الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أبو نواس /

فهرس الموضوعات

أبو نواس

أبو نواس

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/15 ۲۱:۵۴:۵۵ تاریخ تألیف المقالة

ولایقتصر حبه علی جنان فحسب، فالجواري الجمیلات و الفناتات والشواعر والأدبیات الأخریات قد خلبن أیضاً لبه. ولکن أیاً منهن لم تصل إلی درجة جنان في عینیه. ومن بین أکثر لوحات أبي نواس جاذبیة، صورة إحدی هذه المعاشیق في مجلس عزاء:

یاقمراً أبصرت في مأتم بندب شجواً بین أتـراب

یبکي فیذري الدر من نرجس ویلـطـم الـورد بعـنـاب

فقلت: لاتبک علی هالک و ابک قتیلاً لک بالباب

(4/15؛ قا: ابن منظور، أخبار، ط بیروت، 138، حیث ینشد هذا لاشعر أیضاً في وصف جنان). واللوحة الأخری هي بکاء المعشوق أیضاً، ففیها: «کأن صفاء الدمع في ساحة الخد/ حکی الدر منثوراً علی ورق نضر» (4/68-69).

ولأن أبانواس أضفی علی صور الخیال حقائق الحیاة الیومیة اللامحدودة، فلاشک في أن مضامینه الجدیدة لاحصر لها أیضاً.

 

الغزل بالمذکر

في هذا القسم الذي یمثل الباب 11 منکتاب حمزة، جمعت 290 قصیدة و مقطوعة في 16 فصلاً («شرح»، 4/141)، إلا أن حمزة یشیر إلی أنه أخلی بعضاً من دشعار هذا لاباب بسبب قبح الألفاظ والمعاني و أدرجها فب باب «المجون» (ن.م، 4/144). والشعر الطویل نادر في هذه المجموعة کالعادةف ولا أثر فیه للتهجم علی العرب، ولم ینتقد فیه النسیب التقلیدي إلا في 6 مقطوعات (4/312، 324، 331، 344، 373) وبشکل مختصر. ولم تذکر في هذه الأشعار أي من الکلمات الفارسیة الغریبة، کما أن المعاني المشینة قلیلة فیها وذلک بسبب اختیار حمزة، فبمجرد أن یقترب الشاعر من أغراض المجون فإنه یکتفي بإشارات غامضة.

وأما الشباب الذین حظوا باهتمام أبي نواس فقد کانوا من شرائح مختلفة: الخدم والسقاة في الحانات و العساکر و الحرفیین و کتّاب الدواوین و غیرهم. و ینحدر هؤلاء الغلمان من أصول غیر عربیة في الغالب، وهم یرتدون القراطق والأقبیة الخراسانیة. ولذلک فقد اشتق أبونواس فعل «خَرْسَنَ» من کلمة خراسان لمرات عدیدة (ظ: قسم الکلمات الفارسی).

ویبدو معشوق الشاعر أحیاناً موجوداً أثیریاً، لایستوعبه الوهم ولایمکن وصفه، لأنه مزیج من الجسم و الحرکات المتوالیة والسکون، وهو منظوم من جوهر النور، وترکیب من الروح (4/341)، سهیل حاضنه و الشمس مربیته (4/380). وعندما یراه أبونواس یظن أنه فرّ من الجنة (4/357). وهو یبلغ من الرقة بحیص لاتمکن رؤیته، إلا علی شکل نور (4/208). ویبلغ من الظرف حداً بحیث عندما تقع النظرة علیه فإنها تکاد تترک جرحاً في خده (4/206).

ویذکر أبونواس أسماء بعض الشبّان (4/353)، إلا أن عدداً کبیراً من غزلیاته نظمها مخاطباً فیها أشخاصاً مجهولین، وهو یعترف أحیاناً أنه لایعرف شیئاً عن المعشوق (4/308).

ویبدو أن أبانواس لم یکن یتورع أبداض عن اقتباس معاني الشعراء السابقین لکي یضفي علیها حیویة أکثر في إطار ألفاظه (مثلاً الموضوع المکرر للقاء طیف المعشوق بالعاشق، 4/213، مخـ). ففي إحدی المرات أظهر اتبهاره بشکل سافر ببشار الشاعر، وضمن بیتاً له في غزله (4/222).

وهناک مقطوعة من الغزل بـ «المذکر»، لاتوجد في دیوانه ولعلها مجعولة، تکشف بوضوح عن مدی ارتباطه بالقضایا السیاسیة في عصره، والصراع بین الأمین و المأمون (ظ: ابن منظو، أخبار، ط بیروت، 297).

 

الزهد

من الأفضلأن تأتي «زهدیات» أبي نواس بعد الخمریات والغزل بالمؤنث و المذکر مباشرة علنا نستطیع أن نجسد بشکل أفضل اضطراب هذه الروح الموّارة الحائرة. فالشاعر الذي باع الورع واشتری الإثم وعقد الصفقات مع إبلیس، نراه علی حین غرة في مکة المکرمة وهو یهتف: لبیک لبیک، ویدعو صادقاً (ظ: ط الغزالي، 623، لاتوجد في مجموعة حمزة، ولذلک فإن البعض شککوا في صحة نسبتها إلی أبي نواس، مثلاً ظ: شلق، 366). ویبلغ نداء تلبیته حداً من الجاذبیة بحیث یضم الناس صوتهم إلی صوته لیهتفوا معه بصوت عال.

والباب السابع من مجموعة حمزة الأصفهاني، أي باب الزهدیات یشمل 24 قصیدة ومقطوعة. ولعلنا نستطیع أیضاً أن ننقل بعضاً من مقطوعات الدیوان إلی هذا الباب (مثلاً رثاء نفسه، 1/302، 303). ومع ذلک، فقد حدث في هذا المقدار القلیل أیضاً خلط یدعو إلی الدهشة.فالکثیر من المقطوعات المذکورة هنا یمکن أن تجدها أیضاً في دیوان صالح بن عبد القدوس و خاصة في دیوان أبي العتاهیة الذيکانت تربطه علاقات صداقة معه، ولکن لایبدو أن هناک مقیاساً حاسماً فيهذه الآثار لتمییز الدصیل من المزیف. و علی سبیل المثال فإن المقیاس الذي قدمه الغزالي (ص 609) في صحة نسبة الأشعار إلی أبينواس هو أن تتضمن المقطوعة مضمون «اللجوء إلی الصفح الإلهي،والتوبة من الذنب». ویری شلق (ص 363) أن الضعف البیاني و الترکیبي للشعر هو علامة الاختلاق، إلا أن هذه لاعلامات لاتبدو معتبرة کثیراً دون مؤید آخر، وفیما یتعلق بزهدیات أبينواس هناک موضوعات یطرحان دوماً: الأول زمان نظمها، والآخر صدق الشاعر. و یسود الظن عادة في أنه عندما تقدم به السن و هدأت النزعة الشیطانیة في کیانه، توجه إلی الله مثل کثیر من الشعراء الآخرین،وطلب الغفران في شعره، إلا أن هذا الظن – رغم أنه یبدو معقولاً وطبیعیاً- یمکن أن لایصمد أمام بعض الانتقادات. ونشیر هنا إلی روایتین فقط تنقضان هذا الکلام: الأولی أن أبانواس ربما نظم إحدی زهدیاته، أي شعر دعاء الحج فيسن الثلاثین أو قبلها بقلیل، ذلک لأنه، علی حد قول حمزة (ظ: قسم الغزل بالمؤنث)، التقی معشوقته جنان في هذا السفر. والثانیة أن أکثر الروایات التي تحدثنا عن أواخر حیاته تذکر أن الدافع إلی مقتله شعرٌ خلیع، أو هجاء مقذع، أو أنه مات علی حد قول ابن المعتز (ص194) في بیت امرأة حمّارةف وإذا ماکانت هذه الروایاتصحیحةففعلینا أن نذعن إلی أنه کان ینظم الدشعار الزهدیة منذ شبابه، کما کان ینظم الأشعار الخلیعة أیضاً حتی آخر لحظة من حیاته.

وعلی أیة حال، وطبقاً لما قاله فاغنر (ظ: EI2؛ قا: الغزالي، «ذ، ض»؛ مونتي، 41) علینا القول بأن الأمر لم یکن بشکل بحیث یقال فیه إن أبا نواس کان یلتزم الزهد ویختار طریق الله في وقت معین، إلا أنه کان في نفس الوقت وخاصة في الأوقات التي کانت تهدأ فیها فورة شبابه، ولم یکن بمستطاع الخمرة والحب أن یملآ فراغه الروحيف یلوذ دون شک بآخر ملجأ للنفوس المعذبة والحائرة ویهتف کلاخیّام من أعماق نفسه: «یارب إن عظمت ذنوبي کثرة/ فلقد علمت بأن عفوک أعظم» (2/173). وهذا هو المعنی الذي یتکرر مراراً في شعره (2/166، مخـ). وهناک عدة مقطوعات من الزهدیات نظمت حقاً، في فترة شیخوخته و مرضه کما تشهد بذلک أشعاره نفسها. فهو یبدو فیها قلقاً للغایة لأنه لایعلم هو سیُغفَر له حقاً أم لا (2/169). «دبَّ فيَّ النفاء سفلاً و عُلواً/ وأراني أموت عضواً فعضوا» (1/302،303). والا« وقد هدأت فورة شبابه (2/168-169) وابتعد عن اللهو و اللعب بسبب القتدم في السن (2/168) فاشیخوخة أفضل واعظ وناصح (2/158).

وفي هذا القسم تزید مضامینالوعظ والنصح والعبرة علی المعاني الدخری: فالشباب یتبع دوماً هوی النفس، ومن المحرم النظر إلی النساء، والدین لاعوج فیه، والموت یترصدنا، فلنعتبر بذلک (ن.ص)، واتق الله، وتجنب جمع المال، وکل عمل ممکن بعون الله، ولامهرب من الموت (2/160)، وراقب الله، وکن عابداً له (2/170) و ما إلی ذلک. ومن البدیهي أن الشاعر لم یستطع في هذه الأشعار أن بغض النظر عن المعاني المعروفة والرتیبة، وکأن الشعر لم یترشح من روحه إلا عندما أحاط الخوف بکیانه و أقبل تائباً علی الحضرة الإلهیة.

ومع کل ذلک، فقد عُد بیتان أو 3 أبیات من زهدیاته في عداد روائع الأبد العربي: فقد انبهر نضر بن شمیل ببیت من زهدیاته؛ وقد اعتبر المأمون هذا البیت أفضل ماقیل في وصف الدنیا: «إذا امتحن الدنیا لبیب تکشفت/ له عن عدو فيثیاب صدیق»؛ وقد کان أبوالعتاهیة الذي یدعي أنه نظم 16 ألف بیت في الزهد، یتمنی أن یقدم له أبونواس 3 أبیات من زهدیاته (ومن بینها البیت الذي لفت اهتمام المأمون) مقابل ألف بیت من شعره (حمزةف«شرح»،2/159، 161؛ قا: ابن المعتز، 208). وقد اعتبر الأصمعي أیضاً إحدی هذه القصائد التي تدور حول وصف الدنیا الفانیة والاعتبار منها، أفضل شعر من نوعه (ظ: حمزة، ن.م، 2/166). والدبیات الثلاثة التي رآها حمزة الأصفهاني علی شاهدة قبره هي أیضاً موعظة زهدیة اختتمت بهذا لابیت: «وأرتک وجهک في التراب/ وأنت حي لم تمت» (ن.م، 2/171-172). إلا أن هذه الروایة یبدو فیها شيء من الغرابةففهناک روایات أخری نسبت مانقش علی شاهدة قبره إلی شاعرین آخرین وهما:عمرو الوراق في روایة حمزة (ن.م، 2/173)، والحسین بن الضحاک في روایة أخری (ظ: شلق، 63). ومن الطریق أن الشاعر کان یعبر علی مایبدو ببعض العبارات الحکمیة بالإضافة إلی الأشعار الزهدیة ذات العبر، وقد حفظها بعض الرواة (ظ: ابن المعتز، 204-205).

 

الطردیات

بعد أبونواس أفضل شاعر عربي في شعر الطردیات أیضاً، وقد خصص حمزة الباب الثامن من مجموعته لهذا الغرض الذي یضم في المجموع 106 أشعار،وقسّمه إلی 4 فصول: یشمل الفصل الأول 4 قصائد و 26 أرجوزة،ولایشک في انتسابها إلیه؛ و یضم الفصل الثاني 5 أراجیز صحیحة وأحیاناً مختلفة؛ ویتضمن الفصل الثالث في المجموع 71 أرجوزة تشتمل علی الصحیح و المختلق والضعیف والقوي مما وجده حمزة بنفسه، وقد نسبت إلیه في بعض النسخ؛ ویشمل الفصل الرابع 6 أراجیز وضعها خارج باب الطردیات (2/176).

وتشیر الدراسات العلمیة الدقیقة التي قام بها حمزة إلی کیفیة اختلاط عدد کبیر من أشعار الشعراء المختلفین بشعر أبي نواس في العصور المختلفة. وقد کانت محاولات تقلید أبي نواس تبلغ أحیاناً حداً بحیث إن حمزة نفسه کان یعجز عنتمییزها. ومع کل ذلک، فقد بذل حمزة جهوداً کبیرةف وأشار في ختام باب الطردیات إلی 16 قصیدة عثر علی أسماء شعرائها، ووضعها خارج إطار دیوان أبي نواس (ن.م، 2/324- 325)، إلا أنه کان یعلم جیداً أن هذا لایکفي أیضاً. وهو ینقل في هذا المجال روایة تفید أن أبانواس لم ینظم سوی 29 أرجوزة طردیة وأن البقیة للآخرین.وقد أید رواة أبي نواس (عن طریق أبي هفان) هذا الردي أیضاض، غیر أنهم أضافوا 4 قصائد إلی تلک الدراجیط (ن.م، 2/176-177).

وفي هذه المجموعة المنقطعة النظیر تحظی جمیع الأشعار بقیمتها الشعریة، وحتی الدشعار المختلقة یمکن الاستناد إلیها، ذلک لأن أکثرها یحمل الوح النواسیة بشکل کامل سواء في المعنی، أم في الوزن، أم في الألفاظ. وقد صُورت فیها أنواع الحیوانات المستخدمة في الصید کالکلب ولافهد، أو الطیر کلاباز و لاشاهین و الیؤیؤ و الصقر، بدقة تدعو إلی الدهشة أحیاناً. وینظر أبونواس بولع إلیحرکة هذه الحیوانات ذات المخالب الحادةف ویلتذ بذلک بکل وجوده. ولیس من المعلوم هل کان هو نفسه بمقدوره أنیهيء أدوات الصید الغالیة الثمن، أم لا؟ ولکن مما لاشک فیه، أنه لم یکن یشعر بالحرمان من أي شيء في رکاب الخلیفة العباسي الأمین.

وبحر الرجز هو وزن هذه الأشعار باستثناء 4 قصائد. ویبدو أن أبانواس أراد أن یوظف إیقاع الرجز ذا الجرس الموسیقي اللطیف والسریع کيیصور بذلک الجو المتحرک والناشط للصید بشکل أفضل، إلا أن ألفاظه تختلف کثیراً عن ألفاظ الخمریات والغزل. فقد استُعمل هاهنا عدد کبیر من الکلمات الغریبة وغیر المأنوسة، اختیرت أحیاناً من صمیم البادیة (ظ: الشکعة، 311). صحیح أن الألفاظ غیر المأنوسة في أشعاره کانت تأخذ مکانها فیها بشکل بحیث لایشعر القارئ بعدم انسجامها (ظ: شلق، 510)، إلا أن کثرة هذا النوع من الکلمات تبلغ حداً بحیث لایمکن فهم أي من قصائده الطردیة دون الاستعانة بالشرح. وفي هذا القسم – کما هو الحال في الخمریات – یبدو بوضوح تأثیر الثقافة الإیرانیة رغم الکلمات الصعبة التي قد یکون بعضها خاصاً بالصیادین العرب. ولاشک في أن تقالید الصید کما نراها في شعر أبي نواس هي نفسها التي کانت شائعة بین الملوک والأمراء الإیرانیین، ولذلک فالکثیر من کلماته الأصلیة فارسیة أیضاً. ومن الملفت للنظر أننا لانصادف کثیراً الکلمات الفارسیة الجدیدة في وصف الصید، أو الحیوانات السریعة مثل الکلب والفهد، إلا أننا نجد في قصیدتینأو3 قصائد مختصة بالبازي والشاهین عدة کلمات لم یستعملها في الظاهر شخص آخر غیر أبي نواس، وذلک بالإضافة إلی الکلمات التي دخلت حدیثاً من الفارسیة إلی العربیة في العصر العباسي. ومما لاشک فیه أن الجمیع في المجتمع الأرستقراطي و شبه الإیراني في بغداد والبصرة کانوا یعرفون هذه الکلمات، إلا أن أبانواس کانت لدیه الجرأة علی استعمالها في الشعر أیضاً. إن کلمات مثل: دستبان، وبازیکند (في الدیوان: بازیکند)، ودستبند (2/203-204)، ودیزج (= الأسود، 2/228) وأمثالها کانت قد تفذتإلی اللغة العربیة حدیثاً، أو کلمة سُهرداز (= الدحمر) التي استعملها أبونواس عدة مرات. وأما ألفاظ مثل دامن گرد، وشکاربند (2/203-204)، ودهفرج، ودستخاز و فرواز (2/216، 217) فهو الوحید الذي استعملها (ظ: قسم اللغة الفارسیة في شعر أبينواس من هذه المقالة).

وتبدأ اکثر أشعار هذا القسم بتعبیرین أو 3 تعبیرات مکررة: فالشاعر یخرج قبل الجمیع في الصباح الباکر (وقد اغتدي)، ولعله حاکي في ذلک معلقة امرئ القیس. وأما مصطلحه الآخر فهو «أنعت [حیواناً]»، ومن هذه الدشعار، فقد خصصت في المجموعة الثلاثینیة التي أیدها حمزة: 9 أراجیز (2/179-200) وقصیدتان لوصف کلب الصید (2/245-249). وقد دُربت جیداً کلابه الأصیلة السریعةف ذات الدنیاب الحادة (2/199)، بحیث تدرک بسرعة إشارات أصحابها و نداءاتهم (2/198). وهي تقبض علی الصید حتی وإن کان في العیوق، وتضعه بین یدي الصیاد ورقبته تنزف دماً (2/180). فعلینا إذن أننشکر الله الذي أنعم علینا بمثل هذا المخلوق (2/187). ویبدوبوضوح و لعه بهذه الکلاب القویة في تضاعیف أبیات القصیدظ التي نظمها في رثاء أحدها. وقد نسب له حمزة في الفصل3 من الکتاب، 28 أرجوزة (في وصف الکلاب) مشکوک فیها («شرح»، 2/260- 285).

ونقل بعد شعر وصف الکلاب، الشعر المتعلق بالفهد (أرجوزة واحدة، 2/200- 202، أیضاً 5 أراجیز ربما مختلقة، 2/285- 290). وبعد وصف الکلاب، یدور موضوع غالبیة الأشعار حول وصف الباز، أو البازة (5 أراجیز، 2/202- 215، بالإضافة إلی 10 أراجیز مشکوک فیها، 2/290- 296).

وأما طیور الصید الأخری في هذا القسم فهي: الزُرَّق (البازي الأبیض، نوع من الباشق)،أرجوزتان (2/216- 219، أیضاً 3 أراجیز ربما مختلقة، 2/297-298)؛ الصقر، 3 أراجیز (2/219- 226، أیضاً 3 أراجیز ربما مختلقة، 2/298- 302)؛ الشاهین، أرجوزة واحدة (2/227- 228، أیضاض 3 أراجیز ربما مختلقة، 2/303-306)؛ الیؤیؤ، أرجوزتان (2/229- 231، کذلک أرجوزتان قد تکونان مختلقتین، 2/307)؛ العقاب (ربما مختلقة، 2/308). وفي نهایة هذا القسم توجد بضع قصائد طریفة للغایة یبدو فیها بوضوح أثر التقالید الإیرانیة: 3 أراجیز (2/231 وما بعدها) حول البندقة ویطلق علیها أحاناًاسم الجلاهق (معرب: گروهه، دو کمان گروهه 2/238). وقد جاءت فیها أوصاف دقیقة لنوع طینتها، وصناعتها، والرامي، والقوس الذي تُطلَق منه «البنادق»، وأسلوب صید الطیور. وهناک أیضاً الفخ و وصف العصافیر التي تهرب منه، ثم إذا بها تنخدع به لتقع فیه أخیراً (2/249- 250).

وأما الأکثر طرافة من کل ذلک، فهو قصیدتان في وصف ألعاب الصولجان و الطبطاب، و هي علی حد علمنا لم ترد بهذا التفصیل والدقة في أي موضع آخر (2/256-259). وقد جاء في القصیدة الأولی وصف الشباب من لاعبي الکرة والصولجان، والجیاد الأصیلة، وزمن اللعب، والصولجان نفسه (عصا اللعب الطویلة)، ونوعیة الکرة وکیفیتها، وبعد ذلک یبدأ اللعب،وتتدحرج الکرة في جمیع الاتجاهات، وأخیراً یطلق أحدهم هتاف الفوز، ویسیطر الخزن علی الآخر. وقد شارک أبونواس نفسه – علی ما روی حمزة – في هذه اللعبة التي جرت في عیساباد، وهَزم بمساعدة فریقه المنافسین الذین کانوا من أشراف العرب. وفي القصیدة الثانیة (2/258- 259) وصف أبونواس الطبطاب الذي یعني کرة الصولجان، ولکن یبدو أنهم کانوا یلعبون بها بغیر حصان.

 

المدح

إن شاعراً کأبي نواس یرید أن یتمتع بجمیع ملذات الحیاة، ویتردد علی المحافل الأدبیة و الفنیة، وتکون له حیاة مرفهة، ویدمن من أذی الأعداء و الحساد خاصة، فإنه مضطر إلی أن یدخل بلاط الخلفاء وأمراء الدولة عن طریق المدح، أو أن یکون ندیماً، أو مهرجاً لهم. وبالطبع فإن أبانواس و منذ أن سار من الأهواز و البصرة إلی بغداد لم یکن له هدف سوی أن ینفذ في بلاط أصحاب المناصب الرفیعة، إلا أن عیب شعر المدح هو أنه یقید الشاعر في قوالب وإطارات معینة ومعدة من قبل، ورغم کل تلک المهارة والجهود التي کان أبونواس یبذلها للتخلص من هذا الحرج إلا أنه ظل مبتلی بها. و بلغ شعر أبي نواس في باب المدح علی ما أحصاه حمزة 105 قصائد («شرح»، 1/106) دونت في 3 فصول: 1. قصائده المعروفة؛ 2. المدائح القصیرة التي کتب بها من السجن إلی شفعائه (ن.م، 1/239)؛ 3. القصائد التي لاتحظی بمکانة القصائد السابقة حسب رأي حمزة (ن.م، 1/259).

وفي هذه المجموعة قسمت المدائح علی الشکل التالي: هارون، 5 قصائد؛ الأمین 27 قصیدة؛ العباس بن عبدالله، 4 قصائد؛ یحیی البرمکي، قصیدة واحدة؛ الفضل البرمکي، قصیدتان؛ الفضل بن الربیع، 17 قصیدة؛ ابنه محمد، قصیدتان؛ الخصیب، 6 قصائد؛ وأما القصائد الذحدی والأربعون المتبقیة فقد خاطر فیها الشاعر أشخاصاً مختلفین بل وحتی نفسه.

إن شعر المدح الذي لیس له مخاطَب سوی النبلاء وأبنائهم، وهو مفرغ أساساً من أي نوع من الصدق والعاطفة، لابد و أن یتحول إلی أداة ووسیلة مناسبة للنقد. وحینئذ یقیَّم في میزان النقد علم الشاعر و تبحره في شتی المجالات کاللغة و الشعر والصناعات اللفظیة والأخبار والدنساب وغیرها، فضلاً عن ذوقه و قریحته. و علی هذا، فالشاعر الذي یتجه إلی المدح، یعمد قبل کل شيء إلی اختیبار مستواه مع المنافسین، ویأمل فيأن یسبقهم، لیقترب أکثر فأکثر من مرکز السلطة والثروة. وبناء علی هذه الملاحظات، فإن أبانواس لم یهمل جانب الحذر. ففي الوقت الذي کان یثور فیه بقسوة ضد التقالید الشعریة القدیمة ویسخر من کل شيء، کان یعکف علیتقلید المعاني و الدسالیب القدیمة في مدح الخلفاء. والعجیب أنه خلق آثاراً بدیعة رغم تجاوزه أحیاناً حد الاعتدال فیها.

الصفحة 1 من9

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: