الامامه
cgietitle
1441/11/13 ۱۴:۲۹:۰۱
https://cgie.org.ir/ar/article/259970/الامامه
1447/3/21 ۱۳:۲۲:۵۵
نشرت
9
اَلْإمامَة، الکلمة تعني لفظاً الزعامة والقيادة أما في المصطلح، فإنها تعني المنصب الذي يتولى صاحبه (الإمام) زعامة الشؤون الدينية والسياسية للمسلمين. تتنوع رؤى المسلمين بشأن معنى الإمامة وحدود واجبات الإمام وكیفية اختياره، حيث سنوضح فيما يلي أهمها:
مما لاشك فيه هو أن الإمامة تحظى بمكانة ودور حيويين في الكلام الشيعي الإمامي. وما يدل على ذلك هو الاعتقاد بـ «النص» و«العصمة» من جهة، ومن جهة أخرى الدور الذي تراه الإمامية لمكانة الإمام الروحية، أي المرجعية الحصرية الدينية للأئمة، كما أن منصب الإمامـة كان ــ على الأقل بيـن بعض الاتجاهـات والأوساط الإمامية ــ بمثابة إطار لتناول البحث فيما يتميز به الإمام تحت عنوان طبيعة منصب الإمامة وحدود علم الإمام وصلاحياته. وفي هذا الصدد، فإن تقديم بعض المراكز العلمية والدينية لدى الإمامية، منظومة فكرية تنطوي على معرفة العالم والإنسان والمعاد والتاريخ، بالاستعانة بمكانة الإمام ودوره التكويني، يظهر مدى أهمية موضوع الإمامة. وما يعنينا هنا، هو التفكير الإمامي بشأن الإمامة بعد ظهور الإمامية وترسخها تحديداً في إطار المذهب الاثني عشري في السنوات التي تلت عام 260ه ــ أي بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري (ع) ـ أي العصر المعروف بعصر الغيبة الصغرى (260-329ه(، ولاننسى هنا أنه إذا أردنا تبيان موقع الإمام ودور الإمامة في المذهب الشيعي الاثني عشري، فلابد من تناول تاريخ هذا المذهب منذ القرن الأول من الهجرة. ففي هذه الفترة ومابعدها بذل متكلمون كبار بما فيهم ابن قبة الرازي ومتكلمو آل نوبخت والشيخ المفيد وتلميذه السيد المرتضى وأخيراً الشيخ الطوسي، جهودهم في تأطير التقاليد والسنن الدينية والفكرية ـ الكلامية للإمامية في عصر الأئمة كما بعثوا روح النشاط والحيوية في مختلف الفرق الإمامية، ضمن نظام كلامي حديث.ويبدو أن الخلافات الدينية والكلامية التي شهدها تاريخ الإمامية بمنعطفاته المتعددة بعد عصر الإمامين الباقر والصادق (ع) حول تعيين خلفاء الأئمة، أو طبيعة موقع الإمامة، كانت أكبر من أن نتصور الإمامية عنواناً لتيار الشيعة الرئيسي، بمعتقدات محددة وواضحة المعالم، حيث كانت تشهد في بعض الأحيان انقسامات تمثلت بظهور فرق مختلفة في داخلها. ولكن الشيخ المفيد واستناداً إلى مثل هذا الفهم من تاريخ تطورات المذهب الإمامي في العيون والمحاسن (ظ: الشريف المرتضى، الفصول ... ، 296) ـ خلافاً لكتاب أوائل المقالات (ص 46) ـ أدخل فرقاً مثل الكيسانية ضمن إطار المذهب الإمامي، وجعل من الإمامية عنواناً شاملاً للفرق التي تعتقد بشكل عام بوجوب الإمامة والعصمة ووجوب النص. ومع ذلك، فإنه من الطبيعي أن يحظى التراث المشترك للفرق الإمامية المختلفة بالأهمية طيلة القرنين 2و3ه وذلك بعد استقرار المذهب الإمامي الاثني عشري وتجذره (ظ: ن.د، الإمامية). وفي القرن 4ه / 10م، نلحظ توافقاً بين مختلف التوجهات الإمامية بشأن مبادئ الفكر الديني الإمامي وأسسه، رغم وجود بعض الخلافات والانقسامات النسبية فيما بينها؛ من بين تلك التوافقات، اتفاق جميع الفرق الإمامية الاثني عشرية على وجود «النص الإلٰهي» حول الإمامة وعصمة الإمام ومرجعيته في القضايا الدينية. من هنا وحسب معتقد الإمامية، فإن الإمام المنصوص عليه والمعصوم والذي كان وجوده ضرورياً في كل عصر، هو الشخص الذي كان يتولى مسؤولية تفسير الشريعة وتعليم الحلال والحرام وتمييز الحق من الباطل وصيانة الشريعة من التحوير والبدع وضمان أصالتها باعتباره أعلم شخص من ذرية الرسول (ص) (مثلاً ظ: الخياط، 205، 230، 234، مخ( وقد حظيت هذه العقيدة بالاهتمام في المنظومة الكلامية الإمامية بعد عهد الأئمة (ص) باعتبارها السنة الفكرية والدينية لدى الأوساط الإمامية الرئيسة في القرنين 2و3ه ، ولذلك فقد بات دور الإمام باعتباره مرجعية دينية للمؤمنين، يحظى بأهمية كبرى بالمقارنة بدوره السياسي (ظ: الصفار، 331-332؛ الكليني، 1 / 170، 172، 178؛ ابن بابويه، محمد، كمال ... ، 203، 205، 221، مخ ؛ حول دور هشام بن الحكم في هذه المنظومة الكلامية، ظ: كولبرغ، 521، أيضاً ظ: ابن النديم، 223-224 والهامش).وعلى هذا، فقد أصبحت المكانة المذهبية والعلمية للإمام موضع المزيد من الاهتمام والدراسة والتنظير لدى الكلام الإمامـي؛ وفي هـذا الإطار، ركز علمـاء الكلام بما فيهم هشـام ابن الحكم على نظرية عصمة الإمام واستتبعت بحوثاً كثيرة على أساس تعاليم الأئمة (ع) لاسيما الإمام الصادق (ع) (ظ: ابن بابويه، محمد، معاني ... ، 133-136، قد يكون نقلاً عن ابن قبة الرازي، أيضاً 132-133؛ أيضاً ظ: الخياط، 234، 235؛ هاجسون، 1-13). وفي مواجهة نفوذ النزعات المغالية في المجتمع الشيعي الإمامي، فقد صمد تيار من الإمامية كان له فيما بعد أثر كبير على ظهور الإمامية في القرن 4ه ، وبينما كان ذلك التيار يدافع بكل ما أوتي من قوة عن المرجعية الدينية الحصرية للأئمة (ع)، فقد بات يحرص أيضاً على إعطاء وتفسير بعيد كل البعد عن الغلاة (228-236). وقد كان يتزعم أحد رؤوس هذا التيار، عبد لله بن أبي يعفور (تـ 131ه(، الذي كان يعتبر الأئمة (ع) علماء أبراراً وأتقياء طاعتهم واجبة (ظ: الكشي، 247، 427، أيضاً ظ: 246، 247: لمعارضة فريقه للغلاة).أما بشأن مصدر علم الأئمة (ع)، فإن الآراء كانت تتضارب، ولكن الرأي الذي تم طرحه في مواجهة الغلاة والمفوضة، كان يتمثل في أن الأئمة (ع) هم المرجع الوحيد لتفسير الشريعة انطلاقاً من تمتعهم بعلم آبائهم وأجدادهم مما ورثوه عن النبي (ص) وامتلاكهم لكتبهم (ظ: القاضي النعمان، 1 / 64؛ المجلسي، 26 / 22-25، 33-53؛ أيضاً ظ: الصفار، 295-296، 299 ومابعدها). بل إن البعض كان يعتقد بأن إمام كل عصر يستخرج القضايا المستحدثة على أساس المبادئ والنقاط العامة الموجودة في تلك الكتب، عن طريق استنباط الفروع من الأصول، ولأن الله عزوجلّ يصون الإمام من الوقوع في الأخطاء في أحكام الشريعة، فإن آرائه ستكون صائبة دائماً، وبالتالي طاعته واجبة (ظ: النوبختي، 75-76؛ سعد بن عبد الله، 96- 98؛ أيضاً ظ: الصفار، 387-390). وفي المقابل، كانت في ذلك العهد فئة من الإمامية تعتقد بإمكانية اكتساب العلم عن طريق الإعجاز وخرق العادة (ظ: م.ن، 238؛ النوبختي، 76؛ سعد بن عبد الله، 95-96، 98-99؛ الكليني، 1 / 321، 322، 383-384؛ المفيد، الإرشاد، 317-319). وبالرغم من الخلافات بشأن مصدر علم الأئمة (ع) وكذلك طبيعة مكانتهم ومستوياتهم الوجودية، فإنه لابد من الانتباه إلى أن التيار الرئيسي للإمامية والذي كان يقوده في الغالب المتكلمون في عصر حضور الأئمة، كان يبتعد كل البعد عن معتقدات المفوضة الذين كانوا أخلافاً للغلاة السابقين، والذين كانوا يحملون في الأساس رأياً مختلفاً بشأن الإمامة، وكان يعارضهم بشدة.وقد كان زعماء المجتمع الإمامي في بغداد خلال القرن 3ه ، يتخذون مواقف مضادة للمفوضة الإمامية وكانوا يعملون جاهدين علـى تطهير المنظومة الدينيـة للإمامية من الغلاة ومعتقداتهـم (ظ: قسم الإمامة لدى الغلاة في هذه المقالة). فقد كان هولاء الزعماء يؤكدون على العناية الإلٰهية الخاصة بالأئمة (ع) وبركات وجودهم، رافضين انتساب علم الغيب إليهم، أو القوة التي تفوق القـدرة البشريـة، أو انتساب الخلـق والـرزق إلى الأئـمـة (ع) (ظ: الكشي، 539-541؛ الطبرسي، 2 / 288-289؛ الطوسي، الغيبة، 178).وبعد استشهاد الإمام الحادي عشر (ع)، ومع ظهور الخلاف بين أتباع الإمامية في العراق، حيث كانوا يعانون من خلافات داخلية عدة، مقارنة بالمناطق الأخرى (مثلاً ظ: أبو حاتم، 292؛ النوبختي، 79-94؛ سعد بن عبد الله، 102-116؛ الشريف المرتضى، الفصول، 318-321)، اعتقدت غالبية الإمامية ومع قيادتها المركزية في بغداد والمتكلمون الشيعة الكبار في ذلك العصر، أي آل النوبختي وغيرهم، اعتقدت بإمامة نجل الإمام الحادي عشر (ع) باعتباره الإمام الثاني عشر وآمنوا بغيبته (ع) استناداً إلى معتقد عريق لدى الإمامية بشأن استمرارية الإمامة في سلالة الأئمة (ع) (ظ: النوبختي، 90-93؛ سعد بن عبد الله، 102-106؛ أبو تمام، 123؛ أيضاً ظ: جعفر بن حرب، 22،24). ويدل نوع العقيدة السائدة في المجتمع الإمامي الاثني عشري إبان أوائل عصر الغيبة الصغرى على أنهم لم يطرحوا أبداً غيبة الإمام الثاني عشر (ع) انطلاقاً من عقيدة «الوقف» المغالية ، بل إنهم تمسكوا بها باعتبارها أمراً واقعاً (ظ: ابن بابويه، علي، 146؛ الكليني، 1 / 338؛ ابن بابويه، محمد، كمال، 323؛ قا: النعماني، 61؛ أيضاً ظ: ابن قبة، «مسألة... »، البند5).وفي الحقيقة، فإن مرّ الزمان هو الذي جعل الإمامية وعلماءهم ومتكلميهم يؤمنون بعقيدة ذات جذور بشأن غيبة أحد الأئمة (ع)، معتبرة إياه قائم آل محمد (ص) الذي يظهر مستقبلاً (ظ: أبوسهل، 94). وينفي هذا الأمر بوضوح تام وجود أي مخطط مسبق من أجل ابتداع الأحاديث وروايتها في هذا الصدد. ومن هذا المنطلق، فإن الإيمان بغيبة الإمام الثاني عشر والاعتقاد بأنه الشخص الذي سيظهر باعتباره القائم، لم يكونا نتيجة لحظة مدروسة مسبقاً. وقد أدرك العلماء الإماميون تدريجياً ومن خلال صيانة مبادئهم في رفض الفكر المغالي، بأن سلسلة الإمامة قد انتهت بشخص الإمام الثاني عشر (ع) وأن عصر غيبة القائم قد بدأ فعلياً (من حوالي أواخـر القرن 3ه ، ظ: ن.ص؛ ابـن قبـة، «النقض... »، البنـد5؛ أيضاً ظ: النوبختي، 91؛ سعد بن عبد الله، 105؛ أيضاً ظ: كولبرغ، 522-534).وقد كانت الإمامية تدافع دوماً عن نظرية تؤكد ضرورة وجود إمام في المجتمع الإنساني يحافظ على دين الله وهو «حجة» الله في أرضه وأن الأرض لاتخلو من وجوده في أي حال من الأحوال. مما يجدر بالذكر هو أن أهم كتاب تبقى من النصف الأول من القرن 3ه ، كتاب «العلل» للفضل بن شاذان، حيث يؤكد وبکل صراحة على ضرورة وجود الإمام (ظ: ص 100-101). وإن بعض الأسباب التي طرحها ابن شاذان في كتابه بشأن وجوب الإمامة، تعكس الضرورة الاجتماعية لوجود الإمام كما أنه يعتقد بضرورة وجود الإمام من خلال بحث یتناول هيكلية المجتمع الإنسانـي وضرورة وجود القانـون. ولاننسى هنا بأن نظريـة الفضل بن شاذان ترتكز على الوجوب العقلي لتعيين الإمام من قبل الله سبحانه وتعالى ويدافع ضمنياً عن التعيين الإلٰهي وعن نظرية «النص»، دون الحديث عن عقيدة «الاختيار» في مسألة الإمامة وإنكارها (عن خلفية الاعتقاد بوجوب النص، عند هشام بن الحكم وتلامذته، ظ: الشريف المرتضى، الذخيرة، 463-464؛ ابن النديم، 225). كما يتناول ابن شاذان موضوع الإمامة باعتبارها قيادة المجتمع السياسي وزعامته. وإن الإمامية قد رأت في الإمامة زعامـة عامة ومطلقة على الشؤون الدينية والدنيويـة فيما بعد (ظ: الشريف المرتضى، «الحدود... »، 734؛ الطوسي، «رسالة... »، 729؛ العلامة الحلي، 77). بعبارة أخرى، فبينما الإمامية تؤمن بختم النبوة بعد رحيل الرسول الأعظم (ص)، إلا أنها تربط استمرارية الشريعة والدين الإلٰهي والحفاظ عليهما، بالوجود الدائم والمستمر والمستديم «للحجة». واستمراراً في هذا المعتقد، يؤكد ابن قبة على ضرورة وجود الحجة على الأرض حتى قيام الساعة ووجود النص الإلٰهي على الإمام ويرى أن الإمام يجب أن يكون بريئاً عن الخطأ، وأن يكون عالماً وعادلاً وأن يعلم الناس ما لايعلمونه وأن يحكم بالحق وأن تكون أقواله خالية من الخطأ والاختلاف والمفارقات. كما بحث في الضرورة العقلية للنص الإلٰهي على الإمام من جانب الله ونفي «الاختيار». ويبرر موضوع «الحاجة إلى وجود النص» بأن الجنس البشري غير قادر على تعيين المعصوم إذ أنه لايستطيع الاطلاع على ما سوى ظاهر الأمور ولايمكنه الوقوف على بواطن الإنسان ولايمكن الاستنارة بظواهر الأمور لإظهار العصمة وإن الله هو «يعلم ما تسرّون وما تکنّون» وهو أعلم ببواطن عباده وضمائرهم (ظ: «مسألة»، البندان 1-2، «النقض»، البندان 4، 13؛ عن الرأي الإيجابي للفضل بن شاذان بشأن العصمة، ظ: الشريف المرتضى، الفصول، 120، نقلاً عن مناظرات الفضل).أما أبو سهل النوبختي فقد أشار في كتابه «التنبيه» الذي ألفه حوالي سنة 290ه ، إلى تعاليم الإمامة التي تؤكد على ضرورة وجود إمام منصوص عليه وعالم بالكتاب والسنة، تجب طاعته ولا يقع في النسيان والخطأ في كتاب الله والسنة وهو يستدل على الوجوب العقلي للنص من جانب النبي الأعظم (ص) على خليفته وإمام المؤمنين (ص 94، 96-97). ويقول أبو سهل وبوضوح تام إن الإمام يعتبر حجة الله (على خلقه) وأن شرائع الله لاتستقيم إلا بوجوده وفي غير ذلك، فإن شريعـة الله سوف تسقط وتتعطل (ص 95).لقد كانت كيفية نقل النص إلى المؤمنين من أبرز القضايا التي شغلت الفكر الديني والكلامي لدى الإمامية في القرن 3ه . كانت تؤكد الإمامية دائماً على تنصيب الإمام من جانب الإمام السابق له، بناءً على «النص» الذي يبتني بدوره على علمهم بالإرادة الإلٰهيـة، لتدحض بذلك كل محاولـة لاتهامها بتوريث الإمامة (ظ: ابن قبة، «نقض كتاب... »، البند5، «النقض»، البند 4). ويفترض بهذا التنصيب أن يكون متواتراً، أي بطرق عدة لا يمكن الحديث عن إمكانية تواطؤ الرواة علی التزييف وابتداع الأحاديث ومن ثم الحديث عن أن إدعاء إمامة الإمام زائفة (م.ن، «نقض كتاب»، البنود 18، 22، 35؛ أيضاً ظ: أبو سهل، 94). وقد أكد الصفار القمي (تـ 290ه) على أن الرسول الأعظم قد بلّغهم بضرورة التوصية بشأن خليفتهم (ص 470-473).ومن بين المتكلمين الإماميين في أواخر القرن 3ﻫ ، كان ابن قبة الرازي قد أكد أكثر من غيره على مضمون نظام النص الإلٰهي ومحورية موضوع أهلية الإمام وأحقيته في الإمامة ورفض التوريث والانتساب في هذا الموضوع. وبعد بروز الدور الديني للإمام باعتباره المرجعية الحصرية لتأويل القرآن وتفسير الشريعة ونفي أي نوع من الأساليب الظنية في هذا الصدد، فقد أصبح المجال مفتوحاً أمام نظرية النص الإلٰهي. ويستعين ابن قبة الرازي بمضمون حديث الثقلين، ليؤكد على ضرورة العقل، فيقول: إن الإمام هو من يقف تمام الوقوف على العلوم الدينية وأن يكون أميناً تجاه كتاب الله ولذلك، فإن المعيار في تعيين الإمام هو الفضل والعلم، وليس مجرد الانتساب إلى سلالة الرسول، أو الإمام (ظ: ن.م، البندان 2، 50). من هنا، واستناداً إلى تعاليم «النص»، فإن الشرط الأساسي لمعرفة الإمام، هو تنصيبه من جانب سلفه الذي عليه أن يظهر في نفسه المضمون الرئيسي لـ «النص»، أي الأهلية والفضيلة. وبذلك، وإلى جانب ادعاء الوصية، فإن الاطلاع على علم الإمام وفضيلته من شأنهما أن يعكسا حقيقة «النص» (ظ: ن.م، البنود 21، 50، 64). يشير بعض الأحاديث في الكتب الحديث في ذلك العصر وبعده بقليل، إلى نفس هذه التعاليم (ظ: الحميري، 146؛ الصفار، 489؛ الكليني، 1 / 278، 285؛ النعماني، 242؛ ابن بابويه، محمد، الخصال، 428؛ أيضاً ظ: المجلسي، 25 / 115-175).وفيما يتعلق بنظام الأبوة والبنوة، لابد من القول إنه على الرغم من أن مبدأ النص لم يشر إلى ضرورة الوراثة في الإمامة، إلا أنه وانطلاقاً من العقيدة الشيعية القائلة بأن الله قد أودع الإمامة في سلالة الرسول الأعظم (ص) والعقيدة الإمامية القائلة بوجود الإمامة في أولاد الإمام علي (ع) وفاطمة الزهراء (ع)، فإن كل ذلك ينفتح المجال أمام موضوع الصلة النسبية والنظام الوصية بمفهومه الوراثي (ظ: الفضل بن شاذان، 102). ومن جهة أخرى، يلاحظ أن عامة الإمامية عدا الفطحية تعتقد بعدم جواز جمع الإمامة لدى أخوين بعد الحسنين (ع) وقد كانوا يأتون بأحاديث بهذا الصدد (مثلاً ظ: ابن بابويه، علي، 188-189؛ الكليني، 1 / 285-286؛ ابن بابويه، محمد، كمال، 414-417، 426؛ عن عقيدة الفطحية، ظ: النوبختي، 65-66، 93-94)؛ إذن كان من الطبيعي أن تطرح نفسها مسألة انتقال الإمامة من جيل إلى آخر رغم أن مبدأ «النص» لم يكن يتضمن مثل هذا الطرح. وانطلاقاً من رفض فكرة التوريث، فإن الإمامة في الفكر الإمامي المعتدل، كانت تنتقل من الوالد إلى ولده، فإن لم يكن للإمام سوى ابن واحد، فإن الإمامة حسب رؤيتهم كانت تتمثل فيه دون أدنی شك (ظ: أبو سهل، 97؛ ابن الهيثم، 36؛ في مجال روايات عن الأئمة (ع)، ظ: الكليني، ن.ص؛ ابن بابويـه، علـي، 188-189، 191؛ الكشـي، 458-459؛ ابن بابويه، محمد، ن.م، 323، 426). ومع ذلك، فإننا نرى بعض الروايات في أصول الكافي تؤيد نظرية التوريث في الإمامة، بيد أنها جاءت متأثرة بأفكار الخلاق والمفوضة (ظ: الكليني، 1 / 284-285؛ أيضاً ظ: الكشي، ن.ص؛ قا: ابن قبة، «النقض»، البند 4). كما أن هناك بعض المؤلفين غير الإماميين يرى أن الإمامية تعتقد أصلاً بتوريث منصب الإمام، منطلقين في ذلك من طريقة نقل الإمامة في التفكير الإمامي (ظ: «الرد على الروافض»، 104، 105؛ أيضاً البغدادي، 285؛ نشوان، 153-154).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode