الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

كان الفلاسفة الإسماعيلية يعتبرون الفلسفة مرتبطة بالترکیبة الباطنیة للدين فأوجدوا منظومات تضم مسألة التأويل والعلاقة بيـن مراتب الوجود وسلسلة العقول ــ حيث كان الفارابي وابن سينا قد جعلاها أحد أصول فلسفتهما ــ والأنثروبولوجیا الإسماعيلية في منظار فلسفي منظم ومتماسك. كما اهتم فلاسفة هذا المذهب اهتماماً خاصاً بكتابة مباحث الفلسفة باللغة الفارسية وأسهموا في نشر الفلسفة بين الناطقين بالفارسية، بحیث كتب ناصر خسرو جميع آثاره الفلسفية المهمة بالفارسية. 
رغم أن غالبية الحكماء كانوا في العصر الأول من تاريخ الفلسفة الإسلامية في إيران ينتمون إلى مذهب معين، إلا أن هنـاک من لم يكن یعتزي إلی أي مذهب خاص. ومنهم محمد بن زكريا الـرازي وأبو علي مسكويه وأبو ريحان بيروني. وكان الـرازي (تـ 313ه‍ / 925م) من أبرز الأطباء في تاريخ الطب وفيلسوفاً یعتبر نفسه نظيراً لأرسطو وأفلاطون. ومع أن معظم آثاره الفلسفية تعرضت لهجوم شديد من قبل المفكرين الآخرين وخاصة الإسماعيلية بسبب ادعائه عدم ضرورة الوحي للوصول إلى الحقيقة، فقد وصلتنا منها عدة آثار فلسفیة أهمها السيرة الفلسفيـة والطـب الروحاني. وكان أبـو علي مسكويه (تـ 421ه‍ / 1030م) مؤرخاً وفيلسوفاً رغم أن ابن سينا وهو معاشر له، عیّره بضعفه في الفلسفة. وإنه بجانب الآثار التاريخية وحتى الكيمياوية، فقد أولى اهتماماً خاصاً بالفلسفة العملية واکتسب جل شهرته فیها من خلال تأليف كتاب تهذيب الأخلاق باعتباره من أهم كتب الأخلاق الفلسفية، حیث أثر في الآثار الأخلاقية التالية مثل أخلاق ناصري لخواجه نصير. وكان بيروني عالماً قليل النظير كالرازي، ویمارس الفلسفة أيضاً وله مناقشات مع ابن سينا حول المسائل الفلسفية وخاصة فلسفة الطبيعيات وقد قام في فصول من كتاب تحقيق ماللهند بتحليل الأفكار الفلسفية. 
2. خلال القرنين 5و6ه‍ / 11و12م على أثر استيلاء الحكام الأتراك على إيران وخاصة السلاجقة ودفاعهم الرسمي عن الكلام الأشعري أهملت الفلسفة إلى حد كبير وتحملت کثیراً من الجفاء، بحیث وقف الكثير من الشعراء والمتصوفة بوجه الفلاسفة وكان أبو حامد محمد الغزالي (450-505ه‍ /  1058-1111م) علی رأس هذا التیار وله دور مؤثر فیه، رغم أنه فیلسوف بالمعنى الأوسع للکلمة إلاّ أنّه في کتاب المنقذ من الضلال الذي يمثل سيرته الذاتية عرّض الفلسفة المشائیة لنقد لاذع کما لخص في مقاصد الفلاسفة آراء ابن سينا وتناولها بالنقد في تهافت الفلاسفة. ورغم أنه یقترب في بعض آثاره إلی الأشاعرة لکنه لیس أشعریاً بمعناه الحقیقي فهو كان أولاً يولي اهتماماً خاصاً بعلم المنطق، حیث حاول في آثاره أن یوضّح مصطلحات المنطق الصوري مستمداً من كلمات القرآن ولغته. وثانياً إنه كان عارفاً (صوفیاً) وقد كتب آثاراً عدة في معرفة الله والعلم الإلٰهي مثل مشكاة الأنوار والحكمة اللدنية وهذا الکتاب یحظی بأهمية كبيرة من الناحية الفلسفية فضلاً عن تألیف آثار حول علم الأخلاق الصوفية مثل إحياء علوم الدين وهو أهم كتاب أخلاقي في الحضارة الإسلامية، وتعتبر خلاصته بالفارسية باسم كيمياي سعادت من روائع النثر الفارسي. ومن المتکلمین في ذلك العصر یمکـن ذکر الشهرستانـي (تـ 547ه‍ / 1152م) الذي واجه بتحدٍ الفلاسفة في کتابه مصارعة الفلاسفة وأجاب عليه فيما بعد خواجه نصير، كما عرضه الفيلسوف الأندلسي ابن رشد للنقد في تهافت التهافت وأجاب على احتجاجاته. ولكن فخر الدين الرازي (543-606ه‍ /  1148-1209م) العالم ومفسر القرآن والمتكلم الأشعري المعروف يعد أشهر متكلم في هذا العصر من الناحية الفلسفية. وإنه تناول الإشارات لابن سينا بالتحليل الدقيق وأوضح معانيه المعقدة إلی جانب انقادات وجهها إلیه وقد كان هذا الأثر هو الذي اتخذه خواجه نصیر أساساً له في إحياء الفلسفة المشائية، وإن شرح الإشارات لنصير الدين وباعتباره من أهم كتب الفلسفة الإسلامية، یتضمن نص ابن سينا وکذلک ما أورده فخر الدين الرازي، في نقد الإشارات وقد أجاب نصير الدين على احتجاجاته الواحد تلو الآخر. 
رغم أن نجم الفلسفة کان آخذاً في الأفول خلال القرنين 5و6ه‍ ، إلا أن بعض الشخصيات الفلسفية الشهیرة ظهرت في هذا العصر وممن یستحق بالذکر هـو عمر خيام (تـ 520ه‍ / 1126م) الذي لایعرف الیوم بصفته فيلسوفاً مشائياً نظراً إلی شهرة الرباعيات المنسوبة إليه، في حين إنه قد یکون أبرز فيلسوف من أتباع مدرسة ابن سينا في هذه الفترة کما کان معروفاً بإلمامه بالفلسفة في عمره وما ألف في الفلسفة من رسائل قصيرة، وعظيمة القیمة خیر دلیل علی ذلک. 
ویلیه شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي (549- 587ه‍ /  1154-1191م) وهو أشهر فلاسفة هذا العصر وأحد أبرزهم في تاريخ إيران، ورغم عمره القصير الذي انتهى بمقتله في حلب، أسس مدرسة جدیدة في الفكر الإسلامي باسم حكمة الإشراق، کانت تتمتع بنفوذ كبير في إيران والهند والدولة العثمانية إلى حدما. وقد تناول الفلسفة المشائية بالنقد في آثار مهمة مثل المقاومات والمشارع والمطارحات ثم قام بتبیین حکمة الإشراق في أثره الرائع بنفس الاسم كما كتب عدداً من الرسائل الفلسفية بالفارسية وهي من أبرز النصوص الفلسفية باللغة الفارسية والتي تتضمن في أغلبها الحكايات التمثيلية. كان شيخ الإشراق يعتبر نفسه وارثاً لكل من الفلسفة اليونانية وفلسفة حكماء الفرس وكان يرى أن الحكيم الحقيقي يجب أن يجمع بين الحكمة البحثية والحكمة الذوقية التي تتأتى عبر تزكية النفس والإشراق. وقد مزج في الحقيقة الفلسفة القدیمة بالتصوف وأسس مدرسة الإشراق الکبیرة، التي انتشرت في العالم الإسلامي وخاصة إيران بفضل الشرحين الأساسيين اللذين كتبهما شمس الدين الشهرزوري وقطب الدين الشيرازي على حكمة الإشراق بعد جيلين منه، وأخضع لنفوذه معظم فلاسفة القرون التالية في إيران والهند الإسلاميتین. 
3. إن الفترة الطویلة الممتدة لثلاثة قرون ونصف القرن التی تعتبر حلقة الوصل بین خواجه نصیر ومیرداماد هي فترة ازدهار للفلسفة الإسلامیة غیر أنها لم تخضع للدراسة الکافیة کالعصور الأخری، حیث إن الكثير من النصوص المهمة لهذا العصر والتي ماتزال محفوظة على شكل مخطوطات في المكتبات، ليست في متناول أيدي العلماء. بدأ هذا العصر بظهور أحد أكبر فلاسفة إيران وعلمائها في الرياضيات، أي خواجه نصير الدين الطـوسي (597-672ه‍ / 1201-1273م). لقد ألف نصير الدين خلال حياته المليئة بالاضطرابات المتزامنة مع هجوم المغول على إيران، كتباً بالغة الأهمية في الفلسفة والكلام الاثني عشري، فضلاً عن الآثار الكلامية والفلسفية الإسماعيلية، کما وضع إلی جانب شرحه على الإشارات لابن سينا، الأساس للکلام الفلسفي الاثني عشري بتألیفه كتاب تجريد الاعتقاد. ويعد كتابه أخلاق ناصري من روائع الأخلاق الفلسفية وهو باللغة الفارسية شأنه شأن الكثير من آثاره منها أساس الاقتباس في المنطق الذي يتمتع بأهمية خاصة من الناحية اللغوية ورغم أنه كان ملماً بالفلسفة الإشراقية، إلا أنه أمیل إلى ابن سینا، بحیث وبعثت نشاطاته روح الحياة في الفلسفة المشائية وخرج من تحت عباءته عدة فلاسفة مشائيين مثل الكاتبي القزويني (تـ 675ه‍ / 1276م) صاحب حكمة العين وأثير الدين الأبهري (تـ ح 663ه‍ / 1265م) صاحب الهدايـة ــ الذي نال شهرة واسعة بفضل شرح الميبدي والملاصدرا علیه وظل لعدة قرون الكتاب الدراسي للمذهب المشائـي ــ وقطب الدين الـرازي (692-776ه‍ / 1293-1365م) صاحب المحاكمات في التحکیم بين الشروح المختلفة للإشارات. ويعد قطب الدين الشيرازي (634-710ه‍ /  1237-1310م) من أبرز زملاء نصير الدين في مرصد مراغة الفلكي کما كان من مشاهیر العلماء المسلمين وفيلسوفاً وطبيباً وفقيهاً في نفس الوقت. ويعتبر كتابه درة التاج هو باللغة الفارسیة موسوعة في الفلسفة المشائية ویماثل کتاب الشفاء إلا أن الصبغة الإشراقیة تغلب علیه وهو وشرحه علی حکمه الإشراق من أهم نصوص هذه المدرسة. 
کان أفضل الدين الكاشاني (تـ 644ه‍ / 1246م)، المعروف ببابا أفضل. من الفلاسفة المعاصرين لنصير الدين وبینهما قرابة على ما ذكر بعض كتّاب التراجم، وهو من أكبر الفلاسفة المسلمين إبداعاً وقد كتب آثاره بالفارسية وطرح فیها مباحث جديدة خاصة في مجال المعرفة، رغم اتّباعه للفلاسفة السابقين. ويمكن القول إنه فيلسوف في مجال معرفة النفس، حیث تقوم جميع أفكاره على هذا الأساس. وتعتبر آثار بابا أفضل الفارسية من روائع النثر الفلسفي الفارسي كما تبقى منه عدد من الرباعيات أيضا. وقد جمع في كيانه بين التصوف والفلسفة، رغم أنه لم يتطرق في آثاره إلى التصوف، إلا قليلاً. 
كانت شیراز مركز الفلسفة في العصر الذي نتحدث عنه وفي إيران بشكل رئيس ويمكن القول إن مدرسة شيراز ابتدأت بقطب الدين واختتمت بشمس الدين الخفري (تـ ح 960ه‍ / 1553م) وتزامنت في الفترة الأخیرة من حياتها الفاعلة مع مدرسة أصفهان. كانت شيراز في هذا العصر تحت سیطرة أهل السنة وباعتبارها مرکزاً للکلام الفلسفي الأشعري. وقد ظهرت من أتباع هذه المدرسة شخصيـات بـارزة مثـل عضـد الـديـن الإيـجـي (تـ 756ه‍ / 1355م) صاحـب كتاب المواقف وسعـد الدين التفتازانـي (تـ 792ه‍ / 1390م) مؤلف شرح الشمسية وميرسيـد شريف الجرجانـي (تـ 816ه‍ / 1413م) صاحب شرح المواقف ومازالت آثار هؤلاء المتكلمين الفلاسفة تحظى باهتمام كبير في الأوساط العلمية لأهل السنة. كما يجب أن نذكر من بين هؤلاء المفكرين جلال الدين الدواني (830-908ه‍ / 1427-1502م) الذي كتب آثاراً عديدة في الكلام والفلسفة وكان في الوقت نفسه ميالاً إلى فلسفة الإشراق وكتب على هياكل النور للسهروردي شرحاً کان يُدَّرس في الهند لعدة قرون. 
وفي الفلسفة المحضة، يعتبر مير صدر الدين محمد الدشتكي (828-903ه‍ / 1425- 1498م) الملقب بسید السَند وسیّد المدفقین أبرز أعلام هذه المدرسة بعد قطب الدين الشيرازي، وکان حکیماً فذّاً متضلعاً من العلوم المختلفة ومنها الفلسفة، بحیث يعد من الفلاسفة المشائيين من الطراز الأول، وفي الوقت ذاته کان مطلعاً على العرفان أيضاً. وكتب رسائل حول الوجود الذهني ولغز الجذر الأصم الذي كان موضع اهتمام الكثير من فلاسفة شيراز کما ألف آثاراً في معرفة الجواهر والفلاحة، ولكن أهم آثاره شرح الكبير على شرح الجديد للتجريد الذي تطرق فيه إلى مسائل هامة نحو الوجود الذهني وأصالة الوجود واستند إليه فيما بعد ملاصدرا. وكانت له مناظرات عدیدة مـع الدوانـي أشار ملا صدرا إليها في الأسفار أسس مير صدر الدين مدرسة المنصورية التي ماتزال قائمة في شيراز وظلت بعده بأکثر من 100 سنة المركز الرئيس للنشاطات الفلسفية في شيراز. 
وكان نجل مير صدر الدين، ميرغياث الدين منصور الدشتكي (866- 948ه‍ / 1462-1541م) أكبر فلاسفة عصره وله باع طویل في جمیع العلوم شأنه شأن خواجه نصیر ويصفه ملاصدرا الذي قلما یشید بحکماء السلف بأنه «المؤيد من عالم الملكوت». كان غياث الدين منصور ملماً بالمذهبين المشائي والإشراقي والمدارس العرفانیة ولكنه كان یضع حداً لکل منها. وأهم آثاره شرح علی التجريد وشرح علی هياكل النور بالفارسیة. ومما يجدر ذكره أنه انحدر من هذه الأسرة عدد من الفلاسفة المعروفين، وبعد أن أصبح المذهب الشيعي المذهب الرسمي في إيران ظلوا يدافعون رسمیاً عن علوم الشيعة. وقد هاجر بعضهم إلى الهند، مثل نظام الدين أحمد الذي بذل جهده في نشر فلسفة ابن سينا والمذهب الشيعي في الدکن وكذلك ابنه سيد علي خان الكبير. ومن أتباع مدرسة الدشتکیة یجب ذکر الفيلسوف والعالم المعـروف ميرزا فتح الله الشيرازي (تـ 977ه‍ / 1569ه‍( الذي لعب دوراً كبيراً في نشر الفلسفة الإسلامية في الهند وكذلك تلميذه محمد بن محمود دهدار الشيرازي (947-1016ه‍ / 1540-1607م) الذي وفق بين الحكمة والعرفان الشيعيیین وترك رسائل عديدة بالفارسية. وعند الحدیث عن الأواصر الفلسفیة بين شيراز والهند الإسلامية فلابد لنا ذکر الشاه طاهر (تـ 952ه‍ / 1545م) تلميذ الخفري الـذي انشغل في الدكن بتدريس الفلسفة ونشر المذهب الشيعي وترك آثاراً فلسفية. 
ويعد ملا شمس الدين محمد الخفري الحلقة الأخیرة من سلسلة فلاسفة مدرسة شيراز، حيث قضى فترة  من عمره في كاشان. وكان واحداً من کبار العلماء المغمورین في تاريخ الإسلام وقد خطا خطوة كبيرة باتجاه مدرسة ملا صدرا ومزج إلى حدٍ ما بين البرهان والعرفان والقرآن. وقد ابتعد في مسألة العلم الإلٰهي عن المشائيين وكانت وجهة نظره قريبة مما ذكره ملا صدرا في الأسفار وكان ملا صدرا یولیه أهمية كبيرة. ويمكن أن نذكر من آثاره المحاكمات بين الطبقات الذي هو تحکیم في شروح التجريد المختلفة وحاشية على شرح القوشجي الجديد على التجريد وكتاب الأسفار الأربعة وعدد من الشروح الفلسفية على القرآن الكريم. ويعد كتابه في علم الفلک التكملة في شرح التذكرة أحد أهم كتب تاريخ النجوم في العالم، حيث لم يتم الالتفات إلى أهميته العلمية حتى السنين الأخيرة. 
فقد ظهر في هذا العصر خارج نطاق شيراز شخصيات فلسفية أخرى، مثل السيد حيدر الآملـي (تـ بعد 782ه‍ / 1380م) صاحب جامع الأسرار وله شرح علی الفصوص، حيث أدخل الأفكار العرفانية في عالم الفكر الديني للشيعة الاثني عشرية وکذلک صائن الدين تركة الأصفهاني (تـ 836ه‍ / 1433م) صاحب تمهيد القواعد الذي يعتبر من أهم الكتب الدراسية العرفانية ومؤلّف عدد کبیر من الرسائل الفلسفية والعرفانية التي تظهر ميله إلى المذاهب الثلاثة المشائية، الإشراقیة والعرفانیة. وعلاوة علی صائن الدين رکز الكثير من فلاسفة هذا العصر جهودهم علی التقریب بين المذاهب الفلسفية المشائية والإشراقية والعرفانیة وبين علم الکلام عند أهل السنة والشيعة ومهدت هذه الجهود الطریق لظهور مدرسة أصفهان وخاصة فلسفة ملا صدرا التي هي مزيج من المدارس الفکریة الإسلامیة السابقة. 
4. تزامناً مع قيام الدولة الصفوية وانتشار المذهب الشيعي الذي ينسجم مع العلوم العقلية أكثر من علم الكلام لدى أهل السنة، توفر المجال لانتشار الفلسفة في إيران بشکل أوسع وظهرت بظهور میرداماد (تـ 1041ه‍ / 1631م) مدرسة جديدة في الفلسفة كان مركزها أصفهان ولذلك، عرفت بمدرسة أصفهان. وكان مير داماد من أتباع ابن سینا من جهة ومن جهة أخری يهتم بآثار السهروردي، بل اختار لقبه الشعري «الإشراق». وكان يحمل أفكاراً بديعة في مسألة الزمان والعلاقة بين الحادث والقديم والمعروفة بالحدوث الدهري وقد طرحها في أهم آثاره الفلسفية وهو القبسات. وبالإضافة إلى تأليف كتب عديدة بالعربية والفارسية، فقد خرّج عدداً من التلامذة المبرزین منهم ملاّ شمسا الجيـلانـي (تـ ح 1064ه‍ / 1654م) مؤلف كتاب مسالك اليقين والسيد أحمد العلوي (تـ ح 1060ه‍ / 1650م) صاحب الحواشي على كتاب الشفاء وقطـب الدين الأشكـوري (تـ بعد 1075ه‍ / 1664م) صاحب كتاب محبوب القلوب وهو كتاب كبير في تاريخ الفكر الفلسفي؛ ولكن یعد ملا صدر الدين أشهر تلامذته والذي ما لبثت شهرته أن فاقت شهرة أستاذه الكبير ومؤسس مدرسة أصفهان. 
وقد كان أبو القاسم الميرفندرسكي (تـ 1050ه‍ / 1640م) معاصراً لمیر داماد في أصفهان وصب جل اهتمامه علی آثار أبي علي وعرف کفیلسوف مشائي. ثم سافر إلى الهند، حیث كتب حاشية على جوك بَشَت. ثم إنه دافع في قصيدته المعروفة عن الـمُـثُل الأفلاطونية التي كان ابن سينا قد دحضها. وقد كان له إلماماً بالعلوم الغريبة، وتبقت منه رسالة في الكيمياء. ومن أشهر تلامذتـه ملاّ رجب علـي التبريزي (تـ 1080ه‍ / 1669م) صاحب رسالة إثبات الواجب وآقـا حسين الخوانساري (تـ 1098ه‍ / 1687م) صاحب التعليقات على الشفاء والإشارات وکلاهما من الفلاسفة المشائيين المعروفين. 
یعتبر صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي (979-1050ه‍ /  1571-1640م) المعروف بملاّ صدرا أكبر شخصيات مدرسة أصفهان وربما أبرز حكيم إيراني في مجال الحكمة الإلهية وکان تلميذاً لكل من مير داماد والشيخ بهاء الدين العاملي الفقيه، الصوفي، الشاعر وعالم الرياضيات المعروف في ذلك العصر. فقد وفق ملا صدر الدين بين المذاهب الفكرية التي سبقته ومزج بين القرآن والبرهان والعرفان في وحدة جديدة وأسس مدرسة تدعی الحكمة المتعالية والتي تعتبر حتى اليوم أهم مدرسة للفلسفة الإسلامية في إيران. وتعد رائعته الأسفار الأربعة أفضل كتاب في الحكمة النظرية، حيث كتبت عليه شروح وتعليقات عديدة. یحمل الأسفار في طیاته أفكار الشيخ الرئيس وأتباعه وشيخ الإشراق وابن عربي وكذلك آراء المتكلمين من الشيعة والسنة وخاصة الغزالي وفخر الدين الرازي وخواجه نصير. وفي نفس الوقت أقصى استغلال للمصادر التي أدرجت في كتاب مثل أصول الكافي الذي كتب عليه ملا صدرا شرحاً مهماً. كما كتب ملا صدرا تفاسير مهمة للقرآن الكريم وعالج في مفاتیح الغیب وأسرار الآیات موضوع أسلوب التفسیر مبیناً تأویل وشرح المعاني الباطنیة للقرآن الکریم. ولكن جميع مظاهر النفوذ هذه صُـبّت في وحدة قوية، وهي عوامل كانت مؤثرة للغاية في ظهور مدرسة الحكمة المتعالية، دون أن يكون بالإمكان اعتبار هذه المدرسة نتیجة جمعها فحسب. 

 

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: