الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أصفهان /

فهرس الموضوعات

الأدب العربي في أصفهان

إن أغلب الكتّاب الذين تطرقوا إلى أصفهان خصصوا بدايات مؤلفاتهم للحديث عن «فضائل» هذه المدينة. وهذه الفضائل معنوية أولاً، ثم مادية. فالنعم الإلٰهية كانت من نصيب أصفهان منذ العصر القديم، وقلما غض مؤلفٌ الطرفَ عن ذكر ذلك العصر (مثلاً ظ: المافروخي، 4-12؛ أبو نعيم، 1 / 1-14، 30 و ما بعدها). و كان لأصفهان منذ الماضي السحيق سهم وافر من العلم. ففي ذلك العصر كان كنز من الكتب البهلوية قد دفن في جدار، ثم تم كشفه في العصر الإسلامي (المافروخي، 91-92؛ أيضاً ظ: صادقي، 41-42). 
لكن العلماء المسلمين يسعون إلى أن يجعلوا أصفهان تتمتع بالفضيلة الإلٰهية والإسلامية. لذا، فإنهم واستناداً إلى قول ابن سلمة، يربطون بأصفهان آية «... فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين» (فصلت / 41 / 11) (المافروخي، 5)، ثم يذكرون أسماء الصحابة و الأئمة والأطهار الذين توجهوا إلى هذه المدينـة، ومنهـا أنهم قالـوا إن سلمـان الفارسـي كـان أصفهانيـاً و إن النبـي (ص) حين يقول: لو كان العلـم في الثريا لنالتـه رجال من الفـرس، فإنـه كـان يعنـي بـذلك الأصفهانييـن (م.ن، 23-24). 
و من بين الأوصاف المتنوعة التي وصفت بها أصفهان، فإن كلام الحجاج بن يوسف الذي يعد وثيقة تاريخية هو الأطرف (م.ن، 7؛ أبونعيم، 1 / 36)؛ فقد وصفها بقوله إنها أوسع الأرض رقعةً وأكثرها عمراناً. 
أما الأشعار العربية الخاصة بأصفهان، فينبغي تقسيمها إلى مجموعتين: المجموعة التي تناولت أصفهان ومناطقها المختلفة بالوصف والتي تبدأ من عصر الفتوحات؛ سوى أن أشعار الفتوح لم تتناول أصفهان نفسها على الإطلاق، بل وصفت بشكل عام بطولات العرب وهزيمة الإيرانيين (مثلاً ظ: البلاذري، 363-365، 443-444، 447، 450؛ أيضاً أبو نعيم، 1 / 26- 28؛ المافروخي، 12-14؛ جابري، 11-12). و قد تواصل هذا النوع من الشعر حتى القرنين 5و6ه‍ / 11و12م برغم كونه متناثراً بشكل كبير. والمجموعة الثانية هي الأشعار التي نظمها الأصفهانيون و قد جمعت في مجموعات مثل يتيمة الدهر للثعالبي وخريدة القصر لعماد الدين. لكن لاينبغي تصور أن هذه الأشعار ولكونها من نتاج أقلام الأصفهانيين، فإنها ستقدم لامحالة معلومات عن أصفهان نفسها أيضاً. وكانت هذه الأشعار تنظم في إيران اقتفاء للتقليد العام للشعر العربي. وكان هؤلاء الشعراء ينظمون الشعر بهدف الإبداع الفني وفي القوالب اللفظية و المعنوية العربية المتداولة والسائدة، بحيث كان شعرهم يخرج من النوع الشخصي و الذاتي ويتخذ صبغة عامة. وهكذا، فإن ما كان ينظم في النرجس الأصفهاني لم‌يكن يختلف تقريباً عما كان الشعراء الأندلسيون ينظمونه في النرجس الأندلسي. 
كان شعر أصفهان في القرون الهجرية الأولى في الأغلب شعر العرب المهاجرين الذين كانوا يعيشون في هذه البلاد، أي أن اللغة العربية لم‌تكن قد اكتسبت بعد العمومية كثيراً خارج أوساط الحكام العرب، و لم تصبح اللغة العامة للأدب. صحيح أن أبا نواس نظم في القرن 2ه‍ / 8م قصيدة في اللعب بالصولجان بأصفهان، أو أن كتاباً بعنوان آيين الضرب بالصولجة للفرس كان قد ألف هناك (آذرنوش، «چوگان...»، 23-31)، لكن هذه الآثار كانت تؤلف للعرب و لم يكن متلقوها عامة أهل أصفهان. وينبغي تصور القرن 4ه‍ / 10م بداية للأدب العربي ـ الأصفهاني. ففي هذا القرن وكذلك القرنين 5و6ه‍ / 11و12م بلغ الأدب العربي في تلك المنطقة ذروته، لكنه لم يستطع الثبات في مواجهة لغة عامة الناس التي كانت الفارسية، ومنذ القرن 7ه‍ / 13م و ما تلاه فسح المجال للفارسية برغم أنه ترك في هذه اللغة تأثيراً عميقاً للغاية، وكان يظهر من نفسه أحياناً مظاهر، برغم كونها مصطنعة و قليلة الفن وأخيراً اقتصر على لغة الدين في المدارس والمساجد. 
و قد أُلف عن أصفهان التي كانت قد اكتسبت في القرن 4ه‍ لقب «بغداد الثانية» (متز، 17)، حشد من الكتب؛ فقلائد الشرف في مفاخر أصبهان وأخبارها لعلي بن حمزة الأصبهاني (ياقوت، 13 / 204؛ المافروخي، 27)، والكتاب المعروف جداً أصفهان وأخبـارهـا لحمـزة الأصفهانـي (تـ 361ه‍ / 972م)، وتاريخ أصبهان لمحمد ابن منده (تـ 395ه‍ / 1005م)، وتاريخ أصبهان لابن مردويه (ن.ع)، وتاريخ أصبهان لابن سهلان (ن.ع) (برغم أن نسبة هذا الكتاب إليه موضع شك)، وخلاصة تاريخ أصبهان ليحيى ابن منده (تـ‍ 511ه‍ / 1117م)، جميعها ضاعت؛ لكن لاتزال عدة آثار قيمة تتحدث عن الثقافة العربية و آدابها في أصفهان باقية منها: طبقات المحدثين لأبي الشيخ الأصفهاني (تـ 369ه‍ / 979م)، أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصفهاني (تـ 430ه‍ / 1038م)، محاسن أصفهان للمافروخي (أواخر القرن 5ه‍( وكذلك ترجمته الفارسية للآوي (تُرجم في 729ه‍ / 1329م). 
وإلى جانب هذه الكتب الخاصة بأصفهان توجد عدة آثار أخرى خصص قسم من كل واحد منها لشعراء أصفهان، وأولها يتيمة الدهر للثعالبي (تـ 429ه‍ / 1038م) والتي تعد كنزاً نفيساً. فقد خصص الثعالبي فصلاً لـ «محاسن أشعار أهل العصر من أصبهان» (3 / 349)، وأعلن في المقدمة أن عدداً لايحصى من العظماء نبغوا من أصفهان و أن حمزة الأصفهاني نقل أسماء الكثيرين منهم. وأورد الثعالبي نفسه أسماء 35 شخصاً منهم، لكنه تناول 6 فحسب من معاصريه كان أبو سعيد الرستمي (ن.ع) أشهرهم (ظ: 3 / 350)؛ ثم افتتح فصلاً كبيراً آخر و خصصه للشعراء الذين وفدوا على الصاحب بن عباد (3 / 399 و ما بعدها)؛ و من هؤلاء الشعراء ابن بابك (ن.ع) الذي كان إيراني الأصل واستخدم المفردات الفارسية أكثر من غيره. 
كما أن الباخرزي (تـ 467ه‍ / 1075م) أشار إلى أصفهانيين كثر في دمية القصر، لكنه لم يخصص لهم فصلاً معيناً. وعلى العكس من ذلك، أورد عماد الدين الكاتب الأصفهاني (القرن 6ه‍ / 12م) في خريدة القصر (القسم الخاص بإيران) مجموعة ضخمة من أشعار الشعراء الأصفهانيين الذين كانوا في الغالب معاصرين له. و قد استغرقت أشعار هؤلاء الشعراء الذين بلغ عددهم حوالي 70 شاعراً، 292 صفحة من كتابه هذا. 
والكتاب الآخر الذي يمكن أن يستفاد منه فائدة جمة هو حكاية أبي القاسم البغدادي، المنسوب لأبي المطهر الأزدي (ن.ع). و قد ذكر الباخرزي في أحد المواضع أستاذاً باسم أبي المطهر الأصفهاني صاحب كتاب طراز الذهب (1 / 26)، ونقل في موضع آخر 19 بيتاً من شعره (1 / 428-430). واعتقد الجميع أن هذا الرجل هو مؤلف حكاية أبي القاسم، لكننا سعينا إلى أن نثبت أن مؤلفه الحقيقي هو أبو حيان التوحيدي (ظ: ن.د، أبوحيان التوحيدي، أيضاً أبو المطهر الأزدي؛ آذرنوش، «نمايشنامه...»، 24). وعلى أية حال وبغض النظر عمن كان المؤلف، فلاشك في أن اللغة الفارسية (وربما اللهجة الأصفهانية) كانت لغته الأصلية، لكنه ــ شأنه شأن جميع أدباء عصره ــ كان قد جعل من العربية لغته الأدبية. إن مسرح تمثيلية أبي القاسم هو مجلس في أصفهان و فيه رجل مخادع و طفيلي يتحدث عن كل شيء لمدة ليلة ونهار تقريباً باللغة العربية وبقليل من الميل إلى اللهجة البغدادية: خصص القسم الأول والأكبر من الكتاب لمدح بغداد و انتقاد أصفهان؛ والقسم الثاني لمدح أصفهان و انتقاد بغداد. و في هذا القسم يبدي المؤلف من خلال شعر، حبَّه لأصفهان (حكاية...، 105). 
و العجيب هنا هو أنه كيف يمكن لأهل أصفهان أن يكونوا في القرن 5ه‍ على اطلاع باللغة العربية ــ فضلاً عن أنها لغة أدبية غير دينية ــ بحيث يدركون جميع دقائق كلام بطل الكتاب الغير متناهية ؟ 
ويحتمل أن هذا الشكل من المعرفة بالعربية إن كان ميسوراً في مجالس الصاحب بن عباد الأدبية، فلايمكن أن يكون متيسراً على الإطلاق في مجالس ضيافة العامة من أهل أصفهان، أو حتى نبلائهـم؛ و ربما جعل مؤلـف الكتاب ــ بسبب كونه أصفهانيـاً ــ هذه المدينة مسرحاً لتمثيليته، لكن المتلقين في حكايته لايمكن أن يكونوا غير بغداد وأعيانها ونبلائها، أو أحياناً حشود العرب الذين كانوا منتشرين في جميع أرجاء محافظة أصفهان. وتثبت رواية ملفتة للنظر أوردها المافروخي كثرة العرب القاطنين في أصفهان وما حولها. و عن مغيض قناة إسفيذاب (فين بكاشان) يقول: «تتبعت أكثر القرى المبتناة بجانبي هذه القناة وبالقرب منها التي منها شرب أهلها و لم أجد في مستوطنيها عربياً، وسمعت أنه لايكاد يشرب منها عربي و لو مات بشفيرها عطشاً» (ص 17). إن هذه الرواية دالة على أن وجود العرب في المناطق الأخرى كان أمراً طبيعياً ومألوفاً. 
واستناداً إلى المصادر التي ذكرت وإلى آثار أخرى مثل كتب الجغرافيا (وبشكل خاص معجم البلدان لياقوت) يمكن بشكل عام دراسة مجموعتي الشعر الأصفهاني، أي وصف أصفهان وشعر الأصفهانيين. و إن تأسيس المدرسة النظامية على يد نظام الملك ووزارة ابن العميد وابنه أبي الفتح ووزارة الصاحب في أصفهان التي استمرت لمدة 7 سنوات، ووجود ابن سينا فيها لمدة 14 عاماً، وتأليفه حشداً من الكتب، وبشكل خاص دانشنامۀ علائي ورسالۀ نبض بالفارسية، وبشكل عام كتب أبي الشيخ وأبي نعيم وأساتذتهما و طلابهما، وكذلك الصراعات المذهبية و كثرة الحنابلة و...، تدل جميعها بوضوح على القيمة العلمية لأصفهان، بحيث يمكن إعداد فهرست كبير بأسماء المشاهير الأصفهانيين، إلا أنه قليلاً ما أولي الاهتمام للآداب في هذه الآثار. ولدى البحث عن «وصف أصفهان» ينبغي التأمل لامحالة حتى القرن 5ه‍ ومحاسن أصفهان للمافروخي. وبرغم كل هذا وقبل ذلك أيضاً يمكن أن نجد أشعاراً هنا وهناك. 
ربما كانت أبيات أبي دلف العجلي (تـ 225، أو 226ه‍ / 840، أو 841م) أقدم شعر قيل بحق أصفهان في المصادر الأدبية. ففي مقطوعاته الثلاث هذه (ظ: المافروخي، 12-13) يعرب عن شوقه إلى أصفهان (التي أُخرج منها)، لكن الإشكال على هذه الرواية هو أنها لاتتطابق مع الوقائع التاريخية. 
والشخصية الأخرى التي مدحت أصفهان هو الصاحب بن عباد. والمصادر الأصفهانية تحاول جاهدة أن تجعله أصفهانياً وتصر على أن قبره أيضاً في تلك المدينة؛ حيث تقول: كان يحب أصفهان وأهلهـا حباً جمـاً، و لما توفي نقل جثمانـه ــ بوصية منـه ــ من الري إلى أصفهان (ابن خلكان، 1 / 231؛ القوبائي، 43-44). وهكذا يُحل موضوع مرثية الشريف الرضي التي ترى أن قبر الصاحب «بأعلى‌الري» (م.ن، 51). و قد مدح الصاحب أصفهان و جي في مقطوعتين (ص 210، 296؛ المافروخي، 13-14). 
و من بعد حكاية أبي القاسم (التي تضم أوصافاً نثرية وافية وقصيدة أشير إليها آنفاً) ومحاسن أصفهان للمافروخي الذي هو كنز لامثيل له، لايلاحظ شيء مهم بهذا الصدد. 
ففي محاسن أصفهان الذي هو بأسره وصف لأصفهان، ورد حوالي 55 قصيدة و مقطوعة (يتراوح عدد أبياتها بين بيتين حتى 28 بيتاً) في مدح أصفهان وجمالها نظمها حوالي 30 شاعراً. وأكثر الأشعار لأحمد المافروخي (7 قصائد) و المفضل المافروخي، مؤلف الكتاب (7 قصائد). كما وردت لأبي سعيد الرستمي الذي يعد أكبر شاعر أصفهاني 3 مقطوعات. 
إن موضوع بعض هذه الأشعار وكذلك أسماء بعض ناظميها أمر ملفت للانتباه كثيراً. فمثلاً المقطوعة التي رويت لأبي الحسن علي في وصف «باغ أحمد سياه» التي تتضمن عدة مفردات فارسية، أشير في آخر أبياتها إلى رقص «دستبند» (م.ن، 58-59) الذي ذُكر أيضاً في شعر أبي نواس (ظ: ن.د، أبو نواس، قسم المفردات الفارسية)، ويحتمل أن يكون من أشكال الرقص في العصر الساساني. و في موضع آخر (م.ن، 71 و ما بعدها) تم تحليل الموسيقى الأصفهانية شعراً ونثراً وجرى الحديث عن ألحان لم يعد أيّ منها معروفاً: لحن في نبذ المجنّب (ربما: بند المجنب)، قميبند، تاجيبند، عروسي، زيرهشته، روشرميات، شبستانيات، كاكليات، نيروزيات، وكذلك خسروانيات (في شعر بزرگ أميد)؛ كما أن وصف المغنين المعروفين ــ و خاصة النساء ــ لم يُترك. ويمكن أن نجد هذه الأوصاف في المقطوعات التي كانت تغنى (أشعار أبي الفرج ابن علي وأحمد المافروخي وأبي الفتح ابن الأستاذ و المفضل المافروخي وعبد الرحمان الأصفهاني وأبي سعيد الرستمي). 
كما أن أسماء بعض الشعراء الأصفهانيين مثيرة للانتباه ومفعمة بالمفاهيم. فبزرگ أميد نجل آذرگشنسب (بزرجوميذ بن آذرجشنس) (م.ن، 71) ربما كان زرادشتياً، إلا أن ابنه أبا منصور كان قد أسلم. و قد رويت له عدة مقطوعات وخاصة مقطوعة في 28 بيتاً حول أصفهان (م.ن، 59-60)، وتضم حشداً من المفردات والأسماء الفارسية. ويلفت النظر اسم مافنة بن حسوية الذي وصف بـ «المجوسي» (م.ن 66، نقلاً من كتاب حمزة الأصفهاني). وإلى جانب هؤلاء المجوس ظهر شعراء مسيحيون أيضاً، ويدل على ذلك الاسم الإيراني ـ المسيحي نوشجان (= نوشگان) بن عبدالمسيح الأصفهاني الذي نظم شعراً في النيروز (بالمفردات الطريفة: هرمز روز، هرماخوز) (م.ن 65-66). 
ووردت في محاسن أصفهان رواية تتحدث عن اتساع شتى العلوم في هذه المدينة، فخلال وصفه لجامع أصفهان ومكتبته، يشيـر المافروخي إلـى أن فهرست تلك المكتبـة لوحده يقـع في 3 مجلدات ويتضمن جميع أنواع الكتب من تفسير وحديث ونحو وأدب وشعر وتاريخ وعلوم الأوائل ورياضيات وطبيعيات وغيرها (ص 85). 
و عن الشعر والأدب الأصفهانيين، فإن خريدة القصر لعماد الدين الكاتب هو أهم مصدر، ذلك أنه خصص فية لشعراء أصفهان مايزيد على 60 ورقة. وهذا القسم نفسه كتاب مفصل يضم أكثر من 300 صفحة. و قد أورد فيه ترجمة وافية عن نفسه و عن أسرته وأولى اهتماماً خاصاً لقسم أصفهان من كتاب الخريدة. وقد أشار إلى أن أباه كان يرغب في تأليف كتاب مبسوط عن أصفهـان، و لما لم تتحقق تلك الأمنيـة عملياً، فإنه أقدم ــ نزولاً عند رغبة أبيه ــ على تأليف كتاب بهذا الشأن. ثم فُقدت تلك الأوراق في خضم الصراعات السياسية وسفره إلى بغداد؛ و في 543ه‍ / 1148م وعندما عاد إلى أصفهان بزي العلماء اضطر إلى أن يشحذ همته مرة أخرى لجمع الأشعار والروايات الأصفهانية (ص 42-43). 
وعندما كان عماد الدين يعمل في خدمة ابن هبيرة نظم عدة قصائد في مدحه نقل قسماً منها في خريدته (ص 46-60). و في رواياته ذكر ما يقرب من 70 شاعراً، حيث إن أشعار بعضهم مفصلة نسبياً و هي بحد ذاتها بحجم ديوان شعر صغير. وتكمن أهمية كتاب عماد الدين بشكل خاص في أن الكثير من هذه الآثار لايمكن العثور عليها في موضع آخر، سوى كتابه هذا. و قد قُسم الجزء الخاص بأصفهان نفسه إلى عدة أقسام، مثلاً: جماعة من أفاضل أصفهان (ص 189-233) و جماعة من أصفهان (ص 233-307) وعموماً هم الشعراء. 
و في الخريدة التي أُلف بعد المحاسن بحوالي 100 سنة، أي فـي القـرن 6ه‍ / 12م ــ و خـلافاً للمحـاسن ‍ــ تقلّ فيه الأسمـاء الإيرانية الصرفة التي كان أكثرها للزرادشتيين، فنرى فقط اسم أبي الخير ابن شاپور بن بنيمان الأصفهاني «الذي كان أصله زرادشتياً» و عمه أبي العلاء بختيار بن بنيمان (ص 150). 
كان الشعراء الناظمون بالفارسية موضع الاهتمام منذ عصر تأليف كتاب المحاسن. و قد قدم المافروخي فهرساً صغيراً بأسماء الناطقين بالفارسية المتقدمين والمعاصرين، لكنه لم يورد أشعاراً لهم (ص 33-34). 
و يلاحظ أن النظم بالفارسية كان رائجاً خلال عصر عماد الدين أيضاً، لكنه ــ و هـو الـذي ألــف جميع آثـاره بالعربيـة ــ لم‌يهتم بلغته الأم، و الشيء الوحيد الذى يمكن العثور عليه في جميع أرجاء كتابه الخريدة (القسم الخاص بإيران)، إشارات إلى معرفة هذا وذاك بالفارسية. و في القسم الخاص بأصفهان أيضاً توجد روايتان في نفس الباب: إحداهما خاصة بأبي بكر محمد وكتابه الروضة الزاهرة في الأمثال السائرة الذي كانت مضامين أغلب أشعاره أمثال العجم و كان يترجمها إلى العربية (ص 161)، و الأخرى الخاصة بأبي المناقب الكوشيذي الذي كان فارس ميدان الفارسية و العربية (ص 219).
وبعد عماد الدين بحوالي قرنين، ترجم كتاب المافروخي إلى الفارسية. و إن التغييرات التي أدخلها المترجم الخبير بالعربية والماهر على هذا الكتاب هي بذاتها ذات مغزى كبير. ويظهر أسلوب الكتاب أن اللغة العربية و آدابها كانا مايزالان راسخين في أصفهان خلال القرنين 7و8ه‍ / 13و14م، لكن لم يعد لهما الانتشار الذي كانا عليه في القرون الأولى. فحشد من الشعراء قادرون في هذا الوقت على نظم القصيدة العربية؛ و منهم مترجم الكتاب الذي نظم على الأقل قصيدتين طويلتين نسبياً باللغة العربية في وصف أصفهان (الآوي، 43، 115)، كما نقل قصيدة عن القاضي نظام الدين الأصفهاني نظمت سنة 678ه‍ / 1279م وتقع في 43 بيتاً (م.ن، 59-61). لكن الملفت للنظر أولاً هو كثرة الأشعار الفارسية. 
و واضح أن الآداب العربية في منطقة أصفهان لم تكن مقتصرة على هؤلاء الأفراد المذكورين. ففي جميع كتب الأدب الكبيرة يمكن أن نجد أسماء حشد من الشعراء الأصفهانيين أيضاً. و إذا ما زيدت أسماء العلماء أيضاً إلى هذا الفهرست، فسيكون لدينا فهرست ضخم نسبياً. 
ولايبدو الشعر الأصفهاني جديراً بالبحوث والدراسات الفنية، ذلك أنه وكما أشرنا لاينبغي توقع أن تكون معلومات مهمة قد جمعت في هذه الآثار أكثر من الفوائد اللغوية و خاصة في مجال المفردات الفارسية. والتقليد يهيمن على هذه الآثار بأسرها، وبمقدار ما بحثناه لم نجد فيها إبداعاً جديراً بالذكر و الدراسة. فأمل القارئ الإيراني يكمن بشكل خاص في أن يهتم الشعر الأصفهاني ــ إلى جانب الأوصـاف المملة والمكررة «للجمـال» ــ بين الحين والآخر في أنواع شعر الهجاء والفخر والغزل وغيره، بالحياة اليومية والواقعية للناس أيضاً، لكي يملأ ذلك، الفراغ الموجود في الأدب الفارسي. لكن للأسف، فإن الميل إلى الكمال والبحث عن الفصاحة نأيا بجميع هؤلاء الشعراء عن الواقع بشدة. 

المصادر

آذرنـوش، آذرتـاش، «چوگـان بـه سبك إيرانـي»، نامـۀ فرهنگستـان، 1375ش، س 2، عد 2؛ م.ن، «نمايشنامه در يك پرده، شاهكاري ناخواندني أز قرن پنجم هجري»، نشر دانش، 1373ش، س 14، عد 6؛ الآوي، الحسين، ملاحق على ترجمة محاسن أصفهان للمافروخي، تق‍ : عباس إقبال الآشتياني، طهران، 1328ش؛ ابن خلكان، وفيات؛ أبو نعيم الأصفهاني، أحمد، ذكر أخبار أصبهان، تق‍ : ديدرينغ، ليدن، 1931م؛ الباخرزي، علي، دمية القصر، تق‍ : محمد التونجي، القاهرة، 1391ه‍ / 1971م؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تق‍ : عبدالله أنيس الطباع، بيروت، 1407ه‍ / 1987م؛ الثعالبي، عبدالملك، يتيمة الدهر، تق‍ : مفيد محمد قميحة، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ جابري أنصاري، حسن، تاريخ أصفهان و ري، أصفهان، 1322ش؛ حكاية أبي القاسم البغدادي، المنسوب لأبي المطهر الأزدي، تق‍ : آدم متز، هايدلبرغ، 1902م؛ الصاحب بن عباد، ديوان، تق‍ : محمد حسن آل ياسين، قم، 1402ه‍ ؛ صادقي، علي أشرف، «تأملي در دو تاريخ قديم أصفهان»، مجلۀ باستان شناسي و تاريخ، 1369ش، س 4، عد 1 ؛ عماد الديـن الكاتب، خريـدة القصر، قسم شعراء إيـران، تق‍ : عدنان محمد آل طعمة، طهران، 1377ش؛ القرآن الكريم؛ القوبائي الأصفهاني، أحمد، «رسالة الإرشاد في أحوال الصاحب الكافي إسماعيل بن عباد»، مع محاسن أصفهان (ظ: هم‍ ، المافروخي)؛ المافـروخي، المفضل، محاسن أصفهان، تق‍ : جلال الدين الطهراني، طهران، 1312ش / 1933م؛ ياقوت، الأدباء؛ وأيضاً:

Mez, A., introd. AbulԽâsim ein bagdâder Sittenbild (vide: PB, Ḥikāyat…).
آذرتاش آذرنوش / ه‍ 

الصفحة 1 من13

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: