الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبوبکر /

فهرس الموضوعات

أبوبکر

أبوبکر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/20 ۱۳:۴۴:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

وقد أثبت باحثو الشیعة – اعتماداً علی مصادر أهل السنة – أن فاطمة (ع) و منذ أن صودرت فدک بأمر من أبي بکر، احتجت علیه لحقّها فیها أمام أهل المدینة مراتٍ خلال حیاتها القصیرة. وفي أحد هذه الاحتجاجات أعلنت بنت النبي (ص) أمم المهاجرین و الأنصار أن فدک هي هبة النبي (ص) لها وجاءت بعلي والحسنین وأم أیمن شهوداً علی ذلک، وأضافت أنالحدیث الذي استند إلیه أبوبکر، أي: «نحن معاشر الأنبیاء لانورث»، لیس مما لم یسمع به أحد فحسب، بل هو مخالف لصریح القرآن (مریم/ 19/5-6؛ الأنبیاء/ 21/89؛ النمل/ 27/16)، إلا أن أحداً لم یعر کلامها اهتماماً، بل إن بعض الحاضرین تفوّه بکلام غیر لائق. والأعجب من ذلک أن یطلب أبوبکر إلی فاطمة (ع) لقضیة فدک أن تقدم شاهداً، ولایطلب أحد إلی الخلیفة تقدیم دلیل علی صحة حدیث «نحن معاشر …» (القزویني، 41-46). وقد آلم هذا التصرف و کذلک تصرف من أرسلهم للهجوم علی دار علي (ع) لأخذ البیعة منه، قلب فاطمة (ع) وأغضبها إلی الحد الذي لم تکلم معه أبابکر حتی نهایة حیاتها و منعته و عائشة من حضور جنازتها والمشارکة في دفنها (المحقق الکرکي، 78؛ الأمین، 1/314؛ أیضاً ظ: البخاري، 5/82؛ مسلم، 2/1380؛ ابن حجر الهیتمي، 25؛ ابن أبي الحدید، 16/218).

وفضلاً عن هذه الاحتجاجات، اعتبر علماء الشیعة ماورد في کتب الحدیث والتاریخ الشیعیة و السنیة بشأن إعادة فدک إلی أهل البیت دلیلاً واضحاً علی صدق دعوی فاطمة (ع). وفي إحدی المرات وبعد استماع أبي بکر لأدلة فاطمة (ع)، کتب – و هو یبکي – سنداً لتملیک فاطمة (ع) فدک، إلا أن عمر وصل في تلک اللحظ وبعد اطلاعه علی الأمر احتج علی أبي بکر قائلاً: أتنفق من بیت مال المسلمین؟ ألا تری أن العرب قد انبرت لحربک؟ ثم أخذ السند و مزّقه (الحلبي، 3/362). وقد شکک لامنس مستنداً إلی ماورد في تاریخ الذهبي والصواعق المحرقة بهذا الشأن بصدق نیة أبي بکر في إعادة فدک، وأضاف أن فاطمة (ع) کانت واثقة من أن هذین الاثنین کانا متفقین مسبقاً بهذا الشأن (ص 138، ها 3). وقد روت مصادر الشیعة نفس الخبر مع اختلافات مهمة نسبیاً منها أن عمر خلال أخذه السند من ید فاطمة (ع) ضربها ضربة أسقطت جنینها و توفیت بعد ذلک بأشهر (المفید، الاختصاص، 185؛ قا: الطبرسي، أحمد، 1/121-122). وبعد سنوات أعاد عمر بن عبدالعزیز الخلیفة الأموي (خلافته: 99-101هـ) و بعده أبوالعباس السفاح أول خلیفة عباسي (خلافته: 132-136هـ) ومن ثم المهدي العباسي (خلافته: 158-169هـ)، وکذلک المأمون العباسي في سنة 210هـ، فدک إلی بني فاطمة (یاقوت، 3/857-858).

وقد اعتبر بعض علماء أهل السنة مصادرة فدک و التصرف بها من باب الاجتهاد و ضمن حدود صلاحیات الخلیفة، إلا أن الشیعة انتقدوا بشدة هذا العمل و عدّوا إیذاء فاطمة (ع) الذي هو استناداً إلی قول النبي (ص) إیذاء لله و للرسول، من الکبائر و من الطعون علی أبي بکر، آخذین بنظر الاعتبار أنها کانت المصادرة الوحیدة التي تمت علی عهد أبي بکر، وفي مقابل ذلک وردت أخبار عن البذل و العطاء من بیت المال لتثبیت دعائم الخلافة (ظ: ابن أبي الحدید، 1/222؛ المفید، الجمل، 59).

 

إنفاذ بعث أسامة

کان أول أو ثاني إجراء رسمي وحکومي اتخذه أبوبکر بعد مصادرة فدک، إنفاذ بعث أسامة. فالخلیفة رغم الاضطراب الحادث في الجزیرة العربیة (ارتداد بعض القبائل، ظهور مدعي النبوة، عصیان الیهود والنصاری، اضطرابات أخری محتملة)، و خلافاً لوجهة نظر مستشاریه، عمر وأبي عبیدة اللذین اعتقدا أن إنفاذ بعث أسامة في تلک الظروف الدقیقة أمر بعید عن الحیطة، کان علی مایبدو یری ذلک العمل ضروریاً لتنفیذ أوامر النبي (ص)، وقد ردّ علی معارضیه بقوله: «والذي نفس أبي بکر بیده، لوظّننت أن السباع تخطفني لأنفذتُ بعث أسمامة کما أمر به رسول الله…» (الواقدي، 2/1121؛ الطبري، ن.م، 3/225-226؛ ابن حبان، 2/161؛ العظم، 24-25؛ فیاض، 133). ولذا فقد ذهب أبوبکر بنفسه إلی معسکر الجرف و من هناک أشخصَ الجیشَ وشیّعه و هو ماش وأسامة راکب و عبدالرحمان بن عوف یقود دابة أبي بکر. وحین انتهي من تودیع أفراد الجیش أوصاهم بمراعاة عدة أمور، ثم طلب إلی أسامة أن یأذن له ببقاء عمر في المدینة لمساعدته، فأذن له (الواقدي، 2/1121-1122؛ الطبري، ن.م، 3/226-227؛ ابن حبان، ن.ص). واستناداً لروایة الواقدي فإن أبابکر امتنع عن إصدار أمر خاص لأسامة واکتفی بالقول له: أنفذْ أمر رسول الله (ص) فإني لست آمراک ولا أنهاک عنه و إنما أنا منفذ لأمر أمر به رسول الله (2/1122). عند ذلک شن أسامة غارة علی أُبنی (= خان الزیت حالیاً) و بعد أن اجتاز أرض بني جهینة و بني قضاعة الذین کانوا مسلمین هاجم بغته العدوَّ منادیاً بشعار: یامنصور أَمِتْ، وبعد 35 أو 40 أو 70 یوماً عاد منتصراً إلی المدینة. وقد عادت هذه الحملة في تلک الأیام الملأی بالاضطراب بالنفع العظیم علی المیلمین و الدولة الإسلامیة (م.ن، 3/1122-1125؛ الطبري، ن.م، 3/226-227؛ ابن الأثیر، الکامل، 2/335-336؛ EI1، ماده أسامة).

 

ارتداد القبائل

لم یکن نبأ وفاة النبي (ص) قدبلغ کل أرجاء الجزیرة العربیة حتی صدرت في کثیر من أماکنها ردود أفعاله مختلفة. ورغم أن دوافع وأهداف ردود الأفعال هذه کانت متباینة فیما بینها، إلا أن أغلب مصادر أهل السنة تدعوها جمیعاً بالردّة (الطبري، ن.م، 3/241؛ ابن الأثیر، ن.م، 2/342-343؛ دروزة، 38)، لکن نفس هذه المصادر ذکرت أن کثیراً ممن حاربهم أبوبکر بتهمة الردة کانوا یؤدون الصلاة، أي أنهم کانوا مؤمنین بالتوحید والنبوة. ووفقاً لقول ابن کثیر (6/311) فإن أصحاب الحدیث – سوی ابن ماجه – ذکروا أن عمر قال لأبي بکر: کیف تخالف أمر النبي بقتال الناس الذین یشهدون بالوحدانیة لله وبرسالة محمد (ص)؟ فأجابه أبوبکر: … واللهِ، لأقاتلنّ مَن فرّق بین الصلاة والزکاة. کما أورد الطبري أن مجامیع من الدعراب قدموا المدینة و کانوا یقرّون بالصلاة ویمنعون الزکاة (ن.ص)، وکان من بینهم من امتنع عن أداء الزکاة لعدم قبوله بخلافة أبي بکر (ن.م، 3/246: ابن کثیر، ن.ص). کما لم یعتبر بعض باحثي أهل السنة الدوافع إلی هذا الاضطراب والمعارضة بمستوی واحد، ومیزوا بین المجامیع التي أصبحت مترددة في الإیمان بالدین الإسلامي نفسه، أو الذین کانوا قد أعرضوا عنه و بین الذین کانوا قلقین علی قضیة الخلافة والسلطة الاستبدادیة القبلیة وانحراف الإسلام وأخیراً الخوف علی مستقبلهم (حسن، 344-345؛ دروزة، 39؛ أوج أوک، 36-38). وقیل إن القبائل العربیة التي أصبحت في یأس من مستقبلها عندما شاهدت التنافس و الصراع بین الأنصار والمهاجرین، وبین بني عبد مناف (بني هاشم و بني أمیة) و بقیة قبائل قریش (بني تیم و بني عدي و بني فهر) و بین الأوس و الخزرج، ووجدت آمالها في الخلافة قد ذهبت سدیً، رفعت رایة العصیان ووقف الکثیر من أبنائها في مواجهة سلطة أبي بکر امتنعوا عن دفع الزکاة له ظناً منهم أنها إتاوة، ذلک أن بعضهم کان یظن أن وضع قریش لن یتحسن بعد وفاة زعیمهم ولم یکن لیروق لهم أن تسیطر علیهم قریش باسم الذین و تسلبهم الحریة. وبهذا انتشر التمرد علی حکومة قریش بین القبائل، حیث أصبح مرکز الإسلام عرضة للفناء واقتصرت منطقة نفوذه علی المدینة و مکة والطائف و بني عبدالقیس (حسن، ن.ص؛ قا: أوج أوک، 38-39).

وقسّم الباحثون بإنعامهم النظر في الرایات، أهلَ الردة علی أساس دوافعهم و أهدافهم إلی عدة مجامیع: 1. الذین کانت وفاة النبي (ص) مفاجئة و مثیرة للدهشة لدیهم، و تزعزع إیمانهم و إسلامهم بعد رحیله؛ 2. الذین کانوا یظنون أنهم تعهاهدوا مع النبي (ص) نفسه وأن هذا العهد قد انتهی بوفاته؛ 3. الذین کانوا یظنون أن منعة الإسلام و شوکته قد انتهت ولم تعد هناک ضرورة لمواصلة الارتباط به؛ 4. الذین اسکتبروا عن إطاعة أبي بکر و کانوا یمتنعون عن دفع الزکاة له، مع بقائهم علی إیمانهم وإسلامهم و أدائهم بقیة واجباتهم‌الدینیة؛ 5. أولئک الذین انصاعوا لسلطة النبي (ص) متأثرین بالعصبیة القبلیة وأطماعهم المادیة و الدنیویة وأصبحوا یفضّلون الآن وبعد ظهور أنبیاء مزیفین من قبائلهم أو القبائل المتحالفة معهم، الانضمام إلی نبي من أنفسهم بدل اتّباع نبي قرشي (دروزة، ن.ص).

ویری البعض أن سکان الجزیرة العربیة – عدا المسلمین الراسخین – کانا آنذاک ثلاث فرق: 1. فریق ارتد عن الإسلام تماماً؛ 2. فریق امتنع عن أداء الزکاة فقط، إلا أنه کان یؤمن بالصلاة؛ 3. الأکثریة و کانوا في حالة ترقب. وقد دعا رواة التاریخ الفریقین الأول والثاني بالمرتدین بشکل متساو (الطبري، ن.م، 3/241؛ فیاض، ن.مص؛ للاطلاع علی مزید من تفاصیل الحوادث المتعلقة بأهل الردة، ظ: الطبري، ن.م، 3/241-342).

کما عدّ البعض قسماً من هذه الحروب و کذلک قتل مالک بن نویرة علی ید خالد بن الولید و تأیید أبي بکر لخالد، مخالفاً للکتاب و لاسنة و مما یعاب علیه (الشریف المرتضی، 4/161-167). ورأي بعض کبار الصحابة و أهل السنة مثل أبي قتادة الأنصاري و عبدالله بن عمر، و حتی عمر نفسه بشأن قتل مالک یتطابق ورأي علماء الشیعة (الیعقوبي، 2/131-132؛ الطبري، ن.م، 3/278-280؛ ابن الأثیر، أسد الغابة، 4/295-296؛ أبوالفداء، 2/65).

وعلی أیة حال، فإن الدخبار المتعلقة بما أطلق علیه اسم فتنة الردة، مضطربة جداً في أسماء الأشخاص والمواضع و التواریخ، خاصة تقدم الحوادث وتأخرها. ویدل هذا الاضطراب علی أن هذه الأخبار دونت بعد زمن طویل من وقوعها، ویحتمل أن تکون الأیدي قد تصرفتفیها. ومع هذا یمکن معرفة الخطوط العامة ونتائج هذه الحوادث و آثارها من نفس هذه الروایات المختلفة. واستناداً إلی بعض روایات الطبري فإنه عدا قبیلتي قریش وثقیف، ارتدت جمیع العرب إلا القلیل (ن.م، 3/242)، لکن یبدو أن نطاق الارتداد لم یکن بتلک الدرجة من الاتساع، ویشتشف من دراسة الرایات أن أغلب القبائل المحیطة بالمدینة أو القریبة منها وغالبیة القبائل المقیمة بین مکة والمدینة، وکثیراً من قبائل الیمن و نجد وتهامة، وکثیراً من أرهاط القبائل الذین کانوا قد ارتدوا في هذه البقاع الثلاث ظلوا علی إیمانهم ووفائهم للإسلام. و ظلت مکة والطائف اللتان کانتا مشرفتین علی السقوط في منحدر الردة، باقیتین علی الإسلام بفضل زعمائهما، بل استطاع ولاة مکة والمدینة إخماد فتن أعراب مدلج و خزاعة وکنانة والأزد التي کانت في طریقها إلی التأجج في هاتین المنطقتین و المنطقة الساحلیة من الحجاز، وهکذا تمکن أبوبکر من النجاح في إطفاء نیران هذه الفتن (ابن هشام، 4/317؛ دروزة، 41-42؛ للاطلاع علی التفاصیل، ظ: الطبري، ن.م، 3/241-342).

نشبت أول معرکة مع أهل الردة – بعد الحرب مع الأسود العنسي – في جمادی الأولی أو الثانیة سنة 11 في ذي القصة (علی بعد مرحلة من المدینة)، وعندما کان أبوبکر یترقب عودة جیش أامة ویشجع بإرساله الکتب و المبعوثین، عمال الحکومة علی الثبات و المقاومة في مواجهة المرتدین، بلغه أن خارجة بن حصن الفزاري بمساعدة بني غطفان هجم علی عامل الصدقات وسلبه الأموال و أعادها إلی بني فزارة. وکان هناک خوف من هجوم مباغت للأعداء علی المدینة، ذلک أن مبعوثي المرتدین الذین کانوا قد قدموا المدینة للحوار مع أبي بکر، أوصلوا إلی قبائلهم نبأ ضعف المسلمین، وألقوا في أنفسهم فکرة مهاجمة المدینة. ولذا فقد أمر أبوبکر أن یکون المسلمون علی أهبة الاستعداد في المسجد، واختار علیاً (ع) والزبیر و طلحة عبدالله بن مسعود لیقفوا علی مداخل المدینة لیصدوا العدو عن دخولها. ولم تمض 3 أیام علی عودة مبعوثي القبائل من المدینة حتی هجم المرتدون علیها لیلاً. فأصدر أبوبکر أمراً إلی حماة المداخل بالبقاء في أماکنهم و هجم هو بصحبة المتجمعین في المسجد ممن کانوا جمیعاً علی الإبل و طاردهم حتی ذي حسی. ورغم هزیمة مقاتلي مقدمة جیشه، إلا أن المسلمین طردوا الأعداء أخیراً واستولوا علی أغلب إبلهم و تبعوهم حتی ذي القصة، وعندها عاد الخلیفة إلی المدینة بعد أن عیّن فریقاً هناک. و کان هذا أول انتصار للمسلمین في حروب الردة أدی إلی ازدیاد رباطة جأش المسلمین وذل المشرکین (ن.م، 3/241-246؛ أبوعلي مسکویه، 1/163-164؛ ابن الأثیر، الکامل، 2/344-345). 

وبعد عودة بَعث أسامة من مؤتة ووصول ثلاثة من عمال الصدقات إثر بعضهم (صفوان في أول اللیل؛ الزبرقان في منتصف اللیل؛ عدي في آخر اللیل)، تابع الخلیفة بشکل جدي حربه مع الأعداء و المعارضین (الطبري، ن.م، 3/247). فعین أسامة علی المدینة بدلاً منه، وذهب هو مع من کان قد وضعهم في المداخل نحو ذي حسی و ذي القصة. و بعد إلحاقه الهزیمة بمتمردي الربذة واندحار عبس و بني بکر و بني ذبیان، عاد إلی المدینة منتضراً، و جعل منطقة الأبرق التي کانت لبني ثعلبة کذلک منطقة الربذة التي کانت مرعیً عاماً بادئ الأمر، ثم أصبحت مرعی للدواب، تعودان لبیت المال (ن.م، 3/247؛ أبوعلي مسکویه، 1/165).

وبعد هذه الانتصارات عقد الخلیفة في ذي القصة الألویة و قسمها إلی 11 لواءً بأسماء أحد عشر قائداً وأرسلهم علی النحو التالي: 1. خالد ابن الولید إلی نجد لحرب طلحة بن خویلد و من ثم إلی البطاح لحرب مالک بن نویرة؛ 2. عکرمة بن أبي جهل إلی الیمامة لحرب مسیلمة؛ 3. المهاجر بن أبي أمیة إلی الیمن لحرب الدسود العنسي و من ثم إلی کندة؛ 4. خالد بن سعید بن العاص إلی الحَمْقَتَین من مشارف الشام؛ 5. عمرو بن العاص لحرب مجامیع قضاعة وودیعة والحارث؛ 6. حذیفة ابن محصن إلی أرض دَبا؛ 7. عرفجة بن هرثمة إلی مهرة؛ 8. شُرَحبیل بن حَسَنة في إثر عکرمة لیتولی أمر المتردین من قضاعة بعد فراغه من الیمامة؛ 9. طریفة بن حاجز إلی بني سُلَیم و من کان معهم من هوازن؛ 10. سوید بن مقرّن إلی تهامة الیمن؛ 11. العلاء بن الحضرمي إلی البحرین (الطبري، ن.م، 3/249؛ أبوعلي مسکویه، ن.ص). وخلال ذلک أُخذت قیادة جیش الشام من خالد بن سعید و سُلمت إلی یزید بن أبي سفیان بعد اعتراض عمر و إصراره، ذلک أن خالداً کان قد هبّ لتأیید علي (ع) وقت البیعة و لم بیایع أبابکر إلی شهرین أو ثلاثة بعد ذلک (إلی حین بیعة بني هاشم) (ابن سعد، 4/97؛ البلاذري، أنساب، 1/588؛ قا: ابن الأثیر، أسد الغابة، 2/84).

أصدر أبو بکر أمراً إلی قادته أن یعبّئوا القبائل المسلمة التي في طریقهم و یصطحبوهم معهم، کما وجّه کتاباً إلی القبائل و الأرهاط العربیة المرتدة، وقبل تحرک الجیوش، أرسل ذلک الکتاب مع رسل إلی جمیع أرجاء الجزیرة العربیة. وفي هذا الکتاب انبری – بعد البسملة و ذکر اسمه بوصفه «خلیفة رسول الله» وحمدالله و ذکر الشهادتین – لمدح الإسلام، و بیّن مستشهداً بآیات من القرآن أمر وفاة النبي (ص)، وبیّن من خلال تعریفه بالقائد المرسل إلی تلک المنطقة المهمة المکلّف بها و عقوبة المرتدین، وأمر أهلها بالتوبة وإعلان الإسلام عن طریق الأذان ودفع الزکاة (الطبري، ن.م، 3/250-251). وفضلاً عن هذا الکتاب أرسل أیضاً کتباً باسم کل واحد من قادة الجیوش، وردت في کل منها الأوامر والوصایا اللازمة بشأن کیفیة دحر الجیوش، ومراعاة الأخلاق الإسلامیة في معاملة المقاتلین و الثبات في تنفیذ المهمات (ن.م، 3/251-252).

وکان أبوبکر نفسه – و کما أمر قادة الجیوش – و رغم ظاهره السمح والمعتدل، حازماً جداً في قمع المتمردین و معاقبتهم. فاستناداً إلی الروایات یوضح تعامله مع الفجاءة السلمي (إیاس بن عبد یا لیل) هذا الکلام: ذهب إیاس إلی أبي بکر و أخذ منه سلاحاً و عتاداً لیقاتل أهل الردة، إلا أنه أغار علی المسلمین بتلک العدة، فأمر أبو بکر بعد إلحاقه الهزیمة به وإلقاء القبض علیه أن تضرم نار علی حطب کثیر في مصلی المدینة ثم رمی به فیها مقموطاً (ن.م، 3/264؛ أبوعلي مسکویه، 1/168؛ ابن الأثیر، الکامل، 2/350-351).

شرع أبوبکر بقمع معارضي حکومته وأعداء الإسلام واستطاع بمساعدة المسلمین أن یخمد التمرد في المناطق القریبة في فترة قصیرة (من جمادی الأولی أو الثانیة سنة 11 إلی أواخر نفس السنة)، والاضطرابات في المناطق الأکثر بعداً، وأیضاً فتن الأنبیاء المزیفین – الأسود العنسي وطلیحة بن خویلد و سجاح و مسیلمة (ن.ع.ع) – حتی منتصف السنة التالیة. وخلال سنة فقط جعل الجزیرة العربیة، کما في زمان النبي (ص)، بأسرها تحت رایة الإسلام (للاطلاع علی تفاصیل هذه الانتصارات، ظ: البلاذري، فتوح، 89-115؛ الطبري، ن.م، 3/227-342؛ ابن الأثیر، ن.م، 2/336-383؛ أوچ أوک، مخـ؛ دروزة، 38-65).

 

الفتوحات خارج الجزیرة العربیة

بعد أن أخمد أبوبکر الفتن الداخلیة، قرر السیطرة علی العراق و الشام، وکانت الأرضیة قد مهدت من شتی الجوانب قبل ذلک بسنوات لفتح تلک البلدان: فمن جانب کان النبي (ص) خلال حفر الخندق حول المدینة (شوال 5/ آذار 627)، قد بشر بفتح قصور الیمن والشام وإیران (الواقدي، 1/450)، وکان المسلمون قد رأوا حتی ذلک الحین بأمهات أعینهم تحقق قسم من هذا الوعد (فتح الیمن) بشکل واضح. ومن جانب آخر حدوث معرکة ذي قار (موضع جنوبي الکوفة قرب الفرات) التي هزم فیها بنو شیبان من قبیلة بکر بن وائل (من عرب ربیعة) فریقاً من الجیوش المنظمة لکسری أبرویز (تزامناً مع البعثة النبویة)، مما کان یعد من مفاخر و ملاحم العرب. وقیل إن النبي (ص) أیضاً کان قد سُرَّ آنذاک لسماعه نبأ الانتصار ذاک (الطبري، ن.م، 2/193-212؛ أبوعلي مسکویه، 1/135؛ ابن الأثیر، ن.م، 1/482-483، 489-490)، وقیل إن هذا الانتصار البسیط في ظاهره أیقظ روح الثقة بالنفس لدی العرب في مواجهة الإیرانیین و أثارهم بشکل استطاعوا معه سریعاً اجتیاز حدود الإمبراطوریة الإیرانیة والانتصار علی الفرسان الساسانیین المدججین بالسلاح (تقي‌زاده، 130-132)، وکذلک تقدم المسلمین بقیادة النبي (ص) إلی تبوک بأرض الروم (صیف 9 هـ/ 630م)، وتغلغل جیش أسامة بن زید في حدود الشام وعودته منتصراً (11هـ/632م)، هوّن أمر الحرب مع الروم في عیون المسلمین، ویحتمل أن یکون الخلیفة والمسلمون قد رأوا في اهتمام النبي (ص) الخاص بإرسال الجیوش إلی أرض الروم الذي تجلی في غزوتي مؤتة وتبوک، وبشکل خاص في رغبته وإصراره علی إرسال بعث أسامة، دلیلاً علی رغبة النبي (ص) في هذه الفتوح واعتبروا تحقیق هذه الرغبة شکلاً من أشکال الفرائض (ظ: EI1).

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: