الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / أرسطو /

فهرس الموضوعات

أرسطو

أرسطو

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/27 ۱۳:۴۱:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

أَرَسْطو، أو أَرِسطو، الفیلسوف الیوناني الشهیر (384-322 ق.م).

 

القسم الأول – حیاته و ترجمته

اسمه الیوناني آریستوتِلِس، ورد معرّبه بأشکال: أرسطاطالیس وأرسطو طالیس، أرسطالیس، أرسطاطیلِس و أرسطوطیلِس.والمتوفر عن ترجمته الیوم عدة نصوص یونانیة و سریانیة ولاتینیة و عربیة. وأهم المصادر عن حیاة أرسطو و آثاره مما وصلنا من العصر القدیم هو: 1. کتاب دیوجینس لایرتیوس الذي عنوانه «حیاة و آراء مشاهیر الفلاسفة» في عشرة کتب الکتاب الخامس، الفصول 1-35؛ 2. «ترجمة أرسطو» لهِسوخیوس (القرن 5م)؛ 3. «ترجمة أرسطو مارسیانا»؛ 4. «ترجمة أرسطو فولغاتا»؛ 5. «ترجمة أرسطو» باللاتینیة؛ 6. کتابا «ترجمة أرسطو» بالسریانیة؛ 7. أربعة کتب عن «ترجمة أرسطو» بالعربیة (في فهرست ابن‌الندیم، مختار الحکم ومحاسن الکلم لابن‌فاتک، تاریخ الحکماء للقفطي، عیون الأنباء لابن أبي أصیبعة).وکان مصدرها الرئیس جمیعاً هو «ترجمة أرسطو» لهِرمیپوس (تـ حوالي 200 ق.م)، آخر کبار کتّاب التراجم في العصر الهلنستي و أحد أتباع الفلسفة الأرسطیة و مدیر مکتبة الإسکندریة الشهیرة، من جهة؛ ومن جهة أخری «ترجمة أرسطو» لمؤلفه پتولیمایوس الذي یدعونه في المصادر العربة بطلموس الغریب.

ومع کل ذلک، استفاد کتاب ترجمة دیوجینس و کذلک کتاب مختصر في ترجمة هسوخیوس مؤلف المعاجم الإسکندراني الشهیر من مصادر أخری. ومعلوماتنا عن پتولیمایوس ضئیلة جداً. وکان الباحثون ولمدة طویلة یخلطون بینه و بین پتولیمایوس خینوس أحد أعضاء مردسة الإسکندریة الأرسطیة في أوائل عهد الإمبراطوریة الرومانیة (النصف الثاني من القرن 1 و النسف الأول من القرن 2م)، لکن هذا الرأي دحض أخیراً من قبل عالم الأرسطیّات الکبیر المعاصر إینغمار دورینغ (تـ 1984م). فهو یری أن الشخص الذي یسمی في العربیة ببطلمیوس الغریب هو پتولیمایوس کسینوس (الغریب) أحد أتباع المدرسة الأفلاطونیة الحدیثة في الإسکندریة، الذي کان قد کتب ترجمة أرسطو في النصف الأول من القرن 3م. وإنما لُقّب بالغریب لیُمیَّز عن بطلمیوس مؤلّف کتاب المجسطي 208 ومابعدها، 469 ومابعدها، أیضاً 472-475). کذلک یستنتج دورینغ أن کتب التراجم الأفلاطونیة الحدیثة: مارسیانا، فولغاتا، اللاتینیة (عد 3، 4، 5) تُعد مختصرات للترجمة التي کتبها بطلمیوس الغریب، و إن الترجمتین المکتوبتین بالسریانیة هما اختصار للترجمة نفسها و تعود لنفس العصر تقریباً؛ کما أن تراجم الحیاة الأربعة لأرسطو المکتوبة بالعربیة، هنّ خلاصات من الترجمة العربیة للترجمة السریانیة للکتاب الذي کتبه بطلمیوس الغریب (ص 472-474). وقد ضاع النص الیوناني لهذا الکتاب ویحتمل أن تکون ترجمته العربیة عن السریانیة قد تمت علی ید إسحاق بن حنین (تـ 298هـ/ 911م).

وکما أسلفنا، فإن ترجمة أرسطو وردت في 4 مصادر عربیة: 1. الفهرست لابن الندیم (ص 246-252)؛ 2. مختار الحکم و محاسن الکلم لابن‌فاتک (ص 178-184)؛ 3. تاریخ الحکماء للقفطي (ص 27-49)؛ 4. عیون الأنباء لابن أبي دصیبعة (2/ 54- 61). وکذلک قلنا إن هذه الترجمات الأربع هي خلاصات للترجمة العربیة لحیاة أرسطو التي کتبها بطلمیوس الغریب برغم وجود أمور فیها یحتمل أن تکون قد اقتبست من مصادر أخری. ولم‌یکن قد عُثر إلی فترة قریبة علی أصل النص العربي لحیاة أرسطو التط کتبها بطلمیوس الغریب والتي استفادت منها جمیع المصادر العربیة الدخری. وقد عثر أخیراً علی مخطوطتها الفریدة في مکتبة أیاصوفیا (و هي الآن في مکتبة السلیمانیة بإستانبول) تحت رقم 4833 و لدین نسخة مصورة منها. وتضم هذه المخطوطة آثار أفلاطون وفلسفته و حیاة أرسطو و آثاره وکذلک خلاصة من فلسفة أرسطو المنسوبة للفارابي. وفي هذه المجموعة تشغل ترجمة أرسطو وکتاباته الأوراق 10 ب-18 ألف. ویشاهد الغلط والتحریف الفاحشان من ناسخ هذه المخطوطة. وتبدأ المخطوطة بعد البسملة علی النحو التالي: «هذا [هذه] مقالة بطلمیوس و فیها وصیة أرسطوطالیس وفهرست کتبه و شيء من أخباره إلی غَلَّس [غالُس]». ثم یقول الکاتب إنه لما کان غالس قد طلب إلیه أن یؤلف کتاباً بشأن کتابات أرسطو، فإنه یؤلف کتاباً مختصراً حول أرسطو، وسیتجنب بیان هدف أرسطو من کتاباته منعاً للإطالة. ثم یضیف مشیراً إلی ما کتبه أندرونیقوس الرودِسي قائلاً إن هذا المؤلَّف هو حصیلة جهوده الشخصیة، و هو کتاب فرید لم‌یستعن في کتابته بأي أحد، ذلک أن مؤلَّف أندرونیقوس لم‌یکن في متناول یده. وعلی هذا فإن مؤلَّفه لایحول دون أن یستفید غالس من مؤلّف أنرونیقوس أیضاً؛ ذلک أن هذا الأخیر ذکر في مؤلفه ما یقرب من ألف أثر لأرسطو، بینما یقلّ مایذکره هو (بطلمیوس) عن ذلک (الورقة 11 ألف). ثم یبدأ بطلمیوس بتلخیص حیاة أرسطو، وعندها ینبري لنقل وصیته، ویورد بعدها فهرستاً بکتاباته.

إن المقارنة بین ترجمتي حیاة أرسطو المکتوبة باللغتین العربیة والسریانیة و بین ترجمات حیاته الأخری التي تمّ الحدیق عنها یظهر إمکانیة أن نعدها مکملة لبعضها، بینما لاتتمتع الترجمة السریانیة بأهمیة تذکر. أما الترجمات العربیة فتضم حشداً من المعلومات الجدیدة و القیمة جداً، برغم أنه توجد فیها أیضاً روایات أسطوریة و بشکل خاص مبالغات حول أرسطو، کما أنها مفعمة بسوء الفهم و التحریف و الترجمة المغلوطة الناجمة بأسرها عن تعامل غیر ناقد یهدف إلی إضفاء هالة من العظمة المبالغ فیها حول أرسطو، أي الاتجاه الذي یلاحظ في مصادر الأفلاطونیة الحدیثة و منها ماورد في روایة بطلمیوس الغریب. و هنا تجدر الإشارة أیضاً إلی أنه قد تمّ في روایات المصادر العربیة حول ترجمة أرسطو التي نُقل أغلبها من روایة بطلمیوس، حذف مقدمة روایته التي نقل ماورد فیها من نقاط مهمة. فلو کانت تلک المقدمة قد نقلت هي الأخری بشکل کامل في المصادر العربیة، لسهل بشکل أکبر عمل الباحثین في حیاة أرسطو و لمابقي هناک مجال للتخمینات والاستنتاجات المتعارضة وبالنتیجة الاختلافات الشدیدة في وجهات النظر.ویتضح الآن – خلافاً لما کان یعتقده أغلب الباحثین حتی الیوم – أن مؤلَّف أندرونیقوس الرودسي لم‌یکن الأنموذج الذي احتذاء بطلمیوس، خاصة وأن الفهرست الذي أعده بآثار أرسوط هو غیر الفهرست الذي یوجد في مؤلَّف أندرونیقوس.

وسنسعی هنا من خلال الاستفادة من جمیع المصادر المتوفرة عن أرسطو، إلی تقدیم صورة واقعیة قدر المستطاع عن حیاته و ترجمته:

ولد أرسطو صیف 384ق.م بمدینة ستاجیرا في جزیرة خلقیدیقي، شمالي بحر إیجة من بلاد تراقیا. کان اسم أبیه نیقوماخوس واسم أمه افسیطیا، ونسب أبیه یرجع إلی نیقوماخوس آخر والذي کان من ذریة ماخاون نجل أسقلیبیوس. وقد ورد اسما هذین في عداد أبطال ملحمة الإلیاذة لهومیروس، کما کانت والدة أرسطو من نفس الذریة. کان والد أرسطو صدیقاً وطبیباً لملک مقدونیا المدعو أمنطس الثالث (393-370ق.م)، ویقال إنه کان عالماً وله مؤلفات في الطب و العلوم الطبیعیة، وکان ذا ثروة و عیش رغید أیضاً. توفي والد أرسطو حوالي 367ق.م، کما توفیت أمه و هو في ریعان شبابه فتعهد برعایته زوج أخته برقسانس، وکان له من أخت أرسطو ولد یدعی نیقانور، ذکره أرسطو مرات في وصیته.

لاتتوفر لدینا معلومات کثیرة عن مرحلتي طفولة أرسطو وصباه، لکن لما کان أبوه طبیب أمنطس، یمکن تقدیر أنه أمضی طفولته في مدینة پیلا عاصمة مقدونیا و هناک أیضاً تلقی بدایات تعلّمه. وقد ورد في جمیع ترجمات حیاة أرسطو أنه قدم إلی أثینا و هو في 17 من عمره (367ق.م) برفقة برقسانس الذي یقال إنه کان من أصدقاء أفلاطون، وانضم إلی حلقة درسه في مدرسته الفلسفیة المسماة أکادیمیة وأمضی فیها 20 سنة.

وتجد الإشارة إلی أن أرسطو عندما قدم إلی أثینا في ربیع 367ق.م کان أفلاطون قد سافر قبل ذلک إلی سرقوسة في جزیرة صقلیة و کان قد عیَّن تلمیذه البارز أودقسوس لإدارة أکادیمیة بشکل موقت خلال غیابه. وعاد أفلاطون من هذا السفر إلی أثینا في 365-364ق.م. وعلی هذا یمکن القول إن أرسطو بعد وصوله إلی أثینا بـ 3 سنوات تقریباً التقی بأفلاطون والتحق بمدرسته. تری ما الذي کان یفعله طوال هذه الفترة؟ ورد في بعض المصادر و منها مختار الحکم أن أرسطو – قبل التحاقه بمدرسة أفلاطون – انبری لتعلم الشعر و النحو و الخطابة ثم أعرض عنها (ابن فاتک، 179-180). ومن جهة أخری نعلم أن مدرسة الخطابة وأستاذها الشهیر إیسوقراطیس (436-338 ق.م) في أثینا کانت تتمتع بأهمیة و مکانة سامیة و کان فیها تلامیذ کثر من جمیع بقاع الیونان. والموضوع الرئیس في تعالیم إیسوقراطیس کان الخطابة السیاسیة. وهکذا یمکن افتراض أن أرسطو قبل التحاقه بأکادیمیة أفلاطون کان قد أمضی فترة في تعلم فن الخطابة و البلاغة في مدرسة إیسوقراطیس. ومن جهة أخری ورد في روایة مختار الحکم أن أرسطو قد دقام عند دخوله أثینا في موضع یدعی لوقین کان متنزهاً في القسم الشرقي من أثینا (م.ن، 179) واستناداً إلی الروایات فإن المدرسة الإیسوقراطیة کانت تقع قرب لوقین. کما ورد في الروایات أن بدء أنشطة أرسطو الأدبیة کانت في الخطابة و کان اسم أول مؤلفاته غرولوس (أو«في الخطابة»). کما کان اسم مؤلفه الآخر المفقود پروترپتیقوس (الترغیب في الفلسفة) الذي یکن أن یعدّ نقداً ودحضاً لتعالیم إیسوقراطیس في مؤلَّفه أنتي‌دوسیس (المطارحة) الذي کانت قد دُحضت فیه نظریات أرسطو. ومهما یکن فمن المحتمل أن أرسطو – قبل انضمامه إلی أکادیمیة أفلاطون – کان یتردد لفترة علی مدرسة إیسوقراطیس.

وکما أشرنا فإن أرسطو أمضی 20 سنة عند أفلاطون عضواً في أکادیمیته. وقد ورد في عدة روایات أن أفلاطون کان یبدي اهتماماً وعلاقة خاصة بأرسطو من بین تلامیذه ویعدبه أذکاهم و أکثرهم موهبة. ویقال إن أفلاطون لم‌یکن یبدأ حلقات درسه قبل حضور أرسطو ویقول: «اصبروا حتی یأتي الجمیع». وبمجيء أرسطو کان یقول: الآن ابدؤوا القراءة لأن الجمیع حاضرون وقد اکتمل عدد المستمعین؛ أو کان یقول في الغالب: دعونا لانبدأ الدرس إلی أن یحضر «العقل»؛ و متی ما کان أرسطو غائباً عن الدرس کان أفلاطون یقول: العقل غائب. کما کان أفلاطون یسمیه «قارئ الکتب». و الآن یمکن التساؤل عما إذا کان أرسطو خلال العشرین سنة التي أمضاها في مدرسة أفلاطون یتعلم فحسب، أم‌یفکر و یکتب أیضاً؟

وفي ربیع 347 ق.م توفي أفلاطون و هو في الثمانین من عمره. و قد ورد في جمیع المصادر أن أرسطو و بعد وفاة أستاذه غادر أثینا. والرأي الغالب حول دافع أرسطو لمغادرة أثینا هو أنه برغم أن أفلاطون کان یبجّل قدرات أرسطو العقلیة و نتاجاته الفکریة و یعدّه أ:ثر تلامذته أصالة، فإنه کان قد اختار ابن أخته سپوسیپوس خلیفة له و عمیداً لأکادیمیته. وکان أرسطو قد أصیب بالإحباط والقنوط لذلک، فقرر مغادرة أثینا. لکن تری هل أن هذه الواقعة کافیة لتوضیح سبب مغادرة أرسطو لأثنیا بشکل مفاجئ؟

ومن جهة أخری، یقال إن أرسطو – قبل موت أفلاطون بفترة طویلة – کان قد بلغ في نظرته الفلسفیة للعالم مرحلة لم‌تکن تنسجم في کثیر من الحالات مع مبادئ نظریات أفلاطون. وبذلک کان قد ظهر تدریجیاً شکل من أشکال التباین في الرأي والعقیدة بین التلمیذ و الأستاذ. وبرغم هذا و بسبب الاحترام و الودّ اللذین کان یکنهما أرسطو لأفلاطون، لم‌یکن أرسطوبری الانفصال عن مدرسته أمراً لائقاً، و کان یؤجل ذلک. ویمکن ملاحظة هذا الاختلاف في الآراء بشکل واضح في کتابات أرسطو خلال تلک لافترة التي بقیت أقسام منها. فمثلاً في حوارات «في الخیر» و«في المُثُل»، أو في پروترپتیقوس و «في الفلسفة». لکن برغم کون الاختلاف في وجهات النظر بین أرسطو من جهة و أفلاطون و بقیة تلامیذه من جهة أخری، یمکن أنی کون دافعاً لمغادرة أرسطو أثینا، غیر أنه لایمکن أن یُعَدّ الدافع الوحید لذلک.

ومن ناحیة أخری، ینبغي الأخذ بنظر الاعتبار أن أرسطو کان قدجاء من بلاد أخری (تراقیا) غیر بلد الیونان الأصلي. وبذلک کان یعدّ في أعین أهالي أثینا بوصفه «مقیماً غریباً» ومحروماً من الحقوق المدنیة. وعلی هذا، یمکن تصور أن أرسطو لم‌یعد له بعد وفاة أفلاطون عزاء و سند في أثینا. لکن هذا أیضاً لیمکن أن یعدّ الدافع الرئیس و الفاعل لمغادرته أثینا. وینبغي البحث عن دوافع أثر قوة لقراره هذا.

خلال عدة سنوات سبقت وفاة أفلاطون، تلاحظ في تاریخ الیونان آنذاک وقائع مهمة وخطیرة یحتمل أن تکون ذات صلة وثیقة بترجمة أرسطو. ففي هذه الفترة الزمنیة، کانت قد حدثت في مقدونیا – التي کان الیونانیون برون شعبها شبه وحشي - وقائع غیّرت فیما بعد معالم تاریخ الیونان و بشکل أکبر أثینا. توفي أمنطس الثالث صدیق والد أرسطو وحامیه في 370 ق.م و کان له 3 أولاد هم: ألکساندروس الثاني، پردیقاس، فیلیب. وقد حل ألکساندروس الثاني محل أبیه. لکنه لما کان طفلاً آنذاک، أصبح عمه بطولمایوس آلُروسي الوصي علیه ونائباً للملک. فقتل هذا ألکساندروسَ الثاني و أعلن نفسه ملکاً علی مقدونیا. لکن پردیقاس بدوره أزاح بطولمایوس في 365 ق.م وأصبح ملکاً. ثم قُتل پردیقاس الذي کان له ابن و خلیفة یدعی أمنطس الرابع في معرکة جرت سنة 360 ق.م. وعقب وفاته أصبح فیلیب الوصي علی أمنطس الرابع الذي کان طفلاً آنذاک و صار نائباً لملک مقدونیا، لکنه أعلن نفسه ملکاً في 356 ق.م. وکان حکم فیلیب وفتوحاته و بشکل عام سیاساته من العوامل التي ترکت أثراً کبیراً في حیاة و ترجمة أرسطو. وهنا یجدر التذکیر بأن کتّاب تراجم أرسطو – و بموجب التقالید المغلوطة القائمة آنذاک – قلّمااهتموا بالأوضاع و العوامل و الوقائع العینیة التاریخیة و السیاسیة لعصر أرسطو، وتناولوا بشکل أقلّ من ذلک علاقتها بترجمته. ویجب تدارک هذاالنقص في ترجمة حیاة أرسطو.

عقب وفاة أفلاطون تلقّی أرسطو دعوة من هِرمیاس حاکم مدینة أطارنیوس التي کانت تقع عی الساحل الغربي لآسیا الصغری في بلاد میسیا. و یقال إن هرمیاس کان من أتباع مدرسة أفلاطون ومن أصدقاء أرسطو. ویقال أیضاً إن برقسانس زوج أخت أرسطو و کفیله بعد موت أبیه. کان من أصدقاء هرمیاس و أبناء بلده. ومهما یکن فإن أرسطو غادر أثینا في ربیع سنة 374 ق.م بصحبة قسینوقراطیس التلمیذ البارز الآخر من تلامذة أفلاطون، و ذهب إلی مدینة أطارنیوس مقر حکم هرمیاس.

أمضی أرسطو 3 سنوات لدی هرمیاس في آسوس. وخلال ذلک زوّج هرمیاس أرسطو بابنة أخته، أو في قول بدخته المدعوة بوثیاس. ومن آسوس ذهب أرسطو إلی میتولنه مرکز جزیرة لسبوس في الضفة الغربیة لآسیا الصغری و بقي هناک حتی 343، أو 342، ق.م. کانت الفترة التي أمضاها أرسطو في تلک الجزیرة نافعة جداً و مثمرة لبحوثه العلمیة والتجریبیةخاصة في مجالي علم الحیاة (البیولوجیا) و علم الحیوان. و من جهة أخری و خلال هذه الفترة الزمنیة أصبحت الرقعة السیاسیة لبلاد الیونان عرضة لحوادث مصیریة. فقد بدأ فیلیب ملک مقدونیا فتوحاته و استولی علی مدن خلقیدیقي، ومنها مدینة ستاجیرا مسقط رأس أرسطو التي احتلهلا في 349 ق.م ودمرها. وقد أعید بناؤها فیما بعد إثر وساطة من أرسطو لدی فیلیب، أو ابنه الإسکندر.

وفي 343 ق.م تلقی أرسطو دعوة من فیلیب للذهاب إلی بلاطه و تولي تربیة و تعلیم ابنه الإسکندر الذي کان في 13، أو 14 منعمره آنذاک، فلبّی أرسطو هذه الدعوة. وکان سبب ذهابه إلی مقدونیا – فیما یحتمل بشکل کبیر – هو علاقاته الأُسریة مع بلاطها من جهة، و صداقته الشخصیة لفیلیب من جهة أخری، و کذلک تشجیع أصدقائه وخاصة وصیة هرمیاس علی مایبدو، حیث إن هرمیاس کان یعدّ آنذاک من أصدقاء فیلیب و حلفائه. وکما سنری فإنه فَقَدَ حیاته أخیراً وفاءً لفیلیب.

ومن جهة أخری لایمکن الجزم فیما إذا کان أرسطو حقاً أستاذَ الإسکندر و مربیه؛ لکن الحدیث عن ذلک ورد في بعض المصادر فبطلمیوس الغریب یشیر فحسب إلی أن أرسطو عاد إلی أثینا بعد وفاة هرمیاس فدعاه فیلیب، وإثر هذه الدعوة ذهب إلی مقدونیا. وهناک و إلی أن توجه الإسکندر إلی بلدان آسیا، انبری للتعلیم (الورقة 11ب). وعلی أیة حال، فمن الممکن أن یکون أرسطو قد أعطی للإسکندر إرشادات وتعالیم علی مدی سنوات بین الفینة و الفینة بشکلٍ ما. ویحتمل أیضاً أن هدف أرسطو من تعلیم الإسکندر کان إعداده لقیادة الیونان في المستقبل. وماورد في المصادر عن علاقات أرطو بالإسکندر کان مما أُلّف في عصور لاحقة وخاصةالعصر لاهلنستي.

الصفحة 1 من12

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: