الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / أرسطو /

فهرس الموضوعات

أرسطو

أرسطو

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/27 ۱۳:۴۱:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

وهنا تجدر الإشارة إلی أن ماورد في الروایات حول مصیر آثار أرسطو بعد وفاته حتی لو رأیناه صحیحاً و موثوقاً به، فهو لیس دلیلاً علی أن تکون کتابات أرسطو قد اختلفت فجأة و اکتشفت مرة أخری بعد مایقرب من قرنین. ومن بین تلامذة مدرسة أرسطو، أمضی أودیموس إلی جانب ثیوفراستوس أبرز تلامذة أرسطو، الشطر الأکبر من حیاته في مسقط رأسه رودس، وهناک کان قد افتتح فرعاً للمدرسة الأرسطیة. ولذا لایمکن أن نتصور بسهولة أن مجموعة من کتابات أرسطو لم‌تکن تحت تصرفه، أو تصرف بقیة تلامذة أرسطو. ومن جهة أخری، فمن المحتمل جداً أن نسخاً أخری من آثار أرسطو کانت توجد لدی آخرین من بینهم الفلاسفة التالون مثل أبیقورس و والرواقیین، وأن هؤلاء کانوا عن طریقها عارفین بأفکار أرسطو الفلسفیة بشکل تام.

والموجود الیوم من کتابات أرسطو وفهرستها هو الفهرست الذي أورده دیوجینس في کتابه، والآخر فهرست هسوخیوس الذي کان قد أُعدّ في الإسکندریة خلال القرن 6م وأخیراً فهرست بطلمیوس الغریب الذي یُعثر علیه في المصادر العربیة. وکما أسلفنا، فإن بطلمیوس الغریب یشیر في روایته نقلاً عن أندرونیقوس الرودسي إلی 1,000 نص لأرسطو (الورقة 11 ألف)، لکنه نفسه یذکر في فهرسته 101 نصاً (الأوراق 14ب – 18 ألف)، نُقل أغلبها مع زیادات في تاریخ الحکماء للقفطي و عیون الأنباء لابن أبي أصیبعة.

لکن فهرست کتابات أرسطو الذي کان یعد في العصر الهلنستي الأساس لمعرفة فلسفته، کان مؤلفاً من قسمین: یضم القسم الأول 19 نصاً و عنواناً کانت تقتصر علی شکل الحوارات، وقد تلفت جمیعها الیوم، سوی قطع منها. وکان القسم الثاني یضم 124 عنواناً ویشمل أهم کتابات أرسطو التعلیمیة. وإلی جانب ذلک أُلفت کتابات من قبل مؤلفین آخرین علی مرّ العصور و نسبت إلی أرسطو (لدراسة فهارس آثار أرسطو، ظ: مورو، «الفهارس القدیمة لآثار أرسطو»).

وفي القرن 19م نظم الباحث الألماني الشهیر بیکر آثار أرسطو وذلک بین السنوات 1831-1870م ونقحها، حیث طبعتها الدکادیمیة الملکیة البروسیة. وتعدّ هذه المجموعة، النصوص المعتمد علیها من کتابات أرسطو، و منذ ذلک الحین وحتی یومنا هذا مایزال ترقیم أعمدتها وأسطرها المرجع الوحید لنقول الکتّاب و الباحثین في أرسطو و اثاره. ویشمل الجزء 1 و 2 منها متون آثار أرسطو، والجزء 3 ترجماتها اللاتینیة خلال عصر النهضة، والجزء 4 حواشٍ علیها،والجزء 5 المقاطع الباقیة من آثار أرسطو و تضم مجموعة بیکر المنقحة 106رسائل، أو مقالات تقع في 2,500 عمود وفي 87,500 سطر، مجموع کلماتها 875,000 کلمة وقد أعید طبعها بالأوفست سنة 1960م. کما طبع الباحث الألماني الآخر بونیتس في 1870م «الفهرست الأرسطي» الذي کان یتضمن الفهرست العلمي للکلمات والمصطلحات الأرسطیة. وقد ترجمت جمیع آثار أرسطو أیضاً إلی اللغات الأوروبیة المهمة.

ونورد فیمایلي فهرستاً بآثار أرسطو علی أساس مجموعة بیکر (مع عناوینها اللاتینیة في الهوامش): 1. المقولات؛ 2. باري أرمنیاس (کتاب العبارة)؛ 3. «التحلیلات الأولی، أو المسبقة»، ویتضمن کتابین؛ 4. «التحلیلات الثانیة، أو الأخیرة»، في البرهان، ویشمل کتابین؛ 5. طوبیقا، أو کتاب الجدل والاستدلالات الدیالکتیکیة، في 8 کتب؛ 6. «الردّ علی السوفسطائیین» کتاب في 34فصلاً؛ 7. الطبیعة، أو السماع الطبیعي، الفیزیاء، في الطبیعة؛ 8. في السماء، أو «عن السماء»، في 4 کتب؛ 9. «في الکون والفساد»، في کتابین؛ 10. الآثار العلویة، حول الظواهر الجویة؛ 11. «في النفس»، في 3 کتب؛ 12. پاروا ناتورالیا (الطبیعیات الصغیر)، یتضمن النصوص التالیة: في الحس و المحسوس، في الذاکرة و التذکر، في النوم والیقظة، في الأحلام، في تفسیر الأحلام، في طول الحیاة وقصرها، في التنفس، في الموت والحیاة؛ 13. «تاریخ الحیوان»، في 10 کتب؛ 14. «في أعضاء الحیوان»، في 4 کتب؛ 15. «في کون الحیوان»، في 5 کتب؛ 16. «في مشي الحیوان»؛ 17. «في حرکة الحیوانات»؛ 18. «الأخلاق الکبیر»، وقد ظهر هذا المؤلف بعد ثیوفراستوس واتخذت فیه تعالیم أرسطو الأخلاقیة أساساً؛ 19. «الأخلاق إلی نیقوماخوس»، في 10 کتب؛ 20. «الأخلاق إلی أودیموس»، في 8 کتب؛ 21. السیاسة في 8 کتب؛ 22. الخطابة، في 3 کتب؛ 23. الشعر، في 26 فصلاً، لم‌یکتمل؛ 24. «في الفضائل والرذائل»؛ 25. المیتافیزیقا، أو مابعدالطبیعة، في 13 کتاباً (مع‌الألفا الصغیر 14کتاباً).

وفضلاً عن ذلک، کان أرسطو قد دون مجموعة عن 158 دستور لـ «دول – المدن» الیونانیة، تلفت بأسرها، وعُثر فحسب في لندن علی القسم الخاص بجمهوریة أثینا و ذلک في 1890م. وقد طبع الیوم تحت عنوان «دستور أثینا» و هو في متناول الید. کما أن المقاطع الباقیة من حوارات أرسطو، جمعها و نقحها باحثان معاصران متخصصان في الأرسطیات وطبعاها: 1. روس، «مقطوعات مختارة من أرسطو»، أکسفورد، 1955م؛ ترجمة إنجلیزیة بقلمه أیضاً، أکسفورد، 1952 و 1967م؛ 2. والتسر، «مقطوعات من حوارات أرسطو». کما وردت في مجموعة آثار أرسطو لبیکر، نصوص هي لیست لأرسطو، لکنها توجد في فهارس المتقدمین، وبدورنا نغض الطرف عن درجها.

 

القسم الثالث – إلمامة بنظرة أرسطو الفلسفیة للعالم.

في البدء یجدر التذکیر بأن الصورة التي صنعها تاریخ الفلسفة لما یزید علی ألفي سنة لأرسطو کانت صورة جامدة لاحراک فیها. وکانت هذه الصورة قد ظهرت خلال قرون، أي منذ العصر القدیم ومابعده وکذلک خلال القرون الوسطی المیلادیة، علی أساس تصور أن الفلسفة الأرسطیة کانت تشکل منذ البدء نظام تفکیر مغلق ومتناسق و وحدة متکاملة کالسلسلة التي حلقاتها متماثلة وذات حجم واحد بنحو من الأنحاء، وُضعت بید صانعها مرة واحدة إلی جانب بعضها و إلی الأبد وسُلمت للأجیال اللاحقة. وسبب النظرة المغلوطة إلی آثار أرسطو کان تصور أنه ومنذ الزمن الذي أمضاه في أکادیمیة أفلاطون، کان یفکر بنفس النمط الذي فکّر فیه بعد تأسیس مدرسته الخاصة في لوقین، وکذلک حتی نهایة حیاته. وکأنه لم‌یحصل له طوال هذه المسیرة أي تحول فکري وتغییر وإعادة نظر في کتاباته السابقة. وواضح أن استنتاجاً کهذا لدي ظاهرة – طبیعیة، أم إنسانیة – ناجم عن تجاهل مبدأ حتمیة التغیر والتوسع والتکامل. وعلی هذا، فإن هذا السؤال لم‌یطرح نفسه منذ البدء – سواء في أوساط خلفاء أرسطو وتلامذته المباشرین، أم علی مدی قرون من قِبَلِ أتباع الفلسفة الأرسطیة – إلا قلیلاً جداً وفقط حول بعض المسائل، وهو: تری هل یمکن العثور بین الآثار الباقیة من أرسطو، علی دلالات علی التغییر والاتساع التدریجي في مسار تفکیره الفلسفي، أم لا؟ کان أرسطو یعدّ «المعلم الأول» و«الفیلسوف المطلق» و «معیار الحقیقة»، و حتی بحسب المصطلح السکولاستي للقرون الوسطی کانت «الحقیقة الأرسطیة» تُتصور علی أنها حقیقة مطلقة.

ومن جهة أخری، کان قد ظهر بشکل خاص في أوساط فلاسفة الأفلاطونیة المحدثة والشراح الأفلاطونیین المحدثین لآثار أرسطو، نزعة تری أنه لایوجد في القضایا الأساسیة اختلاف کثیر بنی نظام أفلاطون الفلسفي ونظام أرسطو الفلسفي. وقد انتقلت هذه النزعة إلی العصور التالیة و وجدت طریقها إلی أوساط الفلاسفة المسلمین أیضاً بحیث کان الفارابي أبرز ممثل لهذه النزعة. وبشکل عام، فإن الاستنتاج الأساسي من الفلسفة الأرسطیة کان أن لایُعَدّ منتجها کائناً تاریخیاً ظهر في مرحلة محددة من تاریخ الفکر الفلسفي الیوناني و في أوضاع تاریخیة – اجتماعیة محددة، وترعرع في تلک الأوضاع وتحت تأثیر الکثیر من العوامل المختلفة – سواء أکانت داخلیة، أم خارجیة – وفي أجواء تفکیر سیاسي – اجتماعي مشحون بالتناقضات لمرحلة من تاریخ الیونان القدیمة، وبلور نبوغه الفلسفي شیئاً فشیئاً.

لکن منذ العقود الأولی للقرن 20 أخذت تحلّ تدریجیاً رؤیة جدیدة محل تلک الرؤیة التقلیدیة الخاطئة. وبدأ وجه أرسطو و فلسفته یخرجان من شکل تمثال رخامي و یتحولان إلی شکل صورظ إنسانیة و تاریخیة حیة. فلأول مرة، لفت الباحث البریطاني کیس في مقالة مسهبة حول أرسطو في موسوعة بریتانیکا (II/ 501 ومابعدها)، أنظار الباحثین إلی التحول والتوسع التدریجي في الفکر الفلسفي لأرسطو. ومن خلال إشارته إلی کتابات أرسطو المبکرة (أي محاوراته) یستنتج أن أرسطو یبتعد شیئاً فشیئاً عن أفلاطون و عمومیات الحوار الغامضة ویقترب من الدقة العلمیة والکتابات التعلیمیة. ومن حیث الموضوع أیضاً، فإن أرسطو وحتی في کتاباته المبکرة له نزعة توسع مجال البحث الفلسفي بحیث لایشمل المیتافیزیقا والسیاسة فحسب، بل یحثّ علی الخطابة والشعر أیضاً خلافاً لأفلاطون. ومن جهة أخری، فإن کتابات أرسطو المبکرة دالة علی أنه یؤید من بعض الجوانب أستاذه أفلاطون في عقائده وآرائه ویعارضه في جوانب أخری.

لکن علم الأرسطیات الحدیث یری أن هذا التحول الجذري في النظرة إلی أرسطو، مدینٌ لأبحات العلام الألماني الکبیر ورنرییغر (تـ 1960م). فقد نشر أولاً في 1912 م أبحاثه العمیقة حول کتاب أرسطو المتیافیزیقا، أو مابعدالطبیعة تحت عنوان «دراسات في تاریخ ظهور المیتافیزیقا، أو مابعدالطبیعة تحت عنوان «دراسات في تاریخ ظهور المیتافیزیقا لأرسطو». وقد أثار هذا الکتاب عقب صدوره عاصفة بین المتخصصین و علماء الأرسطیات. وقد وسع ییغر مجال تأثیر هذا البحث أکثر بعد ذلک بأحد عشر عاماً بمؤلَّف آخر، فنشر أکثر کتب أسلوب علم الأرسطیات المعاصر أصولیة في 1923م تحت عنوان «أرسطو، وضعُ أسس تاریخ توسیع فکره». وقد خلق هذا الکتاب أرضیة جدیدة تماماً في علم الأرسطیات. ومنذ ذلک الحین و ماتلاه اتضحت المواقف المؤیدة والمعارضة في أوساط علماء الأرسطیات المعاصرین من أسلوبه و آرائه واستنتاجاته. وبرغم کل هذا، فقد رسخ هذا الکتاب موقعه في مجال الأرسطیات بشکل یمکن معه القول إن علم الأرسطیات الحدیث أسس بذلک الکتاب و علی ید مؤلفه. واستنتاج ییغر الأصولي في ذلک الکتاب هو أن علینا أن نعدّ الکتابات التي هي الیوم بین أیدینا تحت عنوان «مجموعة لآثار الأرسطیة» - علی الأقل في خطوطها العامة والرئیسة – مرآةَ توسع متکامل ممتد متنوع و مضطرب و متناقض في کل موضع خلال المسار التاریخي لظهور الفکر الفلسفي لأرسطو نفسه؛ وأن نضع في اعتبارنا هذا التوسع المتکامل والمفعم بالتعقیدات في فکره الفلسفي، في کل بحث لآثار أرسطو و حتی مطالعتها.

والیوم لایمکننا الشک علی الإطلاق بهذا الصدد بأن أرسطو في تفکیره، و نظرته و بشکل عام في نظامه الفسفي، کان قد قطع شوطاً من التوسع والتکامل. فقد کان أولاً أفلاطونیاً عنیداً و ملتزماً صادق العقیدة (أرثودوکسیاً) یناصر بشکل خاص نظریة أفلاطون في المُثُل ومبادئ فلسفته في الأخلاق والسیاسة، ثم کان بعدها یبتعد عنه رویداً رویداً ویبلور الأفکار و النظریات والمبادئ الخاصة به، فقد تحول في مساره التاریخي والتکامل التدریجي لتفکیره من أفلاطوني عقائدي إلی منظِّم للعلوم الطبیعیة وباحث متعمق و عالم طبیعیات تجریبي و بارز.

وفي بحث شامل في العلاقة بین فکر أرسطو الفلسفي و بین فلسفة أفلاطون یمکن القول إنه و بعد قضائه عدة سنوات في الأکادیمیة، کان یطّلع شیئاً فشیئاً علی الاختلاف بین رؤیته الفلسفیة وبعض مبادئ فلسفة أفلاطون. وإن الرأي القائل إن أرسطو وحتی وفاة أفلاطون کان یفکر بأسلوب الأخیر و إنه کان قد قبل أیضاً نظریة المُثُل، لا أساس له. فهو یظهر في بواکیر کتاباته – و في طوبیقا بشکل أکثر من غیره – تضادَه مع أفلاطون. فهو ینفي في هذا المؤلَّف نظریة المثل و یضع نظریته «المقولات» و بصورة خاصة نظریة أوسیا (الجوهر). وفي خضم حوادث الطبیعة یُحلّ الالتزام بالقانون محل نظریة أفلاطون في «العامل الذي لایمکن التنبؤبه»، ویأتي بنظریته المهمة في الغایة التي هي الدافع إلی جمیع مجاري الوجود في وقائعه. والخیر الذي کان لدی أفلاطون معنیً مطلقاً یصبح لدی أرسطو نسبیاً و تاریخیاً. فالخیر هو مایختاره الناس الکرام خُلُقیاً في ظروف محددة.

فهذه و موضوعات أخری تدل علی أن أرسطو الشاب کان له موقف یتعارض و موقف أفلاطون. لکن ذلک لایعني أنه لم‌یتقبل وسائل الفکر وحتی الهیاکل الفکریة من أفلاطون، وأنه لم یمزجها برؤیته الفلسفیة الخاصة به. فکلما کان یتقدم في سنّه و تجاربه العقلیة، کانت تزداد ثقته بصحة أفکاره ویصدر علی نظریات و آراء الآخرین أحکاماً أکثر إنصافاً. وقد کان علی وعي تام بدن فلسفته هي مکمّلة للأفکار الفلسفیة المتقدمة للیونانیین، و یؤکد علی کونه مدیناً لما قاله المتقدمون.

ویعترف أرسطو في فترة نضج تفکیره بعظمة أفلاطون، لکن هذا الاعتراف لایمنعه من أن یفضل حب الحقیقة علی أواصر الصداقة مع الآخرین. فهو ینبري في موضع للبحث في الخیر، أو الخیر الکلي من وجهة نظر أفلاطون و یحاول دراسة مصاعب هذه النظریة ثم یضیف قائلاً إن هذا العمل مؤلم، ذلک أن من جاء بنظریة المثل کانوا أصدقاءنا؛ لکن لاشک بأنه من الأفضل، بل و من الضروري أن نضع نحن و لأجل إنقاذ الحقیقة – بشکل خاص لکوننا فلاسفة – جانباً کل مانرغب به شخصیاً. فکلاهما عزیز علینا، لکن واجبنا هو أن نفضّل الحقیقة («الأخلاق إلی نیقوماخوس»، الکتاب I، الفصل الورقة 1096a، السطور 11-7).

وبشکل عام، لایمکن تحدید علاقة أرسطو بأفلاطون بشکل دقیق، لکن یمکن القول إن جمیع ماورد في کتابات أفلاطون تقریبً کان له تواجد في تفکیر أرسطو. ففي بواکیر کتاباته و بشکل خاص في محاوراته، یظهر تأثیر لغة أفلاطون و مصطلحاته بشکل واضح، برغم أنه لایمکن القول إن أرسطو کان یفکر حتی في هذه بأسلوب أفلاطون. لکن من جهة أخری، فإن فلسفة أرسطو إنما تبلورت و استعت في الصراع الدائم مع أفلاطون. و في جمیع کتابات أرسطو یمکن العثور علی تأثیر أفلاطون القوي علی تفکیره؛ حتی إن أجزاء من فلسفته التي یمکن أن نعدها بشکل خاص أرسطیةً، تظهر امتزاجاً غیر قابل للانفکاک مع تراث أفلاطون الروحي.

کانت جهود أرسطو ترمي إلی تحریر الفلسفة الأفلاطونیة من العناصر غیر العقلانیة من وجهة نظره و إکمال النظرة الأفاطونیة للعالم عن طریق منحها أبعاداً جدیدة. فأرسي یری نظریة المثل الأفلاطونیة بشکل خاص عنصراً غیر ضروري، بل ویثیر المضایقة، و هو یدحضها علی الدوام بشتی الاستدلالات، فهو لایتورع في موضع عن إهانتها والسخریة منها و یقول: یجدر بنا التخلي عن المُثُل ذلک أنها شقشقة العصافیر، أي ثرثرة («التحلیلات الثانیة»، الکتاب I، الفصل 22، الورقة 83a، السطر 34).

 و نحاول هنا أن نقدم عرضاً موجزاً، لکنه شامل لنظرة أرسطو العالمیة الفلسفیة. قال الفیلسوف الألماني الکبیر هیغل (1770-1831م) خلال دروسه في تاریخ الفلسفة، عن أرسطو: لوکانت الفلسفة تؤخذ علی محمل الجد، حینها لم‌یکن هناک ماهو أجدر من دن یُتحدَّث عن أرسطو.

تبویب فلسفة أرسطو وأسلوبه: إن مانعرفه عن تبویب مجالات وقضایا الفلسفة من وجهة نظر أرسطو، لایعود أيّ منها إلیه بشکل دقیق. فالیمکن العثور في کتاباته علی إشارة لتبویب محدد و جازم یکون أساساً للبحث الفلسفي لدی أرسطو، و هو في موضع یشیر بشکل مختصر إلی أن القضایا الفلسفیة یمکن وضعها في 3 مجامیع: الخلقیّات، الطبیعیات، المنطقیات (طوبیقا، الکتاب I، الفصل 14، الورقة 105b، السطر، 19)، لکنه هو أیضاً یعدّ هذا التقسیم موقتاً.

ومن جهة أخری، یبرز في المدرسة المشائیة و من بعدها لدی مفسري وشراح آثار أرسطو – و بشکل خاص لدی الدفلاطونیین المحدثین – تبویب رئیس للعلوم الفلسفیة یُرجع أصله إلی أرسطو نفسه. ومن هذه الرؤیة یقسم أرسطو العلوم الفلسفیة إلی مجموعتین رئیستین: نظریة وعملیة. ویقسم الفلسفة النظریة بدورها إلی 3 أقسام: الفیزیاء (معرفة الطبیعة)، الریاضیات، الإلهیات التي تسمی أیضاً الفلسفة الأولی، أو ما بعدالطبیعة. کما تشمل الفلسفة العملیة الأخلاق و التدبیر المنزلي (الاقتصاد) والسیاسة. وتدعم إشارات أرسطو أیضاً في کتاباته هذا التقسیم الثنائي الرئیس. فهو یقول في موضع: إن الفلسفة سُمیت بحق معرفة الحقیقة؛ فهدف المعرفة النظریة هو الحقیقة، وللمعرفة العملیة، الفعل («المیتافیزیقا»، الکتاب II، الفصل 1، الورقة 993b، السطر 19، قا: الترجمة الفارسیة، 48). والفلسفة العملیة لدی أرسطو شکلان: الأول الخلق والصنع؛ والآخر العمل، أو الفعل ویرتبط الأول منهما بالموهبة والقدرة الفنیة، والاخر بالرغبة، أو الإرادة (ن.م، الکتاب VI، الفصل 1، الورقة 1025b، السطر 22، أیضاً الترجمة، 194).

الصفحة 1 من12

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: