الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

وقد أدى انهيار الدولة الصفوية في 1135ه‍ / 1723م وسقوط أصفهان إلى تراجع إنتاج الحرير والنسيج في إيران. وتدهور إنتاج الحرير في مازندران في القرن 13ه‍ / 19م إلى حد الزوال. ومع كل ذلك، فقد كانت مدن يزد، كاشان، أصفهان وكرمان تواصل بجهودها إنتاج المنسوجات الحريرية، القطنية والصوفية. ورغم أن عدد المعامل في المدن مثل كاشان هبط من 8 آلاف في القرن 11ه‍ الى 800 في منتصف القرن 13ه‍ ، وحلت الأوشحة الوبرية الكشميرية محل الأوشحة الكرمانية وانتزعت المنسوجات القطنية الأوروبية من المشاغل الصغيرة اليدوية في إيران، القدرة على المنافسة، مع كل ذلك، فقد استمرت معامل إنتاج الأقمشة المزركشة بالذهب في يزد وكاشان وحياكة الأوشحة في كرمان والأقمشة المخططة حتى النصف الثاني من القرن 14ه‍ وانبرى مرة أخرى أساتذة هذه المدن لإحياء فنهم (مكداول، 159,166-168).

الصناعات المعدنية

  شأن سائر فنون هذا العصر، انتقلت الأساليب التقليدية للصناعات المعدنية في العصر الساساني، دون تغير إلى العصر الذي تلاه ويبلغ التماثل بين الصناعات اليدوية المعدنية في القرون الإسلامية الأولى وبين النماذج الساسانية المشابهة حداً جعل الباحثين وخبراء الفن المعروفين في إيران، یشککون في عصر صناعتها. وقد وصلتنا آثار معدنية عديدة تظهر الترابط بين صناعات هذا العصر، سواء من حيث الشكل، أم النقوش. ومن هذه الآثار صينية برونزية مستدیرة يتم الاحتفاظ بها في متحف برلين. وقد رسمت في الدائرة الوسطى منها صورة قصر، أو معبد نارمحصور بين 22 عقداً مزیناً بالتصاميم الإسليمية المختلفة. ويرى استرزي جوسكي وزاره وپوپ أن هذه الصينية تعود إلی العصر الساساني، فيما يعتبرها سواجه من العصر الإسلامي (زماني، 167- 168). وهذا الاختلاف في الرأي، قائم أيضاً بین پوپ وغیرشمن فيما يتعلق بكأس متحف بالتيمور الذي يحمل تصميماً لملك وملكة ساسانية (پوپ، 53؛ قا: غيرشمن، ن.م، 218). 
ويتم الاحتفاظ بعدد من الأواني المعدنية في متاحف العالم وخاصة في متحف أرميتاج في سان بطرسبورغ. وفي هذا المجال، علینا أن نذكر عدداً من الأواني ذات كتابات بالخط البهلوي الساساني، صنع الأول بأمر شروين الذي كان من ملوك أسرة مسمغـان في دماونـد ــ والـذي استمـر حكمـه حتـى 141ه‍ /  758م ــ ، وكان الآخر يعود إلى أمير ساساني يدعى دادبرزمهر الذي كان يحكم طبرستان بين سنوات 110-121ه‍ /  728- 738م وهناك أيضاً إناءان من الفضة كتب اسما صاحبيهما عليهما وهما پيروزان ومهربوجت ویوجد عليهما نقش يمثل رحلة صيد بهرام گور (ديماند، 132؛ زماني، 169). 

إناء برونزی مکفت بالفضة، من صناعة هراة (أواخر القرن 6 ق)


وهناك مجموعة أخرى من الصناعات المعدنية في القرون الهجرية الأولى تمثل استمرار أسلوب الصناعات اليدوية الساساني، ومجموعة من صناعات يدوية لفنانين إيرانيين يلاحظ عليها كتابات بالخط العربي، فضلاً عن اشتمالها على جميع خصوصيات العصر الساساني. ويمكن أن يؤرّخ هذا النوع من الآثار بسهولة خلافاً للآثار المذكورة سابقاً، ولا شك في أنها تعود إلى العصر الإسلامي، وقد صنعت في إيران حتى القرنين 5و6ه‍ / 11و12. والنموذج البارز لهذه المجموعة هوكأس ألب أرسلان السلجوقي وقد حفر على هذا الكأس الذي يتم الاحتفاظ به في متحف بوسطن للفنون الجميلة ويعود تاريخ صناعته إلى 459ه‍ / 1067م، اسم ألب أرسلان وألقابه بالخط الكوفي على الطريقة الإيرانية وتلاحظ عليه نقوش تمثل نورسين وماعزين مجنحين بشكل متقابل على جانبي شجرة الحياة على الأسلوب الساساني وماقبله (پوپ، 70،67). 

جلد زینتی لکتاب خمسة نظامی، من صناعة الفنان محمد بقار (أوائل القرن 13 )


والاختلاف الواضح الوحيد في الآثار المعدنية بعد العصر الساساني، استخدام البرونز بدلاً من معدن الفضة الغالي الثمن. ورغم أننا نلاحظ أحياناً آثاراً مصنوعة من الفضة في القرون الأولى، ولكن المعدن المستخدم في غالبية آثار هذا العصر هو البرونز. وقـد ازدهر أسلوب تزيين الأشياء بقطع، أو أشرطة من الفضة منذ القرن 5ه‍ / 11م وبلغ ذروته في 6ه‍ / 12م. ومن النماذج البارزة لفن الصناعات المعدنية في هذا العصر، إناء برونزي ذو قاعدة وعروة يحمل تاريخ 559ه‍ / 1163م في هراة، وقد تم تغليف كتاباته ونقوشه بصفائح رقيقة من الفضة والنحاس، وكان قبل ذلك في مقتنیات بوبرنيسكي ويحتفظ به الآن في متحف أرميتاج. وقد بدأ تزيين الصناعات المعدنية بهذا الأسلوب من شرق إيران (خراسان) وانتشر حتى الموصل ودياربكر. وكانت مدن همدان، أصفهـان وشيرازمعروفة بصناعة هذا النوع مـن الآثار المعدنية (ظ: آلن، 173,176-178؛ إتینغهاوزن، 337,339؛ حسن، 244). 
 
إن وجود أسماء بعض الفنانين الإيرانيين على الأواني المصنوعة في الموصل، يدل بوضوح على هجرة الفنانين من الشرق وحتى غرب المناطق التي كان السلاجقة يحكمونها في هذا العصر. بل إن عدداً من الفنانين رحلوا إلى الشام ومصر. ويظهر تنوع الآثار المعدنية مثل أنواع الأواني، المقلمات، الصناديق، المرايا، قواعد الشمعدانات ولاسيما المباخر التي صنعت على شكل حيوانات، والدقة التي بذلت في صناعتها، منعطفاً جديداً في فن الصناعات المعدنية. وقد أضفى فن الحفر، طرق الذهب والفضة، الترصيح بالمعادن، الخط والرسم في صناعات هذا العصر، التكامل على فن الصناعات المعدنية. وكان من الشائع في هذا العصر وخاصة في خراسان الاستعمال الواسع للنقوش الكتابية وخاصة تلك التي زينت نهايات الامتدادات العمودية لحروفها بوجوه بشرية أو نقوش الحيوانات (ظ: آلن، 176). 
ورغم أن هجوم المغول أدى لفترة قصيرة إلى ركود هذا الفن، ولكنه مالبث أن استعاد ازدهاره السابق. ويغلب على الصناعات المعدنية في القرنين 7و8ه‍ / 13و14م، النوع البرونزي المطروق والمرصع بالفضة. ومن جملة هذه الآثار المقلمات الشبيهة بنظيراتها في القرون السابقة، الشمعدانات المسبوكة الكبيرة والصغيرة، الهاونات البرونزیة، الكرات المرصعة بالذهب والفضة والأباريق البرونزية المرصعة بالفضة وذات النقوش والكتابات والتي صنعت في شيراز وآذربايجان والعراق والموصل. ودخل فنانو هذا الفن من جدید مرحلة الانکماش، بسبب الاجتیاح المدمر لتیمور في العقود الأخیرة من القرن 8ه‍ ، ولكن أعقابهم اجتمعوا في مدن المناطق المفتوحة في سمرقند، وأحدثت تجارب الفنانين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة تيمور مع المذاهب الفنية المختلفة، تكاملاً وتطوراً جديداً. وعلينا أن لانتجاهل دور المصممين والرسامين والخطاطين الذين بلغوا بالفن الإيراني في هذا العصر إلى ذروة جديدة، من حیث الإنجازات المعدنیة (م.ن، 181-182؛ حسن، 247-250). 
وفي القرنين 10و11ه‍ / 16و17م المتزامنين مع حكم الملوك الصفويين، احتل فن الصناعات المعدنية مكانة خاصة. فقد ازدهرت في هذا العصر صناعة الأواني النحاسية المبيّضة المزينة بأنواع النقوش، ولاسيما النقوش الإسليمية المتشابكة مع النقوش الكتابية ذات الخطوط الرائعة وكذلك الأدوات البرونزیة ومنها الشمعدانات العالية التي كانت أحياناً مدورة وأحياناً مضلعة ومحّززة وبعضها يحمل نقوشاً ملتويـة (آلن، 182؛ ديماند، 154-155). ومما يستحق التقدير براعة الفنانين الإيرانيين في هذا العصر في صناعة الآثار الفولاذية. وقد تم تشبيك هذه الأدوات وترصيعها بالذهب بمهارة تثیر الإعجاب، حيث كانت تشمل أنواعاً مختلفة من الأدوات اليدوية الصغيرة مثل مقص المقلمات وحتى الدروع والخوذ والسيوف واللوحات التزيينية وغيرها. وتتميز النقوش المرصعة بالذهب على الفولاذ والتي نقشت في أغلب الحالات في مستوى الصور الجميلة المرسومة على الورق، أو قُماشة الرسم، تتميز بالدقة. وكانت مدينة أصفهان تعتبر في هذا العصر من أكبر مراكز الصناعات المعدنية في إيران (م.ن، 155؛ حسن، 253-255). كما تتمتع الإسطرلابات المصنوعة في هذا العصر بالقيمة الفنية، فضلاً عن قيمتها العلمية (آلن، 176,177,182-184). وقد استمر أسلوب الصناعات المعدنية في العصر الصفوي ولكن بجودة أدنی في طوال القرنين 12و13ه‍ /  18و19م. 

تزيين الكتب

  لم يتبق نموذج من كتب القرون الإسلامية الأولى كي يكون بـإمكاننا إصدار الأحكام بشأن هذا الفن. ولاشك في أن تضرر المخطوطات يعد من عوامل ذلك؛ ولكن بما أن الفنون الأخرى في العصر الساساني واصلت نشاطها في العصر الإسلامي، فإننا لانستطيع أن ندخل هذا الفرع ضمن الفنون المنسية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار روايات مؤرخين مثل المسعودي وحمزة الأصفهاني وآخرين حول مشاهدة كتب مزينة بصور الملوك الساسانيين في إصطخر بفارس والمدن الإيرانية الأخرى (حمزة، 34؛ برند، 293-294). هذا فضلاً عن الاكتشافات الأثرية لتورفان والشاملة لأقسام من أرجنك لماني والتي كتبت وزينت بالنقوش في القرون الهجرية الأولى ونحن نعلم أن مبدعيها كانوا قد هاجروا في العصر الساساني إلى تلك المنطقة من آسيا الصغرى (غراي، 14). 
ويجب القول فيما يتعلق بتزیين الكتب إن عناصر فنية عديدة استخدمت في إعداد المخطوطات المزينة، حتى تشكل أخيراً ماعرف منذ القدم بـ «المخطوطات الإيرانية المصورة» لا في الفن الشرقي وحسب، بل في الغرب أيضاً. وقد كانت تستخدم في إعداد الكتب الإيرانية الخطوط، الرسم، التذهيب، وأنواع الأغلفة المختلفة، التجليد، التلوين وتزيين الورق والتزيينات الأخرى. وهكذا، فقد كان عدد الفنانين الذين كانوا يشتركون في إبداع مخطوطة مصورة ومزينة، أضعاف مبدعي أي أثر فني آخر، ذلك لأن كل فرع من الفنون المذكورة كان يتم بيد أحد الفنانين في مرحلة منفصلة وحسب الترتيب (ظ: حسن، 62، 68ومابعدها، 132 ومابعدها). 
وقد كانت صناعة الورق بحد ذاتها عملاً تقنياً ـ فنياً انتقل عن طريق شرق إيران، أي اولاً من سمرقند إلى بغداد مركز خلافة العباسيين، ومنها إلى جميع أرجاء البلدان الإسلامية (ظ: ابن النديم، 23)، وفي نهاية المطاف إلى أوروبا. 
كان الإيرانيون يتمتعون ببراعة فریدة في صناعة أنواع الورق ذات الجودة العالیة وتلوينها وكذلك صناعة ومعالجة الأوراق المذهبة. وقد كانت تتم تنشية الورق في المرحلة التكميلية لصناعته ثم يصقل ويعد للرسم والكتابة. ومنذ ذلك الحين كان يتم إيكال كتابة نص المخطوطة إلى الخطاطين. وكان يتم اختيار الخطاطين الأكثر شهرة حسب مكانة الموصي بتزيين الكتاب. وعند كتابة المخطوطة، كان الكاتب يترك الصفحات، أو أجزاء من بعض الصفحات خالية كي يصورها الرسام بمجالس متعلقة بالنص. وفي المرحلة التالية كان الفنان المذهّب يزين المخطوطة بالديباجات، والطُّرر والتزيينات الأخرى المتداولة في كل عصر ومذهب. وقد كان فن التذهيب يحتل مكانة خاصة في فن تزيين الكتب الإيرانية في جميع المخطوطات مثل المصاحف، الشاهنامات، الدواوين، التواريخ والكتب العلمية وكان الإيرانيون يعتبرونه فناً رفيعاً (برند، 292). 
وإن هذا الفن الذي نلاحظ أنه كان في البدء مقتصراً على ماء الذهب وبتصاميم نباتية بسيطة من سعف النخل في المخطوطات القديمة للقرآن، تحول تدريجياً إلى فن لا نجدله نظيراً في العالم، وذلك من خلال استخدام الألوان المختلفة والتصاميم المعقدة والبالغة الدقة (ظ: م.ن، 232-233). وبعد اجتياز هذه المرحلة كان المجلّد يتولى هذه المرحلة من تكميل العمل على المخطوطة. ويتمثل أقدم نموذج معروف من مجلدات العصر الإسلامي مجلـد قرآني من الجلد أرّخت كتابته في 292ه‍ / 905م. وتشمل تزيينات هذا المجلد، طرة وسط كل دفة من المجلد وحاشية بنقوش منقرة بالقلم الفولاذي. ويتم الاحتفاظ بهذا المجلد في مكتبة تشستربيتي (جيمز، 119). كما توجد نماذج أكثر ذات نقوش أدق تعود إلى القرون 4 حتى 6ه‍ / 10 حتى 12م، حيث زينت أجزاء منها بهذا الأسلوب ويتضمن بعضها نقوشاً محدّبة أيضاً في متاحف العالم ومكتباته الشهيرة. ومن جملة ذلك مجلدات عدد من مخطوطات الكتاب الشهير منافع الحيوان الذي كتب في مراغة في العقد الأخير من القرن 7ه‍ (برند، 233-234؛ إتینغهاوزن، 380). ويعد «عبد الرحمن» أول مجلِّد وقّع اسمه على عمله. ويلاحظ توقيعه على غلاف جزء من القرآن الكريم بخط أحمد السهروردي كتب في 704ه‍ / 1304م. ويعتبر هذا المجلد من الآثار الموجودة في المتحف الوطني الإيراني (ظ: ن.د، أحمد السهروردي). 
وقد ترك انتشار صناعة الكتب في تبريز في القرن 8ه‍ / 14م أثراً كبيراً على صناعة المجلدات النفيسة؛ ولكن القرن 9ه‍ / 15م يعتبر مسَتهلّ عصر، بلغ فیه التجليد في إيران، التكامل وذروة الجمال. ولم تكن خراسان ولاسيما مدينة هراة أكبر مركز فني في إيران وحسب، بل تحولت إلى المركز الفني للعالم الإسلامي. ولم يصبح فن تزيين الكتب في هراة ومنه التجليد، منطلق المذاهب اللاحقة في تبريز وأصفهان فحسب، بل إنه شمل أيضاً المناطق الخاضعة لحكم الإمبراطورية الكوركانية في الهند والعثمانية في القسطنطينية (حسن، 137؛ ديماند، 83-84). ويمكننا ملاحظة تأثير فن التجليد الإيراني حتى على بلاد إيطاليا وخاصة الفن في البندقیة. وقد انطلق فن تذهيب المجلدات الأوروبية وتزيينها على طريقة الشرق الإسلامي، من هذا العصر نفسه. 
ومنذ القرن 9ه‍ / 15م، وفضلاً عن التطور الملفت للنظر في المجلدات الجلدية المذهبة، شاع نمط من الأغلفة الجديدة بتصاميم دقيقة للغاية ومتشابكة عرف باسم «سوخت» (محرُقة) وكانت تزين تطعیم الجلد. وقد كانت نقوش هذه الأغلفة تنفّذ من قصاصات الجلد الرقيقة بتصاميم معقدة، حيث كانت تلصق على أرضية من الأقمشة الملونة الحريرية، أو الجلد الملون. وقد كان هذا النوع من التزيين يستعمل في الغالب للقسم الداخلي من الأغلفة، ذلك لأنه كان يتضرر بسرعة بسبب دقة العمل. وكانت النقوش نباتية، هندسية وحيوانية في الأغلفة المعرقة ولا نلاحظ بينها النقوش البشرية إلا نادراً. وفي أغلفة المصاحف كانت تستعمل النقوش النباتية فقط (م.ن، 81-82)
وتعتبر الأغلفة الزینیة آخر مظاهر فن التجليد الإيراني. وهذا النوع من الأغلفة الذي کان یضم في الغالب القماش والمقوى المتشكل من طبقات الورق المتلصقة، قد شاع منذ أواخر القرن 9وحتى القرن 13ه‍ على نطاق واسع. وقد كان الرسّامون يؤدون دوراً أساسياً في إبداع هذا النوع من الأغلفة وكانت رسوم الغلاف تتألف بشكل رئيس من نفس نقوش الرسم. وكان الرسام يرسم نقوش الغلاف بالألوان المائية على القماش المعد على المقوى ثم يكوّن غلافاً شفافاً على سطحها عن طريق مسح طبقات مكررة من زيت الكمان (مزيج من السندروس وزيت بزر الكتان). وقدكانت هذه الطبقة الشفافة تحافظ على الغلاف من لمس اليد والغبار والتراب والعوامل الأخرى (ظ: برند، 249). 

الخط

  كان الخط باعتباره فناً مشتركاً يحظى دوماً باهتمام الشعوب المسلمة. وقد نظر المسلمون إلى هذا الفن نظرة تکریم وإجلال بسبب الحرمة التي أضفاها القرآن الكريم على الخط والكتابة (القلم / 68 / 1؛ العلق / 96 / 4) وكان الفنانون الخطاطون يتباهون بفنهم، ولذلك، تبقت أسماء الخطاطين خلافاً للكثير من فناني الفروع الفنية الأخرى. أما في النصوص السابقة أو تحت آثارهم، فأصبحت خالدة بذلك. وهم يدينون في هذا الخلود لكتابة القرآن في الغالب، حيث تعتبر مخطوطاته القديمة في عداد أقدم الآثار المكتوبة المتبقية من الحضارة الإسلامية والتراث الثمین المشترك لجميع الشعوب الإسلامية (إتینغهاوزن، 22-23). 
لقد اهتم الإيرانيون قبل أي شعب من الشعوب الإسلامية بالخط، وبذلوا الجهود لتطويره ونشره. فهم کانوا رواداً، مؤسسين ومبدعين في مسيرة تطور الخطوط الإسلامية وتكاملها وصیاغة قواعد الخط وقوانينه وتحويل «الكتابة» إلى فن «الخط» لاوبل كانوا أول من وضع قوانين الخط وقواعده. وإن العرب الساكنون في الحجاز والذين نقلوا الخط العربي إلى البلدان المفتوحة باعتباره الخط الرسمي للمسلمين، كانوا حتى ماقبل ظهور الإسلام وفي العصر الجاهلي، شعباً بدوياً يسكن الخيام وبعيداً عن الحضارة والسكن في المدن. وقد كان الخط المستعمل لما يقرب من قرن قبل الإسلام في الحجاز وبين عدد قليل من الناس الذين كانوا يسافرون إلى البلدان المجاورة بسبب العلاقات التجارية، مقتبساً من الخط النبطي. وتعد النقوش الحجرية في حران المكتوبة في 568-569م آخر نموذج تبقى وعرف عن الخط الأخير الذي يعتبر أكثر نماذجه تطوراً. وهذه المدونة لا تخلو من جوانب الخط وحسب، بل إنها أيضاً عديمة الحظ من القواعد الثابتة للكتابة (زين الدين، 305،3). ومن البديهي أن الخط المقتبس منه، أي العربي الحجازي عند ظهور الإسلام ــ كمـا ذكر ذلـك بصراحة ابـن النديم (ص 8) وابـن خلدون (ص 388) ــ كان خطاً بدائياً ومفتقراً إلى أساليب الخط وقواعد الكتابة.  
ويرى الإيرانيون أن الإمام علي (ع) الذي أبدع أسلوب الخط لأول مرة، في كتابة الخط لكوفي بأسلوبه؛ ولذلك، فإنهم ينحدرون بشجرة الخطاطين إليه (ع). إنّ ظهور خطاط معروف في النصف الأول من القرن 2ه‍ ، اشتهر بكتابة القرآن، أي مالك بن دينـار بـن دادبهار بـن جشنش بـن دادبـه (تـ ح 130ه‍ /  748م) (ابن النديم، 9) یدلّ على أن الإيرانيين تحولوا إلى رواد ومؤسسين لفن الخط. وقد كان سقوط دولة بني أمية في 132ه‍ / 750م على يد أبي مسلم الخراساني وتسلم بني العباس مقالید الخلافة على يد الإيرانيين، يمثل تحولاً كبيراً في ثقافة البلدان الإسلامية وفنهـا بدعم مـن الوزراء الإيرانييـن المثقفين ومنهـم البرامكة (ظ: پوپ، «الخط»، 1710-1712). وقد ظهر في فن الخط وجه معروف مثل «خشنام» الذي بقيت مخطوطاته معروفة حتى القرون التالية (ابن النديم، 9-10). وظهر بعده وجهان بارزان آخران، أي إبراهيم السجزي (تـ 200ه‍ / 816م)، ويوسف السجزي (تـ 210ه‍ / 825م)، حيث كانا كلاهما من المقربين للوزير العباسي المعروف الفضل بـن سهل ذي الرئاستين (مق‍ 202ه‍ / 817م)، وقد أوصلا فن الخط إلى ذروة جديدة (ظ: إيراني، 88). 
وكان العلماء والأدباء الإيرانيون أول من بادر إلى تأليف كتب ورسائل حول الخط، ومنهم ابن درستويه الفسائي (258-347ه‍ /  872- 958م) وأبو حيان التوحيدي الشيرازي من بعده (ح 310-ح 414ه‍ / 922-1023م). 

 

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: