الصفحة الرئیسیة / المقالات / ایران /

فهرس الموضوعات

ومع تولي العباسيين مقالید الأمور، وخاصة في عهد المأمون كان مسيحيو إيران يتمتعون بأعلى مستوى من النفوذ في جهاز الخلافة. وفي 158ه‍ / 775م انتقل مقر الجاثليق من سلوقيا (طيسفون) إلى بغداد، وارتبط بعلاقة أوثق مع مقر الخلافة. وفي هذه الفترة نفسها أختير جرجيس بن بختيشوع الذي كان قد دعي من جامعة جندي شاپور، طبيباً خاصاً للخليفة المنصور وبقي هذا المنصب في أسرته حتى 6 أجيال (غيلمن، 131؛ صفا، 1 / 52-56؛ أبونا، 2 / 152-160). وفضلاً عن ذلك، فقد عكف المسيحيون في بيت الحكمة ببغداد والذي كان قد تأسس في عهد المأمون في 218ه‍ / 833م، وتولى رئاسته حنين بن إسحاق المسيحي لفترة طويلة، على ترجمة الآثار الفلسفية والطبية والعلمية اليونانية ونقل العلوم والثقافة اليونانية إلى العالم الإسلامي (روزنتال، 9-5؛ نصر، 415؛ زرين كوب، ن.م، 515-517، أبونا، 2 / 149-152؛ صفا، 1 / 48-50، 63-65).
وفي هذه الفترة، كانت الكنيسة النسطورية في إيران قد وسعت من نشاطاتها التبشیریة التي كانت قد بدأتها من القرن 5م، بشكل أوسع نطاقاً باتجاه الشرق وبين القبائل التركية المهاجرة وشبه المهاجرة والتتار والمغول، بل وحتى في الهند والصين والتبت. واستمراراً لهذه الجهود، فقد كانت تأسست 6 مناطق أسقفية جديدة في الري ومرو وسمرقند وكاشغر تنغوت وشنغ ـ أن وتولى إدارة النشاطات التبشیریة في التبت مطرانُ تنغوت وفي الصین مطرانُ شنغ ــ أن كما كانت هذه النشاطات قد أدت إلى اعتناق واسع للمسيحية بين بعض القبائل المغولية (غيلمن، 137؛ واترفيلد، 40-39؛ أبونا، 2 / 57-61). ورغم أن الخليفة العباسي المتوكل أصدر أمراً فرضت بموجبه بعض القيود الخاصة على أهل الذمة فيما يتعلق بلباسهم وتردّدهم وتعليمهم و ...، ولكن مثل هذه القيود كانت في العصرين الأموي والعباسي موقتة ومقتصرة على المدن الكبيرة في الغالب، على أن تكرر صدور هذه الأوامر بین الحین والآخر خلال بضعة قرون وبدون مناسبة، يدل بحد ذاته على عدم تنفيذها بشكل دائم (الطبري، 9 / 172-174، 196؛ فييه، 139-141؛ EI2,II / 228؛ غرونه باوم، 182؛ لمتون، ن.ص).
كما نهج الحكام البویهیون في داخل إيران سياسة تسامح إزاء المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى. فقد كان عماد الدولة قد وظف المسيحيين في جهازه الإداري، واختار عضد الدولة وهو في ذروة سلطته نصر ابن هارون المسيحي في منصب الوزارة (زرين كوب، تاريخ مردم ... ، 480؛ بوسه، 288). 
ورغم أن مصائب واجهها المسيحيون في عهد حكم السلاجقة بسبب تعصبهم في مذهبهم السني، ولكنهم مع ذلك لم يعيشوا ظروفاً سيئة على أثر صراع السلاجقة مع الإمبراطورية البيزنطية وكذلك بفضل وجود إيرانيين مثقفين مثل الخواجه نظام الملك في إدارة شؤون البلاد (لمتون، «التركيبة...»، 274-275؛ غیلمن، 138-139). 
وقد خلقت بداية هجمات المغول وسيطرتهم على مناطق إيران الغربية بعض الآمال لدى المجتمع المسيحي؛ ذلك لأن بعض القبائل المغولية كانت قد اعتنقت المسيحية منذ فترة طويلة على أثر تبشيرات المسيحيين النسطوريين وكانت روابط القرابة بين القبائل المختلفة، قد أدخلت المسيحية إلى أسرة جنكيزخان وقبيلته. وكانت أم هولاكو، سرقوقتيني بيكي، وزوجته، دوقوز خاتون، مسيحيين. وكان جرماغون، قائد جيش المغول في إيران، يميل إلى المسيحية، وكان القسم الأكبر من جند هولاكو خلال هجومهم على إيران والعراق يتألف من المسيحيين. كل ذلك أدى إلى أن يفكر المسيحيون في إيران وفي الغرب في تشكيل حكومة مسيحية بدلاً من الحكومة الإسلامية (رشيد الدين، 1 / 88؛ باوزاني، 541؛ بياني، 1 / 174-176، 2 / 378،380؛ ساندرز، 80-81، 98-99).
وعند فتح بغداد، تجمع المسيحيون في كنيستها الكبرى، ونجوا من المذابح الجماعية ونجت بيوتهم من التدمير. وبعد استقرار هولاكو في بغداد، أصبح بطريرك النسطوريين ماكيخا من جملة الشخصيات ذوي النفوذ في المدينة وأمر هولاكو بأن يوضع تحت تصرفه قصر الدواتدار الصغير على ضفاف دجلة (بويل، 348؛ بیاني، 2 / 378؛ ساندرز، 111-112؛ أبونا، 2 / 273- 278). وفي عهد الإيلخانيين المغول ــ أباقـا وتغودار وجيـوك وأرغون ــ أصبـح المسيحيون يتمتعون بقدر أكبر من الحريات، وكانوا يمتلكون في الشؤون المختلفة امتيازات أكثر من المسلمين، بحیث جاء في تاريخ وصاف أن أرغون كان قد أصدر أمراً بعدم توظيف أي مسلم في الأعمال الديوانية (ظ: ص 241؛ غروسه، 447 ؛ رشيد الدين، 1 / 573-574؛ واترفيلد، 50-49). وأدت علاقات المغول مع الكنيسة الكاثوليكية في روما في هذه الفترة إلى إرسال مبشرين من جانب هذه الكنيسة إلى طوائف إيران المسيحية في تبريز ومراغة ودهخوارقان وسیواس وسلطانية. ولكن هؤلاء المبلغين لم يحققوا نجاحاً كبيراً، فقد تفرقوا مع بدء هجمات تيمور والطاعون الذي انتشر بعد ذلك في هذه المناطق (غيلمن، 143-142؛ واترفيلد، 53-52).
ومع اعتناق غازان خان للإسلام تغيرت الأوضاع كلياً وفقد المسيحيون حماتهم الأقوياء. وأمر غازان خان بتدمير جميع المعابد غير الإسلامية في أرجاء مملكته ومنها المعابد البوذية، وبيوت النار الزرادشتية، والكنائس والكنيستات (رشيد الدين، 2 / 983-984؛ باوزاني، 542؛ بياني، 2 / 448؛ بويل، 379). وأُمر اليهود والمسيحيون بعد ذلك بأن یرتدوا ملابس متميزة، أو يربطوا الزنانير. وخلال الثورات التي حدثت بعد ذلك، تعرض الأسقف يهبالاهه للضرب والسجن کما تعرضت الكنائس في مراغة وتبريز للنهب والتدمیر (ساندرز، 134).
وفي السنين التالية، اغتنم العرب والأكراد المسلمون في أربيل الفرصة، فانتقموا من المسيحيين بسبب الممارسات الظالمة التي ارتكبوها في السنين السابقة. وخلال ذلك، قتلت مجموعة من المسيحيين النسطوريين، وأسر الكثير منهم (غلیمن، 142). وبعد هذه الاضطرابات، جاء دور هجمات تيمور المریعة والتي عرضت المسلمين والمسيحيين في إيران على حد سواء للقتل والهلاک (ظ: ابن عربشاه، 68-69؛ ساندرز،  167- 168؛ واترفيلد، 54-53). وعلى أثر هذه الهجمات، انهارت الكنيسة النسطورية في إيران ولجأت المجاميع المتفرقة من المسيحيين النسطوريين إلى المناطق الجبلية في غرب إيران وشمال غربها، فقد كانت هناك مجموعات من هؤلاء المسيحيين تعيش على مايقول مؤلف جهانگشاي خاقان في بلاد آذربايجان وأران ومغان عنـد خـروج الشـاه إسماعيل الصفوي (ص5؛ أيضاً ظ: واترفيلد، غيلمن، ن.صص).
وفي العهد الصفوي حدث اختلاف بين طائفتين من المسيحيين النسطوريين بشأن تعيين البطريرك (958ه‍ / 1551م). وقد أعلنت هاتان الطائفتان اللتان كانتا تميلان كلاهما إلى كسب دعم البابا في روما، ارتباطهما بالكنيسة الكاثوليكية، فأقامت كل منهما كنائسها الكلدانية المتحدة إحداهما في الموصل والأخرى في أورمية. وقام المتبقي من المسيحيين النسطوريين والذين كانوا یحرصون علی حفظ استقلالهم، بتأسیس مقرهم الأسقفي في أرومية. ولكن انفصمت عرى ارتباط المجموعتين الأولیین بروما مـع مرور الزمن، وبعد التحولات التي حدثت في القرن 19م، استقرت الأسقفیة الكلدانية الإيرانية المتحدة في سلماس، والأسقفیة الآشورية المستقلة في أورمية (واترفيلد، 79-78).  
وفي عهد الحكم القاجاري استوطن المسيحيون النسطوريون في منطقة سلماس بالقرب من حدود تركيا وفي السهول المتاخمة لأورمية. كانت غالبية هؤلاء الأهالي مزارعين وكانوا يدفعون كالمسلمين ضرائب باهظة إلى الحكومة وكانوا يعيشون ظروفاً اقتصادية وثقافية صعبة. ومما كان يزيد من الضغوط التي كانت تتعرض لها هذه الطائفة، فرض بعض القوانين الجائرة والمقيدة، مثل إجبارهم على ارتداء نوع خاص من الملابس، وعدم قبول شهادتهم في المحاكم وعدم امتلاكهم حق ركوب الخيل، وانتقال جميع مايمتلكون بوصفه إرثاً إلى شخص من الأسرة کان قد اعتنق الإسلام، وقد أدى كل ذلك إلى تزوح مجموعات منهم إلى روسيا للخلاص مـن هذه الأوضاع (سرنـا، 183؛ ألدر، 7- 8؛ لمتون، «إيران ... »، 212-210).

كان الرعیل الأول من المبشرين المسيحيين الذين بدأوا نشاطاتهم  منذ 1830م ومابعدها في مناطق آذربايجان المختلفة، وخاصة تبريز وأورمية، من الكاثوليك الروم والبروتستاننیة في أمیرکا والإنجليز وقد كان هناك في الغالب تنافس وصراع بين هاتين الطائفتين. فقد كان الكاثوليك يركزون جهودهم على كسب أتباع جدد، وأما البروتستانت فقد ركزوا اهتمامهم على تعليم المجتمع المسيحي وتربيته . وأنشأ المبشرون البروتستانت مدارس في أورمية والمناطق المحيطة بها، وكانوا يعملون على تدريس العلوم وتربية التلاميذ، وبذلك، دخلت الطائفة الآشورية في إيران مرحلة جديدة من حياتها الاجتماعية من خلال تأسيس المراكز الثقافية والمستشفيات والمطابع ونشر الكتب والصحف (سرنا، 183-185؛ واترفيلد، 79-84,102-111؛ ألدر، 9 ومابعدها). وكان الكاثوليك يسمون الطائفة المسیحیة التي كانت قد ارتبطت بكنيسة روما، المسيحيين الكلدانيين، فيما كان البروتستانت يطلقون اسم المسيحيين الآشوريين على الطائفة التي كانت تعتنق المذهب البروتستانتي. وقد أصبح اسم الآشوريين الذي حظي بقبول المسيحيين النسطوريين وترحیبهم، وسيلة للتمييز بينهم وبين الطوائف الأخرى وذلك في القرنين 19و20م ( إيرانيكا، II / 817-818). واستناداً إلى القوانين الجارية في البلاد، فإن للآشوريين الإیرانیین مندوباً في مجلس الشورى الإسلامي.
المسيحيون الأرمن:  المنشأ الأصلي للمسيحيين الأرمن في ايران هو منطقة في شمال غرب البلاد تدعى أرمينيا التي كانت تعتبر في عصر الأخمينيين إحدى الولایاة التي كان يحكمها الولاة الیونانیون في إیران وقد كانت خلال القرون التالية وحتى ظهور الإسلام، موضع نزاع دائم بين الأرامن الذین أصبحوا مسیحیین والدول الإيرانية من جهة، والدول الإيرانية والرومانية من جهة أخرى (ظ: ن.د، إرمینیة). وقد أصبحت المسيحية التي كانت قد وجدت قاعدة هناك بفضل جهود القديس غورغوریوس المنوّر في القرن 3م، الدين الرسمي لهذه المنطقة في أوائل القرن 4م، واعترفت كنيسة إرمینیة بثلاثة مجالس كنيسية عامة هي نیقیة (325م) وقسطنطنية (381م) وإیفیسوس (431م) (دانيلو، 283-284؛ ER,I / 413-414,416؛ درنرسسیان، 75-78). 
بعد ظهور الإسلام، تعرضت هذه البلاد لأول مرة في 20ه‍ / 641م لهجوم جند الإسلام وخضعت منذ ذلك الحين وحتى القرن 5ه‍ / 11م لحكم الأمويين والعباسيين رغم الثورات والنـزاعات التي حدثت فيها بين الحين والآخر، وكان أهاليها يدفعون الجزية للحكومة المركزية (البـلاذري، 277-297؛ أيضاً ظ: پاسدرماجيان، 150-155). واستناداً إلى ماذكره الإصطخري (ص 184، 186، 188) والمقدسي (ص 380)، وكذلك ابن حوقل (2 / 38-340، 344) ومؤلف حدود العالم (ص 159-161)، فقد كانت هذه المنطقة عظيمة الازدهار في القرن 4ه‍ ، وكانت تصدر أنواع السلع التجارية منها إلى المناطق المختلفة. وبعد العباسيين خضعت هذه المنطقة حسب الترتيب لحكم السلاجقة (426ه‍ / 1035م) والخوارزمشاهيین (622ه‍ / ‍1225م) والمغول (626ه‍ / 1229م) والتيموریین (802ه‍ / 1400م) وتركمان قره قويونلو وآق قويونلو (مهرين، 88-90؛ نوري زاده، 51-74). وبظهور الصفويين في القرن 10ه‍ / 16م، أصبحت أرمينيا منطقة نـزاع بين الدولتين العثمانية والصفوية ونشبت معارك في هذه المنطقة بشأن انضمامها إلى إحدى هاتين الدولتين (پاسدرماجيان، 293).
وخلال الحرب التي بدأها الشاه عباس الأول في 1012ه‍ / 1603م مع الدولة العثمانية، استعاد تبريز ونخجوان وإيروان وگنجه وتقدم باتجاه أرمينيا الوسطى ثم أرضروم؛ ولكنه قرر في 1013ه‍ الانسحاب عندما بلغته أنباء هجوم الجيش العثماني الكبير ودمر في طريقه المدن والقرى ورحّل الآلاف من العوائل الأرمینية إلى إيران للاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم وأسكن غالبيتهم في أصفهان على ضفاف نهر زاينده رود (م.ن، 293-294؛ نوري زاده، 74-76؛ إيرانيكا، II / 472). أسس الأرامنة في هذه المنطقة حارة جلفا وعملوا من خلال المساعدات المختلفة التي قدمها الشاه عباس إليهم على إنشاء الكنائس وتطوير منطقتهم الجديدة. وقد جاء وصف هذه الحارة وازدهارها وأسلوب حياة الأرامنة فيها في رحلات الأوروبيين الذين كانوا في إيران آنذاك (واله، 36؛ جملی كارري، 99- 108؛ شاردن، 8 / 82-84، 87).
منح الشاه عباس امتيازات خاصة للأرامنة ووفر لهم مجالات النمو الاقتصادي من خلال تقديم القروض لهم دون فوائد، وخفض نسبة الضرائب، وإيكال تجارة الحرير إلیهم. وعلى أثر هذه الإمكانيات نشط الأرامنة في الصناعة والتجارة کثیراً وأسهموا إسهاماً كبيراً في اقتصاد إيران آنذاك. وقد كانوا أحراراً في إقامة شعائرهم الدينية وكانوا يعتبرون مجتمعاً مستقلاً عبر تمتعهم بمركز شرطـة مـن طائفتهـم ــ كـان يتولـى أيضـاً جبـاية الضـرائـب ــ (سيوري، 175-174؛ فلاندن، 231؛ جملي كارري، 100؛ شاردن، 8 / 94-97؛ ملكم 281؛ مهرين، 91-92؛ إيرانيكا، ن.ص). وقد كان الأرامنة رواداً في دخول بعض الصناعات إلى إيران، فقد ذكر تاورنيه، أن أول جهاز طباعة في إيران تم تشغيله على يد يعقوب ژان الأرمني في 1051ه‍ / 1641م (ص 581، 597).
من جهة أخرى، فإن ميل الشاه عباس الأول إلى الدول الأوروبية وسعيه لإقامة العلاقات معها، مهد الطريق لدخول المبشرين المسيحيين . وقد كانت الإرساليات البرتغالية تمثل أول مجموعة من المبشرين، حيث أرسلت إلى إيران في 1007ه‍ / 1598م واستقرت بعدها في أصفهان مجموعات أخرى مثل الكرمليين والكاثوليك الروم والكابوسنيين الفرنسيين والجيزوييت في أصفهان وبدأوا نشاطهم بين الأرامنة، إلا أن رغبة الأرامنة في المحافظة على ثقافتهم ودينهم أدت إلى أن لا تترك هذه التبشيرات من قبل المبشرين تأثيراً كبيراً (جملي كارري، 101، شاردن، 8 / 93-94، أيضاً 7 / 210- 218، 293-295؛ واترفيلد، 64). ولم يول خلفاء الشاه عباس الأول اهتماماً كبيراً بالأرامنة وحدّوا من الإمكانيات الموفرة لهم وزادوا من عبء الضرائب عليهم، بحيث أن الأرامنة لم يعودوا يمتلكون الثروات والإمكانيات السابقة، وكانت حارة جلفا قد فقدت ازدهارها وعدد سكانها السابقين، وذلك عند إقامة شاردن في أصفهان (في عهد الشاه سليمان) (شاردن، 8 / 83، 98؛ فلاندن، 231-232). 
وعند هجوم الأفغان على أصفهان في أواخر حكم الشاه سلطان حسين، كانت حارة جلفا والحارات الأرمینية الأخرى في أصفهان مثل گسك وإيروان وتبريز ودشتي وقاراگل وكچر، من أولى المحلات التي تعرضت للقتل والنهب وأجبر أهالي جلفـا ــ الذين كانت الحكومة آنذاك قد تركتهم دون أي حماية ــ على دفع مبلغ ضخم إلى الأفغان (غيلاننتز، 43-50؛ تاج بخش، 446).
وعندما تولى نادرشاه الأفشاري الحكم، حرّر مناطق قراباغ وگنجه وبردع وإيروان، وأظهر اللطف للأرامنة في تلك المناطق واستقبل جاثليق الأرامنة آبراهام في معسكره بالقرب من كنيسة إچمياد زين. ثم شارك في شعائرهم الدينية في هذه الكنيسة بدعوة من الجاثليق وقدم هدايا إلى الكنيسة (محمد كاظم،1 / 409-411؛ شعباني، 2 / 130-131؛ لاكهارت، 279). وقد تعامل طيلة عهد حكمه باحترام كبير مع الرعايا المسيحيين في البلاد وترك المبشرين المسيحيين أحراراً في الحضور في المدن المختلفة. وعلى أثر نشاط هؤلاء المبشرين المسيحيين اعتنق عدد من الأرامنة المذهب الكاثوليكي، وكانت قد تأسست آنذاك في حارة جلفا بأصفهان 4 كنائس كاثوليكية. كما جمع نادر مجموعة من العلماء المسيحيين (الأرامنة الأرثوذوكس والكاثوليك)، واليهود والمسلمين كي يترجموا العهد القدیم والعهد الجدید إلى الفارسية. وكان الجنود الأرامنة يشكلون قسماً كبيراً من جيش نادر (م.ن، 228,279-281؛ إيرانيكا، II / 473).
إن أرامنة مناطق إيران الوسطى الذين كانوا قد هربوا من أصفهان وشيراز إلى العراق والمناطق الأخرى بعد هجوم الأفغان وخلال السنوات التي تلت ذلک بسبب الاضطهاد الذي كان يمارسه بحقهم الأفشاريون والنـزاعات بين الزنديين والقاجاريين عادوا من جديد الى أصفهان وشيراز واستأنفوا أنشطتهم الصناعية والزراعية والاقتصادية بعد تولي كريمخان الحكم وإثر أن استتبت الأوضاع واستقر الأمن وكذلك بعد دعوتهم ومنحهم بعض القرى لإقامتهم المجددة (پري، كريم خان ... ، 238-237، «سلسلة ... »، 99).
وفي العهد القاجاري، حيث كانت إيران قد تعرضت لمختلف الأزمات، تقلص عدد الأرامنة في جلفا وهاجر الكثير من أهاليها إلى الهند وبريطانيا بحثاً عن العمل والفرص الاقتصادية (فلاندن، 232؛ پولاك،25-26؛ ديولافوا، 218؛ فيلس، 346-348). ومع كل ذلك، فمازال الأرامنة الساكنون في آذربايجان وجيلان وأصفهان وشيراز يؤدون دوراً مهماً في النشاطات الصناعية والعلاقات التجارية والاقتصادية بين إيران وأوروبا. كما كان عدد من الأرامنة قد شغلوا مناصب حكومية هامة في هذه الفترة. وقد كان منوچهرخان معتمد الدولة يتولى حكم جيلان وفارس وكرمانشاه وأصفهان وكان من بين المسؤولين الإیرانيين في مفاوضات معاهدة تركمان جاي. وكان أبناء أخيه ميرزا رستم خان وآغالرخان وسلميان خان يتولون أيضاً مناصب مهمة؛ ولكن ميرزا ملكم خان، السياسي والكاتب، والمفكر المعروف كان أشهر شخصية بين الأرامنة (إلغار، 258، 268؛ إيرانيكا، II / 476؛ بامداد، 2 / 279).
كما كان لأرامنة إيران دور فاعل في الحركة الدستورية. فقد سارعت الوحدات المتطوعة من الفدائيين الأرمن التي كانت قد التحقت بالحركة في ماوراء القفقاز والقسم الغربي من أرمينيا ــ التي كانت آنذاك تحت الاحتلال العثماني ــ إلى دعم المطالبین بالحرکة الدستورية وشاركت الوحدات الأرمنية المسلحة تحت قيادة آرشاك غافافيان في الدفاع عن تبريز إلى جانب المجاهدين الآذربايجانيين بقيادة ستار خان (كسروي، 873 ؛ إيرانيكا، II / 477). ودخل اپرائيم(يپرم) خان داويتيان الذي كان يتولى قيادة مجموعة من الفدائيين الأرامنة، طهران مظفراً مع الفريق تنكابني والقائد أسعد بختياري بعد انتصارهم في رشت وبلغ منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولكنه قتل في الحرب ضد معارضي الثورة في همدان (ن.ص؛ فخرائي، 119-120، 216- 218؛ تاج پور، 171-174).
1. » …« 
واستناداً إلى دستور جمهورية إيران الإسلامية، فإن الأرامنة يتمتعون كاليهود والزرادشتيين والآشوريين بحقوق المواطنة الخاصة وحرية ممارسة الشعائر الدينية ويتصرفون في الأمور المدنية  حسب أحكام دينهم (الأصلان، 13و26؛ أيضاً ظ: ن.د، أهل الكتاب). ولكل من أرامنة الجنوب والشمال ممثل في مجلس الشورى الإسلامي (الأصل 64).

المصادر

  ابـن حـوقـل، محمـد، صـورة الأرض، تق‍ : كرامـرز، ليـدن، 1939م؛ ابن عـربشاه، عجايـب المقـدور فـي أخبـار تيمـور (زنـدگي شگفـت آور تيمور)، تج‍ : محمد علي نجاتي، طهران، 1356ش؛ أبونا، ألبير، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، بيروت، 1993م؛ الإصطخري، إبراهيم، مسالك الممالك، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1927م؛ ألدر، جان، تاريخ ميسيون آمریكائي در إيران، تج‍ : سهيل آذري، طهران، 1333ش؛ آلغار، حامد، دين ودولت در إيران، تج‍ : أبو القاسم سري، طهران، 1356ش؛ بامداد، مهدي، شرح حال رجال إيران، طهران، 1357ش؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تق‍ : عبد الله أنيس الطباع، بيروت، 1407ه‍ / 1987م؛ بياني، شيرين، دين ودولت در إيران عهد مغول، طهران، 1371ش؛ پاسدر ماجيان، هراند، تاريخ أرمنستان، تج‍ : محمد قاضي، طهران، 1366ش؛ پولاک، ياكوب إدوارد، سفرنامه، تج‍ : كيكاووس جهانداري، طهران، 1361ش؛ تاج بخش، أحمد، تاريخ صفوية، شيراز، 1372ش؛ تاج‌پور، محمدعلي، تاريخ دو أقليت مذهبي يهود و مسيحيت در إيران، طهران، 1344ش؛ تاورنيه، سفرنامه، تج‍ : أبو تراب نوري، أصفهان، 1343ش؛ الثعالبي المرغني، الحسين، غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم، طهران، 1342ش / 1963م؛ جملي کارري، سفرنامه، تج‍ : عباس نخجواني وعبد العلی کارنگ، طهران، 1348ش؛ جهانگشاي خاقان، تق‍ : الله دتا مضطر، إسلام آباد، 1986م؛ حدود العالم، تق‍ : منوچهر ستوده، طهران، 1340ش؛ ديولافوا، ژ.ر.م، سفرنامه، تج‍ : فره‌وشي، طهران، 1361ش؛ رشيد الدين فضل الله، جامع التواريخ، تق‍ : بهمن كريمي، طهران، 1338ش؛ زرين كوب، عبد الحسين، تاريخ إيران بعد أز إسلام، طهران، 1343ش؛ م.ن، تاريـخ مردم إيران، طهران، 1369ش؛ ساندرز، ج.ج.، تاريخ فتوحات مغـول، تج‍ : أبـو القاسم حالت، طهران، 1363ش؛ سرنـا، كارلا، آدمها وآيينها در إيـران، تج‍ : علي أصغر سعيدي، طهران، 1362ش؛ شاردن، جان، سياحت‌نامه، تج‍ : محمد عباسي، طهران، 1345ش؛ شعباني، رضا، تاريخ اجتماعي إيران در عصر أفشارية، طهران، 1369ش؛ صفا، ذبيح الله، تاريخ علوم عقلي در تمدن إسلامي، طهران، 1336ش؛ الطبري، تاريخ؛ غیلاننتز، پطرس دي سرکیس، سقوط أصفهان، تج‍ : محمد مهریار، أصفهان، 1344ش؛ فخرائي، إبراهيم، گيلان در جنبش مشروطيت، طهران، 1353ش؛ فلاندن، أوجن، سفرنامه، تج‍ : حسين نورصادقي، طهران، 1356ش؛ فيلس، چارلزجيمز، تاريخ اجتماعي إيران در عهد قاجارية، تج‍ : سيد عبد الله، طهران، 1363ش؛ فييه، ژ.م.، أحوال النصارى في خلافة بني العباس، تج‍ : حسني زينه، بيروت، 1990م؛ قانون أساسي جمهوري إسلامي إيران؛ كسروي، أحمـد، تاريخ مشروطۀ إيـران، طهران 1349ش؛ محمد كاظم، عالـم آراي نادري، تق‍ : محمـد أمين رياحـي، طهران، 1374ش؛ المقـدسي، محمـد، أحسن التقاسيـم، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1906م؛ ملكم خان، تاريخ إيـران، تج‍ : إسماعيل حيرت، طهران، 1362ش؛ مهرين، عباس، تاريخ أرمنستان، طهران، 1347ش؛ نفيسي، سعيد، مسيحيت در إيران، طهران، 1343ش؛ نوري زاده، أحمد، تاريخ وفرهنگ أرمنستان أز آغاز تا إمروز، طهران، 1376ش؛ واله، پیترو دلا، سفرنامه، تج‍ : شجاع الدین شفاء، طهران، 1348ش؛ وصاف، تاريخ، بومباي، 1249ش؛ وأيضاً: 

Bausani, A., »Religion Under the Mongols«, Cambridge History of Iran, vol. V, ed. J. A. Boyle, Cambridge, 1968; Boyle, J. A., »Dynastic and Political History of the Īl-khāns«, ibid; Busse, H., »Iran Under the Būyids«, ibid, vol. IV, ed. R. N. Frye, 1975; Daniélou, J. and H. Marrou, The First Six Hundred Years, tr. V. Cronin, New York, 1964; Der Nersessian, S., The Armenians, London, 1972; EL2; ER; ERE; Gillman, I. and H. J. Klimkeit, Christians in Asia Before 1500, London, 1999; Grousset, R., L’Empire des steppes, Paris, 1948; Grunebaum, G. E. von, Medieval lslam, Chicago, 1971; Iranca; Lambton, A. K. S., »The Internal Structure of the SalJuq Empire«, Cambridge History of Iran, vol. V, ed. J. A. Boyle, Cambridge, 1968; id, Qajar Persia, London, 1987; id, State and Government in Medieval Islam, Oxford, 1981; Lockhart, L., Nadir Shah, London, 1938; Morony, M. G., Iraq After the Muslim Conquest, Princeton, 1984; Nasr, H., »Life Sciences, Alchemy and Medicine«, Cambridge History of Iran, vol. IV, br ed. R. N. Frye, Cambridge, 1968; Perry, J. R., Karimkhan Zand, Chicago, 1979; id, »The Zand Dynasty«, Cambridge History of Iran, Perry, J. R., VII, ed. P. Avery, Cambridge, 1991; Rosenthal, F., The Classical Heritage in Islam, tr. E. and J. Marmorstein, London, 1975; Savory, R., Iran Under the Safavids, Cabmbridge, 1980; Waterfield, R. E., Christians in Persia, London, 1973. 
فاطمة لاجوردي / خ

 

الصفحة 1 من62

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: