجود فيه بقايا و صبابات من الأزمنة التي كانت على تلك الصفة» (البيروني، تحقيق...، 107).
ابن أبي أصيبعة، أحمد، عيون الأنباء، تق : أغوست مولر، القاهرة، 1299ه/1882م؛ ابن الأثير، الكامل؛ ابن بابويه، محمد، الأمالي، بيروت، 1400ه/1980م؛ م.ن، الخصال، قم، 1403ه/1362ش؛ ابن جلجل، سليمان، طبقات الأطباء و الحكماء، تق : فؤاد سيد، بيروت، 1405ه/1985م؛ ابن الجوزي، تلبيس إبليس، تق : سيد جميلي، بيروت، دارالكتاب العربي؛ م.ن، صيد الخاطر، تق : محمد عبدالرحمان عوض، بيروت، دارالكتاب العربي؛ ابن خلكان، وفيات؛ ابن العبري، غريغوريوس، تاريخ مختصر الدول، بيروت، 1403ه/1983م؛ ابن قتيبة، عبدالله، الأنواء في مواسم العرب، حيدرآباد الدكن، 1375ه/1956م؛ ابن ماجة، محمد، سنن، تق : محمد فؤاد عبدالباقي، بيروت، 1395ه/1975م: ابن المقفع، عبدالله، مقدمة كليلة و دمنة، بيروت، المطبعة الكاثوليكية؛ ابن النديم، الفهرست؛ أبوحيان التوحيدي، علي، مثالب الوزيرين، دمشق، 1961م؛ إقبال الآشتياني، عباس، تاريخ مغول، طهران، 1364ش؛ البيروني، أبوالريحان، الآثار الباقية، تق : زاخاو، لايبزك، 1923م؛ م.ن، استخراج الأوتار، تق : أحمد سعيد الدمرداش، القاهرة، 1965م؛ م.ن، استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الأسطرلاب، مخطوطة مكتبة آستان قدس، رقم 3319؛ م.ن، تحديد نهايات الأماكن، أنقرة، 1962م؛ م.ن، تحقيق ماللهند، بيروت، عالم الكتب؛ البيهقي، أبوالفضل، تاريخ، تق : قاسم غني و علي أكبر فياض، طهران، 1362ش؛ البيهقي، أحمد، شعب الإيمان، بيروت، دارالكتب العلمية؛ ديورانت، ويل، تاريخ تمدن، تج : أبوالقاسم طاهري و آخرون، طهران، 1366ش؛ السيوطي، الجامع الصغير، القاهرة، 1373ه/1954م؛ صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، بيروت، 1912م؛ الغزالي، محمد، إحياء علوم الدين، بيروت، 1406ه؛ م.ن، فاتحة العلوم، القاهرة، 1322ه؛ م.ن، كيمياي سعادت، طهران، 1361ش؛ م.ن، المنقذ من الضلال، القاهرة، 1394ه/1974م؛ القرآن الكريم؛ قرباني، أبوالقاسم، بيروني نامه، طهران، 1353ش؛ القفطي، علي، تاريخ الحكماء، تق : يوليوس ليپرت، لايبزك، 1903م؛ الكليني، محمد، الكافي، تق : علي أكبر الغفاري، بيروت، 1401ه؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق : يوسف أسعد داغر، بيروت، 1385ه/1965م؛ مصاحب، غلام حسين، تئوري مقدماتي أعداد، طهران، 1355ش؛ نصيرالدين الطوسي، شرح الإشارات والتنبيهات، تق : سليمان دنيا، القاهرة، 1968م؛ نظامي العروضي، أحمد، چهار مقالة، تق : محمد القزويني، ليدن، 1327ه/1909م؛ همائي، جلال الدين، غزالي نامه، طهران، 1342ش؛ ياقوت، الأدباء؛ و أيضاً:
Browne, E. G., Arabian Medicine, Cambridge, 1962; id, A Literary History of Persia, Cambridge, 1962; Cantor, M., Vorlesungen über Geschichte der Mathematik, Stuttgart, 1965; GAS; O’Leary, De L., How Greek Science Passed to the Arabs, London, 1964; Sarton, G., Introduction to the History of Science, Baltimore, 1927-1931; Schoy, C., Beiträge zur arbisch-islamischen Mathematik und Astronomie, Frankfurt, 1988; Suter, H., Die Mathematiker und Astronomen der Araber und ihre Werke, Leipzig, 1900; Wiedemann, E., Gesammelte Schriften zur arabisch-islamischen Wissenschaftsgeschichte, Frankfurt, 1984.
محمد علي مولوي/خ.
يعتبـر تاريـخ الطب و الصيدلـة في الحضارة الإسلامية من المجالات التي تستحق الدراسة منذ بداية الإسلام. فقد كان المسلمون منذ القدم يولون أهمية كبيرة لعلم الطب، بل إن علم الأبدان قُدِّم في أحد الأحاديث المنسوبة إلى النبي (ص) على علم الأديان. و رغم أن انتقال التقاليد و التراث الطبي الإيراني و الهندي و اليوناني يعود بشكل منظم و عملي إلى القرن 2ه/ 8م، و لكن يجب القول إن مسلمي صدر الإسلام لميكونوا يجهلون تماماً الطب الإيراني و الهندي و التراث اليوناني عن طريق جنديسابور، إلى جانب تجاربهم المحدودة والقليلة في الطب. و كما قيل فقد كان الحارث بن كلدة، الطبيب العربي المعاصر للنبي (ص)، من الأشخاص الذين درسوا في مستشفى جنديسابور. و في عصر خلفاء دمشق كان هناك أطباء مثل ماسرجويه، مؤلف كتب مثل قوى العقاقير و منافعها ومضارها، حملوا التراث الطبي الإيراني و اليوناني إلى العالم الإسلامي (القفطي، 324-325).
و مع كل ذلك، فإن دخول جرجيس بن بختيشوع الجندي ـ سابوري إلى بغداد بدعوة الخليفة العباسي المنصور، كان في الحقيقة بداية انتقال التراث الطبي غير العربي إلى العالم الإسلامي. و يعتبر كتابه الكُنّـاش، أو مجموعة مسائله الطبية و الدوائية، أول أثر، أو من أوائل الآثار التي ألفت في هذا العصر. و قد توجه من بعده إلى بغداد الكثير من خريجي جندي سابور و تلامذتهم، وخاصة أبناء و أحفاد جرجيس. و منهم: 1. عيسى بن صهاريخت صاحب كتاب قوى الأدوية المفردة (ابن النديم، 356)؛ 2. ماسويه والد يوحنا الذي عمل في الصيدلة لعدة عقود في جندي سابور؛ 3. ابنه يوحنا كان من الأطباء و المترجمين المعروفين للآثار اليونانية إلى العربية، و مؤلف الأدوية المسهلة (القفطي، 383-384؛ الرازي، الحاوي، 5/234، 6/ 109، مخ )؛ 4. حنينبنإسحاق طبيب العيون، والصيدلي البارز، و صاحب العشر مقالات في العين، واختيار أدوية علل العين، و آثار مهمة أخرى (القفطي، 173-174؛ ابنالنديم، 353).
و من بين ظواهر هذا العصر شيوع تقليد «الطب الشرعي» الذي دون تدريجياً من خلال أحاديث النبي (ص) و أئمة الشيعة (ع) حول بعض المسائل الطبية و المحافظة على الصحة. و من جملة ذلك الطب النبوي لابنقيم الجوزية، و المنهل الروي في الطب النبوي لابن طولون، و الطب في الكتاب و السنة لعبداللطيف البغدادي، و طب الصادق، و طب الرضا، و طب الباقر. وفي هذا العصر كان المنهج الطبي الهندي يشكل بالإضافة إلى المنهج الطبي لجندي سابور أساس علم الطب في الحضارة الإسلامية عن طريق ترجمة آثار مثل السموم لشاناق الهندي، وكذلك المنهج الطبي اليوناني بشكل مباشر عن طريق ترجمة آثار بقراط و جالينوس. و قد قدم ابنالنديم فهرساً للمصادر الطبية اليونانية و الإيرانية و الهندية (ص 345-360)؛ كما أن الفهرس الذي ذكره ابن رضوان (ن.ع) عن آثار بقراط، يتجاوز 50 أثراً. وقد كان كتاب الفصول لبقراط من الآثار الشائعة للغاية في العالم الإسلامي و قد كتبت عليه شروح عديدة بقلم أطباء كبار مثل ابن أبي صادق و الرازي. كما كان الرازي قد لخص عدة كتب لجالينوس (البيروني، فهرست...، 13).
يجب القول إن الطب و الصيدلة ــ التي كانت تسمى أيضاً علم الصيدنة ــ ارتبطا بشكل كامل مع بعضهما منذ ذلك العصر، بحيث يبدو أحياناً التمييز بين المصادر الطبية و الدوائية غير ممكن. فأفضل الأطباء كانوا يمثلون أشخاصاً يعتبرون أيضاً علماء في الأدوية و صيدليين (مثلاً الرازي، ن.م، 22/2، 4)؛ و لكن الصيدليين لميكونوا في الغالب يعرفون، سوى خواص و أنواع الأدوية المفردة و المركبة، في حين أنهم كانوا يجهلون، ردود فعل الأمزجة المختلفة إزاء المرض و الدواء. و لذلك، فإن تركيب الأدوية، في عصر تطور علم الطب، كان يتم في الغالب تحت إشراف الطبيب، أو إن الأطباء أنفسهم كانوا يعمدون إلى هذا العمل بأنفسهم، و كانوا يؤلفون كتباً و رسالات في الصيدلة أيضاً إلى جانب آثارهم الطبية. و قد كانوا يصنفون كتب الصيدلة على أساس نظرية الأخلاط و الطبـائع، والتي كانت الأمراض والأدوية تدرس فيها حسب برودة مزاج المريض و حرارته ورطوبته ويبوسته، أو حسب طبيعة الأدوية (مثلاً ابن ربن، 400).
و قد كان من المهم بمكان تشخيص غلبة أحد هذه الأخلاط والطبائع، و سببها و تجويز الدواء المناسب لإيجاد التعادل بينها. ويجب القول إن الأدوية كانت تقسم من حيث البساطة و التركب إلى أدوية مفردة (عقاقير، جمع عُقّار) و مركبة (قراباذين، أقراباذين). و قد كان الأطباء يصنعون الأدوية المركبة لإيجاد التعادل بين خواص الأدوية المفردة و مزاجها و طبيعتها والتأثير المتناسب مع المرض، ثم يجوّزونها بعد ذلك (ظ: ابنسينا، 2/222؛ الجرجاني، 687). و لأن الأدوية كانت نباتية، أو حيوانية، أو معدنية، فقد كان للصيدلة علاقة وثيقة للغاية مع علم النبات والحيوان و الكيمياء؛ حتى إن آثـاراً مثل فردوس الحكمة و الحاوي و القانون كان كل منها يحوي فصولاً في علمي النبات والحيوان.
و على أي حال فقد ظهر منذ القرن 3ه/9م أطباء و صيدليون معروفون كانت آثارهم بمثابة مصادر و مراجع للأطباء اللاحقين لفترات طويلة، و كانت تتضمن إبداعات و بحوثاً و آراء جديدة. و في هذا القرن، يجب أن نذكر ابن ربن الطبري (ن.ع) أولاً؛ حيث يعتبر كتابه فردوس الحكمة أول كتاب طبي جامع ترك تأثيراً كبيراً على الأطباء اللاحقين. و تحظى بعض آرائه في علم الأمراض و الطب السريري (ص 159-172) و الصيدلة (ص 420-423، 449-467) بأهمية فائقة. و في هذا القرن ألف حنينبن إسحاق رسالة ممتازة في طب العيون باسم العشر مقالات في العين و لذلك اعتبر مؤسس هذا العلم بالمعنى الأخص في الحضارة الإسلامية (مايرهوف، «إشعاع جديد...»، 470). كما كان كتـاب الأقراباذين لسابـوربـنسهـل (تـ 255ه ) رئيس مستشفى جنديسابور، متداولاً لسنين متمادية في المستشفيات و لدى الأطباء و الصيدليين (البابا، 579). و يعد كتاب بختيشوع بنجبرائيل (تـ 256ه ) المسمى نصائح الرهبان في الأدوية المركبة من الآثار المهمة في هذا القرن (القفطي، 103؛ السامرائي، 1/393).
و تجب الإشارة من بين كتب الصيدلة الأخرى إلى مفردات الأدوية للغافقي، و المفردات لابن البيطار، و من بين الأدوية المركبة إلى القراباذين للكندي، و القراباذين للسمرقندي، والقراباذين للقلانسي، و التي كانت من الآثار المهمة و المتداولة، و من المصادر الرئيسة للمتأخرين. كما يعتبر كتاب في المرض المسمى ديابيطا لعبداللطيف البغدادي، و في المعدة و مداواتها لابن الجزّار القيرواني، و تذكرة الكحالين لعليبنعيسى الجراح، من المؤلفات الطريفة و المهمة في هذه العصور. و في القرن 4ه/10م ألف أبوالحسن أحمدبنمحمد الطبري الكتاب المعروف المعالجات البقراطية و الذي اعتبره ابنأبيأصيبعة أنفع الكتب (1/321). و ألف محمدبنزكريا الرازي كتاب الحاوي الذي يعد أكبر موسوعة طبية في العالم الإسلامي، خاصة و إنه قدم دراسات بديعة حول الجدري و الحصبة و بعض تركيبات الأدوية، حيـث خصص 3 مجلـدات مـن كتابه لهــا (مثلاً ظ: الحاوي، 22/61-67، الجدري و الحصبة، مخ؛ النجمآبادي، 430-431). وقد ترجم كتاباه الحاوي و كذلك الطب المنصوري إلى اللاتينية في القرنين 13و 15م، و طبعا مراراً في أوروبا. و قد أفاد الرازي في تأليف الآثار الطبية، و كذلك الاشتغال في مداواة المرضى، والصيدلة من غالبية الأطباء المتقدمين البارزين من المسلمين والمسيحيين و الزرادشتيين و الإيرانيين و الهنود، و ذكر في مواضع كثيرة أسماءهم و آثارهم. و يعتبر كتابه الجدري والحصبة حصيلة قسم من أهم البحوث الطبية في الحضارة الإسلامية و علم الطب بشكل عام. و قد طبعت الترجمات العديدة لهذا الكتاب في أوروبا مراراً (عن الآثار الأخرى للرازي، ظ: البيروني، فهرست؛ القفطي، 274).
كما يحظى كتاب هداية المتعلمين لأبيبكر الأخويني البخاري بأهمية كبرى في الطب و خاصة الصيدلة. و قد تطرق الأخويني في هذا الكتاب إلى آراء الأطباء المتقدمين في علم الأدوية من وجهة نظر نقدية، و قد جرب بنفسه معظم الأدوية التي وصفها (مثلاً ص 407، 455، 457، 560، 589). و كان كتاب أبي منصور موفق الهروي و هو الأبنية عن حقائق الأدوية و الذي يشتمل على نوع من التصنيف الجديد في الأدوية (ص 3 ومابعدها)، متداولاً إلى حد بعيد و خاصة في شرق العالم الإسلامي (أيضاً ظ: مايرهوف، «كتاب...»، مقدمة، 16-17). ومنهم يعقوب بن زكريا الكسكري مؤلف الكناش في الطب، وأحمد بن أبي الأشعث مؤلف الأدوية المفردة، و أبوماهر موسىبنسيار صاحب أمراض العين، وابن مندويه الأصفهاني كاتب رسالة في تركيب طبقات العين وآثار أخرى، حيث كان الطبيبان الأخيران من أطباء البيمارستان العضدي (ابنأبيأصيبعة، 1/246-247، 2/21-22؛ القفطي، 438). وكان تلميذ أبي ماهر ويدعى علي بن عباس المجوسي الأهوازي صاحب الطب الملكي، أو كامل الصناعة الطبية أكبر طبيب قبل ابنسينا، حيث كان كتابه شائعاً إلى حد كبير، و يعد من الكتب الدراسية (دانشپژوه، 187).
و أما ابن سينا و كتابه القانون الذي يعتبر أكبر مرجع طبي في القرون الماضية، حيث قدم نظريات جديدة حول تركيبة بعض الأعضاء (مثلاً ظ: 4/62-72) و معرفة تأثير الأدوية عن طريق الاختبار و التجربة (2/222 و مابعدها، 3/ 309 و مابعدها) و أنواع الأدوية التي صنعها بنفسه، و اختبرها، أو أولى الأوصاف الدقيقة لأدوية مثل «الترياق الكبير» و «الدواء الكبير» و معجون «فيروزنوش» (3/321؛ أيضاً ظ: نفيسي، 55 و مابعدها). ترجم القانون إلى اللغات اللاتينية و الفرنسية و الإنجليزية و الألمانية والعبرية و ظل يدرّس حتى القرن 17م في مراكز أوروبا العلمية. و في العالم الإسلامي كان هذا الكتاب متداولاً و مهماً إلى درجة بحيث كانت تكتب عليه الشروح حتى فترات أكثر تأخراً و منها: شرح ابن النفيس و شرح فخرالدين الرازي و شرح قطبالدين الشيرازي.
وفي نفس تلك الفترة ألف أبوالريحان البيروني كتاب الصيدنة في علم الأدوية، حيث يعتبر من أهم الآثار في مجاله (ظ: ابنأبيأصيبعة، 1/ 318) لاشتماله على تصنيف الأدوية (ص 3-10) و أسلوب الاستفادة من أنواعها و اختلاف الخصوصيات حسب نوع الاستفادة منها، و ذكر الأسماء اليونانية والسريانية و العربية و الإيرانية للأدوية (مثلاً ص 14، 15، 21، 125-126).
وفي مجال البيطرة بذل المسلمون جهوداً كثيرة أيضاً، و ألفوا كتباً عديدة تحت عناوين كتاب الخيل، و الخيل و الفروسية، وكتاب البيطرة، و بيطار نامه، و فرسنامه، و غيرها، حيث وصلنا البعض منها، و يدل على اهتمام المسلمين بهذا الفن.
وفيما يتعلق بتدريس الطب و تربية الأطباء يجب القول إن ذلك كان يتم في المستشفيات و أحياناً في المدارس، و غالباً في بيوت الأطباء، وعلى سبيل المثال فقد كان الرازي و ابن سينا وابنميمون من الأشخاص الذين كانوا يدرّسون في بيوتهم. و كان تدريس الطب شائعاً في بعض المساجد، مثل مسجد ابن طولون وجامـع الأزهر اللذين كانا معروفين في ذلك الأمر (السيوطـي، 2/ 138؛ محقق، 339). و فيما يتعلق بالكتب الدراسية و ترتيب تدريسها فإننا نمتلك معلومات أكثر و نعلم أن كتب بقراط و جالينوس، ثم الآثار العظيمة لأطباء العصر الإسلامي من حنين ابن إسحاق و ابن ماسويه و حتى ابنسينا و الرازي كانت تشكل النصوص الدراسية، حيث كانت تقرأ بترتيب خاص (الرهاوي، 194). و كان امتحان الأطباء قائماً على كتب خاصة مثل محنة الطبيب، و عشر مقالات لحنين بن إسحاق في طب العيون، وكناش بولص في التجبير، و التصريف للزهراوي في الجراحة، وفصول في الطب المنصوري و في محنة الطبيب للرازي.
و كما كان أطباء العصر الإسلامي يهتمون بالجسم، فإنهم لميكونوا غافلين عن أمراض الروح و النفس و علاقتها بالأمراض الجسمية. و من جملة الآثار التي ألفت في هذا المجال، الطب الروحاني للرازي، و الطب و الأحداث النفسية لأبيسعيد ابن بختيشوع. و فضلاً عن ذلك، فإن المسائل المرتبطة بأخلاق الطب وآدابه تحظى بالاهتمام الكبير أيضاً. و على سبيل المثال، فقد كتب ابنرضوان كتاب التطرق بالطب إلى السعادة، و الرهاوي كتاب أدب الطبيب، و صاعدبنالحسن كتاب التشويق الطبي، و ابن ماسويه كتاب النوادر الطبية في هذا المجال.
و كان للعمل في الطب و مداواة المرضى و صناعة الأدوية وعرضها، قوانين و أساليب معينة كان الأطباء و الصيادلة ملزمين برعايتها، و كان الإشراف على تنفيذ هذه القوانين على عاتق المحتسب و جهاز الحسبة. وقد خصص العلماء الذين ألفوا حول الحسبة فصولاً من كتبهم لهذه القوانين. و تجب الإشارة من جملة ذلك إلى نهاية الرتبة في طلب الحسبة للشيزري الذي ذكّر بأن المحتسب يستطيع أن يشرف إشرافاً دقيقاً، خاصة على الصيدلة.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode