الامامه
cgietitle
1441/11/13 ۱۴:۲۹:۰۱
https://cgie.org.ir/ar/article/259970/الامامه
1447/3/21 ۲۳:۵۰:۰۲
نشرت
9
لقد كانت الإمامة لدى مختلف فرق أهل التحكيم، علی صلة وثیقة بالحکم من حیث المفهوم، غیر أن ما یمیز أهل التحکیم عن أهل السنة في موضوع الإمامة هو نوعیة الطموحات التي كان كل منهما یطمح إلی تحقيقها في ظل الإمامة. فقد دفع هذا الخلاف في الطموحات، المحكمة منذ عهد الخلفاء الأوائل إلى أن يعزلوا أنفسهم عن عامة المسلمين طامحين إلی وضع أساس إمامة على نطاق محدود غير متسع يتلاءم مع غاياتهم وآرائهم التي كانت ترتكز على الرؤية السائدة بين فريق من الصحابة في عهد الخليفتين الأولين بأن من الواجب عليهم متابعة أداء الإمام في المجتمع الإسلامي بدقة وحساسية وأن يبدوا ردوداً مناسبة إذا ارتكب أية مخالفة. وعلى سبيل المثال، فقد جاء في خطبة للخليفة عمر أنه يجب على المؤمنين خلع الإمام وعزله عن الإمامة إذا ترك واجباته وعدل عن حدود الشريعة (مثلاً ظ: ابن شبه، 2 / 675).
إثر قضية الحکمیـن بعد صفين، انفصلت بعض الفئات المعروفين بأهل التحكيم عن أصحاب الإمام علي (ع)، وكان المبدأ الأساسي لافتراقهم، استنكارهم موقف الإمام واعتقادهم بضرورة خلعه في حالة عدم توبته. فدفعهم هذا الاتجاه الفكري إلى عقد اجتماع في موضع يدعى حروراء، حيث بايعوا عبد الله بن وهب الراسبي بالإمامة. وبالطبع، فإن هذا التصرف الطائش في خلع الإمام ومبايعة غيره قد أدى إلى تزعزع أركان الإمامة عند أوساط المحكمة عبر القرون، بحيث تحولت أحياناً إلى سبب من أسباب التفرقة بينهم وتشتت آرائهم، خلافاً لمفهومها في البیئة السنیة، الذي كان يرمز إلى التوحد وتحقق الجماعة وصيانة شوكة المسلمين.بناء على ما جاء، فإن القضايا المرتبطة بتنصيب الإمام وعزله كانت ذات نطاق واسع في التعاليم الدينية للمحكمة، وحظيت بالاهتمام لقرون طويلة؛ وبجانبها كانت قضية ضرورة الإمامة في كل عصر أحد أقدم القضايا المطروحة في أوساط المحكمة، حيث كانت حصيلتها قد انعكست في نظرية «جواز خلو الزمان من الإمام». وما نلمسه من خلال الوثائق التاريخية المتعلقة بالمحكمة الأوائل، فإنهم لم يكونوا على الاعتقاد بوجوب وجود إمام في الأرض في كل عهد وزمان. ومن أوضح الوثائق وأقدمها حول الإمامة عند المحكمة، حديث للإمام علي(ع) قاله رداً على شعار «لاحكم إلا لله» الذي طرحه المحكمة؛ ويستنبط من هذا الحديث الذي ورد في بعض المصادر أن أهل التحكيم في بداية الأمر ومن خـلال هذا الشعار كانوا يقصدون إنكار الإمارة لغيـر الله (مثلاً ظ: نهج البلاغة، الخطبة 40).
كان يعتقد المحكمة الأوائل أن الإمارة لله وحده وأن الحاكم يجب خلعه عندما يعصي أمر الله وأن طاعة الحاكم «الظالم» و«الفاسق» و«الكافر» تتعارض والدين (نظراً لآیات المائدة / 5 / 44، 45، 47) وكل ذلك خيم ظلاله على أوساطهم طيلة تاريخهم السياسي. وفي الحقيقة، فإن هذه العقيدة هي التي جعلت محاربة السلطات المركزية في العالم الإسلامي بأن تکون إحدى الخصائص العامة لفرق المحكمة، وزجت فرقهم المختلفة في هذا الاتجاه (ظ: البغدادي، 49).وما يجدر بالذكر أن المحكمة كانوا منذ افتراقهم في حروراء يميلون إلى أن يوجدوا إمامة ذات مدى محدد وسمات لا يتجاوز نطاقها أوساطهم الداخلية وتختلف أساساً عن الإمامة لدى أهل السنة والإمامية أيضاً؛ فالإمامة لدى المحكمة لم تكن ذات طابع إلٰهي وميتافيزيقي تام كالإمامية، وليست كأهل السنة الذين جعلوا المحافظة على «الجماعة» أساساً لتحققها. وقد كانت فرق المحكمة المختلفة أمثال الصفرية و البياهسة والعجاردة قد أوجدت طيلة القرون الإسلامية الأولى أنظمة على أساس فكرة الإمامة في مختلف مناطق العالم الإسلامي لم تكن عملياً إلا مجرد مؤسسات اجتماعية وسياسية تحدها فرقة محددة، بل وفي منطقة محددة المعالم. على سبيل المثال يمكن الإشارة إلى إمامة الأزارقة في المناطق الجنوبية من إيران، وإمامة النجدات في اليمامة، وإمامة الصفرية في الموصل وكذلك سجلماسة، وإمامة العجاردة في شرق إيران.وبالإضافة إلى الدور الذي أدته هذه النظم الإمامية في التاريخ الإسلامي، يجب الانتباه إلى الآراء التي ظهرت في أوساط المحكمة بعد أن وقعت أعمالها وتعاملاتها المثالية حيال قضية الإمامة تحت طائلة النقد والتحكيم من منظور ديني.يعود الجانب الأول من هذا التنظير، إلى مبدأ وجوب الإمامة والذي ينحدر تاريخه بشكل ما إلى عهد علي (ع). لقد كانت فرق المحكمة المختلفة تتفق مع أهل السنة والجماعة في الرؤية إلى الإمامة على أنها نظام حكم دنیوي لصيانة الدين وشوكة المسلمين ولذلك فقد عرفوا، من خلال المقارنات التاريخية، باعتبارهم جناحاً من «أهل الاختيار» والجبهة المقابلة للقائلين بالنص مثل الإمامية. وكعقيدة مرتبطة بالقول بالاختيار، فقد كان المحكمة يؤمنون بشكل عام بأن الإمامة ليست أمراً ضرورياً، فمن الممكن أن تخلو بعض العصور من وجود الإمام. و قد اشتهر بين علماء الفِرَق والمتكلمين دوماً أن المحكمة كانوا قائلين جميعاً بجواز خلو الأزمان من الإمام (مثلاً ظ: المفید، 4؛ الشریف المرتضی، 261؛ الشهرستاني، 1 / 107). ومن خلال ما نقله المسعودي بأنه رأي بعض فرق المحكمة (ظ: 1 / 49)، يتبين بأنه استثنى الإباضية القائلين بالنص (أیضاً ظ: پاکتچي، 131-132؛ لنقل عن النجدية، ظ: النوبختي، 10؛ سعد بن عبد الله، 8).أما المبحث الآخر من مباحث الإمامة لدى أهل التحكيم، فهو الحديث عن شروط الإمام. واستناداً إلى صاحب مسائل الإمامة، فإن الخوارج جميعاً كانوا يقولون بإمامة الفاضل، ولا يجيزون إمامة المفضول. وهم يزعمون أن من يعد نفسه للخروج ويدعو الناس إلى الجهاد هو الأحق بالإمامة كما يرون أن الإمام يصلح أن يكون من سائر الأجناس من العرب والعجم وهو عندهم سواء ولاتنحصر الإمامـة فـي أسـرة دون غيرهـا ولا في قوم معيـن (ص 68؛ أیضاً الشهرستاني، ن.ص). وبشكل عام فقد نشأت منذ القرن الأول من الهجرة بين غالبية التفرعات الفكرية للمسلمين والتي لم تكن تقول بالنص في الإمامة والخلافة، آراء مختلفة حول شروط إحراز الإمامة وفي هذا الصدد كان المحكمة من أولى الفرق التي لم تحصر الإمامة في قريش، فكانت تقول بأن الإمامة تصلح لكل من كان عالماً بالكتاب والسنة وقائماً بهما دون أن تنحصر في جنس، أو قبيلة ما (ظ: النوبختی، سعد بن عبد الله، أیضاً جعفر بن حرب، ن.صص؛ الأشعري، 461).والشورى هي المبدأ والأساس في اختيار الإمام لدى المحكمة، بيد أن تتضارب الآراء بشأن الأشخاص وعددهم الذي تتحقق به الشورى، بحيث ذهب بعضهم إلى أن الإمامة تثبت أحياناً بعقد رجلين (ظ: النوبختي، سعد بن عبد الله، ن.صص). ويظهر نفوذ الزعماء ودورهم الحاسم في اختيار الإمام بشكل بارز في بعض أوساط أهل التحكيم وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى دور عبيدة بن هلال خلال مبايعة قطري بن الفجاءة في معسكر الأزارقة (ظ: المبرد، 8 / 50).وقد تشهد نماذج تاريخية بأن المحكمة اتبعت في بعض الأحيان سنة الاستخلاف على نهج أبي بكر كما استخلف نافع بن الأزرق من الأزارقة ابن الماحوز (ظ: أبو الفرج، 6 / 143) وولّى بهلول بن بشر الإمام الصفري في بلاد الجزيرة، دعامة الشيباني إماماً بعده (ابن الأثیر، 5 / 209-212).ومما وقع موقع الاهتمام في نظرية الإمامة لدى المحكمة هو تحديد شروط خلع الإمام عن منصبه؛ بينما لم يتم عرض هذا الموضوع بشكل جاد عند المذاهب الإسلامية الأخرى. تقول المحكمة بوجوب خلع الإمام وأحياناً قتله إذا ما تخطى حدود الشريعة ولم يكن ذلك مجرد نظرية بل يشهد التاريخ نماذج من أعمال الخلع لديهم عبر العصور، وعلى سبيل المثال، فإن خلع قطري من قبل عبد ربه وأنصاره خلال الفترة القصيرة من إمامة الأزارقة، أحدث تغييراً في تاريخ هذه الفرقة (ظ: ن.د، 7 / 56)؛ وفي معسكر النجدات، ثار رؤساء بكر بن وائل الذين أغضبهم بعض تصرفات نجدة بن عامر، فقتلوه، واختاروا للإمامة أبا فديك من بني قيس بن ثعلبة (البغدادي، 52-54؛ ابن الأثیر، 4 / 205-206). وفي البيئة الصفرية، قتل برابرة طنجة إمامهم ميسرة بعد أن أثارت سيرته غضبهم، فبايعوا رئيساً آخر يدعى خالد بن حميد الزناتي (م.ن، 5 / 191-192).وأما استقالة الإمام بسبب عجزه، دون أن تكون هناك براءة وخلع، فقلما تحققت في تاريخ المحكمة، ومن جملة ذلك يمكن ذکر إمامة النجدات، حيث أجبر معسكر بكر بن وائل في 66ه / 688م، أبا طالوت الذي يبدو أنه كان آنذاك عجوزاً، على الاعتزال ليبايع نجدة بن عامر (م.ن، 4 / 201).لقد ترك علماء المحكمة مؤلفات في مباحث الإمامة النظرية، منها بعض الأعمال المفقودة لأبي بكر البردعي (کان حیاً 340ه / 951م؛ ظ: ابن الندیم، 295) وكتاب الإمامة لأبي القاسم الحديثـي (ظ: ن.ص)؛ (عن الإمامـة من وجهـة نظر الإباضیـة، ظ: ن.د، الإباضیة).
ابـن الأثیر، الکامل؛ ابن شبه، عمر، تاریخ المدینـة، تق : فهیم محمد شلتوت، مکة، 1399ه / 1979م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، 1383ه / 1963م؛ الأشعري، علي، مقالات الإسلامییـن، تق : ریتر، فیسبادن، 1980م؛ پاکتچي، أحمد، «تحلیلي بر دادههاي آثار شیخ مفید دربارۀ خوارج»، مجموعـۀ مقالات کنگـرۀ جهاني شیـخ مفیـد، قم، 1413ه ، عـد 67؛ البغـدادي، عبد القاهر، الفرق بین الفرق، تق : محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1367ه / 1948م؛ جعفر بن حرب، مسائل الإمامة، تق : فان إس، بيروت، 1971م؛ سعد بن عبد الله الأشعري، المقالات والفرق، تق : محمد جواد مشکور، طهران، 1361ش؛ الشریف المرتضی، علي، الفصول المختارة، النجف، مکتبة الحیدریة؛ الشهرستاني، محمد، الملل والنحل، تق : محمد بدران، القاهرة، 1375ه / 1956م؛ القرآن الکریم؛ المبرد، محمد، الکامل، مع شرح المرصفي، طهران، 1970م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق : یوسـف أسعـد داغر، بیـروت، 1385ه / 1966م؛ المفیـد، محمـد، أوائل المقـالات، تق : مهدی محقق، طهران، 1372ش؛ نهج البلاغـة؛ النوبختي، الحسن، فرق الشیعـة، تق : ریتر، إستانبول، 1931م.
أحمد پاکتچي / د.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode