الصفحة الرئیسیة / المقالات / الإسماعیلیة، احدي /

فهرس الموضوعات

الإسماعیلیة، احدي

الإسماعیلیة، احدي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/21 ۱۶:۵۰:۱۲ تاریخ تألیف المقالة

و منذ البدء كان الوصول إلى الحقائق الباطنية ممكناً بالنسبة إلـى الإسماعيلييـن مـن خـلال التـأويـل (أو التفسيـر البـاطنـي و التمثيلي) فقط، و كانوا في الغالب يمزجون التأويل مع المعاني الرمزية و التمثيلية للحروف و الأعداد. و قد كان الإسماعيليون يتوصلون من خلال التأويل ــ الذي كان من الواجبات الرئيسة للإمام الإسماعيلي ــ من المعنى الظاهري للدين إلى معناه الباطني والحقيقي، و قد كان ذلك بمثابة رحلة روحية من الشريعة إلى الحقيقة، و باختصار من الدنيا الظاهرية و العابرة إلى الدنيا الباطنية و الأبدية. و قد كان اكتساب هذه المعرفة الصوفية بمثابة ولادة روحية جديدة بالنسبة إلى الإسماعيليين، و كان اعتناق المذهب الإسماعيلي الذي كانوا يسمونه «البلاغ»، تدريجياً، و في مقابل دفع المبالغ. و قد وصفت الجوانب المختلفة للبلاغ في كتاب العالم و الغلام المتعلق بعهد الإسماعيليين الأوائل؛ و لكن البلاغ كان يتألف من 7 أو 9 مراحل ثابتة، رغم ادعاء أخي محسن و المؤلفين الآخرين المعارضين للإسماعيلية. و نحن لانمتلك معلومات خاصة عن مراحل البلاغ المختلفة و تنظيمات الدعوة الإسماعيلية في المرحلة الأولى و سلسلة مراتبها. و بشكل عام، يبدو أن زعامة الدعوة خلال مرحلة الستر كانت بيد القادة المركزيين الذين كانوا قد عرفوا باعتبارهم حجج محمد بن إسماعيل حتى ترأس الدعوة الأئمة أنفسهم منذ عهد عبيدالله المهدي و مابعده. و كان يتولى زعامة الدعوة في كل «جزيرة» (منطقة) من جزرها داع رئيسي مكلف من قبل القائد الأصلي. و كانت الدعوة الإسماعيلية تنشر في عدد من الجزر و المناطق، و لكن التشكل و التعريف الجغرافي للجزر الاثني عشرة للدعوة الإسماعيلية كانا يعودان في الغالب إلى عهد الفاطميين. و على أي حالة، فقد كانت هناك شبكة واسعة من الدعاة و أعوانهم يعملون في كل مناطق الدعوة المختلفة بواجبات الدعوة و البلاغ العديدة.

و قد كانت الحقائق المكتومة في باطن الدين تشكل بالنسبة إلى الإسماعيليين الأوائل نظاماً فكرياً و صوفياً. و قد كان هذا النظام يشتمل بشكل رئيس على رؤية دورية بشأن التاريخ الديني للبشرية و كان يمثل نظرة عالمية. و قد كان الإسماعيليون الأوائل يحملون آراء خاصة حول الزمان و الأزلية أخذت من مذاهب وتيارات فكرية مختلفة منها الهيلينية و الغنوصية و الأديان الإبراهيمية قبل الإسلام و معتقدات غلاة الشيعة (واكر، «عالم...»، 355-366). و قد كانت هذه الآراء حول الزمان، ذات علاقة وثيقة بمعتقدات الإسماعيلية بشأن النبوة و تاريخ البشر الديني، كما كانت مرتبطة بالتعاليم القرآنية حول الخلق و رسالة الأنبياء أولي العزم. و قد كان الإسماعيليون الأوائل يعتقدون بأن التاريخ الديني للبشر يتألف من 7 مراحل يبدأ كل مرحلة منها أحد الأنبياء الشارعين. و كانوا يسمون الأنبياء الشارعين الذين كان كل واحد منهم يأتي بشريعة جديدة في مرحلة جديدة، بالنطقاء. و كانت شريعة كل مرحلة تعكس في الأصل الرسالة الظاهرية لناطق تلك المرحلة. و قد كان «النُطَقاء»، أي الأنبياء أولوالعزم في المراحل الست الأولى من التاريخ، عبارة عن آدم و نوح و إبراهيم وموسى و عيسى (ع) و محمد (ص). و كان لكل واحد من هؤلاء النطقاء لتأويل الحقائق الكامنة في باطن شريعة تلك المرحلةخليفة كان الإسماعيليون يطلقون عليه اسم الوصي، أو الأساس، أو الصامت. و قد كان أوصياء المراحل الست الأولى عبارة عن شيث و سام وإسماعيل و هارون (أو يوشع)، و شمعون الصفا، و علي بن أبي طالب (ع). و كان يوجد في كل مرحلة بعد وصي تلك المرحلة، 7 أئمة، يسمون أيضاً بالأتِمّاء (جمع المُتِم)، و كان واجبهم الرئيس المحافظة على المعاني الظاهرية و الباطنية لشريعة تلك المرحلة. و كان الإمام السابع لكل مرحلة يرتقي إلى درجة الناطق للمرحلة التالية، حيث كان ينسخ شريعة ناطق الدورة السابقة من خلال الإتيان بشريعة جديدة. و لم‌يكن هذا النمط يتغير، إلا في المرحلة السابعة، أي المرحلة الأخيرة من التاريخ.

و استناداً إلى معتقدات الإسماعيليين الأوائل، فقد كان محمد‌بن إسماعيل الإمام السابع في المرحلة السادسة، أي عهد النبي محمد (ص) و الإسلام، حيث كان الإسماعيليون ينكرون موته، وكانوا ينتظرون ظهوره باعتباره القائم و المهدي. و على هذا، فقد كان محمد بن إسماعيل الناطق السابع و الأخير، و أساس مرحلته أيضاً، حيث كان من المفترض أن يصل إلى درجة الناطق الأخير برجعته؛ و لكن لم‌يكن من المقرر أن يأتي محمد بن إسماعيل بشريعة جديدة، رغم أنه كان من المفترض أن ينسخ شريعة المرحلة السابقة، أي شريعة الإسلام المقدسة. و في المقابل كان الواجب الرئيس لمحمد بن إسماعيل باعتباره الناطق الأخير والأساس هو البيان و الوصف الوافيين للمعاني الباطنية و الحقائق المكتومة في جميع الشرائع السابقة. و بعبارة أخرى، فقد كان محمد بن إسماعيل يظهر للجميع في آخر مرحلة من الزمان والتاريخ الديني الحقائق المكتومة في رسالة ناطق مرحلة الإسلام و الشرائع الأخرى للأنبياء أولي العزم. فلن تكون هناك في العصر الغائي لتاريخ البشر أية حاجة إلى الأحكام الدينية؛ و سوف ينشر محمد بن إسماعيل حكومة العدل في أرجاء العالم باعتباره القائم والناطق الأخير ثم يزول العالم الجسماني.

كان أساس نظرية الإسماعيليين الأوائل في مجال الإمامة مأخوذاً من آراء الشيعة الإمامية، و لكن هناك إصلاحات وتغييرات ظهرت تدريجياً في نظرية الإمامة لهذا الفرع من الإسماعيلية اعتباراً من 286ه‍/899م حيث قبل الإسماعيليون الفاطميون الاستمرار في الإمامة من خلال الإيضاحات التي قدمها عبيدالله المهدي، بحيث أن الإسماعيليين الفاطميين زادوا من عدد أئمتهم في عصر الإسلام على السبعة بقبولهم إمامة أعقاب محمد بـن إسماعيل، و ظلـوا يزيدونه فيما بعد مـع محافظتهم علـى مبدأ استمرار الإمامة. و نتيجة لهذه الإصلاحات، لم‌يعد الإسماعيليون الفاطميون يتصورون دوراً خاصاً لمحمد بن إسماعيل باعتباره القائم، و اكتفوا باعتباره إمامهم السابع (ابن‌ حوشب، 197-199، 189؛ جعفر، الكشف، 14 و مابعدها، 104، 109، مخ‍، سرائر، 21، 27، 31، مخ‍؛ القاضي النعمان، أساس...، 33/40-42، 47، مخ‍؛ أبويعقوب، إثبات، 181-193؛ النويري، 25/195-216؛ أيضاً كوربن، «زمان»، 30 و مابعدها؛ هالم، «النظره العالمية...». 18-37؛ دفتري، 136-141).

و يمكن إعادة صياغة علم الكونيات للإسماعيليين الأوائل إلى حدما على أساس كتاب الإصلاح لأبي‌حاتم الرازي و الذي مايزال متبقياً بشكل مخطوطة، و من الإشارات المتفرقة في آثار الداعي أبي يعقوب السجستاني و البعض الآخر من مؤلفي العصر الفاطمي، و كذلك المؤلفات المعدودة للزيديين في اليمن (أبويعقوب، الافتخار، 43-56؛ جعفر، ن.م، 24-26، 81-82). و لم‌يخضع علم الكونيات للإسماعيليين الأوائل و الذي قد دون بشكل كامل حتى أواخر القرن 3ه‍، للدراسة والبحث، إلا في العقدين الأخيرين إلى حدّما (سترن، «دراسات...» 3-29؛ هالم، ن.م، 38-127,206-227). و قد كان علم الكونيات هذا قائماً على أسطورة بسيطة تشتمل على نوع من التفكير الأسطوري ـ الصوفي حول التكوين. وباختصار فقد كانت هذه الأسطورة تفيد بأن نوراً قد خلق في البدء بالإرادة و المشيئة الإلٰهية فخاطبه الله تبارك و تعالى بكلمة «كن» التي انعكست في القرآن الكريم (البقرة/2/117). فظهرت كلمتان من «الكاف» و «النون» اللتين تشكلان كلمة «كن». وتشتمل هاتان الكلمتان اللتان كان الإسماعيليون يسمونهما المبدأين الأولين، على 7 حروف («ك ـ و ـ ن ـ ي» و «ق ـ د ـ ر»)؛ و قد كان الإسماعيليون يفسرون هذه الحروف السبعة التي يسمونها الحروف العلوية، كصورة مثالية للنطقاء السبعة في عصور تاريخ البشر. و قد كان المبدأان الأولان قد أوجدا حسب الترتيب 7 «كروبيين» و 12 حداً روحانياً آخر في العالم الروحاني. و كان القَدَر، و هو المبدأ المذكر من المبدأين الأولين، قد خلق 3 أشكال روحانية أخرى أيضاً تحمل اسم الجَد و الفَتح و الخيال، والدور الرئيس للجد و الفتح و الخيال التي كان يتم تطبيقها في الغالب مع جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، إقامة العلاقة بين العالم الروحاني و العالم الجسماني من جهة، و الرب و النطقاء من جهة أخرى. و قد كان العالم الجسماني و السفلي قد خلق من قبل الله تبارك و تعالى، عن طريق المبدأين الأولين ذاتهما. و تؤدي الحروف دوراً مهماً في أسطورة الخلق هذه، بحيث أنها كانت تؤدي في الحقيقة إلى خلق العناصر و الأجزاء المختلفة في الكون في وقت واحد من خلال تركيبها و صياغة الكلمات؛ و فضلاً عن ذلك، فقد كانت توجد أيضاً بين العوالم الروحانية و الجسمانية وسلسلة مراتبها، مطابقات قريبة (ظ: ن.صص).

 

القسم الثاني ـ الإسماعيليون في العصر الفاطمي (حتى 487ه‍).

حصل الإسماعيليون لأنفسهم في هذا العصر على خلافة و دولة مستقلة و قوية، و بلغوا بالدعوة الإسماعيلية و فكرها و أدبياتها إلى ذروة الازدهار. و في هذا العصر ألف الدعاة الإسماعيليون رسائل كثيرة في الكلام و الفلسفة و الفقه و العلوم الظاهرية والباطنية الأخرى، و علم التأويل، و نشروا الدعوة الإسماعيلية في رقعة حكم الفاطميين، و كذلك في خارج الحدود حتى ماوراء‌النهر و الهند. و قد لعب الفاطميون بشكل عام دوراً مهماً في نشر الثقافة و الفن و العلوم الإسلامية و خاصة بعد انتقال حاضرة حكمهم من إفريقية إلى مصر. إن نزاع الزعماء الفاطميين الأوائل في إفريقية، مع القوى الإباضية في المنطقة، من جهة و الضغوط السياسية لأهل السنة من جهة أخرى، أديا إلى أن لايجدوا الفرصة الكافية لتنظيم الدعوة الإسماعيلية و بسطها، و خاصة خارج نطاق شمال إفريقية و لذلك، كانت المجتمعات القرمطية في المناطق الشرقية من العالم الإسلامي، و التي كانت تفتقر إلى قيادة واحدة، و كانت تنتظر رجعة محمد بن إسماعيل باعتباره القائم، مستمرة في نشاطاتها الدينية دون منافسة من الدعاة الفاطميين.

 

تدوين المباحث النظرية في المشرق

مع استفحال أمر القرامطة الجنابيين في البحرين، و نشاط القرامطة في جنوب العراق بقيادة عيسى بن موسى، استمرت دعوة القرامطة في منطقة الجبال وخراسان. و قدنجح أبو حاتم الرازي داعي الري، و النسفي داعي خراسان و ماوراء‌النهر و اللذان لم‌يتقبلا أبداً إمامة عبيدالله المهدي، و بقيا ينتظران ظهور محمد بن إسماعيل؛ في أن يكسبا إلى الدعوة القرمطية بعض حكام المناطق المختلفة في إيران، فضلاً عن أنهما كسبا عدداً كبيراً إلى المذهب الإسماعيلي. في حين أن هاتين الشخصيتين أديا دوراً بناء في تكوين علم الكونيات للإسماعيلية و مباحثها النظرية الأخرى، و ألفا آثاراً مهمة.

و قد قدم الداعي النسفي الذي كان قد مزج لأول مرة الفلسفة الأفلاطونية المحدثة مع الفكر الإسماعيلي، حصيلة فكره في كتاب بعنوان المحصول. و سرعان ما اكتسب هذا الأثر قيمة خاصة بين المجتمعات القرمطية المختلفة التي حرمت من قيادة أصلية موحدة، و أدى دوراً هاماً في توحيد أصول معتقدات القرامطة. و قد كان النسفي الذي كان يعتقد بأن دور الإسلام انتهى في زمان حياة محمد بن إسماعيل و أن الدور الأخير، أو السابع من تاريخ البشرية بدأ منذ تلك الفترة، يؤمن بالإباحة، و كان يعتبر الكثير من أحكام الشريعة غير واجب‌الإجراء.

و قد ألف أبوحاتم الرازي كتابه الإصلاح في الرد على كتاب النسفي المحصول. و قد كان من الأهداف الرئيسة لأبي حاتم في الإصلاح، رفض الأعمال الإباحية و المخالفة للشرع و التي كانت قد اعتبرت جائزة في المحصول. و قد أكد أبوحاتم مراراً أن أي باطن لايمكن أن يتحقق دون الظاهر و لذلك، فإن الحاجة إلى الشريعة غير قابلة للإنكار بالنسبة إليه و فضلاً عن ذلك، فقد أدخل أبوحاتم بعض الإصلاحات أيضاً على الرؤية الدورية للإسماعيلية، بهدف إبطال رأي النسفي القائل بأن الدور التاريخي المفرغ من الشريعة بدأ منذ حياة محمد بن إسماعيل. و هو يوضح أن هناك دور فترة في نهاية دور كل من النطقاء، منذ غيبة الإمام السابع لذلك الدور و حتى ظهوره باعتباره الناطق التالي، حيث يتولى المسؤولية خلاله في ظل غياب الأئمة، 12 «لاحقاً» فقط، أحدهم خليفة الإمام السابع (الغائب) في ذلك الدور. و استناداً إلى رأي أبي‌حاتم، فإن مثل هذا الدور من الفترة كان قد بدأ منذ زمان غيبة محمد بن إسماعيل، و على هذا، فإن دور الإسلام وشريعته يظل مستمراً حتى ظهور محمد بن إسماعيل باعتباره الإمام القائم و الناطق السابع.

و قد كان أبوحاتم يدعي أنه هو نفسه خليفة محمد بن إسماعيل و لذلك، فإنه يتمتع بدرجة أعلى من لواحق دور الفترة ذلك؛ و لكن لايبدو أن الدعاة القرامطة الآخرين كانوا قد قبلوا ادعاء أبي‌حاتم هذا، و على أي حال، فقد ألف الداعي السجستاني الذي تولى بعد النسفي بفترة قصيرة زعامة دعوة القرامطة في خراسان و ماوراء‌النهر كتاباً بعنوان النصرة في تأييد أراء النسفي و الرد على اعتراضات أبي حاتم على كتاب المحصول و مع الأخذ بنظر الاعتبار الاختلافات الأساسية بين أصول عقائد القرامطة و الإسماعيليين و الفاطميين، فإن النصرة لم‌يشق طريقه إلى أدبيات الإسماعيليين كما كان حال المحصول، و لذلك لم‌يبق. و قد خضع السجستاني الذي خرج فيما بعد من جناح القرامطة في عهد المعز الفاطمي، و قبل إمامة الفاطميين، لتأثير الفلسفة الأفلاطونية المحدثة بشدة كالنسفي. و في الحقيقة، فإن الباحثين استطاعوا أن يدركوا الجوانب المختلفة للفكرة الأفلاطونية المحدثة ـ الإسماعيلية الخاصة، على الخصوص، علم كونياتها من خلال الآثار المتبقية من الداعي السجستاني بشكل رئيس، و قد حظى هذا النوع نفسه من الفلسفة الأفلاطونية المحدثة و الذي كان قد استخدمه الدعاة القرامطة في البلاد الإيرانية، أخيراً بالقبول من قبل دعوة الإسماعيليين الفاطميين رسمياً أيضاً (إيوانوف «دراسات...»، 87-122؛ مادلونغ، «إمامة»، 101-114؛ كوربن، «زمان»، 187-193؛ سترن، «دراسات»، 30-46؛ دفتري، 131,167-169,234-240).

 

علاقة الدعوة الفاطمية بالفئات القرمطية

لم‌يتمتع الفاطميون بالأمن الداخلي الكافي، إلا في عهد الخليفة الرابع المعزلدين‌الله (341-365ه‍/953-975م)، كي يكون بمستطاعهم الاستمرار في سياسة توسعية لبسط حدود رقعة حكمهم في مناطق شرق العالم الإسلامي.

قام المعز بإجراءات مختلفة لكسب دعم المجتمعات القرمطيه في المناطق الشرقية استمراراً في هذه السياسة التي بدأت بالاستيلاء على مصر في 358ه‍/969م ثم الحجاز، خاصة و أنه أدخل بشكل رسمي بعض آرائهم تعاليم دعوة الإسماعيليين الفاطميين. و بدأ بناء مسجد الأزهر بعد فترة قصيرة من السيطرة على مصر، و تحول في 378ه‍/ 988م إلى جامعة إسلامية استخدمت حتى نهاية العصر الفاطمي كأحد المراكز المهمة لتعليم الدعاة، وتدريس و نشر عقائد الإسماعيلية و العلوم الإسلامية بشكل عام.

كان المعز الفاطمي يأمل من جهة أن يوضف قوة القرامطة لتحقيق سياسته التوسعية، و من جهة أخرى، كان يخشى نفوذ بعض المعتقدات القرمطية بين الإسماعيليين الفاطميين في المناطق الشرقية من العالم الإسلامي؛ و لذلك فقد سعى بطرق مختلفة لكسب دعم المجتمعات القرمطية، كما بذل جهوداً حثيثة من أجل أن يزيل الأخطاء العقائدية لبعض الفئات المتبعة لدعوة الإسماعيليين الفاطميين و المتأثرة بالإعلام القرمطي و ذلك من خلال اللقاءات التي أجراها مع ممثلي الإسماعيليين في المناطق القاصية مثل السند، و الرسائل التي بعثها إليهم. و قد اتضح الآن أن المعز الفاطمي نفسه ألف آثاراً في أصول عقائد الإسماعيلية، وكان يطالع بدقة جميع رسائل القاضي النعمان (تـ 363ه‍/974م) أشهر الفقهاء الفاطميين، و كان في الحقيقة قد أدخل بعض الإصلاحات في تعاليم الإسماعيليين الفاطميين (ظ: مادلونغ، ن.م، 86-101؛ دفتري، 176-180). و استناداً إلى هذه الإصلاحات، كان المعز قد اعترف رسمياً من جديد ببعض آثار الإسماعيليين الأوائل قبل 286ه‍ و التي ظل القرامطة يؤيدونها. و اعتبر الإسماعيليون الفاطميون مرة أخرى محمد بن أسماعيل الإمام السابع في الدور الإسلامي بشكل أخص القائم و الناطق، و لكنهم لم‌يكونوا يرون هذا الأمر مغايراً لاستمرار الإمامة.

و في معرض بيان مكانة محمد بن إسماعيل، تم التوضيح بأنه كان الإمام القائم، و كان يتوجب عليه باعتباره الناطق السابع أن يظهر الحقائق المكتومة في باطن جميع الشرائع العامة للناس، ولكن لأنه كان قد ظهر في مرحلة الستر الكامل، فقد أوكلت واجباته باعتباره القائم و الناطق إلى خلفائه، أي الأئمة الإسماعيليين أنفسهم، و الخلفاء الفاطميين من أعقابه. و قد كان هؤلاء الخلفاء أنفسهم في حالة الاستتار في البدء، و لكنهم ظهروا منذ عهد عبيدالله المهدي، حيث بدأت مرحلة الكشف. و هؤلاء الخلفاء (الأئمة الإسماعيليون) الذين سوف يبقون حتى آخر الزمان، ينفذون بشكل تدريجي جميع واجبات القائم و منه تأويل معاني الباطن في جميع الأحكام الدينية لأن محمد بن إسماعيل نفسه لن‌يقوم بالرجعة أبداً. كما انعكست إصلاحات المعز العقائدية في آثار القاضي النعمان المتأخرة (مثلاً «الرسالة المذهبة»، 27-87) وجعفر بن منصور اليمن ( الشواهد و البيان، و تأؤيل الزكاة) الذين كانا أبرز المفكرين و المؤلفين الإسماعيليين في ذلك العصر. و بالإضافة إلى ذلك، فقد صحح المعز علم الكونيات لدى الأفلاطونية المحدثة ـ الإسماعيلية و كانت قد دونت من قبل الداعي النسفي و الداعي أبي حاتم الرازي، و شاعت بين القرامطة، و أخذ بها باعتبارها علم الكونيات الرسمي للإسماعليين الفاطميين.

الصفحة 1 من7

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: