الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أبو نواس /

فهرس الموضوعات

أبو نواس

أبو نواس

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/15 ۲۱:۵۴:۵۵ تاریخ تألیف المقالة

وتدل الأشعار التي نظمها في رثاء الأمین (1/299-300) علی أنه کان حیاً حتی موت الأمین (198هـ). ومنذ هذا التاریخ لاتتوفر لدینا أیة معلومات عنه، وتفید بعض المصادر أنه مات في السنة نفسها في بغداد، ودُفن في مقبرة الشونیزیة (الخطیب، 7/448- 449؛ ابن الأنباري، 51-52). وقد ذکرت تواریخ أخری أیضاً في لامصادر القدیمة تشیر إلی أن وفاته کانت بین 195 و حتی 200هـ (أبوهفان، 108؛ ابن قتیبة، ن.م، 2/692؛ ابن المعتز، 194؛ ابن الندیم، 182؛ ابن نباتة، 316؛ ابن منظور، ن.م، 11-12).

وقد جاء في بعض الروایات أنه مات مسموماً علی ید النوبختیین (ن.م، 304-305). کانت تربطه مع آل نوبخت علاقات وثیقة، وقد مدحهم (ظ: 1/90-291)، وربما لهذا عده البعض شیعیاً (ظ: تتمة المقالة)، وکان علی حد قول الجاحظ، یقضي معظم أوقاته لدیهم (البخلاء 1/131-132؛ حمزة «شرح»، 1/117؛ ابن منظور، أخبار، ط بیروت، 80، 105)، وتفید روایة أنه کان من الندماء الخاصین لإسماعیل بن أبي سهل (حمزة، ن.م، 2/48)، ومع ذلک، فإنه لم یتورع عن سب هذه الأسرة، فقد هجاها لعدة مرات بکل وقاحة (ن.م، 2/26-48، 128-131؛ الجاحظ، الحیوان، 3/129؛ ابن منظور، ن.م، 144، 281-282)، ویقال إنه عندما هجا أم إسماعیل بن أبي سهل بأبیات مقذعة (ظ: 2/128-129) غضبت الأسرة النوبختیة، وقررت قتله (أبوهفان، 34-36؛ ابن منظور، ن.م، 305). وجاء في روایة أخری أیضاً أن زنبور الکاتب الذي کان یعادیه نظم شعراً في هجو الإمام علي (ع) و نسبه إلیه، وعندما سمعه النوبختیون، قرروا قتله (حمزة، ن.م، 2/75؛ ابن منظور، ن.م، 304-305، 308-309؛ قا: إقبال، 22). ولم تهتم المصادر عامة بهذه القصة، کما أن الأسرة النوبختیة کذّبتها (ابن منظور، ن.م، 308-309)، ونحن نعلم أن هذه الأسرة قد جمعت کل أشعاره و أخباره، و وصلت منهم إلی حمزة الإصفهاني (ظ: ن.م، 1/117) و الآخرین.

ویبدو أن أمه جلبان کانت ماتزال علی قید الحیاة بعد موته، وتفید إحدی الروایات أنها ذهبت هي وزوجها إلی دار أحد النوبختیین، وأخذا منه 200 درهم وصندوقاً یحوي کتباً وبعضاً من الآلات الموسیقیة التي بقیت من أبي نواس (ابن منظور، ن.م، 309-310). ولم ترد الإشارة في أي من المصادر القدیمة إلی زوجته، أو أبنائه، ولکن و کما توحي بعض أشعاره فقد کانت له ابنة تدعی برَّة وابن لم یُذکر اسمه (1/249، 291؛ قا: شلق، 44-45). وقد مدح في أبیات جمیلة ابنته برّة، واعترف صادقاً أنه لم یکن أباً صالحاً لها، وطلب منها أن لاتبکي علیه بعد موته (ظ: 1/291).

 

عقائده و آراؤه

إن الروایات العدیدةحول سلوکه الماجن و الخلیع، وبعضاً من أشعاره الموحیة بزندقته، ومجالسته للشعراء الذین لم یکن لهم حظ من الالتزام لابالمبادئ الأخلاقیة ولابالمعتقدات الدینیة من جهة، وزهدیاته، ومکانته العلمیة البارزة في علوم القرآن والفقه والحدیث، والأشعار التي نظمها في وحدانیة الله، والدحادیث التي نقلها عن النبي (ص)، والأشعار التي نسبت إلیه في مدح الإمام الرضا (ع) من جهة أخری، کل ذلک جعل منه شخصیة مزدوجة و متناقضة للغایة حیرت جمیع الکتّاب القدامی و الجدد. و لذلک فق جعل منه البعض زندیقاً مفسداً، فیما جعل لابعض الآخر منه زاهداً متقیاً (ظ: تتمة الماقلة). وقد کان قد اتُّهم خلال حیاته بالزندقة، وبکونه من الخوارج، وباعتقاده بالمانویة والثنویة، بل أنه أودع السجن بسبب هذه التهم (ظ: ابن المعتز، 195؛ الطبري، 8/518، 524؛ الخطیب، 7/440؛ ابن منظور، أخبار، ط بیروت، 160-163).

وفي القرون التالیة أکد الکثیر من الکتّاب علی صحة هذه الاتهامات، ومنهم أبوالعلاء المعري الذي قال إنه کان علی مذهب هو غیر المذاهب الشائعة في عصره (ص 420). کما عده الکثیر من المعاصرین کافراً ملحداً ومانویاً وثنویاً وإباحیاً وشعوبیاً (ظ: حجاب، 287-289؛ ملحس، 60، 157-158). وإزاء هذا الفریق یعتقد کتّاب آخرون أن الشاعر کان یستند إلی تجاربه الذهنیة في وصف مظاهر المجون و الخلاعة، وأنه لم یرتکب إثماً بشکل عملي، ویرون أن أشعاره الموحیة بالکفر هي من باب التندر و التفکه لاغیر (حمزة، «شرح»، 1/189؛ ضیف، الفن...، 159-160؛ قا: صدقي، 72). کما اعتبروه شیعیاً نقي السریرة، بل إنهم بالغوا أحیاناً فعدوه من مشایخ المتصوفة و من کبار الطریقة الباطنیة (عبدالحسنیة، 39-40؛ قا: مهدوي، 639-640؛ فهمي، 241 وما بعدها). ویری فریق آخر أنبه کف عن ارتکاب الذنوب في شیخوخته و لزم الزهد، ویرون أن زهدیاته متعلقة بهذه الفترة (ابن منظور، ن.م، 307؛ علي خان المدني، 2/192؛ ضیف، العصر، 236-237؛ البستاني، 66-67؛ عبدالجلیل، 114؛ قاک پلا، 238؛ ابن منظور، ن.م، 274، الذي نقل روایة تفید بأن أبا نواس کذّب شائعة توبته).

ویبدو أن مَن عدوه شیعیاً، استندوا في ذلک إلی الروایات و الإشعار التي نقلها ابن بابویه (ظ: 2/142-144). وقد جاء في إحدی الروایات أن المأمون عندما اختار الإمام الرضا (ع) لولایة العهد، فنظم جمیع الشعراء أشعاراً في مدح الإمام (ع) سوی أبي نواس، فلامه المأمون (وبروایة أحد النوبختیین)، فإجاب أبونواس ضمن أبیات: «قلتُ لا اهتدي لمدح إمام/ کان جبریل خادماً لأبیه» (ابن بابویه، ن.ص؛ قا: ابن خلکان، 3/270-271). وبالإضافة إلی ذلک، فقد أشار ابن بابویه (ن.ص) في روایتین أخریین إلی التقاء أبي نواس مع الإمام الرضا (ع)، ونقل أبیاتاً له فيمدحه. إلا أن هذه الروایات التي وردت أیضاً في المصادر الشیعیة الأخری (ظ: الجویني، 2/200-202؛ القمي، 1/170؛ الخوانساري، 3/51-53؛ الصدر، 200؛ الأمین، محسن، 5/334)، لاتنسجم مع بعض الأحداث التاریخیة والروایات التي وردت في المصادر القدیمة؛ فنحن نعلم أن تولي الإمام الرضا (ع) لولایة العهد کان في 201هـ (ظ: ابن الأثیر، 6/326)، ولاشک في أن أبا نواس لم یکن علی قید الحیاة آنذاک. ثم إن أیة إشارة لم ترد إلی هذه الإشعار والروایات في دیوانه الذي وصلنا في روایتین مختلفتین، أي روایة أبي بکر الصولي وروایة حمزة الأصفهاني. أضف إلی ذلک أن أبانواس انحاز إلی جانب الأمین في ذروة اختلافاته مع المأمون في بغداد، بل أن وجود شاعر متهم بالکفر والزندقة مثله في بلاط الأمین کان کما مر آنفاً حجة بید المأمون کي یحرض الناس ضده. وفي هذه الحالة فإنه کما قال الصفدي «لوعاش إلی أن یدخل المأمون بغداد لناله منه سوءٌ» (12/287)، فما بالک أن یجعله شاعره و ندیمه. وبالإضافة إلی ذلک، فإن البعض من علماء الشیعة أیضاً اعتبروا أبا نواس من المخالفین للشیعة، وقد استندوا في ذلک إلی حدیث عن الإمام الهادي (ع) وُصف فیه الشاعر صراحة بأنه: «أبونواس الباطل» (الشوشتري، 2/583؛ اقمي، ن.ص).

وفیما یتعلق بشعوبیته فإن هناک روایات مختلفة أیضاً، ومن جملة الکتّاب القدامی الذین اعتبروه شعوبیاً: ابن عبدربه (3/408) وابن رشیق (1/232). وهناک فریق آخر من المعاصرین ذهبوا المذهب نفسه مستندین في ذلک إلی الأشعار التي هجا فیها بعض القبائل العربیة، وافتخر بالإیرانیین (أبونواس، 1/186-187، 253-255)، وإلی میله الشدید للشعوبیین أمثال أبي عبیدة المعمر بن المثنی (ن.ع)، وکذلک ألی حقده الدفین للمنحازین إلی العنصر العربي من قبیل الأصمعي (ن.ع) (المقدسي، 107-110؛ الدوري،840؛ حجاب، 290؛ البستاني، 5/175- 177؛ الجندي، 685؛ القاضي، 320).

وفي المقابل یری البعض أنه إنما استهزأ في أشعاره بالأعراب وأسلوب حیاتهم البدویة القاسیة التي لم تکن تتلاءم مع طبعه الظریف، لا العرب الحضر، ولذلک فإنهم لایرون ذلک ناجماً عن تعصبه ضد العرب (ضیف، ن.م، 230-231؛ فروخ 2/159-160؛ EI2؛ فاغنر، 132).

وعلی الرغم من جمیع هذه الاراء المختلفة حوله، فإننا لانستطیع أبداً أن نعتبر أبا نواس شاعراً ملحداً کافراً، فالاعتقاد بالوحدانیة والنبوة والمعاد مشهود بشکل کامل في أشعاره (ظ: ط الغزالي، 610-611، 614، 617)، إلا أن ماجعل منه شاعراً متعدد الوجوه هو علی مایبدو التزامه واعتقاده بمبدأ کلامي مهم أثار في عصره جدلاً کثیراً بین الفرق المختلفة، و هو مبدأ الغفران الإلهي الذي لاحد ولاحصر له. فالروایات المختلفة عنه وأشعاره وخصوصاً زهدیاته تشیر بوضوح إلی تمسکه الشدید بالعقیدة القائلة «بدن الله یغفر کل ذنب»، فکان یبرر جمیع أعماله علی أساس ذلک (ظ: ابن منظور، أخبار، ط بیروت، 211-212). ویروي ابن عساکر (4/279) أن الحسن ابن الدایة زار أبانواس في الأیام الأخیرة من حیاته و طلب منه و هو علی فراش المرض أن یعظه، فأنشد أبونواس هذه الأبیات:

تکثر ما استطعت من الخطایا        فإنک لاقـیاً رباً غـفـورا

ستبصر إذ وردت علیه عفواً          وتلـقی سیـداً ملکـاً کبیرا

تعض ندامة کفیک لما    ترکت مخافة النار السرورا

ومن الطریف أن جمیع الأحادیث التة نقلها أبونواس عن النبي (ص) تدور حول هذا المبدأ، وأن عفو الله لانهایة له، فهو الذي سوف یغفر لمرتکب الکبائر یوم القیامة (م.ن، 4/255؛ ابن منظور، ن.م، 294). بل أن إحدی الروایات تفید أن نقش خاتم أبي نواس کان شعراً یعبر عن هذا المضمون: «تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته/ بعفوک ربّي کان عفوک أعظما» (ظ: ابن منظور، ن.م،208). وعلی أساس هذه النظرة فقد انتقد بشدة الفِرّق التي کانت تحمل آراء متشددة إزاء الکبائر، وقد کان أحد مواضع اختلافه مع المعتزلة وخصوصاً النظّام یتمثل في أن المعتزلة یرون أن مرتکب الکبیرة مخلد في النار إن لم یتب (ظ: أبوزهرة، 214). وهو یخاطب النظّام في قصیده معروفة قائلاً:

لاتحظر العفو إن کنت امرأً حرجاً فإن حظرکه بالدین إزراء

(3/4؛ أیضاً ظ: ن.د، إبراهیم بن سیار). إن معتقدات أبي نواس في هذا المجال قریبة جداً من فرقة المرجئة، فهم یتسامحون کثیراً فیما یتعلق بالکبائر، ویری فریق منهم أن الإیمان اعتقاد بالقلب و أن من أقر بالإیمان فهو مؤمن، وإن الله یغفر له مهما ارتکب من ذنوب، ومهما کفر (ظ: أبوزهرة، 202-203).

وإذا ماسلمنا بدن أبانواس کان یأمل الصفح الإلهي إلی أبعد الحدود، وأنه کان قد وضعهذا المبدأ أساساً لحیاته الفردیة والاجتماعیة، فإننا سوف لانضطر إلی أن نعتبره فاسقاً فاجراً في أوائل حیاته، وزاهداً متقیاً في أواخر عمره، وسوف نجد کذلک تبریراً منطقیاً لانفلاته و مجونه، ذلک لأن هذه النظرة تستوعب کلاً من الإیمان و الکفر، وکلاً من الزهد والمیل إلی الآخرة و اللاأبالیة والانفلات.

 

أبونواس و الحب

لایمکننا اعتبار أبي نواس من جملة الشعراء العشاق المعروفین، إلا أنه علی ماقال هو نفسه جمع تجارب کثیرة في طریق الحب (ظ: 4/172). فهو لم یکن سوی طفل عندما أحب فتاة صغیرة تناهزه في السن (ظ: 4/27؛ ابن خلکان، 2/96؛ قا: صدقي، 37-40). والحادثة الأخری هي قصة حبه التي لانعلم مدی امتزاجها بالأساطیر وقد وقعت في البصرة مع جنان جاریة آل عبدالوهاب الثقفي، فقد رآها الشاعر لأول مرة في سوق المربد، وشُغف بها کثیراً، وقد اضطر هذا اللقاء القصیر الشاعرَ المنفلت المتمرّد الذي لم یکن یعترف بأي قید، إلی أن یسلم عنانه للحب، ویرکع له. وقد اعرضت جنان عنه في البدء، وأجابت علی رسائله الغرامیة بألفاظ نابیة واستهزاء، إلا أن الشاعر الذي کان قد شُغف بها حاول من خلال أشعاره الغرامیة أن یروضهاف إلا أن معشوقته لم یرق قلبها له، ولم تدعه إلی حرم و صالها (أبوالفرج، الأغاني، 18/2- 3، مخت؛ ابن منظور، أخبار، ط بیروت، 128-131، 139-140). ویقال إن معشوقته هذه عندما قصدت الحج، عزم الشاعر علی المسیر أیضاً علّه یحظی بلقائها في الطریق، أو عند الطواف. وقد وصف في أبیات جمیلة لحظه التقائه بمعشوقته أمام الحجر الأسود (4/42). وتفید إحدی الروایات أن أبا عثمان الثقفي أخا عبدالوهاب سار بجنان من البصرة إلی موضع یدعی حَکَمان عندما تناقلت الألسن أشعار الشاعر في جنان. فکان الشاعر یجلس منتظراً – علی عادة العشاق – خارج البصرة سائلاً الناس القاأمین منها عن جنان (ظ: 4/118- 119؛ أبوالفرج، ن.م، 18/5؛ ابن منظور، ن.م، 136-138)، إلی أن اشتری رجلاً جنان أخیراً، وأخذها معه لیکوی قلب الشاعر بنار الهجران الدائمي (أبوالفرج، ن.م، 18/8). وقد قیل إن جنان کانت المرأة الوحیدة التي کان أبونواس صادقاً في حبه لها (ن.م، 18/2). وقد خصص أبوالفرج الأصفهاني فصلاً مستقلاً في الأغاني لأخبار حب الشاعر لجنان (ظ: 18/2 و مابعدها).

ومن بین معشوقات الشاعر الأخریات عنان جاریة الناطفي. وقد بدأت قصة حبهما قبل ذهاب الشاعر إلی مصر، واستمرت لمدة طویلة، ودق کان أبونواس یأنس لعنان التي کانت تتمیز بطبع محبب مازح، فقد کانت تشارکه الشراب، وتنشد له أشعاراًغرامیة،إلا أن العلاقات بینهما مالبثت أن تکدرت، فتبادلا الهجاء،وأخیراً انقطعت الرابطة بینهما. وقد نقلت المصادر القدیمة قصصاً کثیرة حول مجالس لهوهما و جونهما والمهاجاة بینهما (ظ: أبونواس، 2/143-144؛ أبوالفرج، الإماء...، 32، 35، 37-39؛ ابن عبدربه، 6/59-60؛ ابن عساکر، 4/263؛ ابن الجراح، 43-44؛ الوشاء،330). وقد أشار أبونواس في غزلیاته وأشعاره الأخری إلی أسماء أخری من المعشوقات العربیات المعروفات مثل: دنیا و سعدی و سعاد و سودة و نرجس و حُسن (1/145، 146؛ أبوهفان، 42؛ الجاحظ، الحیوان، 5/166-167؛ ابن منظور، ن.م، 121-122، 131-132).

 

أبونواس و معاصروه

کان أبونواس معاصراً لشعراء وعلماء کبار، ومعاضراً للکثیر منهم، ویهاجیهم أحیاناً. ومن الطبیعي أن شاعراً کبیراً مثله لم یکن بإمکانه أن یکون بعیداً عن أجواء التنافس و الخصومة بین الشعراء.وینقل ابن منظور عن محمد بن عمر أنه لم یکن هناک أيّ شاعر في ذلک العصر إلا وأضمر له الحسد (ظ: ن.م، 43). وقد کان الفضل بن عبدالصمد الرقاشي، وهیثم بن عدي، وأبان بن عبدالحمید اللاحقي، وأشجع السلمي، وداود بن رزین، وزنبور بن أبي حماد، و أحمد بن روح من جملة الشعراء الذین تبادلوا الأشعار الهجائیة مع أبي نواس (ظ: أبونواس، 2/61-81؛ ابن المعتز، 204؛ المرزباني، 260؛ الجهشیاري، 123؛ ابن خلکان، 6/112؛ ابن منظور، ن.م، 124-125). ومن بین هؤلاء الشعراء، کان العداء بین أبي نواس و بین الرقاشي وأبان بن عبدالحمید اللاحقي شاعر البرامکة أکثر من الجمیع. یقول ابن المعتز (ص 241-242) حول بدایة العداء بینه و بین أبان: طلب یحیی بن خالد البرمکي من أبي نواس أن ینظم کلیلة و دمنة شعراً، فصار إلیه أبان فقال له کالمتنصح: ... فلاتُقدِم علیه إلا بعد إنعام النظر في أمرک. فظن أبونواس أنه قد نصح له، واستقال الأمر فیه، وتخلی به أبان، ولزم بیته لایخرج حتی فرغ منه في 4 أشهر، و هي قریبة من 5 آلاف بیت. ثم حمله إلی یحیی بن خالد، فأعطاء علی ذلک 100 ألف درهم، فحزن أبونواس وصبّ علی أبان جام غضبه وهجائه. فبادر دبان بدوره إلی هجاء أبي نواس، لکنه لم یستطع أن یرد علی هجائه بأشعار دامغة قط. کما ورد في روایة أخری بأن جعفر بن یحیی البرمکي أمر أبان بمال یفرقه بین الشعراء، ففرقه و أمر لأبي نواس بدرهم ناقص، وأرسل إلیه: إني قد أعطیت کل شاعر علی قدره، وهذا مقدارک. فوجد علیه أبونواس و نظم أشعاراً لاذعة في هجائه. فلما سمعها أبان خشي،وقال له: لا تُذیعها وخذ مني ألف درهم، فرفض أبونواس. ولما بلغت هذه الأشعار مسامع البرامکة، طردوا أبان مباشرة من البلاط (م.ن، 202-204؛ ابن عبدربه، 4/204-205؛ ابن الأبار، 80-81؛ ابن منظور، ن.م، 271-273؛ أیضاً ظ: قسم الشعر).

وقد کانت لأبي نواس علاقات ودیة أیضاً مع شعراء معروفین آخرین مثل أبي العتاهیة و ابن مناذر. ولم یکن أبوالعتاهیة المعروف بتشاؤمه وزهده یطیق طبع الشاعر المیال إلی اللهو و المجون، وکان یذمه بشدة (أبوالفرج، الأغاني، 3/177). ومع ذلک،نراهما جنباً إلی جنب في الکثیر من مجالس إنشاد الشعر و اللهو و المجون (ظ: ابن عساکر، 4/261؛ أبوالفرج، ن.م، 20/88-89؛ العباسي، 1/86؛ ابن کثیر، 10/266). کان أبوالعتاهیة یهتم کثیراً بأشعار أبي نواس، ویقال إنه کان یعتبره أکبر شعراء عصره (ابن عساکر، 4/258؛ ابن خلکان، 2/102؛ ابن منظور، أخبار، ط بیروت، 47؛ عبدالرزاق، 7). وقد جاء في روایة أخری أن أبا العتاهیة طلب من الشاعر أن یخلي له میدان الزهد، وأن یکتفي بدغراض المدح والهجاء و الخمریات (ظ: ابن منظور، ن.م، 53). وفیما یتعلق بعلاقاته مع ابن مناذر فقد ذکرت في المصادر عدد من الروایات، تشیر إحداها إلی أول لقاء بینهما في مسجد البصرة.وقد جاء في روایة أخری أن هارون الرشید عندما جفا ابن مناذر، و ساءت حال الثاني، سارع أبونواس إلی مساعدته بـ 100، أو 300دینار (أبوالفرج، ن.م، 17/11، 25-26؛ أیضاً ظ: ن.د، ابن مناذر).

وبالإضافة إلی ذینک الشاعرین، فق کان أبنواس یعاشر شعراء آخرین مثل أبي الشمقمق، وأبي الشیص، والحسین بن الضحاک، ومسلم ابن الولید، ودعبل الخزاعي، وأبي خالد الفارسي. وذکرت المصادر القدیمة حشداً من الروایات حول محافل إنشادهم الشعر، ومجالس مجونهم و خلاعتهم (ظ: ابن المعتز، 73، 207؛ الصولي، أخبار، 238؛ المسعودي، 6/245-246؛ أبوالفرج، ن.م، 6/185، 200، 15/109-110).

کما کانت له علاقات مع ثلاثة من الرواة الکبار و هم: أبوعبیدة معمر ابن المثنی، وأبوعمرو الشیباني،واللأصمعي. وقد کان أبوعبیدة معجباً إلی حد کبیر بلطافة طبعه وذوقه الشعري والأدبي (ابن خلکان، 2/100)، ویضعه بین لامحدثنی کامرئ القیس بین الشعراء القدماء (ظ: الخطیب 7/437). وقد کان أبونواس بدوره یثني علیه ویبذل جهوداً کبیرة لیدخل بلاط الخلافة العباسیة (ظ: ن.د، 5/80)، إلا أنه کان أحیاناً یؤذیه کثیراً بهجائه في مجالس الدرس (ظ: 2/59؛ البیهقي، 602؛ المسعودي، 7/80- 81).

وفیما یتعلق بعلاقات الشاعر مع الأصمعي فإن هناک أیضاً روایات مختلفة و متناقضة أحیاناً. ورغم أن الأصمعي کان یفضل أبانواس علی الشعراء الآخرین (أبوالفرج، ن.م، 18/16؛ ابن عساکر، 4/255-256؛ ابن منظور، ن.م، 223-224) وأنه مهد الطریق – کما مر – لدخوله البلاط بذکر فضائله في مجلس الفضل بن یحیی، إلا أن الهجاء الذي نظمه الشاعر في الأصمعي، تشیر إلی اختلافات عمیقة بینهما (ظ: ن.م، 286؛ قا: ابن قتیبة، عیون...، 2/130). وکما یبدو من بعض الروایات، کان لأبي نواس دور کبیر في إخراج الأصمعي من بلاط هارون الرشید (ظ: ن.د، 5/80).

الصفحة 1 من9

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: