أفغانستان

الخصائص السكانية ونظام مواضع العيش

نظراً لتنوع الظواهر الطبيعية والتضاريس، فإن سكان أفغانستان توزعوا في البلاد بشكل غير متوازن. وفي كثير من المناطق الصحراوية وشبه الصحراويـة الجنوبية الغربية، وكـذلك الأقسام الجبليـة ــ إلا في الوديان ــ لاتوجد مواضع للعيش، أو تجمعات إنسانية تذكر (برونينغ، 81,88؛ عن انتشار السكان، ظ: الجدول 1). 
والمناطق الحدودية لأفغانستان عادة جافة وخالية من السكان: في بعض المناطق الواقعة على حدود إيران وكذلك الحدود الشمالية للبلاد تغلب الأراضي الصحراوية، كما أن أجزاء واسعة من الأراضي الوديانية لجبال سليمان الممتدة تقريباً بموازاة الحدود الشرقية، بكر وخالية من السكان. وعلى هذا، فإن المظهر العام لهذه البلاد التي هي هضبية في وسطها ومنبسطة نسبياً في الحافات، أدى إلى أن يكون مستقر السكان فقط في مناطق ومراكز مناسبة محددة وبشكل خاص في المناطق التي تتوفر فيها المياه اللازمة (نيول، 3). وبطبيعة الحال، فإن أجزاء واسعة من المناطق الصحراوية اليوم كانت قبل ذلك مشمولة بشبكات الري ومن الأراضي الخصبة (برونينغ، 81)، لكن عوامل منها انهدام السدود وإهمال منشآت الري في القرنين 7و8 ه‍ / 13و14م إثر هجمات المغول المتلاحقة، أدت إلى أن تفقد المدن والقرى الواقعة على ضفتي نهر هلمند، ازدهارها (فرهنگ، 1 / 669-670). يعيش عدد كبير من سكان أفغانستان في مناطق الوديان على امتداد الأنهار، أو أقدام الجبال وعرصات مدن قديمة مثل بلخ وهراة وكابل وقندهار وغزني (م.ن، 1 / 4-5؛ برونينغ، 88). ولاتتوفر معلومات إحصائية منظمة ودقيقة عن السكان وخصائصهم في أفغانستان. ولذا فقد نشرت معطيات متباينة بهذا الشأن في المصادر المختلفة؛ بل إن الإحصائيات المتوفرة في السجلات الرسمية لهذه البلاد لاتخلو هي الأخرى من النقص بسبب عدم الدقة في جمع المعلومات أحياناً (غروتسباخ، 14-15؛ أيضاً ظ: غريغوريان، 10). وفي أوائل القرن 20م قدر سايكس عدد سكان هذه البلاد بخمسة ملايين نسمة تقريباً (II / 217). وفي 1389و1391ه‍ / 1969و1971م عُدّ هذا العدد 5 / 16 مليون (برونينغ، ن.ص) و 5 / 17 مليون نسمة على التوالي (بريتانيكا، ماكرو، I / 169). بينما خمنها البعض في 1390ه‍ / 1970م بين 11-12 مليون نسمة (نيول، 12). وقد أعلنت دائرة الإحصاء في أفغانستان عدد سكان البلاد بحوالي 16 مليون نسمة في 1393ه‍ / 1973م (غروتسباخ، 17)، بينما قدره البعض باختلاف مبالغ فيه بين 8-15 مليون نسمة (غريغوريان، ن.ص). 
وقد أجرى الإحصاء الرسمي الأول والوحيد في أفغانستان في خرداد 1358 / حزيران 1979، كان عدد سكان البلاد بموجبه 358,551,15 نسمة، يشكل السكان غير المستقرين 5 / 2 مليون نسمة منهم (رافرتي، 225). وعلى الرغم من ارتفاع معدل الولادات ومعدل الحمل اللذين كانا في الفترة 1400-1405ه‍ / 1980-1985م، 9 / 48 بالألف و 9 / 6 نسمة على التوالي («حولية بريتانيكا»، 764)، فإن عدد سكان هذه البلاد كان في تناقص بسبب النزاعات الداخلية، بحيث إن حوالي 20٪ من السكان وهو ما يزيد على 3 ملايين نسمة أبعدوا عن ديارهم حتى أوائل 1404ه‍ / 1984م كان ثلثهم تقريباً ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة (رافرتي، ن.ص). ومن جهة أخرى، قدر المستشار السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد سكان أفغانستان في 1986-1987م بحوالي 7 / 16 مليون نسمة، يعيش 11 مليون منهم فحسب في الأراضي الأفغانية (شهراني، 43). وكان هذا العدد دالاً على هجرة القسم الأعظم من السكان (1 / 34٪). وعلى هذا، فإن 2 / 3 مليون نسمة (1 / 56٪ من مجموع المهاجرين) يعيشون في باكستان و4 / 2 مليون نسمة (1 / 42٪) يعيشون في إيران (ن.ص). وتدل هذه الأرقام على أن أفغانستان هي الدولة الأولى في العالم، من حيث كثرة المهاجرين منها (ن.ص). ومع استمرار عمليات الهجرة قدر عدد سكان هذه البلاد في 1408ه‍ / 1988م بحوالي 9-10 ملايين نسمة (فرهنگ، 1 / 4). 
و استنـاداً إلى آخر المعطيات (1415ه‍ / 1994م)، فإن عـدد سـكـان أفـغـانـستـان كـان 000 ,879 ,18 نـسـمـة («الـحـولـيـة 
الإحصائية ...»، «1-5»). وعُدّ 5 / 44٪ من سكان أفغانستان تقل أعمارهم عن 15 سنة (ظ: «حولية بريتانيكا»، 747)، ويوضح هذا أن المجتمع الأفغاني مجتمع يافع. و إن 5 / 68٪ من السكان ممن تزيد أعمارهم على 15 سنة، أميون. وهذه النسبة هي 85٪ بين النساء و 8 / 52٪ بين الرجال («الحولية الإحصائية»، «21-23»). وعلى هذا، فإن 89٪ من السكان ممن تزيد أعمارهم على 25 سنة لم يتلقوا التعليم على الإطلاق، وإن 5 / 6٪ منهم درسوا المرحلة الابتدائية، لكن 3 / ·٪ منهم فحسب أنهوا تلك‌المرحلة (ن.م، «1-45»). 

ونموذج العيش في أفغانستان قائم على 3 أساليب: الترحال والسكنى في القرى والسكنى في المدن (نيول، 25)، و إن 20٪ من سكان البلاد هم في المدن، بينما يعد 10٪ من الرحل أصحاب الماشية (فرهنگ، 1 / 5)، أما الباقي، فيعيشون في 22 ألف قرية (شهراني، 45). و قد ذكر أن عدد المراكز الريفية في أفغانستان 18 ألفاً (هيمن، 10) و 15 ألفاً (بريتانيكا، ماكرو، I / 168). وأن 
عدد الرحل الأفغان حوالي مليوني نسمة (نيول، 7). وعلى الرغم من أن هؤلاء الرحل يتمتعون بأجواء أوسع في علاقاتهم مقارنة بالقرويين، إلا أنهم مرتبطون بالقرى بشكل رئيس من حيث تبادل السلع (م.ن، 22). ويعدّ الرحل غالباً من أرهاط وقبائل الپشتون (بريتانيكا، ن.ص)، وبطبيعة الحال، فإن ترحالهم السنوي يخلق مشاكل ومعضلات على الدوام، خاصة وأنهم ووفقاً للتقاليد وبحثاً عن المراعي وتبادل السلع، يعبرون الحدود الدولية بسهولة (نيول، 12). 
ومواضع العيش القروية في أفغانستان هي أرياف صغيرة يضم بعضها عدة أسر فحسب. وقد بنيت مواضع عيش كهذه غالباً بشكل قلاع صغيرة ضمت كل واحدة منها عدة بيوت طينية يرتبط سكانها ببعضهم في الغالب (بريتانيكا، ن.ص). وفي هذه القرى تملك كل أسرة عدة رؤوس من المواشي تأخذها في الصيف إلى المراعي الواقعة في المرتفعات، وتعيدها في الشتاء إلى الريف (ن.ص). وعُدّت قرى أفغانستان مجتمعات منعزلة وقائمة على العلاقات القومية ـ القبلية («دائرة المعارف»، 300)، التي أهم سماتها الاكتفاء الذاتي، برغم أن هذه المجتمعات ارتبطت بالمدن في السنوات الأخيرة لسد احتياجاتها اليومية (هيمن، ن.ص). 
ويعد الحصول على الماء أحد العوامل المصيرية في تشكل مراكز الحياة الدائمية في أفغانستان، بحيث إن الكثير من المدن الثابتة في هذه البلاد ظهرت إلى الوجود على مواضع التقاء الأنهار، أو الطرق التجارية الرئيسة. وبطبيعة الحال، فإنه إلى جانب مصادر المياه الأساسية، فقد سببت الدوافع الاقتصادية والثقافية ظهور مدن عريقة مثل هراة وبلخ وقندهار وغزني وكابل (نيول، 3؛ غريغوريان، 11). وقد أدى نهر كندز في شمال أفغانستان إلى ظهور عدة مدن أكبرها اليوم مدينة كندز، وإلى الغرب منها ظهرت مدينتا مزار شريف وبلخ (نيول، ن.ص). وقد ظهرت هراة في غرب البلاد والتي كانت تعد «فُرضة» لخراسان وفارس وسجستان (الإصطخري، 210)، قرب الحدود الحالية لإيران في وادي هري رود الخصب والواسع، ويمر به طريق مشهد المهم (مكمن، 6). وأُنشئت قندهار بوصفها أكبر مدينة في جنوب البلاد في سهل واسع يستقي مياهه من أرغنداب وبقية فروع هلمند (نيول، ن.ص)؛ وكانت قندهار القديمة تقع بين المدينة الحالية وأرغنداب (فريزرتايتلر، 317). وكانت لبُست على شاطئ نهر هلمند أهمية كبيرة طوال التاريخ بوصفها ثاني مدينة كبيرة في بلاد سجستان (لسترنج، 344)، وكانت تعد محط رحال التجار (حدود العالم، 103). أما كابل العاصمة الحالية للبلاد، فتقع إلى الجنوب من هندوكوش على ضفة نهر كابل وعلى الطريق التجاري بين شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى (بريتانيكا، ن.ص). وهكذا، فإن جاريكار (حاضرة ولاية بروان) تعدّ من المراكز المهمة بسبب وقوعها على طريق هندوكوش (غروتسباخ، 71). وكانت شبورغان (شبرغان) ذات النعم الوفيرة تقع على جانب الطرق الرئيسة (حدود العالم، 98)، وغزني ذات النعم الوفيرة جداً، محط رحال التجار (ن.م، 104). 
وكان وجود مدن كهذه على حدود هذه البلاد يشجع الأجانب غالباً على احتلالها. وكمثال، فإن كابل بوصفها بوابة الهند الإستراتيجية كانت محط الأنظار لغرض الدفاع عن الهند من جهة وكذلك للهجوم عليها من جهة أخرى (بريتانيكا، ن.ص). وإن آثار حياة الترحال هي من الخصائص التاريخية والجديرة بالاهتمام في المجتمع المدني الأفغاني، التي كانت قد أدت إلى أن يصبح عدد سكان المدن مصحوباً بتباين فصلي شديد حتى القرن 19م: فكان عدد السكان الشتوي في مدينة جلال آباد حوالي 10 أضعاف عدد سكانها الصيفي. أغلب سكان مدن أخرى مثل ميمنة، طالقان، كندز وشبرغان كانوا يمضون الصيف في الخيام في الأراضي الزراعية، أو البساتين المحيطة بالمدينة، أو أن أهالي سبزوار (شيندند) كانوا يهاجرون إلى الجبال في الصيف. والمدن الكبرى مثل كابل وقندهار وهراة وغزني هي الوحيدة التي لم ‌يكن لها وضع كهذا (غروتسباخ، 26). وفضلاً عن ذلك، فإن عدم الاستقرار السياسي، والاجتماعي ـ الاقتصادي الذي كان مصحوباً غالباً بزوال مراكز القوى في المنطقة وإهمال صيانة مؤسسات الري، كان يضطر السكان المقيمين إلى الترحال (غريغوريان، 12). وتشير تقارير القرن 19م إلى اضمحلال الحياة المدنية وخلو أسواقها من الازدهار في أفغانستان. وعلى الرغم من اضطراب الأوضاع هذا عُزي إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية آنذاك (ظ: غروتسباخ، 20)، لكن بعض ذلك نُسب إلى اكتشاف الطرق البحرية في الفترة التي سبقت ذلك وفقدان طريق الحرير أهميته (نيول، 11). 
وفي القرن 20م، استعادت بعض مدن أفغانستان أهميتها (ن.ص). وبطبيعة الحال، فإن مدن أفغانستان كانت حتى سنة 1930م تقريباً ماتزال محافظة على بنيتها وأساليبها التقليدية، وكانت تفتقر إلى أية سمة الجذب التي في المدن الحديثة. لذا، كانت المدن تعدّ مراكز إدارية، أو أسواق قروية محيطة بها، وكان العمل السائد من صنف الأنشطة الزراعية (غروتسباخ، 31). 
وتعدّ فترة حكم أمان الله خان (1337- 1348ه‍ / 1919-1929م) منعطفاً في تطور المدن واتساعها في أفغانستان (م.ن، 30). ومنذ حكم محمد نادرشاه (1348-1352ه‍ / 1929-1933م) وما بعده تم ترميم أغلب مدن هذه البلاد ومنها غزني وكلات وقندهار وسبزوار وفراه وهراة وقلعه نو وميمنة وبلخ ومزارشريف وأيبك وجاريكار، أو أُعيد بناؤها (م.ن، 32). وخلال هذه الفترة، تغير وجه كابل بشكل كامل: تحولت منطقة «شهر نو» إلى محلة تضم الإدارات المختلفة والسفارات الأجنبية (ظ: ريدار، 17) وتشكلت مراكز تجارية على امتداد نهر كابل. وهكذا ومع إنشاء وحدات سكنيـة جديدة اتسعـت هذه المدينـة ــ بوصفها العاصمة ــ مـن جانبي الشمال والغرب (غروتسباخ، 31، 33). وفي 1376ه‍ / 1957م بدأت عملية إعادة بناء مزار شريف، ومن بعدها في 1379ه‍ / 1959م تم تحديث مدن أندخوي وآقچة وطالقان، ومن 1382ه‍ / 1962م بدأت عملية إعادة بناء مدينة جغجران. وفي 1383ه‍ / 1963م بدأت عملية إعادة بناء مدينتي جلال آباد ولشكرگاه. وأخيراً ومنذ 1387ه‍ / 1967م بدأت عملية تحديث مدينة مهترلام (ن.ص). وفضلاً عن ذلك، اكتسبت المدن الواقعة على الطرق الخارجية الرئيسة أهمية جديدة: كابل في الشرق على طريق باكستان والهند؛ قندهار في الجنوب على الطريق الخارجي ـ التجاري لكويته وبلوخستان باكستان؛ هراة في الغرب على الطريق المتصل بطريق مشهد وبقية المدن الإيرانية وأخيراً في الشمال مزار شريف باتصالها بميناءي خليفة وترمذ على ساحل جيحون (نيول، 11). 
وقد أدى تأسيس المؤسسة المركزية للإسكان وتخطيط المدن بكابل في 1384ه‍ / 1964م إلى زيادة حركة العمران في المدن والاتجاه إلى السكن فيها. وقد نفذت مؤسسة مشاريع المدن وتخطيطها في 1390ه‍ / 1970م مشاريع فيما يقارب 80٪ من المدن التي يسكنها ما يزيد على 10 آلاف نسمة وكذلك المدن الأصغر وأسواق المحلات (أسواق السبت) وظلت قندهار وهراة فقط بعيدتين عن مثل تلك المشاريع (غروتسباخ، 33-34، 38). واليوم، فإن المدن المهمة في أفغانستان بعد العاصمة (كابل بما يزيد على مليون نسمة) هي: قندهار، مزارشريف، هراة، جلال آباد وكندز التي يتراوح عدد سكانها بين 50-200 ألف نسمة (شهراني، 44 ؛ «حولية بريتانيكا»، 752؛ أيضاً ظ: الجدول 1). 

الخصائص الاقتصادية

على الرغم من التباين البيئي والتنوع القومي على مستوى بلاد أفغانستان، فإن نموذج اشتغال واحد وأساليب حياتية عيشية موحدة تسودها: تعتمد حياة 85٪ من السكان على الزراعة وتربية المواشي، بينما تعد نسبة مئوية ضئيلة من مساحة البلاد الصالحة للاستفادة منها (برونينغ، 88؛ أيضاً ظ: «حولية بريتانيكا»، 538؛ «دائرة المعارف»،292). ويبين هذا الأمر ــ فضلاً عن عدم تطور هذه البلاد ــ حقيقة أن اقتصاد أفغانستان قائم بشكل رئيس على الزراعة التقليدية وأن الصناعة لها دور ضئيل جداً فيها (شتيلتس، 1). 
وقد تباعدت الأراضي الخصبة في أفغانستان غالباً عن بعضها بواسطة الجبال والصحارى («دائرة المعارف»، ن.ص)، بحيث أدت خصيصة البيئة الطبيعية هذه إلى أن يقتصر نطاق الأراضي الصالحة للزراعة على الوديان وقيعان الأنهار (نيول، 5). وقد انتشرت هذه الوديان الضيقة والعميقة التي يقع الكثير منها في المناطق النائية، بشكل أكبر في الأجزاء الوسطى والشمالية الشرقية والشرقية والمناطق الجنوبية ـ الوسطى المحاطة بسهل تركستان الخصب وأقدام الجبال في الشمال والشمال الغربي، وسهول هراة ـ فراه وحوض سجستان ووادي هلمند في الغرب، وكذلك الصحارى الجنوبية الغربية (شهراني، ن.ص). وبسبب قلة المياه السطحية من حيث الكم والكيف وكذلك ندرة تساقط الأمطار، تعتمد مصادر مياه الزراعة على الشبكات القنواتية (غريغوريان، 12) والمرتبطة بدورها بمقدار الثلوج الدائمة في الأقسام الوسطى لهندوكوش وكيفية جمع مصادر المياه وخزنها (نيول، 4). ومع هذا، فإن الوديان الخصبة التي تسود فيها الزراعة السيحية وبشكل خاص في وديان أنهار كابل وهري رود خلقت في أقسامها الواسعة مناظر خضراء خلابة على حافات الجبال الخالية من الغطاء النباتي (برونينغ، 81). وعلى هذا، فإن جزءاً ضئيلاً فقط من مجموع مساحة البلاد تتم زراعته، أما بقية الأجزاء، فهي إما سهبية، أو من المناطق الجبلية التي ينتفع الرحل وبقية أصحاب المواشي من غطائها الفصلي من النباتات والأعلاف (بريتانيكا، ماكرو، I / 169). ومـن جهة أخرى، فإن تحديـد المناطق الاقتصاديـة ــ وبشكـل خاص على أساس الأنشطة الحديثة والصناعية، مع التأكيد على نوع الأنشطة في هذه البـلاد ــ ليس بالأمر العملي، لكن على أساس المناطق الرئيسة في المدن حُددت المناطق الاقتصادية التالية: كابل، قندهار، هراة، مزارشريف، كندز وجلال آباد (شتيلتز، 31-32). ومهما يكن، فإن الاعتماد الاقتصادي لهذه البلاد على حياة الرعي والزراعة التي استمرت طوال القرون الستة الماضية على الأقل، يبين عدم تطور العلاقات الاقتصادية وتوسيعها في البلاد (نيول، 8). 
وعلى الرغم من تمتع أفغانستان بالثروات الطبيعية التي يمكنها أن تكون أرضية مناسبة لتوسيع الصناعات والأنشطة الحديثة، فإن العقبات الاجتماعية ـ الاقتصادية المختلفة حالت دون تشكل نظام سياسي راسخ وحديث في هذه البلاد (م.ن، 1). وإن سكان الريف في تناقص ويغلب أسلوب العيش العشائري (الترحال وشبه الترحال) على مختلف جوانب الحياة في أفغانستان (م.ن، 8). ولذا، فإن عدم تطور اقتصاد أفغانستان، عُدّ السمة البارزة له (رافرتي، 225). 
ومنذ 1398ه‍ / 1978م ساد تدهور ملحوظ في أغلب النواحي الاقتصادية في البلاد. وإن هجرة ملايين الأفغان من سكان القرى وتحولهم إلى لاجئين، لم يؤد إلى تناقص الأيدي العاملة فحسب، بل أدى إلى تلف المحاصيل والثروة الحيوانية وتدمير القنوات في كثير من المناطق. وفضلاً عن ذلك، فإن بعض المزارعين اتجهوا مرة أخرى إلى حالة الاكتفاء الذاتي في الإنتاج («دائرة المعارف»، 300). ومع كل ذلك، فإن الزراعة ماتزال تحظى بأهمية بالغة، بحيث يبلغ نصيب هذا القسم في الإنتاج الوطني الإجمالي للبلاد 65٪ ؛ وتشكل نسبة صناعات المعامل والبناء 15٪ و4٪ على التوالي؛ ونسبة قسمي استخراج المعادن والخدمات 3٪ لكل واحد منهما («حولية بريتانيكا»، 771). وكان معدل الدخل السنوي للفرد بأفغانستان في 1406-1407ه‍ / 1986-1987م، 160 دولاراً (شهراني، (ن.ص).