الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب الفارسی / آدم /

فهرس الموضوعات

و في القرون الوسطی فَقَد أسلوب التفسیر و الشرح المجازي و التمثیلي للعهد الهلیني مجده و مکانته. واعتمد أهل الکلام الیهود علی نصوص التوراة إثر تعرفهم علی الآراء الکلامیة الاسلامیة، و بادروا الی تفسیر روایاتها و عباراتها بالشکل الذي وردت فیه. ویعدّ سعدیه الفیّومي (268 331ه/882 942م) الانسان ذروة في کمال الخلق و موضع الرعایة و الرحمة الالهیة الخاصة. و من منطلق هذه الرعایة منح اللَّه آدم الروح و قدرة التمییز، و وهبه حریة الارادة لیختار الخیر من الشر، معیاره و میزانه في هذا الاختیار هو الأحکام الالهیة للتوراة. و علی هذا الاختیار تقوم سعادته و شقاؤه (اپستاین، 200 201).

و هنا لایغیب عن البال أسطورة «الشعب المختار» فیهودا هلفي (478 534 أو 535ه/1085 1140م) الطبیب و الفیلسوف الیهودي الأندلسي یعتقد بأن کل نوع من الأفانیم الأربعة في الطبیعة (الجماد، النبات، الحیوان، الإِنسان) یملک جزءاً أفضل و أکمل من سائر الأجزاء. و یتحقق هذا الکمال – في بني آدم – في الأفراد الذین یتمتعون بروح النبوة و القوة الإِلهیة، و هي القوة التي تجعل الانسان قادراً علی إقامة صلة و طیدة باللَّه، وقد ورثها أولاد یعقوب (إسرائیل) عن أدم. و هذه المیّزة جعلت الیهود یفضّلون علی جمیع الشعوب الأخری ویتمیزون عنهم. ولکن هذه القوة لاتتحقق و تکون مؤثرة ما لم ترتوي من الأحکام الإِلهیة (التوراة) و یتم نموها في «الأرض الموعودة» (جودائیکا، 2/236 238؛ اپستاین، 205 206).

و کذلک فان موسی بن میمون (529 601 أو 600ه/1135 1204م) الذي یشرح و یفسر مضامین التوراة في کثیر من الحالات تفسیراً تمثیلیاً یقول عن آدم: إن خلقه «علی شکل‌اللَّه» إشارة الی کماله العقلي لا الشبه الجسمي. فقد وصل عقله قبل ارتکاب الخطیئة الی ذروة الکمال و کان منهمکا بکل وجوده في التفکر و التأمل في الحقائق الطبیعیة و ماوراء الطبیعة. فارتکابه الخطیئة في الحقیقة میل منه الی اللذات الجسمیة. و سعیه في ارضاء شهواته، حال دون تفکیره بالحقائق الالهیة، وأیقظ عقله العملي الذي کان حتی ذلک الحین غافیاً و جعله نشیطا. فبادر الی التجارب العملیة بدلاً من التعقل النظري. واتجه الی القیم و الأمور الاعتباریة بدلاً من الحقائق، وانشغل بالتمییز بین الخیر و الشر و الربح و الخسارة بدلاً من معرفة الحق و الباطل. و مال الی المسائل الأخلاقیة و السیاسیة بدلا من التفکیر بالطبیعة و ماوراء الطبیعة، و من الواضح أن موسی بن میمون یری العقل العملي أقل منزلة من العقل النظري. والعقوبة التي نالها آدم کانت لعزوفه عن العقل النظري و التفکیر بالحقائق الالهیة، و توجهه نحو العقل العملي والرغبات الجسمیة، و بناءاً علی ذلک فان ما جاء حول آدم في التفاسیر التعلیمیة للانجیل و فصول التَلمود قد فُسِّرَ أیضاً تفسیراً مجازیاً وتمثیلیاً. فوصفت الحیة في التفاسیر المذکورة بشکل حمل یمتطیه «سمائیل» (ابلیس). و یقول موسی بن میمون حول ذلک ان «الحیة» مظهر القوة الموهمة، و سمائیل مظهر القوة الشهویّة، و شجرة الحیاة التي وصفت في التفاسیر المذکورة ماهي إلّا مظهر للطبیعة، و ما اعضاؤها إلّا مظهراً لماوراء الطبیعة، بینما شجرة معرفة الخیر و الشر هي مظهر العقل العملي، و بدلاً من أن یأکل آدم من ثمر شجرة الحیاة و ینال الخلود، أکل من شجرة معرفة الخیر والشر التي نهي عنها و کف عن التفکیر بالحقائق الأفضل و اتّجه نحو العقل العملي إثر استسلامه للرغبات الجسمیة.

واستمر التفسیر التمثیلي لحیاة آدم في الفترات التالیة. فکان یوسف البو الفیلسوف الیهودي الاندلسي (القرن 9ه/15م) یقول إن آدم نموذج لأول إنسان، وأفضل وأکمل مخلوقات هذا العالم والهدف من خلق العالم هو وجوده، وخلقت الموجودات الأخری لخدمته. وهو یعتقد أیضاً بأن قصة حیاة آدم، ماهي إلّا تمثیل لوضع الانسان في هذا العالم. فجنة عدن في رأیه تدل علی هذا العالم. کما یدل آدم علی الجنس البشري. أما شجرة الحیاة فهي الشریعة (التوراة)، والحیة مظهر الشهوات. وحیاة آدم في جنة عدن التي أُقیمت في وسطها شجرة الحیاة تشیر الی وجوب التزام الانسان باحکام الشریعة في هذا العالم. أما خروجه من جنة عدن بعد عصیانه فهو کنایة عن العقاب الذي یناله الانسان بعد العصیان والغفلة عن الاحکام الإِلهیة (جودائیکا، 2/238 240؛ اپستاین، الفصل 18).

وآدم في المدرسة العرفانیة الیهودیة المتأخرة المعروفه به «قبّالا» جامع لجمیع الصفات و الأعمال الالهیة ومظهر لها. ولذلک فهو علة الخَلق وأساس عالم الوجود. وبناءاً علی نظریات هذه المدرسة فالذات الالهیة في کتاب زهر لها حالتان: حالة عدمیة، غیر محدودة وبحتة وبسیطة ومجهولة و «أخفی المخفیات» ولذلک تسمی بـ «اللامتناهیة» وحالة وجودیة وتشتمل علی صفات وأسماء وأعمال لاتحصی ولانهایة لها. والحالة الوجودیة في 10 أصول روحیة و 10 مظاهر نوریة (تدعی السفیروث) تصدر عن الحالة العدمیة (اللامتناهیة). وتُقسم مجموعة هذه المظاهر (السفیروث) في الترتیب العمودي الی 3 فئات: عمود الیمین وعمود الوسط وعمود الشمال، وفي الترتیب الأفقي الی 3 فئات: العقلي و الحسي و الطبعي. وفیمایلي تخطیط تفصیلي للحالة العدمیة «اللامتناهیة».

 

ویوجد بین هذه المظاهر نوع من الثنائیة «الجنسیة» (کنایة عن جانبیها الفعال و المنفعل) أي أن التاج والحکمة والقدرة والنصرة «مذکرة»، والتمییر والمحبة والجلال والملکوت «مؤنثة». وینتج من اتصال الحکمة بالتمییز، العلم (والذي لیس من السفیروث لأسباب) ومن الزوج الثاني الرحمة ومن الزوج الثالث، الأساس. وکل ما في الحکمة والتمییز یتحقق ویقبل الفعلیة في العلم، وکل ما في القدرة والمحبة یتحقق ویقیل الفعلیة في الرحمة وکل ما في النصرة والجلال یتحقق ویقبل الفعلیة في الأساس. والتاج والملکوت بدایة و نهایة هذه المجموعة. التاج مظهر الناحیة العدمیة في عالم الصفات والتجلّیات، والملکوت والذي یطلق علیه الشِکینا (الحضور الالهي) أیضاً مظهر حضور و وجود صفات اللَّه في عالم الخلق والناحیة الوجودیة التي هي عالم الصفات والأسماء و الأعمال الالهیة هي الناحیة الایجادیة و «الکلمات» الخلاقة للرب. ویبدو هذا العالم أحیاناً بصورة شجرة (الشجرة «الالهیة» التي تکون جذورها في الناحیة العدمیة). وأحیانا بصورة إنسان فوق رأسه التاج. وتحت قدمه الملکوت وتشکل المظاهر الأخری أعضاءه. وهذه الصورة الانسانیة التي تجمع الأسماء والصفات الالهیة تسمّیٰ آدم القدیم (والذي یُدعی أحیانا آدم العلوي أو «آدم القدیم العلوي» أیضاً). وهو الواسطة والوسیلة لخلق العالم. فعالم الخلق في الحقیقة هو عالم ظهور وتجلي الصفات والأعمال في قالب الأشکال و الصور. ولذلک یدعی «عالم التفریق» (مقابل عالم الصفات و التجلّیات التي هي عالم التوحید). وقد خُلق عالم الخلق علی أساس عالم الصفات، وکل مایحدث في عالم الخلق یستمد وجوده وحیاته من عالم الصفات و التجلیات أي من «آدم القدیم» وهو أساس هذا العالم، وأجزاء وعناصر هذا العالم هي أجزاء وعناصر جسده، باعتبار أن العالم هو آدم الکبیر وآدم هو العالم الصغیر. فآدم، أي الانسان الأول في هذا العالم والذي هو مطهر «آدم القدیم»، أعلی وأکمل مجلی للصفات والأسماء الألهیة، ویشتمل علی جمیع عوالم ومراتب الوجود (العقلیة والحسیة والطبعیة). والهدف في هذه المدرسة من خلق آدم بصورة الرب والذي ورد في سفر التکوین إشارة الی مظهره وشموله هذا. لقد کان عالم الخلق في البدایة غیر مادي و روحیّاً. لکن آدم الذي أصبح مفتونا بالخلق في عالم التفریق وغفل عن أصله عصی فسقط یسقوطه ومعصیته کل عالم الخلق الروحي وأصبح مادیاً وجسمیاً (وخروج آدم من الجنة کنایة عن هذا الأمر). وتفککت نتیجة لهذا السقوط الوحدة والتماسک الأولیین للخلق. وانفصل العالم الجسمي عن العالم الروحي وأصبح الشکینا (الحضور الالهي) غریباً، وعمَّ العالم الشر و الفساد والظلم، ولکن الانسان الذي یملک اصلاً الهیاً. والذي هو المظهر الأعلی والمجلی الکامل لصفات اللَّه سیعود أخیراً الی کماله العقلي والأخلاقي بالتقوی والعبادة واتباع الشریعة (التوراة). وسیعود بمعونة «المسیح» الی أصله. وسیستعید عالم الوجود وحدته وتماسکه الأولیین. وکما قال النبي زکریا (14: 9) «في ذلک الیوم یکون الرب وحده واسمه وحده» (شولم، 211 243؛ اپستاین، الفصل 19؛ سرڤیا، 70 89).

وقد وردت إشارات في التوراة أیضاً عن وجود «آدم روحي» قدیم وأزلي مقابل آدم جسمي، ذلک أن حرقیال (1: 26) تحدث عن صورة «مثل صورة الانسان» في عروجة الی السماء ومشاهدة العوالم الروحیة. ویعتقد فیلون الاسکندري، الفیلسوف الیهودي (النصف الأول من القرن الأول المیلادي) أیضاً بوجود آدمین «علوي» و «سفلي» ویقول ان الذي أخرج من الجنة کان آدم السفلي. وان آدم العلوي لایزال في الجنة (ظ: هستنجز، 1/86 الهامش).

 

المصادر

ظ: مادة آدم في المسیحیة (المقالة نفسها).

فتح‌اللَّه مجتبائي

 

2. آدم في المسیحیة

إن اساس النظریات التي تشاهد في الأناجیل وسائر أقسام العهد الجدید عن آدم هي بمجموعها نفس المواضیع التي وردت عن خلق آدم ومعصیته وخروجه من الجنة في عدد من الاصحاحات الأولی من سفر التکوین. وقد أولی المتکلمون المسیحیون منذ البدایة هذا الموضوع اهتماماً کبیراً، ذلک أن عدداً من أهم البحث و الکلامیة في المسیحیة کمسألة شخصیة وطبیعة المسیح، ومسألة «الخطیئة الأولیٰ». وموضوع الرعایة والعفو الالهیین لها علاقة وثیقة بخلق آدم وحیاته.

وقد دعي آدم في انجیل لوقا (3: 38) و خلال سرده لسلسلة نسب عیسی بـ «ابن الله». وکذلک جاء في نفس الانجیل وأثناء حدیثه عن تعمید یحیی لعبسی و نزول روح‌القدس علیه (3: 21 22؛ وأیضاً مرقس، 1: 11؛ متی، 3: 16؛ یوحنا، 1: 31 34). وکان صوت من السماء قائلاً: «أنت ابني الحبیب الذي به سررت» ولذلک دعي عیسی وآدم کلاهما بابن الله. ومهما کان معنی هذا «الابن» فهو ینمّ عن نوع من الصلة بینهما. و هي صلة تتضح الی حد ما في رسائل بولس الرسول بالمقارنة بین آدم و المسیح. و بناءاً علی ما أورده بولس في الرسالة الأولی إلی أهل رومیة (5: 12 22) و الرسالة الأولی الی أهل کورنثوس (15: 21 22)، «کما بمعصیة الانسان الواحد (آدم) جعل الکثیرون خطاة، هکذا أیضاً باطاعة الواحد (عیسی) سیجعل الکثیرون أبراراً» «لأنه کما في آدم یموت الجمیع هکذا في المسیح سیحیا الجمیع» (الرسالة الأولی الی أهل کورنثوس، 15: 22). ویشیر بولس في مقارنته بین آدم والمسیح الی عبارة سفر التکوین (2: 7) بقوله: «صار آدم الانسان الأول نفساً حیة، و آدم الأخیر روحاً مُحیاً… الانسان الأول من الأرض ترابي والأنسان الثاني الرب من السماء… وکما لبسنا صورة الترابي سنلبس أیضاً صورة السماوي» (الرسالة الأولی الی أهل کورنثوس، 15: 45 49). و بذلک فان ما أَشیر إلیه في روایات ما بین العهدین حول مسألة الخطیئة الأولی أي معصیة آدم في بدایة الخلق وتعرّضه للعقاب واستمرار المعصیة وعقابه في الجنس البشري (ظ: البحث 1، نفس المقالة) یتصل برسائل بولس بظهرو عیسی وصَلبه وإحیائه، فالمسیح یصبح فداءاً، ویشتري بدمه معصیة آدم و تطهر ذریة آدم من الإِثم الذي ارتکبه. فالمسیح راع یفدي خرفانه بنفسه (یوحنا، 10: 11). المسیح باب النجاة وکل من یدخل من هذا الباب سینحو (یوحنا، 10: 8 9) «کلّکم الذین اعتمدتم بالمسیح قد لبستم المسیح» «لانکم جمیعاً أبناء الله بالایمان بالمسیح یسوع» (الرسالة الأولی إلی أهل کورنثوس، 12: 12؛ الرسالة الی أهل غلاطیة، 3: 25 27).

والموضوع الآخر الذي یَرد في بعض أقسام الانجیل، أرلیّة المسیح و وجوده قبل آدم. فبالرَّغم من أن طبیعة المسیح الأرضیة بعد آدم و من نسل آدم، الا أن وجوده وطبیعته اللاهوتیة أزلیَّین وقبل خلق العالم لکونه الکلمة و روح الله. فانه فیه خلق الکل ما في السموات وما علی الأرض، ما یُری وما لایُری… الکل به و له قد خلق، هو قبل کل شيء وفیه بقوم الکل (ظ: یوحنا، 12: 11 14؛ الرسالة الی أهل کولوسي، 1: 15 18). ویقول بولس في (رسالة بولس الی أهل رومیة، 5: 14). «آدم شبیه و مثال» لمسیح المستقبل فالمسیح أصل وآدم شبیه ومثال لذلک الأصل. ولما کان الأصل مقدم علی الشبیه والمثال، فالمسیح مقدم علی آدم (ظ: بارت، 46 47). و بناءاً علی ما جاء في رسالة بولس الی أهل رومیة، فان الرحمة التي رافقت المسیح مقدمة علی معصیة آدم (ن. م، 107) فآدم لیس مظهراً للکمال الإِنساني. لأن کمال الانسان في الخلود والقرب الالهي والمساواة مع الملائکة. وآدم فَقَد هذا بمعصیته. فالمسیح مظهر کمال الانسان و المسیح حقّق ما أراد الله أن یمنحه لآدم والجنس البشري في البدایة (ن. م، 74 75، 115؛ مکاري، 129 130).

 

في الکلام المسیحي

درس أوغسطینوس (354 440 م) لأول مرة «الخطیئة الأولی» التي وردت في رسائل بولس دراسة کلامیة. ویبدو أن هذه النظریة لم ترد بصورة قاطعة في النظم العقائدیة للکنیسة. ویعتقد ایریناوُس (القرن 2م) وهو من الآباء الأوائل للکنیسة أن الخطیئة الأولی لم تکن في آدم وإنما في نسل قابیل بسبب لعن الله له (هستنجز، 9/560). ولم یتطرق اکلیمنضس الاسکندري (150 220 م؟) بالحدیث عن ذلک، ولایعتقد أیضا بان سقوط آدم کان سببا للموت (هستنجز، 9/561)، ویری اوریجینُس (185 524 ؟م) أن في أوائل حیاة آدم في سفر التکوین تمثیل عن سقوط الأرواح من العالم الروحي الی العلام الجسمي، ولکن ما لبث أن سلّم برأی بولس في الفترات التالیة (ن. م، 9/560). وکان الآباء الأوائل للکنیسة غالباً مایعتقدون بان خطیئة آدم أدت إلی سقوطه و زوال «المواهب الإِضافیة» فیه (ظ: الأسطر التالیة). وکانوا لایهتمون بمسألة دوام هذه الخطیئة وانتقال آثارها الی أبناء آدم والأجیال بعده. ولکن کان آخرون من الآباء الأوائل للکنیسة یسعون في تفسیرهم لأحادیث بولس إلی تعلیل و شرح هذا الرأي بطریقتهم وأسلوبهم. وکان بعض هؤلاء یعتقدون بانتقال المعصیة الی الجسد فقط و یبرئون الروح منها. و یقولون إن الأرواح تنفصل عن أجساد الخلق، وبعد انعقاد النطفة تتصل بأجسادها الخاصة بها و لذلک لادخل لها في ارتکاب المعصیة. ویستمر الأثم في الجسم الذي هو مکان الشهوات وینتقل من الأب الی الا بن بالزواج. وکان هذا الاعتقاد الذي یشتهر بنظریة التکوین شائعاً في الکنیسة الأرثوذکسیة الشرقیة ولم تقبل به الکنیسة الکاثولیکیة. وفي مطلع القرن 3 م اُورد ترِتولیانوس المتکلم المسیحي نظریة اُخری هي في الحقیقة استنتاج لأقوال بولس. ومع انتشار آثار أوغُسطینوس في الفترات التالیة أصبح أساس اعتقاد الکنیسة في هذا المحال. فبناءاً علی روایة تِرتولیانوس والمعروفة بـ «نظریة الانتقال» فان الروح کالجسم تنتقل في النطفة من الأب الی الابن، وان المعصیة لیست مستترة في الجسم فقط وانّما في الروح أیضا. وهي تنتقل بالتوالد والتناسل من جیل الی جیل آخر (پرایس، 94 95). وقد بسط أوغسطینوس أحادیث بولس ونظریات اوریجنُس وتِرتولیانوس في النقاش الذي دار بینه وبین معاصره بیلاحیوس حول هذه المسألة وربط الموضوع بمسألة حریة إرادة الانسان بشکل لم یسبق له في آراء الآباء والمتکلمین قبله. ویعتقد فیلاجیوس بان الانسان مخیر في أعماله وفي اتّباعه لأحکام الشریعة. وکان یقول إن کل شخص مسئول عن أعماله. کما کان أوغسطینوس یقول إن آدم کان قبل السقوط حراً في انتخاب الخیر والشر و لکنه فقد حریة الارادة بعد المعصیة والسقوط. وانتقلت هذه الحالة أي فساد الطبیعة منه الی أولاده، والانسان الساقط أسیر الشهوة والمعصیة ولابدله من ذلک.

ویعتقد اوغسطینوس أیضا کـ «تِرتولیانوس» ان استمرار المعصّیة في الجنس البشري نتیجة لمباشرة الرجل للمرأة وانتقال الفساد الی روح الابن. وکان بلاجیوس یقول: إن الاطفال علی الفطرة ومعصومون کآدم قبل السقوط. ولکن أوغسطینوس الذي کان یعتقد بأن سقوط آدم کان کلباً وعاماً کان یقول: ان الاطفال یأتون معهم بارت آدم من صلب الأب. ولایعتقد بالاعتماد علی حدیث بولس (الرسالة الی أهل رومیة، 7: 15 24) بان الانسان حر و مخیر حتی في انتخاب الخیر والوصول إلیه. ویقول إن عنایة الله و رعایته هما وحدهما اللذان یهدیان الانسان الی الخیر. ولیس هذا بسبب جدارة الانسان ولکن رحمة الله وإرادته توجب ذلک. حتی إن دعاء الانسان موهبة الهیة وتابعة لمشیئة الله أیضاً. ولذلک یجب علی من ینجّه الی الخیر الآینسبه لنفسه، وان یعلم أن الله هو الفاعل وهو الذي جعله صالحاً (ولفسون، 162 164، 168). کانت هذه هي النظرّیة التي تتردد في الکنیسة خلال القرون الوسطی ویعبّر عنها بأسالیب مختلفة.

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: