أرسطو
cgietitle
1443/3/27 ۱۳:۴۱:۰۰
https://cgie.org.ir/ar/article/237187
1447/3/21 ۲۳:۴۹:۲۳
نشرت
6
لکن یمکن التساؤل: ماهي السعادة الخاصة بالإنسان؟ إن القول بأن السعادة أفضلُ خیرٍ أمرٌ بدیهي. فالسعادة هي عمل، أو فعل الإنسان. و خیر کل فنان و صانع في أدائه واجبه و عمله. تری ما هو الفعل الخاص بالإنسان؟ هل هو محض الحیاة؟ الإنسان یشترک في هذا العمل مع النباتات. إذن علینا أن نضع جانباً القوة الغاذیة و القوة النامیة. و بین هاتین القوتین تأتي قوة الإحساس؛ لکن من الواضح أن الإنسان في هذه القوة أیضاً شریک مع الحصان و الثور و بشکل عام مع جمیع الحیوانات. أما مابقي فهو النشاط الهادف للقسم العقلي من الإنسان و الذي أیضاً علی نوعین: البعض مطیع للعقل و الآخر مفکر. و العمل الخاص بالإنسان هو نشاطه الروحي المنسجم مع العقل، أو علی الأقل لیس بعیداً عن العقل. فإذا کان واجب رجل جاد هو أداء أعماله بشکل صحیح وجمیل، إذن یمکن القول إن الخیر، أو الصلاح الإنساني هو نشاط الروح المنسجم مع الفضیلة. ولأن الفضائل کثیرة، یجدر الترکیز علی أسمی الفضائل و أ:ثرها کمالاً. وهذا العمل یتطلب عمراً کاملاً، ذلک أنه و کما أن الربیع لایمکن أن یتأتی من زهرةواحدة، فإن یوماً واحداً، أو زمناً قصیراً من العیش بسعادة لایجعل حاة الإنسان سعیدة (نفس الکتاب، الفصل 7، الورقة 1097b، السطر 21، الورقة 1098b، السطر 20). ومن جهة أخری، فإن الفضیلة الإنسانیة هي لیست فضیلة الجسد، بل فضیلة الروح، کما أن السعادة هي نشاط الروح (نفس الکتاب، الفصل 13، الورقة 1102a، السطور 15-17). وعلی هذا، فإن السعادة التي هي الهدف من حیاة الإنسان، نمط من أنماط النشاط.
وبعض الأنشطة یتم اختیارها لأجل شيء آخر، لکن البعض الآخر تُختار لذاتها؛ والسعادة هي من الأنشطة التي تختار لذاتها و لیس لأجل شيء آخر، ذلک أن السعادة لیست مفتقرة إلی شيء، بل هي کافیة بحدّ ذاتها (ن.م، الکتاب X، الفصل 6، الورقة 1186b، السطور 1-5). إذن السعادة هي حصیلة أنشطة منسجمة مع الفضیلة و أضدادها مضادة للسعادة (ن.م، الکتاب I، الفصل 10، الورقة 1100b، السطور 9-11). والسعید هو من ینشط بالانسجام مع الفضیلة. ویتمتع بشکل کافٍ بالخیرات الخارجیة – مثل السلامة و الجمال و الثروة و أمثالها – و لیس لفترة قصیرة، بل طوال العمر (نفس الفصل، الورقة 1101a، السطر 14).
وهنا یشیر أرسطو إلی أمر آخر خاص بالسعادة فیتساءل: تری هل أن السعادة شيء یکتسب بالتعلم، أم بالتمعود، أمتتم تنمیته بأسلوب آخر، أم هو هبة إلهیة، أم یمکن الحصول علیه عن طریق الحظ؟ ثم یجیب: إذا کان جزء من کل شيء لدی الإنسان إلهیاً، إذن فمن الصواب القول إن السعادة أیضاً هبة إلهیة، وهي الأفضل من بین مالدی الإنسان. و حتی لوکانت السعادة شیئاً غیرمرسل من الله، بل فضیلة یمکن الحصول علیها عن طریق شکل من أشکال التربیة و التعلیم، فهي أیضاً أکثر الأشیاء إلهیة (نفس الکتاب، الفصل 8، الورقة 1099b، السطور 10-16).
فإذا کانت السعادة من وجهة نظر أرسطو هي نشاط الروح المنجسم مع الفضیلة، ینبغي التساؤل: کیف یعرِّف هو الفضیلة؟ یقال في موضع: نحن نسمي الخصال الحمیدة فضیلة (نفس الکتاب، الفصل 13، الورقة 1103a، السطر 10). وهذا تعریف عام للفضیلة. ومن جهة أخری یقسم أرسطو الفضائل إلی مجموعتین: الفضائل الفکریة و الفضائل الأخلاقیة.
وإن وجود وتنامي الفضائل الفکریة هو بشکل أکبر نتیجة التعلم، وبذلک فهو بحاجة إلی تجربة و زمن طویل. أما الفضائل الدخلاقیة فتأتي عن طریق العادة. و لاتظهر أیة فضیلة أخلاقیة بالطبع، ذلک أن أي واحد من الإشیاء الموجودة بالطبع لایمکن تغییره عن طریق العادة، فالحجر مثلاً یتجه بالطبع نحو الأسفل، ولایمکن تعویده علی التحرک نحو الدعلی حتی لوتمّ قذفه ألف مرة إلی الأعلی بهدف تعویده علی هذه الحرکة. وکذلک النار لایمکن تعویدها علی التحرک نحو الأسفل؛ و بصورة عامة لایمکن تعید أي من الأشیاء التي هي بالطبع بحالة واحدة علی أن تکونبحالة أخری. و علی هذا فالفضائل تظهر فینا لیس بالطبع و لاخلافاً للطبیعة لکن في جبلتنا استعداداً لأن نتقبلها ثم تتکامل بواسطة العادة (ن.م، الکتاب II، الفصل 1، الورقة 1103a، السطور 15-25).
ومتابعة منه لمسألة الفضیلة یشیر أرسطو عندئذ إلی أن مایحصل في أرواحنا 3 أمور: الانفعالات و القوی و الخصال الثابتة. تری أي واحدة منهن فضیلة؟ المقصود بالانفعالات هو أمور مثل الشهوة، الغضب، الخوف، الجرأة، الغیرة، السرور، المحبة، الکراهیة، الشوق، الحسد، الشفقة، وبصورة عامة کل الأمور التي تعقبها لذة، أو ألم. أما القوی فهي الأشیاء التي نستطیع بواسطتها دن نغضب، أو نحزن، أو نشفق. والخصال الثابتة، أو الحالات هي الأشیاء التي نبدي بواسطتها ردود أفعال حسنة، أو سیئة تجاه العواطف، أو الانفعالات. وبعد بحثه کل واحدة من حالات الروح یصل أرسطو إلی نتیجة مؤداها أن أیاً من الفضائل، أو الرذائل لیست في عداد الانفعالات، أو القوی، و ینبغي أن تُعدّ من الخصال الثابتة (نفس الکتاب، الفصل 5، الورقة 1105b،السطر 20، الورقة 1106a، السطر 10).
ثم یتناول أرسطو قضیة الإفراط و التفریط في الأعمال و یطرح نظریته المهمة و التاریخیة حول مقیاس الفضائل. فکما أنه یوجد في کل شيء زیادة و نقصان، کما یوجد حد متوسط، فکذلک الحال في الأفعال الإنسانیة. والفضائل بدورها ذات علاقة بالعواطف و الأفعال. فالإفراط و التفریط في العواطف والأفعال کلاهما خاطئ، بینما الحد المتوسط بینهما ممدوح و مؤدٍّ إلی النجاح، و کلاهما من خصائص الفضیلة. إذن الفضیلة نوع من التوسط هدفه الحد الأوسط. و هنا یورد أرسطو تعریفه الجامع للفضیلة: خصلة ثابتة مختارة في المتوسط الموجود فینا؛ المتوسط بحسب المفهوم و بالشکل المحدود الذي یعیّنه الإنسان العاقل؛ متوسط بین رذیلتي الإفراط والتفریط، ذلک أن بعض الرذائل متصف بالزیادة، أو النقصان عما ینبغي فیما یخص العواطف و الأعمال، لکن الفضیلة تکشف الحد الأوسط وتختاره. و علی هذا فالفضلة و طبقاً لجوهرها و التعریف الذي یبین الماهیة هي الحد الأوسط من حیث ماهو أفضل وأسمی (نفس الکتاب، الفصل 6، الورقة 1107a، السطور 1-9).
یعتقد أرسطو أن الروح مرکبة من قسمین: غیر عقلاني و عقلاني، وإن جزءاً من السم غیرالعقلاني هو شهواني، أو طلبي، والجزء الآخر غضبي، وکل واحد من القسمین له بذاته فضائل. و من جهة أخری فإن أفعال الإنسان اختیاریة، أو إجباریة. فالأفعال الإجباریة هي کالخوف و أمثاله لها دوافع خارجیة غیر قابلة للمقاومة. و بعض أفعال الإنسان أیضاً ولیدة الجهل، أما الأفعال التي یمدح الإنسان بسببها، أو یذم فهي الأفعال الاختیاریة. وهنا یتناول أرسطو مسألة «الاختیار التفضیلي»، أو – ببساطة - «الاختیار».
والاختیار هو أهم خصائص الفضیلة و هو الذي یهیمن علی أخلاقیات الإنسان في أفعاله أکثر منکل شيء. فمن الواضح أن الاختیار هو فعل إرادي لکنه لیس إرادة. والأفعال الإرادیة هي في الغالب من الأفعال الاختیاریة، ذلک أن الأطفال و الحیوانات شرکاء في الأفعال الإرادیة، لکن لیس لدیهم اختیار. و یمکن القول عن الأفعال المفاجئة أیضاً أنها إرادیة، لکنها لیست اختیاریة. ورأي من یقول إن الاختیار شهوة، أو رغبة، أو تمنٍّ، أو شکل من أشکال الاعتقاد، غیر صحیح. وبعد استدلاله في دحض هذه المقترحات یقول أرسطو: یبدو أن الاختیار فعل إرادي، لکن لیس کل ماهو إرادي مختاراً، ذلک أن الاختیار متعلق بالشيء الذي تمّ تفضیله من قبل، لأن الاختیار یتم عن طریق العقل والفکر (ن.م، الکتاب III، الفصل 2، الورقة 1112a، السطور 14-17). وفي موضع آخر یقول أرسطو: الاختیار هو عقل شهواني، أو شهوة ورغبة فکریة و عقلانیة و مصدره الإنسان (ن.م، الکتاب 6، الفصل 2، الورقة 1112a، السطر 4).
ینبري أرسطو بعد ذلک لبحث شامل حول شتی خصال الإنسان ویعدد الفضائل و أضدادها. و هو یری أن أسمی السعادة الإنسانیة إنما هي في نشاطه العقلي، أو الفکري و یقول: إن الفیلسوف هو أحب الناس إلی الله، و إن شخصاً کهذا هو الأکثر سعادة حقاً (ن.م، الکتاب X، الفصل 8، الورقة 1179a، السطر 30). وببحثه في الخصال الأخلاقیة من حیث الإفراط والتفریط و الحد الوسط، قسمها أرسطو علی النحو التالي:
وکما أشرنا فیما مضی فإن هناک علاقة وثیقة بین فلسفة الأخلاق و فلسفة السیاسة لدی أرسطو. وإن ماهو بین أیدینا الیوم بعنوان پولیتیکا، أو پولیتیکون شأنه شأن بقیة مؤلفات أرسطو، لیس أثراً کاملاً، بل یضم کتابات منفصلة تمّ جمعها فیما یحتمل لاحقاً علی ید أرسطو نفسه، أو تلامذته. وقد ظهر هذا الکتاب في الفترة الثانیة من إقامة أرسطو بأثینا (334-323ق.م)، و هو من أواخر مؤلفاته. ویضم 8 کتب، أو مقالات هذه مضامینها: الکتاب الأول: مقدمة قصیرة؛ «تدبیر المنزل» بوصفه الرکن الأساس للمجتمع والحکومة و بشکل خاص جانبه الاقتصادي. الکتاب الثاني: أفضل أشکال الحکومة، أو المؤسسة السیاسیة؛ یتناول أرسطو هنا بالبحث النقدي أشهر أشکال الحکومة والمؤسسات السیاسیة، سواء تلک التي کان لها وجود من قبل (في الیونان)، أو التي اقترحت بشکل مفترض فحسب من قِبل الآخرین. الکتاب الثالث: النظریات العامة حول الحکومة؛ وهنا یطرح السؤال التالي: تری هل أن «الإنسان الصالح» هو نفسه« المواطن الصالح»، وکذلک هل توجد هناک فضائل سیاسیة خاصة؟ فیما یتعلق بالمؤسسات السیاسیة و أشکالها المنحرفة (توجد 3 أشکال جیدة و3 سیئة للدساتیر)؛ تقسیم السلطة في المجتمع؛ معنی التربیة و التعلیم وأهمیتهما؛ أشکال الحکم الملکي؛ القانون بوصفه معبِّراً عن العقل الجمعي. الکتاب الرابع: بقیة أشکال المؤسسات السیاسیة و الحکومیة، من غیر الحکم الملکي؛ الدساتیر الدیمقراطیة و الأولیغارشیة؛ الطبقات الاجتماعیة؛ الأغنیاء و الفقراء، أهمیة الطبقة الوسطی؛ تقسیم أصحاب المناصب الحکومیة و موظفي الدولة و الحکّام و مساعدي الحکّام والقضاة. الکتاب الخامس: أسباب و دوافع الثورات و حرکات التمرد الاجتماعیة؛ انحطاط و زوال المؤسسات السیاسیة والحکومیة والسبب الرئیس في ذلک، طلب السلطة. الکتاب السادس: کیفیة ضمان ثبات الدستور و الحکومة؛ في الإدرات والمناصب. الکتابان السابع والثامن: في أفضل مؤسسة سیاسیة و حکومیة؛ بحث في السعادة الفردیة والاجتماعیة؛ الخیر الذي ینبغي للفرد والحکومة البحث عنه؛ الحکومة الأنموذجیة؛ برنامج التربیة و التعلیم للحکومة الأنموذجیة (الکتاب الثامن لمیکمل).
وفضلاً عن کتاب السیاسة، فقد کان أرسطو قد جمع أیضاً بمعونة تلامذته مجموعة من 185 دستوراً تم کشفها و نشرها في نهایة القرن 19 م، کما رأینا في فهرست آثاره الموجودة.
وهنا سنتاول باختصار الخطوط العریضة لفلسفة أرسطو السیاسیة. أشرنا في البدء إلی أن فلسفة الأخلاق والسیاسة لدی أرسطو امتزجت ببعضها لدی أرسطو بشکل ما، فهو یقول في ختام «الأخلاق إلی نیقوماخوس»: لما کان الأقدمون قد ترکوا مسدلة وضع القوانین دون بحث، فمن الأفضل أن نبحث نحن بشکل عام حول المؤسسة السیاسیة لنکمل قدر المستطاع «فلسفة القضایا الإنسانیة» (الکتاب X، الفصل 11، الورقة 1187b، السطور 12-15).
کان أرسطو یعیش في بلاد و عصر لمیکن فیه فلاسفة المجتمع فحسب، بل و مفکروه، لایعدّون أنفسهم غرباء عن الحیاة الاجتماعیة من حولهم فقط، بل کانوا یشارکون فیها بنشاط، وإنهم لمیکونوا یستطیعون تصور بقاء الفرد منفصلاً عن سائر المجتمع الذي یعیشون فیه. و کما رأینا في سیرة أرسطو، فإنه نفسه کان أنموذجاً بارزاً لعالمٍ کهذا. و من جهة أخری و کما هو الحال في أکبر مفکري العلام القدیم، لمیکن غافلاً عن کیفیة الحیاة الأخلاقیة لبني الإنسان و عن ترابط الفضائل الأخلاقیة الفردیة مع الفضائل الأخلاقیة الاجتماعیة، حتی إنه یفضل الأخلاق السیاسیة و الاجتماعیة علی الأخلاق الفردیة. وکما یقول: برغم أن الخیر هو واحد للفرد و للحکومة، لکن یبدو أن اکتسابه و المحافظة علیه هو للحکومة أمر أکبر و أکمل (ن.م، الکتاب I، الفصل 1، الورقة 1094b السطر 8).
وأول أمر یستند إلیه أرسطو في بحثه الحیاة الاجتماعیة هي أن الإنسان مخلوق اجتماعي بالطبع (أو اجتماعي و سیاسي) (السیاسة، الکتاب I، الفصل 2، الورقة 1253a، السطر 2، قا: الکتاب III، الفصل 6، الورقة 1278b، السطر 19). ومن وجهة نظر أرسطو، فإن التربیة والمحافظة علی الفضیلة الفردیة هي أیضاً أمر ممکن في المجتمع فحسب و بسبب هذه الخصلة الاجتماعیة للإنسان فإن الإنسان لوحده من بین المخلوقات، ناطق (نفس الکتاب، الفصل 1، الورقة 1253a، السطر 11). لکن المجتمع من وجهة نظر أرسطو الیوناني هو «دولة المدینة» الیونانیة. وخصیصة الإنسان مقارنةً ببقیة الحیوانات هي في أنه الوحید الذي یدرک الحسن و السيء و العدالة و الظلم، والاشتراک في هذه الأمور هو الذي یصنع أسرة، أو دولة المدینة. وعلی هذا فدولة المدینة (المجتمع) مقدَّمة بطبیعة الحال علی کل فرد من بني الإنسان، ذلک أن الکل مقدم علی الجزء بالضرورة، إذ أن کل الجسد إذا تلف لنیکون هناک وجود للید و الرجل إلا بالاسم (نفس الورقة، السطور 16-22).
وعلی هذا، فإن الشرط المسبق هو تحلّي المجتمع بالفضائل الأخلاقیة. ومن جهة أخری فإن النواة الأساسیة للمجتمع هي الأسرة، التي تصبح فیما بعد علی شکل تجمعات و تتبلور أخیراً في دولة المدینة، أو الدولة. وقد ظهر من عدة أُسر أول أشکال الحیاة المشترکة ثم اتخذ شکل قریة. وشکّل آخرُ تجمع عدّة قری مدنیّة، أو من الأفضل القول دولة المدینة. وهذه مرحلة من مراحل الکمال و الاستقلال. ودولة المدینة إنما ظهرت لتهیئ للناس الحیاة الطیبة، ذلک أنه و کما یلاحظ في الطبیعة فإن الرقيّ نحو الکمال هو الهدف النهائي لدی الناس أیضاً. و من جهة أخری، وکما هو علیه الحال في عالم الحیوان، توجد سلسلة من الرتب صاعدة من الأدني إلی الأعلی رتبتها النهائیة هي الإنسان، فإن أهداف حیاة الناس هي أیضاً کذلک. وکل نوع من الأحیاء یتبع الهدف الذي حددته له الطبیعة، وکذلک الإنسان. و لوکان الإنسان إلهاً لاستطاع الحیاة لوحده، لکن وکما رأینا فإن الإنسان حیوان اجتماعي. ومن جانب آخر فبرغم أن الإنسان عندما یبلغ درجة الکمال هو أفضل الحیوانات، لکنه إذا ظل بمعزل عن القانون و العدالة فسیکون أسوأ الحیوانات، وبعبارة أخری، فإن الإنسان من غیر فضیلة هو أکثر الحیوانات شراً ووحشیة من حیث عبادة الشهوة و البطن. ومن جهة أخری فإن العدالة أمر سیاسي اجتماعي، إذ أن «العدل» هو تنظیم و ترتیب في المشارکة السیاسیة (نفس الورقة، السطور 31-37).
ثم یتحدث أرسطو بشکل تفصیلي عن الأسرة – أول نواة في المجتمع – و من ضمنها عن العلاقة بین المرأة و الرجل، والآباء والأمهات و الأبناء، و من ثم عن السادة و العبید. و کما نعلم فإن دول المدن الیونانیة کانت مجتمعات ذات نظام العبودیة و کان العبید یشکلون أحد الدعائم المهمة للإنتاج الاقتصادي و الخَدَمي في المجتمع. و آراء أرسطو في العبید والعبودیة تبدو في عصرنا لیست مثیرة للدهشة فحسب، بل للاشمئزاز أیضاً. لکن ینبغي أن لاتنسی أن أرسطو أیضاً – شأنه شأن أي فیلسوف و مفکر آخر في أي عصر – کان ابن عصره و ناشئاً عن إحدی الطبقات الاجتماعیة و مرتبطاً بإحداها. و لایمکن تصور أيٍّ من مجتمعات الیونان القدیمة من غیر عبید، فکانت العبودیة تشکل حجر الأساس للحیاة الاجتماعیة في الیونان القدیمة. و یقدم أرسطو تقریراً مختصراً عن آراء من کانوا یعتقدون أن السیادة ضرب من العلم و کذلک آراء الآخرین الذین کانوا یقولون إن سیادة إنسان علی إنسان آخر مخالف للطبیعة، ذلک أن العقد (أو القانون) فقط هو الذي یعدّ أحدهما عبداً والآخر حراً، وإلا فلا فرق بینهما في الطبیعة. و علی هذا فالعبودیة ظلم قائم علی القوة (نفس الفصل، الورقة 1253b، السطور 16-23).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode