الصفحة الرئیسیة / المقالات / الله /

فهرس الموضوعات

أما في الفلسفة الإسلامیة علی خلاف التفکیر الأرسطي فإن الله یلتفت بشدة إلی عباد ویتم التعبیر عن هذا الالتفات بتعابیر من مثل العلم والعنایة والفیض والمحبة. إن إله الفلاسفة المسلمین عالم بنفسه کما هو عالم بالعالم وهو علم غیر قابل للتغییر وأزلي ومنبعث عن الذات ولیس مقتبساً من العالم (الفارابي، الدعاوي، 119-120؛ ابن سینا، التعلیقات، 337). لقد حاول الفلاسفة المسلمون بالاستناد إلی علم بنفسه إثبات علم الله بغیره بمعنی أن الله عالم بنفسه وإن ذاته مبدأ کل نظام خیرّ، لذلک فإن الله عالم بالکون للقصد الثاني (الفارابي، ن.م؛ ابن سینا، «الإنصاف»، 26-27).
غیر أن علم الله بغیره في الفلسفة الإسلامیة یعد بدایة الخلق وسبباً لظهور الکائنات علی خلاف العلم الإلهی في التقالید الیونانیة (الفارابي، ن.ص؛ ابن سینا، الشفاء، الإلهیات، 363، التعلیقات، ن.ص). کما یتم تفسیر مفهوم العنایة الإلهیة علی أساس العلم بمعنی أن الله محیط علماً بالکائنات ونظامها أوّلاً وثانیاً بأنه عالم بأن النظام الأحسن للعالم وظواهره بترتیبها الخاص قد ظهر منه، وثالثاً إن علمه یکفي لفیضان الأشیاء وصدورها ورابعاً إن هذا الصدور مبني علی الرضي لاعلی الفاعلیة بالقصد أو بالطبع (م.ن، الإشارات، 3 / 38، الشفاء، الإلهیات، 415؛ السهروردي، «اللمحات»، 234؛ صدر الدین، الشواهد، 39).
لایوجد اختلاف بین الفلاسفة المسلمین في تعریفهم بالعنایة الإلهیة غیر أنهم مختلفون في معنی العلم المستخدم فیها، فابن سینا یعتبر علم الله بغیره عبر الصور العلمیة ارتسامیة ( الإشارات، 3 / 298-300، 303، 304)، ولکن السهروردي یصف العلم الإلهی بأنه حضوري وإشراقي («المشارع ...»، 479-487) واعتبره صدر الدین الشیرازي استناداً إلی القاعدة «بسیط الحقیقة کل الأشیاء» علماً بسیطاً إجمالیاً في عین الکشف التفصیلي ( الشواهد، 39-40؛ للاطلاع علی تقریره حول آراء ابن سینا والسهروردي، ظ: المبدأ، 134).
لقد تم تفسیر المحبة الإلهیة للموجودات في أجواء الحکمة المشائیة کالعلم الإلهي. فالله یحب نفسه والذات الإلهیة مبدأ کل نظام خیرّ فنظام الخیر محبوبه بالقصد الثاني (ابن سینا، التعلیقات، 186، البند 274). فالسهروردي تحدث في عدة مواضع من «حکمة الإشراق» عن حب النور الناقص للنور العالي وعن کره النور العالي للنور الناقص (ص 213-214). غیر أن کلامه هذا لایعني إنکار حب الله للمخلوقات حیث فقد صرح في کتابه بأن کل سبب نوري یحب مسبَّبه أو یکرهه (ص 148) غیر أن تبیین حب الله للعالم علی أساس حکمة الإشراق علی خلاف الحکمة المشائیة، یتم في مدار العلم الحضوري الإشراقي لا العلم الحصولي (ظ: ن.م، 152-153).
أما صدر الدین الشیرازي فقد تحدث بطریقتین مختلفتین بناء علـی أساسین فلسفیین مختلفین ــ الـوحدة التشکیکیة للوجـود والوحدة الشخصیة للوجود ــ عن حب الله للظواهر والکائنات أي الحب التشکیکي والحب الشخصي اللامتناهي ( الشواهد، 145، المبدأ، 157- 158). ویقول مرکّزا علی الأسس الثلاثة أي الوجود والعلم والحب إن هذه الثلاثة حسب الترتیب تعد سبب وجود الکائنات وسبب العلم وسبب حبه لها (مفاتیح ... ، 270).
لقد تم استنتاج وجود الإله في الفلسفة الأرسطیة من وجود الکون، حیث یثبت وجود الله بثلاثة براهین هي: برهان درجات الکمال وبرهان معرفة الغایة وبرهان الحرکة (متافیزیک، گ 993  b). لقد انتقل اتجاه أرسطو لمعرفة الحیاة في إثبات الله إلی استدلالات الفلاسفة المسلمین بینما انتقدوا برهان الحرکة لدي أرسطو وکذلک انطباعه عن الله، حیث إن ابن سینا یعتبر إله برهان الحرکة محرکاً فحسب ولا علة مانحة للحیاة («الإنصاف»، 23)؛ غیر أن ما اکتسب أهمیة وشهد تطوراً أکثر في الفلسفة الإسلامیة من بعد ابن سینا هو الاتجاه الخاص بمعرفة الوجود لإثبات وجود الله (للمزید حول هذه البراهین، ظ: ن.د، براهین إثبات البارئ).

المصادر:

   ابن سینا، الإشارات والتنبیهات، مع شرح نصیر الدین الطوسي، قم، 1375ش؛ م.ن، «الإنصـاف: شـرح کتـاب حـرف الـلام»، أرسطـو عنـد العــرب، تق‍ :، عبد الرحمن البدوی، الکویت، 1987م؛ م.ن، التعلیقات، تق‍ : حسین موسویان، طهران، 1391ش؛ م.ن، الشفاء، الإلهیات، تق‍ : جرج قنواتي وسعید زاید، القاهرة، 1380ق / 1960م؛ م.ن، المبـدأ والمعـاد، تق‍ : عبد الله نورانـي، طهران، 1363ش؛ تیلر، إ، اي، أرسطو، تج‍ : مهدي کهنداني، طهران، 1390ش؛ جیلسون، اتین، روح فلسفه قرون وسطی، تج‍ : علی مراد داودي، طهران، 1379ش؛ خراساني، شرف الدین (شرف)، نخستین فیلسوفان یونان، طهران، 1387ش؛ رازي تهراني، قوام الدین محمد، «عین الحکمة»، مجموعة مصنفات، تق‍ : علی أوجبي، طهران، 1389ش؛ السبزواري، ملاهادي، التعلیقات علی الشواهد الربوبیة، تق‍ : جلال الدین آشتیاني، مشهد، 1360ش؛ السهروردي، یحیی، «التلویحات»، «المشارع والمطارحـات»، «المقاومات»، مجموعة مصنفـات ج، 1، تق‍ :  هنـري کوربن، طهـران، 1355ش؛ م.ن، «حکمـة الإشراق»، ن.م، ج 2، تق‍ : هنري کوربـن، طهران، 1355ش؛ م.ن، «اللمحات»، ن.م، ج 4، تق‍ : هنـري کوربن وآخرین، طهران، 1375ش؛ الشهرستاني، عبد الکریم، الملل والنحل، قم، 1364ش؛ الشهـرزوري، محمـد، رسائل الشجـرة الإلهیة فـي علوم الحقایـق الربانیـة، تق‍ : نجف قلي حبیبـي، حبیبي، طهران، 1383ش؛ صدر الدین الشیرازي، الأسفار الأربعة، قم، 1378-1389ه‍ ؛ م.ن، تفسیر القرآن الکریم (أیة الکرسي)، تق‍ : محمد خواجوي، قم، 1379ش؛ م.ن، رسالة في الحدوث، تق‍ : حسین موسویان، طهران، 1378ش؛ م.ن، شـرح أصـول الکافي، ط الحجریة، طهـران، 1391ه‍ ؛ م.ن شرح الهدایة الأثیریـة، تق‍ : محمد مصطفی فولادکار، بیروت، 1422ه‍ ؛ م.ن، الشواهد الربوبیة مع حواشي الملاهادي السبـزواري، تق‍ : جلال الدین آشتیانـي، مشهـد، 1360ش؛ م.ن، المبـدأ والمعـاد، تق‍ : جــلال الدیـن آشتیانـي، طهـران، 1354ش؛ م.ن، مفاتیـح الغیــب، تق‍ : محمد خواجوي، طهران، 1363ش؛ الفارابي، آراء أهل المدینة الفاضلة ومضاداتها، بیروت، 1995م؛ م.ن، «أغراض ما بعد الطبیعة»، الثمرة المرضیة في بعض الرسالات الفارابیـة، ط فردریک دیتریسي، لیدن، 1890م؛ م.ن، الجمع بین رأیي الحکیمین، تق‍ : آلبرنصری نادر، بیروت، 1986م؛ م.ن، الدعاوي القلبیة، حیدرآباد الدکن، 1349ه‍ ؛ م.ن، شرح رسالة زینون الکبیر الیوناني، حیدرآباد الدکن، 1349ه‍ ؛ م.ن، «فصوص الحکمة»، نصوص الکلم علی کتاب فصوص الحکم أبو فراس محمد الحلبي، تق‍ : علی أوجبي، 1389ش؛ فیروزجائي، یارعلي، نوآوریهاي فلسفه اسلامي، قم، 1387ش؛ الکندي، یعقوب، «الإبانة عن العلة الفاعلة القریبة للکون والفساد»، الکندي وفلسفته، تألیف محمد عبد الرحمن مرحبا، بیروت، 1985م؛ م.ن، «الفاعل الحق الأول التام والفاعل الناقص الذي هو المجاز»، «في الفلسفة الأولی»، رسائل الکندي الفلسفیه، تق‍ : محمد عبد الهادي أبو ریدة، القاهرة، 1950م، ج 1؛ میرداماد، محمد باقر، الأفق المبین، تق‍ : حامد ناجي إصفهاني، طهران، 1391ش؛ م.ن واحمد علوي، تقویم الإیمان وشرحه کشف الحقائق، تق‍ : علی أوجبي، طهران، 1376ش؛ نصری نادر، آلبر، مقدمة علی الجمع بین رأیي الحکیمین (ظ: هم‍ ، الفارابي)؛ وأیضاً:

 

Aristotle, De Anima ; id, Ethica Eudemia, id, Metaphysica; Burnet, J., Early Greek Philosophy, London, 1920; Copleston, F., A History of Philosophy, New York, 1962; Diels, H., Die Fragmente der Vorsokratiker, Griechisch und Deutsch, ed. W. Kranz, Berlin, 1934-1935; Jaeger, W., The Theology of the Early Philosophers, Oxford, 1967; Plato, Nomoi ; id, Parménidès ; id, Politeia ; id, Timaios; Ross, D., Aristotle, London / New York, 1995.
عبد الله صلواتي / گ.


VI. الله في التصوف

لقد کان الله في تاریخ التصوف الإسلامي دوماً المحور الأصلي للتأملات النظریة وهدفاً في السلوک العملي واهتم المتصوفة بهذا الموضوع الأساسي من منطلقات عدة. فقد کانوا کسائر المسلمین یؤکدون مبدأ التوحید الاعتقادي غیر أنهم اهتموا بوجوهه المختلفة کالتوحید الذاتي والصفاتي والأفعالي لینظروا إلی علاقة الله بالإنسان والحیاة من منطلقات مختلفة. وقد اتخذ هذا المفهوم بمرور الزمن أبعاداً نظریة وفلسفیة جدیدة شأنه في ذلک شأن سائر المفاهیم والمصطلحات الشائعة بین المتصوفة. وقد زادت مباحثه النظریة تعقیداً في رؤیة ابن عربي الصوفیة. یتناول هذا المقال الأبعاد المختلفة لهذا المفهوم الأساسي والمهم:

1. التوحید: 

إن أهم مبحث مرتبط بمعرفة الله وأّبرز میزة لله في منظور المتصوفة هو توحید الله ووحدانیته، حیث یضم کإطار نظري جمیع المواضیع المرتبطة بالله (سواء في ذلک المباحث المرتبطة بالصفات والأفعال أو علاقته بالإنسان والعالم).
لقد ألفّ کثیر من المتصوفة کتباً عن التوحید أو خصصوا قسماً من آثارهم له. إنهم یرون أن للتوحید أنواعاً ومراتب. فعلی سبیل المثال هناک بعض المتصوفة الذین یفصلون بین توحید الله (أي علم اللّه تعالی بوحدانیته) وبین توحید الخلق (أي علم العباد بوحدانیة الله) (الهجویري، 357؛ ظ: روزبهان، 155؛ أحمد جام، أنس ... ، 27). کما أن فریقاً آخر قد قسموا توحید الخلق إلی ثلاث مراتب هي توحید العوام وتوحید الخواص وتوحید الخاص الخاص (أو الأخص). وهي تعني حسب الترتیب الإقرار بوحدانیة الله والسیر من النفس إلی الحق وفي نهایة المطاف السیر من الحق إلی الحق (م.ن، حدیقة ... ، 24، 27- 28).
کما أن فریقاً آخر من المتصوفة کانوا یؤمنون بأربع مراتب حسب کیفیات إدراک العباد لله تعالی فهي التوحید الإیماني والتوحید العلمي والتوحید الحالي والتوحید الإلهي. ویوضح عز الدین محمود الکاشاني (تـ 735ق / 1335م) هذه المراتب الأربع قائلاً: إن المرتبة الأولی تشیر إلی الإقرار اللساني بألوهیة الحق ومعبودیته بسبب التصدیق القلبي للآیات والأخبار مما یخرج الشخص عن الشرک الجلي ویدخله في عداد المسلمین. ففي رأیه یشترک المسلمون في هذه المرتبة من التوحید غیر أن المراتب التالیة تخص المتصوفة والعارفین بالله وتحصل نتیجة السلوک والمجاهدة وبواسطة اللطف الإلهي؛ لذا فإن ماهیتها المعرفیة تختلف تماماً عن التوحید الذي یحصل علیه الفلاسفة والمتکلمون نتیجة الاستدلال.
أما المرتبة الثانیة من هذا التصنیف فهي التوحید العلمي أو علم الیقین وهي المعرفة التي یحصل علیها العبد في بدایة طریقة السلوک ویدرک بکل یقین أن الموجود الحقیقي والمؤثر المطلق هو الله وأن جمیع الذوات والصفات والأفعال ذائبة في ذاته وصفاته وأفعاله ولاتساوی شیئاً. أما المرتبة الثالثة أو التوحید الحالي فهي تعني أن حال التوحید تلازم ذات الموحد نتیجة نور المشاهدة وتضمحل ظلمات رسوم وجوده إلاّ قلیلاً منها بغلبة إشراق نور التوحید وتتلاشی. ففي هذا المقام یصبح وجود الموحّد في مشاهدة جمال وجود الواحد مستغرق عین الجمع، حیث لا یری بنظره الشهودي إلاّ ذات الواحد وصفاته. لاتوجد وراء هذه المرتبة من التوحید مرتبة أخری للإنسان. أما المرتبة الرابعة وهي التوحید الإلهي أو التوحید الکامل فهي خاصة بالله والمراد من هذا التوحید هو أن الحق کان منعوتاً بنعت الفردانیة وموصوفاً بوصف الوحدانیة منذ أزل الآزال بنفسه لابتوحید الآخرین وسیظل علی هذا الوصف حتی أبد الآباد وإن عزته الفردانیة وقهره الوحداني لایفسحان المجال للغیر، ومن البدیهي أن توحید الملائکة والناس لن یکون توحیداً کاملاً بسبب نقصهم الوجودي (عز الدین، 19-22؛ أیضاً ظ: جنید، 55-57).
لم یکن المتصوفة في آثارهم یسعون إلی إثبات وجود الله عبر المنطق علی خلاف المتکلمین ولم یتطرقوا إلی ذلک إلاّ في حالات نادرة مثل طرح براهین إبطال الدور والتسلسل. إن المتصوفة وبشکل عام یرون البشر عاجزین عن إدراک الذات الإلهیة ویرون أن من الممکن فقط إدراک بعض أبعاد الأسماء والأفعال الإلهیة شریطة المساعدة الإلهیة (اسیری، 58؛ الهجویري، 392 وما بعدها؛ عطار، مختارنامه، 75).
کان فهم المتصوفة المتقدمین عن الذات الإلهیة محدوداً في الغالب بالقرآن والسنة ومعتمداً علیهما وذلک بسبب وجود الأحادیث والروایات التي تمنع عن التفکیر في ذات الله. وفي الأدوار التالیة وعلی الرغم من اصطباغ الإلهیات الصوفیة بصبغة فلسفیة عبر متصوفة من أمثال ابن عربي إلاّ أن حظر البحث عن الذات الإلهیة ظلّ مستمراً کسابق عهده مع فارق طفیف وهو ظهور ألفاظ أکثر تنوعاً من مثل (الأحدیة، الهویة والألوهیة والإنّیة ومقام الإطلاق و... ) في الإشارة إلیها.
علی هذا الأساس ومن منطلق رؤیة کثیر من المتصوفة فإن الذات الإلهیة أو (النفس الإلهیة) مطلق قدوس لاتقبل التقیید والنسبة ولاتتحمل اسماً أوصفة (آل عمران  / 3 / 30؛ ابن عربي، زبدة ... ، 1 / 42، 47؛ عطا، 345؛ کابلستن، 149؛ زرین کوب، 106؛ أشرف، 146؛ اسمیث، 198). یری الصوفیة أن أهم وسیلة وأنجعها في سبیل المعرفة الإلهیة هي الکشف والشهود والتي تعد نوعاً من الإدراک المباشر ولکون قابلیة الشهود متاحة لجمیع البشر بشرط العنایة والفیض الإلهیین فإن الطرق إلی اللّه والوصول إلیه بعدد أنفس الخلائق. ولایخفی أن للشهود مراتب أیضاً وکما ورد آنفاً فإن ادراکات الخواص والعوام متفاوتة. کما أن هناک إمکانیة أن یقیم الإنسان توازناً باستخدام أداة العقل لیمیز الکشف الإلهي عن الهجمـات الشیطانیة والعلـم الخیالي (تشیتیـک، 72، 86؛ أیضـاً ظ: جنید، 53-54).

2. الأسماء والصفات الإلهیة: 

إن مایفهم من آثار غالبیة المتصوفة هو أنّ رؤیتهم تقتضي أن وجود الله أصیل ومتقدم بالمقارنة مع ماهیته، غیر أنهم اهتموا في آثارهم بماهیة الله أکثر من غیرها (الأسماء والصفات والأفعال). ففي رأیهم عندما یتم إطلاق الذات علی صفة معینة من الصفات باعتبار تجلٍ من التجلیات فإن ذلک هو «الاسم» وإنّ التجلیات الإلهیة غیر قابلة للعدّ وقد عرف قلیل منها حسب الإرادة الإلهیة وقدرة الإنسان (مستملي، 262-263؛ عز الدین، 23-25؛ آشتیاني، 9). إن جمیع الأسماء الإلهیة تندرج تحت الاسم الجامع «الله» أو «الرحمن» وتندرج تحت اسم الله أي في مرتبة أدنی منه أمهات الأسماء أي الأسماء الأربعة: الأوّل والآخر والظاهر والباطن والتي تشمل جمیع الأسماء الإلهیة الأخری بشمول کلّي.
ومن ثم فإن من بین الأسماء المتعددة الأخری فإن هناک 7 أسماء والتي تدعی «الأئمة السبعة» وهي تحیط إحاطة کلیة علی الأسماء وهي بالنظر إلی التقدم والتأخر الموجودین فیما بینها عبارة عما یلي: الحي، العلیم، المرید، القادر، السمیع، البصیر والمتکلم. وقد أضاف بعض المتصوفة 3 صفات أخری علی هذه الصفات السبع واعتبروها 10 صفات أصلیة وهي ذو الوجود وذو الحکمة وذو النور (الجیلي، 47- 48؛ القیصري، 12-13؛ الخوارزمي، 32-33؛ علاء الدولة، العروة ... ، 74-75).
تنقسم الأسماء الإلهیة من منظور آخر إلی قسمین هما الأسماء السلبیة والأسماء الإیجابیة. فالأسماء السلبیة کالغني والسبوح والقدوس تظهر الوجه التنزیهي لله عن الحاجة والنقص وتؤکد علی إطلاقه بینما تتبادر إلی الذهن من الأسماء الإیجابیة أوجه تشبیه الله. وفي تقسیم من طراز آخر تنقسم الأسماء الإیجابیة نفسها إلی ثلاثة أقسام وهي الأسماء الحقیقیة (التي لاتحمل أي علامة من النسبة أو الإضافة کالحي والواجب والباقي) والأسماء الإضافیة (التي تحمل علامة النسبة والإضافة فیها کالرب والعلیم والمرید) والأسماء المحضة الإضافیة (کالأول والآخر).
ومن منظور آخر فإن بعض الباحثین قد قسموا الأسماء الإیجابیة إلی 4 مجموعات هي الأسماء الذاتیة والنفسیة والصفاتیة والفعلیة والتي یشتمل کل منها علی عدد من الأسماء الإلهیة (الخوارزمي، 28-29؛ الجیلي، 48-51).
من جانب آخر فإن للذات الإلهیة بحسب مراتب الألوهیة والربوبیة صفات متعددة ومتقابلة من مثل الرحمة والغضب واللطف والقهر والرضی والسخط و... وهي تنقسم حسب ارتباطها باللطف والرحمة الإلهیین أو بالقهر والغلبة والغضب الإلهي إلی مجموعتین هما حسب الترتیب الصفات الجمالیة والصفات الجلالیة (القیصري، 12؛ الخوارزمي، 30).
هناک اختلاف في وجهات النظر بین المتصوفة حول عینیة الاسم أو غیریته وهو یبدو مرتبطاً ببحث المتکلمین حول عینیة الصفات والذات الإلهیة. إن کثیراً من المتصوفة اعتبروا الصفات الإلهیة زائدة علی ذاته وذلک بسبب غلبة الآراء الأشعریة ومن ثم آراء الغزالي علی الفکر الصوفي کما أن قلیلاً منهم اعتبروا الصفات الإلهیة عین الذات وباعتبار آخر غیر الذات. إن هذا الاختلاف مرتبط بدوره بمبحث تناسب الصفات الإلهیة مع الصفات البشریة ومن ثم مبحث التشبیه والتنزیه الإلهیین.
إن من بین المتصوفة من یخالفون تناسب الصفات الإلهیة مع الصفات البشریة ویراها البعض الآخر من صنف واحد. کما أن منهم من قبل بالصفات الجسدیة (کالید والاستواء والنزول و ... ) للّه مؤکدین ضرورة الإیمان بها (وعدم السؤال عنها وعن کیفیتها) کما قام البعض الآخر منهم بتأویل هذه الصفات (المیبدي، 3 /  168-169؛ روزبهان، 170؛ عین القضاة، زبدة ... ، 38، شکوی ... ، 43؛ عز الدین، 27؛ طهراني، 224).
بعد الحدیث عن الصفات الجسدیة فإن موضوع إمکانیة رؤیة الله من المواضیع المطروحة أیضاً لدی الصوفیة فإجماعهم علی أن رؤیة الله في هذه الدنیا غیر ممکنة بعین الرأس ولکنها ممکنة یوم القیامة ومما لاشک فیه أن مشاهدة التجلیات الإلهیة في هذه الدنیا بعین الإیمان وبنظر البصیرة أمر ممکن الحدوث وهي ضرورية لتربیة السالک وإیصاله إلی الکمال (علاء الدولة، العروة، 125-129؛ الهجویري، 488-489؛ روزبهان، 155؛ عز الدین، 37- 38).
یری الصوفیة أن للأسماء والصفات الإلهیة بغض النظر عن أبعادها الخاصة بمعرفة الوجود خواص ومیزات وأن لکل واحدة منها تأثیرات خاصة علی العوالم الکبیرة والصغیرة. ففي بعض الفرق کالحروفیة والنقطویة هناک نظام متسق من العلاقات العددیة والألفبائیة في صور الأسماء الإلهیة وهي تٌظهر الأسرار الکامنة في الأسماء والآلیات اللازمة للاستفادة منها وبخاصة «الاسم الأعظم» الإلهي الذي یحیط بسائر الأسماء وهو یحتوي علی خواص جمیع تلک الأسماء (الجندي، 28؛ شیمل، 89، تاجدیني، 89).

الصفحة 1 من10

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: