الامامه
cgietitle
1441/11/13 ۱۴:۲۹:۰۱
https://cgie.org.ir/ar/article/259970/الامامه
1447/5/15 ۰۷:۴۹:۰۷
نشرت
9
تمثل الإمامة عند الإسماعيلية منصباً إلٰهیاً وإن الله سبحانه وتعالى يجتبى الإمام ويهديه ومن ثم يستطيع المسلمون من خلال التمسك به أداء فرائضهم الدينية ومعرفة ظواهر القرآن وبواطنه معرفة تامة شاملة لاتتحقق الأهداف الإلٰهية في الأرض إلا بالحصول عليها. إن الإسماعيلية تعتبر ولاية الإمام ركناً من أركان الدين، بل هو عندهم أفضل أركانه وهي الإيمان بعينه وأنها تستمر مدى الدهر ولن يدوم الكون دون الإمام ولو لفترة وجیزة ومن ثم سيزول الكون بزوال الإمام من دون إبطاء (القاضي النعمان، دعائم ... ، 2؛ تامر، 65-66؛ أيضاً ظ: نانجي، .260ff؛ مادیلونغ،.43ff). ومن هذا المنطلق ووفقاً لأحد المبادئ لدى الإسماعيلية، فإن إمامة الإمام علي (ع) جاءت بأمر من الله سبحانه وتعالى وبتصريح من الرسول (ص) في أيام حياته. ولابد من أن تدوم الإمامة وراثياً في ذرية الإمام علي (ع) وفاطمة الزهراء (س). وأن إمامة الإمام اللاحق لاتتحقق إلا بنص ينصه الإمام السابق (ظ: القاضي النعمان، ن.م، 14 وما بعدها، شرح ... ، 1 / 89 ومابعدها).ومن أراد دراسة أبعاد المعتقدات الإسماعيلية، فلابد له من التطرق أولاً إلى معرفتهم الدينية ومن ثم يمكن استكشاف مكانة الإمامة وموقعها في إطار الفكر الإسماعيلي. غير أن هذه المعرفة الدينية تتكون من عناصر دينية وفلسفية منوعة تجعل من الصعب الوصول إلى كافة جذورها ومن ثم معرفتها التامة. ومايزيد الطين بلة هو أن في هذا النظام الديني ـ الفلسفي تتشابك مفاهيم مثل معرفة الرسول والولاية والإمامة والكون (المبدأ والمعاد) بحيث يصبح من المستحيل التمييز ما بين هذه المجالات من جهة ومن جهة أخرى تظل معرفة أي من المجالات مرهونة بفهم المجال الآخر.مفهوم الإمامة وارتباطه بقضية المبدأ والمعاد: تنطلـق حسب التفكير الإسماعيلي، مسيرة الوجود في الأزل من المبدع (غيب الغيوب ) الذي لايوصف ولاتدركه الأوهام. وإن أول خلق ظهر من وراء حجاب الغيب بأمر من الله تعالى هو العقل الأول، أو ما يسمى العقل الكلي. ثم تنبعث النفس الكلية من بعد العقل الأول، على أن ينبعث بعدهما العقل الثالث (آدم الروحاني) الذي يهبط سبع مراتب بسبب خطيئته، ويترتب في المرتبة العاشرة. وتؤدي هذه الخطيئة إلى تحركات في الكون وحدوث ظلمة تدخل عالماً من «الكثافة» في تلك الساحة النورانية، وتعتبر تلك المراتب السبع، مراتب مخالفة الإنسان. ومن جهة أخرى، فإن مسيرة المبدأ لاتنفك عن مع مسيرة المعاد وكأنهما عنصران لعملية واحدة. والمعاد هو نوع من الإنابة والتوبة، أي أن آدم السماوي لما سقط عن مرتبته بسبب ارتكابه الخطيئة وصار عاشراً في الرتبة أراد معاده إلى المرتبة الثالثة أي إلى أصله. يضم كل عقل من تلك العقول في عالم الإبداع بحد ذاته عالماً من الصور النورانية. وقد دعا العقل الثالث إلى التوحيد تلك الصور النورانية التي كانت في مرتبته، ولكنها رفضت دعوته وأظهرت العصيان، فأظلمت ذواتها بعد إنارتها. وأدرك آدم السماوي أنها لن تتخلص من تلك الظلمة؛ ولذلك ركز جهده على إنقاذها باعتباره مدبراً لعالم الطبيعة. يمثل آدم الكلي العقل العاشر في الأرض ومبدأ ظهور الإنسان عليها، وبدء الإنسانية. وقد كان معصوماً، ودوره دور الكشف (بينما الدور الحالي فهو دور الستر، أي دور اختفاء الباطن خلف ستار الظاهر). وفي أثناء دور الكشف، كانت البواطن مشهودة، والإنسانية كانت تعيش في السعادة؛ إذ كانت تتلقى الحقائق مباشرة. وعندما حدد آدم الكلي خليفته، ارتحل إلى عالم الإبداع واستخلف العقل العاشر فارتقى العقل العاشر وبلغ مرتبة العقل الثالث. وفي خلال عملية العودة هذه (المعاد) يعود العقل الثالث ويستقر في مرتبته الأولى، أي مرتبة العقل الثاني. ويبتدئ دور الستر بظهور آدم (ع) (ظ: الحسين بن علي، 101-110؛ «مسائل... »، 6؛ كوربن، 118-127؛ تامر، 69-74).تتطابق مراتب الدعوة في المعتقد الإسماعيلي مع مراتب العقل العشرة : الأولى «الناطق» (النبي) صاحب الشريعة؛ الثانية «الوصي» الذي هو «أساس» الإمامة وأول إمام في كل عصر والأمين على سر التأويل؛ الثالثة الإمام الذي هو خليفة «الأساس» والذي يحقق الاعتدال بین الظاهر والباطن. ویتقسم التاریخ المقدس الإنساني إلى سبعة أدوار، يضم الست الأولى 6 أنبياء من أولي العزم و6 أوصياء و7 أئمة. يختتم دور الستر الحالي، أو الدور السابع بظهور محمد بن إسماعيل (الإمام السابع في الدور السابع) حيث يتوحد موقعاً، وفيه يكون الناطق والوصي إلا أن محمد بن إسماعيل لايأتي بشريعة جديدة، بل إن دوره هو دور الكشف حيث تتجلى بواطن الشريعة وتزول ظواهرها (كوربن، 131-132؛ تامر، 145-155؛ أيضاً ظ: غالب، مقدمة إثبات ... ، 18).في المعتقد الإسماعيلي، تتبوأ الإمامة دوراً محورياً في المعاد ويزعمون أن الإمام ذو بعدين: أحدهما الناسوت وثانيهما اللاهوت. ويتمثل الوجود الإنساني للإمام في الناسوت أي جسمه اللطیف الذي هو ولید الإکسیر الکوني الذي يؤثر بدورها في الأجسام الأثيرية للسالكين. وأما الوجود اللاهوتي للإمام، فإدراكه يکمن في مفهوم الولادة الروحانية: فإذا استجاب المستجيب الدعوة الإسماعيلية على يد أحد الحدود، تتصل بذاته نقطة من النور. ویرتبط تحول هذه النقطة المنيرة إلى «الصورة النورانية» بإخلاص المستجيب في نيته وعمله. فإذا ما نجح في تحقيق ذلك، فإن صورته المنيرة وعند الانتقال إلى العالم الآخر تتجه نحو الصورة النورانية السابقة له عبر مغنطيسية من عمود الأنوار وحينئذ ترتقي سويةً نحو الحد الأعلى لتستمر هذه الحالة. ثم يستقر جميعهم في مرتبة تستطيع ومع باقي الحدود إنشاء «هيكل نوراني» الذي يتميزه بطابعه اللطيف البحت، رغم صورته البشرية وهذا الهيكل هو الإمامة ومن هذا المنطلق، هو لاهوت الإمامة، فعندما يصدر النص باسم الإمام الشاب، فإنه يصبح حاملاً للهيكل النوراني. وفي الحقيقة، فإن إمامته ولاهوته هو نفس الجسم اللطيف الذي يصدر من جميع صور المؤمنين المنيرة. لقد كان آدم الأول على هذه الشاكلة أيضاً، فلكل واحد من الأئمة الذين يتعاقبون في كل مرحلة من الدور، له هيكله النوراني الخاص به الذي يتحقق على هذه الصورة. ويوجد الأئمة كافة ومعاً، «الهيكل النوراني الأعظم» الذي يعتبر بشكل ما قبة الهيكل النوراني. وعندما يرحل الإمام من هذا العالم، يرتقى معه هيكله النوراني إلى «حظيرة» العقل العاشر (آدم الروحاني)، منتظراً مع باقي الهياكل النورانية، في تلك الحظيرة، ظهور القائم باعتباره الخاتم للدور الحالي كي يرتقوا معه، لدى ظهوره، باعتبارهم خلفاء العقل العاشر. وفي كل قيامة للقيامات والتي تنهي أحد أدوار الستر، أو الكشف، يحمل القائم معه الهيكل النوراني للحدود إلى عالم الإبداع وهناك يصبح خليفة العقل العاشر، أو آدم الروحاني، مدبراً لعالم الطبيعة. وفي هذه الحالة يرتقي العقل العاشر ذاته، إلى عالم الإبداع، مصطحباً معه الآخرين. وبذلك، فإن في كل قيامة للقيامات وانتهاء لكل دور، يتاح لملاك الإنسانية بأن يدنو مع مرافقيه من مرتبته ومرتبتهم الأولى. وهكذا، فإن توالي الأدوار والألفيات يؤدي إلى استغفار الزمان، أو «الأبد المتخلف» وتمهيداً لنهاية «الكارثة السماوية» وبذلك، فإن المبدأ والمعاد هما جهتان لاتجاه واحد والإمامة محور كلتا الجهتين («مسائل»، 9-10؛ الحسين بن علي، 116 ومابعدها؛ كوربن، 131-134، أيضاً 132-136).الإمامة وعلاقتها بالقرآن الكريم: من خلال دراسة الفكر الإسماعيلي، تبرز لنا فلسفة قائمة على فكرة أن الوحي أو الكلام الإلٰهي له «ظاهر» و«باطن»، ولباطنه رموز وأسرار لايطلع عليهما سوى أهل السر. لايرتكز هذا التفکیر علی حقيقة تاريخية، وإنما حقيقة تتجاوز حدود التاريخ. وبعبارة أخرى، فإن هناك عالماً، أو عوالم أخرى مستدیمة لاتزول ولاتتحدد في حدود الزمان والمكان ولا في البداية والنهاية. لقد جاء الأنبياء للناس بظاهر الشريعة، ولكننا لايمكن الاكتفاء بهذا الظاهر، إذ أن الشريعة هي ظاهر الحقيقة، والحقيقة هي باطن الشريعة، وعلاقة الشريعة بالحقيقة هي علاقة المثل والممثول (ناصرخسرو، 66 ومابعدها؛ الكرماني، 82-85؛ كوربن، 27-28؛ دفتري، 137). وبذلك، فإن ظواهر أمور الدين، كما جاء في ظاهر آيات القرآن الكريم، هي معانٍ يعرفها الناس أجمع. ومن جهة أخرى لايمكن التوصل إلى الحقيقة المعنوية للقرآن الكريم من خلال استفتاء المفتي، أو المرجع الفقهي، ذلك لأن علمهم لايتخطى حدود التفكير في ظواهر الدين وقشرته دون أن يستطيعوا الإنباء عن بواطن تلك الظواهر؛ وهنا يبرز الدور المحوري لمفهوم التأويل. فالتأويل يعيد ظاهر النص إلى أوله وإلى أصله، والمؤول هو من يعيد النص من ظاهره إلى أصله وإلى حقيقته (كوربن، 24-27).لقد ظلت ضرورة وجود قيم على القرآن بعد الشارع، أهم وأبرز قضية أصبح لها صدیً واسع في الأقوال الأئمة وأحاديثهم؛ ومن هنا لايكفي النص القرآني وحده لأنه يحمل في طياته معاني مضمرة وبواطن معمقة وفيه من الكلام ما يجعل القارئ يتصور فيه شيء من التباينات. فالقرآن الكريم ليس كتاباً يمكن فهم علمه بالفكر الفلسفي البسيط بل لابد من تأويل النص إلى المستوي الذي يحمل فحواه الحقيقي وهذا ما لايستطيع الكلام إنجازه ولابد من وجود الإمام نفسه، الوارث المعنوي والمستلهم والمطلع على الظواهر والبواطن وحجة الله والقيم على القرآن (م.ن، 71). وعلى هذا الأساس، فإن المسؤول هو الإمام والمطلع على بواطن الشريعة وحقائق القرآن عبر الإلهام. ولاتتجسد هذه الصفات حسب المعتقدات الإسماعيلية إلا في شخصية الإمام علي (ع). وبعبارة أخرى، فإن معرفة أسرار تأويل القرآن وبواطنه هي خصوصية يتميز بها الإمام علي والأئمة (ع) (غالب، مقدمة راحة ... ، 38). ويعتبر الإمام (في التفكير الإسماعيلي) بمثابة ولي يستلهم الإلهام الرباني وهو الأولى وصاحب الحق في تعليم الحقائق وبواطن الأمور. والتعليم هنا هو مصطلح خاص يختلف عن المصطلح السائد والمعروف لدى الجميع ويعني أن المستجيب على تواصل مع من يستلهم الإلهام الربوبي ويتمسك بالإمام سعياً في استكشاف المعاني القرآنية وأسراره (كوربن، 21).وبذلك، وبعد أن توقفت مرحلة النبوة، فإن الولاية والإمامة تأتي لتكون امتداداً لهذه الحركة المعنوية. ومن هذا المنظار، فإن الأئمة هم أصحاب الولاية «يحبهم الله ويحبونه» ويفتح أعينهم على الأسرار وإن الولاية هي باطن النبوة، وتحمل هذه العملية عنوان دائرة الحقيقة (م.ن، 43). إن الأئمة هم مظهر من مظاهر الربوبية وتجليها وشأنهم شأن المرآة حيث إن ما يظهر في المرآة لا يتجسد في جوهرها. وإذا ما اعتبر الأئمة كمظاهر ربانية، فسوف يكونون أسماء الله. وينعكس وجودهم الأزلي في كلام الإمام الصادق (ع) بمثابة عالم الإبداع والصور النورانية (م.ن، 74). ولايمكن فهم الصفات المعطاة للأئمة إلا بعد وضعها في سياق الصور النورانية المتقدمة على عالم الكون والفساد. وإنهم قد بينوا هذه الصفات مشفوعة بالتأكيد في زمان ظهورهم الكوني (م.ن، 75). وقد تكاثرت العناوين التي أطلقوها على الصورة الإنسانية في جلالها الأزلي، حيث حملت عناوين منها الإنسان الحقيقي، الإنسان الكبير، الروح الأعلى، العقل الأول، القلم الأعلى، الخليفة الأعلى وقطب الأقطاب. وهو الأمين على النبوة الباقية والنبوة الأصلية الحقيقية، النبوة التي ظهرت قبل خلق الزمان في عالم الإبداع. وتتصف حقيقة النبوة الباقية بوحدة مضاعفة وساحة مزدوجة: خارجية، أو ظاهرية وداخلية، أو باطنية، وما «الولاية» إلا باطن هذه النبوة الباقية والتي تتحقق كمالاتها جميعاً في ساحة الباطن قبل خلق الزمان واستمراره في أبد الآباد. وكما أن الساحة الظاهرية في ظهورها الكوني النهائي تمثل في شخصية النبي محمد (ص)، فلابد من أن يكون للساحة الباطنية أيضاً مظهر ما ليظهر التجلي الباطني للنبوة فيمن هو الأقرب إلى النبي (ص) من جميع أفراد البشر، أي الإمام علي (ع) الإمام الأول. ولذلك، فقد قال علي (ع): كنت ولياً وكان آدم بين الماء والطين. ومن جهة أخرى، فإن هذه الرؤية معنية بانتظار وهو انتظار الظهور التام لجميع المعاني الخفية والمعنوية للقرآن والتي ينجزها الإمام في آخر الزمان (م.ن، 64-67، أيضاً 43).وإن التأكيد على الباطن ليس يعني نسخ الشريعة وظاهرها، بل يعني أن الشريعة لو انفصلت عن حقيقتها وباطنها، فهي مجرد ظلمة وعبودية، فعلى هذا سوف تكون الشريعة مجرد أحكام ومناسك دون أن تكون أبوابها مفتوحة أمام آفاق من المعاني الجديدة وظهورها والتي لايمكن التنبؤ بها (م.ن، 62).
تامـر، عارف، الإمامة في الإسلام، بيروت، دار الكاتب العربـي؛ الحسين بن علي، «رسالة المبدأ والمعاد»، سه رسالۀ إسماعيلي، تق : هنري كوربن، طهران، 1340ش؛ غالب، مصطفى، مقدمة إثبات الإمامة لأحمد بن إبراهيم النيسابوري، بيروت، 1404ه / 1984م؛ م.ن، مقدمة راحة العقل لأحمد الكرماني، بيروت، 1983م؛ القاضي النعمان، دعائم الإسلام، تق : آصف الفيضي، القاهرة، 1385ه / 1965م؛ م.ن، شرح الأخبار، تق : محمد حسيني جلالي، قم، 1412ه ؛ الكرماني، أحمد، المصابيح في إثبات الإمامة، تق : مصطفى غالب، بيروت، 1969م؛ كوربن، هنري، تاريخ فلسفۀ إسلامي، تق : جواد طباطبائي، طهران، 1373ش؛ «مسائل مجموعة»، أربعة كتب إسماعيلية، تق : شتروطمان، بغداد، مكتبة المثنى؛ ناصرخسرو، وجه دين، تق : غلام رضا أعواني، طهران، 1356ش؛ وأيضاً:
Corbin, H., Histoire de la philosophie islamique, Paris, 1964; Daftary, F., The Ismāªīlīs: Their History and Doctrines, Cambridge, 1990; Madelung, W., »Das Imamat in der frühen ismailitischen Lehre«, Der Islam, 1961, vol. XXXVII; Nanji, A., »An Ismāªīlī Theory of Walāyah in the Da‘ā’im al-Islām of QāĐī Nu‘mān«, Essay on Islamic Civilisation Presented to Niyazi Berkes, ed. D. P. Little, Leiden, 1976عظيم نانجي / غ.
لم تجر حتى الآن دراسة شاملة تتناول تاريخ الفكر الغلاة الشيعة ونشاطاتهم الدينية والسياسية ولذلك لايمكن الحديث عن فترة تاريخية بذاتها، ظهرت خلالها تلك الرؤی والأفكار. أما بشأن موضوع الإمامة، فلابد من القول قبل كل شيء إن الفكر المغالي الشيعي يرتبط مباشرة بموضوع الإمامة ومن هنا، فإن دراسة تاريخ ظهور الغلاة وأفكارهم الدينية والسياسية، تعني في الحقيقة دراسة موضوع الإمامة لديهم، ومع كل ذلك، على الرغم من أن الأفكار المتطرفة الشيعية كانت وليدة الخلافات الدينية والسياسية في القرن الأول من الهجرة، بيد أنها وعلى مدى تاريخها شهدت المزيد من التغيرات الفكرية، نتيجةً للظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بها، لعله كان أبرز تلك التغيرات والتطورات، هو أن الفكر القائل بمحورية الإمامة لدى المتطرفين تحول إلى منظومة فكرية وكلامية من جنسها الخاص بها، حيث إنها تسترسل في الحديث عن أهم الثوابت الفكرية الإسلامية أي توحيد، بالإضافة إلى تبنيها بعض المواقف بشأن باقي قضايا الشريعة بما فيها الوحي والنبوة وعلاقة الإنسان بربّه والمعاد واليوم الآخر، كنتيجة طبيعية للمعرفة الدينية وموقع التوحيد وعلاقة بفكر الإمامة في هذه المنظومة الفكرية.إن الملفت عند مختلف التيارات من المتطرفين عنـد الشيعة في القرون الأولى، هو التصوير التاريخي المتناسب مع المعتقدات السائدة لديهم. وفي هذه الرؤية التاريخية العقائدیة والأسطورية بطبيعة الحال، استأثر موضوع الإمامة، بأهم مكانة في «التاريخ المقدس»؛ حيث تكتسب العصور قبل «التاريخ» وبعد «التاريخ» أهمية قصوى في هذه الرؤية التاريخية المقدسة؛ بحيث إن الصورة التي كان الغلاة يقدمونها عما قبل ظهور هذا العالم، والدور الذي كانوا يجدونه للأئمة فيه، تنسجم وفكرهم حول الله وكيفية ظهور أسماء الخالق وصفاته وتجلي نوره في المخلوقات؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الصورة التي يعرضها الغلاة عن مراحل ما بعد «التاريخ» والتي تتجسد في موضوع الرجعة، تشكل الجانب الأهم من أفكارهم كما تظهر وجهة نظر الغلاة بشأن الآخرة، هدف التاريخ وغايته والعالم والإنسان وفي الحقيقة، فإنها تبين فلسفة التاريخ. وبناء على هذه الرؤية، فإن هناك المزيد من النجوم التي سطعت في سماء التاريخ مستنيرة بنور الأنبياء وأوصيائهم، بينما يشهد التاريخ بجانب تلك الأنوار ظلمات ظهرت نتيجة الابتعاد عن الاستنارة بنور هداية الأنبياء وأوصيائهم ولكن في نهاية المطاف ما ينتصر فيما بعد التاريخ هو النور الذي سيعم العالم بأكمله بعد تغلبه على الظلام؛ وفي سياق هذا التفكير الثنائي الأبعاد، فإننا نرى أن مفاهيم المهدوية والغيبة والرجعة، قد تطورت في بعض الأحيان استناداً إلى التقاليد الإسلامية. ويحدد التفكير المتطرف عند الشيعة مسؤولية للمهدوية وهي إكمال سلسلة الأنبياء والأوصياء و(الأئمة) وانطلاقاً من ذلك، فإن مركزية رؤية الإمامة تنعكس في هذا الجانب من التصوير الأسطوري والإيدئولوجي الذي يقدمه الغلاة عن التاريخ. كما أن الإمامة تحتل حيزاً كبيراً في المنظومة الدينية وفي تحليلهم الباطني للشريعة، وكان فكرهم الإباحي على علاقة مباشرة مع آرائهم بشأن مقولة الإمامة. بل إن جوهر الإيمان كان يقتصرعند الغلاة على «المعرفة» التي كان المقصود منها معرفة الإمام؛ إذ كانوا يرون أن المعرفة الصحيحة لله، رهن بمعرفة حقيقة الإمامة. وبطبيعة الحال، فإن الإمام في التفكير المغالي هو المعيار للفكر والإيمان (ظ: هالم، 43-83,86-89,199-206 ، مخ ؛ دفتري، 68-89,98-101).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode