الصفحة الرئیسیة / المقالات / الإسماعیلیة، احدي /

فهرس الموضوعات

الإسماعیلیة، احدي

الإسماعیلیة، احدي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/21 ۱۶:۵۰:۱۲ تاریخ تألیف المقالة

و لكن ادعاء الحافظ كان يواجه بعض الإشكالات لأن والده لم‌يكن قد تولى الإمامة و الخلافة. و لذلك، فقد عزم على أن ينظم سجلاً لبيان مشروعية إمامته و خلافته، يستطيع من خلاله أن يعلن نفسه الخليفة الشرعي للأمر. و قد استند هذا السجل إلى مواضع مختلفة في تاريخ الإسلام و الفاطميين، و كان يذكّر بشكل خاص قائلاً: لقد اختار الآمر بنفسه ابن عمه الحافظ خليفة له، كما فعل النبي (ص) عندما اختار ابن عمه علياً (ع) وصياً وخليفة له (القلقشندي، 9/291-297؛ سترن، ن.م، 207 و مابعدها). أيد مركز الدعوة المستعلوية في القاهرة بشكل رسمي إمامة الحافظ، و عرف غالبية المستعلويين في مصر و الشام، و جماعة من المستعلويين في اليمن الذين أقروا بالحافظ و خلفائه أئمة لهم، باسم الحافظية و المجيدية. و من جهة أخرى، اعتبرت جماعات من المستعلويين في مصر و الشام و عدد كبير من المستعلويين في اليمن ادعاءات الحافظ باطلة، و قبلوا إمامة الطيب، حيث عرفوا في البدء باسم الآمرية ثم الطيبية بعد تأسيس الدعوة الطيبية المستقلة في اليمن.

 

القسم الثالث ـ الإسماعيلية بعد الافتراق النزاري ـ المستعلوي

 

الدعوة المستعلوية ـ الحافظية المتزلزلة

انقرضت الأسرة الفاطمية رسمياً في محرم 567/أيلول 1171 على يد صلاح‌الدين الأيوبي، و أعاد صلاح‌الدين فوراً مذهب أهل السنة إلى مصر؛ وقد قمع بشدة الإسماعيليين فيها. و انهارت التنظيمات المركزية للدعوة الحافظية، و توفي العاضد آخر خليفة فاطمي بعد بضعة أيام من الهزيمة على أثر مرض قصير. و قد كان عدد من أخلافه يدعون الإمامة حتى حوالي قرن بعد موته، فكانوا ينظمون بين فترة و أخرى بعض الحركات و الثورات في مصر؛ و لكن المذهب الإسماعيلي و تنظيم دعوته السري زالا بشكل نهائي من مصر، وفي نفس الفترة، لم‌يبق من أثر للإسماعيليين الحافظيين في الشام أيضاً (ظ: المقريزي، الخطط، 1/233، اتعاظ، 3/347- 348؛ أيضاً كازانوا، 415-445).

اكتسبت الدعوة الحافظية أتباعاً في اليمن، و تمتعت لفترة بالدعم الرسمي لبعض الحكام و الأمراء المحليين في ذلك الجانب من جنوب الجزيرة العربية و خاصة بني زريع و الهمدانيين، ولكن هذه الدعوة و أتباعها لم‌تستمر في تلك المنطقة أيضاً بانقراض تلك الحكومات و ظهور صلاح‌الدين الأيوبي (يحيى بن الحسين، 279، 297- 298، 317؛ ابن ماجور، 126-127؛ أيضاً الهمداني، «داعي...»، 288-289؛ سترن، «خلافة»، 214 و مابعدها، 253؛ دفتري، 275-282). و لايبدو أن الحافظيين استطاعوا في الهند أن يحصلوا على معقل، فقد كان المستعلويون في الهند الذين كانوا قد حافظوا على علاقاتهم الوثيقة مع الصليحيين، قد انضموا مثلهم إلى الجناح الطيبي من الدعوة المستعلوية. و مع الأخذ بعين الاعتبار الزوال الكامل للجماعة الحافظية في البلاد الإسلامية، لم‌يبق من آثار الإسماعيليين المستعلوين ـ الحافظيين أي نموذج.

 

تأسيس و دوام الدعوة المستعلوية ـ الطيبية

وجدت الدعوة المستعلوية ـ الطيبية قاعدتها الرئيسة و الدائمة في اليمن، ثم شبه القارة الهندية. و عند افتراق الحافظية ـ الطيبية من الدعوة المستعلوية، اختارت الملكة سيدة التي كانت تمسك بزمام أمور الدولة الصليحية في اليمن، الطيب بن الآمر باعتباره الإمام الحادي و العشرين للإسماعيليين المستعلويين، و قطعت علاقاتها مع الحافظ و الخلافة الفاطمية و أسست الدعوة الطيبية في اليمن. واستناداً إلى معتقدات المستعلويين الطيبيين، فقد كان الآمر قد أوكل ابنه الوليد، الطيب إلى جماعة من الدعاة يثق بها و كان يترأسها رجل باسم ابن مَديَن، و كان هؤلاء الدعاة قد أخفوا الطيب في عهد حكم الحافظ الملئ بالاضطرابات، في أماكن آمنة. يرى الإسماعيليون المستعلويون ـ الطيبيون أن إمامتهم استمرت في أعقاب الذين بقوا في حالة الاستتار و أخيراً، سوف يظهر في نهاية الدور الحالي للستر في التاريخ الديني للبشرية، أحد هؤلاء الأئمة، مفتتحاً بذلك دور الكشف.

أدى دعاة مثل ذؤيب بن موسى الداعي المطلق (ت‍ 546ه‍( ومساعـده الخطاب بـن الحسـن الهمدانـي (تـ‍ 533ه‍/ 1139م) دوراً أساسياً في تأسيس الدعوة الطيبية المستقلة في اليمن. و بعد موت ذؤيب، مزج إبراهيم ابن الحسين الحامدي باعتباره الداعي الطيبي المطلق الثاني، علم الكونيات الأفلاطوني ـ الإسماعيلي للداعي الكرماني مع الآراء الأسطورية بشكل مبتكر، و أسس بذلك علم كونيات خاص في كتابه كنز الولد الذي استند إليه المفكرون الطيبيون المتأخرون كنموذج، و قد وجدت رسائل إخوان الصفاء سبيلها إلى أعقاب الداعي إبراهيم الحامدي حتى 605ه‍/ 1208م، وانتقلت منذ ذلك الحين زعامة الدعوة إلى بني الوليد الأنف، وهم فرع من قريش في اليمن. بقي مقر الدعوة الطيبية في حراز (غرب اليمن) حتى أواسط القرن 10ه‍ /16م.

و في مجال أصول العقائد و الفكر، واصل المستعلويون الطيبيون تعاليم الإسماعيليين الفاطميين و مناهجهم. و قد حافظوا على مجموعة كبيرة من الكتب و الرسائل المخطوطة التي كانت قد بقيت من العصر الفاطمي، و عرفت بـ «الخزانة المكنونة»، ونقلوا منذ القرن 10ه‍ التراث إلى كجرات تدريجياً.كان المستعلويون الطيبيون، يولون أهمية متساوية لظاهر الدين و باطنه و الأحكام الشرعية كما كان حال الإسماعيليين الفاطميين، و قد حافظوا على علاقة العصر الفاطمي بعلم الكونيات، و النظرة الدورية للتاريخ والتي تمثل الأجزاء الرئيسة المكونة لنظام الحقائق لدى المستعلويين، و لكن الطيبيين أدخلوا أيضاً إصلاحات في تعاليمهم الدينية ـ الفلسفية، أضفت مميزات خاصة على نظام الحقائق لديهم (ظ: الحامدي، 32-156؛ علي بن محمد، الذخيرة، 24-83، 110-112، تاج العقائد، 18 و مابعدها، 20-72؛ الحسين بن علي، 100-130؛ أيضاً كوربن، «تاريخ...»، I/124-136، «زمان»، 37-58,65-71,76-84,103-117,161-167,173-181؛ فكي، 109-138؛ دفتري، 291-297).

و منذ بدء ظهور الدعوة الطيبية، كان الدعاة المطلقون يشرفون بشكل دقيق من اليمن على شؤون الدعوة الطيبية في الهند وخاصة كجرات؛ و منذ دخول الدعاة الإسماعيليين الأوائل كجرات في 460ه‍/ 1068م، انتشرت الجماعة الإسماعيلية تدريجياً في غرب شبه القارة الهندية، و مالبثت هذه الجماعة من الهنود الإسماعيليين الذين كانوا ينحدرون إلى أصول محلية، أن عرفت باسم «البُهرة». و كان إسماعيليو كجرات الذين كانت تربطهم باليمن الصليحية علاقات دينية و تجارية وثيقة و مستمرة، قد انضموا مثل الملكة سيدة إلى الجناح المستعلوي ـ الطيبي. إن الانتشار التدريجي للدعوة الطيبية في الهند، و ازدياد عدد الطيبيين فيها من جهة، و الأوضاع السياسية المناسبة لهذه الدعوة مقارنة باليمن من جهة أخرى، كل ذلك لفت أنظار الدعوة الطيبية من اليمن إلى الهند، ففي 974ه‍/1566م نقل جلال بن الحسن الداعي الطيبي الهندي الأصل، مركز الدعوة المستعلوية ـ الطيبية من اليمن إلى أحمدآباد في كجرات.

و لم‌تسلم الجماعة الطيبية نفسها من الانشقاقات الفرقوية، فقد اختلف المستعلويون الطيبيون في 999ه‍/1591م بعد موت الداعي المطلق داود ابن عجب شاه، على خلافته، و انقسموا إلى فرعين هما الداودية و السليمانية. و قد قبل غالبية البُهرة الطيبيين في الهند، بداود بن برهان الدين (ت‍ 1021ه‍/1612م) خليفة لداود‌بن‌عجب شاه و عرفوا بالداودية، في حين أن معظم الطيبيين في اليمن و جماعة صغيرة من البُهرة، اعترفوا بسليمان بن الحسن الهندي (ت‍ 1005ه‍/1597م) باعتباره داعيهم المطلق السابع والعشرين و عرفوا بالسليمانية (ظ: محمد علي، 3/ 169-259؛ إسماعيل جي، 110-112، 144- 168؛ ميسرا، 27-31؛ دفتـري، 299-305).

و يبلغ اليوم عدد الداوديين في العالم حوالي نصف مليون يسكن أربعة أخماسهم في الهند. و يعيش أكثر من نصف البهرة الداوديين من الهنود في كجرات. فيما اختار المتبقون منهم بومباي و المناطق الوسطى من الهند مقاماً لهم بشكل رئيس. كما توجد في باكستان و اليمن و بلدان الشرق الأقصى مجموعات متفرقة من الداوديين. و قد كان البُهرة الداوديون، كما هو حال الإسماعيليين النزاريين في الهند (الخوجه)، من بين أوائل المجموعات الآسيوية التي هاجرت في القرن 13ه‍/ 19م إلى زنجبار و السواحل الشرقية من أفريقيا. و قد هاجرت منذ بضعة عقود مضت، مجاميع من هؤلاء الإسماعيليين ذوي الأصول الهندية (البُهرة و الخوجه) و الذين كانوا قد ذهبوا إلى أفريقيا بشكل رئيس للتجارة، و أقاموا تدريجياً في البلدان الشرقية من تلك القارة وخاصة كينيا و تنزانيا، إلى البلدان الغربية في أميركا الشمالية و أوروبا. و يبلغ عدد السليمانيين في اليمن في الوقت الحاضر حوالي 70 ألف شخص، يتركزون في الغالب في المناطق الشمالية، و خاصة حراز و حدود المملكة العربية السعودية. كما توجد مجموعات صغيرة من البهرة السليمانيين في الهند، و خاصة مدن بومباي و بروده و أحمدآباد و حيدرآباد فيما ليس للمستعلويين الطيبيين ـ السليمانيين وجود محسوس خارج اليمن والهند و باكستان.

 

النزارية في دور أَلَموت

يعتبر تاريخ النزاريين المتقدم جزءاً لايتجزأ من تاريخ حكومة ألموت المناهضة للسلاجقة بقيادة حسن الصبّاح و قد تحولت الحكومة الإسماعيلية في القلاع و التي كانت قد تشكلت قبيل ظهور الاختلاف النزاري ـ المستعلوي في سلسلة جبال ألبرز، إلى أهم قاعدة للفرقة النزارية مباشرة بعد هذا الاختلاف. و كانت هذه الحكومة التي كان مركزها يقع عادة في قلعة ألموت الجبلية الحصينة الواقعة بالقرب من طالقان بقزوين، قد منحت النهضة النزارية قوة سياسية، و انقرضت أخيراً أمام هجمات المغول المتتالية. وقطع حسن الصبّاح الذي كان في الحقيقة قد أسس الدعوة النزارية المستقلة، علاقات تلك الدعوة وعلاقاته هو نفسه مع القاهرة بشكل كامل.

استطاع الإسماعيليون النزاريون في دور ألموت الذي استمر 171 سنة، أن يؤسسوا دعوتهم المستقلة التي لم‌تعد لها أية علاقة مع القاهرة و الحكومة الفاطمية و الدعوة المستعلوية، و ذلك تحت قيادة حسن الصبّاح الأولية، و ينشروها في المناطق المختلفة و خاصة إيران و العراق و الشام. و في مجال الفكر و النظام النظري، فقد واصل النزاريون سنن الإسماعيليين و فكرهم و لكن بنسبة أقل من المستعلويين، بحيث أن المسلمين غير الإسماعيليين كانوا منذ البدء يسمون حركتهم «الدعوة الجديدة»، و يعتبرونها مختلفة عن «الدعوة القديمة»، أي دعوة الإسماعيليين الفاطميين. وفي الحقيقة، فقد أنفصل الإسماعيليون النزاريون في إيران الذين كانوا يتخذون من الفارسية أيضاً لغة دينية لهم، شيئاً فشيئاً عن آثار العصر الفاطمي؛ و لكن النزاريين في الشام استندوا إلى حدما إلى مؤلفات الإسماعيليين الفاطميين؛ و لذلك، فقد حفظوا عدداً من كتب ذلك العصر و منها آثار القاضي النعمان.

و يجب أن لانتجاهل هنا أن النزاريين واجهوا بعد الافتراق النزاري ـ المستعلوي أزمة مهمة في معرفة إمامهم؛ فرغم أن أعقاباً ذكوراً كانوا قد تبقوا من نزار، إلا أن أياً منهم لم‌يدع الإمامة بشكل علني بعد موته و لم‌يذكر حسن الصباح، والخليفتان اللذان تلياه، اسم الإمام، أو الأئمة بعد نزار. و قد ذكر على المسكوكــات التـي وصلتنـا من عهـد محمد بن بـزرگ أميـد (تـ‍ 557ه‍/1162م) الحاكم الثالث لألموت، اسم نزار نفسه كآخر إمام نزاري (ظ: مايلز، 155-162)، و هكذا، فقد كان النزاريون قد دخلوا في الحقيقة، في ذلك الدور «مرحلة ستر» أخرى، و في مثل هذه الأوضاع كان حسن الصباح قد تسنم القيادة العليا للدعوة في المناطق الشرقية بعيد الافتراق النزاري ـ المستعلوي. و في «مرحلة الستر» التي كان فيها الإمام النزاري مختفياً عن أنظار أتباعه، اعتبر حسن الصبّاح حجة الإمام المستور، أو الممثل التام‌الاختيار له، في حين أن النزاريين ظلوا ينتظرون أن يطلعوا على تاريخ ظهور إمامهم القريب و هويته عن طريق حسن (ظ: هفت باب...، 21؛ نصيرالدين، 148؛ أبو إسحاق، 23؛ خيرخواه، كلام پير، 51- 68، تصنيفات، 52، 102). و يبدو أن الخليفتين التاليين لحسن ظلا يُعْتَبران حجة الإمام المستور تزامناً مع التأخير التدريجي في ظهور الإمام النزاري، فكانا على هذا الأساس أعلى مرجع في الدعوة النزارية (ظ: الشهرستاني، 1/171-172).

و على الرغم من ضغوط السلاجقة و هجماتهم الممتدة على قلاع النزاريين و قواعدهم، إلا أن الدعوة النزارية كانت تنتشر بنجاح نسبي في مدن إيران و مناطقها الجبلية، حتى إن نطاق نفوذها كان يمتد أحياناً إلى أصفهان مقر حكم السلاجقة. و منذ حوالي سنة 495ه‍/1102م، بسط حسن الصبّاح نشاطات الدعوة إلى الشام أيضاً. فكان الدعاة يُرْسَلون منذ تلك الفترة بشكل مستمر من ألموت لتنظيم صفوف النزاريين في الشام و قيادتهم، و كذلك إشاعة الدعوة بين المسلمين غير الإسماعيليين هناك. و قد كان هؤلاء الدعاة الذين كانوا يتولون رئاسة الدعوة في الشام، ينفذون أوامر ألموت في مجال السياسات العامة (ظ: رشيدالدين، 121-122؛ الكاشاني، 156-157؛ ابن القلانسي، 151-156؛ الراوندي، 158-161).

كان حسن الصبّاح الذي كان مؤسس الدولة النزارية و دعوتها المستقلة، و الواضع بنفسه السياسات و الأساليب الجهادية العامة للنزاريين، مفكراً بارزاً أيضاً، و كان قد ألف آثاراً مهمة في مجال تعاليم هذه الفرقة من الإسماعيليين و خلافاً للإسماعليين الفاطميين و المستعلويين، فإن النزاريين لم‌يكونوا منذ البدء يبدون اهتماماً للتفكير في مجال علم الكونيات و التاريخ الدوري، فكانوا يخصصون جهودهم بشكل رئيس لدراسة النظرية الشيعية حول الإمامة و خاصة أهمية تعاليم الإمام الإسماعيلي. و قد كان حسن الصبّاح قد ألف هو نفسه رسالة باللغة الفارسية بعنوان الفصول الأربعة في هذا المجال، و هي الآن مفقودة، و لكن الشهرستاني (1/176- 178) نقل منها مقطوعات بالعربية (أيضاً ظ: هاجسن، 51-61؛ دفتري، 367-371). و لم‌يعلن حسن الذي كان يهتم بمبدأ التعليم الشيعي مع التأكيد على الدور و الأهمية الفريدة من نوعها لتعاليم المعلمين الصادقين في كل دور بعد نبي الإسلام، عن بطلان موقف أهل السنة في مجال مسألة التعليم و حسب، بل إنه انتقد أيضاً العقيدة التقليدية للشيعة المتقدمين، و أخيراً، استنتج من خلال طرح القضية مرة أخرى بشكل جديد أن المعلم الصادق والإمام الشرعي يمثل دوماً الإمام الإسماعيلي الذي لايحتاج إلى أي دليل و برهان فضلاً عن شرعيته و إمامته. و قد هيأت نظرية التعليم هذه التي كانت تؤكد على استقلال المرجعية و تعاليم كل من الأئمة، الأرضية الفكرية لإصلاحات النزاريين العقائدية في العصور التالية. و قد بلغ دور نظرية التعليم في أصول عقائد النزاريين حداً بحيث أن أتباع الدعوة النزارية عرفوا أيضاً بالتعليمية و بأهل التعليم.

أصبح حاكم ألموت الرابع الحسن الثاني الذي أضاف النزاريون إلى اسمه مصطلح «على ذكره السلام»، و قبلوا أخيراً إمامته، مؤسس ثورة عظيمة في تعاليم الإسماعيلية النزارية. تولى الحسن الثاني الذي كان يبدي اهتماماً خاصاً بتاريخ الإسماعيليين و تعاليمهم، و كان يتمتع بنصيب وافر من علم التأويل، زعامة دعوة النزاريين و دولتهم في 557ه‍/1162م، عندما كان النزاريون مايزالون يعتبرونه ابن محمد بن بزرگ أميد (بزرگ أميد خليفة حسن الصبّاح)، و هيأ بسرعة مقدمات إصلاحاته العقائدية. و في 17 رمضان 559 ألقى الحسن الثاني خلال مراسم خاصة في ألموت، و بحضور فئات من ممثلي الجماعات النزارية في المناطق المختلفة، خطبة باعتباره الداعي و حجة الإمام المستور، و التي كانت قد أرسلت على مايبدو من جانب الإمام نفسه إلى أتباعه. وقد أعلن الحسن خلال تلك المراسم و من على منبر خاص مخاطباً الحاضرين: إن إمام الزمان يحيكم و يترحم عليكم، ويعتبركم عباده الخاصين و المختارين، و قد ألقى عنكم عبء تكليف الشريعة، و أوصلكم إلى القيامة.

و بعد بضعة أسابيع في 8 ذي‌القعدة 559، تليت نفس تلك الخطبة و رسالة الإمام أيضاً، و ذلك خلال مراسم مشابهة في مؤمن‌آباد الواقعة شرق بيرجند التي كانت مقر وجيه النزاريين في قهستان. و منذ تلك السنة، كان النزاريون يحتفلون كل سنة ب‍ـ 17 رمضان باعتباره «عيد القيامة». و خلال هذه المراسم، كان الحسن الثاني قد أعلن وقوع القيامة و حلول آخر الزمان، أي نفس ذلك الدور الأخير من التاريخ المقدس الذي كان الإسماعيليون ينتظورنه منذ بداية تاريخهم، و كما كان يتوقع فيما يتعلق بالقيامة، و بينه الإسماعيليون الأوائل، فإن شريعة الإسلام كان من الواجب نسخها أيضاً. و قد أكدت المصادر أن الحسن الثاني كان يؤول القيامة و المعاد و الجنة و جهنم، و يقدم تعبيرات روحية ومعنوية مختلفة عنها. و على هذا الأساس، فإن القيامة كانت في الحقيقة تشير إلى تجلي الحقيقة غير المكتومة في الذات المعنوية لشخص الإمام النزاري و لذلك، فقد كان المؤمنون، أي أولئك الذين كانوا قد اعتنقوا الدعوة النزارية، يتبعون الإمام النزاري، كان بمستطاعهم إدراك الحقيقة و معرفتها، أي الباطن الغائي للشريعة.

و قد حصل الإمام النزاري باعتباره الشخص الذي كان قد أعلن القيامة، و نقل المؤمنين من مرحلة الشريعة إلى مرحلة القيامة، على مرتبة أعلى هي قائم القيامة، و كانت دعوته هي دعوة القيامة أيضاً، و كما كانت أوضاع القيامة و الحياة في الجنة تستوجب، بإن لم‌يكن المؤمنون مضطرين على إجراء الأحكام الشرعية و الفرائض الدينية، ذلك لأن «الحساب» سيسود الآخرة التي هي مرحلة المحاسبـة ــ علـى عكس هذه الدنيـا ــ و سوف لاتكون هناك حاجة إلى «العمل». و في الفصول التي كان الحسن الثاني يرسلها إلى الأطراف بعد إعلان القيامة كان يظهر بأشكال مختلفة و بشكل تلويحي أنه هو يمثل إمام الزمان نفسه من أخلاف نزار بن المستنصر الذي كان النزاريون ينتظرونه، بالمعنى الروحاني على الأقل، رغم أنهم كانوا قد اعتبروه في الظاهر ابن محمد بن بزرگ أميد (ظ: الجويني، 3/225-230، 237-239؛ رشيدالدين، 164-166، 168-170؛ كاشاني، 200-202، 204-205؛ هفت باب، 19-24، 27، 30- 38، 40-41؛ نصيرالدين، 62-63، 83-84، 101-102، 128-149؛ أبو إسحاق، 19، 24، 38-47، 53، 65؛ خيرخواه، كلام پير، 115-116).

الصفحة 1 من7

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: