الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / إخوان الصفا /

فهرس الموضوعات

إخوان الصفا

إخوان الصفا

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/23 ۱۳:۵۹:۲۸ تاریخ تألیف المقالة

و من جهة أخری، یعتبر بعض الباحثین الرسائل أثراً لفریق من القرامطة. و یعتقد ما دیلونغ أن هذه الکتابات ینبغي اعتبارها محاولة لعودة التلاحم بین الإسماعیلیین غیر الفاطمیین علی دساس المبادئ العقائدیة بهدف صدّ الهجمة الأیدیولوجیة للفاطمیین، ذلک أن مؤلفیها یؤکدون بشکل صریح أن أخلاف الإمام السابع «سقطوا من مقامهم». و هم یریدون بذلک دحض دعوی الفاطمیین بالإمامة. ولما کان مؤلفو الرسائل یعیشون في البصرة – التي کانت آنذاک عملیاً مرکزاً لنشاط قرامطة البحرین – ینبغي أن تکون «دائرة‌المعارف» هذه موضع تأیید القرامطة الضمني علی الأقل إن لم نقل إنها أُلفت في الحقیقة بتشجیع، أوأمر منهم (ظ: EI2, IV/ 633).

و هنا تجدر الإشارة إلی أنه لم‌یذکر ابن الندیم الرسائل، أو مؤلفیها في الفهرست – الذي ألفه في 377هـ - ولا الشهرستاني (تـ 548هـ/ 1153م) في الملل و النحل. و هذا الأمر مثیر للانتباه، خاصة فیما یتعلق بابن الندیم، ذلک أنه کان معاصراً لمؤلفي الرسائل، و من جهة أخری، خصص في کتابه فصلاً لمذهب الإسماعیلیة (ص 186 و ما بعده)، بینما ذکر الشهرستاني في موضع واحد فقط أبا سلیمان محمد بن معشر المقدسي في عداد الفلاسفة المتأخرین (3/ 3).

 

تاریخ تألیف الرسائل

کما أشرنا فإن أحد الأمور التي اختلف فیها الباحثون حتی الآن هو تاریخ تألیف الرسائل، فبعضهم اعتبر هذا التاریخ واقعاً بین 260–297هـ/ 874–910م (همداني، ن.ص)، إذ یری همداني أن تألیف هذه الرسائل تمّ علی وجه التحدید قبل استقرار الخلافة الفاطمیة في 297هـ، بینما لایشار إلیها في آثار أوائل الدعاة الفاطمیین، و ینطبق ذلک بشکل خاص علی حمیدالدین الکرماني (تـ بعد 411هـ/ 1020م)، و مع أخذ بعض القرائن بنظر الاعتبار یجعل دیتریسي تاریخ تألیف الرسائل بین السنوان 350–375هـ/ 961ه–985م (ص 142 و ما بعدها). و أخیراً یعتبر مارکه الانتهاء من تألیف الرسائل واقعاً بین 350–370هـ/ 961–980م، أي قبل استیلاء الفاطمیین علی مصر في 358هـ/ 696م (ظ: EI2, III/ 1072)، رغم أنه في مؤلَّف آخر له – و اتّباعاً منه لمصادر الإسماعلیلة – ینسب إلی أحد أئمة الإسماعیلیة الشروع بتألیف الرسائل فلسفة...»، 8).

و مع الأخذ بنظر الاعتبار سعة نطاق الرسائل، ینبغي القول إن تألیفها حتی بواسطة عدة أشخاص – فکیف بواسطة شخص واحد – و في فترة قصیرة، لم‌یکن متیسراً، بل استغرق عدة سنوات علی الأقل. و توجد في الرسائل أیضاً قرائن یمکنها أن تعین في تحدید التاریخ التقریبي لتألیفها. و أبرز الشواهد، شعر المتنبي (تـ 354هـ/ 965م) الذي ورد في الرسائل (4/ 48) و الذي نطمه الشاعر سنة 349هـ/ 960م في مدح کافور، حاکم مصر و أنشده‌له (1/ 313–316). و یدل هذا التاریخ علی أنه علی الأقل قد أُلف عدد من الرسائل بعد ذلک التاریخ و قد سلم أبوحیان التوحیدي (2/ 6) في 373هـ، أي بعد 24 سنة من ذلک التاریخ، بعضها إلی أستاذه لیطالعها. و من جهة أخری، فإن المجریطي [؟] (تـ 395هـ/ 1005م) في غایة الحکیم الذي کان قد ألفه – کما یقول هو في مقدمة الکتاب – بین السنوات 343–348هـ/ 954–959م (ص 2)، ذکر الرسائل مراراً و نقل مقاطع من نصوصها. و کما مرّ بناف فإن المجریطي هو الذي کان قد جلب مع رسائل الإخوان إلی الأندلس لأول مرة.

و هنا ینبغي إیضاح هذا الأمر: هل أن روایة أبي حیان بشأن الرسائل و مؤلفیها صحیحة، أم‌لا؟ و رغم جمیع الشکوک التي أثیرت حول هذه الروایة، فمن المستبعد أن یکون أبوحیان قد قدم روایة کاذبة، ذلک أنه کان في نفس عصره أشخاص یعرفون أولئک الرجال و من المؤکد أنهم کانوا قد قرأوا الرسائل أیضاً، کما حدث عندما ذکر أبو سلیمان المنطقي السجستاني، عددها و اسم أحد مؤلفیها. لکن من جهة أخری یبرز هذا السؤال: لماذا لاتذکر المصادر المستقلة التي جاءت فیما بعد، الرسائل، حیث کان الغزالي (تـ 505هـ/ 1111م) الوحید الذي أشار إلی «صاحب کتاب إخوان الصفاء» و انتقد مضمونه (ص 125). و من جهة أخری، فنحن نعلم أن نسخاً منها کانت في متناول الید حتی 555 هـ، ذلک أنه خلال تلک الفترة أصدر الخلیفة العباسي، المستنجد بالله أمراً بإحراق الکتب الفلسفیة و منها کتاب الشفاء لابن سینا و رسائل إخوان الصفاء (ظ: ابن‌الأثیر، 11/ 258).

و الأمر الآخر الذي یجدر إیضاحه هو روایة القاضي عبدالجبار التي أورد فیها أسماء عدد ممن عدّهم أبوحیان مؤلفي الرسائل. تری هل یمکن إیجاد نوع من الانسجام بین الروایات؟ لماذا لم‌یشر القاضي عبدالجبار إلی الرسائل و تألیفها بواسطة أولئک الرجال، بینما یوردهم في عداد القرامطة، أو الإسماعیلیین، و کان هو أیضاً معاصراً لأبي حیان.ألم‌تکن کتابات إبي حیان في متناول یده، أم أنه قرأها و امتنع عمداً عن نسبة الرسائل إلی تلک المجموعة؟ إنها أمور بحاجة إلی مزید من البحث.

 

طبعات الرسائل

صدرت في بومباي أول طبعة کاملة لمجموعة الرسائل في 4 مجلدات (1303–1306هـ) بتحقیق نورالدین بن جیواخان. و رغم أن هذه الطبعة غیر انتقادیة، إلا أنها کانت نصاً یمکن الرکون إلیه نوعاً ما. وفي 1306 هـ طبع الشیخ علی یوسف بالقاهرة الجزء الأول من الرسائل. وفي 1347هـ/ 1928م صدرت في القاهرة طبعة أخری من الرسائل في 4 مجلدات مع مقدمتین لأحمد زکي باشا و طه حسین، و هذا النص هو الأخر غیر انتقادي علی الإطلاق، و یتمیز عن طبعة الهند من حیث تقسیم الموضوعات في الفصول و قلیل من علامات الترقیم. و أخیراً صدرت ببیروت سنة 1957م مجموعة الرسائل في 4 مجلدات. و هذه الطبعة رغم کونها تتمتع بمزایا مقارنة باطبعتین الأخریین، إلا أنه لایمکن اعتبارها أیضاً نصا انتقادیاً.

و قد ظلت الرسالة الجامعة التي أشیر إلیها مراراً في الرسائل مجهولة حتی 1947م عندما طبعها جمیل صلیبا بدمشق في مجلدین. و للأسف فإنه یعتبر أبا مسلمة المجریطي مؤلف هذه الرسالة. و من العجب أنه لم ینتبه إلی متن الرسائل التي أشیر فیها مراراً إلی هذه الرسالة (ظ: رسائل، 1/ 42، 43، 46، مخـ). و المخطوطات التي اعتمدها المحقق، إما أنها بدون تاریخ، أو عائدة إلی القرنین 11 و 13هـ. و أحدث طبعة للرسالة الجامعة ببیروت متضمنة القسمین سنة 1984 م بتحقیق مصطفی غالب. و قد نسب تألیفها إلی أحمد بن عبدالله المستور (ن.ع)، و تعود مخطوطات هذا المتن أیضاً إلی السنتین 1238 و 1328هـ (غالب، «المقدمة»، 13، 14). و ینبغي أن نضیف هنا أنه توجد من هذه الرسالة مخطوطة قدیمة في مکتبة مرکز دائرة‌المعارف الإسلامیة الکبری تحت الرقم 1700 و تاریخ کتابتها هو 684هـ/ 1285م، و هي أقدم مخطوطة عُرفت حتی الآن. و هذه المخطوطة بمقاسات 5/ 17×26 سنتیمتراً، وتقع في 95 ورقة، یوجد في کل ورقة 29 سطراً. و یمتاز متن هذه المخطوطة لدی مقارنته بمتنیها المطبوعین للکتاب، بوجود اختلافات کبیرة من حیث تقسیم الفصول و کذلک من حیث الموضوعات، و توجد في شتی المواضع منها إضافات غیر موجودة في المتنین المطبوعین، بینما نجد أحیانا في المتنین المطبوعین أیضاً إضافات غیرموجودة في المخطوطة؛ کما أن ترکیب العبارات و الجمل لایتشابه مع المتنین المطبوعین، و واضح أن النسّاخ اللاحقین قد قاموا عامدین بأجراء تغییرات في المتن.

و بشأن هذه الرسالة، ینبغي التذکیر بأن الإخوان أنفسهم یعدّونها الهدف النهائي من جمیع کتاباتهم یتضح فیها بالبرهان القاطع ماشرحوه في الرسائل الأخری عن طریق الإقناع (الرسالة الجامعة، 65، 91).

وفي الرسائل أیضاً یشیرون إلیها في عدة مواضع أخری (1/ 274، 3/ 408، 4/ 378). و في أحد المواضع یقال بخصوص إن ماورد في 51 رسالة یختصر في رسالة وحیدة أخری تسمی الجامعة خارج إطار الرسائل الأخری یورد فیها تبیان ماقیل في الرسائل الأخری بأخص شکل ممکن. و هذه الرسالة تسد مسد سائر الرسائل. ثم یرجّح الإخوان أن تقرأ الرسالة الجامعة بعد قراءة الرسائل الإحدی و الخمسین الأخری (4/ 250). بینما لاتلاحظ في هذه الرسالة البشائر التي قُدِّمت بشأنها. ولایلاحظ في هذه الرسالة سوی أدلة قلیلة علی ذلک الاندفاع الفکري و الشجاعة العاطفیة و العقلیة التي هي من خصائص الکثیر من موضوعات الرسائل، خاصة و أنه تمّ التلاعب بها.

وفي 1970م نشر عارف تامر ببیروت متناً بعنوان جامعة الجامعة قال في مقدمته له إن هذا المتن هو عصارة رسائل الإخوان (المقدمة، 61). و یمکن اعتبار هذا المتن منتقیات من الرسائل قام أحدهم فیما بعد بتجمیعها ولا تتمتع بأیة میزة.

و من جهة أخری فقد طبع سنة 1977م فصل طویل من القسم الثاني من الرسائل أیضاً و الذي یتحدث عن حوار الإنسان و الحیوانات (ظ: 2/ 203–377)، بتحقیق فاروق سعد، تحت عنوان رسالة تداعي الحیوانات علی الإنسان.

 

ترجمات الرسائل

فضلاً عن المختارات التي کان دیتریسي قد ترجمعها عن متن الرسائل إلی الألمانیة، فقد ترجمت و نشرت أقسام أخری منها أیضاً إلی اللغات الأوروبیة و منها الرسالة 32 الخاصة بالنفس و العقل (رسائل، 3/ 178 و ما بعدها)، و التي طبعها الباحث الألماني دیفالد تحت عنوان «الفلسفة و العلوم العربیة في موسوعة، کتاب إخوان الصفاء (ج3)» سنة 1975م في فیسبادن. و قد زاد المترجم بمقدمته و بحوثه و إیضاحاته و ملاحظاته، من أهمیة الترجمة و قیمتها.

و ترجم شیلواه الرسالة الخامسة من الجزء الأول الخاصة بالموسیقی (رسائل، 1/ 183–241) إلی الفرنسیة تحت عنوان «رسالة الإسلامیة».

کما ترجم غولدشتاین الرسالة الأولی من الجزء الأول «في العدد» إلی الإنجلیزیة تحت عنوان «رسالة في نظریة العدد» و نشرها.

و قام لویس بترجمة الرسالة الثامنة من المجلد الأول «في الصنائع العملیة و الغرض منها» (1/ 276–295) إلی الإنجلیزیة تحت عنوان «رسالة في الصاناعات الیدویة» و نشرها.

و یذکر بروکلمان ترجمة فارسیة للرسائل تحت عنوان مجمل الحکمة، توجد منها 21 مخطوطة تعود إلی القرون 7–14هـ، و قد طبعت – کما ذکر هو – مرتین (1309 و 1312هـ) طبعة حجریة في بومباي و لیس في طهران (GAL, SI/ 380).

و استناداً إلی بحث إیرج أفشار و محمدتقي دانش‌پژوه، فإن هذه الأثر ترجمة لنص عربي جمعه مؤلف مجهول بشکل مختارات من الرسائل و سماه مجمل الحکمة، ثم ترجمه شخص آخر إلی الفارسیة. و قد ورد اسم المترجم في مخطوطة بشکل محمد بن الحسن الطوسي، و في موضع آخر بشکل سراج‌الدین الأرموي (لمزید من الاطلاع، ظ: أفشار، مقدمة).

 

الهیکل العام لرسائل إخوان الصفاء

تتضمن المتون المتوفرة لدینا من الرسائل 52 رسالة، بینما یشیر الإخوان في عدة مواضع إلی 51 رسالة (3/ 408، 4/ 186، 284)، و من جهة أخری، أشیر في بدایة الرسالة 52 من المتون الحالیة تحت عنوان «في ماهیة السحر و العزائم»، إلی 50 رسالة فقط قبلها (4/ 283). و یشیر الإخوان أیضاً في بدایة فهرس الرسائل إلی 52 رسالة (1/ 21؛ حول کیفیة ترکیب الرسائل و ترابطها، ظ: مارکه، «رسائل...»، 10- 16). و تشتمل الرسائل علی 4 أقسام رئیسة یتضمن کل قسم عدة رسائل و کل رسالة عدة فصول. و هذه الأقسام – کما وردت في الفهرس – علی النحو التالي:

ألف– الرسائل الریاضیة (14 رسالة): 1. العدد؛ 2. الهندسة؛ 3. النجوم؛ 4. الموسیقي؛ 5. الجغرافیا؛ 6. النسب العددیة و الهندیسة؛ 7. في الصنائع العلمیة و الغرض منها؛ 8. الصنائع العملیة و الغرض منها؛ 9. بیان الأخلاق و أسباب اختلافها؛ 10. في مدخل المنطق (إیساغوجي)؛ 11. في المقولات العشر (قاطیغوریاس)؛ 12. في معنی العبارة لأرسطو (پري هرمنیاس):؛ 13. في معنی التحلیلات الأولی (أنولوطیقا الأولی)؛ 14. في معنی التحلیلات الثانیة (أنولوطیقا الثانیة).

ب- الرسائل الجمسانیة الطبیعیة (17 رسالة): 1. الهیولی و الصورة؛ 2. السماء و العالم؛ 3. الکون و الفساد؛ 4. الآثار العلویة؛ 5. بیان تکوین المعادن؛ 6. ماهیة الطبیعة؛ 7. أجناس النبات؛ 8. الحیوانات و أصنافها؛ 9. ترکیب جسد الإنسان؛ 10. في الحاس و المحسوس؛ 11. في مسقط النطفة؛ 12. في قول الحکماء إن الإنسان علام صغیر؛ 13. کیفة نشوء الأنفس الجزئیة في الأجساد البشریة؛ 14. في بیان طاقة الإنسان في المعارف؛ 15. ماهی الموت و الحیاة؛ 16. ماهیة اللذات و الآلام الجسمیة و الروحیة؛ 17. علل اختلاف اللغات.

ج-. الرسائل النفسانیة العقلیة (10 رسائل): 1. المبادئ العقلیة علی رأي الفیثاغوریین؛ 2. المبادئ العقلیة علی رأي إخوان الصفاء؛ 3. معنی قول الحکماء إن العالم إنسان کبیر؛ 4. في العقل و المعقول؛ 5. في الأدوار و الأکوار؛ 6. في ماهیة العشق؛ 7. في البعث و القیامة؛ 8. في کمیة أجناس الحرکات و کیفیة اختلافها؛ 9. في العلل و المعلولات؛ 10. في الحدود و الرسوم.

د- الرسائل الناموسیة الإلهیة و الشرعیة (11 رسالة): 1. في الآراء و المذاهب؛ 2. في ماهیة الطریق إلی الله و کیفیة الوصول إلیه؛ 3. في بیان اعتقاد إخوان الصفاء؛ 4. في کیفیة معاشرة إخوان الصفاء و تعاون بعضهم مع بعض؛ 5. في ماهیة الإیمان و خصال المؤمنین؛ 6. في ماهیة الناموس الإلهي و شرائط النبوة؛ 7. في کیفیة الدعوة إلی الله؛ 8. في کیفیة أحوال الروحانیین؛ 9. في کیفیة أنواع السیاسات و کمیتها؛ 10. في کیفیة نضد العالم بأسره؛ 11. في ماهیة السحر و العزائم و العین و الطلسمات (ظ: 1/ 21–42).

و کما هو واضح فإن الإخوان حاولوا في رسائلهم أن یعرِّفوا نخبة من القراء بجمیع أقسام العلوم و الفنون النظریة و العملیة في عصرهم، و کان هدفهم من هذه الجهود «هدایة الضالین و إرشاد التائهین و تنبیه الغافلین» (4/ 242). وفي موضع آخر قیل إن هدفهم کان في الأغلب إرشاد إخوانهم إلی مایکون به صلاح أمورهم الدینیة و الدنیویة و کذلک تعریفهم الفنون العلمیة و العملیة و معونة المبتدئین علی معرفة العلوم و المعارف و تربیة المتعلمین، ثم یضیفون أنهم لیس لدیهم ادعاء بهذا الشأن، بل إنهم نقلوا إلی إخوانهم ما وصلهم من العلوم، و إلا فإنهم لم یحیطوا بکل العلوم و الصناعات، و إن ما أوردوه في الرسائل من مقدمات العلوم، أو استنبطوه، إنما هو مأخئذ من کتب العلماء و المتقدمین في الفنون العلمیة؛ و أما ما کان من العلوم الحقیقیة و أسرار القوانین الإلهیة فقد أخذوه من خلفاء الأنبیاء و أصحابهم و التابعین لهم. و إن کثیراً من الصنائع لم‌یذکروها، و کثیراً من العلوم لم ینبهوا إلیها ولم یصلوها (4/ 394).

و من خصائص الرسائل تکرار الموضوعات فیها، بحیث یتکرر أحیاناً في الرسالة الواحدة و فصولها، موضوع واحد، و أحیاناً بنفس العبارات تقریباً. و لغة الرسائل نثرسلس و بسیط و خال غالباً من التزویق اللفظي، بحیث یمکن اعتبار الرسائل نموذجاً بارزاً للنثر العربي في القرن 4هـ. و یستند ي الرسائل أحیاناً إلی أبیات من الشعراء العرب کما رویت أبیات فارسیة في موضعین (1/ 139، 235)، و إن هذا دلیل علی أن بعض مؤلفي الرسائل کانوا علی معرفة باللغة الفارسیة أیضاً. و الشعر الفارسي في الرسائل نموذج للشعر الفارسي خلال القرنین 3 و 4 هـ، و یحتمل أن تکو لأمثال الشهید البلخي، أو أبي شکور البلخي. و لقد دأب الإخوان علی استخدام ضمیر الجمع «نحن»، إلا أنهم استخدموا في بضع مواضع من الرسائل ضمیر المفرد أیضاً (مثلاً 1/ 139، 4/ 298، 397).

 

خصال الإخوان

قبل تناول رؤیة الإخوان للعالم، من الضروري، الحدیث أولاً عنن «ظاهرة إخوان الصفاء» بالشکل الذي تجلّت به في رسائلهم، دون الأخذ بنظر الاعتبار علاقاتهم المفترضة. ولا شک في أن الإخوان کانوا في عصرهم أناساً متمیزین، أناساً بترکیب عقلي و عاطفي خاص، کان یمیزهم عن الآخرین في کل مجال خلال تلک الفترة، فقد کانوا قبل کل شيء أناساً هادفین ینمّون في عقولهم و قلوبهم الأمنیة و الأمل في بناء عالم إنساني آخر لایشبه العالم الذي عاصروه، أو ربما کان من الأفضل القول إنهم کانوا في عداد أناس تخلّوا تماماً عن هذا العالم و أعرضوا عنه و اتجهوا إلی عالم آخر. و الإخوان – شأنهم شأن غنوصیة القرنین 2 و 3م – کانوا یعدون أنفسهم غرباء في هذا العالم و یعتبرون الحیاة علی الأرض مدرسة و محلاً للتربیة و التعلیم لإعداد الروح للانضمام إلی عالم الحیاة الخالدة التي کانت ملکاً له قبل التحاقها بالجسد الإنساني. و ینبغي العودة مرة أخری من دیار الغربة إلی بلاد الأحبة و الأقارب. و من الخصال الأخری للإخوان السریة و إخفاء أسرارهم الخاصة عن غیر أهلها. و هم یقولون: إنّا لانکتم أسرارنا عن الناس خوفاً من سطوة الملوک ذوي السلطنة الأرضیة و لاحذراً من شغب جمهور العوام، و لکن صیانة لمواهب الله لنا، کما أوصی المسیح فقال: لا تضغوا الحکمة عند غیر أهلها فتظلموها، و لاتمنعوها أهلها فتظلموهم (4/ 166).

الصفحة 1 من9

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: