أرسطو
cgietitle
1443/3/27 ۱۳:۴۱:۰۰
https://cgie.org.ir/ar/article/237187
1446/11/10 ۰۴:۰۹:۰۹
نشرت
6
أمضی أرسطو 8 سنوات في مقدونیا، کان قد تصرّم منها مایقارب السنتین حین تلقی خبر وفاة هرمیاس. ففي هذا العصر کان قد نشب صراع بین فیلیب وعدوه السیاسي المقتدر، أي إیران.وکانت أثینا بدورها قد هبت بزعامة دیموستینس (384-323ق.م) خطیبها ورجل سیاستها البارز لمنافسة و معارضة سیاسة مقدونیا و فیلیب بشکل صارم. وفي ذلک العصر کان أردشیر الثالث (حکـ 359-328 ق.م) یحکم إیران. وکان قائد قواته في آسیا الصغری یُدعی منتور من أهالي رودس، فبادر هذا إلی قمع حلفاء فیلیب وأصدقائه و القضاء علیهم. وخلال ذلک کان تعاون هرمیاس الذي کان من أصدقاء فیلیب و حلفائه السیاسیین، یحظی بأهمیة لدی حاکم مقدونیا، ذلک أن فیلیب کان آنذاک یخطط للهجوم علی آسیا و حرب إیران، و هي الخطة التي نفذها ابنه الإسکندر فیما بعد. و بذلک کان بإمکان المنطقة الخاضعة لهرمیاس ولکونها واقعة علی الطریق ذلی اسیا الصغری و بجوار الحدود السیاسیة لإیران، أن تکون مفیدة جداً و فاعلة لخطط فیلیب المستقبلیة.
واستناداً إلی روایة دیوجینس لایرتیوس (الکتاب V، الفصل 27)، فإن أرسطو کانقد کتب إلی منتور رسائل بهدف من ورائها إلی جعله یتخلی عن التعاون مع إیران و یشجعه علی الانضمام إلی فیلیب؛ لکن منتور لمین لیستجیب لطلبه. فحاصر أولاً ولفترة مدینة أطارنیوس مقر حکم هرمیاس. ولما لمیحقق من ذلک شیئاً، دعا هرمیاس إلی المشارکة في محادثات سلام، و أقام مجلس ضیافة ضخماً، تمکن خلاله من إلقاء القبض علیه و إرساله إلی السوس عاصمة إیران، فشُنق بأمر من أردشیر الثالث (341ق.م). وقد روي عنه أنه قال قبل موته: قولوا لأصحابي وندمائي أنني لمأرتکب أي عمل غیر لائق وتنافی والفلسفة. ولیس بعیداً أصلاً أن تکون هذه هي الرسالة الأخیرة لأرسطووکذلک لإراسطوس وقرسیقوس. أدی نبأ وفاة هرمیاس إلی أن یصاب أرسطو بالاضطراب و الحزن لدرجة أنهکتب أنشودة في ذکری هرمیاس ومدحه، وکذلک لوحةتوضع علی تمثاله في معبد دلفي، وکلاهما موجود الیوم (ظ: م.ن، الکتاب V، الفصول 6-8).
عاد أرسطو من مقدونیا إلی أثینا في 335 ق.م. وحول دافع هذه العودة لایعثر في ترجمات حیاة أرسطو علی معلومة واضحة. وقد ورد في أغلب المصادر أن الإسکندر لما عزم علی مهاجمة آسیا وجد أرسطو الذي لمیکن یؤید خطة الإسکندر علی مایبدو، الفرصة سانحة لمغادرة مقدونیا و العودة إلی أثینا. فاستناداً إلی روایة بطلمیوس الغریب فإنه ترک قریبه قلایسطینیس في مقدونیا لدی الإسکندر و عاد إلی أثینا (الورقة 11 ب). ومن جهة أخری ورد في بعض المصادر القدیمة أن سبب عودة أرسطو إلی أثینا کان الغرابة المتزایدة التي کانت قد ظهرت بینه و بین الإسکندر.یقول بلوتارخس (تـ ح 120م) إن الإسکندر کان في البدء – کما کان هو یقول – یمتدح أرسطو حتی أکثر من أبیه (فیلیب) و یحبه، ذلک أن هذا منحه الحیاة، وذاک جعل حیاته جمیلة و لائقة؛ ومعذلک فإن الإسکندر أصبح فیما بعد یسيء الظن بأرسطو، لیس بالقدر الذي یلحق به الأذی معه، بل إن اهتمامه الحاني تجاهه کان فقد حماسه و رقته السابقین (VII/ 242-244).
لکن عودة أرسطو إلی أثینا یمکن کذلک ربطها بالوقائع السیاسیة لتلک المرحلة من تاریخ الیونان. فبعد مقتل فیلیب صیف 336 ق.م اعتلی ابنه الإسکندر العرش. وقبل ذلک في 338 ق.م کان فیلیب قدهزم جش أثینا و حلفائها في معرکة خایرونیا وأخضع أثینا لسلطته. ولدی سماعهم خبر موت فیلیب، رفع أهالي المدن الیونانیة – و منها أثینا – رایة العصیان؛ فقد کان هؤلاء یتصورون أن الإسکندر الشاب حدیث العهد و عدیم التجربة لمیکن بمقدوره اتخاذ إجراء ضدهم. وقد تجددت آمال الوطنیین الأثینیین – أعداء مقدونیا و فیلیب القدماء – فتحرکوا بسذاجة وجرأة. لکن الإسکندر قمع تمرد المدن الیونانیة الواحدة تلو الأخری بسرعة خاطفة، ومن بینها استولی علی مدینة طیبة ودمرها بقسوة ثم توجه نحو أثینا التي تخلت عن المقاومة و أعلنت استسلامها علی الفور (خریف 335 ق.م).
عاد أرسطو إلی أثینا في نفس الفترة، ویبدو أن عودته کانت برفقة طلائح جیش الإسکندر تقریباً. ومن جهة أخری، وبرغم تصرفات أثینا ضد مقدونیا و خاصة فتح باب الحوار و المساومة مع إیران، فقد أبدی الإسکندر تجاهها تساهلاً و حکمة و تخلی عن فکرة تدمیرها. وإن تصرفاً کهذا للإسکندر یمکن أن یکون مثاراً للعجب. وکما أسلفنا، فإن أرسطو في 348 ق.م غادر مدینة أولونطوس و ذهب إلی هرمیاس بسبب استثارة المشاعر المعادیة لمقدونیا إثر الدمار الذي ألحقه فیلیب بهذه المدینة التي کانت حلیفة أثینا، ثم التحق في مقدونیا بفیلیب وقدم له خدمات جلیلة في مجال السیاسة الخارجیة کان من بینها السعي للتنسیق بین سیاسة هرمیاس و فیلیب. وعلی هذا فی حتمل أن یکون أرسطو قد توسط أیضاً سنة 335 ق.م شخصیاً لدی الإسکندر في أثینا کي لایتعامل بقسوة في هذه المدینة.
ومن جهة أخری، وکما ورد في بعض ترجمات حیاة أرسطو، فإن أهالي أثینا و عرفاناً منهم بجمیل أرسطو، علّقوا کتاباً منقوشاً علی عمود من الحجارة فوق برج المدینة العالي – أکروپولیس في أثینا – أثنوا فیه علی خدماته بحق مدینة أثینا و توسطه لدی فیلیب (بطلمیوس الغریب، الورقة 12 ب؛ قا: ابن أبي أصیبعة، 1/ 55). وبرغم أنه لمیرد ذکر للإسکندر في هذه الروایة، لکن من الواضح أن اعتراف الأثینیین بالجمیل یجب أن یعزی بشکل رئیس إلی توسط أرطو لهم لدی الإسکندر أکثر من توسطه لدی فیلیب. وفي 348، أو 347 ق.م اضطر أرسطو إلی مغادرة أثینا، ذلک أن المشاعر کانت مستثارة في أثینا ضد مقدونیا و بشکل خاص ضدفیلیب. وکان أرسطو معروفاً بقربه و علاقته بمقدونیا والأسرة الحاکمة، بل کان الأثینیون یعدونه من جواسیس بلاط مقدونیا.
وعقب عودته إلی أثینا بدأ أرسطو نشاطه التعلیمي في متنزهات لوقین التي کانت تقع في ملعبٍ شمال شرقي أثینا. وقد نشأ اسم مدرسة أرسطو پریپاتوس (= متنزّه) – التي تدعی في العربیة بالمدرسة المشائیة – أیضاً من هنا. لمیکن المعهد التعلیمي لأرسطو ملکاً له، ذلک أن أرسطو – وکما أسلفنا – کان یعد في أثینا ساکناً غریباً ولمیکن له حق التملک وفقاً للقانون الأثیني. ویشاهد وصف موضع مدرسة أرسطو فيوصیة تلمیذه وخلیفته ثیوفراستوس (ظ: دیوجینس، الکتاب V، الفصل 51 ومابعده). وکانهت هذه المدرسة قد دُمِّرت مرة سنة 294 وأخری في VII/ 899 ومابعدها، وبشکل خاص 905).
أمضی أرسوط 12عاماً في أثینا بالتدریس والبحث والتألیف. وقد غادر أثینا مرة أخری في 323 ق.م ذهب إلی خلکیس. والدافع من وراء مغادرته أثینا مرة أخری ورد في المصادر بالشکل التالي: إن کاهناً یدعی أوروماذن و رجلاً یدعی دیموفیلوس اتهما أرسطو بإهانة المقدسات الدینیة و تذرّعا بأنشودته في مدح هرمیاس و کذلک اللوحة الحجریة التي صنعها له في معبد دلفي (دیوجینس، الکتاب V، الفصل 5)؛ ورد في ترجمة أرسطو التي کتبها بلمیوس الغریب أیضاً أن رجلاً یدعی أوروماذن نسب إلی أرسطو الکفر والامتناع عن تقدیس الأصنام، و کان السبب في ذلک الضغینة التي کانت یضمرها له. فلما علم أرسطو بذلک غادر أثینا إلی مدینته خلکیس؛ ذلک أنه لمیرد أن یکون مصیره کمصیر سقراط ومافعله به أهل أثینا. وقد ذهب برغبته و لمیمنعه أحد من ذلک، أو یلحق به أذیً. ولیس ما یُحکی عن أرسطو من الاعتذار من قرف أوروماذن إیاه بحقّ، ولکنه شيء موضوع علی لسانه (بطلمیوس الغریب، الورقة 12 ألف؛ قا: ابن أبي أصیبعة، 1/ 54).
لکن مغادرة أرسطو أثینا هذه المرة أیضاً کانت علی أثر حوادث سیاسیة فیها. فمنذ 335 ق.م ومابعدها، حیث استسلمت أثینا للإسکندر کانت المجامیع المؤیدة لمقدونیا تجد نفسها بمأمن في ظل حمایة الإسکندر و قائد قواته أنتیپاترس، لکن من جهة أخری کانت الکتلة الوطنیة والمعادیة لمقدونیا في أثینا والتي کان أعضاؤها غاضبین جداً لهیمنة الإسکندر علیهم، یضمرون الحقد والکراهیة لهما (الإسکندر وقائد قواته).
وحینذاک کانت علاقات أرسطو الشخصیة والرسمیة أیضاً بفیلیب والإسکندر و من بعده بأنتیپاترس قد أصبحت معروفة في أوساط الأثینیین، ویبدو أن أرسطو کان یتمتع بعد عودته إلی أثینا في 335ق.م بدعم أنتیپاترس. ولأسباب غیر معروفة کانت بین أرسطو و أنتیپاترس صداقة حمیمة بحیث إن أرسطو جعله وصیاً له. وعلی هذا النحو کان أرسطو یدعم سیاسات أنتیپاترس و خططه. واستناداً إلی هذا فلیس تجیباً أن یری فیه الوطنیون الأثینیون عدوهم الأکبر کذلک أداة للسیاسة المقدونیة وکانوا یکرهونه.
ومن جهة أخری، وصل فجأة نبد وفاة الإسکندر في بابل (حزیران 323ق.م). کان الإسکندر قبل وفاته قد استدعی إلی آسیا أنتیپاترس الذي کان ممثله في مقدونیا والیونان، و بذلک لمیعد یستطیع دعم أرسطو. واستناداً إلی روایة بطلمیوس الغریب فقد ورد أنه بعد قیام الأثینیین – ولأجل تکریم أرسطو – بإقامة عمود من الحجارة و نصب کتاباً منقوشاً في مدح أرسطو علیه، هبّ فجأة رجل من أهل أثینا یدعی هیمرایوس للمعارضة فرمی بذلک العمود عن موضعه (الورقة 12ب). ونحن نعلم أن هذا الرجل هو واحد من کبار شخصیات أثینا وکذلک من الناظین في الکتلة العاملة ضد مقدونیا في أثینا، وربما کان أیضاً عدواً شخصیاً لأرسطو، وقد أُعدم بأمرٍ من أنتیپاترس في تشرین الأول 323 ق.م مع بقیة الزعماء السیاسیین المعادین لمقدونیا بعد معرکة کرانون واحتلال المقدونیین لأثینا. وبذلک یمکن الاستنتاج بشکل واضح أن الوضع السیاسي لأثینا في صیف 323 ق.م کان قد عجّل في ذهاب أرسطو إلی خلکیس، وإن اتهامه بسوء العقیدة و ماشابه ذلک من قبل الوطنیین الأثینیین لمیکن سوی ذریعة لیعلنوا غضبهم و سخطهم في مواجهة کل ماهو مقدوني و بشکل خاص أرسطو بوصفه عمیلاً سیاسیاً مشکوکاً به لمقدونیا. ومن جهة أخری، یقال إن أرسطو عقب مغادرته أثینا شکا في رسالة إلی أنتیپاترس من أن أثینا ملأی بالمخبرین و هي خطرة لغریب مقدوني [أرسط]، ذلک أن الأمور المسموح بها لمواطن أثیني غیرمسموح بها لغریب مقدوني.
وأخیراً و بعد سنة من مغادرته أثینا و ذهابه إلی خلکیس في جزیرظ یوبیا، توفي أرسطو في نهایة صیف، أو بدایة خریف 322 ق.م إثر المرض الذي کان قد أصیب به منذ فترة طویلة. ویقال إن أهالي مدینة ستاجیرا مسقط رأس أرسطو نقلو جثمانه من خلکیس إلی موضع یسمی بحسب قول بطلمیوس الغریب، «الأرسطو طالیسي» وکانوا یجتمعون فیه عند الحوادث العظیمة وما کان یلمّ بهم من أحزان، وینبرون للتشاور، ذلک أن أرسطو کان الشخص الذي سنّ قوانی لمدینة ستاجیرا (الورقة 12 ألف). وللاطلاع علی حیاة أرسطو و ترجمته – فضلاً عما ورد في نص المقالة – یمکن مراجعة بحث کروست المهم المعنون «أرسطو، ضوء جدید علی حیاته و بعض آثاره المفقودة»، وبشکل خاص الجزء I، الفصول 1-12، وکذلک کتاب دورینغ المعنون «أرسطو في التقلید...» (ظ: المصادر).
لاشک في أن أرسطو کان کاتباً غزیر التألیف. فعلمه الموسوعي مثیر للإعجاب. فقد فکّر في جمیع العلوم وکتب فیها بحیث یمکن أن یُعدّ في بعض العلوم، المؤسس لها، و کذلک مؤسس الطریقة العلمیة لتناولها. ومن ناحیة أخری، کان لکتابات أرسطو مصیر خاص، إذ کان قد نظم کتاباته بنفسه لعامة القراء خارج حلقة تلامذته في لوقین و دوّنها و نشرها. وکانت هذه المجموعة کتابات تم تنقیحها من الناحیة الأدربیة و أسلوب التألیف بواسطة أرسطو نفسه، وکانت تتضمن عدة حوارات و رسائل یسمیها أرسطو «کتابات خارجیة». ولمیبق الیوم من هذه الکتابات سوی المقاطع التي نقلها المؤلفون الذین أعقبوه في آثارهم. والمجموعة الأخری من کتابات أرسطو کانت کدساً من المذکرات و الطروح و مواد بحثیة مختلفة کان أرسطو یُعدّها للتدریس و تسمی «کتابات مسموعة»، ونسقحت بشکل هو لعامة القراء. وأحیاناً کان أرسطو یعطي بعضها للنسّاخ لیستنسخوا عنها نسخاً جدیدة، أو أن طلابه أنفسهم کانوا یستنسخونها. وکانت هذه الکتابات تحفظ إما في مکتبة لوقین، أو تبقی لدی الطلاب. ولمتکن توجد بأي شکل لدی باعة الکتب، أو في متناول أیدي الجمیع. وکانت أغلب هذه الکتابات متخصصة ولمیکن لها طابع أدبي، أو جمالي. و أسلوب أرسطو في کتابة هذه الآثار هو في الغالب جاف و مختصر بحیث یبدو فهم موضوعاتها أحیاناً أمراً عسیراً؛ لهذا کانت تُکتب لها في الأزمنة اللاحقة شروح و تفاسیر عدیدة؛ لکن له في البعض الآخر من کتاباته نثر علمي واضح (مثلاً في «الفیزیاء»، الکتب III-VI، الفصول 1-19، «المیتافیزیقا»، الکتاب XII، «الأخلاق إلی نیقوماخوس»، الکتاب III).
عقب وفاة أرسطو أصبح تلمیذه البارز ثیوفراستوس (ح 370- ح 286 ق.م) خلیفة له و مدیراً لشؤون لوقین. وکان الأخیر قد أوصی أیضاً أن تودع کل مکتبته بعد وفاته لدی نیلیوس الذي کان من تلامذته و تلامذة أرسطو، ویحتمل کثیراً أنه کان قد رشحه لإدارة شؤون المدرسة المشائیة من بعده، لکن بعد وفاته أصبح ستراتون التلمیذُ البارزُ لدیه ولدی أرسطو، مدیراً لشؤون لوقین (من 286-268 ق.م). وبذلک یحتمل أن یکون نیلیوس قد غادر أثینا بسبب یأسه و شعوره بالإحباط و عاد إلی مسقط رأسه أسقپسیس واصطحب معه کتب ثیوفراستوس التي کانت کتابات أرسطو أیضاً من بینها. ویقال إنه باع قسماً من مکتبته لحاکم مصر بطولیمایوس فیلادلفوس (283-246ق.م)، لکنه کان قد احتفظ بکتابات أرسطو التعلیمیة. ومن بعد ذلک نری مصیر کتابات أرسطو في روایتین:
الروایة الأولی للمؤرخ والجغرافي الشهیر سترابون (64 ق.م – ح 7م). وفیها یقال إن نیلیوس اصطحب معه مکتبة ثیوفراستوس – التي کانت تضم کتابات أرسطو أیضاً – إلی مسقط رأسه أسقپسیس و ترکها لورثته، وقد اختزنها هؤلاء الذین کانوا جهلة في موضعٍ ما. وبعد أن انبری ملوک پیرغامون – الذین کانت مدینة أسقپسیس أیضاً ضمن المناطق الخاضعة لحکمهم – للبحث عن تلک الکتب لغرض تأسیس مکتبتهم، أخفی ورثة نیلیوس الکتب في حفرة. وقد انقضیزمن طویل إلی أن باع أولادهم مکتبة أرسطو وثیوفراستوس التي کانت قد تضررت من الرطوبة والدیدان، لرجل یدعی أپلیقون بثمن باهظ. وقد استنسخ عنها – و هو الذي کان رجلاً محباً للکتب أکثر منه فیلسوفاً – نسخاً و ملأ بنفسه الفراغات التي فیها بشکل مغلوط. وطبع الکتب و هي مشحونة بالأخطاء. وعندما احتل سولا (حاکم روما) أثینا (86م)، نقل مکتبة أپلیقون إلی رما، و هناک حصل تورانیون النحوي الذي کان من عشاق أرسطو، علی تلک الکتب من أمین المکتبة بالتودد إلیه (سترابون، الکتاب XIII، الفصل 54).
الروایة الثانیة لبلوتارخس. وهناک أیضاً ورد أن سولا استحوذ علی مکتبة أپلیقون التي یُعثر فیها بشکل أکبر علی رسائل أرسطو وثیوفراستوس، والتي کانت غیرمعروفة آنذک لعامة الناس. عندها و بعد نقلها إلی روما نظم تورانیون النحوي أغلبها، ثم وضع نسخاً منها في متناول أندرونیقوس الرودسي و هو الذي نشرها، وأعد أیضاً فهرساً بها مایزال متداولاً الیوم (بلوتارخس، ج IV، الفصل 26؛ حول أپلیقون وتورانیون وتقییم روایتي سترابون وبلوتارخس، ظ: مورو، I/ 29-31, 33-44).
وبتدوینه کتابات أرسطو بدأ أندرونیقوس الرودسي عهداً جدیداً من الاتجاه الأرسطي والبحث في آثاره. وحول هذه الشخصیة – التي یرد ذکرها في المصادر العربیة أیضا – ونشاطها المهم في تنظیم آثار أرسطو وتنقیحها، توجد بنی الباحثین آراء مختلفة، بل إنه لاتتوفر معلومات دقیقة حول العصر الذي عاش فیه والمکان الذي مارس فیه أنشظته. تری هل کان له نشاط في أثینا، أم روما؟ یری بعض الباحثین أن نشاطه کان في النصف الأول من القرن 1 ق.م في أثینا، بینما یری آخرون أنه ربما کان له نشاط في زمن أکثر تأخراً، خلال السنوات 20-40م في روما. وکما رأینا في روایة بلوتارخس، فإن تورانیون کان قد وضع آثار أرسطو تحت تصرف أندرونیقوس؛ واستناداً إلی هذا، فإنه کان یعیش في روما في نفس الفترة مع تورانیون. وکان الأخیر قد توفي سنة 26م و هو طاعن في السن. ومن جهة أخری، یقال إن أندرونیقوس کان الخلیفة العاشر، أو الحادي عشر لأرسو في المدرسة المشائیة بأثینا (أي بین السنوات 46-43 ق.م تقریباً). ویری البعض الاخر من الباحثین أن العصر الذي عاش فیه کان بین السنوات 125-47 ق.م واستناداً إلی دراسات مورو، فإنه کان بین السنوات 80-78 ق.م مدیراً للمدرسة المشائیة في أثینا. وبذلک یمکن استنتاج أنه و قبل هذا التاریخ، کان قد دوّن و نشر کتابات أرسطو التعلیمیة في روما، أو أثینا (عنه و عن أسلوب عمله فيتدوین و نشر کتابات أرسطو و شرح بعضها، ظ: مورو، I/ 45-94, 97-141).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode