الإسماعیلیة، احدي
cgietitle
1442/9/21 ۱۶:۵۰:۱۲
https://cgie.org.ir/ar/article/236239
1446/11/15 ۱۹:۴۹:۵۱
نشرت
7
كانت جهود المعز الفاطمي لكسب دعم القرامطة ناجحة إلى حدما. فقد انضم الداعي أبو يعقوب السجستاني الذي كان ينتمي في أوائل عمره إلى الجناح القرمطي، و يتبع تعاليم الداعي النسفي، إلى دعوة الفاطميين في عهد المعز الفاطمي، و أصبح في جميع الآثار التي ألفها بعد أن تولى المعز للخلافة، المدافع عن شرعية الخلفاء الفاطميين و إمامتهم. و انضم بالتالي غالبية قرامطة خراسان و سجستان و مكران الذين كانوا يطيعون الداعي السجستاني، إلى جناح الإسماعيليين الفاطميين. كما نجح المعز في أن يحصل على قاعدة مهمة في السند للفاطميين. و استطاع الدعاة الإسماعيليون أن يكسبوا قبل 347ه/958م حاكم السند المحلي إلى المذهب الإسماعيلي، فتحولت بالتالي الملتان عاصمة السند، إلى دار الهجرة المهمة للإسماعيليين في السند، و استمر هذا الوضع حتى نهاية القرن 4ه/10م (المقدسي، 481-482، 485؛ سترن، «دعوه...»، 298-307؛ الهمداني، «بداية...»، 3 و مابعدها). و في العصور التالية كانت هناك بعض الفئات الإسماعيلية المتفرقة في السند؛ فقد انضمت بعض الأسر المحلية في السند، مثل السومرائييـن الذيـن ثـاروا علـى الغزنوييـن فـي 443ه/1051م، و أقاموا حكومة مستقلة، إلى دعوة الإسماعيليين الفاطميين (دفتري، 180).
مع انتقال مقر دولة الفاطميين إلى مصر. تعرض الإسماعيليون في المغرب للضغوط باعتبارهم أقلية، و في 407ه/1016م، بُعيد تسلم المعز بن باديس الزيري الحكم في إفريقية ارتكبت الأغلبية السنية في إفريقية، المجازر بحق هذه الأقلية في القيروان و مناطق إفريقية الأخرى، ولميتبق حتى ماقبل 440ه/ 1048م حيث أحل بنو الزيري اسم العباسيين محل الفاطميين بشكل دائم في الخطبة، أية فئة إسماعيلية تقريباً في إفريقية. و حتى مصر المعقل الثاني للفاطميين لمتكن مأمناً دائماً للإسماعيليين، فقد أصبحت في عهد المستنصر (427-487ه/1036-1094م) الخليفة الفاطمي الثامن، مسرحاً لأزمات سياسية و عسكرية و اقتصادية عديدة كانت فاتحة انحطاط دولة الفاطميين، في حين أن الخلافة الفاطمية حققت في هذه الفترة نفسها نجاحات مهمة في المناطق الشرقية، بل إنها استطاعت أن تسيطر على العراق أيضاً خلال فترة قصيرة (ظ: المؤيد، سيرة، 94-184؛ الراوندي، 107-110؛ البنداري، 12- 18؛ المقريزي، اتعاظ، 2/232-234، 252- 258).
و من خلال مراجعة لتيار انتشار الدعوة الفاطمية في المشرق، يجب القول إن دعوة الإسماعيليين الفاطميين حققت ازدهاراً ملفتاً للنظر في زمن الخليفة الفاطمي السادس، الحاكم (386-411ه/996-1021م). و انتشرت أكثر من ذي قبل في خارج رقعة حكم الفاطميين، و خاصة في العراق و إيران؛ و كان الدعاة الفاطميون الذين يدرسون في دار العلم و الأزهر و المراكز الأخرى في القاهرة يتم إرسالهم بشكل منظم إلى المناطق المختلفة في داخل و خارج حدود الدولة الفاطمية. و كان حميدالدين أحمدبن عبدالله الكرماني (تـ 411ه/1020م)، أشهر داع فاطمي في تلك الفترة في المناطق الشرقية، فيلسوفاً بارزاً على اطلاع كامل باللغات و أصول عقائد المسيحيين و اليهود، و مكتوباتهم المقدسة، و كان متكلماً قديراً في المناظرات بين الأديان. و في مجال النقاشات الداخلية بين الإسماعيليين، استعرض الكرماني في كتابه الرياض الاختلاف في الآراء بين الداعي النسفي و الداعي أبي حاتم الرازي، و دافع بشكل عام عن موقف أبي حاتم الذي كان يؤكد على أهمية الشريعة، و هاجم بشدة آراء النسفي الإباحية. و لميبين في أهم آثاره، راحة العقل، الجوانب الكلامية والفلسفية المختلفة لفكر الإسماعيليين الفاطميين و حسب، بل إنه قدم أيضاً آراء جديدة أهمها علم الكونيات في الأفلاطونية المحدثة ـ الإسماعيلية بمنهج خاص، متأثراً بفكر الفلاسفة المسلمين الذين كانوا يتبعون مدرسة الفارابي. و في عهد خلافة المستنصر، انتشرت الدعوة الإسماعيلية أكثر من ذي قبل في العراق و إيران و ماوراءالنهر. و كان المؤيد في الدين الشيرازي أشهر داع في هذه الفترة و الذي كان والده يتولى زعامة الدعوة في فارس. و قد استطاع المؤيد أن يكسب إلى المذهب الإسماعيلي أبا كاليجار المرزبان (حك 415-440ه/1024- 1048م) حاكم فارس البويهي، و عدداً من أصحاب المناصب الديلميين وقد وصلنا منه المجالس المؤيدية، و يضم مباحث مختلفة في الكلام و الفلسفة و الفقه و التأويل و العلوم الأخرى، و يدل على ذروة ازدهار فكر الإسماعيليين الفاطميين (ظ: المؤيد، سيرة، أيضاً، ديوان، مخ؛ إدريس، 6/ 329-359؛ أيضاً الهمداني، الصليحيون، 175-179، 261-265).
و من الدعاة الفاطميين الآخرين المهمين في هذه الفترة، ناصرخسرو (تـ ح 481ه/ 1088م) الشاعر و الفيلسوف و الرحالة المعروف الذي بلغ مكانة رفيعة في سلسلة مراتب الدعوة و قاد الدعوة الفاطمية في خراسان. و كان ناصرخسرو الذي نشر الدعوة من المقر الأول لنشاطه في بلخ إلى نيسابور و مناطق خراسان الأخرى، قد ذهب إلى طبرستان لفترة، و استقطب في طبرستان ومناطق الديلم الأخرى جماعة كبيرة إلى المذهب الإسماعيلي، اعتنقت هي الأخرى إمامة المستنصر الفاطمي (ظ: ناصرخسرو، زاد...، 3، 402، ديوان، 162، 234، 287، 436). و قد لجأ لفترة إلى وادي يُمكـان أثناء تعرضه للملاحقـة. و كانت يُمكان آنـذاك جزءاً من رقعة حكم أحد أمراء بدخشان المستقلين و هو علي بنأسد الذي كان إسماعيلياً، و كانت تربطه علاقات صداقة مع ناصرخسرو. و قد دون ناصرخسرو هناك بعض آثاره الدينية والفلسفية المهمة مثل زاد المسافرين (ألف في 453ه/1061م)، وجامع الحكمتين (ألف في 462ه/1070م). و قد استمر في نشر الدعوة الإسماعيلية خلال سنوات إقامته الجبرية في يُمكان وحافظ على علاقاته مع الداعي المؤيد و مركز الدعوة في القاهرة. و استناداً إلى التقاليد المحلية، فإن الإسماعيليين في بدخشان الذين كانـوا يولـون تقديـراً خاصـاً لناصـرخسرو، وحافظوا علــى آثـره الإسماعيلية مثل وجه الديـن و شش فصل، يرون أنه مؤسس الدعوة الإسماعيلية فـي بدخشان و المناطـق المجاورة (ظ: إيوانـوف، «ناصرخسرو...»، مخ؛ كوربـن، «دراسة...»، 128-144،25-39,46-48، «ناصرخسرو...»، 525-542؛ برتلس، 148-264، ترجمة، 149-156).
و في اليمن، و بعد موت ابن حوشب، استمر نشاط الدعوة بزعامة عبدالله بن عباس الشاوري و الدعاة الآخرين بشكل محدود، و كان أحد حكام اليمن المحليين و هو عبدالله بن قحطان اليعفوري قد اعتنق خلال تلك الفترة المذهب الإسماعيلي لبضع سنوات (379-387ه/ 989-997م)، و في 429ه/ 1038م، خرج الداعي علي بن محمد الصليحي الذي كان على ارتباط بمركز الدعوة الإسماعيلية في القاهرة، في منطقة المسار الجبلية و أسس سلسلة الإسماعيليين الصليحيين. و قد حكم الصليحيون الذين كانوا يتولون رئاسة الدعوة الإسماعيلية في اليمن، لما يقرب من قرن حتى 532ه/ 1138م، في أجزاء مهمة من تلك البلاد نيابة عن الفاطميين، و بسطوا قوتهم إلى حدما، إلى المناطق المجاورة، مثل عمان و حضرموت و البحرين. و وصف الداعي إدريس وقائع الدولة الصليحية، و تجدد حياة الدعوة الإسماعيلية في اليمن في عهد المستنصر في المجلد السابع من عيون الأخبار الذي مايزال باقياً حتى الآن على شكل مخطوط، كما ذكر عمرة بن علي الحكمي، المؤرخ و الشاعر اليمني المعروف، معلومات مهمة في هذا المجال في تاريخ اليمن (القاهرة، 1967م) (أيضاً ظ: الهمداني، الصليحيون، 62-141). وقد انعكست العلاقات الوثيقة بين الفاطميين و الصليحيين في الكتب و الرسائل العديدة التي أرسلها المستنصر إلى علي بن محمد الصليحي و خلفائه، بوضوح في كتاب السجلات المستنصرية.
كما أدى الصليحيون دوراً مؤثراً في نشر الدعوة الإسماعيلية في الهند، و ظهرت نتيجة نشاط الدعاة الذين كانوا يرسلون بشكل منظم من اليمن إلى الهند، جماعة إسماعيلية جديدة في كجرات (المستنصر، 167-169، 203-206). و استناداً إلى الروايات الإسماعيلية التقليدية المتعلقة بظهور هذه الجماعة، فقد كان قد تم إرسال أول داع إسماعيلي و يدعى عبدالله في 460ه/ 1068م من اليمن إلى كامباي أهم موانئ كجرات. و استطاع الداعي عبدالله الذي كان قد أرسل إلى كجرات من جانب الداعي لَمَك بن مالك الحمادي ــ المسؤول التنفيذي للدعوة في اليمن ــ أن يكسب إلى المذهب الإسماعيلي عدداً كبيراً من أهاليها و منهم الحكام المحليون (دفتري، 210-211). و قد حافظت جماعة كجرات الإسماعيلية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن 5ه/11م، على علاقاتها الوثيقة باليمن، و أصحبت كجرات في القرون التالية القاعدة الرئيسة للإسماعيليين المستعلويين ـ الطيبين (البُهرة) الذين مايزالون يحظون بالأهمية هناك. كان تجدد حياة الدعوة الإسماعيلية في اليمن، و انتشارها إلى كجرات، مرتبطاً إلى حدما بمصالح الفاطميين التجارية في اليمن و رغبتهم في توسيع علاقاتهم الاقتصادية مع الهند عن طريق البحر الأحمر و ميناء عيذاب.
على أثر نشاطات حميدالدين الكرماني و الدعاة الفاطميين الآخرين، اعتنق المذهب الإسماعيلي عدد من الأمراء العرب في العراق الذين كانوا يميلون إلى التشيع، مثل معتمدالدولة قرواش العقيلي (حك 391-442ه/1001-1050)، حاكم الموصل و الكوفة و المدائن. و قد أثارت نجاحات الدعوة الفاطمية هذه خصومات الخليفة العباسي القادر أكثر من ذي قبل فقد استدعى في 402ه/1011م عدداً من العلماء السنة و الشيعة إلى بغداد و طلب منهم أن يعلنوا في بيان و بشكل رسمي بطلان النسب العلوي للخلفاء الفاطميين؛ و قد تلي هذا البيان في جميع مساجد المناطق التي يسيطر عليها العباسيون. وفضلاً عن ذلك، فقد عكف عدد من المتكلمين بناء على طلب الخليفة العباسي، و منهم علي بن سعيد الإصطخري (تـ 404ه)، على تأليف رسائل في الرد على الإسماعيلية (ظ: ابنتغريبردي، 4/236).
أثارت نجاحات الدعوة الإسماعيلية في عهد المستنصر و التي كانت تؤكد على مشروعية إمامة الخلفاء الفاطميين، موجة جديدة من ردود الفعل المضادة للإسماعيليين من جانب العباسيين والسلاجقة السنة؛ فقد قامت بعض الأسر المحلية مثل القراخانيين في ماوراءالنهر، بقمع الإسماعيليين. و في المجال ذاته، أعد الخليفة العباسي القائم في 444ه، وثيقة أخرى في بغداد ضد الفاطميين، حيث وقع عليها عدد من علماء العصر و فقهائه، و تم الإعلان فيها مرة أخرى عن بطلان نسب الفاطميين العلوي (ظ: ابن ميسر، 13؛ المقريزي، اتعاظ، 2/223). و بعد فترة قصيرة، واجه الإسماعيليون عداء شديداً من قبل نظامالملك الوزير السلجوقي المقتدر و ذلك عندما كان اقتدار الإسماعيليين في إيران في حالة انتشار سريع بزعامة حسن الصبّاح. و قد خصص نظام الملك الذي كان مطلعاً على انتشار النهضة الإسماعيلية في رقعة حكم السلاجقة، و كان يشعر بالقلق إزاءها، فصلاً مهماً من كتابه سياستنامه (ص 282-311) للرد على الإسماعيلية.
و ظل العباسيون يشجعون تأليف الرسائل المعارضة للإسماعيلية، و قد ألف أبوحامد الغزالي أهم هذه الآثار التي كانت تؤلف آنذاك ضد الإسماعيلية. فقد ألف عندما كان مدرساً في المدرسة النظامية ببغداد، قبيل 488ه/1095م، بناء على طلب الخليفة العباسي المستظهر، رسالة في الرد على أصول عقائد الباطنية (الإسماعيلية)، بعنوان فضائح الباطنية، عرفت أيضاً باسم المستظهريـة (للـرد عليهـامـن قبـلعلــي بـنمـحمـد الـوليـد ــ تـ 612ه ــ ظ: كوربن، «جواب...»، 69-98؛ دفتري)، 179- 198).
أسس الخليفة الفاطمي السادس الحاكم الذي كان يولي أهمية خاصة إلى شؤون الدعوة وتعليم الدعاة الفاطميين، دارالعلم (دار الحكمة) لهذا الهدف في 395ه/1005م. و قد استخدم هذا المركز العلمي الذي كان يضم مكتبة نفيسة، لنشر أصول عقائد الشيعة بشكل عام، والإسماعيليين الفاطميين بشكل خاص. بقيت دارالعلم التي كان يترأسها داعي الدعاة، و كانت على علاقة وثيقة بالدعوة الإسماعيلية، قائمة حتى نهاية الدولة الفاطمية. و قد كانت تدرس في هذا المركز أصول عقائد الإسماعيليين الفاطميين و التي كانت معروفة بـ «الحكمة» منذ عهد المعز، و كان الدعاة الفاطميون يتلقون فيها التعاليم اللازمة. و قد كان الحاكم يحضر بنفسه غالباً حلقات دروس دارالعلم التي كانت أحياناً تخصص للإسماعيليين فقط. كما كان عدد من فقهاء أهل السنة يدرّسون أيضاً في دارالعلم (المقريزي، الخطط، 1/391، 458-460، 2/342، 363).
و في داخل نطاق الدولة الفاطمية، كانت أحكام المذهب الإسماعيلي و تعاليمه تنفذ بشكل علني من قبل الفقهاء الإسماعيليين، و كان قاضي القضاة يتولى غالباً منصب داعي الدعاة، أو الرئاسة التنفيذية لتنظيم الدعوة أيضاً. و قد تم في مصر تدوين مناهج دراسية و علمية مختلفة لتعليم الفئات الإسماعيلية المختلفة و دعاتها و قد عرفت بـ »المجالس» (مجالس الدعوة)، وكانت تقام في الأزهر و دار العلم و المؤسسات العلمية في القاهرة من قبل الفقهاء و المتكلمين الإسماعيليين (ن.م، 1/390-391، 2/341-342، القلقشندي، 10/434-439). و من بين هذه المجالس، كانت هناك حلقات مخصصة لمباحث الكلام و الحكمة، عرفت بـ »مجالس الحكمة»، و لميكن بإمكان عامة الإسماعيليين المشاركة فيها. و قد كان داعي الدعاة ينظم و يعد بنفسه مواضيع المجالس، حيث تبلور أهم نموذج لها في المجالس المؤيدية.
و فيما يتعلق بتنظيم الدعوة، كان داعي الدعاة يتولى أيضاً مسؤولية اختيار دعاة المناطق الخاضعة لنفوذ الفاطميين. حيث كان هؤلاء الممثلون الرسميون ل »الدعوة الهادية» يبعثون إلى جميع مدن مصر و كذلك البلاد الفاطمية الأخرى مثل دمشق و صور وعكا و الرملة و عسقلان (م.ن، 8/ 239-241، 11/61-66). ويبدو أن داعي الدعاة كان يضطلع بدور مهم أيضاً فيما يتعلق باختيار الدعاة في المناطق خارج حدود دولة الفاطميين. و لاتتوفر لدينا معلومات أكثر حول الواجبات الخاصة لداعي الدعاة الذي كان يتابع الأمور العامة للدعوة من مقرها المركزي في العاصمة الفاطمية. و قد استخدم عنوان داعي الدعاة نفسه بشكل رئيس في المصادر غير الإسماعيلية (ابن ميسر، 18؛ المقريزي، اتعاظ، 2/251).
و قد استخدمت النصوص الإسماعيلية المتبقية من العصر الفاطمي و التي تشير إلى تسلسل مراتب الدعوة، عادة عنوان «الباب» و أحياناً «باب الأبواب» مترادفاً مع مصطلح داعي الدعاة فيما يتعلق بالرئيس التنفيذي لتنظيم الدعوة، و لحميدالدين الكرماني إشارات عديدة إلى أهمية مكانة الباب و قربه من شخص الإمام (راحة العقل، 135، 138، 224، مخ؛ أيضاً ظ: المؤيد، المجالس...، 3/220، 256-257، 263-264؛ أيضاً أربعة كتب...، 8، 82، 102، 154، 175). و إن الباب الذي كان يتولى مسؤولية إدارة الامور العالية و رسم السياسات العامة تحت الإشراف المباشر للإمام، كان يؤدي واجباته بمساعدة عدة مساعدين. وكان الباب ينتخب من بين أعلم الإسماعيليين وأتقاهم و الذين تتوفر فيهم شروط إحراز هذا المنصب، و ذلك من قبل الإمام الإسماعيلي نفسه.
و قد أشار بعض المؤلفين الإسماعيليين إشارات نادرة ومتفرقة إلـى تسلسل مراتب تنظيم الدعوة الفاطميـة، حيث كانت تعـرف بـ »حدود الدين» أو «مراتب الدعوة». و قد اتسع هذا التنظيم وتطور تدريجياً خلال العصر الفاطمي، و اكتسب في عهد الحاكم شكلاً خاصاً و ثابتاً؛ و لكن تسلسل مراتب الدعوة دخل شكله النهائي في عهد داعي الدعاة المؤيد. و من الضروري التذكير بأن التنظيم الكامل للدعوة الفاطمية كان يعكس نموذجاً رمزياً للعصر الذي كان فيه العالم الإسلامي يخضع بشكل كامل لسيطرة الإمام الإسماعيلي. و بعبارة أخرى، فإن جميع تسلسل مراتب الدعوة لمتكن قد شغلت دوماً و حسب، بل إن البعض من مراتبها ظلت خالية دائماً. و توجد إيضاحات ناقصة و متفرقة حول تسلسل مراتب الدعوة الفاطمية بعد حدود الإمام و الباب (داعي الدعاة).
تتفق جميع المصادر الإسماعيلية على أن العالم، أو بعبارة أدق مناطقه غير الفاطمية، كان يقسم إلى 12 جزيرة، و كانت كل من هذه الجزر، منطقة منفصلة و مستقلة لنشر الدعوة الإسماعيلية. وقد كانت هذه المناطق الاثنا عشر أو «جزر الأرض» عبارة عن بلاد العرب و الروم و الصقالبة و النوب و الخزر و الهند و السند و الزنج و الحبشة و الصين و الديلم (بلاد إيران) و البربر (القاضي النعمان، تأويل...، 2/74، 3/ 48-49؛ أبويعقوب، إثبات، 172). و قد كانت كل من هذه الجزر تخضع لإشراف داع رفيع المستوى يسمى بالحجة. و قد أشارت الآثار الإسماعيلية في صدر العصر الفاطمي إلى الحجة بأسماء أخرى مثل «النقيب» و «اللاحق» و«اليد»، و لكن هذه العناوين كانت قد نسخت تدريجياً. و كان الحجة في كل جزيرة أعلى مرجع للدعوة و صدر الدعاة فيها. وكان في تسلسل مراتب الدعوة بعد الباب و الحجة دعاة مختلفون يتولون في كل جزيرة مسؤولية نشاطات خاصة. و كان عدد دعاة بعض الجزر يصل إلى حدود 30 شخصاً (ناصرخسرو، وجه دين، 178).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode