الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

النـثر:  بالإنتقال من القصیدة إلی النثر، فما ترکه لنا أبناء هذا العهد یخلو من الطابع الأدبي، حیث تطغی علیه المواضيع العلمية. ومن أهم هذه المنجزات العلمیة نذکر حدود العالم من المشرق إلى المغرب الذي قد وضعه مؤلف مجهول حوالی سنة 350ه‍ / 961م، وكذلك الأبنية عن حقائق الأدوية لأبي منصور الهروي ودانشنامۀ علائي لابن سينا وتاريخ البلعمي لأبي علي البلعمي وترجمة تفسير الطبري لأبي جعفر الطبري وترجمة السواد الأعظم في عقائد أهل السنة لأبي القاسم الحكيم السمرقندي (تـ 342ه‍ / 953م).
3. عهد السلاجقة والخوارزمشاهيين:  یتناول الأدب الفارسي في هذا العهد حقبة زمنیة ما بین النصف الثاني من القرن 5ه‍ / 11م حتى مطلع القرن 7ه‍ / 13م. وفیها باتت القصیدة الفارسیة إمتداداً للفترة الماضیة مواصلة مشوار تکاملها وتطورها وأخذت اللغة الفارسیة وآدابها تتسع حدودها ونطاقها  (ظ: صفا، ن.م، 2 / 335) وکانت الهند أولی البلدان التي اتجهت نحوها بوصلة هذا الاتساع، حیث غزاها کل من ناصر الدین سبكتَكين والسلطان محمود الغزنویین ثم بسط السلاجقة نفوذهم في آسيا الصغرى، ما فتح الطریق أمام اللغة الفارسية کي تصبح اللغة الرسمیة والسائدة في هذه البلاد، بحیث أضحت آسيا الصغرى في نهاية هذا العهد ومطلع القـرن 7ه‍ ، إحدی المراکز الرئیسیة للغة الفارسية (ظ: م.ن، مختصري ... ، 27).
الشعر:  سبق وقلنا إن الجغرافیا الفارسیة باتت مترامیة الأطراف في هذه المرحلة التاریخیة بالذات، ما تمخض عن ذلک ظهور ثلاث مدارس شعریة في إیران هي کالآتي: 
أ‌‌ ـ مدرسة خراسان: کـان یمیل شعراء هـذه المدرسة إلـی إحياء وإکمال الأسالیب الشعریة في العهد الساماني والعهد الغزنوي الأول، حیث إن کل من ناصر خسرو وقطران التبریزي سارا علی منهج الشعراء السامانیین وأظهرا فیها إبداعاً، کما تعـرض ناصر خسرو إلی القضايـا الكلامية‌‌ ـ الفلسفية، وأدخل قطران الصناعات الأدبیة في بنیة القصیدة الفارسیة؛ هذا فیما نری لامعي الجرجاني یقف علی رأس قائمة الشعراء الذین تبنوا منهج المرحلة الغزنویة بینما أبدع مسعود بن سعد أسلوباً یمزج بین أسلوبي فرخي وعنصري (م.ن، تاريخ، ن.ص؛ شميسا، ن.م، 107). ولاحت في أفق هذا الأسلوب نجوم من الشعراء في النصف الثاني من القرن 6ه‍ / ‍12م كان أنوري الأبیوردي أکثرها تألقاً وتلألؤاً. اعتمد هؤلاء الشعراء علی لغة الشارع ونظموا قصائد في غایة السلاسة والسهولة في حین کانوا یمیلون کل المیل إلی لغة التحاور، الأمر الذي فتح الباب أمام توافد المفردات العربیة علی کیان لغتهم الشعریة بعد أن کانت سائدة وشائعة عند العامة (صفا، ن.م، 2 / 340). أما العنصر الأهم والأبرز الذي کان یفصل أشعار هذه المرحلة عن المرحلة الغزنویة الأولی فقد تمثل في عزوف بعض الأشعار (ومنها القصائد) في هذه المرحلة نحو التعقید وکان لذلک بطبیعه الحال أسباب، أبرزها هي: أن أنوري وأتباعه من الشعراء كانوا يميلون إلى خلق المضامين الدقيقة والمفاهیم الغامضة وأن الجیل الجدید من شعراء هذه المرحلة کان یحرص علی إدراج الأفكار العلمية ومصطلحات العلوم المختلفة في هیکلة الشعر الفارسي (ن.م، 2 / 341).
ب‌‌ ـ مدرسة آذربايجان:  بالتوازي مع التطور الذي تحقق علی ید لأنوري وأتباعه في الشعر الفارسي في خراسان وتوازیاً مع إنطلاقة المدرسة العراقیة أبدعت مجموعة من الشعراء في شمال غربي إیران مدرسة جدیدة تماماً عرفت فیما بعد بالمدرسة الآذربایجانیة وأهم شعراءها أبو العلاء الگنجوی وفلکي الشرواني، ومجیر الدین البیلقاني وخاقاني الشرواني ونظامي الگنجوی (ن.م، 2 / 342) ویطلق مؤرخو الأدب عنوان المدرسة الأرّانیة علی مدرسة آذربایجان في بعض الأحیان (شمیسا، ن.م، 142). أما الإختلاف بین المدرستین الآذربایجانیة والخراسانیة فهو ناجم عن ثلاثة أسباب هي: أولاً أن شعراء آذربایجان قد وضعوا أسس مدرستهم الجدیدة ومبادئها، بعد أن أوجد أنوری وسنائي تطوراً في الإنجازات الشعریة لشعراء خراسان؛ 2. کان التفاعل مع المدرسة الجدیدة لشعراء العراق، من شأنه أن یسهل إمکانیة التخلي عن مدرسة الخراسانیین؛ 3. لقد شهدت هذه المرحلة وضعاً مختلفاً تماماً عما کان یعیشه لشعراء خراسان؛ إنطلاقاً من اختلاف الأجواء الثقافیة في هذه البیئة الجغرافیة ومجاورة الأقوام غیر الإیرانیة والأثار التي ترکتها اللغة الآذریة وسائر اللغات الإیرانیة التي کانت قد امتزجت باللغة العربیة منذ قدیم الأیام. 
ج ‌ـ المدرسة العراقیة: وهي المدرسة التي تضم شعراء أصفهان وهمدان والري (صفا، ن.م، 2 / 343) ويعد جمال الدين الأصفهاني أكبر شعراءها (ن.ص، ريبكا، 85)، حیث ساهم بشکل کبیر في تطور الغزل الفارسي في عصره (م.ن، 86).
مایمیّز هذه المرحلة الشعریة في تاریخ الأدب الإیراني هو عزوف بعض شعرائها نحو نظم الغزل والتوجه إلی التصوف في أشعارهم، (شمیسا، ن.م، 193). حیث یشهد القرن 6ه‍ / 12م إزدهاراً في العرفانیات الأدبیة، وإن کنا نرصد بعض ملامح هذا النمط من الأشعار في المرحلة السابقة (صفا، مختصري، 36). ونتیجة لتوظیف الرؤیة العرفانیة في المکتبة الشعریة الفارسیة في هذه المرحلة بالذات، شهدت الأوساط الأدبیة تنوعاً في مضامین الشعر الفارسي، بینما إبتعد الشعراء عن البلاط والحکام (ن.ص).
لقد قدمت هذه المحطة الأدبیة عطاءً کبیراً بعد التزاوج بین الأدب والعرفان، حیث صبّ الشاعر سنائي الغزنوي جل جهده واهتمامه وللمرة الأولی علی نظم منظومات عرفانیة مثنویة، کانت أبرزها حدیقة الحقیقة وطریق التحقیق، لیأتي بعده دور الشاعر عطار النیسابوري الذي خطا خطوات کبیرة وعدیدة نحو العرفانیات عبر نظم منظومات متعددة لعلّ أبرزها وأهمها هي منطق الطیر وأسرارنامه ومصیبت نامه و إلهي نامه (ن.ص). 
لم یکن الغزل شکلاً شعریاً طارئاً علی الأدب الفارسي، کما لم یکن ولید اللحظة، بل إننا نرصد بعض ملامحه في القرن 4ه‍ / 10م، غیر أن الشاعر أنوري وأتباعه قد أبدعوا طریقة جدیدة وقدّموا أدق المعاني في حلّة الغزل عبر العبارات السلسة والمرنة وبذلک فتحوا الطریق أمام شعراء عظام في الغزل الفارسي في المرحلة اللاحقة (م.ن، تاريخ، 2 / 341-342).
خلافاً للمراحل السابقة، شهدت فترة حکم السلاجقة والخوارزمیین تراجعاً في نظم الملاحم، إذ أن فردوسي وفي المرحلة السابقة لم یأل جهداً في الاهتمام بالتاریخ والأساطیر الوطنیة الإیرانیة، حیث تربّع علی عرش الملحمة الشعریة الفارسیة، موصداً الباب أمام کل من کان یرید الدخول إلی هذا الصرح العظیم (شبلي نعماني، 1 / 267). هذا من جهة ومن جهة أخـری، فإن هذه المرحلة ــ وکما یقول یـان ریبکا (ص 37)  ـ لم تکن تقتضي الملحمة ولغتها القدیمة، والأهم من کل ذلک، فإن حکم المملوکین وقبائل العرق الأصفر واشتداد العصبیّات الطائفیة، أدی کل ذلک إلی تراجع الإعتزاز بالعرق والعنصر وإلغاء إمکانیة القیام بنظم الملحمة الوطنیة الإیرانیة (صفا، ن.م، 2 / 362). لکن ذلک لایعني خمود نار نظم الملاحم بشکل تام، إذ أننا نشهد وفي أوائل هذا العهد، شعراء عکفوا علی إکمال المشروع الملحمي لفردوسي، لعلّ أشهرهم أسدي الطوسي الذي بادر إلى نظم گرشاسپ نامه وإيران شاه بن أبي الخير الذي نظم بهمن نامـه وكوش نامه، وعطائي الرازي الذي عمد إلى نظم برزونامـه (ن.م، 2 / 363-365).
وبینما کانت الملحمة الوطنیة والبطولیة تلفظ أنفاسها الأخیرة، نشهد ولادة نمط آخر من الملحمة هو الملحمة الرومنسیة أو النظم القصصي حسب تعبیر المستشرق التشیکي بان ریبکا (ن.ص) وکان فخر الدین أسعد الجرجاني أول من اقتحم میدان الشعر القصصي الرومانسي أواسط القرن 5ه‍ . فقد أوجد من خلال ترجمة ويس ورامين من الفهلویة إلى الشعر الفارسي الدري مدرسة متمیزة في نظم القصص، حذا حذوها الكثير من الشعراء بعده (ن.م، 2 / 336)، وفي نهاية القرن 6ه‍ ، بلغ نظم القصص ذروته علی ید الشاعر نظامي الگنجوي، حيث کانت براعته في نسج القصص المختلفة في مجموعته القصصیة الکبری پنج گنج (الکنوز الخمسة) دافعاً لیقتفي الشعراء ولعدة قرون أثره في هذا المضمار الشعري. (ن.م، 2 / 362).
أما ما یستوقفنا في هذه المحطة الأدبیة، فهو ظهور الشاعر خیام النیسابوري الذي جاء لیضیف لبنة أخری ومتمیزة إلی صرح الأدب الإیراني الکلاسیکي. 
فقد عبر عمر خيام ولأول مرة عن الأفكار الفلسفية العميقة في قالب رباعيات بليغة وسلسة بنکهة من الظرف والهزل واحتقار الدنيا (شبلي نعماني، 1 / 184-186). 
ونتیجة لاهتمام شعراء هذا العصر بالمعاني الدقیقة (صفا، ن.م، 2 / 341)، والمنافسة فیما بینهم ووقوفهم علی المعارف الأدبیة والأخری من المعارف (ن.م، 2 / 347)، فقد أخذت لغة الشعر بالتصنع والتعقید ومن جهة أخرى، فإن اختبار قدرات الشعراء ووضعهم علی المحک، دفعهم نحو الإنسیاق وراء الردیف المعقد وإظهار براعاتهم الشعریة (ن.م، 2 /  348- 349). وفي کل الأحوال، فإن القرن 6ه‍ ، أي عهد السلاجقة، هو من أهم محطات الأدب الإيراني من حيث تاريخ الأدب وعلم الأساليب کما یشهد تنوعاً في مضامین أنواع الشعر والنثر ویسیطر الأسلوب الشعري والإنتقالي أو الوسیط والأسلوب الأراني (أسلوب شعراء آذربايجان) علی الأسلوب الخراساني المرسل (شميسا، سبك شناسي نثر، 109).
النـثر:  یکون القرن 5ه‍ منطلقاً لبدایة تقارب بین خراسان وبغداد وبالتالي تسرب المفردات العربیة إلی هیکلة النثر الفارسي (بهار، سبك شناسي، 2 / 63-64). وخلال هذا العصر، أسهم السلاجقة في انتشار اللغة العربیة في إیران من خلال اهتمامهم بنشر الدين الإسلامي (ن.م، 2 / 65). ومع ذلك، فقد أمر ألپ أرسلان بعد تسلمه دفّة الحکم بكتابة جميع السجلات اللغة الفارسية (دولتشاه، 29-30)، الأمر الذي فتح الباب أمام ظهور أعمال نثریة منوعة في اللغة الفارسیة. ويعتبر تاريخ بيهقي أبرز وأول نمـوذج للأسلـوب النثري فـي هـذا العهـد، حيـث تبنّـی أبو الفضل البيهقي في تأليفه، أساليب مثل الإطناب المنشود والإبتعاد عن استعمال الألفاظ المترادفة وتوظيف العبارات المتتالية بهدف إيضاح الموضوع (بهار، ن.م، 2 / 67- 68)، ولكن أخلافه ومنهم نصر الله منشي في كليلة ودمنة والقاضي حميد الدين البلخي في مقامات حميدي (ن.م، 2 / 69) تجاوزوا حد الإعتدال وأفرطوا في ذلک، ما جعل الطریق سالکاً أما حرکة الکتاب نحو النثر المعقّد في القرن 6ه‍ (ظ: صفا، مختصري، 40 ومابعدها).
أما أحد أشکال النثر في القرن 5ه‍ فقد کان ما نستطیع أن نسمّیه النثر الصوفي الذي کان یتمیز بسهولة الألفاظ یمثله کشف المحجوب لمؤلفه الهجویري الذي وضعه أواخر هذا القرن ویلیه کتاب تذکرة الأولیاء لعطار النيسابوري، الذي قد صاغ کتابه بنثر مرسل یخلو من التعقیدات اللفظیة (ن.ص).
أما التحول في النثر الصوفي فقد ظهر على شكل النزوع إلى السجع وعلی غرار الأدب العربي ولعلّ خواجه عبد الله الأنصاري أول من أقبل في هذه الفترة علی النثر المسجع في رسائل مثل مناجات نامه وكنـز السالكين (ن.م، 42؛ بهار، ن.م، 2 / 240). 
یتمیز هذا العصر بتعدد الأعمال النثریة کماً وکیفاً وشکلاً ومضموناً (ظ: صفا، تاريخ، 2 /  889-1036) إلاً أن النثر الفني المتصنع ظل سائداً وإن بات النثر المرسل یواصل حیاته  في حقل العلوم ومؤلفات المتصوفة: کما نلمس نمطاً آخر من النثر وهو مزیج بین المرسل والمعقد (شميسا، ن.ص).
4. عهد المغول:  إستمـراراً لمشواره التاریخي، یصل الأدب الفارسي إلی المحطة المغولیة التي تبدأ بالغزو المغولي لإیران بقیادة جنکیزخان (616ه‍ / 1219م) وتمتد حتی هجوم تیمور (782ه‍ / 1380م).
لم یسلم الأدب والعمل الثقافي في إیران من الهجمة المغولیة الشرسة التي اجتاحت البلاد آنذاک، حیث تجلت تداعیاتها علی شکل التباطؤ والانکماش في تألیف الأعمال الجدیدة في النصف الأول من القرن 7ه‍ / 13م، کما تراجعت عملیة التربیة والتعلیم في النصف الأخر من هذا القرن (صفا، مختصري، 47 ومابعدها)؛ أما العدد الکبیر من الشعراء والأعمال الأدبیة في هذا العهد، فهو نتاج بعض الأسباب منها: الأول أن غالبیة الأدباء الکبار في هذا العهد، إما قد غادروا البلاد إلی دول الجوار، هرباً من أمام الهجمة المغولیة أو واصلوا نشاطهم الأدبي تحت مظلة الحکام المحلیین؛ والثاني أن انعکاسات الغزو المغولي وکما هو الحال في کل غزو مماثل، ظهرت بعد فترة طویلة والثالث أن الکثیر من الموروث الأدبي قد تم إتلافه بشکل کامل خلال الغزو المغولي في حین لم یتکرر مثل هذه الکارثة في إیران بعد الهجمة المغولیة. ولذلک فقد بقي النتاج الأدبي في العهد المغولي حیاً دون زیادة، أو نقصان وهذا ما جعل أن تتعزز الظنون بشأن الزیادة الکبیرة في عدد الأعمال الأدبیة لهذه المرحلة التاریخیة بالذات (م.ن، تاريخ، 3(1) / 303-305).
الشعر:  في أوائل العهد المغولي تسطع في سماء الأدب الإیراني نجمتان لاثالث لهما: المولوي البلخي (604-672ه‍( وسعدي الشیرازي (ح606-691ه‍( )ن.ع.ع).
وخارج حدود إیران في هذا العصر، هناک شعراء ساهموا في بسط مدی اللغة الفارسیة وتوسیع دائرة نفوذها، لعل أبرزهم الأمیر خسرو الدهلوي (651-725ه‍ / 1253-1325م) الشاعر الهندي ذو الأصول الإیرانیة والذي ذاع صیت قصائده، غزلياته ومثنوياته (م.ن، مختصري، 58)؛ هذا علاوة علی الأمير نجم الدين الحسن السجزي المعروف بالحسن الدهلوي (651-729ه‍ / 1253-1329م) الذي کان من الشعراء الناطقين بالفارسية في الهند خلال هذا العهد (ريبكا، 124).
وفي القرن 7ه‍ / 13م ساد نمطان من الغزل الفارسي: الأول غزل الحب ومثله الأعلی غزلیات سعدي الشیرازي والآخر الغزل العرفاني الذي یمثل استمراراً للأسلوب الذي كان قد أبدعه عطار النیشابوري وعمل کل من فخر الدين العراقي والمولوي علی إکماله في هذه المرحلة التاریخیة (صفا، تاريـخ، 3 (1) / 321-323).
وفي نهاية القرن 7ه‍ ، إندمج النمطان من الغزل وظهر أسلوب جديد كان ينقل الأفكار العرفانیة السامية والحكمة والوعظ في حلّة من الأفكار الشعرية ولغة الغزل اللطيفة مع الدقة في الحفاظ على صورة الألفاظ والعبارات. وخاض هذه التجربة العدید من الشعراء لعل أبرزهم أوحدي المراغي وخواجوي الكرماني وعماد الفقيه ولاسیما حافظ الشيرازي (ن.ع.ع) (ن.ص).
في مطلع القرن 7ه‍ ، حیث أضحت السیاسة الدینیة تسود البلاد، بعد أن کانت تلوح في الأفق خلال القرنین 5و6ه‍ وعلی إثر الغزو المغولي لایران، تراجعت الرؤی الوطنیة وتراجع بدوره نظم الملاحم البطولیة والوطنیة وحلّ محلّها نمط من الملحمة التاریخیة والدینیة أحیاناً (ن.م، 3(1) / 323-324). ومن هذه الملاحم، شاهنشاه نامه لمجد الدين محمد پاييزي النسوي التي لم تسلم من حوادث الدهر ولم یصلنا منها سوی إسمها وعنوانها. وکانت تلک، البدایة نحو عزوف الشعراء من الشعر الملحمي الفارسي بمضمونه البطولي الوطني نحو المضمون التاریخي (ن.م، 3(1) / 325؛ وزين پور، 466).
أما أحد المضامین الذي یمیز هذه المرحلة الأدبیة بالذات هو ظهور الإنتقاد، حیث تبلغ صورته الفکاهیة والساخرة ذروتها علی یـد الشاعر عبید الزاکانـي (تـ 772ه‍ / 1370م). هذا بالإضافـة إلی شعراء وکتاب آخرین، کانوا رائدین في الإنتقاد، منهم الفرغاني وسعدي وحافظ الشیرازي (م.ن، 459). 
واتجه فریق آخر من شعراء هذا العهد أبرزهم ابن يمين الفريومــدي (تـ 769ه‍ /  1368م). نحو نشر الأخلاق والموعظة بدلاً عن توجیه الإنتقادات لفساد هذا العهد وأهله (ريبكا، 130-131).
بشكل عام، ینفرد العهد المغولي بتغلب العرفانیات والأدب العرفاني، حیث يطغى الطابع العرفاني على مواضيع الشعر الفارسي. ومحاوره وعلی إثر ذلک تبلورت المواضيع التربوية والاجتماعية في قالب الأشعار المثنوية العرفانیة، حيث کان مثنوي معنوي للمولوي وگلشن راز للشيخ محمود الشبستري وجام جم لأوحدي المراغي النماذج العلیا لهذا النمط من الأشعار (صفا، ن.م، 3(1) / 331).
وبعد أن اكتسبت اللغة الفارسیة شكلاً متماسكاً وثابتاً مطلع القرن 7ه‍ عبر امتزاجها باللغة العربية، جاءت المفردات الترکیة والمغولیة خلال هذا العهد، لتجد مکانها في الفارسیة (م.ن، مختصري، 51). وفي نفس الوقت، إتسع مدی نفوذ الفارسیة في الهند على إثر نزوح الإيرانيين إلى تلك الديار (م.ن، تاريخ، 3(1) / 315-316).
النـثر:  عاش النثر الفارسي فترة ازدهار إبان الحکم المغولي وحتی هجوم تیمور. وحسب مایقوله ذبیح الله صفا فإنّ ذلک کان نتیجة توقف نفوذ الخلفاء سیاسیاً في إیران ونهایة قطبیة بغداد کمرکز سیاسي في البلاد الإسلامیة بالأضافة إلی قطیعة التي حصلت بین إیران وسائر الشعوب العربیة المسلمة. وقد سلک النثر الفارسي في هذه المرحلة التاریخیة إتجاهین مختلفین، ففي الاتجاه الاول ظهرت نصوص نثریة متسمة بصناعات البدیع والمبالغات، والإطناب، والإسهاب ومفاهيم لاطائل منها وتغص بالمفردات العربیة (ريبكا، 136) ومثالها الأبرز تاريخ وصاف لکاتبه وصاف الحضرة الشيرازي أما الأتجاه الثاني، فقد إتّسم بصیاغة نصوص مرسلة نسبیاً مع الحفاظ علی خصوصیة النثر في هذه المرحلة وجاء ذلک علی ید مؤرخین کبار منهم رشید الدین فضل اللّه والبعض الأخر من المؤرخین (بهار، ن.م، 3 / 154). 

 

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: