الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

III. اللغة والخط 

اللغات الإیرانیة

   تشکل اللغات الإيرانية أحد أفرع اللغات الآرية (الهند ولإيرانية)، وتعد من أعرق اللغات ضمن مجموعة اللغات الهند وأوروبية الكبری. فبعد أن انقسم الآريون في الألفیة الثانیة قبل المیلاد إلى مجموعتين كبيرتين، هاجرت إحدی المجموعتین عبر أفغانستان إلى شمال غرب الهند (البنجاب والمناطق المجاورة لها) الحالیة ومنها إلى المناطق الأخرى. دخلت المجموعة الثانیة إلی هضبة إيران بالتدریج والتوالي واستوطنت في مناطق مختلفة فيها ( إيرانيكا، II / 685). ومنذ ذلك الحین، انقسمت اللغة الآرية الأولى إلى فرعين هندي وإيراني وسلك كل منهما طريقاً منفصلاً. 

العلامات الهجائية ـ الأبجدية 

 

رسم الألفاظ 

 

 


الصورة 1: الخط المسماري الفارسي القدیم (کنت، 12) 


مرت اللغات الإيرانية ــ شأنها شأن الكثير من اللغـات الأخـرى  ــ بثلاث مراحل قديمة ووسطی وحديثة: 

1. اللغات الإيرانية القديمة

  بعد أن انفصل الهنود عن الإیرانیین، ظهرت تباعاً لذلک لغتان إیرانیة وهندیة قديمة. ورغم أنه لم یبق أي أثر للغة الإيرانية القديمة التي كانت اللغة المشتركة للأقوام الإيرانية، إلا أن بقاياها ــ المعروفة باللغات الإيرانية القديمة ــ كانت منتشرة علی نطاق واسع حتى انهيار الإمبراطورية الأخمينية (330 ق.م). ولم يتبق من اللغات الإيرانية القديمة صورة مدونة سوى لغتين: الفارسية القديمة والأفستائية؛ ومن اللغات الأخرى في تلک الفترة، لم تصلنا سوی أعمال معدودة جداً. 
أ ـ الفارسية القديمة:  كانت الفارسية لغة أقوام فارس التي دخلت إلی نجد إيران واستوطنت في الجنوب الغربي منها (محافظة فارس حالياً)، حیث أسسوا المملكة الأخمينية الكبرى بعد انهيار السلالة الميدية (550 ق.م). كان كتّاب العصر الأخميني اتخذوا اللغة والخط الآراميین للكتابة على الجلد البردي، لكنهم بدأوا على الأرجح إبان حكم کورش الثاني (المعروف بکورش الكبـير)، بإبداع خط مسماري خاص بالفارسية القديمة، حيث انتشر استعماله في عهد داريوش الأول (522-486 ق.م) (ن.م، VI / 461). 
ويُكتب الخط المسمـاري للفارسية القديمـة ــ والذي اقتصـر استعماله علی كتابات الملـوك الأخمينيين ــ من اليسار إلى اليمين. ويعتبر من أبسط الخطوط المسمارية، حيث يشتمل على 36 علامة هجائية‌‌ ـ أبجدية، 8 حروف رمزیة، وعلامتین للفصل بین الألفاظ وعدد من العلامات للأعداد (ظ: الصورة 1؛ كنت، 12).
ماترکه الملوک الأخمینییون من نقوش، کان منقوشاً بلغة واحدة أحياناً (الفارسية القديمة)، وبلغتين (الفارسية القديمة والعیلامیة) أحیاناً أخری وبثلاث لغات (الفارسية القديمة، العیلامیة والبابلية) في بعض الأحیان ونادراً ما کان منقوشاً بأربع لغات (الفارسية القديمة والعیلامیة والبابلية والمصرية القديمة بالخط الهيروغليفي). 
 
ب‌ ـ الأفستائية:  الأفستائية هي لغة أفستا، الكتاب المقدس للدیانة الزرادشتیة للزرادشتيين. ويعد گاهان، أقدم أجزائه، وهو عبارة عن أناشید ینسبونها إلى زرادشت نبي إيران القديمة، حیث كان يعيش، على رواية، في النصف الأول من الألفیه الأولی قبل المیلاد في خوارزم (ظ: آموزگار، 21-23). وکانوا یطلقون علی اللهجة المستخدمة في گاهان، ويسنِ هفتها والأدعية الأربعة المقدسة لدى الزرادشتيين، اللهجة الگاهانية. وكتبت الأقسام الأخرى من أفستا بلهجة أحدث، حيث عرفت باللهجة الحديثة.
ويرى الزرادشتيون استناداً إلى التقاليد القديمة، أن أفستا قد جرت صیاغته في عصر الأخمينيين بماء الذهب على 12 ألف قطعة من جلد البقر؛ لكنه أُزیل عقب هجوم الإسكندر المقدوني وانهیار الإمبراطورية الأخمينية. كما يرون أن أفستا كتب مرة أخرى في عهد بلاش الأشكاني بلاش الأول علی وجه الاحتمال (51 حتى 76-80م). 
ثم جرت کتابته للمرة الثالثة في عهد أردشير بابكان، مؤسس السلالة الساسانیة وأول ملوكها (سل‍ 224-240م) (ظ: تفضلي، 65-72). غیر أن الدراسات الحدیثة تظهر أن الأجیال القدیمة کانت تتناقله شفهیاً حتى العصر الساساني، حیث أبدعوا خطاً لكتابته إبان حكم سابور الثاني (309-379م)، على أساس الخط الفارسي الوسيط الكتابي والخط الفهلوي الزبوري ( إيرانيكا، III / 49-50). 

                                         

الصورة 2: الخط الأوستائی (کلنز، 33)

يُكتب الخط الأفستائي الذي یطلقون عیله عنوان «دین دبیري» (الخط الديني)، من اليمين إلى اليسار ویضم 53 علامة أبجدية. وتنفصل اللفظة عن الأخری التي تليها بنقطة (ظ: الصورة 2؛ كلنـز، 33).
ج‌ ـ اللغات الإيرانية القديمة الأخرى:  ماتبقی من اللغتين القديمتين الأخريين، أي الميدية (في الغرب والشمال الغربي) والسكائية القديمة (في جانبي بحر الخزر، سهول جنوب روسيا وبلاد ماوراء النهر)، لایتعدی بضع مفردات معظمها أسماء أعلام، وذلك في نقوش الملوك الأخمينيين وكتابات المؤرخين اليونانيين. 
أما اللغات الإيرانية القديمة المندثرة التي لا يمكن الحدیث عن وجودها سوی عبر معاییر علم اللغة، فهي الفرثية القديمة، والصغدية القديمة والخوارزمية القديمة والبلخية القديمة.

2. اللغات الإيرانية الوسیطة

  إن اللغات الإیرانیة التي ظلت سائدة في المناطق المختلفة من إیران بعد اضمحلال الإمبراطوریة الأخمینیة وحتی سقوط الدولة الساسانیة وبعدها بعدة قرون، أطلق علیها عنوان اللغات الإیرانیة الوسطیة، متفرعة إلی فرعین شرقي وغربي. 
أ ـ الفرع الغربي:  اللغات الإيرانية الغربية الوسیطة هي عبارة عن الفرثية (الفهلوية، أو الفهلوية الأشكانية) والفارسية الوسيطة (الفهلوية، أو الفهلوية الساسانية). 
1. الفرثية:  وهي اللغة الأم للأقوام الفرثية، التي كان موطنها بَهْله، أو بَهْلَوْ (فرث) في شمالي خراسان الحالية وأجزاء من تركمانستان الحالیة، وقد تغلب أحد كبار هذه القبيلة ويدعى أشك، أو أرشَك حوالی سنة 247 ق.م على أنطیوخوس الثاني، ثالث الملوك السلوقيين (سل‍ 261-246 ق.م) وأسس السلالة الأشكانية بعد استيلائه على مقاطعة بَهْلَوْ.
لقد تأثر الاشکانیون في بادئ الأمر بالثقافة الیونانیة ولغتها إلى أبعد الحدود بحيث كانوا ينقشون حتى أسماءهم وألقابهم على نقودهم بالخط واللغة اليونانيین، غیر أنه ومنذ حکم بلاش الأول استعانت اللغة الفرثية بخط ذي جذور آرامية وهذا ما سار علیه خلفاء بلاش. 
 
يكتب الخط الفرثي من اليمين إلى اليسار ولاتتلاصق فیه الأحرف (ظ: الصورة 3؛ مكنزي، المقدمة، 11). وأهم خصوصية هذا الخط كما هو الحال بالنسبة إلى بعض الخطوط الإيرانية الوسطی، وجود عناصر كتابية فيه تسمى هُزوارش. وهي عبارة عن مفردات ذات أصل آرامي كانت تكتب بالخطوط الإيرانية الوسیطة (الفرثية مثلاً) ولكن معادلها عند التلفظ یلفظ في اللغة المعنية (الفرثية مثلاً). والذي كان يلفظ عند القراءة (على سبيل المثال MLK كانت تكتب (ملكـا) ــ فهي كلمة آراميـة تعنـي الملك ــ ولكـن كانت تقرأ بلفظ شاه). 
واصلت اللغة الفرثية حیاتها حتى بعد انهيار السلالة الأشكانية (224م) إلى القرن 4م، ثم امحت شيئاً فشيئاً. آخر مابقي من هذه اللغة هي الأعمال المانوية التي تعود إلى ماقبل القرن 3ه‍ / 9م، حيث تم العثور عليها في واحة طوفان (في تركستان الصينية). وقد كتبت تلک الأعمال في وقت كانت اللغة الفرثية قد انعدمت وخط تلک الأعمال هو الخط المانوي، حيث تفيد رواية أن ماني (216-276م) كان قد ابتدعه على أساس الخط السرياني المستوحی من الآرامية. يكتب الخط المانوي من اليمين إلى اليسار وأهم خصائصه إلغاء الهزوارش فيه ماجعل قراءته أسهل بکثیر من الخط الفرثي. کما یتمیز کل حرف في الخط المانوي بتلفظ واحد منفرد خلافاً للخط الفرثي، حيث يمكن لكل حرف فيه أن یتلفظ بأشکال مختلفة وقد عثر العلماء والباحثون على بعض الأعمال الفرثية المانوية بالخطوط التركية الأويغورية، الصغدية، بل وحتى الصينية (زوندرمـان، 121).
2. الفارسية الوسیطة:  كانت الفارسيـة الوسیطة ــ اللغة الرسميـة للبلاط الساساني (224-651م) ــ في الحقيقة الصورة المطورة للفارسية القديمة والتي كانت سائدة في جنوب غربي إيران (محافظة فارس حالياً). كانت نقوش الملوك الساسانيين تكتب حتى القرن 3م بثلاث لغات وخطوط في الغالب (الفارسية الوسیطة، والفرثية واليونانية) قبل أن تکتب في مرحلة لاحقة بلغتين (الفارسية الوسیطة والفرثية) وأخيراً، بالفارسية الوسیطة فقط. كانت تلک اللغة سائدة عند الزرادشتيين والمانويين حتى بعد 

 

                                           


الصورة 3: الخطوط الإیرانیة الوسیطة الغربیة 

(مکنزي، المقدمة، 11). 


زوال الساسانيين إلى القرن 3ه‍ / 9م.
وأما  الأبجدیات التي کانوا یوظفونها من أجل کتابة الفارسية الوسیطة فهي: الخط الفارسي المنقوش الوسیط والخط الفارسي الكتابي الوسیط والخط الفارسي الوسیط المسيحي (تکتب كلها بالهزوارش ومستوحاة من الآرامية) والخط المانوي الذي كانوا یستخدمونه لكتابة النصوص المانوية باللغة الفرثية. ویطلقون علی الخط الفارسي المسيحي الوسیط الخط الفهلوي الزبوري، لأن العمل الوحيد المتبقي من الترجمة الفارسية الوسیطة، هو جزء من زبور داود (ظ: الصورة 3). 
 
وعند تراکب الأحرف في الخط الفارسي الوسیط الكتابي مع بعضها تتغیر أشكالها أحياناً لدرجة یصبح من الصعب جداً قراءة الكلمة الواحدة وفي بعض الحالات يمكن قراءة كلمة واحدة بعدة أشكال. وقد أدت المشاكل الكثيرة في قراءة الخط الفارسي الوسيط، ولاسیما في قراءة نص زند ( ترجمة لأفستا وتفسيرها باللغة الفارسية الوسيطة) إلی ترجمة بعض النصوص الفارسية الوسيطة الزرادشتيـة بالخط الأفستائي ــ الذي كـان سهل القراءة ــ وتسمى إعادة الكتابة هذه پازند. وقد استمرت هذه العملية حتى القرن 8ه‍ / 14م (أبو القاسمي، 1 / 167). 
واستناداً إلى ما ورد في بعض المصادر الإسلامية، مثل الفهرست لابن النديم والتنبيه على حدوث التصحيف لحمزة الأصفهاني، فقدكانت هناك 7 خطوط سائدة في العصر الساساني، ولم یأت منها في النصوص الفارسية الوسيطة، سوى خطين. والخطوط هي: 1. دين دبيري (dén-dibīrīh، الخط الديني= الخط الأفستائي)، 2. وسپ دبيري (wisp-dibīrīh الخط العام)، 3. گشتـه دبيري ]الانشائي المتحول[ (*gaštag-dibīrih، الخط المتحول)، 4. نيـم گشته دبيري [شبه متحـول إنشائـي] nēmguštag-dibīrīh)*، الخط شبه المتحول)، 5. رازدبيري [إنشائي سري] (rāz-dibīrīh*) خط  [الوثائق] السرية، 6. نامه دبيري /  فرورده دبيري [إنشاء الرسائل /  إنشاء اللفيفة] *frawardag-dibīrīh) / *nāmag-dibīrīh  خط الرسائـل /  خط الطومار)، 7. هام دبيري /  رَم دبيـري *hām-dibīrīh  / *ram-dibīrīh)، الإنشـاء العـام /  إنشـاء عـامـة النـاس) ( إيرانيكا، VI / 540-541؛ صادقي، 33-34). 
ب‌‌ ـ الفرع الشرقي:  كانت اللغات الإيرانية الوسطی الشرقية متداولة حتى القرن 7ه‍ / 13م في شرق إيران وحتى تركستان الصينية، کما کانت سائدة في شمال غرب إيران وحتی إلی البحر الأسود نتیجة لـهجرة بعض القبائل الإيرانية، وأهم تلک اللغات هي البلخية، والخوارزمية، والصغدية والسكائية.

 

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: