ابن سینا
cgietitle
1442/11/16 ۲۱:۱۱:۴۹
https://cgie.org.ir/ar/article/233684
1446/11/15 ۲۲:۵۵:۱۸
نشرت
3
ویجب اعتبار الفصول الثلاثة الأخری من المقالة الأولی متممة للمواضیع التي تقدمتها، بحیث بحثت في الفصل الثاني نفس الأبعاد المتفقة والمتنافرة التي أشیر إلیها. ولما كان ورد في الفصل الثاني (ص 17) ذكر لقانون فیثاغورس القدیم فیمكن القول إن ذلك یؤید رأي فارمر عالم الموسیقی الإنجلیزي القائل بمعرفة ابن سینا العمیقة بالنظریات الیونانیة (فارمر، 202). وفي الفصل الثالث وبعد تعریف ابن سینا للأبعاد المتفقة، قسمها إلی ثلاث مجموعات: كبار
وأوساط وصغار؛ ونموذج الكبار هو البعد الذي بالكل بنسبة وهو ما أشرنا إلیه آنفاً. ونموذج الأوساط هو البعد الذي بالأربعة أو ذو الأربع بنسبة (المراغي، ن.ص)، وكذلك البعد الذي بالخمسة أو ذو الخمس بنسبة الذي تستخرج منه خمس نغمات (ظ: ن.ص)، أما الصغار التي سماها ابن سینا اللحنیات أیضاً (ص 19)، فهي بدورها تقسم إلی ثلاثة أقسام: كبار الصغار، وأوساط الصغار، وصغار الصغار:
كبار الصغار عبارة عن 10 أبعاد بنسب و و و و و و و و و وأوساط الصغار 15 بعداً بنسب و و و و و و و و و و و و و و .
وأخیراً صغار الصغار 17 بعداً بنسب و و و و و و و و و و و و و و و و الذي أقیم علی أساس التسلسل الطبیعي للأعداد من 2 إلی 46، ویمكن اعتباره مظهراً من مظاهر نظریة فیثاغورس وأتباعه الذین كانوا یعتبرون الأعداد مؤثرة في بناء العالم المادي خاصة الألحان الموسیقیة (دایرة المعارف فارسي، مادة فیثاغورس؛ دانشپژوه، 27).
وتقع المقالة الثانیة في فصلین: الأول في جمع وتفریق الأبعاد، والثاني في التضعیف و التنصیف مرفقاً بأمثلة عدیدة، ومن هذه الأمثلة جمع البعدین والتي نقلها أیضاً عبد القادر المراغي وذكر طریقة حسابها بشكل تفصیلي (جامع، 55-56)، وخلاصتها أن یتم أولاً ضرب العددین 3 و8 اللذین یسمیان الحاشیة الصغری ببعضهما (3×8=24)، ویفعل الشيء نفسه مع العدد 4 و9 اللذین یسمیان الحاشیة العظمی (4×9=36)، وبالنتیجة، فإن إضافة البعدین المذكورین من حیث الحدّة، مع الأخذ بنظر الاعتبار لحاصل ضرب عظمی الصغری (9) في صغری العظمی (3) كمعدل (3×9=27) ستنتهي بهذا الشكل: 24، 27، 36 (ص 35) التي تشمل
– علی حد تعبیر عبد القادر المراغي – ذا الأربع وطنیني (مقاصد…، 36) وإضافة تأتي من الطرف الأثقل (كان القدماء یعبرون عن البعد بعلامة ط، ویعینونها علی الوتر بحرف ذ).
وتقع المقالة الثالثة التي تعتبر من أدق وأهم أجزا القسم الموسیقی من الشفاء، في أربعة فصول: الأول الجنس و أنواعه؛ والثاني عدد الأجناس؛ والثالث الأجناس القویة؛ والرابع الأجناس اللینة.
والمقصود بالجنس – وكما شرحه ابن سینا في بدایة هذه المقالة – هو البعد الذي بالأربعة أو ذو الأربع (بنسبة )، وإنما حظي باهتمام ابن سینا لأن القدماء كانوا یعتبرونه أساس الأدوار أو الدوائر (التي تدعی الیوم بالسلم الموسیقي).
وبحسب رأیهم فإن الجنس ذا الأربع له أنواع متعددة اعتبر عبد القادر المراغي سبعة أنواع منها معتدلة وقابلة للتلحین (ظ: ن.ص)، وحتی البعد ذو الخمس أو الذي بالخمسة علی حد تعبیر ابن سینا بأقسامه الثلاثة عشر، فإنه لما كان ناتجاً عن جمع ذي الأربع مع الطنیني فإنه یمكن أن یعتبر من فروع ذي الأربع (ن.م، 39)، لأنه بجمع البعد الطنیني مع البعد ذي الأربع ( )، ینتج البعد ذو الخمسة ( ) (ظ: ن.م، 33-34).
وفي ختام هذا الفصل، اعتبر ابن سینا البعد الذي بالكل مرتین بنسبة أكبر الأبعاد الموسیقیة، وبعد أن أشار إلی إمكانیة استخراج جمیع الأبعاد الأخری منه قال: في الحقیقة فإن هذا البعد ناتج عن بعدین من الذي بالأربعة وبعدین من الذي بالخمسة، كما أن البعد الذي بالكل ناتج عن مجموع البعد الذي بالأربعة والبعد الذي بالخمسة. ولما كان الذي بالخمسة نفسه یتضمن الذي بالأربعة والطنیني، إذن فالذي بالكل سیكون عبارة عن مرتین الذي بالأربعة وطنیني واحد، وكذلك فإن الذي بالكل مرتین یضم أربع مرات الذي بالأربعة وطنینیین.
وفي الفصل الثاني من هذه المقالة بحثت الأجناس الثلاثة: القویة و الرخوة و المعتدلة، وأضاف ابن سینا أنهم سمّوا الرخوة ملونة والمعتدلة راسمة كذلك، والعلة في إطلاق تسمیة الراسمة علیها أنهم رأوا فیها شبهاً للشكل التخطیطي الذي یعدّه الرسام قبل رسم الصورة أو إكمالها؛ كما أنه یعتقد أن الملونة تشبه التلوین في الرسم.
أما موضوع الفصل الثالث فهو الأجناس القویة التي تطلق علی ذي الأربعة علی حد تعبیر ابن سینا (ص 52؛ ظ: المراغي، جامع، 66)، والتي یكون أحد الأبعاد الثلاثة المكوِّنة لها أكبر من البعدین الآخرین، إلا أن ما یلفت النظر من بین الأمثال التي ذكرت لها هو المثال (12، 13، 14، 16) المنسوب إلی بطلمیوس (ابن سینا، ن.م، 53).
یظهر الفصل الرابع المخصص لكلام أجناس الأبعاد اللینة أنه یجب في الحقیقة اعتبار الجنسین الراسمة والتألیفیة المذكورین من مشتقات اللینة، ذلك أنه ذكر في تعریف اللینة وجوب أن یكون أحد الأبعاد الثلاثة المكونة لها أكبر من البعدین الآخرین (قا: المراغي، ن.ص)؛ وعلی هذا یوجد ما مجموعه 48 جنساً: 7 أجناس قویة و9 لینة (6 منها راسمة و3 تألیفیة)، ولما كان كل واحد منها یمكن أن یكون له 3 أوضاع، فإن عدد الأجناس سیكون 3×16 أي 48.
تتكون المقالة الرابعة من فصلین: الأول الجماعة (وهو یعادل المجموعة أو المنظومة علی حد تعبیر فارمر) وهي بناء علی تعریف ابن سینا جملة أبعاد لحنیة تفرض في النفس، ومخارجها في الآلة تستعمل في تألیف اللحن بإخراجها بالفعل متكررة ومتعاقبة (ص 63). وعلیه فإن الجمع الكامل الأعظم سیشمل 15 نغمة و14 بعداً.
موضوع الفصل الثاني هو الانتقال أو بصیغة أخری التحول الذي یمكن أن یكون بشكلین هابط و صاعد، ولكل منهما حالتان: بدون عودة أو رجوع إلی المبدأ التي یطلق علیها حالة الانتقال المستقیم، ومع العودة إلی المبدأ الذي یدعی الانتقال غیر المستقیم أو المنعرج و الراجع. فإن كان الرجوع مرة واحدة سمي بالراجع الفرد، وإذا تكرر الرجوع سمي الراجع المتواتر. ولكل من الراجع الفرد والمتواتر حالتان: یسمی الراجع الفرد لاحقاً إذا كان رجوعاً للمبدأ، ویسمی محلاً إذا كان رجوعاً لنغمة قریبة من المبدأ (ص 70) وهو ما سماه عبد القادر المراغي في جامع الألحان، بالمنبت (ص 195). أما الراجع المتواتر فیدعی المستدیر بالرجوع المتكرر إلی المبدأ وإن كان غیر ذلك دعي مضلعاً. وأخیراً فإن الانتقال صاعداً كان أم هابطاً بدون الرجوع هو علی نوعین: إما أن یكون بترتیب نغمات الجماعة فیدعی متصلاً، أو أن یتجاوز ذلك الترتیب فیدعی طافراً (ص 70؛ المراغي، ن.م، 195).
وینتهي هذا الفصل بذكر الحالات التي یمكن أن تتكون من ثلاث نغمات:
فتكون عملیة إحصاء عدد الأنواع الممكنة منها كالأنواع الستة المختلطة المستقیمة، أمراً یسیراً من طریقة التركیب في الریاضیات.
وبالمقالة الخامسة یبدد قسم الإیقاع المؤلف من خمسة فصول: بحث في الفصل الأول الإیقاع ودوره الفاعل في الموسیقي، ومع الأخذ بنظر الاعتبار تعریف البسیط القائل إنه «تقدیر مالزمان النقرات» (ص 81؛ قا: المراغي، ن.م، 211)، یمكن اعتبار الإیقاع بمعنی الضرب أو الوزن. كما أن كلمات نقرة ومشتقاتها مثل نقرتین ونقرات ونقر وناقر ومنقور التي دأب ابن سینا علی تكرارها في هذا الفصل، تعد من المصطلحات الموسیقیة المتداولة والمشهورة آنذاك.
وللنقر في العربیة معان مختلفة (دوزي II/718) منها الضرب، إلا أنه في الموسیقی یعني – كما یقول عبد القادر المراغي – التلفظ بحرف [یمكن أن یقارن بالتنغیم] أو الضرب علی وتر، أو الصفق یداً بید (جامع، 212)، ولما كان ذلك متعلقاً بالتذوق، فإن كثیراً من الناس حتی بعد الجهد المضني غیر قادرین علی العلم بفن الإیقاع أو معرفة الضرب في الموسیقی (الأرموي، الورقتان 20-21؛ المراغي، ن.م، 211-212).
ثم یشیر ابن سینا بعد ذلك إلی أهمیة الزمان في الإیقاع وعلی حد تعبیره «الزمان المتخلل بین النقرات» (ص 83)، ونظراً لأن الإیقاع مرتبط بالنغمة أو الحروف المنتظمة فقد قسم الإیقاع إلی نوعین: لحني أو موسیقي، وشعري، وبذلك فقد أشار إلی الارتباط بین الموسیقی والشعر (ص 81).
أما بحث الحروف الذي خاض فیه بعد هذه المقدمة، فهو ملفت للنظر من حیث علم تمثیل الأصوات الكلامیة أو «التجوید» حسب تعبیر القدماء، وذلك لأنه قسم الحروف طبقاً لحدوثها في مخارجها إلی قسمین: حبسیة وتسریبیة (ص 86)، ومن وجهة نظره فإن الحروف ب، ت، ج، د، ط، ق، ك، ل، م، و، ن، هي حروف حبسیة، أما بقیة الحروف فتسریبیة، كما أن بعض الحروف مثل ل له وجهان، أي یمكن اعتباره حبسیاً وتسریبیاً (ن.ص). ثم أضاف أن الحروف التسریبیة یمكن لنا أن نمدها كما نشاء، بینما الحروف الحبسیة لیست كذلك، فحین تكون الحروف الحبسیة ساكنة فإنها تسمع في نصف الفترة الزمنیة التي تسمع فیها المتحركة، أي إذا كان زمان سماع الحرف الحبسي المتحرك عياراً زمنیاً (وحدة الزمان في الإیقاع)، فسیكون زمان سماع الحرف الحبسي الساكن نصف زمان العیار، ولهذا فقد اختیر حرف التاء المتحرك (تَ) رمزاً للعیار الزمني، و«تْ» الساكنة رمزاً لنصف زمان العیار. فإذا أضفنا لهذه الـ «ت» حرفاً ساكناً من الحروف الحبسیة مثل «ن» لیصبح «تَن» فإنه لن یكون – كما یبدو للوهلة الأولی – مضاعفاً ضعف زمان العیار، بل من زمان العیار، وإن «تَنَ» لوجود حرفین متحركین فیها تدل علی زمني عیار، وعلی هذا فإن «تا» و«تن» متعادلتان. لذا یمكن أن نستنتج أن زمان «ت» خفیف، وزمان «تن» ثقیل الخفیف، وزمان «تان» خفیف الثقیل، وزمان «تارَن» ثقیل مطلق (ص 88).
ویمكن اعتبار الفصل الثاني من المقالة الخامسة الذي یحمل عنوان «محاكاة الإیقاع باللسان» كالتنغیم تقریباً، ذلك أن أحد معاني المحاكاة في العربیة هو تقلید صوتٍ ما. ویستنبط من أول عبارة في هذا الفصل أنه یمكن تأدیة هذا النقر أو الضرب بنفس الوزن باللسان بالاستفادة من حروف متحركة أو متحركة تتخللها سواكن (ن.ص). انتقل بعد ذلك إلی بحث تفصیلي عن الإیقاعات المختلفة وكیفیة الاستفادة من الحروف في التقطیع، كما أن (تن تن تنن) تعادل في التقطیع 7 حروف (2+2+3=7)، بینما یعادل في الإیقاع البسیط 4 نقرات فقط (ص 93).
في ختام هذا الفصل ذكر القسمین الرئیسین للإیقاع أي الموصَّل أو الهزج، و المفصَّل، وأوضح أن الاختلاف بین الاثنین هو أن الموصل تتوالی نقراته علی أزمنة متساویة، بینما المفصل تكون عدة نقرات منه منفصلة عن عدة أخری وأضاف أن جمیع الألحان القدیمة كالخسروانیة والفارسیة (ص 97) مبنیة علی الإیقاع الموصل.
وفي الفصلین الثالث والرابع من المقالة الخامسة بحث الأنواع المختلفة للإیقاعات الموصلة والمفصلة، حیث قسم الموصل إلی أربعة أقسام (الخفیف، ثقیل الخفیف، خفیف الثقیل، الثقیل)، والمفصل إلی خمسة أقسام (الثنائي، الثلاثي، الرباعي، الخماسي، السداسي)، ثم شرح بالتفصیل الأشكال المختلفة لكل من الأقسام الخمسة، وأورد لكل واحد منها مثالاً من «تن» وفروعها، مثل: تارن، تننن، تان، تنتارن، تننان، تنننن، تنتنتنن وما یعادلها من تفعیلات العروض مثل فاعلن، فاعلاتن، مفاعلاتن… .
لخص ابن سینا الأوزان الموسیقیة الرئیسة في 8 أنواع مهمة علی النحو التالي: هزج، خفیف الهزج، الثقیل الأول، خفیف الثقیل الأول، الرمل، خفیف الرمل، الثقیل الثاني، خفیف الثقیل الثاني المعروف بالماخوري، یحتمل أن یكون شكلاً آخر من الماهوري (ص 119-120؛ ظ: بركشلي، «موسیقي»، 1/877).
تتكون المقالة السادسة التي هي آخر مقالة في «جوامع علم الموسیقی» من الشفاء، من فصلین: الأول في تألیف اللحن، والثاني في الآلات الموسیقیة.
فاللحن الذي هو علی حد تعبیر الفارابي (تـ 339هـ/950م) یعادل مصطلح «الموسیقی»، وفي الحقیقة أساسها یطلق علی مجموعة من النغمات المختلفة وفق نسق خاص مرتبطة ببعضها وبنظام معنی (ص 47؛ المراغي، جامع، 7). ومن وجهة نظر ابن سینا فإن اللحون تتفاوت بحسب تفاوت الأجناس، وتفاوت الانتقال، وتفاوت الإیقاع، فیعرض من ذلك أن یكون بعضها أشرف، وبعضها دونه، فمثلاً إن أفضل الأجناس القویة، ثم الملونة، ثم التألیفیة (ص 139).
وبعد ذكره الألحان الأشرف من شتی الجوانب، یقدم نموذجاً علی ذلك من الهزج بالشكل التالي:
تن تن تنن تنن [ه. ه. ه ه. ه ه. = ـ ـ ب ـ ب ـ]
تن تن تنن تنن [ه. ه. ه ه ه. ه ه. = ـ ـ ب ـ ب ـ]
تننننن تن [ه ه ه ه ه. ه. = ب ب ب ب ـ ـ]
لكن ینبغي الانتباه إلی أن هذا المثال لم یرد بشكل موحد في المخطوطات المتعددة للشفاء، وتوجد فیها اختلافات (ص 141، الهامش).
قسم ابن سینا في بدایة الفصل الثاني من هذه المقالة الآلات الموسیقیة إلی ثلاث مجامیع رئیسة: ذوات الأوتار، وآلات النفخ، وآلات الطرق؛ ثم ذكر بعد ذلك أنواع ذوات الأوتار علی النحو التالي: 1. ذوات الدساتین التي یضرب علیها بالمضراب كالبربط والطنبور؛ 2. آلات بلا دساتین ینقر علیها بالمضراب، وهي بدورها علی نوعین: منها ما أوتارها ممدودة علی سطح الآلة كالشاهرود وذي العنقا؛ ومنها ما أوتارها غیرممدودة علی سطح الآلة، بل علی فضاء یصل بین جانبیها كالصنج والسلیاق؛ 3. آلات ذات دساتین یعزف علیها بسحب بالقوس كالرباب.
أما آلات النفخ فقسمها إلی أربعة أقسام: 1. نوع یوضع طرفه في الفم كالمزمار؛ 2. نوع ینفخ فیه من ثقب فیه كالیراعة المعروفة بالسرناي؛ 3. نوع ینفخ فیه بآلة صناعیة كمزمار الجراب؛ 4. نوع فیه عدة أنابیب مثل الآلة المعروفة بالأرغن ومثل الصنج.
بعد ذكره لأنواع الآلات عقب ابن سینا قائلاً: وقد یمكن أن تبتدع آلات غیر المستعملات (ص 143).
الأمر الجدیر بالذكر في هذا البحث هو أن تقسیم الآلات بالشكل الذي أورده ابن سینا مایزال معمولاً به في معرفة الآلات الموسیقیة. قال ابن سینا: المشهور المتداول المقدم عند الجمهور هو البربط. وإن كان شيء أشرف منه فهو غیر متعارف بین الصناع جداً. ثم مضی بعد ذلك في تفصیل دقیق للخصائص والنسب بین دساتین العود وكذلك مفاتیحه المختلفة، وأضاف أن بالإمكان تطبیق هذه المعلومات علی بقیة الآلات الموسیقیة (ص 144، 145-152). فمثلاً ضمن حدیث عن تسویة (ضبط مفاتیح) العود قال: ینبغي أن یكون كل مطلق مساویاً لخنصر الذي فوقه (ص 147)، وذكر ضمن ذلك التسویة السَّلمكیة (ص 151) والمنسوبة إلی الري (وردت في بعض النسخ: النوی = النوا) وإلی إصفهان (ص 150، 151) مما یثیر في الذهن الألحان الإیرانیة القدیمة والأصیلة، ذلك لأن السَّلمك والطبقة النغمیة الأدنی منه تعتبر ضمن التقسیمات المتداولة الآن من بین أقسام مقام الـ «شور»، وأن الـ «نوا» هو واحد من المقامات الموسیقیة الإیرانیة (بركشلي، «موسیقي»، 25-27).
ومن المصطلحات المتعلقة بآلة العود في هذ القسم من كتاب ابن سینا، نلتقي بمصطلحات فارسیة كانت متداولة قبل زمنه، یمكن أن نذكر منها الدستان (وجمعه الدساتین)، والزیر والبم (اسما الوترین الأول والرابع في آلة العود)، و«الوسطی القدیم الفارسي» (نوع من أوتار العود القدیمة) للري وإصفهان وللسلمكي، وهي نماذج علی شهرة وقدم الموسیقی الإیرانیة (ص 147، 150، 151؛ ظ: EI1، مادة «موسیقی»).
أما القسم الموسیقی من دانشنامۀ علائي، فیفتقر للتبویب أو العناوین التي تمیز بین فصوله. ومع ذلك فإن تنسیق موضوعاته ومحتویاتها یشبه كثیراً ما هو موجود في «جوامع» الشفاء. وعلی هذا فإن القسم الموسیقی في دانشنامه لم ترد فیه مستجدات تجدر طرحها، إلا أنه یمكن القول بأن له ممیزات فیما یتعلق بالكلمات الفارسیة الجمیلة وما یعادلها، من ذلك: «وَزْني وناوَزني» بمعنی الموزون واللاموزون، و«تِیزي وگِراني» بدلاً من الحدة والثقل، وكذلك «تِیز وگِران» في مقابل الحاد والثقیل، و«رود» اسم أحد الآلات الموسیقیة.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode