الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / الأردن، بلد /

فهرس الموضوعات

الأردن، بلد

الأردن، بلد

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/22 ۱۵:۴۶:۰۷ تاریخ تألیف المقالة

سبّب اندفاع موجات اللاجئین الفلسطینیین من الضفة الغربیة إلی الضفة الشرقیة في السنوات 1947-1949م، للأردن مشاکل صحیة معقدة جداً. فقد أعدّ کثیر من هؤلاء اللاجئین ملاجئ موقته لأنفسهم من غیر تخطیط و تنظیم، کما سکن عدد منهم في الخیام. وقد خلقت شحة المیاه و انعدام مجاري الصرف الصحي و النقص في الغذاء و الدواء، مشاکل صحیة عدیدة في المخیمات في وقت کان الأردن فیه قبل ذلک أیضاً لایملک إمکانیات صحیة کافیة (ن.ص) و في سنة 1970م لم‌یکن لکل 3,810 نسمة من الأردنیین أکثر من طبیب واحد، لکن الدولة بدأت بتنفیذ خطة شاملة للصحة العامة کان من بین برامجها البرنامج الوطني للضمان الصحي الذي وفر مستلزمات علاج الأمراض العامة و الأسنان والعیون بمبالغ رمزیة، و کانت هذه الخدمات تُقدم مجاناً للفقراء. و توجد مستشقیات في مدن عمان و القدس و إربد و الکرک و السلط و طفیلة وجنین و العقبة (بریتانیکا، ن.ص).

 

المصادر

بررسي إجمالي کشور پادشاهي أردن هاشمي، وزارة الخارجیة، الدائرة السیاسیة الثامنة، طهران، 1353ش؛ وأیضاً:

Beaumont, P. et al., The Middle East, London, 1988; Britannica, Macropaedia, 1978; Callier’s Encyclopedia, London/ NewYork, 1986; Géographie universelle Larousse, Paris, 1959; Gubser, P., Jordan, Boulder, 1983; Harris, G. L., Jordan, NewYork, 1958; The Middle East and North Africa 1986; London, 1985; Patai, R., The Kingdom of Jordan, New Jersey, 1958; Statesman’s Year-book, London, 1993; Statistical Year-book, 1988/ 89, United Nations, NewYork, 1992; Wilson, R., Politics and the Economy in Jordan, London, 1991; World Atlas 1994; World Mork Encyclopedia of the Nations, New York, 1971.

محمدحسن گنجي/ هـ.

II. التاریخ

القسم الأول- العصور القدیمة

ألف – ماقبل الإسلام

ترجع أول المعلومات الوافیة و الدقیقة عن تاریخ الأردن و الأقسام الشمالیة للجزیرة العربیة إلی العصور الیونانیة والرومانیة القدیمة، حیث أدی تغلغل العوامل الهلنستیة عن طریق الشام واستخدام طریق غربي الجزیرة العربیة التجاري بین الحین و الآخر، إلی قیام دول شبه متحضرة علی حافات بلاد الشام و صحراء شمالي الجزیرة العربیة. کما أشارت متناثرة إلی الشعوب التي سکنت شمالي الجزیرة العربیة. وکان سکان هذه البلاد من أصل عربي، لکنهم کانوا متأثرین جدا بالثقافة الآرامیة المتخذة طابعاً هلنستیاً، و کان أغلبهم یتکلم الأرامیة و یکتب بها (لویس، 26). وأول هذه الدول و أهمها الأنباط الذین کانوا خلال ذروة قوتهم یحکمون المنطقة الممتدة من خلیج العقبة حتی البحر المیت، کماکان الجزء الأکبر من شمالي الجزیرة العربیة تحت نفوذهم (ن.ص).

وبرغم قلة المعلومات المکتوبة و المتوفرة لدینا عن التاریخ القدیم لشمالي الجزیرة العربیة (و بضمنها الأردن الحالیة)، لکن أمکن الحصول علی أمور کثیرة من التاریخ القدیم لهذه البلاد منذ أقدم العصور حتی عصر الأنباط، وذلک باستعانة الآثار القدیمة غیر المکتوبة الباقیة.

نُسج تاریخ البلدین الأردن و فلسطین – اللذین عُدَّ نهر الأردن الحد الفاصل بینهما عادةً – مع بعضه منذ القدم. و في وادي نهر الأردن تم العثور علی أدلة أثریة عدیدة من العصرین الحجریین القدیم والوسیط، وعلی آثار عن حیاة الصیادین و جامعي القوت («الأردن...»، 5). ومع ذلک رأت بعض المصادر أن من المستبعد أن یکون مایزید علی عدة آلاف نسمة قد سکنوا في المناطق الصخریة من فلسطین والأردن إبان العصر الحجري الوسیط، و ینبغي أن یکون عدد سکانها خلال عدة آلاف من السنین، قد بقي بمستوی منخفض حوالي 30-100 ألف نسمة (ماک إیفیدي، 141).

وفي العصر الذي کان الناس یؤثرون فیه الإقامة علی شواطئ الأنهار، لم‌یکن في شرقي المتوسط، أي نهر یجتذب إلیه الناس مثل دجلة و الفرات. و برغم أن الشرق الأدنی (الذي یشمل الأردن) شهد تغیرات في الألفین 9-7 ق.م في مجال الاستقرار و ظهو راقتصاد إنتاج الغذاء کالذي حدث في الهلا الخصیب، لکنه – من حیث التغیرات اللاحقة – لم‌یکن مواکباً لما حدث في بلاد ما بین‌النهرین (ناپ، 36). وفي عصر ظهور الحضارات لم‌یکن نهر الأردن یصلح عملیاً للملاحة ولا للإرواء، لکن هذا النهر نفسه جمع علی ضفتیه أناساً و تبلورت ثقافة أوائل سکان هذه الأرض تدریجیاً علی ضفافه (ن.ص). و في العصر الحجري الحدیث (ح 8000-1500 ق.م)، سادت في هذه المنطقة الزراعة و ثقافة التحضر معاً («الأردن»، ن.ص). و إن ظهور المدن علی ضفتي نهر الأردن یعود لهذه الفترة، ویحتمل أن تکون هذه المدن أول المدن المعروفة لدینا حتی الآن.

وأقدم الشواهد علی الانتقال من حیاة الصید و اقتصاد جمع القوت إلی الحیاة في قری زراعیة التي هي الطابع الممیز للعصر الحجري الحدیث، یعود إلی حوالي 4500 ق.م في آسیا الغربیة. والوحدة الزراعیة الوحیدة التي نعرفها قبل هذا التاریخ کانت في أریحا شمالي البحرالمیت، وربما کانت قد قامت قبل 6000 سنة قبل المیلاد (دایرة – المعارف...، 2/ 1738). وقد کشف في مدینة أریحا عن جدران کانت تعود إلی 8000-6000 سنة قبل المیلاد. و علی هذا، فإن مدینة أریحا في فلسطین هي أقدم مدینة تم الکشف عنها علی مایبدو (ن.م، 1/ 111). وفي العصر البرونزي (ح 3500-1500 ق.م) نُظمت مدن هذه الناحیة بشکل متطور و أقدمت علی ممارسة تجارة مزدهرة مع مصر. وأدی ذلک إلی دخول مصر بشکل متزاید إلی وادي الأردن خلال القرن 3 ق.م («الأردن»، 5). و خلال ذروة السیادة المصریة، کان في هذه المناطق حوالي 250 ألف نسمة علی أکثر تقدیر، یعیش ثلثاهم في فلسطین و الثلث الباقي (حوالي 80 ألف نسمة) في الأردن (ماک إیفیدي، ن.ص). و بعد سنة 2000 ق.م و بدخول مجموعة من البدو السامیین المعروفین بالعموریین، اندثرت هذه الثقافة المدنیة المزدهرة، و أصبحت هذه المنطقة تدعی بعد ذلک ببلاد کنعان («الأردن»، ن.ص).

أدی سقوط الإمبراطوریة المصریة في 1200ق.م إلی أن تصبح بلاد فلسطین و الأردن بلا قدرة دفاعیة: استولی سکان بلاد فلسطیا (التي اشتق منها اسم فلسطین) علی الساحل، بینما وطدت أقدام بني إسرائیل هذه المنطقة من جهة الصحراء (ماک إیفیدي، 141). وکان وادي نهر الأردن و إلی أواسط الألف الثاني ق.م قد ظهر بشکل منطقة سامیة اللغة، وأطلق الکنعانیون و غیرهم علی هذه المجموعة من البدو السامیین الغربیین اسم «هابیرو» و تعني المشردین، أو الأجانب. ویحتمل أن تکون کلمة هبرو الحالیة التي تعني العبریة في القوامیس اللاتینیة، مشتقة من هذا الاسم («الأردن»، ن.ص). وقد قدم إبراهیم الخلیل (ع) وأسرته في هذه السنوات تقریباً من بلاد بین النهرین و دخل هذه المنطقة (ن.ص). وکان عدد بني إسرائیل استناداً إلی روایة العهد القدیم یزید علی ملیوني نسمة، بینما یبدو الرقم 10,000 نسمة أکثر قبولاً. و مهما یکن، فإن عدداً کهذا برغم کونه غیر کاف لتأسیس إمبراطوریة، إلا أنه کان کافیاً للهیمنة علی الأردن و فلسطین (ظ: ماک إیفیدي، ن.ص).

وخلال القرن 13-15 ق.م، أدی بقاء الضفة الشرفیة بمنأیً عن الصراعات المتمادیة بین المصریین و الحثیین إلی أن تقام في هذه المنطقة ممالک قبلیة صغیرة مترابطة وردت أسماؤها في العهد القدیم: إدوم، موآب، باشان، جلعاد، عمون التي اصمتها ربّة عمون و هي عمان الحالیة عاصمة المملکة الأردنیة الهاشمیة. ویعتقد أن موسی کلیم‌الله (ع) خرج أواسط القرن 13 ق.م مع بني إسرائیل من مصر نحو بلاد کنعان، و حکمهم خلال 40 سنة من التیه في صحراء سیناء. وقد استکمل فتح بلاد کنعان علی أیدي أسباط بني إسرائیل و قبائلهم بین النسوات 1220 و 1190 ق.م («الأردن»، 5-6). ومُنحت الأراضي المفتوحة في الضفة الشرقیة لنهر الأردن لقبائل، أو أسباط جاد، رأوبین ونصف قبیلة منسی (ن.ص).

وعلی مدی قرن کامل من حکم داود و سلیمان غربي نهر الأردن خلال القرن 10 ق.م بسط بنو إسرائیل هیمنتهم علی المناطق الشرقیة لنهر الأردن. وعقب وفاة سلیمان (965-928 ق.م، أو 961-922 ق.م) الذي أوصل هؤلاء القوم إلی ذروة قوتهم، تمت تجزئة هذه المنطقة. وطوال القرنین التالیین کان الأردن میداناً للصراعات المستمرة بین الدولتین اللتین کانتا قد أسستا علی ضفتي نهر الأردن (ماک إیفیدي، أیضاً «الأردن»، ن.صص). و منذ ذلک الحین و ماتلاه ظل عدد سکان فلسطین و الأردن ثابتاً لعدة قرون (ماک إیفیدي، ن.ص). و علی عهد حکم شلما نصرالملک الأشوري في 722 ق.م، ظلت الیهودیة (إحدی الدولتین و مرکزها أورشلیم) مستقلة بدفعها الخراج لأشور، بینما أصبح بقیة الأردن ولایات تابعة لأشور، شکلت درعاً في مواجهة هجمات قبائل الصحراء الرحَّل («الأردن»، 7).

وبعد 50 سنة من تدمیر أورشلیم (586 ق.م) علی ید نبوخذ نصر الذي کان قد فتح أشور في 617 ق.م و ضمها إلی إمبراطوریته البابلیة الجدیدة، سقطت بابل بید قورش الأخمیني، وأصبحت بلاد الیهودیة والأردن جزءاً من المنطقة التابعة للإمبراطوریة الأخمینیة، و أُذن لکثیر من الیهود الذین کانوا قد نقلوا إلی بابل بأمر من نبوخذنصر بالعودة إلی دیارهم في 539ق.م و کان عدد هؤلاء الیهود حوالي 40 ألف نسمة (ن.م، أیضاً ماک إیفیدي، ن.صص).

وظلت هذه المنطقة بأسرها طیلة قرنین، أي حتی ظهور الإسکندر المقدوني في 334 ق.م، جزءاً من الإمبراطوریة الأخمینیة. و بین القرون 3 ق.م و 1 م کان الیهود و الیونانیون و الأنباط فاعلین في تبلور تاریخ الأردن. ومن بدایة العصر المسیحي و حتی ظهور الإسلام، کان للروم أیضاً نصیب کبیر في تشکل تاریخ هذه البلاد. و قدسکن الیهود الذین کان الکثیر منهم قد عاد من المنفی البابلي، في جلعاد الجنوبیة، خاصة في المنطقة التي سمیت فیما بعد باللغي الیونانیة باسم پِرا؛ وأطلق اسم پرا (تعني في الیونانیة [المملکة] الواقعة علی الجانب الآخر [من النهر]) علی منطقة تقع شرقي نهر الأردن کانت جزءاً من جلعاد تمتد من جَبّوک (الزرقاء) في الشمال حتی أرنون في الجنوب. و خلال عصر السید المسیح (ع) کانت تشکل جزءاً من «رَیْع» هیرودس أنتیپاس (ظ: WNGD، مادة پرا؛ ویستر ...، مادة هیرودس أنتیپاس). وکان الیونانیون أیضاً هم أنفسهم القادة و الجنود السابقین في جیش الإسکندر الذین کانوا یقتتلون فیما بینهم عقب موته للاستیلاء علی مناطق أکبر في البلاد التي استولی علیها. و أخیراً – و کما أشرنا فیما مضی – وطأت أقدام الأنباط بلاد أدوم من جانب الصحراء في القرن 7 ق.م، و عدَّت کثیر من المصادر الأنباط عرباً، بل عرباً أقحاحاً (ظ: زریاب، 231، 237؛ «الأردن»، 7). و هؤلاء القوم الذین کانوا مهرة في الزراعة و «عمروا بلاد العراق بإنتاج المحاصیل الزراعیة» (ظ: الحسیني، 5/ 2212)، کانوا أیضاً تجاراً بارعین و أذکیاء و احتکروا تجارة التوابل بین الجزیرة العربیة و سواحل البحر الأبیض المتوسط. وقد روج هؤلاء اللغة الآرامیة بوصفها اللغة السامیة المشترکة لباد الشام و فلسطین («الأردن»، ن.ص).

وفي 301 ق.م سقطت بلاد الأردن بید البطالسة ذوي الأصل المقدوني. وقد بنی السکان الیونانیون مدناً جدیدة و قاموا بإحیاء المدن القدیمة بوصفها مراکز ثقافیة هلنستیة. وتکریماً لأحد الفراعنة المسمی بطلمیوس فیلادلفوس استبدل اسم مدینة عمان بفیلادلفیا، وازدهرت المراکز المدنیة التي کانت قد اتخذت بهندستها المتمیزة تماماً، شکلاً یونانیاً صرفاً عن طریق الاتجار مع مصر (ن.م،9-7). وفي 198 ق.م تخلی البطالسة عن سلطتهم في جمیع أرجاء فلسطین للسلوقیین المقدونیین. و برغم امداد نفوذ السلوقیین إلی الضفة الشرقیة لنهر الأردن، فإن الصراعات بین البطالسة و السلوقیین منحت الأنباط فرصة کي یوسعوا رقعة مملکتهم التي کانت عاصمتها البتراء (یحتمل أن تکون هي نفسها «سالع» المذکورة في العهد القدیم، ظ: بارثولومیو، 166)، نحو الشمال ویزیدوا من ازدهارها معتمدین علی التجارة مع بلاد الشام و الجزیرة العربیة («الأردن»، 9).

وخلال سیطرة الیونانیین علی هذه المناطق، أخذ عدد نفوس هذه المنطقة الذي ظل لفترات ثابتاً، بالتزاید (ماک إیفیدي، 141). وإلی القرن 1 ق.م قضت الفیالق الرومیة بقیادة القائد الرومي پومپیوس (106-48 ق.م) وبشکل منظم ومستمر علی آخر فلول السلوقیین في بلاد الشام (و تشمل الأردن)، و حوّلوا هذه المنطقة إلی ولایة رومیة («الأردن»، ن.ص). وبینما لم‌تکن سیطرة الرومیین – شأنها شأن سیطرة السلوقیین – مرغوباً بها من قبل یهود هذه المناطق (ن.ص؛ أیضاً ظ: ماک إیفیدي، 141-142)، لکنها غدت وسیلة لرفاهیة الأنباط وازدهار أوضاعهم. وأصبح سکان هذه المنطقة أکثر مما کانوا علیه في وقت آخر، فبلغ حوالي 600,000 نسمة علی مایحتمل (م.ن، 141؛ «الأردن»، ن.ص). وفیما عدا واحدة من المدن العشر التي تتمتع بالحکم الذاتي و المرتبطة بالروم (المسماة بت «دکاپولیس») التي أنشأها پومپیوس في هذه المنطقة بشکل اتحاد فدرالي لمجابهة هجمات الیهود والعرب، کانت بقیة المدن تقع شرقي نهر الأردن، وتضم من بینها مدن عمان و جرش و جَدرة (أم قیس الحالیة) و پِلّا، أو فحل في المصادر العربیة (ظ: دونر، 112،مخـ) و فیلادلفیا في الأردن («الأردن، ن.ص؛ WNGD؛ دایرة المعارف، 1/ 983).

ومع بدء العصر المسیحي، ظهر المنظر العام لفترة انحطاط الأردن، أو بعدها بقلیل، مادُعي بالفترة المظلمة حتی في الجزیرة العربیة بأسرها (فراي، 274). وفي 106م و علی ید الإمبراطور الروماني تراجانوس، دُمِّرت مملکة الأنباط التي کانت قد ازدهرت خلال العصر الروماني والتي زحفت نحو الغرب من خلال سیطرتها علی التجارة بین الجزیرة العربیة و المنطقة الواقعة شرقي البحر المتوسط (ن.ص)، و منذ ذلک الحین و ماتلاه، شکلت جزءاً من ولایة جزیرة العرب الرومنیة الجدیدة، وعدّت مدینة البتراء التي کانت عاصمة الأنباط، عاصمةً لهذه الولایة الرومانیة لفترة. ومع ذلک،تواصل ازدهار أحوال الأنباط تحت الحکم الروماني المباشر، وتمتع أتباع هذه الولایة الرومانیة و مواطنوها بنظام و هویة قانونیة مشترکة مع جمیع أتباع الرومان الآخرین في أرجاء الإمبراطوریة الرومانیة، و خلال القرنین 2 و 3م ازدهرت ثقافتهم التي أصبحت الان هلنستیة بشکل تام. و إن بقایا الآثار ارومانیة في الأردن الحالیة شاهد علی ازدهار الحیاة المدنیة و الشؤون الحضاریة في هذه المنطقة التي کانت مدنها قد اتصلت بجمیع المراکز التجاریة في أرجاء الإمبراطوریة الرومانیة بواسطة شبکة الطرق الرومانیة و کان الجیش الروماني یوفر الأمن فیها («الأردن»، 9-10).

وعقب تقسیم الإمبراطوریة الرومانیة في 395م أصبحت بلاد الأردن جزءاً من الإمبراطوریة الرومانیة الشرقیة، أو البیزنطیة. وفي المدن الصغیرة و الکبیرة من هذه البلاد، تم اعتناق المسیحیة التي کانت منذ القرن 4م قد أصبحت الدین الرسمي للإمبراطوریة، لکنها لم‌تترسخ إطلاقاً في أعماق المناطق البعیدة عن مراکز المدن التي هیمنت علیها الدیانات و التقالید و الأعراف الدینیة القدیمة (ن.ص).

امتدت الفترة المظلمة في الجزیرة العربیة من القرن 4 حتی 7م، أي إلی ظهور الإسلام، وکانت مصحوبة – برغم استقرار الأنباط السابق – بالنزوع إلی البداوة و حیاة الصحراء و هجرة المدن و أفول التجارة (فراي، ن.ص). وفي القرن 6م استولی الغساسنة – و هم العرب المسیحیون الذین کانوا أوفیاء للامبراطوریة البینزسیة – علی الأردن والقسم الأکبر من بلاد الشام. و کانت المهمة المناطة بهؤلاء البدو المقاتلین، حمایة أطراف الصحراء في مواجهة هجمات و تحرشات إیران الساسانیة من جهة الشرق و القبائل العربیة من الجنوب، برغم أن هذه القبیلة من العرب المسیحیین لم‌یتمکنوا عملیاً من فرض هیمنتهم علی الأطراف الجنوبیة لعمن أیضاً، أو المحافظة علیها («الأردن»، 15؛ پیغولوسکایا، 411 ومابعدها).

 

ب- العصر الإسلامي

اعتبر المؤرخون الغربیون بشکل عام تلمیجاً، أو تصریحاً، العصر الإسلامي عصر تناقص ازدهار الأردن. وربما أمکن القول إن أحد العوامل المهمة في هذا الأمر کان ازدیاد أهمیة بیت‌المقدس في العصر الإسلامي،والواقع علی الضفة الغربیة لنهر الأردن.

بدأ فتح الأردن بوقعة فِحل التي حدثت – کما یقول البلاذري – للیلتین بقیتا من ذي القعدة، بعد خلافة عمر بخمسة أشهر (ص 122). واستناداً إلی یاقوت، فإن وقعة فحل حدثت في نفس سنة فتح دمشق وبعدها وقتل فیها 80 ألف من الروم (3/ 853).ویقول البلاذري (ن.ص) إن أهل فحل دخلوا القلعة في هذه الوقعة، فحاصرهم المسلمون إلی أن طلبوا الأمان ووافقوا علی دفع الجزیة و الخراج. و کان جیش المسلمین في هذه المعرکة بقیادة أبي عبیدة بن الجراح. و بطبیعة الحال، فإن خلفیة اهتمام المسلمین بشمال جزیرة العرب ومناطق الأردن في الشام و اتصالهم بها تعود إلی ماقبل هذا التاریخ. و یبدو أن أول هجوم علی هذه المناطق لنشر الإسلام معرکتي ذات أطلاح (ربیع الأول 8 هـ) ومؤتة في منطقة البلقاء (جمادی الأولی من نفس السنة) و غزوة ذات السلاسل في وادي الیابس بالشام (جمادی الثانیة من نفس السنة) (الواقدي، 1/ 4، 2/ 574، 576-590؛ الطبري، 3/ 29، 32؛ دونر، 101). وفي معرکة ذات أطلاح أرسل النبي (ص) عمرو بن کعب الغفاري (أو کعب بن عمیر، ظ: المجلسي، 21/ 184) برفقة 15 شخصاً إلی تلک المناطق، فامتنع الناس عن قبول دعوة عمرو وقتلوه مع جمیع من کان معه (الطبري، 3/ 29).

یری بعض الکتّاب الغربیین استناداً إلی روایات للواقدي أن الهدف الرئیس من غزوة تبوک في 9هـ (و بقیة غزوات و سرایا شمالي الجزیرة العربیة) کان في حقیته استعداداً للهجوم علی سوریا، و أن فتح سوریا کان – عملیاً – من أجل ضمان شریط أمني في مواجهة هجمات القبائل المعادیة من جهة الشمال (دونر، 101-102). ویعتقد دونر أن تعبئة جیش بقیادة أسامة بن زید علی مشارف وفاة النبي (ص) لمهاجمة شمالي الجزیرة العربیة کان أیضاً دلیلاً علی سعي النبي (ص) لتحقیق هذا الهدف (ن.ص). وعلی أیة حال، فإن جند الإسلام دخلوا منطقة الأردن في 11 هـ، أي في نفس السنة التي توفي فیها النبي (ص). وفي 13هـ و خلال خلافة أبي‌بکر، تمکنت القوات الإسلامیة بقیادة خالد بن الولید من إلحاق الهزیمة بجیش الإمبراطور البیزنطي هرقل (هراکلیوس) في معرکة الیرموک (اسم نهر في الأردن)، وبعدها بقلیل بسطوا سیطرتهم علی بلاد السام بأسرها. وعقب ذلک، اعتنق الإسلامَ جمیع أبناء شرقي الأردن، سوی جمع قلیل من الیهود، أو الیونانیین والمسیحیین العرب الذین طلبوا أن یظلوا علی دینهم بوصفهم أهل ذمّة، وسرعان ما حلّت اللغة العربیة محل اللغتین الارامیة و الیونانیة (الیعقوبي، 2/ 132-134؛ الطبري،3/ 394 و مابعدها؛ «الأردن»، 10-12؛ دونر، 111 و مابعدها) و کان هرقل و الروم قد هزموا قبل ذلک جیش المسلمین بقیادة أسامة بن زید، کما هزموا جیش خالد بن سعید في 13 هـ (الطبري، ن.ص).

الصفحة 1 من7

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: