الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / الأرض /

فهرس الموضوعات

II. الأرض في آراء العلماء

استناداً إلی المصادر المتوفرة لدینا، إن آراء العلماء المسلمین حول الأرض باعتبارها أحد العناصر الأربعة (في اللغة الفارسیة غالباً ما تستخدم کلمة «خاک» [التراب] في هذا الشأن) و کذلک الأرض بوصفها الکرة التي نعیش علیها، مأخوذة في الغالب من وجهات نظر علماء الطبیعة الیونانیین. و یبدو أنه من الصعوبة بکثیر دراسة التأثیر المحتمل لآراء الإیرانیین في هذا المجال، علی آراء الفلاسفة الیونایین وثم علی العلماء في العصر الإسلامي لقلة المصادر، وذلک لأنه لم‌یصلنا شيء من آراء العلماء الإیرانیین قبل الإسلام حول الأرض، ویجب في هذا المجال الاقتصار علی مراجعة الإشارات الخاطفة في النصوص البهلویة القدیمة حول الخلق المادي (وخاصة خلق الأرض) والقضایا المتعلقة بها. وتفید روایة قدیمة، بأن فیثاغورس التقی بزرادشت و أخذ إحدی تعالیمه المعروفة من شریعته (دیلی و کرانتس، 14.11؛ أیضاً شیشرون، «نهایة...»، V. xxix. 87؛ دیوجینس لایرتیوس، VIII.3؛ قا: غاتري، I/ 249-256).

کما تطالعنا وجوه شبه ملفتة للنظر بین الثنویة المطروحة في نظریة لوغوس لهراقلیتوس الأفسوسي وکذلک الأهمیة الکبیرة للنار من وجهة نظره من جهة و الدیانة الزرادشتیة من جهة أخری (ظ: غاتري، I/ 488، الذي کان یعتبر هذه الشواهد غیر کافیة ولایطمأن بها). ویعود تاریخ التحریر النهائي لغالبیة النصوص البهلویة الموجدة – مثل بندهش – إلی القرنین 3 و 4 هـ ولایمکن الحدیث بشک لموثوق به عن تأثیر معتقدات الإیرانیین القدامی علی المفکرین الیونانیین، و لکننا نلاحظ بین الحین و الآخر وجوه شبه حول بعض التفاصیل لایمکن إنکارها بین النصوص البهلویة وآراء المفکرین الیونانیین، بحیث من المستبعد من أنها أضیفت إلی النصوص البهلویة في القرون اللاحقة.

وقد تم الرجوع في هذه المقالة غالباً إلی الترجمات العربیة القدیمة و الترجمات الجدیدة الإنجلیزیة و أحیاناً الفارسیة للنصوص الیونانیة القدیمة (خاصة آثار أرسطو: «في السماء»؛ المیتافیزیقا = مابعدالطبیعة؛ الفیزیاء = السماع الطبیعي = الطبیعة؛ «في النفس»؛ «في الکون والفساد»؛ الآثار العلویة)، وقد اتبعنا عند الإرجاع إلیها، الأسلوب المتداول في دراسات تاریخ الفلسفة الیونانیة (ذکر الورقة و سطر المخطوطة، أو الفصل والبند في النصوص الکلاسیکیة) کي یمکن العثور بسهولة علی الموضوع المعني في کل طبعة من النص الأصلي وترجماته المختلفة. وفضلاً عما جاء في هذه المقالة ینبغي الرجوع إلی المداخل التالیة: السماء، التکوین، الإقلیم، الاسطقسات، الإقبال والإدبار، الحرکة و کذلک: تقدیم الاعتدالین؛ التسطیح؛ الجغرافیا؛ دائرة البروج؛ الخارطة والمسح.

کیفیة ظهور التراب و ظهور الأرض وتکوینها:

وجهات نظر العلماء القدماء: استناداً إلی أرسطو أن طالیس کان یعتقد بأن الأرض ظهرت من الماء (الذي کان یعده مبدأ الموجودات) ولذلک قال إن الأرض عائمة علی الماء (المیتافیزیقا، 983b6-984a2؛ قا: م.ن، «في السماء»، 294a28؛ آیتیوس، I. 3.1؛ «الآراء الطبیعیة»، 97؛ المقدسي، 1/ 136، ونقده في 1/ 151؛ أیضاً ظ: سکستوس، «مجمل...»، III.30، «ضد علماء...»، I.360, II.313؛ غاتري، I/ 45, 54-59؛ خراساني، 128؛ پوپر، 9, 109-110؛ حول تأثره بالعقائد المتداولة فيمصر القدیمة، ظ: غاتري، I/ 58-59؛ پوپر، 110؛ لروایة مشابهة في تفاسیر القرآن: المقدسي، 1/ 146-148). وقد أشار أرسطو (ن.م، 983b27) نفسه نقلاً عن «البعض» (إشارة لأفلاطون، کراتولوس، 402b، ثیایتتوس، 180CD, 152D) إلی انتشار معتقدات شبیهة بتلک العقیدة بین «الأشخاص الذین فکروا لأول مرة حول الآلهة» (أي هومر، XIV, 200-201, 246, XVIII, 399؛ أیضاً آیتیوس، I.3.2؛ «الآراء الطبیعیة»، 97؛ لروایة شبیهة في النصوص البهلویة، ظ: بندهش، 39-40، 64، 70؛ گزیده‌هاي زادسپرم، 3: 33-35؛ أیضاً مینوي خرد، السؤال 56، البند 13؛ قا: سفر التکوین: البند 1).

وکان آناکسیمنس یری أن الهواء هو مبدأ الأشیاء (أرسطو، المیتافیزیقا، 984a5؛ أیضاً سکستوس، ن.صص) وحسب روایة کان یری أن الهواء یتحول خلال عملیة التکاثف إلی غیم أولاً، ثم إلی ماء، ثم إلی تراب و أخیراً إلی حجر (دیلس و کرانتس، 13A5, 13A7؛ قا: شیشرون، آکادمیکا، II. Xxxvii. 118؛ أیضاً ظ: غاتري، I/ 121-122؛ خراساني، 146-145؛ أیضاً قا: آیتیوس، I.3.4؛ «الآراء الطبیعیة»، 98؛ المقدسي، 1/ 138؛ أیضاً ظ: آمونیوس، 44-45؛ وفي روایة أخری: فإنه إثر تلبّد الهواء ظهرت الأرض قبل کل شيء، ظ: دیلس و کرانتس، I3A6؛ أیضاً غاتري، I/ 133؛ خراساني، 148).

وإن مؤلفي الکتب العقائدیة و المؤلفین الیونانیین الآخرین بشکل عام و استناداً إلی بیت شعر لکسنوفانس الکولوفوني الذي یقول فیه إن «کل شيء ظهر من التراب (الأرض) وکل شيء ینتهي في التراب» (دیلس و کرانتس، 21B27؛ أیضاً خراساني، 163؛ ظ: غاتري، I/ 383؛ قا: «الآراء الطبیعیة»، 150) یرون أن کسنوفانس اعتبر التراب مبدأ الأشیاء، أو المادة الأولی للعالم. ویؤکد ألومپیودوروس أیضاً علی هذه الملاحظة و هي أن لا أحد یعتبر التراب مبدأ الأشیاء، سوی کسنوفانس (أیضاً ظ: بقراط، الفصل I، السطر 15ff.؛ دیلس وکرانتس، 21A36؛ أیضاً غاتري، ن.ص). وقد ذکر سکستوس أیضاً في «ضد علماء» «نقلاً عن البعض» أن کسنوفانس کان یعتبر التراب مبدأ الأشیاء، ثم یستشهد بالبیت نفسه (II.313). و لکنه یذکر في موضع آخر من نفس الأثر هذا (I.361، أیضاً «مجمل»، III.30) استناداً إلی هذا البیت لکسنوفانس «لأننا نولد کلنا من التراب والماء» (دیلس و کرانتس، 21B33)، أن «الماء والتراب» باعتبارهما مبدئي الموجودات لدی کسنوفانس. ولکن أرسطو یؤکد أن لا أحد علی الأقل من الأشخاص الذین اعتبروا عنصراً واحداً بوصفه العنصر الأول، یعتبر التراب – ربما بسبب خشونة الأجزاء – ذلک المبدأ الأوحد للموجودات (المیتافیزیقا، 989a5، أیضاً 988b30؛ قا: ابن‌سینا، الشفاء، الطبیعیات، «الکون والفساد»، 87)، بل إنهم اعتبروا – علی العکس من ذلک – التراب صادراً من تلک العناصر الثلاثة الأخری (أرسطو، «في النفس»، 405b8). ویری غاتري استناداً إلی هذه التناقضات، أن کسنوفانس لم‌یعتبر التراب مبدأ العلام، بل مبدأ الحیاة و مصدرها (I/ 383-387).

واستناداً إلی تقریر آیتیوس، فقد کان «هراقلیتوس الأفسوسي و هیپاسوس المیتاپونتوسي» یریان أن کل شيء یظهر من النار و ینتهي في النار و عندما تنطفئ النار یظهر عالم الوجود و یتحول ذلک الجزء الغلیظ من النار إلی تراب بعد التجمع والتکاثف. ثم یتبعثر بعض من أجزاء الأرض بمساعدة النار و یصبح ماء (I.3.11؛ «الآراء الطبیعیة»، 102؛ المقدسي، 1/ 137؛ دیلس و کرانتس، ن.ص). و ذکر دیوجینس لایرتیوس أیضاً أن النار عندما تتراکم تتحول إلی رطوبةو عند تکاثف هذه الرطوبة یظهر الماء، و إن الماء المنجمد و المتصلب یتحول إلی تراب، و مرة أخری یتحول التراب إلی مایشبه الماء، حیث یظهر منه الماء و من هذا تظهر بقیة الأشیاء (IX.8؛ أیضاً ظ: غاتري، I/ 463).

واستناداً إلی تقریر أرسطو، فقد أضاف إمپدکلس الرتاب باعتباره العنصر الرابع إلی العنصار الثلاثة الأخری (الماء، الهواء والنار) وکان یری أن هذه العناصر الأربعة ثابتة دوماً (المیتافیزیقا، 984a8, 985a31، «في الکون والفساد»، 330b19). وعلی هذا فإنه کان أول من یعتقد بأن التراب لم‌یظهر من شيء آخر (غاتري، II/ 141-143). وتنفصل العناصر التي تمازجت أولاً في عالم الوجود، عن بعضها علی أثر الغلبة، أو المحبة علی الشاکلة التالیة: انفصل «الآثیر» أولاً (الأثیر في العربیة، ولکن لا بالمعنی الأرسطي، بل« الهواء العنصري الخالص»)، ثم النار، والتراب من بعدها و جری الماء من التراب الذي کان قد تصلب إثر قوة الدوران (II/ 6.3؛ «الآراء الطبیعیة»، 127؛ دیلس وکرانتس، 31A 49؛ غاتري، II/ 187).

ویری آناکساغوراس أن المزیج الأول للتراب الکثیر کان یضم في داخله قبل بدء عملیة الانفصال الکوني، بذوراً لاحصر لها و جمیع الأضداد (دیلس و کرانتس، 59B4)، ثم إن العقل عندما بدأ الحرکة الدورانیة و التدویمیة لعالم الوجود (م.ن، 59B13)، تجمع في هذا الموضع الذي تقع فیه الأرض حالیاً، «الکثیف و الرطب» و«البارد و المظلم» في حین انطلق الرقیق والحار والجاف نحو رحاب الآیثر (م.ن، 59B15؛ واستناداً إلی وجهة النظر القدیمة الآنفة الذکر في: أرسطو، «في السماء»، 295a10، القائلة بأن الأشیاء الأثقل و الأکبر تجتمع في مرکز هذه الظاهرة خلال حدوث الحرکة التدویمیة). و تکونت الأرض من هذه الأشیاء المنفصلة، ذلک لأن المآئ ینفصل عن الغیوم والتراب من الماء، وتتکون الصخور من التراب علی إثر البرودة (دیلس و کرانتس، 59B16, A42؛ دیوجینس لایرتیوس، II.8؛ أیضاً غاتري، II/ 294-302؛ عن وجهة نظر تلمیذه آرخلایوس، ظ: دیلس و کرانتس، 60A4,A7؛ قا: «الآراء الطبیعیة»، 99؛ المقدسي 1/ 138، بإیجاز کثیر؛ خراساني، 425-426).

وحسب نظریة لیوکیپوس بشأن تکوین العالم (والتي من المحتمل أن دموکریتوس قد أیدها هو أیضاً) وبظهور حرکة تدویمیة فإن الذرات الأکبر (لا الأثقل) التي استطاعت بظهور حرکة تدویمیة أن تقف أمام ضغط الحرکة في المنطقة الوسطی. أجدت الأرض (وعلی هذا، فإن الأرض في مرکز العالم؛ ظ: دیوجینس لایرتیوس، II.31-32؛ أیضاً آیتیوس، I.4.1؛ دیلس و کرانتس، 67A24؛ «الآراء الطبیعیة»، 105، حیث لم‌یذکر اسم لیوکیپوس؛ غاتري، II/ 406-409؛ خراساني، 474-470؛ عن وجهة نظر دیوجینس الآبولونیایي الالتقاطیة حول نشأة الأرض من الهواء، ظ: دیلس و کرانتس، 64A6؛ أیضاً ظ: دیوجینس لایرتیوس، IX.57؛ خراساني، 511).

ویری أفلاطون أن الخالق جمع عند صنعه العالم، النار و التراب أولاً، ولکن هناک حاجة إلی واسطتین، أي الماء و الهواء لصنع العالم الثلاثي الأبعاد، و بذلک فإن کل العلام ظهر من ترابط هذه العناصر الأربعة (تیمایوس، 31B-32D؛ أیضاً ظ: غاتري، V/ 276-280). النار، الماء، الهواء والتربة هي أجسام و للأجسام ارتفاع بالضرورة و هي محدودة بوجوه. وکل وجه مسطح مرکب بدوره من مثلثات أیضاً (تیمایوس، 53C-D).

ویری أفلاطون المثلث القائم الزاویة المتساوي الساقین (النوع الأول) و المثلث القات. الزاویة مع زاویة 30 درجة (النوع الثاني) هما المناسبان من بین المثلثات المختلفة لتشکیل هذه السطوح (ن.م، 54B) وهو یتحدث بالتفصیل عن کیفیة تشکیل خمسة من الأشکال المتعددة الوجوده المنتظمة، أي ذي الوجوه الستة (المکعب)، وذي الوجوه الأربعة (الهرم المنتظم)، المثمن الوجوه، ذي العشرین وجهاً، والاثني عشر وجهاً من هذین النوعین لـ «المثلث الأساسي». ثم یعتبر کفیثاغورس، شکل [أصغر جزء] کل واحد من العناصر الأربعة التراب، النار، الهواء والماء في مقابل أحد الأشکال الأربعة الأولی حسب التسلسل. ویتمیز التراب بشکل مکعب، لأنه أقل حرکة من العناصر الثلاثة الأخری و مثل هذا الجسم یجب أن یکون مستنداً إلی قاعدة أکثر ثباتاً (قاعدة المکعب). في نفس الوقت الذي تکون فیه قاعدة المثلث العنصري للمکعب (أي المثلث القائم الزاویة المتساوي الساقین) أکثر ثباتاً من قاعدة المثلث الآخر أیضاً. وبإمکان کل واحد من العناصر الثلاثة و هي الماء، الهواء والنار أن یتحول إلی عنصر آخر خلال التجزئة إلی المثلثات الأساسیة ثم اتصال هذه المثلثات علی شکل آخر (وتکوین شکل منتظم آخر). وعلی سبیل المثال، فعندما تتبعثر أجزاء قطعة من الماء علی إثر الاصطدام بالنار، أو الهواء، تظهر من اتصال هذه الأجزاء مرة أخری قعطتان من الهواء وقطعة من النار (ن.م، 56 D-E)؛ ولکن التراب سوف لایتحصل بانحلال العناصر الثلاثة الأخری واستحالتها، ذلک لأن الأجزاء المکونة للتراب تختلف عن الأجزاء المکونة للعناصر الثلاثة الأخری ولایمکن الوصول إلی التراب (المکعب) بترکیب أجزاء تلک العناصر الثلاثة (المثلث القائم الزاویة المختلف الأضلاع) (ن.م، 54 C-D). وعلی هذا، فمهما انحل التراب و تحول إلی أجزاء غیر مرئیة إثر الاصطدام مع النار، فإن أجزاءه تتصل مع بعضها البعض مرة أخری بعد مدة من الانجذاب فیما بینها إلی هذه الجهة، أوتلک و تتحول إلی تراب (ن.م، 56D). ویرتبط التنوع في أنواع التراب و العناصر الأخری بتنوع قیاس المثلثات الأساسیة (ن.م، 57C-D؛ أیضاً ظ: غاتری، V/ 281-289).

ویعتبر أرسطو بطبیعة الحال دون أن یذکر اسم أفلاطون، وجهة نظر الفلاسفة «الذین یقولون إن جمیع الأجسام معروضة للکون و مرکبة من السطوح و تتجزأ إلی السطوح» ناقضة للحقائق الریاضیة وینتقدها بشکل مفصل («في السماء»، 298b33 و ما بعدها)؛ ولکنه ینتقد بشکل خاص هؤلاء الفلاسفة بسبب استثناء التراب في عملیة تبدیل العنصار إلی بعضها البعض والذي لم‌یکن یلتئم مع وجهة نظر أرسطو نفسه و یری أنهم یریدون أن یوافقوا کل شيء مع آرائهم المعینة سلفاً (ن.م، 306a1-9). والتراب، حسب هذا النظام، یستحق اسم العنصر أکثر من أي شيء آخر وهو العنصر الوحید الذي لایقبل الفساد. ذلک لأن التراب یتجزأ هو وحده إلی جسم آخر، فالشيء غیرالقابل للتجزئة، سیکون غیر قابل للفساد و [مستحقاً لاسم] العنصر (ن.م، 306a19) ولکن بروکلوس دافع عن وجهة نظر أفلاطون هذه (و التي انتقدها أیضاً الکثیر من الباحثین المعاصرین) (غاتري، V/ 283-284).

وقد بحث أرسطو بالتفصیل حول عدم صحة رأي الأشخاص الذین یؤمنون بظهور العناصر من مبدأ واحد للأشیاء (الأسطقسات)، أو النظریة الذریة (وجود جزء لایتجزأ) و کذلک وجهة نظر أفلاطون الذي کان قد استثنی التراب من دورة تبدیل العناصر («في السماء»، III.iii-viii، المیتافیزیقا، 989a22ff، «في الکون و الفساد»، II. Xi, 329a8). وحسب وجهة نظر أرسطو، فإن العناصر المتناقضة في کیفیة و مشابهة في الکیفیة الأخری، یمکن أن تتحول إلی بعضها البعض، وتکون عملیة تحول العناصر علی شکل دورة: فیظره من النار (الحارة والجافة) الهواء (الحار والرطب)؛ من الهواء، الماء (البارد والرطب)؛ من الماء، التراب (البارد و الجاف) و أخیراً من التراب، النار (الحارة والجافة) («في الکون و الفساد»، II.iv-v).

ویری أرسطو أن السماء (أو العالم وتبعاً له الأرض) واحدة («في السماء»، I. vii-ix؛ المیتافیزیقا، 1074b31) لیست حادثة ولاهي ستزول (لاتقبل الکون و الفساد، «في السماء»، I.x-xii). ویتجلی بوضوح من الاستدلالات التي یطرحها في جمیع أرجاء هذا الکتاب أنه هو أیضاً کان یعتبر الأرض قدیمة (فهو یری أنه لم‌یکن یوجد شيء باسم ظهور العناصر و کذلک الأرض بحیث یمکن الحدیث عن کیفیته) و بالتالي، فقد ذکر عن الاستدلال علی کرویة الأرض، ظهور الأرض باعتبارها الشقوق الممکنة لبحثه فقط (ن.م، 297b14).

 

وجهات نظر علماء العصر الإسلامي

کان الرازي الطبیب والفیلسوف الإیراني البارز، من أتباع النظریة الذریة و کان یعتقد بوجود الفراغ. ویذکر ناصرخسرو أن الرازي اعتبر في کتابه العلم الإلهي جمیع العناصر مزیجة من جوهر الهیولی وجوهر الفراغ مع هذا الاختلاف بأن جوهر الهیولی في التراب بالنسبة إلی العناصر الدخری أکثر و جوهر الفراغ أقل (ناصرخسرو، زادالمسافر، 50، 74) وما ظهر صلباً من أجزاء الهیولی، هو جوهر الأرض وماهو أوسع... هو جوهر الماء (ن.م، 69). وسبب صلابة التراب بالنسبة إلی العناصر الأخری، کثرة نسبة أجزاء الهیولی إلی أجزاء الفراغ (ن.م، 74). ولکن ناصرخسرو یری أن هذا الکلام فاسد. لأن الله یعتبر نفسه فاطر السماء بالإبداع: «بدیع السماوات والأرض» في حین أن الرازي یری أن الأرض والأشیاء الأخری ظهرت من شيء آخر (أجزاء الهیولی و الفراغ) (ن.م، 72).

وقد طرح ابن‌سینا عند الرد علی آراء الفلاسفة الطبیعیین الذین کانوا یرون أن أصل الوجود شيء واحد، أو عدة أشیاء، الکثیر من الآراء المذکورة أعلاه بشکل مجمل و أتی ببعض الأدلة في الرد علیها. و علی سبیل المثال، فقد قال رداً علی من اعتقد بالأرض بوصفها مبدأ للموجودات: یمتنع التراب بعد التبعثر، عن التجمع و التشکل، وبالإضافة إلی ذلک فإن کان التراب هو الغالب في جمیع الأشیاء، فیجب أن یغوص کل شيء في الماء (الشفاء، الطبعیات، «الکون و الفساد»، 82-87). وقد أورد أیضاً بعض الأدلة، في الرد علی الأشخاص الذین اعتبروا التراب و النار، أو التراب و الماء هما الأصل (ن.م، 88-89).

وقدأشار أبوالهیثم أحمد بن الحسن الجرجاني في القصیدة التي کان قد نظمها لأمیر بدخشان، في الأبیات التالیة إلی مسألة خلق الأرض والسماء و تقدم أحدهما علی الآخر:

روا بود که نخـست آسمان پدیـد آمد

که أو قویتر و آنگه زمین و کوه و بحار

ویا نخست زمین بود، کوست مرکز دور

و دایره نبــود جـــز به نــقطۀ پـــرگار

پس ارچـنین شمري چـون بإیستاد زمین

و گــرد گــردش خــالـي ز دائـرۀ دوّار

وإن ناصر خسرو في جامع الحکمتین، الذي ألفه رداً علی هذه القصیدة، یتوصل أخیراً بعد بیان مراد الشاعر و ذکر المسائل المختلفة إلی هذه النتیجة وهي «لم‌یکن بین السماوات المخلوقة والمبدعة والقولیة وبین أراضیها أي تقدم و تأخر» (ص 255-263).

 

شکل الأرض و موقع الأرض الساکنة في السماء؛ حاجة، أو عدم حاجتها إلی مسند

الصفحة 1 من10

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: