الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و بعد إخماد تجاوزات الخوارج، انشغل علي (ع) بإعداد العدة لحسم أمر معاوية، و لكنه جرح في رمضان 40ه‍، على إثر مؤامرة، بفعل ضربة من سيف عبدالرحمان بن ملجم المرادي، واستشهد بعد 3 أيام (البلاذري، ن.م، 2/487 و مابعدها؛ الطبري، 5/143 و مابعدها). اختار أصحاب الإمام علي (ع) بعد شهادته، ابنه البكر الإمام الحسن (ع) للخلافة، و لكن خلافته التي لم‌تستمر سوى بضعة أشهر و التي انقضت كلها بالحرب و النزاعات، انتهت أخيراً على إثر الصلح بينه و بين معاويـة (البلاذري، ن.م، 3/41-42) و بذلك، أمسك معاوية الذي كان يتحين الفرصة منذ أمد طويل، بزمام الحكم، و غيّر شكل الخلافة من خلال جعل الحكم وراثياً.

 

المصادر

آرنولد، توماس واكر، تاريخ گسترش إسلام، تج‍ : أبوالفضل عزتي، طهران، 1358ش؛ ابن إسحاق، محمد، السير و المغازي، تق‍ : سهيل زكار، دمشق، 1398ه‍/ 1978م؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر؛ ابن هشام، عبدالملك، السيرة النبوية، تق‍ : مصطفى سقا و آخرون، القاهرة، 1375ه‍/1955م؛ أحمـد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1313ه‍؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشـراف، ج 2، تق‍ : محمد باقر محمودي، بيروت، 1394ه‍/1974م، ج 3، تق‍ ‍‌: محمد باقر محمودي، بيروت، 1397ه‍/1977م، ج 5، تق‍ : غويتين، بيت المقدس، 1936م؛ م.ن، فتوح البلـدان، تق‍‌ : دي‌خويـه، ليــدن، 1866م؛ الـدينـوري، أحمـد، الأخـبـار الـطـوال، تق‍ : عبدالمنعم عامر، القاهرة، 1960م؛ شهيدي، جعفر، تاريخ تحليلي إسلام، طهران، 1363ش؛ الطبري، تاريخ؛ فلهاوزن، يوليوس، الدولة العربية و سقوطها، تج‍ : يوسف العش، دمشق، 1376ه‍؛ القرآن الكريم؛ المفيد، محمد، الجمل، قم، 1413ه‍؛ نصر‌بن مزاحم، وقعة صفين، تق‍ : عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1382ه‍/1962م؛ الواقدي، محمد، المغازي، تق‍ : مارسدن جونس، لندن، 1966م؛ اليعقوبي، أحمد، تاريخ، النجف، 1358ه‍/ 1939م؛ و أيضاً:     

.Guillaume, A., Islam, London, 1987

علي بهراميان /خ.

 

II. التعاليم و المبادئ الأساسية للإسلام

 

الأسس العقائدية

الأسس العقائدية للإسلام هي الإيمان والاعتقاد بالتوحيد و النبوة و المعاد. و في الحقيقة، فإن هذه الأصول الثلاثة تشكل أساس الدين الإسلامي بحيث إن مفاهيم جميع التعاليم الخبرية و الإنشائية التي جاءت في هذا الدين تدين في دلالتها إلى أحد هذه الأصول، أو كلها. و هكذا، فإن جميع الأشخاص الذين اعتنقوا الدين الإسلامي يعتقدون بهذه الأصول ويلتزمون بها، رغم أنهم يحملون آراء مختلفة إلى حد بعيد ومتعارضة كاملاً أحياناً بشأن تفاصيل و تفسير هذه العقائد، فهم لايشكون في أن: 1. اللـه تعالى هو خالق العالم و هو واحد في الذات و الصفات و الأفعال و لايشاركه في أمره أحد في أي حال من الأحوال؛ 2. محمد (ص) هو رسول اللـٰه و نبيه، و قد اختاره اللّٰه بعد سلسلة من الأنبياء كخاتم لهم. و القرآن الكريم هو مجموعة من أقوال اللـٰه أوحيت إليه؛ 3. المعاد، أي يوم القيامة حادث بلاريب وسوف يحاسب الناس في المحكمة الإلٰهية على أعمالهم و معتقداتهم السيئة و الصالحة، ليدخل الصالحون في نهاية المطاف الجنة، و الطالحون النار.

لم‌يأت مصطلح الأسس العقائدية و غيره في القرآن، ولايطالعنا هذا المصطلح في موسوعات الحديث مثل الصحاح الستة وبحار‌الأنوار استناداً إلى الفهارس التي كتبت عن مفردات هذه الكتب. وهذا مايدل على أن مثل هذا التعبير ظهر في المذاهب الكلامية بعد عشرات السنين من عهد النبي (ص)، حيث كان أصحاب هذه المذاهب يعملون على تبيين الدين الإسلامي في إطار مذهب فكري موحد. و على أي حال، فإن هذا المصطلح هو تعبير دقيق عن ماهية الدين و التدين في الإسلام، فالتدين يفقد معناه دون وجود كل من هذه المفاهيم.

 

ألف ـ معرفة اللّٰه

استناداً إلى تعاليم القرآن فإن وجود اللـه واضح و ظاهر. و رغم أن القرآن يطرح ديناً يتركز على اللّٰه وأن الحديث في جميع أرجاء هذا الكتاب الإلٰهي دار عن اللـه و أفعاله وشؤونه في جميع مظاهر عالم الوجود، و لكن شيئاً تحت عنوان «الاستدلال لإثبات وجود اللـٰه» لايطالعنا في هذا الكتاب الكريم (ظ: الطباطبائي، 1/395). و هكذا، فإن وجود اللـٰه ظاهر دون حجاب و لاريب فيه (إبراهيم/14/10). و قد ملأت آياته العالم بحيث إن قليلاً من التفكر و التدبر حول أبسط المخلوقات يكفي لأن يهدي الإنسان الغافل إلى الخالق (البقرة/2/164؛ الغاشية/88/17-22). إن معرفة اللـه تنبع من داخل الإنسان؛ حيث أودع اللّٰه معرفته فيه بشكل فطري (هود /11/51؛ الروم /30/30). و فضلاً عن ذلك، فالإنسان ليس هو وحده الذي يدرك اللـٰه، فالله ليس مجهولاً لأي مخلوق، سواء كان ذا روح، أوغير ذي ‌روح، ذلك لأن ظهور أي شيء لنفسه مدين لإظهار الله. و من جهة فإن جميع المخلوقات تسبح بحمده و تقدس له، و التسبيح لايجد معناه إلا عندما يعرف الحامد المحمود (النور/24/35، 41؛ الإسراء/17/44).

و لاشك في أن العرب قبل الإسلام كانوا يؤمنون بوجود مبدأ كانوا يسمونه اللـٰه، و يعبدونه بشكل ما. و يقسمون به (الأنعام/6/109؛ النحل /16/ 38)؛ و كانوا يعتبرونه واهب المطر، وبشكل عام واهب الحياة لكل الأحياء على الأرض، و كانوا يلجؤون إليه عند الشدة، و لم‌يكونوا يشكون في قدرته على الخلق (يونس /10/22؛ النحل/16/53؛ العنكبوت / 29/61، 63؛ لدراسة أكثر، ظ: إيزوتسو، 123-126). و هكذا، فإنهم كانوا يؤمنون ب‍ـ «التوحيد الذاتي» و أن ليس للعالم إلا مصدر واحد، ولكنهم لم‌يكونوا يؤمنون بـ «توحيد الأفعال و توحيد الصفات» بمعناه الاصطلاحي، و لذلك كانوا «مشركين». و بعبارة أخرى، فقد كانوا يعتقدون بوجود آلهة إلى جانب اللـٰه، بشكل تجريدي أحياناً، و على شكل أوثان أحياناً أخرى. و تعتبر السلسلة الطويلة من الآلهة العديدة التي كان يعبدها عرب الجاهلية موضوع كتاب الأصنام لابن الكلبي، و قد كان هبل و إساف و نائلة من الأصنام المعروفة و يذكر القرآن 8 أصنام بأسماء اللات و العزّى و مناة ووَدّ و سُواع و يغوث و يعوق و نسر. و يبدو أن يغوث و يعوق كانا إلى جانب الكعبة، و هبل على سقفها، و إساف و نائلة في الصفا و المروة (الطباطبائي، 10/285-287؛ لنظرة عامة، ظ: عنايت‌اللـه، 179-190). و إلى جانب هؤلاء، كان هناك مشركون آخرون يرون أن لله بناتاً و أبناء، أو أن المسيح مثلاً هو ابنه، أو حتى هو نفسه، أو أن الملائكة، أو بعضاً من الجن، أو القديسين أبناء اللّٰه (المائدة /5/72-73؛ البقرة/2/116؛ يونس/10/68؛ ظ: الطباطبائي، 15/61-62).

و يحارب القرآن بشدة بتعابير مختلفة، المعتقدات الشركية المتعارضة مع التوحيد. إن الصراع بين القرآن و المشركين لايقوم على وحدة مصدر عالم‌الوجود، أو كثرته، ذلك لأنهم كانوا يؤمنون بأنه واحد و لاشريك له، بل إن الصراع الأساسي كان بشأن الإلٰه بمعنى الرب المعبود. ذلك لأن المشركين كانوا يرون أن تدبير العالم أوكل إلى كائنات سامية قريبة من اللـه و تجب عبادتها كي تشفع لعابديها عند اللـه و تقربهم منه. فالآلهة كانت إلٰهاً لمن هو أدنى منها، فيما كان اللـه إلٰه الآلهة و خالق الجميع (الزخرف/43/ 9، 87؛ الزمر / 39/3، 38). و قد هب القرآن بإصرار وتأكيد لمجادلة الشرك دائماً و بين في ثنايا قصص الأنبياء السابقين أنهم جميعهم كانوا يدعون إلى هذا المعنى. كما كان نبي الإسلام (ص) يدعو بدوره المشركين إلى التوحيد بالحكمة والموعظة و الجدال بالتي هي أحسن، و لكن رد فعلهم لم‌يكن سوى الاستهزاء و الإيذاء و إثارة الفتن. و في بداية الأمر ضيق المشركون الخناق على النبي (ص) و أصحابه بحيث اضطر عدد منهم إلى أن يهجروا مكة و يهاجروا إلى الحبشة. كما حدثت فيما بعد معارك دموية بينهم و بين النبي (ص).

و يهتم الإسلام كثيراً باستئصال جذور هذه النزعة التعددية، وتقويض هذه العقيدة الباطلة، و قد ذكر القرآن استدلالات مختلفة لإزالة أي نوع من الشبهات، و ذلك لتفنيد فكر المشركين، ونشير هنا إلى موضع واحد و حسب: إذا افترض أن للعالم آلهة سوى اللـه، فيجب أن تكون كلها مختلفة في الذات، و متباينة من حيث الحقيقة؛ و بالتالي سيتباين تدبيرها. وعندما تختلف التدابير، فإن ذلك سيؤدي إلى اختلال نظام الكون. و لكن هذا النظام السائد هو وحدة تتلاءم أجزاؤها للوصول إلى غاية واحدة. و على هذا، فليس في العالم سوى تدبير واحد، و بالتالي ليس هناك من إلٰه سوى اللـه (الأنبياء /21/22).

و يوصي القرآن دوماً بالتوكل على اللـه، و الاعتقاد به، و قبول ولايته، و الود، أو العداء في سبيله، و الإخلاص في العمل، كما ينصح بتجنب الاتكال على غيره، و الابتعاد عن الاعتماد على الأسباب الظاهرية. و لذلك، فإن الشخص الذي يرى لشيء، أو شخص ذرة من الاستقلال و الغنى عن اللـه يعتبر مشركاً. و هكذا، فإن للشرك مراتب ودرجات بعضها ظاهر و بعضها خفي. و من حالات الشرك الخفي، الغفلة عن اللـه و التوجه إلى غيره، ولا‌ينجو من هذا الشرك سوى المخلصين (يوسف/12/106؛ ظ: الطباطبائي، 2/202-203، 11/275-276). و الشرك العملي هو أيضاً من مراتب الشرك و لايصدق إلا عندما يؤدي الإنسان عمله لإرضاء نفسه، أو من أجل الحصول على المال، أو ثناء الناس، لا‌للثواب الإلٰهي (م.ن، 4/354)؛ كما يعد اتباع الأهواء النفسية من حالات هذا الشرك (الجاثية/45/23). و لأن هناك درجة من التوحيد إزاء كل من مراتب الشرك، فإن أعلى مراتب التوحيد هي أن لايغفل الإنسان أبداً عن ذكر اللـه. و أما التوحيد العملي فيعني أن يؤدي الإنسان الأعمال الصالحة لمرضـاة اللـه و الثواب الأخروي وحسب.

و من المباحث الأخرى المتعلقة بالتوحيد، مسألة أسماء الباري تعالى و صفاته، حيث توجد بشأنها اختلافات في الآراء، ومجادلات واسعة (فضلآً عن الكتب التي كتبت في هذا المجال، مثلاً ظ: إبراهيمي، كافة أرجاء الكتاب؛ أيضاً ظ: ن.د، الأسماء والصفات). و يوجد هذا الإشكال في جميع الأسماء بأنها من صنع ألسنة الناس و أنهم وضعوها للمصاديق التي رأوها في أنفسهم، المصاديق التي لاتخلو من شائبة الحاجة و النقص. و لايمكن إزالة جوانب الحاجة و النقص عن بعض الأسماء مثل الجسم و اللون والمقدار، و لكن البعض منها من الممكن أخذه بنظر الاعتبار بشكل جدي مثل العلم و الحياة و المقدرة؛ بأن يكون العلم في الإنسان بمعنى الإحاطة بشيء عن طريق اقتباس من الخارج بالآلات المادية؛ و القدرة في الإنسان بمعنى القيام بالأعمال بالآلات المادية الموجودة في العضلات؛ و الحياة في الإنسان، تعني أن يكونوا بشكل بحيث يستخدمون آلات العلم و القدرة. ولايصح وصف اللـه بهذه المعاني الوصفية، و لكن إذا تجردت هذه المعاني عن الخصائص المادية و عبرنا عن العلم بمعنى الإحاطة بالأشياء، و القدرة بمعنى المصدر لخلق الأشياء، و الحياة بمعنى امتلاك العلم و القدرة، ففي هذه الحالة يجوز وصف الباري تعالى بهذه الصفات. و من جهة أخرى، يدل العقل و النقل على أن جميع الأوصاف الكمالية له، و هو الذي يفيض في الحقيقة بهذه الصفات على الآخرين. و على هذا، فإن اللـه عالم و قادر و حي وسميع وبصير...، و لكن ليس كالبشر، بل بشكل يليق بساحته المقدسة. وهكذا نستنتج أن بعضاً من الصفات الإلٰهية مثل الأوصاف المذكورة تفيد معنى ثبوتياً و تشتمل على معنى الكمال. فيما يتضمن البعض الآخر معنى سلبياً، مثل السُّبّوح و القدوس اللتين تستعملان لتنزيه اللـه من شوائب النقص و الحاجة. و لذلك قسمت صفات اللـه إلى ثبوتية و سلبية. كما قسمت أسماء الباري و صفاته إلى ذاتية و فعلية: فالذاتية مثل الحياة و القدرة و العلم بالذات والتي هي جميعها عين الذات؛ و الصفات الفعلية مثل الخلق والرزق بشكل بحيث تقتضي في تحققها أن تقع من قبل الذات المفروضة. و بذلك فإنها زائدة على الذات بمعنى أنها تنتزع من مقام الفعل الإلٰهي (الطباطبائي، 8/342-352).

ب ـ علم الكون: لايقتصر عالم الكون على العالم المحسوس، فنطاقه أوسع بكثير من عالم المرئيات. و يسمي القرآن العالم المحسوس «الشهادة» و يضعه في مقابل «الغيب» (الرعد/13/9). إن أهمية الإيمان بالغيب في التعاليم القرآنية تبلغ درجة بحيث اعتبرت من خصائص المتقين أسوة بإقامة الصلاة و الإيمان بالوحي و الآخرة (البقرة/2/3-4). و بالطبع فإن إنكار الغيب يؤدي مباشرة إلى إنكار الدين و التورط في الإلحاد. و خلافاً للشهادة فإن الغيب يعني الأمور التي لايصل إليها الحس، مثل اللـه والوحي. فلايعلم خزائن الغيب و مفاتيحها سوى اللـه، و العلم بالغيب يقتصر على اللـه (الأنعام/6/59). و معرفة وقت القيامة هي من جملة الأمور الغيبية التي يجب على النبي (ص) نفسه أن يعلن بصراحة و بأمر اللـٰه أنه يجهلها (الأعراف/7/187-188).

و حسب علم الكون الإسلامي، توجد كائنات في العالم تسمى الملائكة. و قد تحدث القرآن مراراً عن الملائكة، و لكنه لم‌يذكر أياً منها، سوى ملكين هما جبرائيل و ميكائيل، و لم‌يقدم عن الآخرين سوى وصف لها مثل ملك الموت (السجدة/32/11)، وكراماً كاتبين (الانفطار/82/11)، وسفرة كرام (عبس/80/15-16). و هذه الملائكة هي مخلوقات عالية المرتبة تؤدي دور الوسيط بين اللـه و العالم المشهود. فلايوجد في العالم حادث صغير، أو كبير إلا و كانت موكلة بحدوثه. و بالطبع فإنها لاتفعل شيئاً سوى تنفيذ الأوامر الإلٰهية (التحريم/66/6؛ ظ: الطباطبائي، 17/12-13). و الملائكة عباداللـه المكرمون و لايعصون أمره أبداً (الأنبياء /21/26-27). و الملائكة أولو أجنحة مثنى و ثلاث و رباع (فاطر/35/1) تستطيع بها التردد من السماء إلى الأرض و بالعكس و من كل مكان إلى آخر. و قد جاء في بعض الروايات أن الملائكة خلقت من نور، و قدمت أحاديث أخرى أوصافاً محيرة عن كبرها و عددها الكثير و خلقها الدقيق (الطباطبائي، 17/7- 8).

و مع الأخذ بعين الاعتبار العدد الكبير للملائكة، فإن كلاً منها يشغل مقاماً و المقامات بدورها تشتمل على درجات عليا و دنيا. وبعبارة أخرى فإن البعض منها مطاع و البعض مطيع (الصافات/37/164؛ التكوير/81/19-21). و تتولى الملائكة أ‌عمالاً وواجبات مختلفة. و على سبيل المثال فإن الرقيب و العتيد موكلان على الإنسان و يسجلان أفعاله و أقواله (ق /50/17- 18). و البعض من الملائكة في يوم القيامة من جملة من يشفعون للمذنبين (الأنبياء /21/ 28). ويتولى البعض الآخر ممن هم غلاظ شداد، تعذيب الجاحدين و الأشرار في يوم القيامة (التحريم /66/6). و يرى بعض المفسرين أن الملائكة لم‌تخلق من مادة جسمانية تتعرض للفناء و الفساد و التغيير. و قد فسرت الأحاديث التي وردت بشأن امتلاك الملائكة للصور و الأشكال، بأن هذه الأشكال هي مجرد صور تمثلت للنبي (ص)، و أن الملائكة ليست جسمانية بحد ذاتها (الطباطبائي، 17/13).

و يعد الجن أيضاً من الكائنات غير المرئية المحجوبة عن حواسنا. و إن جذر هذه الكلمة لم‌يكن بعيداً عن هذه الميزة (ظ: الراغب، مادة الجن). و قد خلقت من النار (الحجر/15/27؛ الرحمٰن/ 55/15). و يذكر القرآن الجن في سور مختلفة، و يتحدث عن أعمالها العجيبة وسرعة حركتها (النمل /27/39). يمتلك الجن خصائـص مثـل الإنـسان كـالإحـساس و الإرادة، فمنهـم النـساء والرجـال (الجـن/72/1، 6)؛ وهـم مكلفـون ولـذلك ففيهـم المؤمـن و الكافر،و الصالح والطالح (الجن/72/11، 14)؛ كما أنهم محكومون بالحياة و الموت، وسيواجهون الحشر و القيامة (الجن/72/15-16).

و الشياطين من أنواع الجن المهمة. و تطلق لفظة الشيطان كاسم عام على كل شخص متكبر و متمرد من الجن و الإنسان والحيوان، و خاصة كل كائن مافوق‌الطبيعة، و مصدر الشر. وكاسم خاص فإن الشيطان، أو إبليس هو ملك من زمرة الجن وله ذرية وقبيلة (الكهف/18/50). و قد كان لفترة من المقربين للحضرة الإلٰهية مع الملائكة، و لكنه عصى أمر اللـه في السجود لآدم لأنه رأى نفسه مخلوقاً من نار و أسمى من الإنسان الترابي (البقرة/ 2/34؛ ص/ 38/75-76). و أخيراً، طرد الشيطان من جملة الملائكة وأصبح ملعوناً ولقب بالرجيم. ثم استمهل اللـه أن يؤخر عذابه إلى القيامة، و بعد أن قبل طلبه، قال لله و عزتك لأغوينهم أجمعين (ص/ 38/77-83)، و بذلك فإن الشيطان هو العدو اللدود للإنسان وهو الذي تسبب في خدع آدم وحواء وإخراجهم من الجنة (البقرة/ 2/36). و مع كل ذلك، فإن الشيطان ليس بإمكانه أن يجبـر البشر علـى الذنوب، بـل إنه يدعوهم إلـى الشر و حسـب، و البشر هم الذين يتحملون مسؤولية أعمالهم في القيامة (إبراهيم/14/22).

إن مايبدو من آيات القرآن في مجال خلق السماء و الأرض، هو أن خلقهما لم‌يكن من العدم المحض، بل إنهما كانتا قبل هذا الشكل الظاهري، مادة متراكمة امتدت من أجزائها في يومين، أو برهتين من الزمان، لتظهر الأرض الحالية. و الدخان هو المادة التي خلقـت منهـا السماوات و قـد فتقت هي الأخـرى و تحولت إلـى 7‌ سماوات في فترتين. و من بين هذه السماوات، السماء الدنيا هي هذا العالم المزدحمة بالنجوم العالقة فوق رؤوسنا. و لم‌يتحدث القرآن عن السماوات الست الأخرى. و تشير بعض الآيات إلى أن السماء هي موضع الملائكة و لها أبواب مغلقة أمام الكافرين، وأن الأشياء و الأرزاق تنزّل منها (الطباطبائي، 10/150-151، 17/ 369-370).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: