الاندلس
cgietitle
1442/3/29 ۰۷:۳۴:۱۳
https://cgie.org.ir/ar/article/262493/الاندلس
1446/6/12 ۱۷:۵۱:۴۲
نشرت
9
اَلْأَنْدَلُس، هو اسم أطلقه المسلمون على جزء من أو کامل شبه جزيرة إيبريا، المطلة علی البحر الأبیض المتوسط، في جنوب إسبانيا وجنوب شرق البرتغال. والأندلس مشتقة من اسم الوندال، وهم قبيلة من الجرمان سكنوا جنوب إسبانيا لفترة معینة في مطلع القرن 5م بعد تقسیم الإمبراطورية الرومانية الغربية (عنان، 1 / 17، 50-51). ولذلك، فقد أطلقوا «الأندلوش» علی أول قوم استوطن هذه البلاد في العهود الماضیة (أبو عبيد، 2 / 890؛ المقري، 1 / 133؛ أيضاً ظ: ابن خلدون، 2 / (3)490).
تعتبر الأندلس اليوم کبری محافظات إسبانيا وتضم من حيث التقسيمات الإدارية 8 أقضية هي: المرية وقادش وقرطبة وغرناطة وولبة وجیّان ومالقة وإشبيلية (GSE,X / 595). وقد وردت الأندلس باسم إسبانيا في عملة نقدية (دينار) ثنائیة اللغة بتاريخ 98ه / 717م إلى جانب معادلها باللاتينية كما أطلقت المصادر الإسلامية عنوان الأندلس على إسبانيا المسلمة بعد أن فتحها المسلمون (EI2). وظل الاسم متداولاً بعد أن تراجعت سلطة المسلمين على هذه البلاد.
بینما اعتبر بعض الجغرافيين المسلمين (ظ: ابن عبد المنعم، 32؛ المقري، 1 / 140) الأندلس بأنها واقعة في أقصى غرب الإقليم الرابع، رآها البعض الآخر جزءاً من الإقليم الخامس (ابن رسته، 98). غیر أن الجزء الأکبر من الأندلس يقع على ما ذكر صاعد الأندلسي (ص 237- 238) في الإقليم الخامس، فيما يقع قسمها الجنوبي في الإقليم الرابع. وتمتد الحدود الغربية للأندلس في المنطقة المطلة علی البحر المحيط الأطلسي باتجاه الجنوب. وتمتد بعد ذلك على طول الساحل الجنوبي مروراً بإشبيلية وشبه جزيرة جبل طارق ومالقة وتلتف حول بجانة (المرية) في الزاوية الجنوبية الشرقية. وتشكل مرسية وبلنسية الحد الشرقي من الأندلس، حيث تتجه نحو طرطوشة ومنها إلى أربونة، في أقصى نقطة من الشمال الشرقي بمحاذاة بلاد الإفرنج. وتعتبر جبال ألبرت، أو ألبرانس (بیرینیه) بداية الحدود الشمالية للأندلس، حيث تنتهي عند منطقة جليقية المسیحیة (الإصطخري، 37، 41؛ ابن حوقل، 1 / 109-110؛ أبو عبيد، 2 / 893-895). تقع في الأندلس ثلاث سلاسل جبلية تمتد نحو الاتجاه الشرقي ـ الغربي، بين المتوسط والمحيط الأطلسي وهي: جبال قرطبة (سيرامورينا)، وجبال ألبرانس بين نربونة وجليقية، والسلسلة الجبلية التي تمتد من طرطوشة وحتى لشبونة (ليسبون) وقد سماها الإدريسي الشارات، واعتبرها مطلة على طليطلة (2 / 536). هنا، لابد من إضافة سلسلتين جبليتين هما: جبل شُلَير وجبل ريّة (المقري، 1 / 142، 143، 148، 177؛ EI2). یمثل الوادي الکبیر (أو النهر الأعظم، أو نهر قرطبة) أبرز أنهار هذه البلاد، حیث یطلقون علیه أحياناً اسمه القديم أي بيطي (باتيكا) ويبلغ طوله 310 أميال (ح 500كم). يروي النهر منطقتي قرطبة وإشبيلية (أبو عبيد، 2 / 239). وينبع الوادي الكبير من سلسلة جبال مورنا في الجنوب الشرقي من مزتا ويجري من الجنوب متجهاً نحو الجنوب الغربي ويصب في البحر المتوسط (إسلامي زاد، 3). وأهم روافد هذا النهر، هو نهر شنيل (أو وادي سنجيل) الذي ينبع من جبل شلير ويجتاز لَوْشة وغرناطة (المقري، 1 / 147-149، 5 / 8). بید أن النهر الوحيد في شبه جزيرة إيبيريا، الذي يصلح قسمه الأسفل للملاحة هو نهر الوادي الکبیر (EI2). علی مرّ مراحل التاريخ الإسلامي کافة کانت الأندلس مشهورة باحتضانها مراكز حضارية عديدة وشهيرة. وقد بقيت كل المدن الرومية على حالها تقريباً بعد الفتح الإسلامي وواصلت ازدهارها. کما لم یغیّر المسلمون الأسماء اللاتينية القديمة لتلک المدن بما فیها قرطبة وإشبيلية وسرقسطة وبلنسية. وقد شیدوا مدناً جديدة كقواعد للتصدي لاعتداءات الفاطميين من الجانب الغربي للبحر المتوسط. وعلى سبيل المثال، فقد بنی المسلمون مدینة مرسية علی أنقاض مدينة إيلو القديمة وتحولت المرية التي كانت في البدء مجرد موقع لرصد تحركات الأعداء إلى قاعدة بحرية وترسانة للأسلحة في الأندلس، وذلك في القرن 4ه / 10م (ن.ص). ونشیر هنا إلی بعض المدن والأبنیة التي تأسست في العصر الإسلامي، منها أُقليس والزاهرة والزهراء وقلعة رباح ومرج الأمير ومُنیة نصر (ظ: ابن عبد المنعم، 51-52، 283-284، 295، 469، 535، 548). وفي حوالی القرن 4ه / 10م كانت ثلاثة خطوط حدودية تفصل الأندلس الإسلامية عن إسبانيا المسيحية (ظ: المقري، 1 / 161، 166؛ الحجي، 38). وكانت الأندلس كالشام تتقسم إلى عدة مناطق عسكرية کبیرة تسمى الأَجناد أو الكور المجنّدة. ویقسم أحمد بن محمد الرازي الأندلس إلی کور وأقاليم حیث كانت تقسيمات ثابتة ومعروفة منذ القدم (ظ: مؤنس، 555- 558). غیر أن الإصطخري (ص 36-37، 41-42) وابن حوقل (1 / 109-111) والمقدسي (ص 222-224) لایشیرون بصراحة إلی أن الأندلس کانت مقسمة إلی کور، کما لا یصرحون باسم الکورة إلا نادراً وعلی سبیل الشرح والتوضیح، وفي الأغلب یکتفون بذکر المدن کنایة عن الکور التي هي قواعدها. وهذا يدل على أن نظام تقسيم المدن والولایات في الأندلس کان یتبع النظام البیزنطي والقوطي، أي نظام تنقسم فیه الولایات إلی المدن الكبيرة التي تضم مدناً صغری وقرى وبعض الحصون. وفي الحقيقة، فإن تلک المدن الكبيرة كانت المماثلة لـ «الكورة» في الشرق الإسلامي (مؤنس، 561، 567، 570، 575-576، 578). وقد كان لكل مدينة كبيرة، سلسلة من الحصون والمعاقل إلی جانب المدن الصغیرة (م.ن، 589-590). وهذه قائمة إجمالية عن المدن الكبرى، أو كور الأندلس في القرن 4ه / 10م: قرطبة وفحص البلوط وقبرة وإستجة وإشبيلية وقرمونة ولبلة وإكشونبة (شلب) وباجة ومورور وشذونة (قلسانة) والجزيرة الخضراء وتاكرنا (رُنده) وريّة أو مالقة، والبيرة وجَيّان وبجانة وتدمير (مرسية) وشاطبة وبلنسية وطلیطلة وطلبيرة (إقلش) وماردة وبطليوس وشنترين ولشبونة وقلمرية (م.ن، 590-591). وقد كانت قرطبة أهم وأكبر مدن الأندلس، وعاصمة الأمراء والخلفاء الأمويين، حيث كانت قد حلت محل طليطلة حاضرة القوط (قدامة، 266؛ الإصطخري، 41، 42؛ أيضاً ظ: ابن حوقل، 1 / 111، 112-113).
ما إن فتح المسلمون الأندلس واستقرت أقدامهم في أرضها حتی انحدرت إلیها مجموعات من القبائل العربیة من أهل الشام وبلاد المغرب والبربر وغیرها من العرب الیمنیین والقیسیین وکان في طلیعة الوافدین علیها فئات من العرب والبربر دخلتها مع جیوش موسی بن نصیر في رجب 93ه (ابن عبد الحکم، 207؛ المقري، 1 / 233، 269). ثم نزح إلیها 400 إفریقي، مرافقاً الحر بن عبد الرحمن الثقفي والي الأندلس، في ذي الحجة 97 (م.ن، 3 / 14) وکان أکثرهم من الیمنیین وبالرغم من أنهم کانوا یمثلون أقلیة بالنسبة إلی السکان الأصلیین، لکنهم أوجدوا نواة أرستقراطیة جدیدة في الأندلس، بحیث استخلفوا أسلاف الروم والقوط (ظ: أخبار ... ، 43) محافظین على تفوقهم حتى نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس (سالم، 121). وقد أدی البربر أیضاً دوراً جوهریاً في فتح الأندلس وبعد الفتح وحتى قيام الدولة الأموية في الأندلس، فقد تدفق إلیها عدد كبير من المغرب إما بحثاً عن الغنائم، أو سعیاً للاستقرار فیها (سالم، 122). وقد كانت هجرة البربر إلی شبه جزيرة الأندلس أسرع وأكثر كثافة من هجرة العرب. وكان النازحون من البربر إلی الأندلس منتمین إلی قبائل وعشائر مثل نفزة ومكناسة وهوارة ومديونة وكتامة وزناتة ومصمودة ومليلة وصنهاجة، وکانت البطون الأربعة الأولی هي الأکثر شهرة مقارنة بالقبائل الأخری (الإصطخري، 44؛ عنان، 1 / 205). وقد كان المسيحيون من القوط، أو الإسبان من أهم عناصر المجتمع الأندلسي حیث اعتنقوا الإسلام في بداية الفتح. ویطلق المؤرخون علی هؤلاء المسلمین الجدد عنوان المسالمة (أو الأسالمة، أو أسالمة أهل الذمة). وذهب بعض المؤرخين، إلی أن الجماعات الأولی منهم كانوا من العبید ورقیق الأرض حتی بدا لهم الإسلام کعامل تحرر وخلاص وكانوا يريدون التمتع بالمساواة في ظل الإسلام (مؤنس، 430؛ عنان، ن.ص). وکنتیجة للتمازج بین الفاتحين المسلمين والإسبان، ظهر جيل جديد من آباء مسلمین اشتهروا في التاريخ الإسلامي باسم «المولّدين»، حیث احتفظ الکثیر من هؤلاء بأسمائهم الإسبانیة القدیمة (ظ: مؤنس، 430-431؛ سالم، 128-129). وقد اتخذت مجموعة منهم من بعض المدن مثل طليطلة معقلاً لحرکاتهم العصبیة ونزعاتهم الانفصالية. وكانت إشبيلية مرکزاً من مراكزهم، لکنهم تبنوا علاقات سلمیة مع دولة قرطبة لانشغالهم بالتجارة والعمل التجاري (م.ن، 129). كان المسیحیون في الأندلس یعاشرون المسلمين ویتحدثون العربية مع الحفاظ على دينهم. ولذلك فقد عرفوا بالمستعربين أو عجم الذمة. وقد اشتهرت تلک الفئة من المستعربین التي تعاهدت مع المسلمين، بالمعاهدين (سالم، 130؛ عنان، ن.ص). كان المستعربون یستظلون بحمایة الدولة الإسلامیة في المدن الكبرى، لاسیما في قرطبة وإشبيلية وطليطلة (EI2). وكانت بلاد الأندلس وحتى نهاية القرن 5ه / 11م تخضع لنظام التقسیم الإداري السابق في عهد القوط وتضم ثلاث مطرانيات (أي طليطلة، لوسيتانيا وباتيكا) والأسقفيات (ن.ص؛ أبوعبيد، 2 / 891، 908). وأما اليهود فقد کانوا یرضخون لضغوط شديدة خلال حكم الروم والقوط، إلا أنه وبعد الفتح الإسلامي عاملهم المسلمون حسن المعاملة (ظ: ابن الخطيب، 16). وكانت تعیش الأقلیات اليهودية في مدن الأندلس الكبرى تحت حماية الدولة الإسلامية ورعايتها (عنان، 1 / 206). وكانت مدينة غرناطة تضم أكبر عدد من الأقلیات اليهودية (ابن عبد المنعم، 45).
كانت الزراعة في الأندلس تقوم علی میاه الري ومیاه الأمطار. وتختص الزراعة البعلیة بالحبوب وخاصة القمح، حیث کان یزرع في طلیطلة علی نطاق واسع وکانت المدینة معروفة بقمحها. وكانت هناك المزید من الأراضي في الأندلس مزروعة بأشجار الزيتون، حيث كان إنتاج زیته شائعاً هناک بالإضافة إلی زراعة الكروم في نطاق واسع. وکانت المنتجات الزراعیة من الفواکه هی الكرز والتفاح والإجاص واللوز والرمان وخاصة أنواع التين وقصب السكر والموز والنخل في بعض المناطق الساحلیة. كانت مناجم الأندلس الغنية تستغل منذ القدم وإبان العصر الإسلامي. وكان الذهب يستخرج من أحواض بعض الأنهار وکما کان یجری استخراج الفضة والحديد من مناجم في شمال قرطبة. کما كانت الأندلس معروفة بالرخام والأحجار الکریمة، وبینابيع المياه الساخنة التي لاتزال معروفة حتى اليوم بأسمائها القديمة (مثل الحامّة) (EI2;GSE,X / 596-597).
ابـن حوقـل، محمـد، صـورة الأرض، ﺗﻘ : كـرامرس، ليدن، 1938م؛ ابن الخطيب، محمد، اللمحة البدرية في الدولة النصرية، ﺗﻘ : محب الدين الخطيب، القاهرة، 1347ﻫ ؛ ابن خلدون، عبد الرحمن، العبر، بيروت، 1957م؛ ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفيسة، ﺗﻘ : دي خويه، ليدن، 1891م؛ ابن عبد الحكم، عبد الرحمن، فتوح مصر وأخبارها، ﺗﻘ : توري، القاهرة، 1411ﻫ / 1991م؛ ابن عبد المنعم الحمیري، محمـد، الروض المعطار، ﺗﻘ : إحسان عباس، بيروت، 1980م؛ أبو عبيد البكـري، عبد الله، المسالك والممالك، ﺗﻘ : فان لیوفن وأندري فیري، تونس، 1992م؛ أخبار مجموعة، ﺗﻘ : إبراهيم الأبياري، بيروت، 1401ﻫ / 1981م؛ الإدريسي، محمد، نزهة المشتاق، القاهرة، 1409ه / 1989م؛ إسلامي زاد، حميد، إسپانيا، طهران، 1375ش؛ الإصطخـري، إبراهيم، مسالك الممالك، ﺗﻘ : دي خويـه، ليدن، 1870م؛ الحجـي، عبد الرحمن علي، التاريخ الأندلسي، بيروت، 1396ﻫ / 1976م؛ سالم، عبد العزيز، تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، بيروت، 1981م؛ صاعد الأندلسي، التعريف بطبقـات الأمم، ﺗﻘ : غلامرضا جمشيد نـژاد أول، طهران، 1376ش؛ عنان، محمد عبد الله، دولة الإسلام في الأندلس، القاهرة، 1408ه / 1988م؛ قدامة بن جعفر، «نبذ من كتاب الخراج وصنعة الكتابة»، مع المسالك والممالك لابن خرداذبه، ﺗﻘ : دي خويه، ليدن، 1889م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسيم، ﺗﻘ : ديخويه، ليدن، 1906م؛ المقري، أحمد، نفح الطيب، ﺗﻘ : إحسان عباس، بيروت، 1408ه / 1988م؛ مؤنس، حسين، فجر الأندلس، القاهرة، 1959م؛ وأيضاً:
EI2; GSE. محمد رضا ناجي / خ.
یعود تاريخ الأندلس إلی أواخر الألف 2ق.م، حیث دخل التجار والملاحون الفينيقيون الضفة الغربیة للبحر الأبیض المتوسط في حدود 1200 ق.م لبسط نفوذهم عن طريق المحیط الأطلسي وشيدوا فيها مستعمرات منها مالقة وقادس التی تحولت فیما بعد تدريجياً إلى مراكز رئیسة للعمل التجاري قبل أن یحتلها اليونانيون (کالمت، 20؛ العبادي، 23-25؛ سالم، 13ومابعدها؛ بريتانيكا؛ ماکرو، XVII / 402). وحوالی 850 ق.م انطلق القرطاجيون من قرطاجة بعد تأسیسها علی سواحل تونس الحالیة وسيطروا على السواحل الجنوبية والجنوبية الشرقية من الأندلس. منذ سنة 264 وحتى 149 ق.م اندلعت معارک ضاریة بين القرطاجيين والروم عُرفت بحروب «بونيك»؛ لم تضع تلک الحروب أوزارها إلا بعد أن ألحق الرومان هزیمة بالقرطاجیین، حیث تمکنوا من إسقاط حکمهم. ومنذ ذلک الحین سقطت الأندلس بید الروم، حیث حکموها حتى 409م علی مدی ستة قرون. تراجعت سلطة الإمبراطورية الرومانیة وسطوتها أواخر القرن 4م في هذه المنطقة نتیجة الأزمات العسكرية والاقتصادية، وهجمات قبائل البربر في شمال إفريقيا. في مطلع القرن 5م تمکنت مجموعات من قبائل الوندال والقوط الغربیین من دخول الأندلس بعد أن تجاوزت جبال بیرینیه حیث بادرت بغزوات وغارات واسعة. وبعد سنوات طويلة من المعارك وإراقة الدماء استولى الوندال في نهایة المطاف على المغرب، بینما بسط القوط الغربیون سیطرتهم على الأندلس. حكم القوط الغربیون الأندلس علی مدی نحو 3 قرون إلی أن أزال المسلمون حكمهم في مطلع القرن 8م (دوزي، 215 ff. ؛ بريتانيكا، ماكرو، XVII / 402-414؛ تشمبرز ... ، I / 415؛ العبادي، 26-30؛ كالمت، 20-21؛ بشتاوي، 11-12).
في 92ه أرسل موسى بن نصير الذي كان عاملاً للخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، في أفریقیة جيشاً بقيادة مولاه طارق بن زياد (والي طنجة) بغیة فتح الأندلس وکانت الأندلس آنذاک تمزقها الخلافات الداخلية وكان رودريك (لذريق، أو رذريق في المصادر الإسلامية) آخر ملوك القوط الغربيين، يتواجد في الولايات الشمالية لقمع المتمردين. فإن طارق بمساعدة من خوليان (يوليان) حاكم سبتة المتمرد الذي حسب بعض الروایات كان قد حث المسلمين علی فتح الأندلس، تمکن من اجتیاز المضیق الذي أطلق اسمه علیه فیما بعد (جبل طارق) وسيطر خلال فترة وجیزة على مدن إستجة ومالقة وغرناطة وقرطبة و إلبيرة وطليطلة واتجه نحو الشمال. وبعد اجتيازه قشتالة وليون وجبال أستورياس، استولى على السواحل الجنوبية من خليج بسکونیة، أي أقصى المناطق في شمال الأندلس واستطاع السیطرة علی الأندلس من شمالها إلی جنوبها علی مدی عام واحد ( أخبار ... ، 17-23؛ ابن عبد الحكم، 204-205؛ ابن القوطية، 33-35؛ المقري، 1 / 229-232؛ عنان، دولة ... ، 1(1) / 38-51). ومن جهة أخری اجتاز موسى بن نصير في رمضان 93 جبل طارق بجيش عرمرم، متجهاً نحو شمال شبه جزيرة إيبريا وانطلق نحو طليطلة بعد فتح شذونة وقرمونة وإشبيلية والتي كانت من أهم وأكبر مـدن الأندلس والتقى هناك بطارق وكان قـد خرج لاستقبالـه (ابن القوطية، 35-36؛ أخبار، 24-25؛ المقري، 1 / 271). ثم انطلق القائدان باتجاه الشمال الشرقي واستوليا على مدن تلك المناطق وقلاعها ومنها سرقسطة وبرشلونة. وبعد ذلك توجه طارق باتجاه الغرب من أجل الاستیلاء علی المناطق الشمالية الغربية فيما اتجه موسى بن نصير نحو جبال بيرینیه للقضاء علی فلول القوط الغربيين (المقري، 1 / 273-275؛ عنان، ن.م، 1(1) / 53). وكما أشار ابن خلدون، فقد كان موسى ینوي دخول فرنسا عبر شمال الأندلس ليعود عن طريق القسطنطينية إلى الشام بعد فتـح أوروبا برمتهـا (4 / 117- 118؛ عنـان، ن.ص). ولكن الوليـد ابن عبد الملك استدعى موسى وطارق إلى دمشق في هذه الأثناء (95ه( ) أخبار، 27؛ ابن القوطية، 36) وأعلن موسى قبل عودته، إشبيلية عاصمة للأندلس ونصَّب نجله عبد العزيز حاکماً لها وتوجه برفقة طارق إلی دمشق في ذي الحجة 95 ( أخبار، ن.ص؛ ابـن عبد الحكم، 210؛ ابـن عذاري، ط بيروت، 2 / 23). واصـل عبد العزيز الفتح الإسلامي في الشمال وقام بضبط الأوضاع المضطربة في الأندلس، ولكنه سرعان ما قتل في مسجد إشبيلية في 97 أو 98ه ، بأمـر على مايبدو من الخليفة سليمـان بـن عبد الملك الذي كان قد خشي قوته ونفوذه في تلک الولاية النائيـة (ابن القوطية، 36-37؛ أخبار، 28؛ ابن عذاري، نفس ط، 2 / 24). وبعد مقتل عبد العزيز اختار وجهاء إشبيلية أيوب بن حبيب اللخمي حاکماً للمدینة، حیث حکمها لستة أشهر. وكانت الأندلس آنذاک جزءاً من ولاية إفريقية ضمن رقعة الخلافة في دمشق وكان والي إفريقية یولي علی الأندلس حكامها. وعلی هذا المنهج عیّن عبد الله (أو محمد) بن یزید حاکم أفریقیة الحر بن عبد الرحمن الثقفـي حاکماً للأندلس. وقد نقل الحر بن عبد الرحمن، أو أيوب بـن حبيب عاصمة الأندلس إشبيلية إلى قرطبة وذلك في 99ه (ابن القوطية، 37؛ أخبار، 28-29؛ ابن عذاري، نفس ط، 2 / 25؛ المقري، 1 / 234-235).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode