الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و بالطبع فإن الروايات المروية عن الأئمة (ع) لاتؤيد علاقة الإمام علي (ع) بالطريقة، و لكن يبدو أن شهرة انتساب بايزيد البسطامي إلى الإمام الصادق (ع)، و شقيق البلخي إلى الإمام الكاظم (ع)، ومعروف الكرخي إلى الإمام الرضا (ع) وتصور تشيع الحسن البصري و وجود طرق من الصوفية كانت تنسب نفسها إليه (ع)، أو إلى كميل بن زياد النخعي من صحابة الإمام (ع) المعروفين، كما أن انتساب فتيان المحترفة إلى سلمان الفارسي الذي كان من الأركان الأربعة لحواريي الإمام (ع)، بالإضافة إلى اللطائف العرفانية التي كانت شائعة آنذاك على الأفواه عن أئمة الشيعة (ع)، و أدت إلى الاقتراب التدريجي للتصوف من التشيع (ظ: موله، «الكبروية...»، 61-142؛ قا: كوربن، ن.ص)، كان من الأسباب الرئيسة لاهتمام هؤلاء المشايخ في إسناد طرقهم إليه (ع). و فضلاً عن ذلك، فإن شهرة أقوال مثل ماذكره الإمام (ع) في الجواب على سؤال ذعلب اليماني ( نهج البلاغة، الخطبة 179)، وكذلك النقل المتكرر لخبر كميل بن زياد في الجواب الذي أدلى به الإمام (ع) في باب سؤال معروف «ماالحقيقة» (الذي جاء في معظم مصادر صوفية هذا العصر، رغم أنه غير مذكور في نهج البلاغة، مثلاً ظ: الجندي، 157؛ الآملي، 170؛ القيصري، 22؛ الخوارزمي، ن.م، 1/34-41؛ اللاهيجي، 291 ومابعدها، أيضاً قا: زرين‌كوب، «أدبيات...»، 109 و مابعدها)، يمكن أن يكون على الأرجح من الدوافع التي دفعت القوم إلى السعي لنسبة أنفسهم إلى إرشاد الإمام علي (ع).

و لكن خلافاً لادعاء الصوفية الذين ادعوا بأن البعض من قدماء مشايخهم قد استفادوا من معارف أئمة الشيعة، بل نسبوا بعضاً من أكابر علماء الشيعة إلى التصوف أيضاً (معصوم عليشاه، 1/114- 118)، فإن المحققين من علماء الشيعة أنكروا بشدة أي نوع من العلاقة بين أكابر الشيعة و الطريقة الصوفية و بينهم وبين أئمة الشيعة (ع) (القمي، 2/56-64). و مع كل ذلك، فمهما كانت العلاقة بين التشيع و التصوف (ظ: الشيبي، كافة أرجاء الكتاب)، فإن تأثير التشيع في التصوف لايمكن إنكاره و في هذا المجال توجد شواهد و قرائن كثيرة (ظ: موله، «العارفون...»، 46-50). ومن الممكن تتبع بعض الآثار لنفوذ التعاليم الباطنية و آراء إخوان الصفاء في أول أشكال التصوف و العرفان الإسلامي.

وعلى أي حال، فإن العرفان هو كمال سلوك أهل التصوف في مقولة المعرفة، و حصيلة التصوف التدقيق في الجانب النظري من التصوف، و تطوره يطرح ضمن تاريخ التصوف، و ترادف اللفظين في عنوان هذا المقال هو من هذا الباب أيضاً.

 

نظرة إلى تاريخ التصوف و العرفان

اجتاز تاريخ التصوف والعرفان خلال مسيرة تطوره عدة مراحل. و في البدء، تركزت الجهود و المساعي الرئيسة في التصوف و العرفان على أن يجدا لنفسهما في مسيرة المذاهب الإسلامية موطأ قدم، فكانا في الحقيقة يسعيان من أجل تثبيت حقهما في الحياة. و كانت المرحلة الأخرى تتمثل في الفترة التي سعى فيها التصوف و العرفان في التوفيق بين الطريقة و بين الشريعة، كي ينجيا نفسيهما من سوء الظن، و اتهام الأشخاص الذين كانوا يصورنهما باعتبارهما تيارين مخالفين للشرع، بل و أن يصورا بعض الفقهاء مثل أبي ثور و أبي حنيفة والشافعي و أحمد‌بن‌حنبل على أنهم من سابقي طريقتهما. وأخيراً، فقد كانت المرحلة الأخيرة من مسيرتهما تأسيس الطرق، بناء الخانقاهات الكبيرة، و إيجاد الآثار التعليمية و التمثيلية البديعة و الممتازة التي فقدت تدريجياً قيمتها بسبب التكرار و التقليد المستمرين و سيطرة المتشبهين و المترسمين؛ و لكنها أبقت تراثاً قابلاً للملاحظة في حياة المجتمع الإسلامي و في الثقافة الإسلامية، حيث يدل على أن فترة انتشار التصوف كانت فترة ازدهار في العلوم الإسلامية، و مايزال هذا التراث يُرى حتى الآن بهذه النظرة نفسها. و بالطبع فإن تفاصيل مسيرة تطوره في التاريخ، لاتستوعبها هذه المقالة حتى و إن كانت على سبيل الإيجاز و الإجمال، و مع كل ذلك، فإن طرح بعض التيارات الرئيسة لهذه المسيرة لايخلو من الضرورة في طرح صورة مترابطة عن مجموع هذا التيار.

 

جذور التصوف

بدأ التصوف بين المسلمين بالزهد، حيث كان يشتمل على تجنب مازاد عما لابد منه للحياة و كان الإعراض عن متاع الدنيا تعبيراً عنه. و في عهد الصحابة، كانت ترى آثار للنزوع إلى مثل هذا النوع من الإعراض عن متاع الدنيا، فعلى إثر انتشار الفتوح الإسلامية و الحصول على الغنائم، و الازدياد الملفت للنظر للأموال التي عادت على المسلمين نتيجة تلك الفتوح، اندفع عدد من الصحابة و التابعين إلى الاعتراض على التنعم و الترف الناجمين عنه. و تصور أن أحوال زهاد النصارى والصديقين المانويين، أو مرتاضي الهند كانت مؤثرة في نشره (ظ: ماسينيون، «رسالة...»، 45-80)، لايقوم، إلا على الحدس والاحتمال، و على الرغم من طغيان الشعور بقرب عهد الرسول الأعظم (ص) في قلوب التابعين و الصحابة و خاصة مع وجود آيات مشتملة على التخويف من العذاب و الترغيب في النعيم الأخروي، إلا أنه لم‌يكن من الممكن أن يعمد زهاد المسلمين إلى تقليد عمدي لما كان يرتبط بخارج الإطار الإسلامي، و لاتبدو حالات التشابه شيئاً أكثر من مجرد التشابه و التوارد (زرين‌كوب، أرزش...، 28-29).

إن إصرار بعض الباحثين الغربيين على إسناد مصدر غير إسلامي للتصوف، يقوم على تصورهم بأن الإسلام نفسه لم‌يكن يمثل محيطاً مناسباً لنمو التصوف؛ و خلافاً لهذا التصور؛ فإن القرائن الكثيرة تدل على أن الزهد الإسلامي يقوم على اتباع السنة و السيرة النبوية، إن السيرة القريبة من التقشف للرسول الأعظم (ص) و بعض الصحابة، و كذلك الإشارات العديدة في الكتاب والحديث القائمة على تحقير متاع الدنيا و الإنذار من الحساب الأخـروى، و التوصيـات التي تمـت بحـق أهـل الصفــة ــ فقراء الصحابة في المدينـة ــ تدل أيضاً على أن استعداد المسلمين للنزوع إلى الإعراض عن متاع الدنيا، هو شرط حياتهم الدينية. إن بعض الإشارات القرآنية حول أن المؤمنين يؤمنون بعالم الغيب (البقرة/2/3) و أن الله أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد (ق/50/16)، و أن الوجوه يوم الحشر ناظرة إلى ربها (القيامة /75/23)، و أن الأمانة [الإلٰهية] عرضت على جميع الكائنات فقبلها الإنسان من بينهم (الأحزاب/33/72)، و حول (القوم) الذين يحبهم الله، و يحبونه (المائدة /5/54)، و أن الإنسان يجد وجه الله أينما ولّى وجهه (البقرة/2/115)، و بعض الأحاديث المعروفة والشائعة، مثل الحديث القائل بأن قلب الإنسان بين إصبعي الرب، و الحديث القدسي المعروف بقرب النوافل، و الحديث القدسي المتعلق بحضور الحق في قلب المؤمن (عن مصدرها، ظ: فروزانفر، أحاديث...) هو أيضاً من جملة الشواهد التي لاتترك مجالاً للشك في باب انتساب الزهد الإسلامي و التصوف القائم عليه إلى نطاق العلوم الإسلامية و أصولها التعليمية.

و يسند الصوفية أنفهسم جميع حالاتهم و مقاماتهم إلى الآيات و الأحاديث. إن اعتبار رسول الله (ص) كأسوة حسنة، و التزام سيرته في تجنب جمع الحطام الدنيوي مع الاحتراز عن تجرد الرهبانية، حيث سمى الصوفية هذه الحالة الفقر المحمدي ــ مقابل الفقر العيسوي ــ بل وحتى إسناد لبس الصوف إلى التابعين وبعض الصحابة، يظهر إصرار بعض الباحثين الغربيين بخصوص تقليد المسلمين لزهد النصارى، نوعاً من المكابرة عن مقولة «التفسير بما لايرضى صاحبه». و تبدو أقوال الأشخاص الذين اعتبروا الزهد و التصوف الإسلاميين مأخوذين عن الهندوس و الآخرين، واهية و قائمة على الوهم بنفس النسبة. و قول بعض المستشرقين بأن التصوف يجب أن يكون رد فعل آريّ إزاء الروح السامية، فإنه على فرض صحته ــ و هو غير صحيح ــ يفرض هذا التصور المسبق و هو أن التصوف الإسلامي لم‌يصدر إلا من إيران، و هو غير صحيح طبعاً؛ و في الحقيقة فإن الأشخاص الذين بحثوا في هذا المجال عن مصدر غير إسلامي للزهد و التصوف الإسلامي، غفلوا هذه الملاحظة و هي إن مثل هذه الأقوال عندما تظهر بين قوم ما، و يكون بروزها في مرحلة من تحول ثقافة أولئك القوم ممكناً، أو واجباً إمكانياً، فلماذا لايكون حصولها ممكناً بالنسبة إلى قوم آخرين في مرحلة مشابهة إلى حدما، ولامناص من أن يكونوا قد أخذوا أصلها في موضع آخر و لدى قوم آخرين.

و الملاحظة الملفتة للنظر أن غالبية هذه التبريرات التي لايمكن قبولها صدرت في القرن 19م من جانب المستشرقين، حيث كانت ثقافة ذلك القرن خاضعة آنذاك بشدة لتأثير نظرية داروين في باب أصل الأنواع. ففي باب الأديان و لغات العالم، كانت الجهود قد بذلت لتقديم أصل واحد تقليداً لداروين آنذاك أيضاً و بالطبع فإنها لم‌تعد تحظى اليوم باهتمام أهل البحث، و أن ذلك الحماس شبه العلمي الذي كان ناجماً عن تقليد و تأييد نظرية التطور الداروينية في سائر فروع و فنون المعارف والعلوم الأخرى، لم‌يعد يحظى بمؤيدين جديين.

و فيما يتعلق بمصدر الزهد الإسلامي عدا سنة النبي الأعظم (ص)، فإن السلوك المنقول عن الخلفاء الراشدين و القائم على التقشف و الحد الأقصى من القناعة في استغلال متاع الدنيا، وكذلك ما كان ينقل عن أحوال أبي‌ذر الغفاري و حذيفة ابن‌اليمان و كذلك سلمان الفارسي و خباب بن الأرت و عامر بن عبد قيس و عثمان بن مظعون، و ما كان ينقل عن زهد و خشوع الأئمة الطاهرين (ع) و صحابتهم، أو ما كان ينقل عن الزهاد الثمانية مثل الربيع بن خيثم و الحسن البصري و هرم بن حيان وعامر بن عبد قيس و أبي‌مسلم الخولاني و أويس القرني في روايات القرون الإسلامية الأولى (ظ: زرين‌كوب، أرزش، 46-49)، كل ذلك يدل على أن هذه الملاحظة التي تشير إلى أن الميل إلى الزهد في عصر التابعين كان نوعاً من الاعتراض على الإسراف والتبذير و الترف و التنعم في العصر الأموي هي مسئلة عادية.

 

أولى تجليات التصوف و العرفان الإسلاميين

أصبح الزهد والتقشف الشائعان بين المسلمين، أساس أول تجلّ للتصوف والعرفان منذ أن خرج من صورة الخوف من الجحيم، و الشوق إلى النعيم، و تحول إلى حالة الإعراض عن متاع الدنيا بقصد التقرب إلى وجه المولى، و بذلك ارتبط بظاهرة المحبة التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله: «يحبّهم و يحبونه...» (المائدة/5/54). ويعد الحسن البصري ممثل الزهاد المعترضين على التنعم في عصره، و رابعة العدوية ممثلة الزهد القائم على الاهتمام بوجه الحق من بين أول جيل من زهاد هذا العصر الذين كان لبس الصوف شائعاً بينهم باعتباره نوعاً من الشعارات المناهضة للترف و لذلك قيـل: إن عنصر المحبة ــ الحـب الإلٰهـي ــ أدخل رابعة العدوية التصوف. و قد كانت رابعة تؤكد على وجوب حصر عبادة الحق في محبة المعبود، حيث أتاح المجال لظهور العشق في كلام الصوفية، وخرج ما كان إعراضاً عن متاع الدنيا تدريجياً من حالة المعاملة التي كانت توقعاً للأجر على العمل و انتظار المثوبات على العبادة (ظ: ابن سينا، 3/369)، و نظر الصوفية الذين قامت العبادات والطاعة بالنسبة إليهم على حبّ وجه الله، إلى عبادة الزهاد الرسميين نظرتهم إلى نوع من المعاملة، و انفصل طريق أهل التصوف عن طريق أهل التقشف. و هكذا، تميزت الطريقة التي كانت مسلك الصوفية، عن مجرد الشريعة التي كان أهل التقشف يمارسون السلوك على أساسها فقط.

و قد ابتعد أول جيل من زهاد الصوفية الذين عرفوا في عصرهم، أو بعده بقليل باسم الصوفية، عن طرح و بحث المسائل الخاصة بأهل الكلام و التي كانت هي الأخرى قائمة على البرهان ــ و أقحمتهم في الصراعـات السياسية و العقائدية في عصرهم ــ وكانت تمنعهم عن الإعراض الكلي عن متاع الدنيا و تجنب وسوسة العودة إليها. ولاجرم فإنهم بحثوا عن نيل اليقين فيما يتعلق بالإلٰه الذي كان موضوع طاعتهم و عبادتهم و حبهم، في التأملات القلبية أيضاً، و نظروا إلى التخلص من الوساوس والهواجس الناجمة عن التأثير الشائع في علم العصر، كوسيلة للخلاص من العودة إلى الصراعات المتعلقة بمتاع الدنيا. و بالنسبة إليهم كان العشق الذي لم‌يكن يحتمل أي نقاش، مدعاة إلى الثقة أكثر من العقل الذي كان يتسبب في إثارة الوساوس و الشبهات والشكوك، و من أجل أن يبقى سلوكهم في الطريقة بعيداً عن أي نوع من الوساوس. فقد سعوا من خلال إمعان النظر في القرآن والحديث من أجل أن يؤسسوا السلوك إلى الله الذي كان هدفهم و غاية قلوبهم و حبهم، على أساس الأمور الخالية تماماً من شائبة الشك خلافاً لسلوك أهل العلم؛ و لكن على الرغم من أنهم اعتبروا غاية سلوكهم الوصول إلى الحقيقة كما هو الحال بالنسبة إلى أهل العلم، فقد كان يوجد بينهم و بين أرباب علم الرسوم اختلاف و هو أن طريق الحقيقة كان يمر عندهم بمنازل الزهد والعبادة و الحب و التسليم، و لم‌يكن يبتلى بوساوس الدليل والبرهان و السفسطة و المغالطة و الجدل، خلافاً لما كان شائعاً لدى أهل العلم و أصحاب الشريعة المجردة، و لاشك في أنه كان يبدو لديهم أكثر أماناً و اطمئناناً من طريق العلم.

 

طبقات الصوفية

كان مشايخ الصوفية الذين كانوا يمهدون سبيل الطريقة، و يرشدون و يهدون طلاب السلوك الصوفي، يعرضون لعدة قرون في حلقاتهم المحدودة و مجالسهم المعدودة التي كانت تقام غالباً في المساجد، ماكانوا يعتبرونه طرق الوصول إلى الحقيقة في تفسير الحقائق القرآنية و الاستدلال عليها، و ذلك عن طريق الوعظ و النقل إلى طلاب هذه المعاني، و يقيمون بينهم نوعاً من الأخوة، و يرشدونهم حسب استعدادهم في الزوايا والمعابد الخالية من التزاحم و يدفعونهم إلى التزام مراتب التوبة والإنابة و العزلة و الانقطاع و التسليم و التوكل، حيث كانوا يعتبرون مرشديهم و شيوخهم و مرادهم. و في تلك الفترة كان هناك 10 أشخاص على الأقل من مشايخ القوم يعتبرون من أئمة التصوف، حيث كان لمذاهبهم الخاصة و نمط تربيتهم و إرشادهم طلاب و أتباع، و كان كل مذهب قائماً على أساس مستقل.

و حتى قرون تلت، حيث ازداد عدد مذاهب الصوفية، و على إثر انتشار التصوف، ظهرت السلاسل و الطرق الشائعة في الخانقاهات، استمرت سلسلة هؤلاء المشايخ على شكل توالي الطبقات، و ظهرت طبقات الصوفية كما هو الحال بالنسبة إلى طبقات المحدثين و طبقات المفسرين و طبقات النحويين و غيرها، و أصبحت تحظى بالاهتمام. و المراد من هذه الطبقات في مثل هذه التعبيرات الجماعة التي كان أفرادها متشاركين، أو معاصرين من حيث العمر، و في إدراك صحبة المشايخ والأساتذة (التهانوي، 1/917). و قد تمثلت أول طبقة صوفية كما جاء في الكتب المتعلقة بطبقات الصوفية، أو الكتب الأخرى الخاصة بالقوم، في كل من أبي هاشم الصوفي و الفضيل بن عياض وإبراهيم الأدهم وذي النون المصري و بشر الحافي و الحارث المحاسبي و بايزيد البسطامي و أبي سليمان الداراني و أبي حفص الحداد و أحمد بن خضرويه و حمدون القصّار و معروف الكرخي. و تشمل الطبقة الثانية أبا القاسم الجنيد و أبا الحسين النوري ورويم البغدادي وعمرو بن‌ عثمان المكي و سهل بن عبدالله التستري و محمد بن علي الترمذي وأبا‌سعيد الخراز. و كانت الطبقة الثالثة تضم أبا محمد الجُرَيري وأبا‌العباس ابن عطا الآدمي و أبا حمزة البغدادي وممشاد الدينوري و الحسين بن منصور الحلاج و خير النساج. وذكر في الطبقة الرابعة أسماء أبي‌بكر الشبلي و مرتعش النيسابوري وأبي‌بكر الكتاني و أبي‌بكر ابن يزدانيار وابن سالم البصري وأبي‌يعقوب النهرجوري. وكانت الطبقة الخامسة تشتمل على أبي‌العباس السياري و أبي‌القاسم النصرآبادي وأبي‌منصور معمر الأصفهاني وأبي‌علي الدقاق. وكان هناك أشخاص ينتمون إلى الأجيال اللاحقة مثل أبي العباس القصاب و أبي الحسن الخرقاني و أبي سعيد بن أبي الخير وأبي‌القاسم القشيري والخواجه عبدالله الأنصاري و أبي عبدالله الخفيف و أبي إسحاق الكازروني وأبي‌علي الفارمدي و الشيخ أحمد جام ژنده پيل، حيث كانوا يعدون ضمن الطبقة السادسة، أو التالية لها، و تشعبت الطرق الصوفية و ظهرت خانقاهات و طرق مستقلة بعدها.

و قد كانت هذه الطرق عديدة، أو متنوعة، و كان لها حسب شخصية المؤسسين نشاط أكبر و فروع أكثر، أو أقل. و تاريخ التصوف في الفترة بين الطبقة السادسة حتى العصر الحالي يمثل تقريباً تاريخ هذه السلاسل و الطرق، رغم أنه كان هناك أيضاً مشايخ في التصوف لم‌يكونوا ينسبون إلى أي من تلك الطرق، أو كانوا مرتبطين في نفس الوقت مع عدة سلاسل من هذه الطرق.

و خلال فترة توالي طبقات أكابر الصوفية، كان هناك أشخاص يعرفون بأئمة الصوفية، و كان أوائل معاريفهم ينتمون إلى الطبقتين الأولى و الثانية، و أواخرهم إلى الطبقتين الرابعة و الخامسة، و قد بذل هؤلاء جهوداً ملفتة للنظر في التمهيد لأصول الطريقة وتحولها من مجرد الزهد، أو سلوك العشق في السير إلى الله إلى مباحث العرفان التي كانت تشمل التأمل في الحقائق الإلٰهية و أسرار الوجود، و بذلوا الكثير من المساعي في التوفيق بين الطريقة والشريعة و خاصة في إزالة توهم التعارض بينهما، و إزالة سوء التفاهم بين الصوفية و المتشرعة. و من بين أئمة التصوف كان دور بايزيد البسطامي (تـ‍ 234ه‍ ) و الحارث المحاسبي (تـ 243ه‍) و محمد بن علي الترمذي، المعروف بالحكيم (تـ‍ 285ه‍) وكذلك أبـي‌القاسم الجنيد (تـ‍ 297ه‍) و أبي‌الحسين النـوري (تـ 295ه‍) وأبــي‌ ســعيـد الـخـراز (تـ‍ 286ه‍) وأبـي‌ عـبـد الله الـخـفيــف (تـ‍ 331ه‍(، متميزاً في تكوين أصول التصوف و العرفان وتطويرها.

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: