الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أصفهان /

فهرس الموضوعات

الأديان في أصفهان

كانت أصفهان منذ القدم ميداناً لظهور معتقدات وأفكار متنوعة. و قد وجدت بعض الأديان القديمة كاليهودية والمسيحية منذ القدم مجالاً للانتشار في هذه البلاد وكان لها أتباع (ظ: ابن الفقيه، 530؛ أبو الشيخ، 1 / 211). وعقب دخول الإسلام أيضاً كانت هذه البلاد محل تجمع أتباع المذاهب المختلفة (ظ: ياقوت، 1 / 295). 
وقبل ظهور الإسلام كانت الديانة الزرادشتية هي الديانة الرسمية في جميع أرجاء إيران، كما كان للمتدينين الزرادشتيين مكانة خاصة في أصفهان. وبظهور الإسلام ظل كثير من الزرادشتيين على دينهم واستمر وجودهم حتى عدة قرون، وكانت بيوت نيرانهم ومعابدهم قائمة (ظ: ابن رسته، 153؛ ابن حوقل، 2 / 365؛ المسعودي، مروج...، 2 / 228). و قد ورد في المصادر ذكر لبعض الزرادشتيين الأصفهانيين ممن كانوا يعدون من أدباء اللغة العربية، أو كانوا على علاقة بجهاز الخلافة (مثلاً ظ: المافروخي، 6-7، 66). 
وخلال حديثه عن احتفالات الإيرانيين يذكر البيروني بعض أعياد زرادشتية أصفهان مثل عيد آفريجكان (= آبريزگان) وكيفية إقامتها في تلك المدينة (ص 228). و من حديث البيروني هذا وكذلك كلام للگرديزي (ص 526) يستفاد أن زرادشتية أصفهان ــ و بقية مناطق إيران بطبيعة الحال ــ كانوا حتى أواسط القرن 5ه‍ / 11م يمارسون بحرية طقوسهم و شعائرهم الدينية. و في الفترات التالية رُحّل الكثير من الزرادشتية إلى مدن مثل يزد وكرمان. و اليوم يسكن أصفهان عدد قليل منهم بصفتهم إحدى الأقليـات الدينية، و قـد قـدر عددهـم بـ 02 / 0٪ من عدد سكان المحافظة استناداً إلى إحصاء سنة 1375ش (سرشماري...، 18). 
كانت أصفهان ولفترة في أوائل القرن 3ه‍ / 9م مركز نشاط وتبليغ الخُرَّميّة (ظ: المسعودي، التنبيه...، 353، مروج، 2 / 294). فأرسل الخليفة العباسي المعتصم جيشاً إلى هذه المنطقة وقضى عليهم. وأما الخرمية الذين نجوا من تلك الواقعة، فقد أقاموا في أرمينيا وآذربايجان (ظ: الگرديزي، 175). 
ويُعد أتباع الديانة اليهودية من أقدم سكان أصفهان، فقد ورد في الروايات أن نبوخذ نصر بعد فتحه بيت المقدس هجر يهودها سنة 586ق.م إلى أصفهان (مثلاً ظ: ابن الفقيه، 530؛ ياقوت، 1 / 295). واستناداً إلى نفس هذه الروايات، فإن اليهود سكنوا اليهودية بأصفهان منذ ذلك الحين، وكانت هذه المنطقة طوال التاريخ أحد المراكز المهمة لهذا الشعب. وكانت اليهودية تسمى قديماً وقبل ظهور الإسلام بـ «كوي جهودان» (سِكّة اليهود) (ظ: أبو نعيم، 1 / 16).
وكان من الوقائع الجديرة بالذكر لدى يهود أصفهان، ظهور الفرقة العيسوية، أو الأصفهانية في القرن 2ه‍ / 8م أواخر العصر الأموي وأوائل العصر العباسي والتي ادّعى مؤسسها أبو عيسى الأصفهاني النبوة في بادئ الأمر، ولما التف حوله جمع انبرى لقتال المسلمين، وأخيراً قتل في الري (الشهرستاني، 1 / 196-197؛ المقريزي، 2 / 478-479). وكان يرى نفسه أنه رسول المسيح المنتظر وكان يقول إن خمسة رسل سيظهرون قبل المسيح و هو أفضلهم جميعاً، وكان يدعي أن الله كلمه وكلفه بإنقاذ الشعب اليهودي من ظلم وعدوان الشعوب الأخرى، وكان يقول إنه في معراجه التقى النبي محمداً (ص) وآمن به. واستناداً إلى قوله، فإن الله بعث عيسى (ع) إلى بني إسرائيل ومحمداً (ص) إلى أبناء إسماعيل. و قد خالف كثيراً من تعاليم التوراة، وكان يهود أصفهان يعدونه دجالاً (ظ: الشهرستاني، ن.ص؛ ابن حزم، 1 / 179؛ المقريزي، ن.ص). ويمكن ملاحظة ظهور أمثال هذه الفرق بين يهود أصفهان في القرون اللاحقة أيضاً. و إن حركة أبي سعيد ابن داود هي من هذا القبيل، فقد ظهر باسم مخلِّص اليهود في فترة الهجوم المغولي وظهور مصاعب لليهود (ليفي، 3 / 40). 
كان عدد يهود أصفهان منذ القدم أكثر إذا ما قورن بعدد المسيحيين (مثلاً ظ: المقدسي، 394)، لكنه كان يتغير في عصور الحكم المختلفة في إيران. فقد كانوا يفضلون الهجرة بطبيعة الحال في بعض الفترات التاريخية مثل فترة الهجوم المغولي (ظ: ليفي، 3 / 58، الهامش). ويجب البحث عن فترات ازدهار ثقافة يهود أصفهان بشكل خاص في عصور الإيلخانيين والصفويين والقاجاريين. ففي العصر الصفوي كانت أصفهان عملياً مركزاً لعلماء اليهود ورجال دينهم، و تمت أول ترجمة للتوراة والزبور إلى اللغة الفارسية في ذلك العصر (ظ: م.ن، 3 / 422-423، الهامش). كان اليهود في أصفهان ــ وبشكل خاص منذ العصر القاجاري وما بعده ــ في وضع أفضل وكانت كنائسهم حتى ذلك الوقت قائمة ومزدهرة. واستناداً إلى إحصاء سنة 1375ش، فإن عددهم يشكل 3. / ٪ من مجموع سكان المحافظة (سرشماري، ن.ص). 
و إن أحد أهم الآثار الثقافية ليهود إيران هو الآداب اليهودية ـ الفارسية التي كان ليهود أصفهان أيضاً دور كبير في إشاعتها. وقد أُلفت هذه الآثار ــ التي هي باللغة الفارسية والخط العبري ــ في موضوعات شتى وبشكل خاص الموضوعات الدينية، وكانت فترة ذروة ازدهارها ورواجها هي العصر الإيلخاني. وتوجد مخطوطات كثيرة لترجمات الكتاب المقدس وآثار أخرى من هذا النوع في مختلف مكتبات العالم، و قد أُلف الكثير منها في أصفهان (فيشل، 142؛ أيضاً ظ: واترفيلد، 60). ولقد تواصل نشاط الآداب الفارسية ـ اليهودية في أصفهان حتى عصور متأخرة (ظ: پژند، 163-170؛ مكنزي، 68-75). 
أما وجود المسيحيين في إيران والذي يرجع إلى القرون الميلادية الأولى، فقد اتجه إلى الازدياد وبشكل خاص في القرنين 5و6م. و قد أدى الصراع بين الاتجاهين النسطوري والوحد‌يطبيعي البيزنطي إلى أن يتوجه المسيحيون النساطرة إلى المدن الإيرانية (ظ: علي، 2 / 626-629؛ دانيلو، 369-371). و قد عُثر على أدلة على وجودهم في أصفهان في أواسط القرن 4ه‍ / 10م بشكل كتابات قديمة باللغة اليونانية في صناديق داخل سور المدينـة، حيـث كلّف ابـن العميـد (تـ 360ه‍ / 971م) بعض العلماء المسيحيين بتلخيص مضامينها وترجمتها (ظ: ابن النديم، 302؛ شيخو، 231). و قد تواصلت أيضاً هجرة المسيحيين إلى إيران وإقامتهم فيها عقب ظهور الإسلام، وكما يستفاد من ترجمة حياة سلمان الفارسي، فإن كنائس المسيحيين كانت قائمة ومزدهرة في أصفهان على عهده (ظ: أبو الشيخ، 1 / 209-211). وبعد ذلك أيضاً كان عدد مسيحيي أصفهان يتزايد إثر هجرة الأسر المسيحية من روما وبقية البقاع المسيحية إلى أصفهان والذي أشير إليه في بعض المصادر، كأسرة ابن عبد المسيح الذي كان أحفاده يعيشون هناك حتى عصر أبي الشيخ (ظ: م.ن، 1 / 164). 
قام الشاه عباس بترحيل مجاميع من المسيحيين الأرمن من جلفا بأرس إلى أصفهان (إسكندربيك، 2(2) / 670؛ تافرنيه، 400؛ ديولافوا، 215 و ما بعدها)، وإسكانهم في منطقة على ضفاف زاينده رود سميت جلفا نسبة إلى موطنهم الأصلي. و قد أدى تواجد هذا المجتمع الأرمني في أصفهان منذ ذلك العصر إلى ظهور نشاطات اقتصادية و تجارية في هذه المدينة. و تعد جلفا بأصفهان اليوم أيضاً أحد المراكز الرئيسة لأرمن إيران (لمزيد من الاطلاع، ظ: شاردن، 8 / 82 و ما بعدها). 
كان موقع أصفهان في العصر الصفوي بصفتها حلقة الوصل بين الشرق والغرب ونقطة اتصال أوروبا بالهند وآسيا الجنوبية، وكذلك ازدهارها وأهميتها التجارية والسياسية و تشجيع الملوك الصفويين للتجار والسياح والفنانين الأجانب، وأخيراً وجود مجتمع كبير نسبياً من المسيحيين الأرمن ومراكزهم الدينية في هذه المدينة، قد أدى بمجموعه إلى أن تحظى أصفهان بسحر خاص في أعين الغربيين، و أن تتردد عليها الإرساليات التبشيرية لمختلف الفرق المسيحية و أن تؤسس مجاميع من الرهبان اليسوعيين والكرمليين أديرة هناك (ظ: أبونا، 3 / 149، 228؛ شاردن، 8 / 92 وما بعدها؛ غراف، IV / 176). 
و في 1013ه‍ / 1604م بعث البابا پول الخامس إرسالية من الكاثوليك الكرمليين إلى إيران، فأسس هؤلاء أول قاعدة تبشير لهم في أصفهان (ظ: ن.ص؛ جعفري مذهب، 13؛ أبونا، 3 / 228؛ أيضاً ظ: يتيم، 365-366). و قد ذكر أنه في هذا القرن وبأمر من الشاه عباس قام جان تاديوس زعيم المبشرين الكرمليين بترجمة الأناجيل الرسمية إلى الفارسية (ليفي، 3 / 422-423، الهامش). واليوم، فإن عدد المسيحيين وبشكل خاص الأرمن في أصفهان كبير، ويقع في هذه المدينة الكثير من الكنائس المهمة في إيران مثل كنيسة وانك (ظ: رايس، 189؛ أيضاً واترفيلد، 83). واستناداً إلى إحصاء 1375ش، فإن مسيحيي محافظة أصفهان يشكلون 21 / ٪ من مجموع سكان تلك المنطقة (سرشماري، 18). 

المصادر

ابن حزم، علي، الفصل، تق‍ : محمد إبراهيم نصر و عبد الرحمان عميرة، عكاظ، 1402ه‍ / 1982م؛ ابن حوقل، محمد، صورة الأرض، تق‍ : كرامرس، ليدن، 1938-1939م؛ ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفيسة، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1309ه‍ / 1891م؛ ابن‌الفقيه، أحمد، مختصر كتاب البلدان، تق‍ : يوسف الهادي، بيروت، 1416ه‍ / 1996م؛ ابن النديم، الفهرست؛ أبو الشيخ الأصفهاني، عبـدالله، طبقات المحدثين بأصبهان، تق‍ : عبد الغفور البلوشي، بيروت، 1408ه‍ / 1988م؛ أبونا، ألبير، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، بيروت، 1993م؛ أبو نعيم الأصفهاني، أحمد، ذكر أخبار أصبهان، ليدن، 1934م؛ إسكندربيك المنشي، عالم آراي عباسي، طهران، 1350ش؛ پژند، عزيز، «پوريم»، نشريۀ دانشكدۀ أدبيات أصفهان، 1345ش، س 2، عد 2-3؛ البيروني، أبو الريحان، الآثار الباقية، تق‍ : إدوارد زاخاو، لايبزك، 1923م؛ تافرنيه، ج.، سفرنامه، تج‍ : أبو تراب نوري، تق‍ : حميد شيراني، أصفهان، 1354ش؛ جعفري مذهب، محسن، «كتاب مقدس سن لويي در أصفهان...»، كتاب ماه، طهران، 1377ش، س 2، عد 1؛ ديولافوا، جان، سفرنامه، تج‍ : فره وشي، طهران، 1361ش؛ سرشماري عمومي نفوس ومسكن (1375ش)، الحصيلة التفصيلية، محافظة أصفهان، مركز إحصاء إيران، طهران، 1376ش؛ شاردن، جان، سياحت نامه، تج‍ : محمد عباسي، طهران، 1345ش / 1966م؛ الشهرستاني، محمد، الملل والنحل، تق‍ : محمد بدران، القاهرة، 1951م؛ شيخو، لويس، علماء النصرانية في الإسلام، تق‍ : كميل حشيمة، بيروت، 1983م؛ علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت / بغداد، 1968م؛ الگرديزي، عبد الحي، زين الأخبار، تق‍ : عبد الحي حبيبي، طهران، 1363ش؛ ليفي، حبيب، تاريخ يهود إيران، طهران، 1339ش / 1960م؛ المافروخـي ، المفضـل، محاسـن أصفهـان ، تق‍ : جـلال الـديـن الطهرانـي ، طهـران، 1312ش / 1933م؛ المسعودي، علي، التنبيه والإشراف، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1893م؛ م.ن، مروج الذهب، تق‍ : يوسف أسعد داغر، بيروت، 1385ه‍ / 1966م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسيم، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1906م؛ المقريزي، أحمد، الخطط، بولاق، 1270ه‍ / 1853م؛ ياقوت، البلدان؛ يتيم، ميشيل وإغناطيوس ديك، تاريخ الكنيسة الشرقية، بيروت، 1991م؛ وأيضاً:

Daniélou, J. and H. Marrou, The First Six Hundred Years, tr. V. Cronin, The Christian Centuries, vol. I, New York, 1964; Fischel, W. J., «The Beginnings of Judeo-Persian Literature», Mélanges d’orientalisme offerts à Henri Massé, Tehran, 1963; Graf, G., Geschichte der christlichen arabischen Literatur, Vatican, 1951; MacKenzie, D. N., «Jewish-Persian from Isfahan», JRAS, 1968; Rice, C. C., Mary Bird in Persia, London, 1916; Waterfield, R. E., Christians in Persia, London, 1960.

فرامرزحاج منوچهري / ه‍.

 

 

الصفحة 1 من13

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: