الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

وقد نسب بعض الباحثين، هذه المجموعة من الأواني إلى الري وجرجان، فيما رأى البعض الأخر أنها صناعة كاشان؛ ولكننا نستطيع أن ندخل جرجان ضمن المدن المنتجة للفخار المذهب بعد اكتشاف عدد كبير من أفران  الفخار وقطع من الخزفیات المختلفة منها المذهبة خلال تنقيبات 1971م. وفي هذا العصر كانت ساوة أيضاً من منتجي الفخار المذهب. ولم تظهر دراسات پوپ نماذج بارزة للأواني المذهبة وحسب، بل أظهرت أيضاً وجود أفران عديدة للصناعات الفخارية في هذه المدينة (ظ: ن.م، 1493؛ راجرز، 261). ويرى بعض الباحثين، أن أسلوب ساوه هو مزيج من أسلوب الري وكاشان، حيث كان حصيلة الهدوء الذي ساد ساوة خلال هجمات المغول على إثر بقائها بعيدة عن مسرح هذه الهجمات . وقد كانت الصناعات الفخارية المذهبة تنتج بالإضافة إلى المراكز القديمة، في مناطق مواضع مثل تخت سليمان في آذربايجان الغربية، حيث شيد في عهد آباقاخان قصركبير على بقايا دار العبادة الزرداشتیة الكبير فيها. ولم يتم العثور فيه على الأواني فحسب، بل وعلى القاشاني المذهب النجمي الشكل والمربع (ظ: م.ن، 282). 
وفي القرن 9ه‍ / 15م کانت صناعة الأواني المذهبة تفقد بریقها وتألقها عاماً، قبل أن تستعید حیویتها وحیاتها في القرن 10ه‍ / 16م، حیث طرأت تغیرات جذریة في أشكال الأواني وأحجامها ــ مثل صناعة الصراحيات بعنقها الطويل والكاسات، والأقداح الصغيرة ورواج اللون البني الضارب إلـى الحمرة ــ واستناداً إلى تقارير الرحالة، فقد كانت مدن مثل أصفهان وكاشان وكرمان ومشهد من مراکز صناعة الفخاريات المذهبة في هذا العصر (ظ: م.ن، 256-266؛ حسن، 206). 
 
أما صناعة الفخاريات المعروفـة بالمينائي، وهفت رنك [سباعیة الألوان] والنقش على الطلاء الزجاجي، فقد کانت بدایتها في القرن 6ه‍ / 12م. حیث لم نجد فخاریات من هذا القبیل، تحمل تاریخیاً یسبق عام 575ه‍ / 1179م (سكيزمن، 275). وقد استعان أصحاب المهنة في زخرفة بأزهی وأبهی الألوان الأزرق واللازوردي والأخضر والأبيض والفيروزجي والأحمر والبني والأسود والأصفر. ولعلنا نستطیع رصد مرحلتین في تطور النقوش والرسوم على الفخاريات المينائية. ففي القرن 6ه‍ كان معظم النقوش من الأنواع النباتية والهندسية التي تغطي بطانة الإناء بأکمله (ظ: پوپ، ن.م، 1563-1565؛ فاتس،84-85). وفي المرحلة الثانية، أي نهاية القرن6 وبداية القرن 7ه‍ حلت النقوش الآدمیة والحيوانية محل النقوش النباتية والهندسية شیئاً فشیئاً. وقد استخدم الفنانون على نطاق واسع في تزيين هذا النوع من الأواني، المشاهد المستوحاة من القصص التاريخية والأدبية، وخاصة قصص شاهنامه، لفردوسي ورسوم رحلات الصيد. ولم نعثر حتى الآن، إلا على عدد ضئیل من الخزفیات المؤرخة وذات الأشرطة الكتابية ونادراً ما تتضمن هذه الآثار اسم صاحب العمل وترى غالبية الباحثين أن مدن كاشان وساوة ونطنـز وسلطان آباد وگرگـان هي المراكـز الرئيسة لصناعـات الفخاريـات المينائية (ظ: ن.صص). 
استمرت صناعة هذا النمط من الأواني الفخارية حتى نهاية القرن 7ه‍ / 13م، حیث دخلت علیها بعض التغیرات بعد ذلك التاریخ وشاع أسلوب جديد في صناعة الأواني الفخارية الإيرانية، استخدم فیه الفنانون طریقة أبسط في توظیف المينا واصفین إیاهاً بالأواني اللازوردية. وفي هذا الأسلوب كانت النقوش تصمم باللون الفيروزجي والأبيض والذهبي والبني المصفر على غلاف من الزجاج اللازوردي وكان يشمل في الغالب النقوش الهندسية والنباتية وعلى شكل مبسط وبارز. وفي القرن 8ه‍ / 14م ازدهر أسلوب تزيين الفخاريات باللونين الأزرق والأبيض، حيث يرى بعض الباحثين أنه خضع لتأثير الأواني الصينية. وقد استمر هذا النوع من الصناعات الفخاریة خلال القرن 9ه‍ / 15م وفي العهد التیموري عقب تطور التبادلات التجاریة بين الصين وإيران. وفي نفس الفترة اتسع نطاق استخدام النقوش الصينية على الخزفیات المصنوعة في إيران. لابد من التذکیر أن هذا الأسلوب لم یکن ولید الساعة في إيران، فقد كان سائداً قبل ذلك في القرنين 3و4ه‍ / 9و10م، رغم أنه كان يستخدم على نطاق أضیق في العصور المختلفة (راجرز، 261-262,265 ؛ بلر، 68). 
وفي العهد الصفوي، شاعت على نطاق واسع صناعة الأواني الزرقاء والبيضاء. وقد عرفت مدن يزد وكرمان وأصفهان ومشهد كمراكز لصناعة هذه الفخاريات. وكانت كرمان تصنع أواني على الطريقة الصينية، دون أن تتخلی عن الطریقة الإیرانیة في تصاميمها الأصلية وتزييناتها وكانت نقوش الصناعات الفخارية في مشهد في معظمها صينية وبوذية وكانت النماذج اليزدية بلونها الأزرق المائل إلى الرمادي تختلف عن الصناعات  الأخرى. كما نلاحظ بين مصنوعات تلک المراكز نماذج تحمل تاريخ الصناعة واسم الصانع. وشاعت في العهد الصفوي في إيران صناعة الأواني الفخارية المعروفة باسم سيلادون، حيث كانت الأنواع الخزفية منه مستوردة کما کانت تتنوع زخارف المتمیزة بهیکلها الصلب ولونها الأخضر الغامق والفاتح حاملةً نقوشاً مقولبة بارزة. وکانت تطغی نقوش التنانین والسحاب الصيني والسمك علی تصامیم في هذا العصر. لم تقف القریحة الإیرانیة في هذا المجال عند حدود التقلید، بل تخطتها، محدثة بعض التغييرات في أشكال الأواني وتزييناتها. وكانت مدن سلطانية وأصفهان وبندرعباس من مراكز صناعة سيلادون الإيراني (ظ: ديماند، 207؛ پوپ، ن.م، 1648-1650؛ إيرانيكا، V / 328؛ كريمي، 66). 
وفي مطلع القرن 11ه‍ / 17م، دخلت صناعة الفخار الإیرانیة منعطفاً جدیداً في إيران؛ لکنها سرعان ماتراجعت التنافس بفعل تسابق المنتجین علی التصدیر والعمل في الدرجة الأولی علی تمویه منتجاتهم باعتبارها صناعة صینیة، ذلک فضلاً عن جشع السماسرة الأجانب وبالتالي تراجع جودة سلعهم وإنجازاتهم. رغم أنه لم يكن بالإمكان في البدء تمییز المنتجات الإيرانية الزرقاء والبيضاء عن نظیراتها والصينية. وقد وصلت المنتجات الإيرانية الزرقاء والبيضاء في هذا القرن إلى الشرق الأقصـى والبلدان الخاضعة لنفوذ هولندا، بل وحتى إلی اليابان أيضاً. وفي نهاية القرن 12ه‍ / 18م أسدل الستار وإلى الأبد على فن صناعة الفخار الإيرانية العريقة لتحل محله الموجة العارمة للصناعات الفخارية الأجنبية (ظ: راجرز، 268-269). 
 

الزخرفة القاشانیة

  لقد ظهرت في منتصف 5ه‍ / 11م الزخرفة القاشانیة في الأبنیة الإسلامیة في إیران ولاتزال توصل حیاتها حتی الیوم. ففي المرحلة التي سجّل استخدام الطوب في المباني درجة الذروة من حیث الجمال والتألق، خاض المعماریون الإیرانیون تجربة جدیدة، شارعین المباني بالقاشاني، في خلال مدّ خطوط دقیقة في الطوب المطلي ذي اللون الموحد وفي معظم الأحیان باللون الفیزوزجي وسط النقوش المتشابکة والمتداخلة وبالطبـع الجمیلة فـي نفس الوقـت. وتمثـل مئذنـة الجامـع 450ه‍ /  1058م في دامغان أحد النماذج الرئیسیة للزخرفة القاشانیة. المرحلة اللاحقة لقي المزج المتناسق بین زخارف القاشاني والطوب، ترحیباً لدی أوساط المعماریین والذوق الإیراني ماجعله یظهر علی جدران أبنیة شهیرة منها گنبد سرخ (القبة الحمراء) في مدینة مراغة (452ه‍( الأمر الذي بدوره فتح الطریق أمام رواج القاشاني والزخرفة القاشانیة علی مستوی واسع (سكيرس، 274-275). وقد جعل إنتاج القاشانيات اللِّبْنية البسيطة، أو المقولبة وتطور النقوش المسطحة والبارزة والتصامیم المختلفة وكذلك استخدام النقوش على القاشاني وخاصة في الأبنية الدينية ومنها المساجد في القرن 6ه‍ / 12م مع تطور الصناعات الفخارية، جعل من القاشاني أهم وسيلة لتزيين البناء. ومن الآثار التي تستحق الاهتمام في هذا القرن المحراب المزين بالقاشاني في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة (583ه‍ / 1187م). وتعتبر مدينة الري من أهم مراكز صناعة القاشاني في هذا العصر. وقد أدت الصلة بين صناعة القاشاني والفخار، إلى ظهور أساليب صناعة مشتركة في هذين الفرعين (ن.ص). وخلال القرنين 6و7ه‍ / 12و13م جاءت مدینة كاشان بتحققة جدیدة هي قاشانيات مذهبة، وأحياناً مينائية علی صورة النجم والصلیب وبنقوش مختلفة قد نالت أسرة أبي طاهر شرف صنع وإبداع أزهی وأبهی هذه الإنجازات. ويتم الاحتفاظ اليوم بأروع المحاريب المکسوة بالقاشاني المذهب والمصنوع علی ید هذه الأسرة، في أماكن إيران الدینیة وفي أكبر متاحف العالم. ومن بينها محراب المتحف الإسلامي في القاهرة، ومتحف برلين (632ه‍ / 1235م)، ومتحف الحضرة الرضویة (640ه‍ / 1242م) وعدد كبير من المحاريـب الأخـرى (ظ: ن.د،5 / 9-15). 
وفي نهاية القرن 6ه‍ ومطلع القرن 7ه‍ في خراسان أبدعت القریحة الإیرانیة في هذا الفن و اتحفتنا بتحفة هي الفسیفساء، حیث کانت زخرفة القاشاني في مسجد زوزون نموذجاً لبداية هذا الأسلوب في القاشاني؛ غیر أن توظیف النمط من القاشاني توقف لأكثر من 100 عام بفعل الغزو المغولي؛ ماطرأ علی هذا الأسلوب الذي تتشكل فيه النقوش، أو الأشرطة الكتابية من خلال رصف قطع القاشاني المصقولة إلى جانب البعض، هو أنه دخل فن زخرفة القاشاني منعطفاً جدیداً وفي مطلع القرن 8ه‍ / 14م شاع تغطیة السطوح الواسعة بالفسیفساء. وفي هذا القرن أخذت النقوش التزيينية المتشابكة منها الورود والأوراق المتداخلة تظهر على القاشاني بشكل متزايد من خلال استخدام المزید في الألوان مقارنة بالقرون السابقة والأشرطة الكتابية بخطوط الكوفي والثلث والنسخ. دخلت زخرفة القاشاني في مجموعة الشيخ عبد الصمد في نطنـز وقبر أولجايتو (قبة سلطانية) في بداية القرن 8ه‍ ثم مبنی بابا قاسم في أصفهان والمسجد الجامع في كرمان، واجتازت مرحلة تکامل حتی بلغ ذروة الکمال في القرن 9ه‍ / 15م (پيرنيا، شيوه‌ها، 193-194؛ سكريس، 279-280). 
وبعد أن خبت نار الفتن والاضطرابات بعد هجوم تیمور، أخذ تیمور نفسه ومعه أبناؤه، الذین حّولتهم الثقافة الإیرانیة إلی أناس مشغوفین بالفن والأعمال الفنیة یتجهون وبصورة متزایدة نحو تشیید المباني الفخمة، الأمر الذي بعث حیاة جدیدة في جسد الزخرفة القاشانیة وتطور طرائقها. ومن هنا، ظهرت مبانٍ ذات جلالٍ وجمال في کل من سمرقند وهراة وأصفهان وتبريز وغيرها من المدن، کانت السمة الأبرز لزخرفتها، الاستعانة بالقاشاني ولاسیما الفسیفساء منه وقد شارک الفنانون والرسامون والخطاطون في إبداع تصاميم جديدة وأشرطة كتابية مميزة. ومن هذه الأبنية قبر أمير تيمور وجامع گوهر شاد في هراة ونظیره في مشهد (غلمبك، 305-307,360-363؛ پوپ، «العمارة»، 203). 
ویضع أمامنا جامع کبود في مدینة تبریز، حیث ثم تشییده في 870ه‍ / 1466م عهد جهانشاه من سلالة آق قویونلو، نموذجاً رائعاً في براعة الفنانین الإیرانیین العاملین علی الزخرفة القاشانیة وصیقلة القاشاني، في استعمال الفسیفساء وتوظیفه وتزین الفسیفساء ثانیة الجانبین الداخلي والخارجي من الجامع. ولعلّ الإیوان الواقع في الجهة الجنوبیة الغربیة من جامع اصفهان، هو المبنی الوحید الذي نستطیع مقارنته بجامع کبود من حیث الزخرفة بالفسیفساء. وقد تم إنشاء هذا الإنجاز الفني بمرسوم من أوزون حسن آق قويونلو في 880ه‍ / 1475م، مایعني أنه یعاصر جامع کبود وبالتالي فقد تأثر به فنیاً وجمالیاً. وقد استلهم المعماریون في القرن العاشر  من الهجرة / 16 للمیلاد، الکثیر من التراث الفني للقرن السابق لهم. ومن هذا المنطلق، یستوقفنا القاشاني الذي استعمله المعماریون في عمارة هارون بولایة أصفهان، حیث تم تشییدها في 918ه‍ / 1512م، في عهد الشاه عباس الصفوي (هنرفر، 360-361). 
كان اتخاذ أصفهان عاصمة لإيران في عهد الشاه عباس الأول منطلقاً لتنشیط الحرکة المعماریة في البلاد وقد أثر هذا النشاط بطبيعة الحال  إلی حد بعید في التزيينات المعمارية وخاصة القاشاني. فقد كانت الأبنية المشيدة حديثاً في اصفهان والتي كانت تشمل أنواعاً مختلفة من الأبنية الدينية مثل المساجد والمدارس والكنائس وحتى القصور والأسواق والحمامات والرباطات وغيرها، كانت بحاجة إلى تطور صناعة القاشاني وإنماءها. وفي أعمال زخرفة القاشاني المنفذة في الأبنية الأولى لهذا العصر مثل مسجد الشيخ لطف الله، اُستخدم كل من أسلوب الفسیفساء القاشاني  واللبني. وکان نجاح فناني هذا العصر في تصميم النقوش وجمال الألوان وتنوعها، یستحق الثناء والإشادة. ويتمتع الغطاء الممتد داخل المسجد وخارجه بدرجة من التنوع الرائع والزاهي، بحيث یبقی فریداً دون نظیر له فیما مضی. وأما الخصوصية الأخرى لهذا العصر فهي الاستخدام المتزايد للأشرطة الكتابية بخطوط مختلفة ککوفي والبنائي وحتى الثلث والنستعليق. وقد أظهر أقوی خطاطي العصر براعة وتألقاً في النقوش القاشانية للأبنية. وهذا ما نشهده أیضاً في الجامع العباسي المشیَّد في عهد الشاه عباس والمساجد والمدارس الأخرى في العهد الصفوي وحتى حكم آخر ملوك هذه الأسرة، أي السلطان حسين، في مدرسة «مادرشاه»، أو «چهارباغ». ومما يستحق الدراسة، الجودة العالية التي نلاحظها في القاشاني المستخدم في قصر عالي قابو وهشت بهشت والكنائس المعروفة في منطقة جلفا بأصفهان، حیث یحمل نقوشاً من الحیوان والانسان والملائکة وفي أبنية في مدن إيران الأخرى (سكريس، 287-289). 

 

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: