الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

لقد ظهرت في أواسط العهد الساماني وأوائل ظهور البویهیین سلالة من الحکام الإیرانیین في کرمان عرفت بآل إلیاس (317-357ه‍ / 929- 968م). کان مؤسسها أبو علي محمد بن إلیاس من قادة الدولة السامانیة وأبوه من کبار القواد في بلاط نصر بن أحمد الساماني الذي أرسله إلی طبرستان لمحاربة ناصر کبیر العلوي وفي الصراعات الداخلیة بین الأسرة السامانیة وقع أبو علي محمد تحت المطاردة فتوجه نحو کرمان في 317ه‍ تارکاً وراءه نیشابور (ابن الأثیر، 8 /  208-211؛ قا: ناصر الدین، 15؛ وزیري، 59) واستولی علیها ثم جعل الخطبة باسم عماد الدولة البویهي بعد عملیات کرّوفرّ (ابن الأثیر، 8 / 324-326؛ وزیري، 62-63). مع ذلک کله لیس من الواضح أنه کان منقاداً للبویهیین وخاصة أنه في أواخر حکمه کان یطمع في السیطرة علی رقعة حکم رکن الدولة وصرّح العتبي بأنه کان خاضعاً للدولة السامانیة (ص 308). ومهما کان الأمر فإنه حصل علی الخلعة ولواء الحکم من الخلیفة المطیع بدعم من معز الدولة أحمد (أبو علي مسکویه، 2 / 176). حکم کرمان ثلاثة أشخاص من هذه السلالة وکان آخرهم سلیمان بن محمد الذي لقي مصرعه في معرکة قامت بینه وبین گورگیر بن جستان نائب عضد الدولة وبذلک اضمحلت سلالته (ابن الأثیر، 8 / 609).
في هذه الأثناء ظهرت سلالة أخری عرفت بآل محتاج لیحکم مناطق من خراسان أکثر من نصف قرن أي منذ 321 إلی 381ه‍ / 933 إلی 991م وکانت تدعو إلی الاستقلال بین حین وآخر وإنها من أخلاف الأمراء الچغانیین ــ علی ضفاف جیحون ــ المعروفین بچغان خدات (لسترنج، 468) وکان مؤسسها محتاج بن أحمد وتولی الحکم بعده سبعة أشخاص من أولاده وأحفاده حتی لقي آخرهم مصرعه في الصراعات بین الغزنویین والسامانیین واضمحلت السلالة بأکملها (گردیزي، 368-405؛ عتبي، 94؛ أیضاً ظ، ن.د، آل محتاج).
وأما السلالة الأخری التي ظهرت في أواخر العهد الساماني وباعتبارها دولة محلیة فإنها آل مأمون وحکامها حکموا خوارزم لمدة قصیرة (385- 408ه‍ / 995-1017م) وبعضهم لقبوا بخوارزمشاه. وإن أول رجل معروف من هذه الأسرة هو أبو علي المأمون الأول ابن محمد خوارزمشاه الذي کان حاکماً علی گرگانج قبل 385ه‍ واستولی علی کاث بسبب ضعف الدولة السامانیة وأطاح بحکم محمد بن أحمد خوارزمشاه من آل العراق وتولی بعده مقالید الأمور أبو العباس مأمون بن مأمون في 399ه‍ / 1009م إلا أنه کان من السلطان محمود الغزنوي علی جانب کبیر من الحذر لئلا یتخذ من سلوکه ذریعة ومع ذلک اضطر في نهایة المطاف إلی أن یخطب له علی المنابر وأخیراً أطاح السلطان محمود بحکم أبي الحارث محمد بن علی آخر أمراء آل مأمون بعد أن سیطر علی خوارزم (عتبي، 130، 151؛ بیهقي، 668-669، 675). کانت سلالة مأمون تهتم بالعلم کثیراً کما کان بلاطهم محط العلماء المبرزین أمثال أبي ریحان البیروني وأبي علی سینا وأبي الخیر الخمار وأبي سهل المسیحي.
ظل الغزنویون ــ الذین ورثورا حکومة خراسان بعد السامانیین ــ یتبعون سیاسة الخضوع للخلیفة وإن کانت طاعتهم في إطار الرسمیات (ظ: باسورث، «الغزنویون» 48،46)، بحیث کان محمود الغزنوي وابنه مسعود یخضعان لأوامر الخلیفة فیما یتعلق بظواهر الأمور في أدارة الحکم وإن الخلیفة یفوض إلیهما السلطة (ظ: عتبي، 182-183). وبالمناسبة کان یتم تبادل رسائل التهاني والتعازي بینهما وبین جهاز الخلافة وکانا یرسلان للخلیفة حصته من الغنائم وخاصة مما حصل لهما من غزو الهند وإن هذه الطاعة الظاهریة کانت تجعل أغلبیة المسلمین لایرتابون في شرعیة سلطتهما (مثلاً ظ: باسورث، «الغزنویون الأوائل»، 169). مع کل ذلک، کانت الدولة الغزنویة دولة مستقلة وإن المراسیم والأوامر الحکومیة یصدرها السلاطین علی هواهم وحسب النزعات الاستبدادیة الشخصیة شأنها شأن السامانیین إلا أن تنفیذها کان یتم باسم الخلیفة.
تبدأ سلالة الغزنویین بأبي إسحاق ألپ تکین أحد مملوکي أحمد بن إسماعیل ونصر بن أحمد الساماني الذي أصبح فیما بعد أمیر جیوش خراسان. لما نشبت الخلافات بین ألپ تکین ومنصور بن نوح ودارت رحي الحرب، توجه ألپ تکین بغیة الجهاد إلی کابل ومنها إلی غزنة (351ه‍ / 962م) وسیطر علیها وجعلها دار الإمارة وخلفه ابنه إسحاق لفترة قصیرة الأمد. ثم جاء بدوره سبکتکین من مملوکي ألپ تکین وصهره لیفرض سلطته علی غزنة باعتباره المؤسس الحقیقي للدولة الغزنویة. استمرت هذه الدولة منذ سیطرة ألپ تکین علی غزنة حتی اضمحلالها علی ید الغوریین في 582ه‍ / 1186م مایناهز 230 سنة وفي هذه الأثناء کانت تتمتع بالاستقلال حیناً وتخضع للسلاجقة حیناً آخـر. وکان آخر حکامها ــ تاج الدولة خسرو شاه وابنه سراج الدولة خسرو ملک ــ طردا من غزنة واتخذا من لاهور مقراً للحکم (إقبال، 252-288). وفي هذه الحقبة ومتزامناً مع الطاهریین والسامانیین والغزنویین ظهرت سلالات أخری في بعض المناطق من إیران لم تکن تخضع لخلافة بغداد بل وإنها تأسست واستقلت بالحکم أثر انطلاق حرکات التمرد ضد الخلافة العباسیة منها: الدولة العلویة في طبرستان والتي کانت تنتمي إلی الشیعة وتدعي الخلافة، أسسها حسن بن زید الملقب بالداعي الکبیر وکانت حسن قد هرب إلی الري بعد إخفاق ثورة یحیی بن عمر حفید زید في أیام المستعین (أبو الفرج، مقاتل، 420) ومنها توجه نحو دیلم وقام بنشر دعوته. فلم یلبث حتی لبّی دعوته أهالي طبرستان وبایعوه (250ه‍ / 864م) بعد أن کان عمال محمد بن عبد الله بن طاهر ضیقوا الخناق علیهم وسرعان ما استولی حسن علی مناطق واسعة من طبرستان ورویان وألحق الهزیمة بجنود قارون بن شهریار من قواد آل قارن وجیوش الطاهریین. ثم لقي هزیمة من جنود یعقوب بن لیث إلا أنه استطاع أن یسترد إمارته بعـد قلیل واستولی أبنه محمد (حک‍ : 270-281ه‍ /  883-894م) علی گرگان وما إن قصد هراة وسیستان حتی لقی مصرعه. ثم تولی مقالید الأمور حسن بن علی المعروف بناصر کبیر وخاض عدة معارک مع السامانیین حتی بسط هیمنته علی طبرستان بأکملها وأجزاء من گیلان. ثم تولی الحکم صهره وخلفه حسن بن قاسم (304-316ه‍ / 916- 928م) فوجد أمامه من جهة أولاد ناصر کبیر کشروا عن أنیابهم ومن جهة أخری اصطف السامانیون لمحاربته. فحینئذ تحالف معه ماکان کاکي وعلی بن بویه من قادة الدیلم في الحرب ضد أعداء العلویین إلا أن حکمه لم یدم طویلاً ولم یلبث حتی ألحق به جنود أسفار هزیمة في 316ه‍ وقتلوه وبذلک سقطت الدولة العلویة في طبرستان (إقبال، 114-125).
ومن الثورات التي اندلعت نیرانها  فی هذه الأیام لنیل الاستقلال في الولایات الشمالیة، ثورة أسفار بن شیرویه الدیلمي ومرداویج الزیاري وثورة الدیالمة البویهیة وکانت بعض هذه الثورات مثل ثورة مرداویج تکنّ في طیاتها أهداف أخری ماعدا الإطاحة بالخلافة العباسیة (ن.م، 133). وکان مرداویج یعرض الولایات المفتوحة للقتل والنهب ولم یکن یتیسر للخلیفة الدفاع عنها. مع ذلک فإن قتل أسفار (ابن إسفندیار، 1 / 294) لم یجد نفعاً للخلیفة لأن مرداویج الزیاري الذي کان من قواد الخلیفة وله ضلع في قتل أسفار (319ه‍ / 931م) لم یلبث حتی انتهج نهج أسلافه وسرعان ما بسط هیمنته علی متصرفات أسفار وأسس سلالة أطلق علیها آل زیار (ن.د). أخذ مرداویج في بدایة أمره یتبع أسفار وبذل جهوده في إحیاء دولة جدیدة تضاهي نظام الحکم الساساني کما هّیأ لنفسه عرشاً وتاجاً محاکاة للملوک الساسانیین (زرین کوب، روزگاران، 2 / 133) وفرض علی أهالي همدان وأصفهان ودینور ضرائب باهظة وکلف جنوده ولاسیما الممالیک الأتراک أعمالاً شاقة لاتطاق ماحملهم أخیراً علی قتله في الحمام في 323ه‍ / 935م (ابن الأثیر، 8 / 298 ومابعدها). وبعد مرداویج خلفه أخوه وشمگیر وهو من المحاربین ورجل شبه قروي غیر أنه لم یتبع مغامرات أخیه ورغم الحقد الذي کان یکنه للعباسیین إلا أنه أقبل علی مصالحة الخلیفة کما أظهر الطاعة للسامانیین أیضاً.
اعتلی عرش آل زیار بعد وشمگیر، ابنه بیستون ثم قابوس بن وشمگیر ومن بعده حفیده منوچهر بن قابوس. وبعد ذلک تنحی آل زیار عن التمرد وخضعوا للخلیفة العباسي شأن السامانیین والطاهریین إلا أنهم لم یمثلوا دوراً ملحوظاً علی مسرح الحوادث في ذلک العصر.
مع کل ذلک لم یتخلص الخلیفة من تهدیدات الدیالمة ومعارضتهم وکانت أغلبیة العناصر الدیلمیة من الشیعة المترعرعین تحت عباءة العلویین في طبرستان. وبعد مقتل وشمگیر واجه الخلیفة تمرد أولاد أبي شجاع بویه ماهیگیر (= الصیاد) أي علي وحسن وأحمد الذین شقوا عصا الطاعة علی نهج یعقوب ومرداویج وشنوا هجماتهم علی مناطق من فارس وأصفهان وکرج أبي دلف (أبو علي مسکویة، 1 / 299؛ ابن الأثیر، 8 / 268). ثم طردوا حکام الخلیفة من الولایات وبسطوا سلطانهم علی رقعة واسعة تضم أصفهان وفارس وخوزستان وتقاسموها بینهم. فأصبحت فارس ملک علی بن بویه الأخ الأکبر وأصفهان ونواحي ماد السابقة لحسن بن بویه الأخ الأوسط وکرمان وخوزستان لأحمد بن بویه الأخ الأصغر. ولم یلبث حتی استغل أحمد تدهور الأوضاع في بلاط الخلافة وشن هجوماً علی خوزستان وسیطر علی بغداد (334ه‍ / 946م). ثم عزل الخلیفة المستکفي وأحل محله الخلیفة المطیع لله (334-363ه‍‍ / 946-974م) الذي کان في الحقیقة مطیعاً له (الذهبي، العبر، 2 / 26-47؛ ابن الأثیر، 8 / 450-451).
علی أیة حال اعترف الخلیفة الجدید بحکم أحمد وسلطانه وأنعم علیه بلقب معز الدولة کما لقب أکبر الإخوة البویهیین عماد الدولة وأطلق علی حسن الأخ الأوسط لقب رکن الدولة. وبالرغم من أن معز الدولة وإخوته کانوا علی مذهب التشیع منتمین إلی الشیعة الزیدیة علی مایبدو (ظ: م.ن، 8 / 82؛ أیضاً ظ: ن.د، البویهیون، التطورات المذهبیة) إلا أنهم أخذوا یتعاملون مع الخلیفة الذي کان طوع بنانهم بالتکریم والاحترام الفائق علی حد کبیر. وسرعان ما ألقت الصبغة الشیعیة بظلالها علی ولایات تحت أمرهم ومنها بغداد (مثلاً ظ: ابن الجوزي، 7 / 15؛ أیضاً، الهمداني، 187) ولم یلبث حتی رفعوا رایة العصیان ضد الخلیفة بعد أن جعلوا شیعة العراق متآزرین متکاتفین وأسسوا دولة مستقلة وأصبحت مناطق من إیران والعراق في حوزتهم. وقد یمکن اعتبار هذه الدولة أولی سلالة مستقلة إیرانیة ظهرت بعد سقوط الدولة الساسانیة. وبعد عماد الدولة أصبح عضد الدولة بن رکن الدولة في 338ه‍ / 949م سلطاناً علی فارس وحاول في بدایة أمره أن یعزل عز الدولة بختیار بن معز الدولة من الحکم إلا أن والده وقف في وجهه وعرضه للتهدید فانصرف عضد الدولة عما کان علیه وأوکل الأمر إلی مابعد وفاة رکن الدولة (ابن الأثیر، 8 / 691). بعد وفاة عضد الدولة (372ه‍ / 982م) وبالرغم من انعدام ذلک التآزر الذي کان یجمع بین أخلاف بني بویه ظل الخلیفة في بغداد لعبة بأیدیهم ولم یزل منصب أمیر الأمراء في حیازتهم.
مایجدر بالذکر أن العصر البویهی یحظی بمکانة خاصة في تاریخ الإسلام وإیران ویعود السبب في ذلک أولاً إلی التطورات الرئیسة التي أحدثها البویهیون في الأبعاد السیاسیة والاجتماعیة في بلدان العالم الإسلامي الشرقیة وثانیاً إلی أن الدولة البویهیة کانت بمثابة حلقة لانتقال السلطة الرسمیة إلی الأمراء الأتراک في عالم الإسلام وإیران. وما حري بالذکر من الناحیة المذهبیة هو أن البویهیین لأول مرة في تاریخ الإسلام أخضعوا الخلیفة وهو علی مذهب السنة لأمراء کانوا علی مذهب الشیعة ومن الناحیة الثقافیة یعتبر العصر البویهي من أزهی العصور في تاریخ الحضارة الإسلامیة، بحیث لایمکن دراسة المؤلفات القیمة التي ألفها العلماء في بلاط البویهیین في مختلف المجالات العلمیة دون الأخذ بنظر الاعتبار دور الأمراء المثقفین لهذه السلالة (ظ: ن.د، البویهیون، المجتمع والثقافة، أیضاً التطورات الدینیة). وأما إیران والعراق في أواخر العهد البویهي فإن کل منهما تورط في الفوضی والاضطرابات، بحیث لو لم تکن تظهر الدولة السلجوقیة لتنقذ الخلیفة من أذناب البویهیین لأصبحت الخلافة العباسیة علی مشارف الاضمحلال وخاصة عندما عمت الاضطرابات الناتجة عن الصراعات بین الأمراء و وقعت بغداد فی قبضة أرسلان البساسیري الذي غیّر الخطبة فیها باسم الخلیفة الفاطمي في مصر (ظ: الذهبي، ن.م، 2 / 289).
في الفترة التي کانت دولة البویهیین آیلة إلی الاضمحلال ونجمة الأمل متلألئة في سماء السلاجقة قامت جماعة أخری من الأمراء الدیلمیین في شمال إیران تهدد کیان الخلافة والأمرا الخاضعین للخلیفة العباسي. وکانت هذه الجماعة متمثلة  في فرعین الاسبهبدیة وکین خوازیه من سلالة الباوندیین المنحدرین إلی الساسانیین علی حد تعبیرهم (کریستن سن، 377؛ ابن إسفندیار، 1 / 147-152). کان الباوندیون یحکمون مناطق من مازندران منذ القرن 1ه‍ / 7م وبالرغم من خوضهم معارک ضاریة مع العباسیین إلا أنهم احتفظوا باستقلالهم ومن جانب آخر اعتنقوا الإسلام منذ النصف الثاني من القرن 3ه‍ / 9م تزامناً مع انطلاق ثورة حسن بن زید ونشر الإسلام ومذهب الزیدیة في طبرستان والدیلم ولما خاض أمراء الإسبهبدیة وکین خوازیة معارک مع السلاجقة وأتسز خوارزمشاه سدّ الدیالمة طریقهم للتغلغل في ممتلکاتهم (ظ: ن.د، آل باوند).
کان بنوحسنویه سلالة من السلالات التي أقامت حکومة شبه مستقلة في النصف الثاني من القرن 4ه‍ / 10م في مناطق من ولایات الجبال وکردستان ولرستان وإنهم من أصل کردي وکان مؤسسها حسنویه بن حسین من الشیعة یطمح إلی ممتلکات البویهیین ولعب بنوحسنویه دوراً کبیراً ومؤثراً في صراعات البویهیین الداخلیة حتی انقرضت هذه السلالة في نهایة المطاف علی ید شمس الدولة البویهیین وأبي الشوک الغازي حاکم کرمانشاه (ظ: ن.د، بنوحسنویه).
ثمة دولة أخری من الدویلات الدیلمیة عرفت بآل کاکویه واستقلت بالحکم في المناطق المرکزیة والغربیة من إیران منذ 398 حتی 536ه‍ / 1008 حتی 1142م. بسطت الأسرة الأولی من هذه السلالة سلطانها علی همدان وأصفهان حتی انقرضت علی ید طغرل السلجوقي الثاني إلا أن الأسرة الثانیة منها والتي عرفت بأتاکة یزد کانت فترة حکمها أکثر من الأسرة الأولی. وکان مؤسسها علاء الدولة محمد بن دشمنزیار المعروف بابن کاکویه (ابن خال السیدة والدة مجد الدولة البویهي، ظ: ابن فوطي، 4(2) / 1012؛ ابن الأثیر، 9 / 207؛ باسورث، «الغزنویة»، 74) الذي حکم أصفهان في أواخر العهد البویهي ومنحه الخلیفة المرسوم واللقب (مجمل، 403). وإنه بعد سیطرة الغزنویة علی ولایة الجبال ضرب السکة باسم محمود ومسعود الغزنویین وأمر أن یخطب لهما علی المنابر (ابن فوطي، 4(2) / 1012-1013؛ البیهقي، 14-16).
تتمثل معظم شهرة علاء الدولة في العلاقات الودیة التي کانت قائمة بینه وبین ابن سینا الذي صدّر کتابه دانشنامه علایي باسمه. وبعده خلفه أولاده وحکموا أصفهان ونهاوند وهمدان. إلا أن بعضهم أعلنوا عن طاعتهم لطغرل وبعضهم الآخر رفضوا طاعتهم ولاذوا بالفرار (ابن الفوطي، 4(3) / 509؛ ابن الأثیر، 9 / 495-496 ومابعدها؛ البیهقي، 627- 628). أما یزد فإنها خضعت لحکم فرامرز بن علاء الدولة. واستمرت إمارة هذه السلالة من آل کاکویه بحکامها الأربعة نحو قرون، حیث کانوا في الأغلب منقادین للسلاجقة (ظ: ن.د، آل کاکویه) وانقرضوا في نهایة المطاف علی ید القراختائیة وکان آخر أمرائهم فرامرز حفید علاء الدولة الذي لقي مصرعه في 536ه‍ وهو من أکبر أمراء آل کاکویه شهرة وبصارة (جعفري، 38؛ کاتب، 65-66؛ غفاري، 82).
استولت سلالة أخری من أتابکة یزد علی هذه المناطق بعد مقتل فرامرز بن علي. وکان مؤسسها رکن الدین سام سبط علاء الدولة علي والذي کان السلطان سنجر السلجوقي قلده منصب أتابکیة بنات فرامرز الکاکویي (جعفري، 37-38؛ إقبال، 402). تولی سام مقالید الأمور في 536ه‍ وحکم فترة طویلة إلا أن محاولاته لبسط سلطانه وتوسیع رقعة حکمه باتت بالفشل وخلفه أخوه عز الدین لنگر في 584ه‍ / 1188م وکان جمیع الأمراء الذین تولوا الحکم بعده من أبنائه وأحفاده ومن هذه السلالة حکم 10 أشخاص وآخرهم حاجي شاه الذي کان یفتقر إلی الاقتدار، بحیث کانت إدارة شؤون الحکم عملیـاً بیـد حکام إیلخان ــ بایدوخان ــ وعمـاله حتـی سیطر مبارز الدین محمد المظفري وغیاث الدین کیخسرو إینجو علی یزد (میرخواند، 4 / 451-452؛ عبد الرزاق، 1 / 160- 161). أنشأ الأتابکة کثیراً من الأبنیة والمنشات العمرانیة في یزد.
لما أعاد طغرل السلجوقي الخلیفة العباسي إلی بغداد بعد إخماد فتنة البساسیري (ابن الأثیر، 9 / 607-611) اتخذ نهجاً معتدلاً حیال تعامله مع الخلیفة متغایراً مع ما انتهجه البویهیون والسامانیون، فمنذ بدایة أمره أخذ یتعامله بلطف وتعاطف ومع ذلک وعلی مایبدو کان یعتبر نفسه ندّاً له دون أن یکون خاضعاً منقاداً له. ولذلک زوّج ابنة أخیه من الخلیفة القائم وفي المقابل خطب هو نفسه ابنة الخلیفة وعمره یناهز السبعین (الراوندي، 111 وما بعدها). لقد استمر هذا النمط من التعامل مع نظام الخلافة حتی عهد حفیده ملکشاه وکان السلطان مصراً علی تجدید القرابـة مـع الخلیفة ــ بتشجیع من زوجته المحظیة ترکان خاتون علـی مایبدو ــ فزوّج ابنته من الخلیفة المقتدي وکان هذا الأمر یدل علی التوازن والتساوي في السلطة بین الأسرتین. حاولت ترکان خاتون فیما بعد أن ترشح جعفر بن المقتدي للخلافة (الراوندي، 140)؛ ورغم أن سعیها بات بالفشل إلا أن وجهة نظر السلاجقة القائمة علی أنهم یتساوون مع الخلفاء العباسیین شأناً ومنزلة ظلت متبعة إلی حدما عند السلالات المتشعبة من السلاجقة مثل أتابکة آذربایجان وکذلک سلاطین خوارزم، بحیث صرح ذات مرة الأتابک جهان بهلوان في کلمات له کانت بمثابة رسالة للخلیفة بأن السلطنة تتعلق بالمحاربین ورجال الدولة وإنما من واجب الخلیفة ومن شأنه الإشراف علی شؤون الخلافة والعبادة وتطبیق الشریعة فلابد من أن تحد صلاحیاته في هذا الإطار (ظ: زرین کوب، پیرگنجه، 285).
کانت السلالات والحکومات المعروفة بالأتابکة في هذا العصر تحظی بأهمیة فائقة وبالرغم من أنها کانت في أغلب الأحیان خاضعة للحکومات المرکزیة المقتدرة إلا أنها ظلت تعلن عن استقلالها بین فینة وأخری ومهما کان الأمر فإنها مثلت دوراً کبیراً في التطورات السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة آنذاک ونذکر فیما یلي أهم سلالات الأتابکة:

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: