الصفحة الرئیسیة / المقالات / الله /

فهرس الموضوعات

1. إن العالمین العلوي والسفلي المکوّنین من الجواهر والأعراض محدثان بالکامل وإن الدلیل علی حدوث هذین العالمین هو أن جمیع الأعراض (التي أثبتناها آنفاً) حادثة وسبب حدوثها هو أنه عندما یظهرالسکون تزول الحرکة وعندما توجد الحرکة یکون السکون قد زال فإذا کانت الأعراض کلها حادثة فالأجسام حادثة أیضاً إذ إن الأجسام لم تکن موجودة اطلاقاً دون الأعراض الحادثة وما لم یوجد من دون الحوادث فهو محدَث مثل الحوادث.
2. إن هذا العالم المحدَث والمصوَّر یحتاج إلی خالق ومصوِّر. وأساس هذا الزعم هو أنّ أي مکتوب یحتاج إلی کاتب ولاتوجد صورة من دون المصوِّر کما لایوجد مبنيّ دون وجود من یبنیه. فإذا ما أخبرنا أحد بأن هناک مکتوباً من دون کاتب أو تصمیماً من دون مصممّ أو منسوج من دون ناسج فإننا لانشک في جهل ذلک الشخص، لذا فإن الصور الموجودة في هذا العالم وحرکات الفلک التي تفوق أي تصمیم أو حرکة أکثر لطفاً وإثارة للعجب هي من فعل صانع صنعه.
3. إن ذلک الصانع الذي خلق محدثات العالم لن یکون محدثاً بل من الواجب أن یکون «قدیماً» إذ لو کان محدَثاً لکان محتاجاً إلی محدِث آخر وإذا کان ذلک المحدِث محدَثاً سیکون بحاجة إلی محدِث آخر وهکذا دوالیک؛ وإن هذا الوضع یُدعی التسلسل والتسلسل أمر مستحیل (ص 22-25).
إن الوصف المذکور عن برهان الحدوث والقدم الذي قبل به الکثیر من المتکلمین یفترض أن مناط حاجة حوادث العالم إلی «صانع قدیم» هو «الحدوث» ذاته. وهناک متکلمون آخرون یرون أن مناط حاجة حوادث العالم إلی صانع قدیم هو کونها ممکنة ولیس في حدوثها، علی الرغم من قبولهم ببرهان الحدوث والقدم. وإن وصفهم لهذا البرهان یتمثل فیما یلي:
إن کل حادث یتصف بالوجود، کان معدوماً من قبل؛ فهو، إذاً ممکن الوجود وإن تفضیل وجود کل ممکن الوجود علی عدمه یحتاج إلی مؤثر. والعالم الذي یعد عبارة عن مجموعة من الحوادث، ممکن الوجود أیضاً فلابد من أن یکون وجود العالم بحاجة إلی مؤثر (عضد الدین، 8 / 3-4).
بعد أن تأثر الکلام الإسلامي بالفلسفة المشّائیة عبر أفکار فلاسفة مسلمین من مثل الفارابي وابن سینا وآخرین أکثر من ذي قبل وأخذت المواضیع والقضایا والمناهج البحثیة قالب الفلسفة المشائیة في کتب المتکلمین فقد برهان الحدوث والقدم المبني علی حدوث الأجسام أهمیته السابقة وحل محل التعابیر السابقة عن الله من قبیل المحدِث والصانع والقدیم وما شابه ذلک تعبیر «واجب بذاته» أو «واجب الوجود لذاته» أو بالأخری أضیف إلی التعابیر السابقة وفیما یلي نماذج من ذلک:
الآمدی، غایة المرام في علم الکلام، «فصل في إثبات الواجب بذاته» (ص 7)؛ العلامة الحلّي، کشف المراد في شرح تجرید الاعتقاد، «المقصد الثالث في إثبات الصانع تعالی وآثاره» (ص 305).
کان اهتمام المتکلمین في هذه المرحلة منصبّاً علی «موجودیة الموجود» بدلاً من البرهان علی إثبات وجود الله ولیس علی حدوث الحادثات. وإن نفس الوجود هو الذي أصبح أساساً للبرهان ویمکن ذکر هذا البرهان باختصار شدید کما یلي:
إننا نعرف بداهة وبالمعرفة الضروریة أن هناک «موجوداً» فإذا کان ذلک الموجود واجب الوجود فقد بلغنا الهدف وإن لم یکن واجب الوجود فإنه محتاج بالضرورة إلی مؤثر موجود وإذا کان ذلک المؤثر واجب الوجود فإننا نکون قد بلغنا الهدف وإذا کان ممکن الوجود فإنه بالضرورة محتاج إلی مؤثر واجب الوجود وهکذا دوالیک ... ولکون الدور والتسلسل مستحیلین فإن وجود واجب الوجود ضروري لهذه الممکنات في الوجود؛ لذلک فإن واجب الوجود موجود في النهایة (العلامة، کشف، 305). لقد اکتسب برهان وجوب الوجود في القرون الأخیرة أهمیة کبیرة خاصة لدی الفلاسفة الشیعة حیث قبل به المتکلمون أیضاً وهنا نورد ملخصاً شاملاً في نفس الوقت عن هذا البرهان کما ذکره محمد حسین الطباطبائـي (تـ 1360ش / 1982م): «إن واقع الحیاة الذي لانشک في ثبوته بتاتاً لایقبل النفي والزوال أبداً. بعبارة أخری فإن واقع الحیاة هو واقع الحیاة من دون أي قید أو شرط ولایتحول إلی اللاواقع بأي قید أوشرط ولکون العالم یمضي ویقبل کل جزء من أجزائه النفي، لذا فإن عین الواقع ذاته لایقبل النفي بتاتاً بل إنه واقع بواسطة ذلک الواقع وبدونه فاقد للحیاة وقابل للنفي؛ طبعاً لایعنی ذلک توحّد الواقع مع الأشیاء أو نفوذه وحلوله فیها کما لایعني أن تنفصل أجزاء من الواقع وتنضمّ إلی الأشیاء بل کالنور الذي تستضيء الأجسام المظلمة به وتصبح مظلمة بدونه؛ غیر أن هذا المثال لایخلو من قصور في التعبیر عن المقصود وبالأحری فإنه عین الواقع ویصبح العالم وأجزاؤه واقعاً بواسطته وینعدم بدونه ویصبح لاشيء. النتیجة: إن العالم بأجزائه یعتمد في استقلاله الوجودي وکونه واقعاً علی واقع یعتبر عین الواقع وذات الواقع» (5 / 117-125).
«إن الکمالات والصفات العائدة إلی الوجود حسب التحلیل أي تلک التي تتمتع بوجود خارجي حقّاً تعد ثابتة علی الإطلاق لإله العالم، فإله العالم عالم وقادر وحيّ و... إن الصفات التي ترمز إلی العدم والزوال أي إنها غیر موجودة حقیقة کالجهل والعجز والفناء والفقر والحاجة والمعلولیة والاضطرار غیر موجودة في ذات الله ولعدم وجود الحاجة والقید في الله فإن أیة صفة کمالیة تعتبر عین ذاته وخارجة عنه إذ إن الکمال لن یتحقق خارج ذات الغني المطلق عن القیود» (ن.م، 5 / 177-180).
وحدانیة الله وصمدیته (التوحید):  لقد أولی أغلب المتکلمین المسلمین سواء في ذلک أتباع العقل أو النقل والسمع اهتماماً بالغاً بإثبات وحدانیة الله وصمدیته وذلک في معرض إیراد الاستدلالات العقلیة والنقلیة لإثبات وجود الله وصفاته وأسمائه (ظ: ن.د، التوحید).
کان المتکلمون الشیعة والمعتزلة أول من طرحوا فکرة «التوحید» کواحدة من سمات الإلهیات الإسلامیة للبحث والنقاش وذلک في القرن 2ق /  8م وقد حوّل أبو الهذیل العلاّف المتکلم المعتزلي الشهیر التوحید إلی عقیدة جزمیة (ظ: فان اس، IV / 358).
کان هدف هؤلاء من طرح هذا البحث نفي أنواع «الشرک» وإثبات توحید الله وصمدیته: «وحدة ذات البارئ تعالی»، «وحدة الصانع والخالق»، و«وحدة الإله»، «کونه واحديّ الذات»، «وحدة القدیم» و«وحدة واجب الوجود بالذات». إن هذه التصاویر وتعابیر متفاوته ذکرها المتکلمون عن وحدة ذات الله. کما أورد المتکلمون براهین متعددة لإثبات وحدة الذات الإلهیة من المنطلق العقلي وأهم هذه البراهین أربعة هي برهان تمانع، برهان امتناع وجود قادرین بالذات وبرهان استحالة تعدد واجب الوجود بالذات والبرهان السمعي أو النقلي (ظ، ن.د، التوحید).
الانتقال من الأسماء إلی الصفات:  کمـا ورد آنفـاً فـإن القرآن أسس العلاقة بین الإنسان وبین الله علی أساس استعانة الإنسان بالأسماء الإلهیة والاهتمام بأفعال الله غیر أن ما تحول إلی الحجر الأساس لمعرفة الله في الکلام الإسلامي بشکل تدریجي هو أوصاف الله ولیست أسماءه وصفاته وقد ذکرت أعداد مختلفة حول الأسماء الإلهیة فهي تتراوح مابین 40و99و101و360 (فان اس، IV / 428). وورد بعض من هذه الأسمـاء في القـرآن ولم یـرد البعض الآخر منها فیـه (کنموذج، ظ: ابن منده،کتاب التوحید).
کان الجهم بن صفوان (مق‍ 128ه‍ / 746م) وأتباعه القائلون بنفي أي صفة من الله یعتبرون مایبدو في القرآن في الوهلة الأولی کصفات الله علی أنها أسماء الله. ففي رأیهم إن هذه الأسماء عبارة عن التعابیر الإنسانیة عن الله حیث یدعونه بها ویرتبطون به عبرها وإلاّ فإن الذات الإلهیة منزهة عن الصفات.
کان الطبري علی درایة بأن التعالیم الخاصة بالصفات الإلهیة لم تطرح في عهد الرسول وکان أحد لایفکّر في الصفات الإلهیة في القرن 1ق / 7م، حیث کانت الإلهیات مبنیة علی الحدیث. کان الله یصوَرّ ککائن شبیه بالإنسان و«کشخص» بما تحمله الکلمة من معنی. وکان مثل هذا الإله لایعرف بشکل طبیعي بالصفات وإنما کان یعرف بالأفعال وعندما أنکر الجهم بن صفوان کون الله شبیهاً بالإنسان وکونه شخصاً واعتبره فوق هذه التصورات وغیر قابل للمعرفة بالعقل علی الإطلاق بدت ضرورة تمدید الحدود بین ماینسب إلی الله من قبیل العلم والقدرة والرضا والغضب والرحمة و... فقد تم التفکیر في حدود رضا الله وغضبه إزاء الأعمال الإنسانیة في مناطق شرق إیران کما نوقش موضوع الفصل بین العلم الأزلی الإلهي والإرادة الإلهیة في البصرة وقد قیل: إن مایعلمه الله منذ الأزل لایرتبط بإرادته. أما في الکوفة فإن الشیعة علی الأقل تخلّوا عن موضوع العلم الإلهی المسبق متحدثین عن ردة الفعل الإلهیة تجاه الأحداث «البداء» معتبرین أن إرادتة قابلة للتغییر (فالله لایحمل معه علمه وإرادته دوماً وبذلک تزول مشکلة الجمع بین الشرور وبین العلم الإلهي وإرادته) (فإن اس، IV / 441). یعتقد فولفسن أن شیوع تحدید الصفات للّه بین المتکلمین المسلمین وکذلک استخدام مصطلحي أو مفهومي «الذات» و«الجوهر» وکذلک الوجود والحکمة والقدرة والحیاة والعلم في تحدید هذه الصفات جاء تحت تأثیر التعالیم المسیحیة المتعلقة بالتثلیث (ص 60).

صفات الذات وصفات الفعل: 

إن أحد أقدم النصوص الکلامیة المکتوبة الذي وصلنا هو رسالة الفقه الأکبر المنسوب إلی أبي حنیفة. حیث قسم المؤلف فیها الصفات الإلهیة إلی صفات الذات وصفات الفعل ذاکراً إیاها علی النحو التالي: إن صفات ذات الله عبارة عن الحیاة والقدرة والعلم والکلام والسمع والبصر والإرادة؛ أما النماذج التي تدل علی صفات الفعل عند الله فهي: الخلق والرزق والعفو والإنشاء (للموجودات أو للأحکام) والإبداع والصنع وماشابه ذلک. إن هذه الصفات والأسماء ترافق الله منذ الأزل ولم تحدث له صفة جدیدة أو اسم جدید إطلاقاً (ص 14- 18). یعتقد أبو الحسن الأشعري بأنه یمکن اعتبار الله متصفاً بنوعین من الصفات: أولاً الصفات التي وصف الله نفسه بها في القرآن وأخبر رسوله بها وثانیاً الصفات التي تشیر إلیها أفعال الله وتدل علیها. ویقول في معرض تعداده لهذه الصفات: لقد أجمع المتکلمون (أو المسلمون) علی أن الله منذ الأزل «موجود» و«حيّ» و«قادر» و«عالم» و«متکلم» و«سمیع وبصیر» ثم یعدّد صفات مختلفة أخری: إن لله «الأمر التکویني» و«الیدین المبسوطتین» و«القبضة» و«المجيء» و«الرضا والغضب» فهو مستو علی العرش «الکرسي». إن حقیقة هذه الصفات غیر واضحة علینا ولایحق لنا تحدید نوعیتها غیر أن الإیمان بها واجب علینا. فالله یهدي من یشاء ویضلّ من یشاء وسوف یُری یوم القیامة وهو الذي یحدّد حسن الأعمال وقبحها وإن جمیع أحکامه وأعماله متطابقة مع العدالة سواء أدت هذه الأحکام والأفعال إلی إلحاق الأضرار بالإنسان والسوء إلیه أم أدت إلی سروره وفرحه. فقد حدّد الله أرزاق الناس وآجالهم قبل أن یخلقهم وقسمهم إلی   فریقین فریق یساقون إلی الجنة وفریق آخر یساقون إلی جهنم.
یعتقد الأشعري أن صفات الذات أو صفات الفعل هذه صفات حقیقیة غیر مجازیة ویستدل في ذلک علی أن إطلاق العالم أو القادر أو الحي علی الشخص لایتم إلاّ إذا کان العلم والقدرة والحیاة متوفرة فیه حقاً وعندما تطلق هذه الصفات علی الله ویقال بأنه عالم أو قادر أو حيّ فهذا یعني أنه فعلاً صاحب العلم والقدرة والحیاة ( أصول... ، 63-73). إن ماذکره سائر المتکلمین الأشاعرة عـن الصفـات الإلهیة شبیهة بمـا أورده أبـو الحسن الأشعـري (ظ: الباقلاني، البابین 17- 18 وکذلک 22).
لقد اعتبر المتکلمون المعتزلة أن طریق معرفة الصفات الإلهیة قبل کل شيء هو العقل ومفاد کلامهم أن ذات الله کما تستحق أن تکون وإننا نصفها بصفات محددة وإن العقل الإنساني هو الذي یکشف أن الله یستحق هذه الصفات عبر معرفة ذات الله. ویمکن الإشارة في هذا الصدد إلی کلام ابن الملاحمي الخوارزمي کنموذج فهو في البدء یعتبر معرفة الصفات الإلهیة المبدأ الثالث من مبادئ التوحید ومن ثم ینسب إلی الله 4 صفات من خلال الاستدلات العقلیة وهي القادر والعالم والغني والحيّ. ثم یتحدث عن جواز نسبة صفات أخری إلی الله من عدمها وهي مثل السمیع والبصیر والفرید والکاره والباقي وذلک بنقل أقوال المتکلمین. ثم یعالج مواضیع من قبیل: لایجوز لله أن یقوم بأفعال قبیحة أو «أن یترک الفعل الواجب» أو «من الواجب علی الله أن یکلّف العبد الفلاني الذي تتوفر لدیه شروط التکلیف»، أو «لایجوز لله أن یکلف الناس مالایطیقونه» أو «من الواجب علی الله أن یکون لطیفاً بحق المکلَّفین» کما أنه ینفي صفة الجسمانیة عن الله (الفائق، 32 وما بعدها).
لقد سار المتکلمون من الإمامیة کالمعتزلة علی منهج معرفة الصفات الإلهیة عبر العقل أکثر من أي طریق آخر معتبرین اتصاف الله بها استحقاقاً ذاتیاً للّه: فالطوسي کان یتبع نظریة الاستحقاق الذاتي وقد نسب إلی الله الصفات التالیة وذلک فیما یتعلق موضوع الصفات الإلهیة: القادر والقدیم والعالم والموجود والحيّ والسمیع والبصیر والمرید والمتکلم. وقام بتنزیه ذات البارئ تعالی شارحاً هذه الصفات والأدلة العقلانیة المتعلقة بها موضحاً أن اللّه بعید عن الماهیة ولیس له مثیل في الأشیاء کما أنه لایشبه أي شيء. إنه لیس محتاجاً ولایمکن رؤیته ولایحیط به علم. فهو قدیم لایماثله شيء في القدم. ثم أورد الطوسي کلاماً مفصلاً عن «العدالة» قائلاً: إن «العدالة الإلهیة تعني أن أفعال الله جمیعها حسنة ولایصدر عنه الفعل القبیح» وقد أورد الطوسي مجموعة من الأدلة العقلیة لإثبات العدالة الإلهیة قائلاً: إن من الواجب علی الله أن یکلف عباده وأن من الواجب علیه أن یکون لطیفاً بالعباد. ویواجه الباحث بعد تطور علم الکلام ونزوعه نحو الفلسفة تصنیفات جدیدة أکثر نظاماً في باب صفات الله في آثار أمثال نصیر الدین الطوسي (تـ 672ق / 1273م) والعلامـة الحلي (تـ 726ق / 1326م) والإیجي (تـ756ق / 1355م) والجرجاني (تـ 482ق / 1089م).
لقد اعتبر نصیر الدین الطوسي في تجرید الاعتقاد الصفات الإلهیة کضرورة لکون واجب الوجود مستنتجاً ذلک بالاستدلال العقلي عن وجوب وجوده ثم فصل بین صفات الله وأفعاله مفرداً لکل واحد منهما فصلاً. لقد عدّد نصیر الدین الطوسي صفات الله علی النحو التالي دون أن یفصل بین الصفات الوجودیة (الثبوتیة) والصفات السلبیة.  فالله قادر وعالم وحيّ ومرید وسمیع وبصیر ومتکلم وباقٍ وأحد وصمد. فذاته تختلف عن جمیع الذوات. إنه لیس بمرکبّ ولیس له ضدّ لایشغل حیزّاً ولم یحلّ في الآخر لیس متحداً مع أي کائن آخر کما أنه لیس محلاً للحوادث. إنه غنيّ یستحیل تصور الألم واللذة في حقه لاتزید صفاته علی ذاته وأحواله ولایمکن رؤیته. أما صفاته الأخری التي تعتبر کاقتضاء لوجوب وجوده فهي کالتالي: إنه جواد، ملک، تامّ بل فوق التام، حقیقة ثابتة مطلقة، خیر، حکیم، جبّار، قهار.
لقد کتب نصیر الدین الطوسي بعد تعدید الصفات: إن الید والوجه والقدم والرحمة والکرم والرضی مجموعة من الأمور التي ترجع إلی الصفات السابقة. فبعد شرحه لصفات الواجب الوجود خصص الطوسي فصلاً آخر لبیان أفعال الله. فقد کتب في هذا الفصل بعد إثبات الحسن العقلي للأفعال وقبحها: إن الله لایقوم بالفعل القبیح رغم أنه قادر علی إتیان الفعل القبیح فأفعاله ذات هدف وإن طاعات المکلفین متعلّقة بإرادته فهو لایرضی بالمعصیة. إن الأفعال الإنسانیة تصدر عنهم ولایجبرهم الله علی ذلک فلله القضاء والقدر فهو یهدي ویعذّب. إنه لایعذب الأطفال (یوم القیامة) فالواجب علیه أن یکون لطیفاً بالعباد (أي یوفرّ لهم مایقرّبهم من الطاعات دون إکراه أو إرغام أو ما یبعدهم عن المعاصي). قد یصبح واجباً علی الله أن یعمل ماهوأصلح لحال عباده ومن الواجب علی الله أن یکلف عباده بارتکاب الأفعال الحسنة وتجنب الأفعال القبیحة وإن من الواجب علیه أن ینصف المظلومین وأن یسترد حقوقهم من الظالمین کما أن من الواجب علی الله أن یعوضّ عن الأتعاب والآلام التي تتعرض لها الکائنات.
لقد فصل عضد الدین الإیجي في المواقف بین صفات الله وأفعاله، فقد تحدث أوّلاً عن «صفات الله الوجودیة» معدّداً إیاها: العالم والقادر والحي والمرید والسمیع والبصیر والمتکلم (8 / 44-104). ثم أورد آراء المتکلمین المختلفة حول إمکانیة رؤیة الإنسان لله من عدمها وکذلک إمکانیة إحاطة علم الإنسان بحقیقة الذات الإلهیة من عدمها ثم تحدث في باب مستقل عن أفعال الله، حیث عالج فیه بدایة علاقة أفعال الإنسان بإرادة الله معتبراً أن الإرادة الإلهیة تشمل جمیع الکائنات مورداً أقوال المتکلمین وآراءهم المختلفة في هذا الباب ثم طرح مسألة حسن الأفعال وقبحها قائلاً: «لقد أجمعت الأمة علی أن الفعل القبیح لایصدر عن الله وأنه لایترک الفعل الواجب» (8 / 279-330).

الصفحة 1 من10

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: