الصفحة الرئیسیة / المقالات / الامامه /

فهرس الموضوعات

الامامه


تاریخ آخر التحدیث : 1441/11/13 ۱۴:۲۹:۰۱ تاریخ تألیف المقالة

ومع ذلك، تتضارب الآراء بشأن كل من هذه المسائل بين الفرق غير الشيعية‌ ـ غير المحكمة، أي أصحاب الحديث وأهل السنة والجماعة من جهة، والمعتزلة والمرجئة من جانب آخر. ولايقف الخلاف في هذا الحد، بل يتعدى ليصل إلى قضية عدم وجود نص على خلافة النبي (ص)، حيث ذهب بعض أهل السنة إلى أن خلافة أبي بكر لم تتحقق إلا بوصية من النبي (ص) وبأمر منه وذلك رغم نفي النص الإلٰهي وتبنيهم طريقة اختيار الخليفة. وبالطبع، فإن المقصود من النص هنا، تعيين الأصلح والأفضل والإبلاغ عنه (من حيث توفر أوصاف الإمام وشروطه فيه) من قبل الإمام السابق له (المقصود هنا النبي)، وهو ما يصدق أيضاً على قضية  اختيار أبي بكر لعمر بحيث كان يعتقد البعض بنص خفي في هذا الصدد، من ضمن هولاء حسن البصري الذي ينسبون إليه مثل هذا الموقف، كما قيل إن أحمد بن حنبل كان يميل أيضاً إلى مثل هذا الرأي (ظ: ابن أبي العز، 471؛ أبو يعلى، المعتمد ... ، 226؛ خلاّل، الورقة 43؛ السيوطي، 61، 63). ومنهم من يقول بالنص الجلي، بمعنى أن النبي (ص) اختار أبابكر خليفة له بصراحة وهذا ما تحدث عنه ابن حزم الظاهري (ظ: الفصل، 4 /  108؛ ابن حجر الهيتمي، الصواعق ... ، 26-29). ويؤيد ابن تيمية الرأي القائل بالإبلاغ عن الأفضل (منهاج... ، 1 / 140-141؛ أيضاً ظ: ماديلونغ، 54-55). ويثبت ماديلونغ من خلال نظرة معمقة أن النبي (ص)، لم يكن ينوي تنصيب أبي بكر خليفة له ولم يكن راضياً بذلك (ص16)؛ ولكن عائشة زوجة النبي (ص) کانت تؤيد الرأي القائل بأن النبي (ص) شخصياً كان يميل إلى اختيار أبي بكر (أحمد بن حنبل، ن.م، 6 / 63). وهذا يتعارض مع موقف عمر الذي كان يعتقد اعتقاداً مطلقاً بأن النبي (ص)، لم يختر أحداً لخلافته (ظ: ن.م، 1 / 43؛ الترمذي، 4 / 502؛ ابن حجر العسقلاني، 13 / 246).
وفيما يتعلق بفردية الإمام أيضاً، هناك خلاف في الرأي، فرغم الاستناد إلى سنة الصحابة والسلف، فقد كانت الكرّامية تقول بجواز تعدد الأئمة (ظ: البغدادي، أصول... ، 274؛ البزدوي، 190، 198؛ ابن حزم، ن.م، 4 / 88 : رأي أبي الصباح السمرقندي؛ الإسفرايني، 103). وكان أبو بكر الأصم المعتزلي على هذا الرأي أيضاً (ظ: جعفر بن حرب، 60-61) وكذلك ابن تيمية كان يميل إلى مثل هذا الرأي («نقد ... »، 124). كما جاء التأكيد في المذهب الأشعري على أنه لو كان العالم الإسلامي متجزءاً إلى جزئين لايرتبط بعضهما بالآخر بشكل من الأشكال، حيث لايستطيع الإمام أن يؤدي واجباته في كلا الجزئين، فمن الجائز تعدد الأئمة (ظ: البغدادي، ن.م، 275؛ أيضاً ظ: الجويني، غياث، 128: استناداً إلی أبي الحسن الأشعري وأبي إسحاق الإسفرایني؛ القلقشندي، 1 / 46؛ القرطبي، 1 / 273).
وما ذكر أعلاه يعد نماذج من مواقف المذاهب الكلامية والفقهية حيال التجربة التاريخية للإمامة والخلافة في الإسلام؛ وفي مجال شرعية هذه التجربة التاريخية أيضاً لاتتفق جميع الفرق غير الشيعية ـ غير المحكمة بل يبقى الخلاف سيد الموقف حتى بالنسبة إلى الفرق السنية غير المعتزلة، فقد كان هنالك خلاف في الرأي أيضاً فيما يتعلق بعثمان وعلي (ع) وشرعية خلافتهما. وفي هذا الصدد، كانت المعتزلة أكثر كلمة وتعقلاً بالمقارنة مع الفرق الأخـرى غير الشيعية ـ غير المحكمة: فقد روي حول إمام المعتزلة واصل بن عطاء إنه كان يقف فيما يتعلق بعثمان وقاتليه ولم يكن يصدر حكماً نهائياً (الخياط، 97). كما كان يرى في معركة الجمل وما حدث بين علي (ع) وطلحة والزبير أن إحدى  الطائفتين محقة والأخرى مبطلة دون أن يتبين له من هو المحق ومن هو المبطل (ظ: م.ن، 97- 98؛ البغدادي، الفرق... ، 120؛ الذهبي، 4 / 329؛ أيضاً ظ: المفيد، 60-62). في حين أنه لم يقف مثل هذا الوقوف فيما يتعلق بمعركة صفين، فكان يرى أن علياً (ع) كان مصيباً في هذه المعركة (ابن حزم، ن.م، 4 / 153).
وقد نُسب إلى عمرو بن عبيد رأي مماثل بشأن معركة الجمل (الخياط، ن.ص؛ قا: البغدادي، ن.م، 121؛ أيضاً ظ: الشريف المرتضى، 1 / 94). كما وردت روايات عن الأسواري وهشام الفوطي حول حرب الجمل ومشروعية الطرفين المتنازعين (الخياط، 60-61؛ أيضاً ظ: البغدادي، الملل ... ، 112). وقد نقلت عن النظام رواية تفيد بأنه كان يعتبر علياً (ع) مصيباً في معركتي الجمل وصفين، بينما كان طلحة والزبير وعائشة مخطئين (الأشعري، 2 / 130؛ النوبختي، 12-13؛ قا: جعفربن حرب، 53-54). كما قيل بشأن أبي الهذيل والنظّام إنهما وقفا في باب موالاة عثمان، أو البراءة منه (في السنوات الست الأخيرة من خلافته) بسبب اضطراب الأخبار واختلاف الروايات فيما وقع من الأحداث آنذاك (ن.م، 53؛ القاضي عبد الجبار، 20 (2) / 58). وأبدى أبو الهذيل (أو النظّام حسب بعض الروايات، ظ: جعفربن حرب، 53-54)، رأياً مماثلاً لواصل وعمرو. وزعم أن شأن الطائفتين في وقعة الجمل شأن المتلاعنَين (ظ: ن.ص؛ النوبختي، 13).

صفات الإمام وشروط تعيينه:

تشكل نظرية الانتخاب والاختيار في فكر أهل السنة، أساساً لمشروعية الإمام، رغم أنه يختلف أهل السنة والفئات غير الشيعية ـ غير المحكمية في إيلاء الأهمية لهذه المسألة بسبب تقديم طرق أخرى من جانب بعض أصحـاب الحديـث (ظ: المسعـودي، 6 / 23-24؛ الـمـاوردي، 5 وما‌بعدها؛ مانکديم، 753 وما‌بعدها؛ أبو يعلی، الأحكام، 19 و ما بعدها، المعتمد 223). ولهذا السبب فقد انتقد أهل السنة نظرية النص الإلٰهي للإمامية، واعتبروا خلافة أبي بكر والخلفاء الآخرين مشروعة (ظ: الباقلاني، الإنصاف، 64-67؛ أبو نعيم، 54 وما بعدها، مخ‍ ؛ ابن حزم، الفصل، 4 / 93 وما بعدها؛ أبو يعلی، 225 وما بعدها؛ البيهقي، 218 وما بعدها؛ المتولي، 62 وما بعدها.
وفیما يتعلق بمسألة اختيار الإمام، يأتي موضوع «أهل الحل والعقد»، أي الذين أوكل إليهم اختيار الإمام والكشف عنه واشترط لهم الفقهاء السنة بعض الشروط. وإن اختلفوا في عدد المختارين للإمام وذهب بعضهم إلى أن الإمامة تنعقد أحياناً لمن يصلـح لها بعقـد رجل واحـد وذلك استناداً إلى سنة الصحابـة (ظ: البغدادي، أصول ... ، 280-281: الرأي المنسوب لأبي الحسن الأشعري؛ الغزالي، فضائح ... ، 176؛ أيضاً ظ: الجويني، غياث، 54). واعتبر البعض إجماع أهل الحل والعقد ضرورياً (ابن خلدون، 165؛ أيضاً ظ: أبو يعلى، ن.م، 139). ومن جانب آخر يرى أمثال أبي بكر الأصم المتكلم المعتزلي أن نظرية اختيار الإمام رهن إجماع المسلمین (ظ: الأشعري، 2 / 129) ويبدو أن هذه النظرية وما يماثلها ظهرت قبل ظهور نظرية أهل الحل والعقد (عن آراء المعتزلة المتأخرين، ظ: القاضي عبد الجبار، 20 (1) / 252-254؛ الماوردي، 7). وبشكل عام، فإن الشرط الأساسي لأهل الحل والعقد، هو أن يكونوا من «أهل الشوكة» وأن تكون إرادتهم مطلب أصحاب الشوكة في حين كان البعض يعتبر مثل هذا الأمر ضرورياً في جمهور أهل الحل والعقد فقط (ظ: ابن تيمية، منهاج، 1 / 141؛ أيضـاً ظ: الماوردي، 6؛ أبو يعلی، الأحكـام، 19؛ أيضاً ظ: الجويني، ن.م، 56).
وفضلاً عن طريقة اختیار الإمام من قبل أهل الحل والعقد، أو اختياره من جانب الإمام السابق له (=الاستخلاف)، فإن طريقة الغلبة والقهر خضعت للبحث والدراسة (الماوردي، 10؛ أبو يعلی، ن.م، 23) وإنها لم يتم عرضها كنظرية إلا من جانب أصحاب الحديث والحنابلة (جعفربن حرب، 66؛ أبو يعلی، ن.ص؛ أيضاً المعتمد، 238؛ ابن قدامة، 8 / 107-108؛ أيضاً ظ: البزدوي، 190، 192، 198؛ النووي، منهاج ... ، 120؛ الشاطبي، 2 / 305). ومن الطبيعي أن المعتزلة لم يوافقوا على مثل هذا الرأي (ظ: القلقشندي، 1 / 59). وبالطبع، فإن الذي أمسك بزمام الحكم بالقهر والغلبة، فلابد من أن يدعى لنفسه، الإمامة وإلا، فإن مجرد كونه السلطان المقتدر لايكفي أن تثبت إمامته وإن كانت له الرئاسة المطلقة والعامة (ظ: التفتازاني، 233؛ ابن جماعة، 1 / 357- 358).
وقد قيل إن من شروط الإمام، ضرورة نيله رتبة الاجتهـاد (ظ: الشافعي، 1 / 188 وما بعدها؛ الماوردي، 6؛ أبو يعلی، الأحكام، 20؛ الجويني، ن.م، 66؛ البغدادي، أصول ... ، 277؛ الشاطبي، 2 / 303-304)؛ بينما لم يعتبر البعض الاجتهاد شرطاً ضرورياً للإمامة (ظ: ابن حزم، الفصل، 4 / 165-166؛ الشهرستاني، الملل والنحل، 1 / 160) ويرون أن مراجعة الإمام أهل العلم والمجتهدين عند الضرورة فيه كفاية (ظ: الغزالي، فضائح، 191).
كما اعتبرت العدالة من شروط الإمام وميزاته (ظ: الجويني، ن.م، 68؛ البغدادي، ن.ص؛ الماوردي، 6، 18؛ ابن خلدون، 152). وفـي نفس الوقت فقد كان عموم أهل السنة من الفرق غير الشيعیة‌ ـ غير المحكمية يرون، خـلافاً للمعتزلة أن الأمة يمكنها إذا اضطرت أن تقبل ولاية الفاسق وحكومته (ظ: الرملي، 7 / 409). ولكن من الواضح أنهم كانوا يستكرهون ذلك (ابن أبي شريف، 166-167). وبالطبع، فإنه قد يكون المقصود من وراء قبول إمامة الفاجر والفاسق بين أهل السنة والجماعة هو في حالة الاستيلاء بالقهر والغلبة؛ في حين أن عدالة الإمام يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار في حالة الاختیار عن طريق أهل الحل والعقد (مثلاً ظ: أبو يعلی، ن.م، 20؛ نقلاً عن أحمد بن حنبل؛ قا: أحمد بن حنبل، «اعتقاد»، 304-305: نقل يحظى بالأهمية).
يشترط معظم أهل السنة في إمامة الإمام أن يكون قرشياً. مستندين إلى سنة الجماعة والأحاديث النبوية (ظ: الشافعي، 1 / 188؛ البغدادي، ن.م، 275؛ ابن أبي یعلی، 1 / 26؛ ابن العربي، 4 / 1721؛ النووي، شرح، 12 / 200-203). وبعيداً عن بعض فرق المرجئة والمعتزلة (عن الغيلانية المرجئية، ظ: جعفر بن حرب، 63، عن ضرار بن عمرو و حفص الفرد، ظ: ن.م، 55-56؛ الشهرستاني، ن.م، 1 / 91؛ عـن بـعض المعتـزلـة، ظ: ن.ص؛ البغـدادي، ن.ص؛ ابن أبي الحديد، 9 / 87؛ القاضي عبد الجبار، 20(1) / 239)، فإن الجويني الأشعري لم يكن يقول بشرط انتماء الإمام إلى قريش أیضاً (ظ: غياث، 163، أيضاً الإرشاد، 359). وحتى الباقلاني، فإنه لم يكن يرى بأساً في مثل هذا الرأي (ظ: التمهيد، 148، 248، الإنصاف، 69). بينما التجأ البعض إلى تبريرات لهذا الشرط وأهمها رأي ابن خلدون في باب «العصبية» (ظ: ص 153-154؛ الدهلوي، 2 / 737؛ رضا، 21). وإن هذا الشرط يظل موضع البحث كشرط من شروط اختيار الإمام مثلما في شرط العدالة بيد أنه مرفوض عند القهر والغلبة (ظ: ابن حجر العسقلاني، 13 / 147).
ومن الشروط الأخرى التي خضعت للدراسة والتنظير بشأن الإمامة، هي أفضلية الإمام؛ ولكن تختلف الآراء في المراد منها؛ فهل الأفضل هو الذي يستحق ثواباً أكبر لدى الله، أم الذي تتوفر فيه شروط الإمامة أكثر من غيره، أو بعبارة أخرى هو الأصلح؟ (ظ: القاضي عبد الجبار، 20(2) / 116؛ قا: الجويني، غياث، 122). وفضلاً عن بعض المعتزلة (ظ: جعفر بن حرب، 50-52؛ ابن حزم، الفصل، 4 / 163-164)، فإن أبا الحسن الأشعري، من أهل السنة والجماعة، يعتقد بأن الإمام يجب أن يكون أفضل أهل زمانه في شروط الإمامة (ظ: البغدادي، أصول، 293، الفرق، 352). واتفق بعض الأشاعرة معه في هذا الرأي (ابن حزم، ن.ص؛ لاستدلال القائلين بإمامة الأفضل، ظ: البغدادي، أصول، ن.ص؛ عضدالدين، 413). إلا أن معظم أهل السنة والجماعة والكثير من المعتزلة يرون أن الإمامة ترتكز إلى ركيزة المصلحة، فإذا اقتضت المصلحة يجوز عقد الإمامة للمفضول (ظ: م.ن، أيضاً جعفربن حرب، ن.صص؛ القرطبي، 1 / 271). ولكن يرى أبو يعلى العالم الحنبلي أنه لايجوز لأهل الحل والعقد العدول عن الأفضل إلا أن يكون هناك عذر مبرر، فعندئذ يجوز اختيار المفضول ( الأحكام، 23، المعتمد، 245). لقد ذكر القاضي عبد الجبار من المعتزلة شروطاً يمكن من خلالها العدول عن الأفضل (20(1) / 227- 228).


حقوق الإمام:

إن أهـم حـق تحدد للإمـام هـو حق الطاعة (ظ: ابن تيمية، مجموع، 35 / 16-17؛ لقول للإمام علي (ع) نقله أهل السنة، ظ: أبو عبيد، 9). بيد أن هذه الطاعة ليست مطلقة، بل تتقيد ببعض الشروط ولاتجوز إلا في دائرة الشريعة (ظ: ابن تيمية، منهاج، 2 / 76).
عزل الإمام والخروج عليه: إن طاعة الإمام واجبة، ولكن تتضارب آراء الفقهاء والمتکلمین والفرق الإسلامية بشأن الإمام الجائر وغير العادل. ومن الفرق غير الشيعية ـ غير المحكمة يقول أهل السنة والجماعة عموماً بوجوب طاعة الإمام الجائر والفاجر إلا في ظل بعض الظروف (ظ: ابن حزم، مراتب، 126؛ السرخسي، 1 / 114؛ الغزالي، إحياء ... ، 2 / 105؛ ابن جماعة، 1 / 356). وإذ ارتد الإمام عن الدين، فلابد من عزله (ظ: أبو يعلی، ن.م، 243). وإذا ما ترك الإمام الصلوات، أو خرج عن نطاق الشريعة وكان في نفس الوقت فاجراً وجائراً، فإن طاعته ليست جائزة ولامانع من عزله وذلك استناداً إلى رأي علماء أهل السنة (ظ: مسلم، 3 / 1483؛ النسائي، 7 / 160-161؛ النووي، شرح، 12 / 229).
وفي المقابل، يضيق فريق من علماء أهل السنة دائرة المصاديق ويرى في فسق الإمام سبباً كافياً لعزله (ظ: الماوردي، 18؛ أيضاً ظ: القرطبي، ن.ص). وفي هذا الصدد، يرى الغزالي في الاقتصاد: إذا كان بالإمكان عزل مثل هذا الإمام من غير إثارة فتنة، فإن عزله واجب وإلا وجبت طاعته (ص 150). وذهب القاضي عياض إلى أن العلماء قد أجمعوا على وجوب عزل الإمام إذا طرأ عليه كفر، أو تغيير للشرع، أو بدعة (النووي، ن.ص؛ أيضاً ظ: ابن حجر العسقلاني، 13 / 123). غير أنه يصرح بأن جمهور أهل السنة يرى أن الإمام لاينعزل بالفسق والظلم ولايجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه (ظ: النووي، ن.ص). وهنا لابد من الذكر بأن عامة أهل السنة والجماعة، وخلافاً لبعض الطوائف والفرق بما فيها المعتزلة (ظ: القاضي عبد الجبار، 20(2) / 170) تعتقد بلزوم طاعة مثل هذا الإمام، دون عزله (ظ: أبو يعلی، الأحكام، 20، المعتمد، ن.ص؛ النووي، روضة، 10 / 48)؛  كما قال أبو يعلى، إذا اعتقد الإمام عقيدة خلاف الحق من حيث التأويل، فذلك لايمنع استدامة إمامته ( الأحكام، ن.ص؛  أيضاً ظ: الماوردي، ن.ص).
أما الفرق التي تعتقد بمقولة عزل الإمام تؤكد على ضرورة نهيه عن المنكر قبل عزله، وإذا ما استمر في سلوكه وامتنع عن إقامة الحد على نفسه، وجب خلعه (الجويني، غياث، 92؛ أيضاً 76، 88؛ ابن حزم، الفصل، 4 / 175-176).
إن موضوع الخروج على الإمام هو أمر مختلف تماماً عن عزله، أو انعزاله، كما أن هناك الكثير من الخلافات بين الفرق الإسلامية بشأن الخروج على الإمام وفي هذا الصدد ما يجدر بالذكر أن معظم أهل السنة والجماعة اتفقوا على أنه لايجوز الخروج على الإمام الفاسق والجائر (الباقلاني، التمهيد، 32؛ البزدوي، 192؛ ابن حزم، مراتب، 124؛ الشاطبي، 2 / 304-306؛ التفتازاني، 239 وما بعدها؛ ابن حجر الهيتمي، تحفة، 9 / 66؛ النووي، شرح، 12 / 229). ولذلك، استندوا إلى روايات مروية عن النبي (ص) في وجوب طاعة الإمام وحرمة الخروج عليه (مثلاً ظ: أبو يوسف، 10؛ السرخسي، 1 /  108). وفي المقابل، هناك طائفة أخرى من أهل السنة والجماعة اتفقت على جواز الخروج على أئمة الجور والظلم (ظ ابن حزم، الفصل، 4 / 171-172).

المصادر: 

  ابن أبي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة، تق‍ : محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1959-1964م؛ ابن أبي شريف، محمد، المسامرة في شرح المسایرة، القاهرة، 1347ه‍ ؛ ابن أبي العز، عبدالغني، شرح العقيدة الطحاوية، بيروت، المكتب الإسلامي؛ ابن أبي يعلى، محمد، طبقات الحنابلة، تق‍ : محمد حامد الفقي، القاهـرة، 1371ه‍ / 1952م؛ ابـن الأزرق، محمـد، بـدائـع السلك فـي طبائـع الملك، تق‍ : علي سامي النشار، بغداد، 1977م؛ ابن تيمية، أحمد، الحسبة، دار الشعب، 1976م؛ م.ن، السياسة الشرعية، القاهرة، 1969م؛ م.ن، مجموع فتاوى، تق‍ : عبد الرحمن العاصمي، الرياض، 1386ه‍ ؛ م.ن، منهاج السنة النبوية، بيروت، دار الكتب العلمية؛ م.ن، «نقد مراتب الإجماع»، مع مراتب (ظ: هم‍ ، ابن حزم)؛ ابن جماعة، محمد، تحرير الأحكام، (ظ: مل‍ ، كوفلر)؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، مناقب عمر بن الخطاب، تق‍ : سعيد محمد اللحام، بيروت، 1409ه‍ / 1989م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، فتح الباري، بيروت، 1410ه‍ / 1980م؛ ابن حجر الهيتمي، أحمد، تحفة المحتاج، بومباي، تجار الكتب؛ م.ن، الصواعق المحرقة، القاهرة، 1385ه‍ / 1965م؛ ابن حزم، علي، الفصل، بيروت، 1395ه‍ ؛ م.ن، مراتب الإجماع، بيروت، دار الكتب العلمية؛ ابن خلدون، مقدمة، بيروت، دار الكتب العلمية؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ ابن عبد البر، يوسف، الاستيعاب، تق‍‍ : علي محمد البجاوي، القاهرة، مكتبة نهضة مصر؛ ابن العربي، محمد، أحكام القرآن، تق‍ : علي محمد البجاوي، بيروت، 1408ه‍ / 1987م؛ ابن قدامة، عبد الله، المغني، بيروت، عالم الكتب؛ ابن منظور، لسان؛ أبو عبيد القاسم بن سلام، الأموال، تق‍ : عبد الأمير علي المهنا، بيـروت، 1988م؛ أبو نعيم الأصفهانـي، أحمـد، تثبیـت الإمامـة وترتيب الخلافـة،تق‍ : إبراهيم علي التهامي، بيروت، 1407ه‍ / 1986م؛ أبو يعلى، محمد، الأحكام السلطانية، تق‍ : محمد حامد الفقي، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ م.ن، المعتمد في أصول الدين، تق‍ : وديع زيدان حداد، بيروت، 1974م؛ أبو يوسف، يعقوب، الخراج، القاهرة، 1352ه‍ ؛ أحمد بن حنبل، «اعتقاد»، مع ج 2 من طبقات الحنابلة (ظ: هم‍ ، ابن أبي يعلی)؛ م.ن، مسند، بيروت، دار صادر؛ الإسفرايني، شاهفور، التبصير في الدين، تق‍ : محمد زاهد الكوثري، القاهرة، 1374ه‍ / 1955م؛ الأشعري، علي، مقالات الإسلاميين، تق‍ : محمد محیي الدين عبد الحمید، القاهرة، 1389ه‍ ؛ الباقلاني، محمد، الإنصـاف، تق‍ : محمـد زاهـد الكـوثـري، القـاهـرة، 1382ه‍ / 1963م؛ م.ن، التمهيـد، تق‍ : مكارثي، بيروت، 1957م؛ البخاري، محمد، صحيح، القاهرة، 1312ه‍ / 1894م؛ البزدوي، محمد، أصول الدين، تق‍ : لينس، القاهرة، 1963م؛ البغدادي، عبد القاهر، أصول الدين، إستانبول، 1346ه‍ / 1928م؛ م.ن، الفرق بين الفرق، تق‍ : محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت، 1411ه‍ / 1990م؛ م.ن، الملل والنحل، تق‍ : ألبيرنصري نادر، بيروت، 1970م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تق‍ : غويتين، القدس، 1936م؛ البيهقي، أحمد، الاعتقاد والهداية، تق‍ : كمال يوسف الحوت، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ تاج العروس؛ الترمذي، محمد، سنن، تق‍ : أحمد محمد شاكر، القاهرة، 1398ه‍ ؛ التفتازاني، مسعود، شرح العقائد النسفية، تق‍ : محمد عدنان درويش دمشق، 1411ه‍ ؛ الجرجانـي، علي، شرح المواقف، القاهرة، 1325ه‍ ؛ جعفر بن حرب، مسائل الإمامة، تق‍ : باربيـه دي مينار، باريس، 1871م؛ الجوهـري، إسماعيل، الصحاح، تق‍ : أحمد عبد الغفور العطار، بيروت، 1399ه‍ ؛ الجويني، عبد الملك، الإرشاد، تق‍ : أسعد تميم، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ م.ن، غياث الأمم، تق‍‌ : مصطفى حلمي وفؤاد عبد المنعم، الإسكندرية، 1400ه‍ ؛ خلال، أحمد، المسند من مسائل الإمام أحمد، مخطوطة المتحف البریطاني، الرقم 4849.or؛ الخیاط، عبد الرحیم، الانتصار، تق‍ : نیبرغ، القاهرة، 1925م؛ الدهلوي، شاه ولي الله، حجة الله البالغة، تق‍ : سید سابق، القاهرة، دار الکتب الحدیث؛ الذهبي، محمد، میزان الاعتدال، تق‍ : علي محمد البجاوي، القاهرة، 1382ه‍ / 1963م؛ رضا، محمد رشید، الخلافة أو الإمامة العظمی، القاهرة، 1341ه‍ ؛ الرملـي، أحمد، نهایـة المحتاج، القاهـرة، مکتبـة مصطفـی البابي الحلبـي؛ السبکي، عبد الوهاب، معید النعم ومبید النقم، تقـ : محمد، علي النجار وآخرون، القاهرة، مکتبة خانجي؛ السرخسي، محمد، شرح السیر الکبیر، حیدر آباد الدکن، 1335ه‍ ؛ السیوطي، تاریخ الخلفاء، تق‍‌ : محمد محیي الدین عبد الحمید، القاهرة، 1371ه‍ ؛ الشاطبي، إبراهیم، الاعتصام، القاهرة، 1332ه‍ / 1914م؛ الشافعي، محمد، الأم، بیروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الشریف المرتضی، علی، الشافي، تق‍ : عبد الزهراء الحسیني، قم، 1410ه‍ ؛ الشهرستاني، محمد، الملل والنحل، تق‍ : محمد سید کیلاني، بیروت، 1395ه‍ ؛ م.ن، نهایة الأقدام، تق‍ : ألفرد غیوم، لندن، 1934م؛ الصنعاني، عبد الرزاق، المصنف، تق‍ : حبیب الرحمن الأعظمي، کراتشي، 1391ه‍ ؛ الطبري، تاریخ؛ م.ن، تفسیر؛ عثمان، محمد رأفت، رئاسة الدولة في الفقة الإسلامي، القاهرة، دار الکتاب الجامعي؛ عضدالدين الإيجي، عبدالرحمن، المواقف، بيروت، عالم الكتب؛ الغزالي، محمد، إحیاء علوم الدین، القاهرة، 1312ه‍ ؛ م.ن، الاقتصاد في الاعتقاد، بیروت، 1403ه‍ / 1983م؛ م.ن، فضائح الباطنیة، تق‍ : عبد الرحمن بدوي، الکویت، دار الکتب الثقافیة؛ القاضي عبد الجبار، المغني، تق‍ : عبد الحلیم محمود وسلیمان دنیا، القاهرة، 1916م؛ القرآن الکریم؛ القرطبي، محمد، الجامع لأحکام القرآن، القاهرة، 1387ه‍ / 1967م؛ القلقشندي، أحمد، مآثر الأنافة في معالم الخلافة، تق‍ : عبد الستار أحمـد فراج، بیروت، 1380ه‍ ؛ مانکدیـم، أحمد، [تعلیق] شرح الأصول الخمسـة، تق‍ : عبد الکریم عثمان، القاهرة، مکتبة وهبة؛ الماوردي، علي، الأحکام السلطانیة، القاهرة، 1978م؛ المتولـي، عبد الرحمن، المغني، تق‍ : مـاري برنان، القاهرة، 1986م؛ مسلم بن الحجاج، صحیح، تق‍ : محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، ضمن شرح العقائد (ظ: هم‍ ، التفتازاني)؛ المفید، محمد، الجمل، تق‍ : علي مير شريفي، قم، 1413ﻫ ؛ النسائي، أحمد، سنن، القاهرة، 1313ﻫ ؛ نصر بن مزاحم، وقعة صفین، تق‍ : عبد السلام محمد هارون، القاهرة، 1382ه‍ / 1962م؛ النوبختي، الحسن، فرق الشیعة، تق‍ : ریتر، إستانبول، 1931م؛ النووي، یحیی، روضة الطالبین، بیروت، المکتب الإسلامي؛ م.ن، شرح صحیح مسلم، القاهرة، المطبعة المصریة؛ م.ن، منهاج الطالبین، سنغافورة؛ الهیثمي، علي، مجمع الزوائد، بیروت، 1402ه‍ ؛ الیعقوبي، أحمد، تاریخ، بیروت، 1379ه‍ / 1960م؛ وأیضاً:

Kofler, H., «Handbuch des islamischen Staats und Verwaltungs- rechtes…», Islamica, Leipzig, 1934, vol. VI; Madelung, W., The Succession to Muħammad, Cambridge, 1996.
حسن أنصاري / غ

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: