الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أفریقیا /

فهرس الموضوعات


III. اللغات الأفريقية 

على الرغم من أن أفريقيا تُعرف في الجغرافيا المعاصرة بوصفها قارة واحدة، لكن الأوضاع الطبيعية للقارة قسمتها إلى أجزاء متميزة، وبشكل خاص الصحراء الكبرى، فقد فصلت الجزء الشمالي من هذه القارة عن أفريقيا الوسطى والجنوبية، أو بعبارة أخرى أفريقيا الواقعة وراء الصحراء. وفي الشمال الشرقي من القارة أيضاً، كان لحوض نهر النيل على الدوام وضع داخل القارة مختلف عن الأراضي الواقعة في غربها. وعلى هذا، كان شمال أفريقيا من جهة مرتبطاً بآسيا وأوروبا، وشرق القارة أيضاً مرتبط بحرياً من جهة أخرى بآسيا. وقد تركت هذه الخصيصة تأثيراً ملحوظاً في الطابع القومي والثقافي لشمال أفريقيا وشرقها، وتبعاً لذلك تجلت في الخصائص اللغوية أيضاً، بحيث توجد في هذه المناطـق أعضاء فصائل مـن اللغات عُرف أقاربها في قـارة أخرى. 
وأفريقيا قارة كبيرة ذات تنوع واسع، من حيث التركيب القومي، ومن حيث التوزيع اللغوي أيضاً، عُرف فيها ما يزيد على 000,1 لغة مستقلة؛ إلا أن هذا التنوع لم يوزع بشكل متساوٍ في أرجاء القارة ومن بين ذلك، يلاحظ أغلب التنوع في القسم الأوسط من القارة. وفي القسم الشمالي من أفريقيا تكون اللغة الغالبة هي العربية، بينما تغلب مجموعة لغات البانتو في الثلث الجنوبي من القارة. وإن ما يمكن الإشارة إليه هو منطقة محدودة للغات من غير البانتو في صحراء كالاهاري وشمال تنزانيا مثلاً. 

الفصائل اللغوية والإثنوغرافيا التاريخية

أفريقيا قارة كبيرة بشعوب وثقافات متنوعة جداً ظلت أقسام منها وإلى القرون الأخيرة مجهولة لسكان آسيا وأوروبا،كما أن شطراً ملحوظاً من أقسامها المعروفة، كانت تكتنفه على الدوام هالة من الغموض ومزيج من الرموز. ومن أوائل العقبات التي تواجه كل باحث، قلة المصادر التاريخية المدونة التي تستطيع إيضاح العلاقة بين التاريخ الإنساني واللغات المحلية في أفريقيا. وعلى الرغم من وجود البحوث الواسعة التي أُنجزت حتى الآن حول اللغات الأفريقية، ومع قليل من العودة إلى التاريخ، فما نزال نفتقر إلى الكلام الذي يمكن قوله حول قسم كبير من لغات هذه القارة. 
وتدل اللُّقى الأثرية على وجود نوع من الإنسان المنتصب القامة عاش قبل حوالي مليون سنة في منطقة أفريقيا الواقعة وراء الصحراء وعثر على نماذج من عظامه في أفريقيا الجنوبية وشرق أفريقيا. واستناداً إلى نظريات علم الإنسان، فإن هذا الإنسان كان له من الذكاء ما يمكّنه من التكلم. و في حوالي 40 ألف سنة قبل الميلاد وبحسب لُقىً لإنسان النياندرتال، فإن علماء الإنسان يرون أن نياندرتال ماوراء الصحراء، أو إنسان روديسيا هو نوع خاص ومتميز عن النياندرتال الذي كان يعيش في أوروبا وشمال أفريقيا. وفيما يتعلق بنوع الإنسان الحالي عُرفت 5 أعراق محددة في أفريقيا كان من بينها 4 أعراق محلية من نوع ماوراء الصحراء؛ وفي حوالي 000 ,8 سنة قبل الميلاد كان عرق زنجي يعيش في غابات وآجام أفريقيا الغربية والنيل ـ الصحراويون في الثلث الأوسط من وادي النيل والمناطق المحيطة به، بينما يسكن البشمان والأقزام في النصف الجنوبي من القارة، والأقوام الحامية ـ السامية في الشمال والشمال الشرقي من القارة (مك إيودي، 22-29). 
كما كانت لهذه الأُسر العرقية خصائصها اللغوية أيضاً وبغضّ النظر عن هجرة بعض الشعوب، أو استحالتهم، فإن التصنيف العرقي المذكور هو بشكل عملي مسوِّغ للتصنيفات اللغوية في أفريقيا في الوقت الحاضر أيضاً. ومن بين الأعراق الخمسة الرئيسـة نسـي الأقـزام ــ متأثرين بالمهاجريـن الزنـوج ــ لغتهـم بقبولهم لغة أولئك وينبغي البحث عن التراث اللغوي لهذا العرق ليس في اللغات المستقلة، بل في رواسب آلاف السنين في طيف من لغات البانتو. وعلى هذا، يمكن العثور على التماثل بين المجاميع العرقية الأربع المتبقية وبين الفصائل اللغويـة الأربع الرئيسة في أفريقيا: 1. الفصيلة الأفرو ـ آسيوية المرتبطة بالعرق الحامي ـ السامـي (لغات شمال أفريقيا وشرقها)؛ 2. الفصيلة النيل ـ صحراوية المرتبطة بالعرق النيل ـ صحراوي؛ 3. الفصيلة النيجر ـ كونغوية المرتبطة بالعرق الزنجي؛ 4. فصيلة خويسان2 المرتبطة بالعرق البشماني (لغات أفريقيا الواقعة وراء الصحراء). 

ألف ـ لغات شمال وشرق أفريقيا

قُسمت اللغات المتشكلة في هذه المنطقة والتي تدعى فصيلة اللغات الأفرو ـ آسيوية، أو الحـاميـة ـ الساميـة فـي تصنيـف داخلـي علـى النحـو التـالـي: 1. المجموعـة السـاميـة وتشمـل لـغـات فـي آسيـا وأفـريقيـا؛ 2. المجموعة المصرية في مصر؛ 3. المجموعة البربرية في شمال أفريقيا؛ 4. المجموعة الكوشية في القرن الأفريقي؛ 4. المجموعة التشادية في حوض بحيرة تشاد. ومن بينها، فإن لغات المجاميع الثلاث الأول هي الممثِّل الوحيد للغات الأفريقية التي يمكن العثور على مدونات منها تعود إلى العصور القديمة، ودراسة تطورها التاريخي، أما المجموعتان الأخيرتان، فقد عُرفتا فحسب ضمن لغات معاصرة مهمة محدودة. 
2. اللغات السامية: لدى دراسة المجموعة السامية، تتبادر اللغة العربية إلى الذهن أكثر من أية لغة، حيث كانت على مدى أكثر من 300,1 سنة من تاريخ القارة، أهم لغة ثقافية مشتركة بين الشعوب، والتي نفذت تزامناً مع اتساع نفوذ الإسلام في القارة. واليوم، فإن العربية هي اللغة الأصلية لسكان شمال أفريقيا من مصر حتى موريتانيا. وقد وجدت هذه اللغة طوال تاريخها المديد في هذه المنطقة الواسعة وغير المتناسقة، لهجات متنوعة (لدراسة هذه اللهجات، ظ: عبود، 439 ff.). ومع هذا، فإن اللغة العربية (العربية الكلاسيكية) لغة آسيوية شقت طريقها إلى أفريقيا وإن تلك الفئة من اللغات السامية التي عُدّت محلية في القارة هي اللغات المتعلقة بالقرن الأفريقي والتي لها صلة قربى باللغة العربية الجنوبية (أيضاً بشأن جزيرة لغوية عربية جنوبية في الصومال، ظ: تشرولي، «مجموعة...»، 25 ff.). وقد فُسرت صلة القربى هذه بأن أجداد ساميي الحبشة هاجروا من جنوب الجزيرة العربية إلى القرن الأفريقي في هجرة تمت سنة 000,1 ق.م تقريباً. وقد انبرى هودسن في مقالة له لدراسة الترابط بين التصنيف اللغوي ودور الساميين في بلاد الحبشة فيما قبل التاريخ (ص 119 ff.). 
وأهم اللغات السامية الأفريقية هي اللغة الجعزية، أو اللغة الحبشية الكلاسيكية والتي تشكل النقوش المكتوبة بالخط السبئي ومن بعده بالخط الجعزي الخاص بالعصر الأكسومي، أقدم النماذج الباقية منها (من القرن 4م). وقد تكاملت اللغة الجعزية في القرون الوسطى كلغة أدبية وأُلفت فيها كتب دينية وتاريخية وغيرها. وتعود الآداب الجعزية إلى بيئه مسيحية، ولم تكن لها علاقة وثيقة بالعالم الإسلامي؛ لكن ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار أن اللغة العربية في عصر النبي (ص) كانت متأثرة بهذه اللغة إلى حد ما (كمثال، ظ: جفري، 12-14). وكان هذا التأثر واضحاً، بحيث لم يكن مفسرو القرآن في عهد الصحابة والتابعين يستنكفون عن طرحه. وكان أشخاص مثل ابن عباس وبعض تلامذته مثل مجاهد يبحثون عن عدد من المفردات القرآنية الغريبة وغير المألوفة في المفردات الحبشية (الجعزية) (عن مجموعة من هذه الروايات، ظ: السيوطي، 39 وما بعدها). 
إن الدراسة المقارنة للآداب الجعزية والمصادر الإسلامية المتقدمة في موضوعات مثل القصص الديني، تظهر أنه كانت هناك علاقة بين هذين المجالين الأدبيين لم تتم البحوث اللازمة بحقها حتى الآن. وكان ابن النديم قد رأى في القرن 4ه‍ / 10م، مخطوطة من كتاب بالخط واللغة الحبشيين في خزانة المأمون (ص 21). ويظهر هذا النموذج أن التراث الحبشي لم يكن مهملاً خلال ازدهار حركة الترجمة والتعرف إلى التراث الثقافي للأمم المختلفة في العصر الإسلامي المتقدم. وفي القرن 7ه‍ / 13م، كان في متناول أبي حيان الغرناطي في مصر قدر من الموضوعات والمعلومات يمكّنه من دراسة خصائص هذه اللغة في كتاب يحمل عنوان نور الغبش في لسان الحبش (ظ: الصفدي، 3 / 238). 
ومن بين اللغات السامية المعاصرة في القرن الأفريقي، فإن أقرب اللغات إلى الجعزية هي لغة التيجرة الشائعة في منطقة واسعة من إريتريا و جزر دهلك ومحافظة كسلا في السودان، ويتحدث حوالي 3 ملايين نسمة في محافظة تيجرة (إثيوبيا) وأجزاء من إريتريا بلغة تيجرينيا. كما يوجد عدد من اللغات السامية تأثر إلى حد ما باللغات الحامية المجاورة (الكوشية)، ويمكن أن نذكر منها لغات مهمة مثل الأمهرية وهي اللغة الرسمية في إثيوبيا ولغتين محدودتي التداول خاصتين بالمسلمين، أي أرغبا في منطقة أنكوبر في شمال أديس أبابا، وهرري لغة مدينة هرر في شرق إثيوبيا والتي يسكنها المسلمون. ولأغلب اللغات المذكـورة ــ عـدا أرغبـا ــ فـي الفترة المتأخـرة آداب ملحوظة وأقدمها الآداب الأمهرية التي يعود تاريخها إلى القرن 14م. وللآداب الهررية أهمية خاصة، من حيث تعلقها بالعالم الإسلامي. وإن لغة بعض الآثار الإسلامية في المجالين الديني والأدبي بالخط العربي والمتبقية من القرن 18م، اعتبرت من قبل الباحثين هررية قديمة (ظ: ليتمان، 21 ff. ؛ ولفنزن، 266-267؛ عن معلومات شاملة، ظ: لسلاو، 467 ff.). 
2. اللغات المصرية: خلافاً لبقية المجاميع، فإنه لاينبغي البحث عن تنوع اللغات المصرية في التنوع المتزامن للغات ذات القرابة، بل في المراحل التاريخية للغة أهل مصر. فقد قُسمت اللغة المصرية القديمة التي هي إحدى أهم اللغات القديمة في الحضارة البشرية بدورها إلى عدة مراحل: المصرية القديمة (ح 3000-2200 ق.م)، المصرية الوسيطة، أو المصرية الكلاسيكية (ح 2200-1600 ق.م)، المصرية المتأخرة (ح 1500-700 ق.م)، المصرية الديموطية (ح 700 ق.م-400م)، وأخيراً اللغة القبطية التي تشكلت في مصر منذ القرن 2م وظلت باقية حتى اليوم بشكل محدود بطبيعة الحال (ظ: كريستال، 115؛ باكر، 1). ومع دخول المسيحية مصر، بدأت بالنمو اللغة القبطية بوصفها متأثـرة بالاتجاه الهليني، واتُّخذ لها ــ خلافاً للغة المصريـة القديمـة ــ خط مستند إلى الخط اليونانـي. 
وإثر فتح مصر على أيدي المسلمين في 24ه‍ / 645م وتحول مصر إلى بلد إسلامي بسرعة، انتشرت اللغة العربية في مصر بوصفها لغة المسلمين. وخلال عدة قرون، نشأ في هذا البلد وضع انحصرت فيه اللغة القبطية إلى مستوى لغة دينية للأقلية المسيحية. وتدل الإشارات الموجودة في المصادر الخاصة بالقرن 2ه‍ / 8 م على أن اللغة القبطية كانت ماتزال في ذلك القرن شائعة بين المسلمين المحليين في مصر (ظ: مسند زيد، 327)، لكن استناداً إلى رواية المقدسي، فإن القبطية كانت في القرن 4ه‍ / 10م لغة الأقلية المسيحية المصرية فحسب (ص 203). وقد استمر تدوين نصوص بهذه اللغة حتى القرن 8ه‍ / 14م، ومنذ ذلك الحين وما بعده أصبحـت بقايا هذه اللغة مقتصرة على اللغة الدينية للكنيسة القبطية (عن دراسة شاملة، ظ: فرغوته، 531 ff.؛ پولوتسكي، .558 ff). 
و في القرون المتمادية قبل الإسلام وفي العصر الإسلامي دُوّنت آثار جمة باللغة القبطية تُعدّ اليوم ضمن تراث العالم الشرقي؛ لكن لايبدو ومع وجود القرب الجغرافي أن مستوى ارتباط عرب الحجاز والمسلمين في صدر الإسلام باللغة القبطية و آدابها كان بمستوى الحبشية وكشاهد على ذلك يمكن الانتباه إلى الروايات الخاصة بمعربات القرآن وأن ما طُرح في المصادر عن العلاقة بين المفردات القرآنية واللغة القبطية هو معدود جداً أولاً، وخاص بالمصادر الأكثر تأخراً عن عصر الصحابة والتابعين ثانياً (مثلاً ظ: السيوطي، 142-144). والدليل على المعرفة القليلة للمسلمين المتقدمين باللغة القبطية هو نسبة بعض المفردات لهذه اللغة مما لاعلاقة له بها على الإطلاق. وإن روايات من قبيل أنه يقـال فـي اللغـة الـقبطيـة لـ «الأولـى» «الآخـرة» و لـ «الآخـرة» «الأولى»، أو أن «وراء» وردت فـي الـقبـطيـة بـمـعنـى «أمـام» و«بطائن» بمعنى «ظواهر» (ظ: الزركشي، 1 / 288-289؛ السيوطي، ن.ص)، لايمكن أن تُعَدّ جادة بشكل دقيق. 
3. اللغات البربرية: إن العلامات المتبقية من اللغات البربرية لما قبل الإسلام محدودة جداً، وتقتصر على عدة نقوش مكتوبة بالليبية القديمة. ومع الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا في أواخر القرن الأول الهجري، دخلت اللغة العربية المنطقة بوصفها منافساً قوياً للغات البربرية. وسرعان ما حققت نجاحاً في هذه المواجهة على الرغم من أنه لم يكن بالقدر الذي حققته في مصر. وقد خسر شطر كبير من سكان المنطقة شيئاً فشيئاً وإثر اعتناقهم الإسلام، بعض السمات الثقافية البربرية، وأحلّوا خلال عدة قرون اللغةَ العربية محل لغاتهم المحلية. وفي القرن 4ه‍ ، كانت اللغة الشائعة بين سكـان المغـرب وبشكل خـاص خـارج المـدن، هـي البربريـة (ظ: المقدسي، 243). وكانت الخصائص اللغوية البربرية قد تركت حتى في هذه الفترة آثارها على اللهجات العربية في المنطقة وتجاوزت القارة، فأثرت في اللهجات العربية بإسبانيا وصقلية ومالطة (مثلاً ظ: غارثيا غومث، III / 465-467). 
ولايمكن الدفاع من الناحية التاريخية عن إقامة علاقة بين اللغات البربرية ولغة القرآن العربية، لكن بعض علماء القرون الأولى مثل أبي عبيد القاسم بن سلام وشيذلة كانوا يسعون إلى اعتبار بعض الكلمات القرآنية معرَّبة عن البربرية، دون الاستناد إلى قاعدة لغوية رصينة (مثلاً ظ: أبو عبيد، 2 / 235؛ الزركشي، 1 / 288؛ السيوطي، 150). 
إن الأقلية التي عُرفت في تاريخٍ امتدّ لألف وثلاثمائة سنة بوصفها المحافظة على اللغات البربرية تمثّلت في المسلمين الذين قادهم إلى هذا الاتجاه دافعان مختلفان، لكن منسجمان أحياناً. الدافع الأول هو رغبة بعض المجاميع البدوية في مواصلة الحياة البدوية التقليدية وإيثار العزلة عن المنطقة المستعربة المتمدنة. والدافع الثاني هو بعض الاتجاهات السياسيـة ـ الدينية المتطرفة التي كانت ترى أن فصل ثقافة أنصارها عن الثقافة العربية السائدة يصب في مصلحة تحقق أهدافها. وهكذا وفي عداد البربر المحافظين على اللغة المحلية، يمكن أن نميز من جهة المجاميع الدينية ـ السياسية المتحالفـة ذات الأنشطة الثقافيـة الواسعة مثل الإباضية ــ وإلى حدما الموحّديـن ــ ونصادف من جهة أخرى القبائل البدوية المبتلاة بالفقر الثقافي الشديد. ولدى الإشارة إلى تعامل الإباضيين مع اللغة البربرية، يجدر ذكر أن كتّابهم اعتبروا أحياناً العرب أعداءلهم والبربر أنصاراً لهم (الدرجيني، 1 / 39)، بل كان في روايات الإباضيـة في المغرب معتقد بـأن الله عز وجـل عندما كلـم موسى (ع) خاطبه بادئ الأمر باللغة البربرية (ظ: الورجلاني، 2 / 67). 
وقد خلّفت الفرق الدينية التي تميل إلى اللغة البربرية، آداب قليلة بشتى اللهجات البربرية الوسيطة بالخط العربي، ويمكن تقسيمها إلى 3 مجاميع متميزة: 1. الآثار الخاصة بالفرقة الإباضية في العقائد والفقه بشكل رئيس؛ 2. الآثار الخاصة بالموحدين وبشكل خاص المؤلفات العقائدية والفقهية لابن تومرت؛ 3. الآثار الخاصة بالمالكية من أهل السنة والمتمحورة حول ترجمات للقرآن الكريم (ظ: ن.د، البربرية، آداب). 
واليوم، فإن الجزر الناطقة بالبربرية لها اتساع متناثر يمتد من واحة سيوة (مصر) في الشرق حتى ساحل موريتانيا ـ السنغال في الغرب، ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط في الشمال حتى الحافة الجنوبية للصحراء في الجنوب، لكن، أكبر تمركز لهذه الجزر في الجزائر والمغرب. ويبلغ مجموع الناطقين بهذه الفصيلة من اللغات حوالي 12 مليون نسمة (كريستال، 42). وفي الماضي، فإنه على الرغم من كون نطاق نفوذ اللغات البربرية لم يكن قد ذهب بعيداً إلى هذا الحد، إلا أن نطاقه في المنطقة كان متصلاً ببعضه. ومن بين هذه الجزائر تجدر الإشارة إلى لغات القبيل في الجزائر، والريفي وشلحة في المغرب، والطوارق وتَمَشِك في الصحراء. وفيما عدا قبيلة الطوارق التي حافظت لفترة طويلة على استخدام نوع من الكتابة الهجائية البربرية المسماة «تَفَنْغ»، فإن بقية القبائل الناطقة بالبربرية في هذه المجتمعات استفادت من هذه اللغة في المحادثة فقط (عن دراسة شاملة، ظ: أپل غيت، .586 ff). وفي العقود الأخيرة جرى الاهتمام بالمعلومات اللغوية لتوسيع نطاق البحـوث الخاصة بعلم الإنسان التاريخي للبربر (مثلاً ظ: بينون، 64 ff.). 
4. اللغات الكوشية: اقتُبست تسمية اللغات الكوشية من اسم كوش في العهد القديم، و الذي هو اسم قبلي، وإن الخلفية التاريخية لمعرفة الأمم الأخرى بهذه اللغات محدودة جداً. ومن بين ما يجدر ذكره، إشارة مهمة لابن النديم في القرن 4ه‍ تقوم على أن أمة البجة (أهم الأمم الكوشية) كانت على عهده تستخدم لكتابة لغتها خطاً، لكن نماذج تلك الكتابة لم تقع في يده (ص 21). والروايات المتوفرة في المصادر العربية عن مملكة البجة في العصور الإسلامية المتقدمة وعلاقة شعبها بالبلدان المتحضرة (مثلاً ابن عبد الحكم، 189) تدعم القول بأن لغة البجة القديمة التي ذكرها ابن النديم كانت من حيث الأهمية لغة بمستوى النوبية، أو قريبة منها. وفي دراسات علم اللغة المتأخرة بذلت جهود لمعرفة وإعادة بناء عناصر «اللغة الكوشية الأم». 
ومن بين مجموعة اللغات الكوشية الحالية، فإن أهمها هي اللغة الصومالية التي اعتُرف بها لغة رسمية إلى جانب العربية في الصومال، ويعيش جزء من 5 / 5 مليون نسمة من الناطقين بها خارج هذه البلاد، في كينيا والحبشة وجيبوتي (عن كتاباتها وآدابهـا، مثـلاً ظ: تشرولـي، «نصوص...»، 861 ff.؛ لـويس، 134 ff.). واللغة الكوشية الأخرى التي ينطق بها كثيرون هي أورومو، أو غالا التي يتحدث بها حوالي 10 ملايين نسمة في جنوب إثيوبيا و قسم من شمال كينيا (عن دراسة شاملة، ظ: بامر، 571 ff.؛ عن الببليوغرافيا، ظ: پودولسكي، القسم I ، 144 ff.). 
5. اللغات التشادية: من بين أهم اللغات التشادية يجدر أن نذكر لغة الهاوسا المعترف بها في نيجريا الشمالية وتلعب دور لغة وسيطة في منطقة أوسع من ذلك. وكانت هذه اللغة في القرون الأخيرة لغة كتابة بعض النصوص ومنها كتابات وورنو التاريخية أيضاً (مثلاً ظ: فيليپس، 192 ff.). 
واللغات الأوموطية هي فصيلة من اللغات الشائعة في غرب إثيوبيا وشمال كينيا ينطق بها حوالي مليوني نسمة وتعرف في تصنيف اللغويين بأنها الفرع الغربي للغات الكوشية حيناً، والفرع السادس المستقل من فصيلة اللغات الأفرو ـ آسيوية حيناً آخر (ظ: كريستال، 168, 277). 

 

الصفحة 1 من10

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: