الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / الأرض /

فهرس الموضوعات

وتعتبر الأرض في علم الکونیات لدی الدیانة المزدائیة،المخلوق الثالث من المخلوقات الست التي خلقها أهورامزدا (بندهش، ن.ص)، حیث إن لها علاقة متبادلة مع سپندارمذ لأمشاسپند (سپنتا آرمیتي) فالإلهة أمشاسپند هذه موکلة من جهة علی الأرض وحارسة لها، ومن جهة أخری فإن الأرض تعتبر رمزاً لکونیة سپندارمذ. وتبلغ هذه العلاقة من العمق بحیث یتقارب في بعض أناشید «کاهان» معنیا الکلمتین آرمیتي والأرض إلی حد کبیر بحیث یصعب التمییز أحیاناً بینهما (ظ: یسنا، 47: 3؛ 48: 5 و 6). وقد اعتبرت الأرض في بندهش أیضاً الکون الذاتي لسپندارمذ، حیث تربي بصبر و أناة جمیع المخلوقات، وتتحمل بصبر الأضرار التي تلحق بها. و بسبب هذه العلاقة المتبادلة بین الأرض وسپندارمذ، اعتُبر إلحاق الأذی بالأرض معادلاً لإلحاق الأذی بسپندارمذ، وإرضاؤها مساویاً لإرضاءسپندارمذ (بندهش، XXVI; 78-87؛ «شایست ناشایست»، XV: 3-6).

 

المصادر

الأفستا، تقـ: جلیل دوستخواه، طهران، 1370ش؛ إیرودز، ریتشارد و ألفونسو أریتز، أسطوره‌ها و أفسانه‌هاي سرخپوستان آمریکا، تجـ: أبوالقاسم إسماعیل‌پور، طهران، 1378ش؛ پیغوت، جولیت، شناخت أساطیر ژاپن، تجـ: باجلان فرخي، طهران، 1373، العهد القدمی؛ القرآن الکریم؛ گوزن سیاه، چپق مقدس، تقـ: جوزی، إیس براون، تجـ: ع. پاشائي، طهران، 1378ش؛ م.ن، گوزن سیاه سخن می‌گوید، تقـ: جان. ج. نیهارت، تجـ: ع. پاشائي، طهران، 1378ش؛ وأیضاً:

Adkins, A. W. H., «Greek Religion», Historia Religionum, ed. C. Juko Bleeker, Leiden, 1969, vol. I; Alexander, H. B., The Mythology of All Roces, North American, New York, 1964; Anesaki, M., History of Japanese Religion, Tokyo, 1977; id, The Mythology of All Roces, Japanese, New York, 1964; Campbell, J., The Mythic Image, New Jersey, 1974; Dixon, R. B., The Mythology of All Races, Oceanic, New York, 1964; Eliade, Mirces, A History of Religious Ideas, tr. W. R. Trask, Chicago, 1981; id, Myths, Dreams and Mysteries, tr. Ph. Mairet, Britain, 1977; id, Patterns in Comparative Religion, tr. Rosemary Sheed, London, 1971; id, The Sacred and the Prolfane, tr. W. R. Trask, New York, 1956; Gahlin, L., The Myths and Mythology of Ancient Egypt, London, 1003; Graves, R., The Greek Myths, Edinburgh, 1957; Hooke, S. H., Middle Eastern Mythology, Britain, 1975; Macdonell, A. A., The Vedic Mythology, Varanasi, 1963; Naville, E., The Old Egyptian Faith, tr. C. Campbell, NewYork, 1909; «Shâyast Lâyast», ed and tr. W. E. West, Sacred Books of the East, Delhi, 1970, vol. V; Sherwood Fox, W., The Mythology of All Races, Greek and Roman, New York, 1964; Spence, L., Ancient Egyptian Myths and Legends, NewYork, 1990; Vishnu purana, tr. H. H., Wilson, Calcutta, 1961; Wallis Budge, E. A., The Gods of the Egyptians, NewYork, 1969; Zand-Ǎkāsıh, Iranian or the Greater Bundahišn, tr. And ed. B. T. Anklesaria, Bombay, 1956, 1956.

فاطمه لاجوردي/ ع. خ.

IV. الأرض و الإنسان

یبدو من المواضع الکثیرة التي ذکر فیها القرآن الکریم الأرض أن الهدف لایقتصر علی التفات الإنسان و دقته إلی ظاهرة طبیعیة وحیاة ناسوتیة فوقها. ورغم أن الأرض هي مهد أعده الله للإنسان (النبأ/ 78/ 6)، إلا أن مواضع ذکر القرآن للأرض تستعرض بوضوح حدود حیاته المادیة علی هذه الکرة الترابیة و تفتح الطریق باتجاه حیاة ماوراء الأرض. وذلک بأن الأرض في القرآن ارتبطت بقوه بما بعدها وتجسدت هذه الاثنینیة المتمثلة في الأرض والسماء – شأنها شأن الکثیر من النظرات العالمیة الدینیة المتقدمة – کرمز لهذا الارتباط مرات و مرات. ومایبدو أنه یستحق التأکید باعتباره تعلیماً من تعالیم القرآن الکریم حول الإنسان، الصور المتکررة التي قدمت عن الثلاثیة المتمثلة في الأرض والسماء و الإنسان. و یدور الحدیث في آیات من القرآن الکریم في وصف أولي الألباب «إن في خلق السماوات و الأرض واختلاف اللیل والنهار لآیات لأولي الألباب الذین یذکرون الله قیماً وقعوداً وعلی جنوبهم و یتفکرون في خلق السماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانک فقنا عذاب النار» (آل‌عمران/ 3/ 190-191). وقد ارتبط في القرآن الکریم مراراً، الحدیث عن خلق السماوات والأرض بعمل الإنسان وعاقبته (مثلاً الأنبیاء/ 21/ 14-16).

ومن خلال الترکیز علی مکانة الأرض في تعالیم القرآن الکریم المتعلقة بمعرفة الإنسان. ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن السماء قد تتواجد أحیاناً خلال ذلک، وتترک الإنسان لوحده مع الأرض أحیاناً أخری، یمکن التوصل إلی نظام معرفة نماذج من الآیات القرآنیة و الروایات أیضاً. واستناداً إلی کیفیة ترتیب الاثنینیة المتمثلة في الأرض – السماء/ الإنسان، و الثلاثیة المتمثلة في الأرض – السماء – الإنسان، فإن نوع الاتجاه یتغیر أیضاً. فالأرض في التعامل مع أهل السماء، والأرض في التعامل مع البشر، و الأرض باعتبارها مکاناً للإنسان السماوي، کل ذلک یمثل 3 وجهات نظر تسترعي الانتباه في مواجهة مواضع ذکر الأرض.

 

اثنینیة الأرض – السماء/ الإنسان

ألف – الأرض – السماء

یلاحظ في وجهة النظر هذه التعامل بین الأرض والسماء، دون الحضور المباشر للإنسان، و بشکل عام هناک تأکید علی قضیة الخلق، فوجود الخالق مشهود فیهما حتی دون وجود آیات بینات. و من هذا القبیل تمکن الإشارة إلی مجموعة واسعة من الآیات و الروایات المرتبطة بخلق الأرض، تتحدث عن خلق الأرض، فصلها عن السماء، وأخیراً خلق ما علی الأرض (مثلاً البقرة/ 2/ 22؛ أیضاً ظ: الثعلبي، 3 و مابعدها). وهناک أیضاً نماذج ترتبط بمواضیع مثل موت الأرض و إحیائها (العنکبوت/ 29/ 63؛ الروم/ 30/ 24؛ فصلت/ 41/ 39؛ أیضاً ظ: الطبري، 21/ 12؛ سعید بن المنوصر، 2/ 639)، تتعلق بهذا المجال.

وهناک طائفة أخری من هذه المجموعة، تضم آیات و روایات، تطالعنا فیها الملائکة، باعتبارها عناصر مکملة (مثلاً ظ: الطبري، 19/ 6). وهنا، تعتبر الملائکه حلقة الوصل بین السماء و الأرض، من خلال أدائها للدور الوسیط (مثلاً ظ: أبوالشیخ، 2/ 730، 750). وعلی سبیل المثال، فعندما تطرح الأرض باعتبارها موضع الابتلاء الإلهي، یکتسب هذا الدور الوسیط في القصص والروایات المعنی بحضور هاروت و ماروت علی الأرض (البقرة/ 2/ 102؛ أیضاً ظ: الثعلبي، 44-45). وماجاء في الروایات، حول الملائکة السیاحة فوق الأرض والصحاری والجبال والسهول والقبور و المقابر و غیرذلک، و هذا کله یشیر إلی هذا الدور نفسه (ظ: مسلم، 1/ 554؛ أبونعیم، 4/ 201؛ الخلیلي، 1/ 445؛ أبوالقاسم الحکیم، 207؛ السیوطي، الحبائک ...، 124). وتعد مجموعة من الروایات بوصفها ملائکة رؤوسها في السماء و أرجلها في الأرض، وفرشت أجنحتها علی رحاب الأرض (أبوالشیخ، 2/ 687؛ الطبراني، 4/ 300؛ السیوطي، الدر...، 7/ 276)، نموذجاً لمثل هذه المساعي المبذولة لإقامة العلاقة بین الأرض والسماء. ویمکن أن نضیف إلی هذه المجموعة حضور بعض الملائکة فوق الأرض في لیلة القدر، حیث تم تفصیلها في الروایات استناداً إلی الآیة 4 من سورة القدر (مثلاً ظ: الطبري، 30/ 260)، حتی قبل إن عدد الملائکة فوق الأرض في هذه اللیلة کان یفوق عدد الحصی (ابن خزیمة، 3/ 332).

ب- الأرض – الإنسان: یجب القول أولاً عند الحدیث عن نوع العلاقة المتقابلة بین الأرض و الإنسان، إننا نلاحظ في الآیات و الروایات اتجاهین، أحدهما سلبي و الآخر إیجابي، و ذلک دون أخذ الجزئیات والتفاصیل بنظر الاعتبار. و من وجهة نظر الإنسان بالنسبة إلی الأرض، ثم مکانة الانسان في الأرض، فإن الأرض تعتبر محل اغتراب الإنسان ومکان أسره و نفیه من جهة، و من جهة أخری فقد بدا الإنسان مفسداً فیها، وفي المقابل، نری الأرض بمثابة وطن الإنسان و موضع استراحته (طه/ 20/ 53؛ الزخرف/ 43/ 10؛ النبأ/ 78/ 6). کما أن استخلاف الإنسان في الأرض (البقرة/ 2/ 30)، هو أیضاً من التعالیم المعروفة في القرآن والحدیث، و نقاط التقابل الواضحة هذه، تدل علی قیمة الإنسان المتقابله للأرض والأرض للإنسان، مثل القیمة في الجانب الذي أضفاه القرآن الکریم للإنسان نفسه (مثلاً المؤمنون/ 23/ 14؛ التین/ 95/ 4-5). وعلی هذاالأساس تمکن ملاحظة نماذج مختلفة من ترتیب العناصر و المفاهیم:

1. ترتیب محوریة الإنسان: تطرح في الثنینیة الأرض – الإنسان مفاهیم عامة غالباً حول خصائصهما و کیفیة سلوک الإنسان مع الأرض، دون وجود الرکن الثالث. وتجب الإشارة في سنخ هذه الروایات إلی الآیات و الروایات المتضمنة لأوصاف الأرض مثل الاستقرار والسکون و السواد و لابرودة و الجفاف، حیث یلاحظ فیها الحضور البشري الثابت، حتی دون ذکر صریح للإنسان (مثلاً طه/ 20/ 53؛ الزخرف/ 43/ 10؛ النبأ/ 78/ 6؛ أیضاً ظ: الطبراني،4/ 179). والحدیث في مجال ظلم الإنسان و فساده في الأرض هو أیضاً جانب آخر من هذا القبیل من النصوص، و علی هذا الأساس ففي اثنینیة الإنسان – الأرض، ومن خلال نظرة سلبیة لحصیلة عم لاإنسان، فإنه قُرن أحیاناً موضوع إفساده في الأرض (مثلاً البقرة/ 2/ 30). بموضوع الاستعلاء في الأرض (الإسراء/ 17/ 4؛ القصص/ 28/ 83؛ البیضاوي،1/ 169) وتم أحیاناً أخری بیان إلحاق الظلم بها (المنذري، 3/ 9؛ الطبراني، 5/ 349)، فهناک سلسلة من بعض المعتقدات الدینیة تلفت النظر إلی جانب بعضها البعض. و من خلال طرح مقدمة دینیة مسبقة تفید بکون الأرض مطهرة (ظ: أبوعوانة، 1/ 182، 252، 330)، بحیث یمکن أن یکون کلها مسجداً (مسلم، 1/ 371)، وعندما یفسد الإنسان هذا الملجأ بالظلم و الفساد، تتهیأ الأرضیة لجهود واسعة و مستمرة لتطهیره بشکل مستمر والمحافظة علی سلامته و طهارته. و فی ماوراء الفکرة المهیمنة علی هذه التعلایم، تمتلک طهراة الأرض من الفساد والظلم الموضوعیة بحدذاتها، بحث إن الملائکة هبطت من السماء لتطهیرها عندما أعمل الجن الفساد في الأرض قبل حضور البشر (مثلاً ظ: المسعودي، 9؛ الطوسي، 1/ 131 ومابعدها؛ ابن کثیر، تفسیر...، 1/ 71). وعلی هذا الأساس، فإن هذا الأمر یحدث أحیاناً عندما یشاء الله معاقبة البشر بواسطة بعض البلایا مثل طوفان نوح، بالصورة التکوینیة (نوح/ 71/ 21 ومابعدها) و أحیاناً في ظل التعالیم و حضور الأنبیاء و أئمة الدین، بالصور التشریعیة والتبلیغیة (ظ: ابن عدي، 1/ 338؛ ابن‌بابویه، 1/ 297؛ أبوعمرو، 1/ 283). کما یمکن الأخذ بنظر الاعتبار في هذا الصعید، الفکرة الشیعیة المتمثلة في عدم خلو الأرض من الحجة (مثلاً ظ: الکلیني، 1/ 178).

2. ترتیب محوریة الأرض: و في الجهة المقابلة، أي عندما یدور الحدیث عن کیفیة إیواء الأرض للإنسان، فإن دور الأرض المتأثر بذات الإنسان المزدوجة یشتمل علی مفاهیم ذات اتجاهین؛ فمن جانب، فإن هذا المنفی المعنوي للإنسان یتحول إلی سجن أبدي لجسمه، و من جانب آخر، یصبح مقراً لصعود روحه (مثلاً الصنعاني، 3/ 490) ورغم أن خلافة الإنسان الإلهیة تتحقق علی الأرض (البقرة/ 2/ 30) و أن الأرض وضعها للأنام (الرحمن/ 55/ 10)، وفي النهایة، فإن الإنسان هو الذي یرثها (الأنبیاء/ 21/ 105)، إلا أنها تتمتع مع ذلک بقیمة معنویة في تقابلها مع الکمال، ذلک لأنها تتحمل في الغالب عبء الحیاة في هذا العالم، وعلی سبیل المثال، فإن تلک الطائفة من الآیات والروایات التي تبین موضوع الغربة والوحشة الداخلیة للأرض من خلال الإشارة إلی دفن الأموات وأکل التراب للإنسان (النساء/ 4/ 42؛ أیضاً ظ: مسلم، 4/ 2271؛ الطبراني، 5/ 97)، تشیر إلی مفهوم سلبي عن الأرض علی أساس ذلک المخطط المرتبط ببیان الصفات. فالروح تعود إلی السماء، والجسم الذي تمتد جذوره في الأرض، یعود إلی التراب لیتحول إلی طعام للحشرات (قا: مسلم، ن.ص؛ ابن‌کثیر، البدایة، 2/ 40). والفکرة المرتبطة باستقرار جهنم تحت الأرض (مثلاً أبوالشیخ، 4/ 1379)، والتي طرحت في الروایات بأشکال مختلفة، ولکن بنظرة موحدة و علی شکل طبقات الأرض العمودیة (ظ: قسم علم الدلالة) من الممکن أن تکون الانعکاس الطبیعي لاتساع هذا المنظر. واستمراراً لذلک فإن وجود مجموعة من الروایات الوسیطة یؤدي دوراً ملفتاً للنظر. وهذه الروایات الخاصة بوصفها وسیطة، توفر أیضاً إمکانیة تحویل المنظر الروائي السلبي إلی إیجابي، في نفس الوقت الذي أدت فیه إلی تغییر اثنینیة الأرض – الإنسان، إلی ثلاثیة الأرض – الإنسان – السماء. وقد اعتبرت أعمال الخیر والشر للإنسان في بعض الروایات من الأسباب التي تتمکن بواطتها الأرض، لتغیر مسارها في کل من اتجاهي الخیر والشر (مثلاً ظ: ابن أبي عاصم، 153). وحینئذ و من خلال استخدام مفهوم المحاذاة والمواجهة في اثنینیة الأرض – السماء و التي لها نماذج روائیة کثیرة (مثلاً نموذج البیت المعمور، ظ: ن.د، البیت المعمور) وامتزاجها مع اثنینیة الأرض – الإنسان و الاستفادة من بعض العناصر المکملة تظهر أرضیة ظهور مفاهیم قابلة للتکرار مثل ملائکة السماوات والأرض (مثلاً ابن کثیر، تفسیر، 1/ 79). ویضم اتساع هذه الرؤیة، طائفة من الروایات یذکر فیها أحب أهل الأرض و أحب أهل السماء (مثلاً ابن‌نما، 11-12؛ الخلال، 2/ 307)، أو بصورة أعم، أهل الأرض وأهل السماء (ظ: الصنعاني، 2/ 98؛ الطبري، 9/ 139؛ الطبراني، 4/ 181).

 

ثلاثیة الأرض – الإنسان – السماء

یتجلی طیف واسع من النصوص المتعلقة بالأرض في الفکر الإسلامي، في ترکیب ثلاثیة الأرض – الإنسان – السماء. وفي هذا الترکیب تدور المفاهیم و المواضیع بصورة عامة حول محور الإنسان، حیث کانت الأرض طبعاً أرضیة مناسبة، وربما نقطة ثقل لبیان التعالیم المتعلقة بمعرفة الإنسان. وعندما وردت الإشاره إلی خلق آدم (ع) من تراب الأرض، الذي اختارته الملائکة من مواضع مختلفة (مثلاً الثعلبي 23)، فقد تم تبیین هذا الأصل المتمثل في أن الإنسان هو حصیلة عملیة أرضیة – سماویة. وهنا یتجلی تشابک وتعقید بعض المعتقدات الدینیة، و من خلال تغییر الأدوار الرئیسة للأرض والسماء، تتغیر أیضاً قیمتها الإیجابیة والسلبیة. وقد تم التعریف بالسماء في بعض الآیات القرآنیة باعتبارها بناء یمنح الاطمئنان وسقفاً محفوظاً فوق الأرض، وذلک في إطار الفکرة القائلة بأن الأرض هي بمثابة مأمن (البقرة/ 2/ 22؛ الأنبیاء/ 21/ 32؛ الحج/ 22/ 65)؛ ومن جهة أخری، تجب الإشارة إلی الروایات التي تتحدث عن بعض الآثار غیر المیمونة للسماء علی الأرض، مثل تأثیرات الخسوف والکسوف (مثلاً الشافعي، 1/ 144).

وعلی أي حال، وکما یلاحظ، فإن کل الأرکان الثلاثة یمکن إدراکها بوضوح في الروایات المذکورة حول خلق آدم (ع). ویمکن اعتبار الأحادیث المتعلقة بمعراج النبي الأعظم (ص)، باعتباره إنساناً معیناً من مکان معین من الأرض (ظ: ن.د، بیت‌المقدس) إلی أماکن معینة في السماء، أفضل الأمثلة التي یمکن ذکرها في هذا القسم. کما إن صعود سیدنا عیسی (ع) إلی السماء و عودته إلی الأرض، ینضوي في هذا الإطار أیضاً (مثلاً ظ: ابن عساکر، 70/ 122؛ ابن‌کثیر، البدایة، 2/ 112).

وفي مقابل النماذج المذکورة، توجد بعض الآیات القرآنیة والروایات أیضاً والتي برغم اشتمالها علی جمیع الأرکان الرئیسة الثلاثة في الأساس وانعکاسها في أمارات النص، فلا یمکننا رؤیة جمیع الأرکان بنسبة واحدة ولاتطالعنا بوضوح. ویمکن تتبع النماذج المختارة في 6 حالات مختلفة:

 

1. وضوح الأرکن الثلاثة کلها

اتضحت آثار الغربة والأسر في هذا العالم علی آدم (ع) بظهوره علی الأرض (ظ: الأزرقي، 1/ 46). وقد تجسد هذا الجزء المحزن، في روایات أخری من خلال وصف خاص لآدم (ع)، بأنه ذو قامة غیر طبیعیة و طویلة للغایة؛ الإنسان الذي یعلو رأسه في السماء ویسمع کلام أهل الجنة، وتطأ قدمه الأرض الغریبة (مثلاً ظ: الدارقطني، 64؛ السیوطي، الدر، 6/ 3). إن وضوح استخدام جمیع هذه العناصر الثلاثة في هذه الروایة، وتوظیف الارتباط الثلاثي، إلی أقصی حد ممکن، أظهر مفهوم کوْن الأرض محلاً للاغتراب من وجهة النظر الإنسانیة، وقد تمیل هذه الغربة من خلال استدارة معنویة من شکل العبد عن الوطن الأصلي، إلی مفهوم وحدة المؤمن لتدل علی نوع آخر من الغربة. والروایة التي یشکو فیها إبراهیم (ع) من تفرده في عبادة الله، ثم إرسال الملائکة من قبل الله إلی الأرض لیصلوا معه (مثلاً ابن أبی عاصم، 78، 79) تؤکد هذا النوع من الرؤیة. وأخیراً، فإن استقرار هذه العلاقة الثلاثیة في کلام یصف یوم القیامة (الطبري، 13/ 251) یشکل أرضیة لتبیین مفهوم حشر بني آدم و إحیائهم مرة أخری و جمع الأرواح بین السماء و الأرض مع أجسادهم الترابیة (السیوطي، ن.م، 7/ 258).

 

2. استتار الأرض

واستمراراً في الحدیث عن خلق الإنسان، یعد القسم المتعلق بحضور آدم (ع) في الجنة قبل الهبوط، نموذجاً مناسباً، إذا أخذنا بعین الاعتبار مسار قصصه. وإن هذه القصة و من خلال الاشتمال علی الحضور في الجنة والإنذار الإلهي و بیان العقوبة وهي «الهبوط» إلی «الأرض» و خطیئة آدم (ع)، ثم الهبوط علی الأرض في آخر مشهد، تضم الثلاثیة المذکورة التي یستتر فیها عنصر الأرض (البقرة، 2/ 35 ومابعدها؛ الأعراف/ 7/ 19 ومابعدها؛ طه/ 20/ 117 ومابعدها).

 

3. استتار السماء

في قسم الهبوط من الروایات المتعلقة بخلق آدم (ع) و ضمن تطرقها للإنسان ( وهو موضوع الهبوط) والأرض (و هي محل الهبوط)، رغم اختفاء الجانب السماوي منه، إلا أن للسماء حضوراً محسوساً فیها، وتمکن مشاهدة هذه الأرضیة بوشوح أکثر إلی حدما في روایة یشاهد علی أساسها، أثراً لقدوم الإنسان الهابط من الجنة إلی أرض سرندیب (المهبط المذکور في الروایات) (یاقوت، مادة سرندیب؛ أیضاً ظ: ابن طاووس، 36).

 

4. استتار الإنسان

تعتبر الآیات التي جاء فیها الفعل «نزل» القابل للتکرار باشتقاقات مختلفة حول إنزال الکتب السماویة والآیات الإلهیة في القرآن الکریم، أمثلة واضحة علی نسیج الثلاثیات التي لایظهر فیها الإنسان، کما أن للرکن الثالث، أي الإنسان مفهوماً مستتراً في معالجة مجموعة من روایات الأرض – السماء – الإنسان والتي ترتبط بتشریع الأفعال و العبادات، و علی سبیل المثال، فإن الروایات التي بینت أصل ومصدر الصلاة و بعض الأذکرا في الأرض و آثارها في السماء، أوضحت في الحقیقة علاقة ثلاثیة دون الإشارة إلی المصلي والذاکر والذي هو الإنسان الأرضي نفسه (مثلاً الصنعاني، 2/ 233؛السیوطي، ن.م، 7/ 165).

الصفحة 1 من10

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: