الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإسلام /

فهرس الموضوعات

و استناداً إلى ماذكره اليعقوبي، فقد دخل المسلمون الحرب ضد مدن الإمبراطورية الرومية الشرقية عدة مرات في فصول السنة المختلفة خلال 41-59ه‍/661-679م (2/175-176). ففي عهد معاوية شُن هجومان كبيران بهدف الاستيلاء على القسطنطينية. وكان يزيد بن معاوية يقود أول هجوم و ذلك في 49ه‍/669م (قا: م.ن، 2/176). حيث كان قد أمضى الشتاء في خلقيدونة الواقعة على الساحل الآسيوي للقسطنطينية. و يقال إن جند يزيد كانوا أول من رأى من المسلمين العاصمة الرومية (الطبري، 5/232؛ حتي، 261). و قد شارك في هذه الحملة عدد من الصحابة مثل ابن عباس و ابن عمر و ابن الزبير و أبي أيوب الأنصاري (الطبري، ن.ص). و توفي أبو أيوب في هذه المعركة و دفن عند أسوار المدينة (ظ: ن.د، إستانبول). كما فتحت جزيرة رودس في عهد معاوية في 53ه‍/673م، و عمل المسلمون بالزراعة فيها (الطبري، 5/ 288؛ فتشافاليرى، ن.ص).

و خلال 54-60ه‍/674-680م حدثت لعدة مرات معارك صيفية و شتوية في آسيا الصغرى (الطبري، 5/293-321). ففتحوا في البدء، جزيرة أرفاد (كوزيكوس) قرب القسطنطينية (م.ن، 5/293) و حولوها إلى قاعدة للهجوم على القسطنطينية و محاصرتها. وخلال هذه المحاصرة، منع الروم المسلمين من الاستيلال على المدينة من خلال استخدام «النيران اليونانية» (حتي، 262-263). ورغم أن الأسطول العربي ترك بعد معاوية البسفور و بحر إيجة، و لكن الهجمات الصائفة المتتالية استمرت (م.ن، 623). و نشبت أكبر الهجمات و أهمها في 97ه‍/716م، حيث بعث سليمان بن عبد‌الملك أخاه مسلمة بن عبدالملك لمحاربة الروم و الاستيلاء على القسطنطينية (اليعقوبي، 2/ 258). و حاصر مسلمة هذه المدينة بجيش جرّار و المئات من السفن (المقدسي، 4، 5، 926؛ فتشا‌فاليري، 94). و استمرت هذه المحاصرة 30 شهراً (المقدسي، 927). و قد انشغل المسلمون في الزراعة في أطراف المدينة، و«أكلوا من زراعتهم» (الطبري، 6/530؛ اليعقوبي، ن.ص) و بنى مسلمة مسجداً في تلك الحوالي (حتي، 265). و قد أدى نقض العهد من قبل اليون المرعشي الذي كان دليلاً للجيش (المقدسي، 926-927) ثم أصبح ملك الروم (الطبري، 6/531)، و كذلك الجفاف والجوع و البرد (اليعقوبي، ن.ص) وهجمات البلغار المتتالية، و وفاة الخليفة و الأمر بالإقفال، إلى هزيمة المسلمين (ابن تغري بردي، 1/240-241؛ حتي، 264-265). كان هجوم مسلمة على آسيا الصغرى، آخر محاولة جادة للمسلمين للسيطرة على عاصمة الإمبراطورية الرومية (فتشافاليري، ن.ص). و في هذه الفترة، كان نشاط ثوار جراجمة المسيحيين الذين كانوا من مؤيدي الدولة الرومية و الذين كانوا يدافعون كالسد المنيع عن آسيا الصغرى، من العوامل المهمة للحيلولة دون انتشار نفوذ الإسلام في هذه المنطقة (حتي، 266).

و في عصر العباسيين، كان المهدي أول من استأنف الهجوم على آسيا الصغرى. ففي جمادى الآخرة 165/ كانون الثاني 782 (الطبري، 8/152؛ قا: اليعقوبي، 2/396) أرسل ابنه هارون بجيش جرار إلى الدولة البيزنطية، و بلغ هارون بعد فتح بعض الولايات الرومية، «خليج البحر» (البسفور)، و طلبت أغسطة، أو إيرن (الطبري، ن.ص؛ حتي، 378) زوجة اليون، الصلح، و أذعنت إلى إرسال الخراج، فقبل هارون (الطبري، ن.ص). و لكن نيكفور الأول الإمبراطور التالي امتنع عن دفع الخراج (حتي، 379-380). وقدم هارون من الرقة إلى آسيا الصغرى و استولى على هرقلة (اليعقوبي، 2/441؛ حتي، 380). و توجه من بعده المأمون في 218ه‍/833 م إلى بلاد الروم ليحاصر عمورية، حيث كان يريد أن يرحّل أعراب البادية إلى تلك المدينة، و يقيم هو نفسه في القسطنطينية (اليعقوبي، 2/493) و من المحتمل أن هذا هو السبب الذي دفعه إلى عدم الموافقة على اقتراح الصلح الذي تقدم به الملك الرومي؛ و لكنه توفي في أثناء ذلك، و لم‌يحقق نتيجة (ن.ص).

و في 223ه‍/ 838م قام الروم بهجمات انتقامية، و أعملوا النهب و القتل في زبطرة. و في هذا التاريخ توجه المعتصم العباسي من هذا الجانب إلى بلاد الروم (م.ن، 2/501-502) و أحرق عمورية التي كانت من المدن البيزنطية المنيعة و المهمة (ن.ص؛ لسترنج، 147). و منذ هذا التاريخ، اقتصرت هجمات المسلمين على المناطق الرومية في آسيا الصغرى، على هجمات متفرقة كانت تُشن كل سنة في الفصول المختلفة (حتي، 381).

أثـر الضعف الداخلي فـي الدولـة الإسلامية في القرنيـن 3و4ه‍ و إقامة الدول الصغيرة و الكبيرة في رقعة الخلافة، على العلاقات الخارجية أيضاً. و من الدول التي يمكن ذكرها، الدولة الحمدانية التي حاربت الروم في تلك السنة نفسها. فقد حارب سيف‌الدولة الحمداني الروم لعشرين سنة (م.ن، 590). حتى إنه تقدم في فترة من الفترات إلى مرعش و بنى قلعة على الحدود أصبحت قاعدة هجماته القادمة على آسيا الصغرى. و رغم أن سيف‌الدولة لم‌يحقق نجاحاً كبيراً في هجومه على الروم، و لكنه منعهم لفترة من التطاول على البلاد الإسلامية (ظ: ن.د، الحمدانيون). و بعد القرن 4ه‍/10م، لم‌يكن هناك نزاع جدي بين المسلمين و الروم، و رغم أنهم كانوا يتناوبون على القلاع الحدودية، إلا أن ذلك كان أمراً عابراً و غير دائم (فتشافاليري، 94).

كانت الحدود بين بلاد المسلمين، والروم في آسيا الصغرى حدوداً طبيعية حتى حوالي أوائل القرن 7ه‍/13م. و قد كانت جبال طوروس و أنتي طوروس هي التي تعين هذه الحدود. و قد كانت تقع على هذا الخط الحدودي قلاع عديدة تعرف بالثغور من ملاطية على ساحل الفرات و حتى طرسوس على الساحل المتوسط. و كانت هذه القلاع التي كان المسلمون و الروم يتناوبون في السيطرة عليها، تقسم إلى مجموعتين هي الثغور الجزرية في الشمال الشرقي و التي كانت تحافظ على الجزيرة، والثغور الشامية في الجنوب الغربي. و من أهم المناطق الحدودية على هذا الخط ملاطية و مصيصة و زبطرة و مرعش و هي المنطقة التي سميت فيما بعد بالهارونية، و كنيسة و عين زربى ــ أنازاربة حالياً من توابع أدانا (سامي، 1/ 388) ــ و عندما سقطت هذه المناطق، أو المدن العامرة و الكثيفة السكان بيد المسلمين أصبحت تحظى بالاهتمام و اكتسبت طابعاً إسلامياً، و كانت المدن تبنى بين الحين و الآخر في تلك المنطقة (مثلاً ظ: حدود العالم، 170-171؛ الإصطخري، 65-66؛ لسترنج، 137-138). و قد بنى المسلمون في جميع هذه المدن المساجد و مخازن المياه والمدارس و الأماكن الدينية و العامة الأخرى؛ و حولوا معابد المسيحيين الكبرى إلى مساجد و شيدوا الجسور و منها «جسر الوليد» على نهر سيحان في أدا (م.ن، 139-140).

كانت طرسوس من أكبر مدن آسيا الصغرى التي سيطر عليها المسلمون و تحولت إلى مركز عسكري لمحاربة الروم. و كان يحيط بهذه المدينة سوران حجريان و كان أهلها معروفين بالشجاعة (الإصطخري، 66؛ ابن حوقل، 168)، حيث قيل إن 100 ألف فارس كان يقيم فيها، و كان المسلمون من البلدان الإسلامية المختلفة يتجمعون في معسكر هذه المدينة لمحاربة الروم، و كان الخلفاء العباسيون مثل المهدي و هارون يولون اهتماماً كبيراً لهذه المدينة (لسترنج، 141-142). و يبدو أن المسلمين كانوا يرابطون في القرن 4ه‍/10م في قسم كبير من هذه الثغور، و كان نهر لاموس الذي كان العرب يسمونه اللامس، يشكل حدود البلادالإسلامية، و كان يتم فيه تبادل الأسرى المسلمين والمسيحيين (ن.ص).

و بسبـب وجـود الحـدود الطبيعيـة بيـن الممـالك الـروميـة و الإسلامية، فقد كان اجتياز هذه الحدود للقيام بالعمليات العسكرية، أو التجارية يتم عن طريق ممرات أهمها: درب الحدث الذي كان يتجه من مرعش نحو الشمال و يصل إلى أبلستين (البستان)، و ممر كيليكية الذي كان يتجه إلى إستانبول عبر طريق رئيس (م.ن، 142-143؛ ابن خرداذبه، 100-102).

و يـبـدو أن الـحـروب المتتــاليـة بيـن الـروم و المسلميـن و الاستيلاء على المدن الحدودية من جهة، و العلاقات التجارية والعلاقات الثقافية على أثرها بينهم من جهة أخرى، جعل نفوذ المسلمين و الدين الإسلامي في آسيا الصغرى ممكناً. إن هذه العلاقات وكذلك الاضطرابات الداخلية في الدولة البيزنطية، وأخيراً ظهور القبائل التركية المسلمة في القرن 5ه‍/11م ودخولها آسيـا الصغرى، كل ذلك فتح عهداً جديداً في تاريخ هذه المنطقة و مسيرة أسلمتها و يرى بابينغر، أن هؤلاء الأتراك، أو السلاجقة بعبارة أخرى و الذين تغلبوا بسهولة على الإمبراطورية البيزنطية حققوا الانتصار الحاسم و الأكيد للإسلام في هذه البلاد الجديدة في نفس الوقت الذي استولوا فيه على تراثها (ص 127).

و في الحقيقة يجب القول إن العالم الإسلامي حينما كان يواجه الأزمات الداخلية و الضغوط الخارجية، فقد ظهر السلاجقة بقوة جديدة، و أقروا مرة أخرى الوحدة السياسية للعالم الإسلامي، ونفخوا روحاً جديدة في الحضارة و الثقافة الإسلاميتين.

كان النفوذ في آسيا الصغرى من أكبر انتصارات السلاجقة، حيث كانت تعتبر موطن الشعوب المختلفة ذات الحضارات المتنوعة، و بمنزلة جسر يربط بين 3 قارات. و قد حدث أول هجوم للتركمان المسلمين على آسيا الصغرى في 409ه‍/ 1018م، حيث كان ذا طابع استطلاعي في الغالب. ثم رحّل السلاطين السلاجقة الكبار عدداً كبيراً من التركمان إلى الإناضول و أوجدوا فيها قوة ضد الدولة البيزنطية و مع كل ذلك، فقد بدأت الهجرة الكبرى للسلاجقة بعد معركة ملازجرد و انتصار ألب‌أرسلان على رومانوس ديوغنس إمبراطور الدولة الرومية الشرقية و ذلك في ذي‌القعدة 463/آب 1071 (الآقسرائي، 16-17؛ توران، «تاريخ...» 137-144، «الأناضول...»، 231-232)، باعتبارهم المدافعين عن الإسلام و طلائعه إلى آسيا الصغرى (ن.ص). و قد وسعوا نفوذهم في جميع أرجاء الأناضول و حتى سواحل بحر مرمرة و إيجة مستغلين الأوضاع المضطربة للدولة البيزنطية (رانسيمان، 52). وقد تغيرت التركيبة الاجتماعية و السكانية في آسيا الصغرى بشكل تدريجي، و حدثت فيها تغييرات دينية و ثقافية عميقة، بحيث اعتبرت نتيجة لإقبال عامة الناس على الدين الإسلامي (توران، ن.م، 231-233). و قد كان السلاجقة قد استولوا على مدينة «آني» عاصمة أرمينيا الصغرى قبل معركة ملازجرد، لينهوا حكم الأسرة البقراطية (لسترنج، 148-149). و بعد الانتصار في ملازجرد، هزم أرتق بك قائد ألب أرسلان، القائد الرومي إسحاق كومننوس في 464ه‍/1072م و تقدم حتى نهر ساكاريا. و من جهة أخرى طلب الإمبراطور جان دوكاس المساعدة من أرتق بك في مواجهة الثورات الداخلية، و بذلك، بلغت الجيوش الإسلامية خليج إزميت التي كانت أقرب مدينة إلى حاضرة الإمبراطورية (توران، «تاريخ»، 213، «الأناضول»، 234). و بعد فترة استولى سليمان‌بن‌ قتلمش بعد وفاة ألب أرسلان على قونية في الأناضول ثم توجه إلى إزنيق و اتخذها عاصمة و أسس سلالة السلاجقة في آسيا الصغرى (الأقسرائي، 19-20؛ توران، «تاريخ»، 214، «الأناضول»، ن.ص؛ بابينغر، ن.ص؛ لسترنج، 149). كانت السيطرة على إزنيق التي تتمتع بأهمية كبيرة في العالم المسيحي، من الأحداث المهمة للغاية في القرن 5ه‍/11م (توران، ن.ص).

زادت السيطرة على مدن أدانا و طرسوس و مانيسا و عين زربى من قبل السلاجقة من قوة المسلمين في آسيا الصغرى، واعترف الخليفة العباسي بحكومة سليمان بإرساله الخلعة والمنشور له (توران، «تاريخ»، 217، «الأناضول»، 236). دفعت سيطرة الدولة السلجوقية على آسيا الصغرى، الدول المسيحية إلى التفكير؛ فقد طلب الإمبراطور ميخائيل السابع، المساعدة من البابا غريغوريوس السابع و أعلن موافقته على التحالف بين الكنيسة الأرثوذوكسيـة ـ الكاثوليكية، و دعا البابا بدوره ملوك أوروبا إلى محاربة المسلمين، و تهيأت منذ هذا الوقت مقدمات الحروب الصليبية (م.ن، «تاريخ» 215، «الأناضول» 235).

و خلال الحروب الصليبية، اضطر السلاجقة و المسلمون إلى أن ينسحبوا من إزنيق و أطرافها بعد أن سيطروا عليها لمدة 25 سنة، و اختاروا قونية عاصمة لهم (م.ن، «تاريخ»، 220). حكم السلاجقة في آسيا الصغرى تلك المنطقة حوالي قرنين باعتبارهم المدافعين عن الإسلام، و كانوا يوسّعون من نطاق نفوذهم يوماً بعد آخر، حتى إن القسم الأكبر من شبه‌جزيرة آسيا الصغرى أصبح حتى القرن 8ه‍/14م جزء من رقعة الدولة الإسلامية (لسترنج، 151). و يمكن تصور سعة رقعة حكم السلاجقة من خلال ترتيب تقسيم البلاد من قبل قليج أرسلان بين أبنائه (الآقسرائي، 30).

و عندما اتسعت دولة سلاجقة الأناضول، كانت هناك 3 مناطق حدودية قد لفتت أنظار الغزاة المسلمين للسكن فيها. و كانت هذه الولايات الواقعة على امتداد الحدود الرومية الشرقية عبارة عن كيليكية (تشوخورافا حالياً) أو إمارات ملك السواحل، في الجنوب و حاضرتها علائية و أنطالية؛ و في جهة الشمال، أي على امتداد سواحل البحر الأسود، إمبراطورية طرابوزان البيزنطية و سيمرة وسامسون و بافْرا على السواحل الشرقية و قسطمونيا وسينوب في غربها؛ و أخيراً الحدود الغربية و مدنها قره حصار دولي (أفيون قره حصار)، كوتاهية و دينيز، حيث كانت تمتد من قسطمونيا حتى خليج مكري (إينالجيك، 263). كانت هذه الولايات تدار في عهد السلاجقة من قبل أمراء كانوا ممثلي السلطان و القادة العسكريين للمنطقة في نفس الوقت (ن.ص) وكانوا يعتبرون أنفسهم غزاة، أي مجاهدين في سبيل الإسلام، ويحاربون الكفار و البيزنطيين (شاو، 1/34-35) و لذلك كانت الولايات المذكورة تسمى ولايات الغزاة (إينالجيك، ن.ص). وكان يعيش في هذه الولايات بالإضافة إلى المسلمين أشخاص من قوميات مختلفة كانوا قدهربوا بسبب اضطرابات المناطق الشرقية و لجؤوا إلى الحدود الإسلامية. و على إثر الامتزاج الثقافي، تحولت مدن هذه الولايات إلى مراكز ثقافية مهمة. و قد حافظ المسيحيون الساكنون في الأناضول على دينهم، و اعتنق البعض منهم الإسلام. و كانت المؤسسات الحكومية مؤسسات إسلامية، ونما التصوف بشكل واسع. و في هذه الفترة كان الإسلام يتمتع بنفوذ و أهمية كبيرين باعتباره الدين و الثقافة الغالبين في المنطقة (شاو، ن.ص). و هكذا يمكن القول إن الفترة التي دامت 200 سنة من حكم السلاجقة في آسيا الصغرى أدت إلى الانتشار السريع للإسلام في هذه البلاد. و الدليل و الواضح على ذلك وجود آثار إسلامية تعود إلى عصر السلاجقة في جميع أرجاء آسيا الصغرى.

و مع هجوم المغول على آسيا الصغرى و هزيمة السلاجقة في 641ه‍/1243م في منطقة كوسه‌داغ (توران، ن.م، 228-230)، سقطت رقعة حكمهم بيد أمراء كانوا تابعين للسلاجقة سابقاً، وكانوا يعتبرون من التركمان الذين قدموا من تركستان إلى الأناضول، و كانوا قد سكنوا في المناطق البيزنطية بعد موافقة القساوسة الأرثوذوكس (م.ن، «الأناضول»، 251)، و شكلوا بعض الإمارات من خلال المشاركة في الحروب التي كانت تدور في الدولة السلجوقية (شاو، 1/31). و قد كانت هذه الإمارات عبارة عن قارامان في أطراف قونية و أرمناك (أوزون چارشيلي، «الإمارات...». 1-37) و جيرميان في الشمال الشرقي في منطقتي كوتاهية و دينيزلي (ن.م، 25,39-54)، و آيدين في أطراف أزمير والجنوب الغربي من الأناضول (ن.م، 102-119)، و منتشه في المناطق الحدودية و الساحلية الجنوبية الغربية و تضم مدن موغلا و بالات و ميلاس (ن.م، 70-83)، و كذلك صاروخان و أشراف وقراسي و ذو‌القدر في مناطق آسيا الصغرى المختلفة. و كانت كل من هذه الإمارات تحكم بشكل مستقل، و كان لها دور هام في نشر الثقافة الإسلامية و تثبيتها و كذلك تحويل آسيا الصغرى إلى منطقة إسلامية. و توجد الآن آثار كثيرة من مساجد و مدارس ودور الشفاء و دور القرّاء و ما إلى ذلك في جميع أرجاء مدن الأناضول تعود إلى عهد هذه الإمارات (ن.م، 228-234، مخ‍ ).

و قد كان العثمانيون مستقرين في إحدى هذه الإمارات، حيث يمكن القول إنها كانت أصغرها. و قد قيل الكثير حول جذورهم القومية و لكن المسلم به أن جدهم أرطغرل رحل إلى الأناضول، وخدم السلاجقة، فمنحت لهم منطقة سوغوت على حدود الولاية البيزنطية بوصفها إقطاعاً و قام ابنه عثمان مؤسس الدولة العثمانية بتوسيع الأراضي و محاربة الإقطاعيين المسيحيين بمساعدة البيزنطيين (شاو، 1/41-42). و بعد أن اكتسب القوة الكافية هجم على إزنيق و بدأ بنشاطه باعتباره قائد الغزاة مستغلاً نفوذ الشيخ إده بالي، و وسع بلاده من إسكي‌شهر حتى سهول إزنيق و بورسا و أسس إمارة مستقلة و طبقت شهرته الآفاق خلال مدة قصيرة (إينالجيك، 267-268). و بادر من بعده ابنه أورخان إلى ضرب النقود و قراءة الخطبة كحاكم إسلامي، و ساعد الأمراء الآخرين في محاربة الكفار، و ضم مناطق جديدة إلى رقعة الحكم الإسلامي في هذه المنطقة (شاو، 1/439). و يرى بابينغر، أن هذه القبيلة كانت قد أسلمت قبل القدوم إلى آسيا الصغرى، و قد كانوا متأثرين بعمق بحركة الصوفية، و استمروا في تحويل آسيا الصغرى إلى منطقة إسلامية مواصلين بذلك إنجازات السلاجقة، وساعدوا على نشر طرائق مثل المولوية و البكتاشية من خلال إقامة الزوايا و الخانقاهات و التكايا في جميع أرجاء الأناضول (ص 132-133).

الصفحة 1 من57

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: