الصفحة الرئیسیة / المقالات / الاندلس /

فهرس الموضوعات

فن الخزف

  یعتبر الخزف ذو البریق المعدني من ابتکارات الفن الإسلامي، وتحدیاً لمقولات القومیة في الفنون الإسلامیة. فقد ظهرت أفران إنتاجه الأولی في وقت واحد في کل من إیران والعراق ومصر وفي مدینة الزهراء وإشبیلیة، وذلک منذ القرن 3ه‍ / 9م، بحیث لایستطیع أي شعب من الشعوب الإسلامیة إدعاء براءة الاختراع لنفسه. ولقد استمر إنتاج هذا النوع من الخزف في الأندلس حتی خروج المسلمین من إسبانیا (أواخر القرن 9ه‍ / 15م). واشتهرت غرناطة ومالقة بأنواع القدور والأطباق والبلاطات الخزفیة المدهونة بالأزرق والذهبي، واشتهرت بالنسیا بالأواني الأسطوانیة (ظ: حسن، 333-334؛ بوردوي، 101-102). 
ثمة نوع آخر من الخزف الأندلسي المتمیز باللونین الأخضر والمنغنیزي والذي ظهر لأول مرة في تنقیبات مدینة الزهراء، أما الرسوم، فإنها منفذة بالأخضر داخل حدود خارجیة بلون المنغنیز (لون باذنجاني) فوقه أرضیة (اساس) بیضاء، کانت العبارة الغالبة في العنصر الکتابي هي کلمة «المُلک» (بوردوي، 98). ازدهر الخزف في أیام ملوک الطوائف (القرن 5ه‍ / 11م) وتعددت مراکز الإنتاج مع تعدد الممالک، وظهرت أنواع جدیدة إلی جانب البریق المعدني والأخضر والمنغنیزي، وهو النوع المعروف باسم کویردا سیکا1، حیث یتم الرسم بعدة ألوان مختلفة تفصل بینها خطوط محدبة بلون المنغنیز الممزوج بالدهن وذلک لمنع اختلاط الألوان فیما بینها. غیر أن هذا النوع تراجع في أیام المرابطین (القرن 6ه‍ / 12م)، حیث تقلصت الأشکال والألوان إلی الحد الأدنی، واقتصر التلوین علی الأخضر وأحیاناً العسلي وغلبت القیمة الاستعمالیة علی القیمة الجمالیة، کما غلب الطابع الهندسي علی الأشکال النباتیة (م.ن، 99-100). لکن الحال تبدلت في أیام الموحدین، حیث عاد الازدهار للزخرفة المؤلفة من أشکال هندسیة ونباتیة وأزهار متشابکة مع خطوط کوفیة نسخیة، وثمة أشکال آدمیة وحیوانیة في بعض الأحیان. ثمة نوع آخر ازدهر في هذه الفترة وهو النوع المعروف باسم سگرافیاتو حیث یتم حز الأشکال علی جسم الآنیة ثم تُملأ بالألوان (م.ن، 100). هذا ویحمل العدید من خزف هذا العصر أشکالاً ذات قیمة سحریة أو تعویذیة مثل کف فاطمة (ع) وختم سلیمان أو حیوانات معینة. وصلت صناعة الخزف في أیام بني الأحمر (مملکة غرناطة) ذروتها، وخاصة البریق المعدني والخزف الأزرق (الزلیج /  أرّولیخوس)، وکانت مدینـة مالقة من أشهـر مراکز الصنـع، وأصبح اسمها بدیـلاً لکلمة الأطباق الخزفیة الراقیة، ففي دمشق مایزال الناس حتی یومنـا هـذا یقولـون «مالقـي» بـدلاً من الطبق الخزفي البراق (م.ن، 101-100)

المنسوجات

  کما هي الحال في أرجاء دار الإسلام الأخری (الدولة العباسیة والدول الفاطمیة) کانت المنسوجات في الأندلس جزءاً من الطراز (المصانع السلطانیة). بید أنه لم تصل إلینا نماذج من طراز الفترة الأمویة، وأقدم البقایا النسیجیة الأندلسیة المحفوظة حالیاً في الکنائس الأوروبیة والمتاحف العالمیة، تعود إلی أیام المرابطین (القرن 6ه‍ / 12م) (ظ: پارته رویو، 105)
وصل إلینا عدد من سجاد عصر بني الأحمر، وأشهر أنواعه المعروف بسجاد الکنیس، وهو یمتاز باحتوائه علی شریط من الزخارف التي تشبه الکتابة الکوفیة، کما امتاز سجاد القرن 9ه‍ / 15م بزخارفه الهندسیة، وخاصة المثمنات، فضلاً عن النجوم کثیرة الرؤوس والتي تبدو وکأنها ماسة مشعة، إلی جانب أشکال الکائنات الحیة المنفذة بأسلوب تجریدي، والزخارف المؤلفة من حروف کوفیة. وهناک مجموعة من السجاجید التي تحمل شارات ورنوک (شعارات) سلطانیة أو أسر معروفة. کانت الألوان الحیة هي الأحمر للأرضیة، والأزرق للإطار، أما شکل السجاد، فإنه مستطیل طویل وضیق (ظ: محمد، 13). 

الحفر علی العاج

  إن أهم ما وصلنا من التحف الفنیة المنفذة علی العاج تعود إلی الفترة الأمویة (القرن 4ه‍ / 10م)، وهي علی هیئة علب أسطوانیة أو علی شکل بوق، ومعظمها مؤرخ ویحمل اسم صاحبها واسم الصانع أحیاناً. تمیز الحفر علی العاج بالتجسیم والقرب من الطبیعة (ثلاثي الأبعاد تقریباً). أما الأشکال المحفورة، فتتألف من أوراق وعناقید العنب وکوز الصنوبر وأوراقه وشوکة الیهود (أکانتوس) وسعفة النخیل والأغصان النباتیة، إلی جانب الدوائر المفصصة والمعینات والمربعات الهندسیة والخط الکوفي المزهّر. من الملحوظ في التحف العاجیة الاستخدام الزائد لأشکال الکائنات الحیة ورسم المناظر (ظرب، صید، شراب) مثل الهودج والفارس والصقر أو صیاد السباع، غیر أن تلک الأشکال کانت محورة قلیلاً عن الطبیعة وجامدة کما أن الوجوه الآدمیة خالیة من التعبیر (ظ: م.ن، 204). 

التحف المعدنیة

  تعود معظم التحف المعدنیة (نحاس، فضة، ذهب) إلی الفترة الأمویة وإلی فترة ملوک الطوائف. وأهمها علی هیئة صنادیق خشبیة مصفحة بالفضة المذهبة المصنوعة بطریقة القالب المضغوط والمطروق. تمتاز الزخارف بوجود وحدة زخرفیة نباتیة واحدة تتکرر في صفوف منتظمة إلی جانب کتابات کوفیة مؤرخة، مثل صندوق هشام الثاني (ظ: م.ن، 152). 
ازدهرت صناعة السیوف في أیام بني الأحمر، وهي تتمیز بزخارفها المنفذة بطریقة التکفیت والمینا متعددة الألوان. ورثت طلیطلة هذه الصناعة بعد خروج المسلمین من إسبانیا وما تزال طلیطلة تستغل هذه الشهرة علی الصعید السیاحي حتی یومنا هذا. من أشهر الأمثلة علی سیوف بني الأحمر هو سیف آخر ملوکهم أبی عبد الله الثاني عشر المحفوظ في المتحف الحربي بمدرید وهو مصنوع من الفولاذ والفضة المذهبة والمینا والعاج (ظ: م.ن، 152-153). 
استمر الطابع الإسلامي الأندلسي فاعلاً في مختلف مجالات الفنون في إسبانیا بعد خروج المسلمین منها وأصبح الفن بعد ذلک یعرف بفن المدجنین. ولقد بقیت آثاره ماثلة حتی الآن في کثیر من العمائر النصرانیة والیهودیة في طلیطلة وفي إشبیلیة، فلا الکراهیة العرقیة ولا الخصومة الدینیة منعتا ملوک النصاری من استعمال العناصر الفنیة الإسلامیة وهذا دلیل اعترافهم بالتفوق الحضاري للمسلمین (ظ: مارسیه، 366). 

المصادر

    حسن، زكي، فنون الإسلام، بيروت، 1401ﻫ ؛ سالم، عبد العزيز، تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، بيروت، 1981م؛ عنان، محمد عبد الله، الآثار الأندلسية الباقية، القاهرة، 1381ﻫ ؛ محمد، سعاد ماهر، الفنون الإسلامية، القاهرة، 1986م؛ وأيضاً: 

 

Al-Andalus, The Art of Islamic Spain, ed. J. D. Dodds, New York, 1992; Bordoy, G. R., »The Ceramics of Al-Andalus«, ibid; Creswell, K. A. C., A Short Account of Early Muslim Architecture, Essex, 1989; Dikie, J., »The Palaces of the Alhambra« (vide: Al-Andolus); Dodds, J.D., »The Great Mosque of Córdoba«, ibid; EI2; Ettinghausen, R., Islamic Art and Archaeology Collected Papers, Berlin, 1984; Grabar, O., The Formation of Islamic Art, New Haven / London, 1987; Hillenbrand, R., Islamic Architecture, Edinburgh, 1994; Khemir, S., »The Arts of the Book« (vide: Al-Andalus); Kühnel, E., Islamische Schriftkunst, Graz, 1986; López, J. B., »The City Plan of the Alhambra« (vide: AL-Andalus); Marçais, G., L’Architecture musulmane d’Occident, Paris, 1954; Papadopoulo, A., L’Islam et l’art musulman, Paris, 1976; Partearroyo, C., »Almoravid and Almohad Textiles« (vide: Al-Andalus); Pérez, M. C., »The Almoravids and Almohads: An Introduction«, ibid; Robinson, C., »Arts of the Taifa Kingdom«, ibid; Triano, A. V., »Madīnat al-Zahrāº: the Triumph of the Islamic State«, ibid; Zozaya, J., »The Fortifications of al-Andalus«, ibid. 
قاسم طوير / د.

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: