الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن عربی /

فهرس الموضوعات

ابن عربی

ابن عربی

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/23 ۲۱:۱۳:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عَرَبيّ، أبو عبد الله محیي ‌الدين محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي (560-638هـ/1165-1240م)، المعروف بالشیخ الأكبر، مفكر وعارف وصوفي كبیر في عالم الإسلام. یعرف في المشرق بابن عربي للتمییز بینه وبین أبي بكر ابن العربي (تـ 543هـ/1148م)، القاضي والمحدث والفقیه الأندلسي.

 

القسم الأول –حیاته وآثاره

 

حیاته

ولد ابن عربي في 27 رمضان 560 بمدینة مُرسیة بجنوب شرقي الأندلس. وذكرت بعض المصادر أنه ولد في 17 رمضان 560 (ابن الدمیاطي، 28؛ المقري، 2/163)، ولكن ورد أنه ولد في 27 رمضان 560 في مخطوطة بمكتبة صدرالدین القونوي الخاصة بخطه وكان أفضل تلامذة ابن عربي وأقربهم منه (آستین، 21، ها 2).

كان یحكم مرسیة آنذاك أبو عبد الله محمد بن سعد بن مَردَنیش، حیث حكم كلاً من مرسیة وبلنسیة وشاطبة بین 542-567هـ/1147-1172 (للاطلاع علی حیاته، ظ: ابن صاحب الصلاة، 65-66، مخـ)، وقد أشار ابن عربي أیضاً إلی أنه ولد في عهد محمد بن مردنیش (الفتوحات…، 4/207، محاضرة الأبرار، 1/87).

وابن عربي من أسرة عربیة عریقة، وتنتهي شجرة نسبه إلی حاتم الطائي، وكان یتبع اسمه بالحاتمي الطائي (الفتوحات، 4/553). وكان والده من كبار رجال مرسیة وأعیانها وربما كان مقرباً من ابن مردنیش. كما كان الفیلسوف الشهیر ابن رشد (تـ 595هـ/1198م) من أصدقاء والده المقربین، ویذكر ابن عربي أن ابن رشد طلب إلی أبیه لقاءه ابنه (عن هذا اللقاء، ظ: ن.م، 1/153-154).

عاش ابن عربي ردحاً من حیاته بالأندلس معاصراً ثلاثة من حكام الموحدین: أبا یعقوب یوسف (حكـ 558-580هـ/1163-1184م) وأبا یوسف یعقوب المنصور (حكـ 580-595هـ/1184-1199م) ومحمد الناصر (حكـ 595-610هـ/1199-1213م). ورغم ما كان في الأندلس آنذاك من ازدهار ثقافي، إلا أن الأوضاع السیاسیة فیها كانت لاتخلو من الأزمات والنزاع المستمر بین المسلمین والحكام المسیحیین في شمال إسبانیا. وقد أدت تلك الاضطرابات السیاسیة إلی سقوط مناطق ذات أهمیة من الأندلس بید المسیحیین. وقد دارت في عهد محمد الناصر حرب العقاب المعروفة في 609هـ/1212م بین المسلمین والجیوش المسیحیة بقیادة ألفونس الثامن ملك قشتالة، وانتهت بهزیمة المسلمین هزیمة نكراء، قتل فیها الآلاف منهم (المراكشي، 321-323). وبهذه الهزیمة بدأ انهیار حكم الموحدین بالأندلس، وبدأت بلاد المسلمین هناك تسقط الواحدة بعد الأخری بید المسیحیین الفاتحین. واحتل المسیحیون إسبانیا في نحو منتصف القرن 13م فیما یسمیه الأوروبیون «إعادة احتلال إسبانیا»، وخرجت مدینة قرطبة من ید المسلمین نهائیاً في 634هـ/1236م وإشبیلیة في 646هـ/1248م (ظ: حتي، 551).

ظلت أسرة ابن عربي في مرسیة إلی 568هـ/1172م. وخلال هذه الفترة قضی الموحدون علی دولة ابن مردنیش، وفي هذه السنة انتقلت أسرة ابن عربي من مرسیة إلی إشبیلیة، وكان والده یحظی بعطف حاكم الأندلس الجدید أبي یعقوب یوسف، كما كان أحد المقربین من والي إشبیلیة، ویبدو أنه ولي منصباً حكومیاً (القاري البغدادي، 22؛ ابن عربي، روح القدس،108-109). وأخذ ابن عربي القراءات السبع والآداب والحدیث وبقیة علوم زمانه عن العلماء المعروفین بإشبیلیة، وقد أجازه بعضهم تدریس كتبهم.

وقد أورد ابن عربي في إجازته التي كتبها في 632هـ/1234م للملك المظفر الملقب بالملك الأشرف (576-635هـ/1180-1238م) أسماء عدد من أساتذته بخطه في قراءة القرآن والفقه والحدیث وأسماء 290 من تصانیفه. نذكر فیما یلي بعض أساتذته الكبار المعروفین في القرآن والحدیث: 1. أبو بكر محمد بن خلف بن صاف اللخمي، أخذ عنه ابن عربي علم القراءة بإشبیلیة سنة 578هـ (ظ: الفتوحات، 1/331، 4/550) كما قرأ الكافي في القراءات السبع لأبي عبد الله محمد بن شریح الرعیني؛ 2. أبوالقاسم عبد الرحمن بن غالب الشراط أستاذه في القراءة؛ 3. القاضي أبوبكر محمد بن أحمد بن حمزة، قرأ علیه ابن عربي كتاب التیسیر في القراءات السبع لأبي عمرو الداني وأخذ منه إجازة عامة؛ 4. القاضي أبو عبد الله محمد بن سعید بن زرقون الأنصاري، قرأ علیه ابن عربي، كتاب التقصي وكتباً أخری لابن عبد البر مثل الاستدراك والتمهید والاستیعاب، ونال منه إجازة عامة في الروایة؛ 5. أبو محمد عبد الحق بن محمد الأزدي، قرأ ابن عربي الحدیث وجمیع تصانیفه في هذا العلم علیه وكذلك تصانیف ابن حزم؛ 6. عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني، قرأ علیه صحیح مسلم، وأخذ منه إجازة عامة؛ 7. یونس بن یحیی بن أبي الحسن العباسي الهاشمي، درّسه الكثیر من كتب الحدیث ومنها صحیح البخاري؛ 8. أبو (ابن) شجاع زاهر بن رستم الأصفهاني، درّسه سنن الترمذي بمكة، وأجازه إجازة عامة؛ 9. برهان ‌الدين نصر بن أبي الفتوح بن علي الحضرمي (الحصري؟) (تـ 619هـ/1222م) زعیم المدرسة الحنبلیة، قرأ علیه ابن عربي بمكة سنن أبي داود السجستاني، ونال منه إجازة عامة؛ 10. أبو عبد الله ابن غلبون، قرأ علیه ابن عربي كتب القاضي أبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي، ونال منه إجازة عامة؛ 11. أبو الوائل ابن العربي، ابن عم القاضي أبي بكر، قرأ علیه ابن عربي كتاب سراج المهتدین للقاضي أبي بكر، ونال منه إجازة عامة؛ 12. محمد البكري، قرأ علیه ابن عربي الرسالة القشیریة لأبي القاسم عبد الكریم بن هوازن (تـ 465هـ/1072م) في أصول التصوف بواسطتین من المؤلف؛ 13. عبد الوهاب بن علي بن سكینة (تـ 607هـ/1210م) شیخ الشیوخ ببغداد، التقاه ابن عربي ببغداد وقرأ علیه الرسالة القشیریة، ونال منه إجازة عامة (یقول ابن عربي إن كلاً منهما أخذ شیئاً عن الآخر)؛ 14. أبو الخیر أحمد بن إسماعیل بن یوسف الطالقاني القزویني، قرأ علیه ابن عربي كتاب (أوكتب) المحدث الشهیر أبي بكر أحمد بن الحسین البیهقي، ونال منه إجازة عامة.

ومن المشاهیر الذین أجازوا ابن عربي إجازة عامة، المحدث والمؤرخ الشهیر ابن عساكر (تـ 571هـ/1176م) صاحب تاریخ دمشق، وابن بشكوال (تـ 578هـ/1182م)؛ كما أجازه كل من أبي القاسم ذاكر بن كامل بن غالب الخفّاف وأبي حفص عمر بن عبد المجید القرشي المیّانشي وأبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (تـ 597هـ/1201م)، وقد أجازه روایة جمیع تصانیفه ولاسیما كتابا صفوة الصفوة أو صفة الصفوة ومثیر الغرام الساكن إلی أشرف الأماكن. ویذكر ابن عربي عدداً آخر ممن أخذ عنهم مثل الفقیه والمحدث أبي بكر محمد بن عبید السكسكي وعبد الودود بن سمحون (أو سمجون) وأبي زید السهیلي وعمران بن موسی بن عمران المیرتُلي (ظ: ابن عربي، «صورة إجازة»، 112-121؛ نیبرغ، 27-21).

ومع الأخذ بنظر الاعتبار أساتذة ابن عربي والعلوم التي درسها، فلیس عجیباً أن ینال الشهرة وهو في أوائل شبابه. ویقال إنه «كتب الإنشاء لبعض الحكام بإشبیلیة» (المقري، 2/163)، وقیل عن سعة علمه إنه «أعرف بكل فن من أهله» (ابن العماد، 5/190)، ویدل علی كل ذلك تصانیفه الكثیرة.

لیس لدینا سوی معلومات یسیرة عن الأسباب الأولی التي دفعت ابن عربي إلی العرفان والتصوف. ولكننا نعلم أنه كان له بالأندلس في صباه وشبابه میول عرفانیة، ولم تكن أوساط شیوخ التصوف ومریدوهم قلیلة. وكان شعیب بن الحسین الأندلسي، المعروف بأبي مدین (تـ 594هـ/ 1198م) أكبر شیوخ العرفان والتصوف وأشهرهم أثناء شباب ابن عربي الذي أورد اسمه مراراً في كتبه وذكره بشیخنا وعمادنا وشیخ الشیوخ وأبي النجا (الفتوحات، 2/261، «التدبیرات الإلهیة»، 126). ویدعوه «من أكابر العارفین» ویقول: إنه كان یعتقد فیه وكان فیه علی بصیرة (الفتوحات، 4/498؛ وعن أبي مدین، ظ: الغبریني، 22-32؛ ابن قنفذ، 90-106)، ولكن مع كل الحب الذي كان یكنه ابن عربي لأبي مدین، یبدو أنه لم یتصل به شخصیاً كما یشیر إلی ذلك أیضاً (روح القدس، 113-114).

دخل ابن عربي طریقة العرفان كما یقول في 580هـ/1184م (الفتوحات، 2/425) وأول من دخل علیه في طریق الله هو أبو جعفر أحمد العریني، وقد قدم إلی إشبیلیة في بدایة تعرف ابن عربي بالطریقة، فكان أول من بادر إلی لقائه (روح القدس، 76، الفتوحات، 4/529)، وكان ابن عربي یطلق علی حیاته قبل دخول الطریقة زمان الجاهلیة (ن.م، 1/185، 4/540).

تزوج ابن عربي من امرأة تدعی مریم بنت محمد بن عبدون، لانعلم عنها شیئاً، وذكر أنها كانت من أهل الباطن وسالكي الطریقة وعلی طبعه، وروی عنها حلماً عرفانیاً رأته (ن.م، 1/278، 3/235).

ویجدر بنا هنا أن نتحدث عن رأي ابن عربي في النساء أوائل دخلوه الطریقة وبعده؛ فقد قال: النساء شقائق الرجال، ألا تری حواء خلقت من آدم، فلها حكمان: حكم الذكورة بالأصل وحكم الأنوثة بالعارض، فإن الإنسانیة مجمع الذكر والأنثی، وقد كنت من أكره خلق الله في النساء وفي الجماع في أول دخولي إلی هذا الطریق، وبقیت علی ذلك نحواً من 18 سنة، إلی أن شهدت هذا المقام، وكان قد تقدم عندي خوف المقت من الله، لذلك لمّا وقفت علی الخبر النبوي: إن الله حبّب النساء لنبیه (إشارة إلی الحدیث: حُبّب إليّ من دنیاكم ثلاث: النساء و…، ظ: البحث المتعلق برأي ابن عربي في النساء في هذه المقالة)، أزال الله عني المقت وحبب إليّ النساء، فأنا أعظم الخلق شفقة علیهن وأرعی لحقهن لأني في ذلك علي بصیرة (الفتوحات، 4/84). وعلی هذا یمكن أن ندرك السبب الذي جعل ابن عربي یرعی النساء العارفات ویخدمهن، كفاطمة بنت أبي (ابن) المثني بإشبیلیة – وكانت حین التقاها ابن عربي في الخامسة والتسعین من عمرها – وشمس أم الفقراء بمرشانة، وأم الزهراء بإشبیلیة، وگلبهار المعروفة بست غزالة في مكة (ظ: ن.م، 1/274، 2/35، 347-348، روح القدس، 126-127).

وهناك شواهد تشیر إلی أن ابن عربي كان یحمل منذ أوائل شبابه قلباً ینبض بالأمل للوصول إلی ماوراء العالم المحسوس المادي، وروحاً في عطش للحقائق الغیبیة، وعواطف جیاشة، وفكراً یبحث عن العرفان. وفي هذا الطریق نبتت براعم النظرة العرفانیة في باطنه وما یحدث له من حالات ومكاشافت كان یثیر عجب الآخرین واستحسانهم. ویتحدث لنا ابن عربي في مرحلة أخری من حیاته عن مشهد لقائه الفیلسوف الأرسطي الكبیر ابن رشد مما یشهد علی ما ذكرنا، یقول: أدخلت یوماً بقرطبة علی قاضیها أبي الولید ابن رشد، وكان یرغب في لقائي لما سمع وبلغه ما فتح الله به علي في خلوتي، فكان یظهر التعجب مما سمع، فبعثني والدي إلیه في حاجة، فإنه كان من أصدقائه وأنا صبي مابقل وجهي ولاطر شاربي، فعندما دخلت علیه، قام من مكانه إلی محبة وإعظاماً فعانقني وقال لي: نعم! قلت له: نعم! فزاد فرحه بي لفهمي عنه، ثم إني استشعرت بما أفرحه من ذلك، فقلت له: لا! فانقبض وتغیر لونه و[یبدو أنه] شك فیما عنده، وقال: كیف وجدتم الأمر في الكشف والفیض إلالهي؟ هل هو ما أعطاه لنا النظر [والعقل]؟ قلت له: نعم – لا! وبین نعم ولا تطیر الأرواح من موادها والأعناق من أجسادها! فاصفر لونه وأخذه الأفكل، وقعد یحوقل، وعرف ما أشرت به إلیه… وطلب بعد ذلك من أبي الاجتماع بنا لیعرض ما عنده علینا [ویعلم] هل توافق [أفكاره ما آراه] أو تخالفه فإنه كان من أرباب الفكر والنظر العقلي. فشكر الله تعالی الذي كان في زمان رأی فیه من دخل خلوته جاهلاً وخرج مثل هذا الخروج من غیر درس ولا بحث ولامطالعة ولا قراءة. ثم قال: هذه حالة أثبتناها، وما رأینا لها أرباباً، فالحمد لله الذي أنا في زمان فیه واحد من أربابها الفاتحین مغالق أبوابها والحمدلله الذي خصني برؤیته». ویضیف ابن عربي أنه أراد الاجتماع به مرة ثانیة فلم یتم له ذلك حتی سنة 595هـ، حیث وقف في قرطبة علی تابوت ابن رشد (الفتوحات، 1/153-154؛ مایر، III/280-334).

وبعد سنوات من هذا اللقاء ذكر ابن عربي ابن رشد مرة أخری أثناء كتابته قسماً من الفتوحات المكیة. فبعد أن وجه انتقاداً شدیداً لـ «المتكلمین في الحكمة» الذین یلجأون إلی أبواب الملوك والولاة من الجهال وحتی إنهم یحقرونهم، أثنی علی الحكماء الذین توصلوا إلی معرفة الله عن طریق الفیض الإلهي الخاص الذي لایمكن أن یكتسب من الدروس المعتادة ویرون أن العقل لایضل إلیه من حیث الفكر والنظر، فیقول: «سمعت واحداً من أكابرهم وقد رأی مما فتح الله به عليّ من العلم به سبحانه من غیر نظر ولا قراءة، بل من خلوة خلوت بها مع الله، ولم أكن من أهل الطب [التعلم النظري]، فقال: الحمد لله الذي أنا في زمان رأیت فیه من آتاه الله رحمة من عنده وعلّمه من لدنه علماً» (الفتوحات، 1/325).

أخذ ابن عربي في مراحل سلوكه وتعلمه واجتهاده العرفاني عن كبار شیوخ عصره وخدمهم مدة، ووصف أحوال هؤلاء الشیوخ ومقاماتهم في مواضع مختلفة من الفتوحات، وصور أوصافهم وعلاقته بهم في كل من رسالته روح القدس وكتابه الدرة الفاخرة؛ فیذكر في رسالة روح القدس 54 شیخاً لقیهم (ظ: ص 76-126؛ آستین، 160-63؛ وعن الدرة الفاخرة التي لم تنشر بعد، ظ: یحیي، 192-193)، ومن أهمهم أبو یعقوب یوسف بن یخلف الكومي (الفتوحات، 1/251) وأبو محمد عبد الله الشكاز من أهل باغة لقیه ابن عربي بغرناطة في 595هـ (ن.م، 1/187).

 

رحلاته

أقام ابن عربي في إشبیلیة حتی الثلاثین من عمره (590هـ/ 1194م)، وكان أثناء ذلك یسافر إلی مدن إسبانیا الأخری. ولقي بإشبیلیة جماعة من شیوخ عصره منهم أبو یحیی الصنهاجي الضریر وصالح البربري وأبو عبد الله الشرفي وأبو الحجاج یوسف الشُّبَریُلي، ویقول: ما من واحد من هؤلاء الأربعة – وكانوا من كبار الملامتیة – إلا وعاشره معاشرة مودة ومحبة. وقد ذكرهم في الدرة الفاخرة (الفتوحات، 1/206)، وأثنی ثناء كبیراً علی الملامتیة ووصفهم بأنهم الرجال الذین حلوا من الولایة في أقصی درجاتها، وما فوقهم إلا درجة النبوة (ن.م، 1/181-182). ویقول عن الملامتیة في موضع آخر: إذا ظهرت مقاماتهم ومنزلتهم عند الله في العامة لایشاهدون في زعمهم إلا الله (ن.م، 3/34-35). غادر ابن عربي الأندلس في 590هـ متوجهاً إلی شمال إفریقیة، فنشاهده في تلك السنة بتلمسان حیث رأی رسول الله (ص) في المنام (ن.م، 4/498). وفي هذه السنة قصد تونس، وتعرف فیها إلی أبي محمد عبد العزیز بن أبي بكر بن القرشي المهدوي (تـ 621هـ/1224م) وصار بعدها صدیقه الحمیم (ظ: یحیی، استدراك، 1/505) وقد أهداه ابن عربي فیما بعد خطبة كتاب فتوحاته، وفي 600هـ ألف باسمه في مكة رسالة روح القدس، وفي داره بتونس بدأ تألیف كتاب إنشاء الدوائر في 598هـ (الفتوحات، 1/9، 98، 120، روح القدس، 19).

في 591هـ كان ابن عربي بمدینة فاس (الفتوحات، 4/220، 541)، وفي 592هـ إلی إشبیلیة وأقام فیها (ن.م، 1/32)، وفي 593هـ لقي بفاس عبد الله بن الأستاذ الموروري، الذي وصفه ابن عربي بـ «قطب المتوكلین» وأنه أحد أولیاء «أهل الله» (ن.م، 1/666، 4/76). وفي 594هـ كان في فاس أیضاً، حیث عرّفه الله فیها بـ «الخاتم المحمدي» وأراه علامته، ولكنه لم یورد اسمه (ن.م، 3/514، 4/549). وفي 595هـ نراه في مدینة ألمریة بالأندلس، حیث ألّف في رمضان من تلك السنة كتاب مواقع النجوم في 11 یوماً وقد كتبه كما یقول بإذن إلهي وهذا الكتاب «یغني القارئ عن الأستاذ، والأستاذ یحتاج إلیه» (ن.م، 1/334). وفي هذه السنة كان بمدینة غرناطة ولقي شیخه أبا محمد عبد الله الشكاز (ن.م، 1/187)، كما كان في نفس السنة في مسقط رأسه مرسیة (ن.م، 1/708)، وفي 597هـ بمراكش، وقد دخل في محرم من تلك السنة «مقام القربة» (ن.م، 2/260-261)، وفي هذه السنة ألهم التوجه إلی المشرق (ن.م، 2/436). وفي 598هـ كان بتونس في دار عبد العزیز المهدوي (ن.م، 1/98). ولقي في نفس تلك السنة أبا عبد الله ابن جنید القَبَر فیقي وكان من شیوخ الطائفة ومعتزلیاً، وباحثه وردّه عن نظریة «خلق الأفعال للعباد» (ن.م، 1/182، 3/45)، كما ذهب في تلك السنة إلی بیت المقدس ومنها توجه إلی مكة راجلاً (م.ن، روح القدس، 92-93) وبعد رمضان من هذه السنة ورد مكة وخدم الشیخ مكین ‌الدين أبا شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجاء الأصفهاني وشغف بابنته نظام الملقبة بعین الشمس، ثم نظم دیوان شعره ترجمان الأشواق من أجلها وباسمها (ظ: ترجمان الأشواق، 7 وما بعدها). أقام ابن عربي في مكة إلی 600هـ ثم ذهب في 601هـ إلی الموصل، والتقی رجلاً باسم المهذب ثابت عنتر الحلوي الذي ادعی معارضة القرآن (م.ن، الفتوحات، 3/17). وألبسه علي بن عبد الله بن جامع «خرقة الخضر» في هذه المدینة (ن.م، 1/187). ویقول ابن عربي إنه «رأی بمكة روح محمد ابن الخلیفة العباسي هارون الرشید أثناء طواف الكعبة، وتحدث إلیه». كما اشتغل علیه بعض أصحابه بكتاب إحیاء العلوم للغزالي (ن.م، 4/12)، وفي هذه السنة كان ابن عربي ببغداد، یتلو رسالة روح القدس لأول مرة بحضور عدد من العلماء (حصریة، 9).

وقبل سنة من ذلك (في 600هـ) التقی ابن عربي بمكة مجد الدین إسحاق والد صدر الدین القونوي (الذي أصبح فیما بعد أفضل تلامذته) ولما تولی غیاث ‌الدين كیخسرو الأول (حكـ 601-608هـ/1205-1211م) حكم قونیة (المنطقة التي حكمها سلاجقة الروم) بعث برسالة إلی صدیقه الحمیم مجد الدین بالشام، وطلب منه العودة إلی قونیة (ابن بي بي، 25). ولما وصل مجد الدین إلی بغداد في طریق عودته إلی قونیة، كان ابن عربي في تلك المدینة فصحبه معه، ووصلا إلی قونیة في ذي القعدة 601، فاحتفی كیخسرو بقدومهما (م.ن، 91، 93). ویقول المقري إن كیخسرو أمر لابن عربي بدار تساوي 100 ألف درهم، فمر به في بعض الأیام سائل وطلب منه شیئاً لله، فقال: ما لي غیر هذه الدار خذها لك، فتسلمها السائل وصارت له (2/164). وكان ابن عربي في هذه السنة بالموصل (ابن عربي، محاضرة الأبرار، 2/419). وفي 602هـ كان ببیت المقدس (حصریة، 15)، وفي 603 بمصر (ابن عربي، الفتوحات، 1/410)، وأخیراً بمكة في 604 هـ (ن.م، 2/376). وفي 606هـ ذهب ثانیة إلی قونیة، ودون فیها رسالة الأنوار فیما یمنح صاحب الخلوة من الأسرار، وكان في 608هـ ببغداد حیث التقی هناك الصوفي الشهیر شهاب ‌الدين أبا حفص عمر بن عمّویة السهروردي (تـ 632هـ/1234م) صاحب كتاب عوارف المعارف (ابن العماد، 5/193).

ثم إن ابن عربي بعث في 609هـ برسالة سیاسیة ینصح فیها حاكم قونیة الجدید كیكاووس، یشجعه فیها علی التصعب مع المسیحیین (الفتوحات، 4/547-548)، ولعل أحد أسباب كره ابن عربي للمسیحیین آنذاك ما أنزلوا بالمسلمین من مصائب في الحروب الصلیبیة، وقد حذّر ابن عربي المسلمین من زیارة بیت المقدس التي كانت حینئذ بید الصلیبین (ن.م، 4/460). وبعد ذلك نجد ابن عربي بحلب في 610هـ أو بعدها بقلیل (یحیی، هامش، 143). وفي 612هـ توجه مرة أخری إلی الأناضول، حیث كان تلك السنة في سیواس وملطیة وفي رمضان من نفس السنة حاصر كیكاووس أنطاكیة، فرأی ابن عربي في المنام أنه ینتصر علی عدوه، فبعث له من ملطیة برسالة تتضمن عدداً من الأبیات یبشره فیها بالنصر، وقد فتح كیكاووس المدینة یوم عید الفطر، بعد 20 یوماً من الرؤیا (ابن عربي، محاضرة الأبرار، 4/420-421).

الصفحة 1 من15

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: